array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 171

5 خطوات لتحسين جاذبية دول الخليج للاستثمارات الأجنبية ودعم الابتكار والتعليم

الثلاثاء، 01 آذار/مارس 2022

تسعى دول مجلس التعاون الخليجي خلال العشرية الثالثة من القرن الحادي والعشرين لتعظيم عوائدها من الثروات الهيدروكربونية واستثمارها لتوفير فرص تنموية وتنويع مصادر دخل اقتصاداتها وتوفير العيش الرغيد للسكان من الجيل الحالي والأجيال القادمة وفقاً لأهداف الرؤى الوطنية التي تبنتها ووضعت الخطط والاستراتيجيات التنموية التي اشتملت على تنفيذ مشروعات وبرامج لتحقيق الغايات الرئيسة لهذه الرؤى المتمثلة في خلق اقتصادات تنافسية على المستوى الدولي ترتكز على تنويع مصادر الدخل من خلال إقامة صناعة منافسة مرتبطة بمراكز البحث العلمي والتطوير التقني.

   إن تحقيق الغايات الواردة في الرؤى الوطنية لدول مجلس التعاون تتطلب حشد الطاقات والإمكانات وضخ حجم كبير جداً من الاستثمارات في السوق المحلية، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة المهمة لنقل التكنولوجيات الحديثة وأنماط الإدارة والتنظيم المعاصرة التي تفرضها متطلبات الدخول لعصر الثورة الصناعية الرابعة التي يشكل الاقتصاد الرقمي العمود الفقري لها.

  وسنحاول في هذا المقال توضيح واقع ومستقبل الاستثمارات المحلية والأجنبية على ضوء رؤى التنمية العشرية في دول مجلس التعاون، مع بيان الفرص المتاحة التي تطرحها هذه الرؤى، وماهي الإجراءات التي ينبغي القيام بها لتحقيق الطموحات الاستثمارية والأولويات والمجالات القابلة لاستيعاب الاستثمارات المنشودة، وكيف يمكن وضع حوافز وإبعاد العقبات أمام المستثمرين الأجانب. 

أولاً-واقع الاستثمار بدول مجلس التعاون الخليجي

1) الاستثمار المحلي

     تعمل دول مجلس التعاون على مبادرات لتعزيز النمو الاقتصادي غير النفطي وفق ما هو مُحدد في الخطط التنموية الخمسية والعشرية، ولذلك قامت بضخ عشرات المليارات من الدولارات في خطط التحول الاقتصادي التي أشارت لها رؤاها الوطنية، وشهد العام المنصرم نمواً في حجم الاستثمار الإجمالي في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، مقارنة بعام 2020م، سنة انتشار جائحة كورونا التي استدعت تحول بعض التخصيصات الاستثمارية للقطاع الصحي ودعم الشركات لمواجهة تحديات الجائحة.

 

جدول (1) الاستثمار الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي (2020-2022) مليار دولار

الدولة 

2020

2021

التوقعات لعام 2022

السعودية

184.8

209.4

212.8

الإمارات 

79.6

104.3

105.5

الكويت

31.3

37.6

40.7

عمان

12.0

16.5

18.2

البحرين

11.8

13.4

13.9

المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، نشرة ضمان الاستثمار، العدد (4) أكتوبر – ديسمبر، 2021، ص26 

     أما بالنسبة لمؤشر نسبة الاستثمار من الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الذي يساعد في قياس النمو الرأسمالي، وتحديد الاستثمارات اللازمة لتحقيق النمو الاقتصادي فقد تخطت (20%) وتراوحت ما بين (34.2%) في البحرين كحد أعلى و(20.5%) في عُمان كحد أدنى.

 

شكل (2) نسبة الاستثمار من الناتج المحلي الإجمالي بدول مجلس التعاون (2021)

المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على: تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، أكتوبر 2021

 

   ويعكس ارتفاع الاستثمار كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي زيادة حجم التكوين الرأسمالي الثابت، علاوة على زيادة حجم الطاقات الإنتاجية في مختلف الأنشطة الاقتصادية وهذا يدل على تبني الدولة لسياسات تستهدف تنمية القاعدة الإنتاجية التي تشكل المدخل لتحقيق التنويع الاقتصادي وفق الرؤى الوطنية لدول المجلس.

