array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 171

فرص التعاون بين دول الخليج والهند تفرضها الاحتياجات وتطرحها الابتكارات

الثلاثاء، 01 آذار/مارس 2022

تشهد العلاقات بين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي سعياً دؤوبًا للوصول إلى آفاقٍ أوسع للتعاون واستكشاف مجالات جديدة للعمل المشترك. وقد ركز الجانبان بشكل عام على تعزيز التجارة وزيادة استثمارات دول مجلس التعاون في الهند؛ ويتجلى ذلك في تخصيص دولة الإمارات 75 مليار دولار لتوسيع البنية التحتية للهند وتحديثها، بينما تخطط المملكة العربية السعودية لاستثمار 100 مليار دولار في الهند في قطاعات متنوعة مثل التكرير والبتروكيماويات، والبنية التحتية، والمعادن والتعدين، والصناعة، والزراعة.

 

وعلى الرغم من ذلك، فإن الاستثمارات الكبيرة للغاية التي قدمتها الشركات الهندية ورجال الأعمال في اقتصادات دول مجلس التعاون لم تحظ إلا باهتمام ضئيل، بل ولا زالت غير مدروسة إلى حد كبير. وفي الواقع، بينما أشاد مسؤول كبير من منظمة الخليج للاستشارات الصناعية بالعلاقات التاريخية والسياسية والاقتصادية الوثيقة بين الهند والخليج في المؤتمر الصناعي المنعقد بين دول المجلس والهند عام 2015م، أشار إلى الاستثمارات الهندية بالمنطقة في عبارة واحدة، فقال: "تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي حاليًا وجهة رئيسية للاستثمارات الهندية"، لكنه لم يقدم مزيدًا من التفاصيل، على الرغم من أن هذا كان عنوان التقرير الإخباري.

 

ولعله كان من الأفضل للمسؤول المعني أن يقدم شرحاً أكثر بأن: تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في ديسمبر 2018م، قد أفاد بأن الهند تمثل 11.6% من الاستثمار الأجنبي المباشر في دول مجلس التعاون الخليجي في الفترة من 2012-2016، بعد الولايات المتحدة التي تمثل 15% من الاستثمار الأجنبي المباشر. ولا تزال الهند حتى الآن متقدمة على المملكة المتحدة (6.5%) وفرنسا (6.1%) وسنغافورة (4%) والصين (3.4%). وأفاد تقرير آخر صادر عن ألبن كابيتال، وهي شركة استشارات استثمارية، أن الاستثمارات ارتفعت من 1.4 مليار دولار في عام 2011م، إلى 2.9 مليار دولار في عام 2016م، بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) بلغ 15.9%، حيث بلغت حصة الهند 16.2% في عام 2016م. وتمثلت القطاعات التي أبدى رجال الأعمال الهنود اهتمامًا بها في الطاقة وتصنيع المواد الغذائية والرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية.

 

العلاقات السياسية الأخيرة

يعكس الدور الرئيسي لرجال الأعمال الهنود المقيمين في دول مجلس التعاون والشركات التي تتخذ من الهند مقرًا لها في السيناريو الاقتصادي لدول المجلس العلاقات التاريخية للهند مع المنطقة، التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، وتعززها الروابط التجارية والدينية والفلسفية والثقافية المستمرة. وفي الآونة الأخيرة، انعكس هذا المستوى العالي من الألفة والراحة الاجتماعية والثقافية في العلاقات السياسية الوثيقة، ولا سيما، الارتباطات المتعلقة بمجال الطاقة وتفضيل الهنود في عقود التوظيف للمشاريع والخدمات في دول مجلس التعاون الخليجي.

 

في الفترة من 2005-2007م، زار رئيس دولة أو حكومة كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي الهند، حتى ظهرت دول مجلس التعاون، باعتبارها شريك تجاري واستثماري رئيسي للهند. وقد منح رئيس الوزراء ناريندرا مودي الأولوية للعلاقات مع دول مجلس التعاون، منذ بداية ولايته: وفي الفترة من 2015-2016م، زار ناريندرا جميع دول مجلس التعاون واستضاف زيارات عودة متكررة.

 

لقد أدت هذه التفاعلات إلى إضفاء زخم غير مسبوق على العلاقات الثنائية، كما أضافت مضموناً استراتيجيًا لها يجسد القيمة العالية التي يوليها كل طرف مع الطرف الآخر، وتبادل التصورات المتعلقة بالتطورات الإقليمية، والتزام جميع الشركاء بالارتقاء بالعلاقات إلى آفاق جديدة واستكشاف مجالات جديدة للتعاون معًا، مثل: الأمن الغذائي، والطاقة المتجددة، والصناعات الدفاعية، والرقمنة، والتكنولوجيا الحيوية، والتعليم وتنمية المهارات.

