array(1) { [0]=> object(stdClass)#12958 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 171

قمة الإمارات للاستثمار تستهدف جذب 550 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة

الثلاثاء، 01 آذار/مارس 2022

مما لا شك فيه أن الاستثمار هو المحفز الرئيسي للازدهار الاقتصادي فحسب النظرية الكينزية، يعتبر الاستثمار هو العامل الاقتصادي الأكثر أهمية بالنسبة للدول ، لدوره الهام في النمو والتنمية الاقتصادية، فهو المصدر الرئيسي لخلق فرص العمل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وحجم الإيرادات الوطنية ومن ثم رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحسين الرفاه بشكل عام. وتسعى الدول قاطبة إلى تشجيع وتحفيز الاستثمار بهدف تحقيق التقدم الاقتصادي. وكغيرها من الدول تولي دولة الإمارات اهتمامًا كبيرًا بجذب وتشجيع الاستثمار. حيث تسعى إلى بناء أسس متينة تدعم نمو وازدهار قطاعات الأعمال القائمة على المعرفة والنمو المستقبلي. وفي الوقت نفسه، تسعى إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي للشراكات التي تركز على الابتكار والذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال. ولتحقيق هذه الغاية، أطلقت دولة الإمارات عددًا من الاستراتيجيات التي تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي مستداما يعتمد على العلوم والتقنيات المتقدمة، ويستفيد من المواهب والمهارات والكفاءات الاستثنائية، ويستقطب الاستثمار بمختلف مصادره محليًا أم أجنبيًا.

الاستثمار: الرؤية والأهداف

  على مدى العقود الماضية، أدى الاستثمار الحكومي الكبير والواسع النطاق في دولة الإمارات إلى تطوير بنية تحتية حديثة، وجذب الخبرات الأجنبية ووضع الدولة كواجهة رائدة للفرص الاستثمارية. فقد تمكنت من ترسيخ مكانتها الاقتصادية دوليا وتصدرت قائمة الاقتصادات الناشئة في العالم وهو ما عكسه التسارع في نسب النمو الذي حققته الدولة على كافة الأصعدة، وأسهمت الطفرة الاقتصادية في تعزيز جاذبية الدولة لاستقطاب الاستثمارات من شتى أنحاء العالم وذلك بفضل سياسة الانفتاح الاقتصادي التي اتبعتها، ومن خلال قوانينها التي تتسم بالمرونة وتوفيرها بيئة استثمارية تعد الأفضل في المنطقة العربية. إن ما تتمتع به دولة الإمارات من موقع استراتيجي يربط شرق العالم بغربه، وتطور منافذها البحرية والجوية لتصبح معبرًا تجاريًا للتبادل التجاري والاقتصادي بين دول العالم كافة مع بنية تحتية حديثة وتقنية عالية التطور ورؤى استراتيجية داعمة ومعززة للابتكار كان له دور فاعل في التوسع الهام في آفاق الاستثمار وساعد في أن تصبح دولة الإمارات مقصدًا للشركات العالمية الراغبة في توسيع تواجدها في المنطقة عمومًا.

فقد أشارت رؤية الإمارات 2021م، إلى أن الدولة ستواصل دورها المحوري "كمركز رئيسي للأعمال توفر مؤسساته وبنيته التحتية همزة وصل تربط إقليمنا بالعالم وتخدمه كنموذج يحتذى به تستمد قوتها من تقاليدها في الانفتاح على العالم" وستسعى من خلال الحكومة الاتحادية، والحكومات المحلية إلى توفير كافة احتياجات المستثمرين والشركات المحلية والعالمية بشكل يضمن النمو الاقتصادي المستدام، سواء من خلال البنية التشريعية التي تضمن سهولة إنجاز المعاملات والإجراءات، أو من خلال التقنيات الحديثة التي توفر الكثير من الوقت والمال على الشركات الراغبة في البدء بأعمالها انطلاقًا من الدولة.