 

2) الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لدول مجلس التعاون

 

    سعت دول مجلس التعاون لجذب المستثمرين الأجانب لتنويع مصادر اقتصاداتها المعتمدة على قطاع الهيدروكربون. وفي اتجاه مغاير للتوقعات في ظل تفشي جائحة كورونا شهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد لدول مجلس التعاون الخليجي ارتفاعاً بمقدار (3967) مليون دولار وبمعدل (12.5%) من (24650) مليون دولار عام 2019 إلى (27717) مليار دولار عام 2020، وكان أعلى معدل للتغير في السعودية بنسبة (20.2%)، ثم عُمان بنسبة (19.7%)، فالإمارات بنسبة (11.2%)، وحقق معدل سالب (انخفاضاً) في كل من البحرين والكويت وقطر.

 

جدول (2) تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد لدول مجلس التعاون لعام 2020 " مليون دولار"

الترتيب  2020

الدولة 

2019

2020

التغير

معدل التغير % 

1

الإمارات 

17875

19884

2010

11.2%

2

السعودية

4563

5486

924

20.2%

3

عُمان

3420

4093

673

19.7%

4

البحرين

1501

1007

(495)

(%32.9)

5

الكويت

104

(319)

(423)

 (%405.5)

6

قطر

(2813)

(2434)

379

 (%13.5)

المجموع

24650

27717

3067

12.5%

المصدر: مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" الإنكتاد"، تقرير الاستثمار العالمي 2021

  

ويلاحظ بأن أرصدة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لدول مجلس التعاون قد شهدت تزايداً في عام 2020م، بنسبة (5.7%) مقارنة بعام 2019م، حيث ارتفعت من نحو (475.6) مليار دولار عام 2019م، إلى (502.6) مليار دولار عام 2020م. وارتفعت أرصدة الاستثمارات الأجنبية الواردة بجميع دول المجلس باستثناء قطر والكويت الذي شهد فيهما أرصدة الاستثمار الأجنبي الوارد تراجعاً بمعدل ( -7.8%) و(-5.1%) على التوالي.

 

 

 

جدول (3) أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد لدول مجلس التعاون لعام 2020 " مليون دولار"

الترتيب  2020

الدولة 

2019

2020

التغير

معدل التغير % 

1

السعودية

236376

241862

5486

2.3%

2

الإمارات 

131012

150896

19884

15.2%

3

عُمان

31605

35425

4093

31.1%

4

البحرين

30684

31690

1007

3.3%

5

قطر

31061

28637

(2434)

(-7.8%)

6

الكويت

14904

14138

(766)

(-5.1)

المجموع

475642

502648

27006

5.7%

المصدر: مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" الإنكتاد"، تقرير الاستثمار العالمي 2021

  

   ويلاحظ من الجدول أعلاه بأن السعودية قد حلت بالمرتبة الأولى من حيث الرصيد التراكمي للاستثمار الأجنبي الوارد بنحو (241.9) مليار دولار، شكل ما نسبته (48.1%) من الاستثمارات الأجنبية الواردة لدول المجلس، تليها الإمارات بنسبة (30.2%)، ثم عُمان (7.04%)، فالبحرين (6.30%)، ثم قطر بنسبة (5.69%)، وأخيراً الكويت بنسبة (2.67%).

    أما فيما يتعلق بعدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة بدول مجلس التعاون لعام 2020 فقد بلغت (487) مشروعاً بقيمة إجمالية بلغت قرابة (27.7) مليار دولار، ساهمت في توفير (28963) وظيفة جديدة، وبلغ عدد الشركات (465) شركة

.