 

وقد تجلى التزام القادة بتعزيز العلاقات في إنشاء مؤسسات ومنصات حوار جديدة تمكن من تطوير أفكار ومبادرات جديدة، ورصد التقدم المحرز، وتقديم الدعم السياسي على أعلى المستويات. وعليه، شكلت دولة الإمارات، من جانبها، إلى جانب اللجنة المشتركة ومجلس الأعمال المشترك، فريق عمل وزاري رفيع المستوى مهمته مناقشة الاستثمارات في المشاريع المهمة والتعاونية، والموافقة على المبادرات عالية القيمة ورصد التقدم.

 

وأنشأت السعودية، من جانبها، مجلس شراكة استراتيجية برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء مودي مان. يتمتع هذا المجلس بركيزتين؛ هما ركيزة العلاقات السياسية برئاسة وزيري الخارجية، وركيزة الاقتصاد والاستثمار برئاسة وزير الطاقة السعودي ووزير التجارة والصناعة الهندي. ويدعم هاتين الركيزتين عدة مجموعات عمل مشتركة لمعالجة مقترحات ومشاريع محددة.

 

وأنشأت قطر فريق عمل مشترك معنيًا بالاستثمارات، في حين قامت البحرين بترقية اللجنة المشتركة السابقة للتعاون الاقتصادي إلى "لجنة مشتركة عليا" على مستوى وزراء الخارجية.

 

وينعكس هذا التركيز الاستثنائي على العلاقات بين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي اليوم في طفرة الاستثمارات الهندية في المنطقة.

 

تفاصيل الاستثمارات الهندية

 

يضطلع رجال الأعمال الهنود المقيمين في دول مجلس التعاون بالاستثمارات الهندية في هذه الدول في المقام الأول، يليهم الشركات التي تتخذ من الهند مقرًا لها والتي تدخل اقتصادات دول مجلس التعاون باعتبارهم مستثمرين، أو شركاء في المشاريع المشتركة، أو منفذين لمشاريع في المنطقة. ويتمثل المصدر الثالث للاستثمارات الهندية في القوى العاملة الهندية التي توفر الموارد البشرية في تطوير المشاريع والخدمات اللازمة لصيانتها. وتتراوح هذه القوى العاملة من العمال والفنيين إلى الموظفين الإداريين انتهاء إلى التخصصات المهنية مثل المهندسين المعماريين والمهندسين والأطباء والمديرين والمحاسبين، وغير ذلك.

 

وفي المجال العام، تنحصر المعلومات الثابتة لدينا في استثمارات قطاع الشركات التي تتخذ من الهند مقرًا لها. ولا توجد بيانات مدروسة علميًا بشأن استثمارات الجالية الهندية المقيمة أو بشأن القيمة الاقتصادية للعمل المنجز من جانب القوى العاملة الهندية؛ وفيما يتعلق بالفئة الأخيرة، تتمثل المعلومات الوحيدة في تقديرات التحويلات المالية التي يرسلونها إلى أوطانهم لإعالة أسرهم أو بوصفها مدخرات أو استثمارات شخصية.

 

في فبراير 2020م، قدر باحثان هنديان أن التحويلات إلى الهند من الجالية الهندية البالغ عددها 8.5 مليون شخص في دول مجلس التعاون الخليجي بلغت 48.88 مليار دولار، على النحو التالي: الإمارات 18.5 مليار دولار؛ السعودية 11.6 مليار دولار، الكويت 6.6 مليار دولار؛ عمان 5.7 مليار دولار؛ قطر 4.3 مليار دولار، والبحرين 1.5 مليار دولار. ونظرًا لأن تكلفة العمالة في مشروع ما تتراوح بين 20 و30%، يمكننا أن نفترض أن قيمة المشاريع التي تنفذها القوى العاملة الهندية كانت ستتراوح بين 165 و245 مليار دولار خلال السنوات الثلاث السابقة.

 

وتعد تقديرات السفارات الهندية في المنطقة أفضل مصدر للمعلومات المتعلقة باستثمارات الجالية الهندية المقيمة في دول المجلس، على الرغم من أنها تتضمن أيضًا استثمارات قطاع الشركات التي تتخذ من الهند مقرًا لها. وتقدر السفارة الهندية في دولة الإمارات أن استثمارات الشركات الهندية في الدولة تزيد عن 85 مليار دولار، مع سيطرة شركات التصنيع الهندية في المناطق الاقتصادية الخاصة على المشهد. وتشمل القطاعات التي تغطيها: الأسمنت، ومواد البناء، والمنسوجات، والمواد المصنعة، والإلكترونيات الاستهلاكية، ومركبات النقل. كما يتمتع الهنود أيضًا بحضور كبير في قطاع الخدمات – مثل البيع بالتجزئة والتعليم والصحة والترفيه والضيافة والتطوير العقاري.