وقد أدركت الإمارات أهمية الاستثمارات الأجنبية ودورها في تحفيز اقتصاديات الدول المضيفة.  فالاستثمار الأجنبي يمكن أن يسد الفجوة بين المتاح من المدخرات الوطنية واحتياجات الدولة من هذه المدخرات للاستثمار في عملية التنمية. وتتمتع الإمارات بمجموعة من العوامل والمعايير التي يمكن من خلالها الاستدلال على ملاءمة الظروف السياسية والاقتصادية بدولة ما لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر والتي من أهمها الاستقرار السياسي والاقتصادي ووضوح السياسات الاقتصادية مع استقرار المؤشرات الاقتصادية الكلية ووجود نظام بنكي متطور وعدم تفشي الفساد والبيروقراطية مع توفر قوانين منظمة للأعمال بدون قيود على دخول المستثمرين الأجانب والحرية في تحويل الأرباح. كما أن وجود بنية تحتية ذات نوعية عالية لنظام المواصلات والاتصالات، وتقنية المعلومات وغيرها لعبت دورًا هاما في استقطاب الاستثمار الأجنبي.

على الجانب الآخر يعتبر استقطاب الشركات ذات الإنجازات المبتكرة والمبدعة من الأهداف البارزة للرؤى الاستراتيجية في الدولة إذ من المتوقع أن تستقر فيها العديد من هذه الشركات الرائدة في هذا المجال خصوصًا بعد التغيرات الجوهرية التي أدخلتها الدولة في القوانين والسياسات التي سمحت للملكية الأجنبية بنسبة 100 في المائة في قطاعات معينة وخفضت الرسوم والغرامات، وهذا من شأنه أن يخلق اقتصادًا أكثر تنوعًا ومرونة يعزز الحلول المبتكرة والمستدامة للمشاكل الكونية. وقد أوردت المصادر الحكومية أنه يمكن استقطاب ما يزيد على 150 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي في قطاع العقارات والضيافة والسياحة.

مثل هذه العوامل ساهمت في تصدر دولة الإمارات للعام الخامس على التوالي، بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في التقرير السنوي للتنافسية العالمية 2021م، واحتلت المركز التاسع عالميًا، لتحافظ على مكانتها ضمن الدول الـعشر الأكثر تنافسية في العالم. كما تصدرت المركز الأول في الشرق الأوسط والمركز الخامس عشر عالميًا ضمن مؤشر الثقة للاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2021م، حسب مؤسسة " كيرني". وفي تقرير «الأونكتاد» لعام 2021م، جاءت دولة الإمارات في المرتبة الأولى عربياً وإقليمياً و15 عالمياً من حيث قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، كما جذبت استثمارات أجنبية مباشرة في عام 2020م، تصل قيمتها إلى 19.9 مليار دولار بنسبة نمو 11.24% عن عام 2019م، مستحوذة على 49% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى الدول العربية. ومن المتوقع أن تستمر رؤوس الأموال الأجنبية في التدفق إلى الدولة بشكل كبير في الأعوام القادمة نتيجة للمشروعات العملاقة، التي تقودها قطاعات الطاقة المتجددة والتجزئة، كما تم تصنيف الإمارات كدولة تتمتع بحرية اقتصادية شبه كاملة في عام 2021م، حسب هيريتج فاونديشين.

الحوافز والبيئة الاستثمارية

تتوفر في دولة الإمارات بيئة صديقة ومحفزة للاستثمار يترافق ذلك مع وجود حوافز جاذبة وقوانين وآليات واضحة وشفافة. وبهدف تعزيز الأداء الاقتصادي وتنمية المناخ الاستثماري وتنويع النشاط الاقتصادي بما ينسجم مع رؤية الإمارات 2021م، تم إصدار القانون الاتحادي رقم 2 لعام 2014م، الخاص بالمشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة الذي شكل نقطة تحول في مسيرة المسعى الحكومي لتطوير قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو يشكل عنصراً حيوياً وأساسياً في منظومة جذب الاستثمار بكافة أنواعه المحلي والأجنبي. كما يهدف القانون الاتحادي للاستثمار الأجنبي المباشر في دولة الإمارات رقم 19 لسنة 2018م، إلى تعزيز البيئة الاستثمارية وتوسيع وتنويع قاعدة الإنتاج وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر في التكنولوجيا المتقدمة والمعرفة والتدريب من خلال توفر حوافز ومزايا تضمن حماية الاستثمار وتسهل التحويل المالي وتسمح بتعديل الشراكة والاندماج، والاستحواذ ونقل الملكية وفقًا لمصلحة المستثمر.