جدول (4) مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة موزعة على دول مجلس التعاون لعام 2020

الدول المستقبلة

عدد المشاريع 

التكلفة الرأسمالية" مليون $

الوظائف الجديدة

عدد الشركات 

الإمارات 

347

9139

14729

336

السعودية

73

10411

8780

64

عُمان

23

6119

2396

22

قطر

20

915

1000

19

البحرين

15

883

1547

15

الكويت

9

200

511

9

المجموع 

487

27667

28963

465

المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية،2021، ص 36

 

    ويلاحظ من الجدول أعلاه بأن الإمارات جاءت بالمركز الأول كأكبر مستثمر للمشاريع من حيث العدد بـــ (347) مشروعاً، شكلت ما نسبته (71.3%) من إجمالي مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة في دول المجلس، كما جاءت بالمركز الأول من حيث عدد الوظائف المستحدثة بــ (14.7) ألف وظيفة وبحصة (50.8%) من الإجمالي، في حين جاءت كثاني أكبر مستقبل للمشاريع من حيث التكلفة الرأسمالية بقيمة (9.1) مليار دولار وبحصة (33%) من الإجمالي.

     وتصدرت السعودية دول المجلس كأكبر مستقبل للمشاريع من حيث الكلفة الرأسمالية بقيمة (10.2) مليار دولار شكلت ما نسبته (37.6%) من إجمالي المشاريع في منطقة الخليج العربي، بينما جاءت بالمرتبة الثانية من حيث عدد المشاريع بــــ (73) مشروعاً تمثل (15%) من الإجمالي، ووفرت أكثر من (8.8) آلاف فرصة عمل جديدة، شكلت ما نسبته (30.3%) من إجمالي الوظائف المستحدثة بدول المجلس.

3) الاستثمارات المباشرة البينية الخليجية

      بالرغم من مرور عقدين على الاتفاقية الاقتصادية الجديدة بين دول مجلس التعاون والتي أكدت على المساواة في المعاملة في العمل والاستثمار، غير أننا نجد بأن حجم الاستثمار البيني الخليجي مازال محدوداً، خلال الفترة (2010-2018) حيث أنه يمثل جزءاً قليلاً من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في مجلس التعاون، حيث بلغ (64) مليار دولار، مشكلاً ما نسبته (13.4%) من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى دول المجلس في عام 2018 قياساً بما نسبته (18.2%) عام 2010م، ويمكن الإشارة إلى أهم مشاريع الاستثمار البيني الخليجي لعام 2020م، بالآتي:

1-مصنع حديد صلالة في سلطنة عمان:

    أعلنت الشركة السعودية الوطنية للصلب التابعة لشركة الناصر القابضة الإماراتية في أبريل 2020م، عن استثمار بقيمة (500) مليون دولار لإنشاء مصنع للحديد في المنطقة الحرة الاقتصادية بمدينة صلالة بمحافظة ظفار في سلطنة عمان، وسيوفر المشروع (500) فرصة عمل مباشرة. وستبلغ طاقاته الإنتاجية السنوية (85) ألف طن سترتفع إلى (150) ألف طن، مع تصدير (65%) من الإنتاج للأسواق الإقليمية.

2-مركز عمليات بنك الخليج الدولي في البحرين:

أفتتح بنك الخليج الدولي الذي يتخذ من البحرين مقراً له في 2020 م، مركزاً جديداً لعملياته تبلغ مساحته (33120) متراً مربعاً بمدينة الخبر بالمنطقة الشرقية بالسعودية، وبقيمة (443.4) مليون دولار وذلك للتوسع في تقديم خدماته المالية، مع توقعات بتوفير (500) وظيفة جديدة.

3-مشروع مراسي للترفيه في البحرين:

أعلنت شركة إيجل هيلز للتطوير العقاري ومقرها الإمارات في 2020م، عن الاستثمار في مشروع مشترك مع شركة إعمار للترفيه الإماراتية لإنشاء مشروع للترفيه بالبحرين يتضمن بناء مراسي أكواريوم وحديقة حيوانات مائية في مراسي جاليريا، داخل مركز تسوق مراسي البحرين للتنمية وذلك على مساحة (2500) م2، لاستيعاب (360) ألف لتر من المياه وأكثر من (200) نوع من الأسماك.