 

دخلت الشركات التي تتخذ من الهند مقرًا لها مؤخرًا قطاع الطاقة، من خلال الحصول على حصة 10% في امتياز نفطي بقيمة 600 مليون دولار، فضلًا عن حقوق التنقيب بنسبة 100% في منطقة بحرية في أبو ظبي، باستثمارات قدرها 170 مليون دولار. وفي يوليو 2021م، أُعلن أن مجموعة الشركات الهندية، رليانس للصناعات المحدودة، ستبني مصنعًا للبتروكيماويات بتكلفة 2 مليار دولار، بالتعاون مع شركة بترول أبو ظبي الوطنية (أدنوك).

 

ووفقًا لمصادر رسمية، يوجد 476 شركة هندية مسجلة باعتبارها شركات مشتركة أو كيانات مملوكة للأجانب بنسبة 100% في المملكة العربية السعودية. وعادة ما تكون هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة مسجلة لدى الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية (SAGIA)، وتبلغ قيمتها مجتمعة 1.5 مليار دولار.

 

يوجد في عمان حوالي 4000 شركة هندية عمانية مشتركة، تقدر قيمتها بنحو 7.5 مليار دولار، في ثلاث مناطق اقتصادية خاصة، وهي صحار وصلالة والدقم. وتعتبر الكيانات الهندية في صحار أكبر المستثمرين الأجانب، حيث تبلغ قيمة الشركات ملياري دولار، وتعمل هذه الشركات في قطاعات الصلب والأسمنت والمنسوجات والكابلات والمواد الكيميائية. كما تمتلك عمان واحدة من أكبر الاستثمارات الخارجية الهندية؛ وهي شركة الأسمدة العمانية الهندية في صور، المملوكة بشكل مشترك من جانب حكومة عمان واثنين من شركات القطاع العام في الهند. وفي المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، تنشئ شركة هندية عمانية أكبر مصنع لحامض السيباسك في غرب آسيا، بقيمة 62.5 مليون دولار. وفي نفس المنطقة، سينفذ قريبًا مجمع سياحي يسمى "ليتل إنديا" بتكلفة 750 مليون دولار. وتسعى شركة هندية أخرى، تسمى ACME Cleantech Solutions، إلى استثمار 2.5 مليار دولار لتصنيع الأمونيا الخضراء والهيدروجين الأخضر في الدقم.

 

أما قطر فمن المفترض ان لديها حوالي 6000 شركة هندية تعمل في مجالات البنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات والطاقة. كما تمتلك البحرين أكثر من 3000 شركة هندية بحرينية مشتركة، في مجالات الخدمات المالية والعقارات والضيافة، تقدر قيمتها بنحو 1.7 مليار دولار.

 

التعاون في المناطق الحدودية

 

إن العديد من الأفكار والمبادرات في السنوات الأخيرة انعكست في بيان الرؤية المشتركة بين الإمارات والهند الذي وقعه قادة البلدين في 18 فبراير 2022م. وتحدد "الرؤية" مجالات التعاون ذات الأولوية، بما في ذلك، الحفاظ على المياه والأمن الغذائي، والطاقة النظيفة، والرقمنة، والدفاع، وذلك مع مراعاة الشواغل الأمنية المشتركة. وستوضح الفقرات التالية الكيفية التي يمكننا بها نقل المحتوى الجوهري لهذه المبادرات.

 

الحفاظ على المياه والأمن الغذائي

 

تندرج دول مجلس التعاون الست في فئة البلدان التي تعاني من "النقص الشديد في المياه"، ومن المتوقع أن تعاني من نقص عام 2030م. بينما لا تعاني الهند من ندرة المياه فحسب، بل تعاني أيضًا من تلوث المياه؛ حيث أن 70% من مياهها ملوثة. وتحصل دول مجلس التعاون على معظم مياه الشرب من محطات تحلية؛ حيث تنتج المنطقة 60% من المياه المحلاة في العالم، ولكن هذه المحطات مكلفة وتستهلك كميات كبيرة من الطاقة، أي 4 كيلووات/ ساعة من الطاقة لكل متر مكعب من المياه، يمكن للهند ودول المجلس التعاون لاستخدام التكنولوجيا للحصول على مياه كافية وآمنة، من خلال تعزيز معالجة المياه وإعادة استخدامها. وباستخدام تقنية النانو، يمكن القضاء على الملوثات. وبالمثل، يمكن استخدام التقنيات لرصد تسرب المياه وإدارة استخدام المياه باستخدام خوارزميات الكمبيوتر والنمذجة. كما يمكن استخدام التقنيات لمعالجة مياه الصرف الصحي وجعلها آمنة للشرب والاستخدام الشخصي.

 

وعلى مدى العقد الماضي، زاد الطلب على المياه في دول مجلس التعاون بنحو 140%، ليس فقط بسبب زيادة عدد السكان ولكن بسبب المبادرات الطموحة لتوسيع نطاق الزراعة من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، ولوحظ أن القطاع الزراعي أكبر مستهلك للمياه، إذ يمثل 85% من إجمالي استهلاك المياه في المنطقة.