ومن المتوقع أن تعزز الإصلاحات الأخيرة والمبادرات المطروحة ثقة المستثمرين وتزيد من فرص الاستثمار. فالتغييرات التنظيمية التي اتخذت في عام 2019م، والمتمثلة في التأشيرة الذهبية للمغتربين، والتعديلات على قانون الشركات التجارية، والمواطنة للمقيمين الموهوبين من أطباء وعلماء ومخترعين، ومبدعين في مجالات الثقافة والفن، وغيرهم وكلها يهدف إلى تمكين الأجانب من العيش والعمل في الإمارات دون الحاجة إلى كفيل وهو ما سيكون له انعكاسات إيجابية على الاستثمار. 

كما أن مشروع تطوير القوانين الاتحادية الذي اعتمد في نوفمبر 2021م، وتضمن أكثر من 40 قانونا لتعزيز البيئة الاقتصادية والبنية التحتية الاستثمارية في الدولة، وضع هيكلاً تشريعيًا للقوانين التي تغطي قطاعات وشركات الاستثمار والتجارة والصناعة، وتنظيمًا لحماية الملكية الصناعية وحقوق النشر والعلامات التجارية والسجل التجاري والمعاملات الإلكترونية والخدمات الائتمانية، بالإضافة إلى قانون ينظم دخول الأجانب وإقامتهم وأحكاما موحدة لظروف العمل، وقوانين متعلقة بالأمن المجتمعي، كقانون الجريمة والعقاب، والأمن الإلكتروني وغيرها.

كما أن تحديد القائمة الإيجابية للأنشطة الاقتصادية والقطاعات التي يسمح فيها بالملكية الأجنبية الكاملة في يونية 2021م، يعتبر تغييرًا جذريًا في الأنظمة السابقة، التي اقتصرت الملكية الكاملة للأجانب في المناطق الحرة وفي قطاعات معينة، بحيث لا تتجاوز الملكية الأجنبية 49٪ كحد أقصى في المناطق الأخرى. هذا التغيير يشمل العديد من القطاعات والأنشطة المستقبلية الهامة في خطط الدولة الاستراتيجية مثل الفضاء والصناعة التحويلية والطاقة المتجددة والمعلومات والاتصالات والأنشطة المهنية والعلمية والتقنية والرعاية الصحية وغيرها.

أما وثيقة الخمسين والتي أقرت في يناير 2019م، فقد أكدت على أهمية ترسيخ السمعة العالمية لدولة الإمارات ودعت إلى ضرورة تضافر جهود المؤسسات الوطنية في كافة تخصصاتها وعبر مستوياتها الاتحادية والمحلية بهدف الاستفادة المشتركة من الإمكانيات وبناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم من خلال مؤسسات عابرة للقارات واعتبار الدولة وجهة اقتصادية وسياحية وصناعية واستثمارية وثقافية واحدة. وأكدت على أهمية التفوق الرقمي والتقني والعلمي الذي سيرسم حدود الدولة التنموية والاقتصادية، ويرسخها كمركز للمواهب والشراكات والاستثمارات ويجعلها القاعدة الأساسية لاقتصاد المستقبل. واعتمدت الدولة أيضًا الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031م، والبرنامج الوطني الإماراتي للذكاء الاصطناعي، اللذان يشكلان النظم الإيكولوجية الرقمية والتكنولوجية ويؤثران في الإبداع الرقمي، ويعول عليهما استقطاب استثمار في القطاع الخاص والأجنبي.