4-محطة مياه بالتناضح العكسي بأبو ظبي:

أعلنت شركة أكوا باور السعودية، والتي تقوم بتطوير وتشغيل محطات توليد الطاقة وتحلية المياه، في 2020م، عن استثمار (40%) ومبلغ (228.5) مليون دولار من مشروع لتطوير محطة مياه بالتناضح العكسي في الطويلة بأبو ظبي في الإمارات، وبسعة يومية (200) مليون جالون، وتتضمن محطة كهروضوئية بقدرة (68) ميغاوات، على أن يتم الانتهاء من المشروع الذي تساهم فيها حكومة أبو ظبي بنسبة (60%) عام 2022م، وذلك بمقتضى عقد مدته (30) عاماً مع شركة الإمارات للماء والكهرباء.

ثانياً-تحسين جاذبية دول مجلس التعاون للاستثمار الأجنبي:

   باتت مهمة تحسن مناخ الاستثمار بدول المنطقة لها الأولوية بالوقت الحاضر، لاسيما مع تصاعد حدة المنافسة بالمنطقة والعالم على جذب المستثمرين. ويلاحظ بأن مناخ الاستثمار بدول المجلس لازال دون مستوى الطموح في جميع الدول باستثناء الإمارات التي تحسن ترتيبها في مؤشر ضمان لجاذبية الاستثمار بنحو (10) مراتب ما بين عامي 2013و2019م، أما بقية الدول انخفض ترتيبها على الصعيد العالمي، ويبقى آداؤها في جذب الاستثمار الأجنبي متواضعاً، حيث تقل قيمة المؤشر عن (50) نقطة في كل من البحرين والسعودية وعمان، وحققت قطر والكويت (50) نقطة متخطية المتوسط العالمي هي والإمارات والسعودية، بينما كانت قيمة المؤشر تساوي المتوسط العالمي (46) نقطة في البحرين. وفي عمان كانت قيمة المؤشر أقل من المتوسط العالمي.

جدول (5) مؤشر ضمان لجاذبية الاستثمار 2013و2019

 

الدولة 

الترتيب على الصعيد العالمي

قيمة المؤشر

قيمة المتوسط العالمي 

2013

2019

2013

2019

2013

2019

الإمارات

33

23

53

62

45

46

البحرين

41

53

49

46

45

46

السعودية

44

46

48

48

45

46

عمان 

51

59

46

45

45

46

قطر

39

45

51

50

45

46

الكويت

40

50

49

50

45

46

المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية 2019

   وفي هذا الإطار ينبغي على دول المجلس البدء في عملية مستمرة وبعيدة الأمد لتحسين جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية عن طريق تبني جملة من الإجراءات يمكن إيجاز أهمها بالآتي:

1-وضع خطة تحسين مناخ الاستثمار: من خلال دراسة الإمكانات والتحديات القائمة في مناخ الاستثمار بالتعاون مع جهات محلية ودولية متخصصة مع الاسترشاد بوضع الدولة في المؤشرات الدولية المختلفة، وكذلك مع ضرورة استقصاء آراء المستثمرين المحليين والدوليين القائمين والمستهدفين للتعرف على رؤيتهم بشأن تحديات الاستثمار وكذلك الأولويات المستقبلية لتلك الشركات.

2-تحديد جهة عليا للإشراف على التنفيذ: على أن تكون لديها سلطة نافذة على مختلف الجهات ذات الصلة بتحسين مناخ الاستثمار مع تقسيم مهام الإصلاح على عدة محاور وجهات أو لجان فرعية تستعين بأصحاب الاختصاص والخبرة من جهات دولية.