 

ونظرًا للطبيعة الجافة للتربة ونضوب المياه الجوفية، أدركت دول المجلس الحاجة إلى مناهج أخرى لتحقيق الأمن الغذائي. والجانب الرئيسي لهذا المسعى في التكنولوجيا الزراعية، أي زيادة استخدام التكنولوجيا لتعزيز الإنتاج الزراعي وتقليل استهلاك المياه. وتعد الزراعة العمودية الداخلية في دولة الإمارات إحدى المبادرات الحديثة. وهو يمثل نظام الزراعة بدون تربة، حيث يستخدم مياه أقل بنسبة 90% من الزراعة التقليدية. وثمة ابتكار آخر تجربه الإمارات، وهو تقنية جديدة غير تدخلية لاستصلاح التربة، تعتمد على الطين الطبيعي السائل الذي يحول الأراضي الصحراوية إلى تربة خصبة.

                                                                  

ولا عجب في أن الهند، التي تلبي حوالي 20% من الاحتياجات الغذائية لدول مجلس التعاون، أصبحت شريكًا رئيسيًا للمنطقة في مجال الأمن الغذائي. وفي ديسمبر 2018م، أعلنت الهند عن سياسة جديدة للتصدير الزراعي، تهدف، في المقام الأول، إلى توسيع نطاق العلاقات المتعلقة بالأغذية مع دول مجلس التعاون. وتتمثل إحدى المبادرات في إنشاء "مجمعات غذائية" كبيرة، باستثمارات خليجية، وتجمع بين المزارعين والمصنعين وتجار التجزئة في مكان واحد، وتضمن مراقبة الجودة وتقليل النفايات وتحسين الاتصال اللوجستي. وتشكل ستة من هذه المجمعات الأساس “للممر الغذائي" بين الهند والإمارات، بقيمة 7 مليارات دولار، والذي يربط بين جمع المنتجات الزراعية (الحبوب والخضروات والفواكه) والفرز والتخزين والتجهيز والنقل إلى الموانئ ثم إلى أسواق الإمارات، وهو ما يعد سلسلة توريد مترابطة بشكل سلس. بينما يوجد ثماني مجمعات أخرى قيد الإنشاء.

 

وتشمل استثمارات الإمارات أيضًا ملياري دولار للزراعة التعاقدية وتوفير الموارد والبنية التحتية الداعمة، والتي تجمع بين شركتها العقارية الكبرى، إعمار، والكيان اللوجيستي، موانئ دبي العالمية، التي تنشئ حدائق غذائية في أجزاء مختلفة من الهند. وتشمل هذه الاستثمارات المراكز المتخصصة في الفواكه والخضروات، والخدمات اللوجستية والتخزين. ويعتبر هذا التعاون عبر الحدود مكسبًا لكلا الجانبين، فبالنسبة للهند، من المتوقع أن يخلق 200000 فرصة عمل، ويفيد مليوني مزارع، مع الحد من الهدر، نظرًا لأن 30% من المنتجات في الهند تُهدر سنويًا بسبب سوء التخزين.

 

وتعد التكنولوجيا الزراعية مجالًا مهمًا للتعاون المستقبلي؛ حيث تعتبر الهند رائدة عالميًا في مجال البحوث الزراعية، فهي تمتلك حوالي 30000 عالم و100000 موظف داعم يشاركون في البحث فيما يقرب من تسعين معهدًا يتناول علوم المحاصيل والبستنة وإدارة الموارد المتعلقة بالتربة والتكنولوجيا.

 

الهيدروجين الأخضر

 

يتجلى التعاون بين الهند ودول مجلس التعاون في الطاقة المتجددة. وقد جاء مؤخرًا بيان الرؤية المشتركة بين الهند والإمارات، والذي يشير إلى التعاون في مجال الطاقة النظيفة، ليدعو إلى إنشاء "فريق عمل مشترك للهيدروجين" لتطوير التقنيات لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

 

ومن المتوقع أن يصبح البحث والتطوير في مجال الهيدروجين الأخضر مجالًا رئيسيًا للتعاون بين الهند وبعض دول مجلس التعاون. ففي 15 أغسطس 2021م، يوم عيد استقلال الهند، أطلق رئيس الوزراء مودي استراتيجية الهيدروجين الوطنية، مما يشير لأهمية هذه التكنولوجيا في انتقال البلاد من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة. ويحتوي الهيدروجين على نسبة صفرية من الكربون، وبالتالي فهو مصدر غير ملوث للطاقة، ولذلك فهو يلعب دورًا في استثمارات البحث والتطوير في العديد من البلدان، ومن المرجح أن تبلغ الاستثمارات العالمية في أبحاث الهيدروجين 1.4% من إجمالي تمويل الطاقة بحلول عام 2030م، إذ يمكن أن يشكل الهيدروجين 6% من استهلاك الطاقة العالمي بحلول عام 2050م.