الاستثمارات الإمارتية الخارجية

تركزت الاستثمارات الخارجية الإماراتية الحكومية والخاصة في أسواق آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وبلغت في عام 2019م، نحو 1.5 تريليون دولار في أكثر من 70 دولة، واستحوذ جهاز أبو ظبي للاستثمار وشركة مبادلة على حوالي 80% من هذه الاستثمارات، وتوزعت الـ 20% المتبقية على الشركات شبه الحكومية والشركات العائلية.
وحلت السعودية ومصر في مقدمة الدول التي اتجهت لها الاستثمارات الإماراتية في مجال البنية التحتية. وبلغ عدد الشركات الإماراتية العاملة في الخارج 200 شركة في عام 2018م، توزعت في العديد من دول العالم واتجهت إلى عدّة قطاعات حيوية مثل الطاقة والاتصالات والعقار والتجزئة والأوراق المالية والسندات والبنوك والتعدين والسياحة والزراعة.
وشكلت استثمارات دولة الإمارات الحصة الأكبر في إجمالي الاستثمارات العربية في الأسواق الأمريكية، حيث بلغت 44.7 مليار دولار أمريكي في عام 2020م، وحلت الإمارات في المرتبة الأولى في الدول العربية والعشرين عالميًا من بين أهم الدول التي تستثمر في أمريكا. وقد بلغت استثمارات الدولة في أنشطة البحث والتطوير المتعلقة بالابتكار والتكنولوجيا في الولايات المتحدة ما يقرب من 1.7 مليار دولار أمريكي، وساهمت في دعم الصادرات الأمريكية بقيمة 1.3 مليار دولار أمريكي. وتركزت استثمارات الشركات الإماراتية في التقنية، والرقائق الذكية، وأشباه الموصلات، وتكنولوجيا المعلومات، وشبكات الاتصالات وغيرها.

وحيث أن صناديق الاستثمارات السيادية تلعب دورًا أساسيًا في الاقتصاد المحلي والعالمي، لكونها كيانات استثمارية تؤثر في حركة أسواق الأسهم والسندات العالمية، نتيجة حجم استثماراتها في هذه الأسواق التي تقدر بتريليونات الدولارات، فقد كان للصناديق السيادية الإماراتية دور بارز في هذا السياق. ويأتي صندوق أبو ظبي للاستثمار كثاني أكبر صندوق سيادي في العالم بعد صندوق التقاعد الحكومي النرويجي، وتقدر موجوداته بنحو 773 مليار دولار. وقد اتجهت استثماراته إلى الأسواق الواعدة في الهند والصين التي استحوذت على ما نسبته 10-20% من الاسهم بينما استحوذت الدول المتقدمة على 32-42% من الاسهم. ويمتلك صندوق أبو ظبي للاستثمار حصة 50 في المائة في ثلاثة فنادق في هونغ كونغ، تبلغ قيمتها 2.4 مليار دولار، واستثمارًا بحوالي 150 مليون دولار في شركة الطاقة المتجددة الهندية. كما يملك حصة في مطار جاتويك في لندن وفي شركة الغاز النرويجية. وقام الجهاز بتوسيع نطاق استثماراته في 24 فئة من فئات الأصول وبلغ معدل العائد السنوي 7.4% في السنوات العشرين الماضية. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن العائد السنوي للعشرين والثلاثين سنة لجهاز أبو ظبي للاستثمار تراجع خلال العام الماضي إلى 6.5% للعشرين سنة من 7.4% في السنة السابقة وبالنسبة لودائع الثلاثين سنة تراجع العائد إلى 7.5% بعد أن كان 8.3% في السنة الماضية.

وتمتلك الإمارات عدداً من صناديق الثروة السيادية الأخرى من أهمها مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية بمبلغ 183 مليار دولار، وصندوق مجلس أبو ظبي للاستثمار بحجم أصول 110 مليارات دولار، وهيئة رأس الخيمة للاستثمار بنحو 1.2 مليار دولار. بالإضافة إلى جهاز الإمارات للاستثمار الذي يتبع الحكومة الاتحادية ويستثمر في قطاع الاتصالات في دولة الإمارات. وخلال العام 2021م، ارتفعت القيمة الإجمالية للصناديق السيادية في الدولة لتصل إلى 5.9 تريليون درهم مقارنة مع 5.04 تريليون درهم خلال 2020م، وقد زادت أصول هذه الصناديق بنحو 1.04 تريليون درهم عن الأصول المجمعة للعام 2020 م، حسب بيانات معهد صناديق الثروة السيادية.