3-توفير الإمكانات المطلوبة وبدء التنفيذ: على مختلف المحاور وأهمها البيئة المؤسسية والتشريعية والإجرائية والبنية التحتية والمرافق وعوامل الإنتاج طبقاً لآليات عملية تأخذ بعين الاعتبار جملة من العناصر المهمة، يمكن إيجاز أبرزها بالآتي:

  • دراسة تجارب دولية ناجحة في تحسين ترتيبها في المؤشرات الدولية بصورة مطردة.
  • البدء بالإصلاحات الأسهل والأقل كلفة والأسرع في قدرتها على تحسين ترتيب الدولة في المؤشرات الدولية.
  • الارتكاز على التكنولوجيا والخدمات الإلكترونية في الإصلاح سيسهم في إنجازها بسرعة وشفافية وتكلفة أقل.
  • الشمولية والحسم في تنفيذ الإصلاحات لاسيما الإصلاحات التشريعية والإجرائية من خلال وجود إرادة قوية بمساندة السلطة العليا.
  • الإصلاح الجزئي أو البطء لم يعد كافياً لجذب المستثمرين لأنه قد لا يحسن ترتيب الدولة في المؤشرات الدولية، بل قد يؤخره في حال كانت وتيرة الإصلاحات بالدول الأخرى أكثر عمقاً وشمولاً وسرعة.
  • رغم وجود عوامل مشتركة ثبت جدواها في جميع الدول، غير انه يجب مراعاة الاختلافات بين الدول على صعيد الموارد والإمكانات والتحديات.

4-تسويق بيئة الاستثمار ومستجداتها: من خلال التسويق المتكامل للدولة كوجهة للاستثمار والتجارة ونقل التكنولوجيا والسياحة والكوادر البشرية والمعرفة والأعمال بصورة عامة، مع التواصل والتفاعل المباشر والمستمر مع الجهات الاستثمارية الهامة بالعالم.

5-التقييم والتواؤم مع المستجدات: من خلال التعامل مع تحسين مناخ الاستثمار على أنه عملية ديناميكية متعددة الجوانب ومرتبطة بالدول المُنافسة والتغيرات التي تطرأ على عوامل جذب المستثمرين، مع ضرورة تقييم نتائج الخطة وتعديلها كلما تطلب ذلك مع أهمية قياس أثر الاستثمارات الأجنبية على القيمة المضافة والتصدير والتشغيل ونقل التكنولوجيا.

ثالثاً-الأولويات والمجالات القابلة لاستيعاب الاستثمارات المنشودة

    تتبنى دول مجلس التعاون مبادرات لتعزيز النمو الاقتصادي في القطاعات غير النفطية من خلال ضخ الاستثمارات في السوق المحلية والخارجية، في إطار تحقيق التحول الاقتصادي وفقاً للرؤى الوطنية الخليجية، حيث أعلنت السعودية في فبراير 2022م، عن عزمها على استثمار (6,4) مليار في مجال تكنولوجيا المستقبل، بهدف دعم التقنيات المستقبلية والشركات الناشئة وريادة الأعمال التقنية. ويتضمّن الاستثمار المعلن عنه مساهمات من شركات سعودية كبرى، حيث أطلقت شركة أرامكو صندوقاً لدعم الشركات الناشئة التي تخدم أهداف التحول التقني بقيمة مليار دولار. وستشمل الاستثمارات شركات ناشئة في العديد من القطاعات بمراحلها المبكرة، منها التقنيات المالية والصناعية، والرعاية الصحية، وحلول التعليم، كما أعلنت شركة الاتصالات السعودية عزمها على استثمار مليار دولار لإنشاء مركز إقليمي للخدمات السحابية والرقمية.

   ونظراً لوجود مقومات نجاح واسعة بالسعودية بمجال الطاقة الشمسية والرياح، من المتوقع بلوغ حجم الاستثمارات في مشاريع البرنامج الوطني للطاقة المتجددة بالمملكة حوالي (16) مليار دولار، والذي تسعى من خلاله السعودية لزيادة قدرة التوليد الفعلية لمصادر الطاقة إلى ما يناهز (58.7) ميغاواط بحلـول عام 2030 منها 40 من مصدر الطاقة الشمسية و16 من طاقة الرياح و2.7 من مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.