 

وعلى الرغم من توافر الهيدروجين بكثرة على الأرض، فإنه يحتاج إلى استخراجه من الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز) من خلال مجموعة متنوعة من العمليات الكيميائية أو الحرارية. واليوم، يجري إنتاج حوالي 70 مليون طن من الهيدروجين، معظمها من الغاز الطبيعي بنسبة (76%) والفحم بنسبة (23%). ويمكن استخراجه من الماء بالتحليل الكهربائي. وفي الصناعة، يُستخدم الهيدروجين في تكرير النفط وإنتاج الأمونيا والميثانول والصلب. ويمكن للهيدروجين أيضًا أن يحل محل الوقود الهيدروكربوني في النقل.

 

تركز البحوث الحالية في الهند على الحصول على الهيدروجين من التحليل الكهربائي عن طريق تحسين المحفزات والأقطاب الكهربائية. وتستخرج دول مجلس التعاون حاليًا الهيدروجين من الغاز الطبيعي، مع إعطاء جميع الدول الأعضاء الأولوية لاستخدام الهيدروجين في تحول طاقتهم. وتخطط السعودية لتصبح أكبر منتج للهيدروجين في العالم بقيمة 700 مليار دولار بحلول عام 2050. وتأمل الإمارات العربية المتحدة في الحصول على 44% من طاقتها من مصادر نظيفة بحلول عام 2050، بينما تصبح مركزًا لإنتاج الهيدروجين في المنطقة.

 

ويعد التعاون بين الهند ودول مجلس التعاون في مجال تطوير الهيدروجين تطورًا طبيعيًا للشراكة الوثيقة في قطاع الطاقة على مدى عقود. وقد استثمرت الشركة الهندية، ACME Cleantech، بالفعل 2.5 مليار دولار في مصنع لإنتاج الأمونيا الخضراء والهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم في سلطنة عمان. وتسعى الهند أيضًا إلى التعاون في مجال الهيدروجين مع البحرين والسعودية، كما هو الحال الآن مع الإمارات. وتتمثل إحدى المساهمات الهندية المهمة في استخراج الهيدروجين من المياه المالحة بدلًا من المياه المحلاة، كما هو الحال في الوقت الحاضر؛ حيث تتابع المؤسسات الهندية حاليًا الأبحاث بشأن تصميم الأقطاب الكهربائية والكهارل للحصول على الهيدروجين من مياه البحر.

 

ومن المزايا الأخرى التي تقدمها الهند لشركائها في دول المجلس هي تخفيض تكلفة الهيدروجين الأخضر في البلاد إلى ربع الأسعار العالمية، مما يجعل الهند المنتج الأقل تكلفة على مستوى العالم. وسيحقق ذلك من خلال سياسة الهيدروجين الأخضر الجديدة التي تكمل استراتيجية الهيدروجين التي أُعلن عنها العام الماضي. ويوفر ذلك مجموعة من الحوافز لمصنعي الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء باستخدام الطاقة المتجددة، بما في ذلك الكتلة الحيوية؛ ومن المتوقع أن يجعل ذلك الهند "الشرق الأوسط للهيدروجين الأخضر".

 

الصناعات الدفاعية

 

تبحث كل من الإمارات والسعودية منذ عدة سنوات في تطوير القدرات المحلية في مجالات رئيسية معينة.  وذلك بهدف تقليل الاعتماد على الموردين الأجانب، وتنويع اقتصاداتها من خلال تعزيز القطاعات غير النفطية، والحصول على فوائد مالية من خلال الصادرات. والأهم من ذلك، توفير فرص عمل للقوى العاملة المتعلمة والشابة في كل بلد؛ مثل المصممين والمهندسين ورجال الأعمال.

 

وفي ديسمبر 2014م، أنشأت الإمارات شركة الإمارات للصناعات الدفاعية (EDIC)، التي امتلكت فيما بعد ستة عشر شركة تابعة، لتصنيع وخدمة الاحتياجات الدفاعية؛ وبعد عام واحد، امتلكت حوالي 10000 موظف. وفي نوفمبر 2019م، تطورت شركة الإمارات للصناعات الدفاعية إلى مجموعة كبيرة للصناعات الدفاعية والتكنولوجيا، وهي مجموعة ايدج، التي تمتلك الآن 25 شركة تابعة ويعمل بها 12000 شخص.

 

وتلتزم السعودية بالحصول على صناعات دفاعية عالمية المستوى من شأنها أن تلبي نصف احتياجاتها من مصادر محلية عام 2030م. وفي مايو 2017م، أنشأت المملكة الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) التي وقعت 25 اتفاقية في غضون عامين للحصول على تقنيات الدفاع.

 

وبعد ثلاثة أشهر، أُنشئت الهيئة العامة للصناعات العسكرية (GAMI) باعتبارها "الجهة التنظيمية والتمكينية والمرخصة" في المملكة لقطاع الصناعات الدفاعية. ومن المتوقع أن تركز على الأبحاث المتعلقة بالتكنولوجيا والأسلحة، مع إعطاء الأولوية للصواريخ الباليستية قصيرة المدى والقنابل الموجهة بالليزر. ويأمل رئيس الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) أن تصبح شركته واحدة من أكبر 25 شركة عسكرية في العالم بحلول عام 2030م، وأن تساهم بمبلغ 3.75 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي الوطني، وأن تستثمر 1.6 مليار دولار في البحث والتطوير، وأن تصل صادراتها إلى حوالي 1.3 مليار دولار.

 

وتأمل الإمارات، في تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 30% بحلول عام 2030م، مع التركيز على السفن البحرية والمركبات المتقدمة بدون طيار. كما استخدمت ناقلات الجنود المدرعة والذخائر في النزاع اليمني، وبحلول عام 2018م، احتلت المرتبة 18 بين أكبر مصدري الأسلحة الرئيسيين على مستوى العالم.

 

ويشكل التعاون بين الهند ودول مجلس التعاون في قطاع الصناعات الدفاعية مجالًا آخر للمشاركة الثنائية؛ ويعكس الشراكات الاستراتيجية المزدهرة بين الهند وشركائها في دول المجلس، ويحتل مكانة بارزة في البيانات المشتركة في جميع الاجتماعات رفيعة المستوى. وبعد الاتفاقيات المبدئية في السنوات الأولى من 2015 إلى 2016م، أصبحت المراجع الآن أكثر تحديدًا، على سبيل المثال، في عام 2018م، أعرب وفد دفاعي إماراتي عن اهتمامه بشراء نظام عكاش للدفاع الصاروخي أرض – جو (صناعة هندية)، إلى جانب الإعراب عن اهتمامه بأسرع صاروخ كروز مضاد للسفن في العالم، براهموس.

 

كما أعربت الإمارات عن اهتمامها بصاروخ أسترا (جو-جو) الهندي الأصلي الذي يبلغ مداه 70 كيلومترًا، والذي يمكن تركيبه على متن طائرات مقاتلة من طراز "ميراج" التي تعمل في سلاح الجو الإماراتي. وكذلك وقعت مصانع الذخائر الهندية صفقة لتزويد الجيش الإماراتي بالذخيرة.

 

وفي السنوات الأخيرة، لا تسعى الهند فقط لتوطين الإنتاج الدفاعي، بل لتصبح مصدرًا رئيسيًا للدفاع؛ حيث تخطط الهند لإنفاق 130 مليار دولار على التحديث العسكري على مدى السنوات الخمس المقبلة، مع تحقيق 5 مليارات دولار للصادرات على مدى السنوات الخمس المقبلة. وتحقيقًا لهذه الغاية، وافقت الهند على تصدير نظام صواريخ عكاش أرض-جو المطورة محليًا. ولتشجيع الإنتاج المحلي، أدرجت وزارة الدفاع 101 صنفًا، بما في ذلك بنادق مدفعية وبنادق هجومية، على قائمة حظر الاستيراد وتتوقع أن يحصل القطاع المحلي على عقود بقيمة 60 مليار دولار تقريبًا على مدى سبع سنوات.

 

ونظرًا لأن التصورات والمصالح الأمنية للهند ودول مجلس التعاون تتماشى بشكل وثيق مع مصلحتهما المشتركة في تأميم الإنتاج الدفاعي، فإن هناك آفاق جيدة للتعاون في هذا المجال الحدودي. ففي فبراير 2019م، اتفقت نيودلهي والرياض على التعاون في إنتاج الدفاع المشترك لقطع الغيار للأنظمة البحرية والبرية، بالإضافة إلى تطوير سلسلة التوريد. وبالمثل، في ديسمبر 2020، اتفقت الهند والإمارات العربية المتحدة على تعزيز تعاونهما الدفاعي من خلال الإنتاج المشترك. ومن المرجح أن تشمل البنود التي تهم دول مجلس التعاون الخليجي؛ الصواريخ الباليستية، وأسلحة المدفعية الثقيلة، والإلكترونيات الدفاعية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والروبوتات، والطائرات بدون طيار طويلة التحمل ذات الارتفاعات العالية والمزودة بتطبيقات المراقبة والاستطلاع.

 

الاقتصاد الرقمي

 

يُعرَّف الاقتصاد الرقمي بأنه "اقتناء التقنيات والخدمات واعتمادها، وكذلك المخرجات الناتجة عن مختلف قطاعات النظام الإيكولوجي الرقمي-الاتصالات السلكية واللاسلكية وتكنولوجيا المعلومات وصناعات المحتوى والمنصات الإلكترونية والتجارة الإلكترونية والعديد من المنصات التعاونية والمشاركة". ولقد تطور التغيير التكنولوجي بشكل رائع؛ بحيث أصبح اليوم جزءًا من معظم جوانب حياتنا اليومية، من حيث طرق معيشتنا وعملنا، الأعمال التجارية التي نقوم بها، وتواصلنا مع بعضنا البعض، والترفيه عن أنفسنا. ولقد بدأت تلك التغييرات مع أجهزة الكمبيوتر الشخصية، ثم تقدمت إلى الإنترنت، وشبكة الويب العالمية، وثورة الهاتف المحمول، ثم شملت التصوير الرقمي، وخدمات البث، والبيع بالتجزئة الرقمية، وتطبيقات التوصيل مثل أوبر، والتي أحدثت ثورة في النقل.