   كما أطلقت دولة الإمارات استراتيجيتها للطاقة 2050م، التي تُعد خطة موحدة للطاقة في الدولة توازن بين جانبي الإنتاج والاستهلاك، والالتزامات البيئية العالمية، وتضمن بيئة اقتصادية مريحة للنمو في جميع القطاعات. وتستهدف الخطة رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة بالدولة من 25% إلى 50%، وتحقيق توفير يعادل 700 مليار درهم حتى عام 2050م.

   وفي إطار استمرارية الريادية القطرية لسوق الغاز المسال عالمياً فقد وقعت شركة قطر للطاقة اتفاقات لبناء أكثر من مئة ناقلة جديدة للغاز، بقيمة (100) مليار دولار، كما وقعت عقداً للمرحلة الأولى من مشروعها لتوسعة حقل الشمال التي سترفع إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي المسال إلى 110 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2025م، بزيادة سنوية تقدر بنحو 43%، وباستثمارات تقدر بنحو (29) مليار دولار. وستُمكن هذه الخطوة قطر من لعب دور كبير في تلبية الطلب العالمي من الغاز الطبيعي المسال واحتلال الريادة في الإمدادات الآمنة والمستقرة، لا سيما لقارتي آسيا وأوروبا.

    وتكثف سلطنة عُمان جهودها لتعزيز وتنويع الاقتصاد الوطني وزيادة الاستثمارات وفق الرؤية المستقبلية "عُمان 2040" والتي تستهدف وصول عُمان عام 2040م، إلى مصاف الدول العالمية المتقدمة، وتُحقق السلطنة مع انتهاء الرؤية نمو اقتصادي مستدام بمعدل 5% سنويًا وزيادة متوسط دخل الفرد 90%. وتسعى سلطنة عمان إلى استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة تصل إلى (10%) من الناتج المحلي الإجمالي للدولة وفق رؤية عمان 2040.

   وتهدف الخطة الخمسية لرؤية الكويت 2035 خلال الفترة (2020-2024) إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص، وفي الفترة (2025-2029) إلى بناء الاقتصاد المعرفي وفي الفترة (2030-2035) نحو بناء كويت ذكية. إن تحقيق أهداف رؤية الكويت 2035 يتطلب حشد الموارد المالية الداخلية والخارجية، وقد أشار تقرير صادر عن هيئة تشجيع الاستثمار المباشر أن حجم المشاريع المنفذة والمتوقع تنفيذها في الكويت يبلغ 198.2 مليار دولار.

    وفي إطار تحقيق الرؤية الاقتصادية 2030 تعتزم البحرين إطلاق حزمة من المشاريع الاستراتيجية بقيمة تتجاوز 30 مليار دولار أمريكي، وستسهم هذه الحزمة، المكونة من العمل على إعداد المخططات العامة لخمس مدن جديدة وقائمة مكونة من أكثر من 20 مشروعاً، في تطوير قطاعات البنية التحتية والاتصالات، والسياحة، والصناعة، والتعليم، والصحة، والإسكان، والشباب والرياضة، في تعزيز مكانة البحرين الاقتصادية وتنافسيتها، وخلق فرصٍ نوعية واعدة لأبناء الوطن، وتحقيق نمو مستدام وفق رؤية البحرين الاقتصادية 2030.

    وفي الختام نؤكد على ضرورة أن تحرص دول مجلس التعاون على الاستثمار بشكل دائم في الاقتصاد المرتكز على المعرفة بهدف خلق أسواق بمعايير عالمية لجذب أبرز الشركات وألمع المواهب في العالم. والاستمرار بتوجيه اقتصاد دول المجلس بما يدعم مفاهيم الابتكار والذكاء الصناعي، وريادة الأعمال ويعزز من جودة قطاع التعليم وتنافسية الاقتصاد، والمساهمة في تعزيز التنويع الاقتصادي.

مقالات لنفس الكاتب