 

وقد أدت جائحة كورونا إلى تطوير دور التكنولوجيا في الحياة اليومية؛ وذلك من خلال العمل من المنزل، والدراسة والتعليم العالي عبر الإنترنت، والاستشارات عبر الإنترنت مع العاملين في مجال الصحة، والتشخيص الطبي والجراحة والعلاج عبر الإنترنت، والأجهزة المرفقة التي تنقل البيانات إلى المتخصصين للمراجعة والمشورة.

 

كما تسببت الجائحة في تطوير استخدام التكنولوجيا الرقمية في دول مجلس التعاون الخليجي. ووفقًا لمؤشر الاقتصاد الرقمي (DEI) الذي طوره مركز الفكر التابع لشركة برايس ووتر هاوس كوبرز (PWC)، فإن دول مجلس التعاون "تكاد تكون على قدم المساواة مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من حيث اعتماد التقنيات الرقمية". وعليه، في عام 2020م، بلغ معدل اعتماد الشبكات عريضة النطاق والهواتف الذكية في دول مجلس التعاون الخليجي 153% و135% على التوالي، مقارنة بنسبة 106% و92% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وحققت دول مجلس التعاون الخليجي أيضًا نتائج جيدة في مجالات الحوكمة الإلكترونية والخدمات المصرفية الإلكترونية وتنزيل التطبيقات.

 

وتمتلك دول مجلس التعاون الخليجي استثمارات كبيرة في المجالات التالية:

(1) شبكات الهاتف المحمول 5G، والتي تؤثر على خدمات العملاء، وأتمتة العمليات في قطاع الطاقة، والرعاية الصحية، وصناعة السيارات.

(2) إنترنت الأشياء (IoT): الذي يستخدم بشكل كبير في قطاع البيع بالتجزئة لتخصيص التسوق، وتقديم إخطارات بتوافر المنتج، ورصد سجل مشتريات العملاء وتفضيلاتهم.

(3) الحوسبة السحابية: حيث أدت المخاوف المتعلقة بالأمن السيبراني إلى تشجيع الشركات على اعتماد التكنولوجيا والخدمات السحابية.

(4) الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي: استثمرت السعودية 135 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي، ووفقًا للخبراء الاستشاريين، ستوفر دول مجلس التعاون الخليجي 7 مليارات دولار سنويًا من خلال أتمتة المهام الروتينية.

(5) الواقع الآلي والواقع الافتراضي: تُستخدم هذه التقنيات بشكل متزايد في قطاعي الرعاية الصحية والبيع بالتجزئة.

 

ومع ذلك، فلا يزال هناك حاجة للتحسين في المجالات التالية:

 

  • الموهبة: يعاني هذا المجال من نقص كبير؛ ففيما يتعلق بخريجي التعليم العالي، سجلت دول مجلس التعاون الخليجي 3000 لكل مليون شخص، بينما بلغ متوسط ​​دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 4225؛ وحصلت المنطقة على 2.1 درجة دكتوراه في الذكاء الاصطناعي لكل مليون نسمة، مقارنة بـ 24.9 في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما يوجد ندرة في المتخصصين الرقميين في سوق العمل؛ حيث بلغ متوسط ​​دول مجلس التعاون 1.7% من إجمالي القوى العاملة مقابل 5.4% في الاتحاد الأوروبي و6.9% في سنغافورة.
  • الابتكار: بلغ متوسط ​​عدد الشركات الناشئة في دول مجلس التعاون شركة واحدة لكل مليون شخص في قطر و15 لكل مليون في الإمارات، مقارنة بـ 173 في سنغافورة. وأدى وجود المستثمرين الدوليين إلى زيادة الاستثمارات بشكل كبير في الاقتصاد الرقمي، وذلك من حيث التجارة الإلكترونية والنقل. وبحلول عام 2019م، استُثمِر 516 مليون دولار في الشركات الناشئة في دول مجلس التعاون الخليجي.

 

  • الإنتاج المحلي: لا تزال الصناعات الرقمية المحلية في مراحلها الأولى. وبالتالي، تعتمد دول مجلس التعاون بشكل كبير على التقنيات والخدمات المستوردة. ومع ذلك، بينما سجلت دول المجلس نسبة منخفضة في النسبة المئوية للتطبيقات المنشورة (الإمارات - 0.2%؛ السعودية وقطر - 0.1%، مقابل: الولايات المتحدة – 23%؛ الصين - 11.6%؛ فرنسا - 5.6%، والهند - 3.7%)، إلا أنهم يحققون نسباً عالية من حيث معدل النمو او التطور: قطر – 41% الإمارات – 37%؛ السعودية – 24%.

ويتوازى تركيز الهند على تطوير اقتصادها الرقمي مع المبادرات القائمة في دول مجلس التعاون. وتخطط الهند لتوسيع اقتصادها الرقمي من 250 مليار دولار في عام 2020م، إلى اقتصاد التريليون دولار في غضون عقد من الزمان.

 

إن الأسس التي يقوم عليها هذا التوسع الهائل متينة للغاية:

  • تمتلك الهند 40.000 شركة ناشئة.
  • ارتفع عدد الشركات الهندية أحادية القرن أو شركات اليوني كورن (الشركات الناشئة التي تزيد قيمتها عن مليار دولار أمريكي) من 24 شركة في عام 2019 إلى 63 شركة في عام 2021م؛ وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة يمكن أن يصل عددها إلى 150شركة.
  • من المحتمل أن تصل الطبقة المتوسطة في الهند إلى مليار شخص بحلول عام 2030م، ولذلك فهي تمتلك بالفعل مجتمعًا كبيرًا يمثل جزءًا من الاقتصاد الرقمي؛ حيث بلغت حصة الهند من تنزيلات تطبيقات الأجهزة المحمولة في عام 2020م، إلى 218 مليارًا، أي 14% من الإجمالي العالمي. وهذا من شأنه أن يجعل الهند الأسرع نموًا في الاقتصاد الرقمي على مستوى العالم.
  • يوجد في الهند 63 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة مرتبطة الآن رسميًا بنظام ضرائب السلع والخدمات (GST) على الصعيد الوطني (النظام المعمم للضرائب) الذي بدأ العمل به في عام 2019م، مما يشجع على الإيداع الضريبي عبر الإنترنت وغير ذلك من الخدمات الإلكترونية.

 

  • الموهبة: يبلغ عدد متحدثي اللغة الإنجليزية في الهند 130 مليون نسمة، بينما يدخل 1.5 مليون مهندس سنويًا إلى سوق العمل. كما دخلت الهند في علاقات عالمية عبر الإنترنت من خلال عمليات "المكاتب الخلفية" التي تعود إلى أكثر من أربعة عقود.

 

وبالتالي، فإن الهند في وضع جيد للمشاركة مع دول مجلس التعاون الخليجي في توسيع اقتصاداتها الرقمية. فقد سبق وأنشأت أكبر شركات تكنولوجيا المعلومات في دول مجلس التعاون الخليجي منذ أكثر من ثلاثة عقود، حيث أسهمت بشكل كبير في توسيع المعرفة والتدريب وتوفير الحلول للحكومات والصناعة المحلية. كما وضعت الحكومة الهندية برنامجًا لتنمية المهارات داخل أراضيها لتدريب 330 ألف شخص في إطار خطة تصميم وتصنيع نظام الإلكترونيات.

 

خاتمة

 

إن قصة علاقة الهند مع شعوب شبه الجزيرة العربية تعود إلى عدة قرون. ولطالما كانت هذه العلاقات متعددة وقوية ومتواصلة؛ حيث يسعى كلا الطرفان إلى تلبية احتياجات بعضهما البعض عبر بحر العرب، فقد زودت الهند المنطقة بالمواد الغذائية والمنسوجات والمجوهرات منذ آلاف السنين؛ وتشكل هذه المواد حتى اليوم الجزء الأكبر من صادرات الهند لشعوب شبه الجزيرة.

 

وفي السنوات الأخيرة، أتاح تدفق عائدات النفط فرصًا للتوسع السريع في البنية التحتية وخدمات الرعاية الاجتماعية والارتقاء بها؛ حيث لجأت دول الخليج إلى الهند للحصول على الموارد البشرية الماهرة مرة أخرى، ثم للحصول على موظفين فنيين مهرة. ولبت دول الخليج احتياجات الهند من الطاقة ووفرت الوقود لنموها السريع. كما قدمت دول الخليج فرصًا لرجال الأعمال الهنود لإقامة مشاريع ناجحة في قطاعي التصنيع والخدمات.

 

والآن، مع تعزيز العلاقات السياسية، فضلًا عن إضفاء شكل ومضمون على الشراكات الإستراتيجية، أصبحت الهند ودول مجلس التعاون الخليجي في وضع يمكنهما من استكشاف مجالات جديدة للتعاون المتبادل – آفاق أخرى انبثقت عن الاحتياجات والتحديات الجديدة، إلى جانب تلك الفرص التي طرحتها الابتكارات المثيرة على صعيد التقنيات العالمية.

 

ويطرح ذلك آفاقًا جديدة لإضفاء مضمون جديد على تلك العلاقات العريقة، وتوسيع وتنويع وتعزيز هذه الروابط بمحتوى ونكهة جديدين.

مقالات لنفس الكاتب