الخطط والرؤى المستقبلية

تمتلك الإمارات العديد من المزايا التي تعزز مكانتها كوجهة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي وبيئة استثمارية واعدة، بسبب موقعها الاستراتيجي، واحتياطاتها المالية القوية، وامتلاكها لصناديق الثروة السيادية، وتوفر الموازنات الحكومية فقد تم تخصيص 58 مليار درهم ضمن الموازنة العامة للاتحاد لعام 2021م، كمصروفات من أجل استكمال المشاريع الوطنية الحيوية وتهيئة بيئة تشريعية محفزة للنمو والازدهار الاقتصادي. ويأتي الإعلان عن "مشاريع الخمسين"، المصاحبة للتغييرات والتسهيلات التشريعية الكبيرة ليعزز المميزات الاستثمارية، ويمنح المزيد من الحوافز والدعم لكل من الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وتهدف الخطط الاقتصادية لدولة الإمارات التي تم الإعلان عنها حديثًا إلى تعزيز وتنويع الفرص في عدة مجالات. وتم التركيز على المشاريع التي تهتم بالذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي والاقتصاد الدائري والابتكار والفضاء والصحة والزراعة والصناعات المتقدمة والرعاية الصحية والصناعات الغذائية، واعتماد نماذج اقتصادية مبتكرة، بما يتماشى مع الاتجاهات العالمية الجديدة. وضمن المبادرات الاستراتيجية لمشاريع الخمسين تم تحديد العديد من المشاريع التي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي ومضاعفة الاستثمارات في البلاد ليصل إلى تريليون دولار في تسع سنوات، بزيادة قدرها 550 مليار دولار وبمعدل نمو بنسبة 14% في تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر التراكمي بحلول عام 2030م، فضلاً عن نمو الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 24%. يضاف إلى ذلك زيادة سنوية قدرها 45 مليار دولار في الصادرات عبر 10 أسواق أجنبية من 22 مليار دولار إلى 55 مليار دولار بحلول عام 2025م، ضمن برنامج 10 x 10.

وفي عام 2021م، أقرت الاستراتيجية الصناعية لتعزيز مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي الوطني إلى 300 مليار درهم إماراتي، مقارنة بـ 133 مليار درهم حاليًا، مع خطة تهدف إلى مضاعفة قيمة التجارة الخارجية إلى 3 تريليونات دولار خلال نفس الفترة، بزيادة قدرها 1.5 تريليون درهم، بالإضافة إلى الحفاظ على ناتج اقتصادي سنوي يتجاوز 1.5 تريليون درهم واستثمار ما يقرب من 600 مليار درهم في الطاقة المتجددة لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050. وشملت الأهداف الاقتصادية أيضًا تحقيق عائدات اقتصادية تصل إلى 200 مليار درهم من خلال برنامج السكك الحديدية الإماراتي، باستثمارات تصل إلى 50 مليار دولار وزيادة مساهمة البرنامج الوطني للقيمة المضافة داخل البلاد من 22 مليار دولار إلى 55 مليار دولار بحلول عام 2025م. وقد تم الإعلان عن قمة الإمارات للاستثمار والتي ستعقد في الربع الأول من عام 2022م، وهي قمة عالمية تربط صناديق الاستثمار بالقطاعين العام والخاص، لتوليد فرص استثمارية تجذب 550 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دولة الإمارات على مدى السنوات التسع المقبلة وتهدف إلى بناء شراكات دائمة بين القطاعين العام والخاص.

وحيث أن الإمارات تعد من أكبر مراكز البيانات في الشرق الأوسط، فإن سوق مراكز البيانات في دولة الإمارات سيشهد استثمارات بقيمة 1015 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2026م، مع نمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 7.99٪ خلال الفترة 2021-2026م، وتخصيص أكثر من 750 مليون دولار أمريكي من أجل تطوير مراكز البيانات في جميع أنحاء الدولة خلال الفترة 2021-2026م. ويشهد البلد حاليًا استثمارات في 13 مرفقاً يتوقع أن يبدأ تشغيلها في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات.

كما أنه من المتوقع أيضًا أن تحصل في الصناعات المحلية تغييرات جذرية من خلال تبنيها للتقنيات الحديثة التي ستقودها إلى النمو السريع والتطور والوصول إلى الأسواق العالمية لمنتجاتها وخدماتها. وقد أطلقت دولة الإمارات في 22 مارس 2021م، استراتيجيتها الصناعية تحت عنوان "عملية 300 مليار" لزيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم على مدى السنوات العشر المقبلة. وشملت الاستراتيجية 17 مبادرة تهدف إلى تحقيق أهدافها بحلول عام 2031م.

لقد بدأت دولة الإمارات في استكشاف مصادر بديلة للطاقة كحل مستدام للحد من الاستهلاك المفرط للموارد غير المتجددة، واعتماد الطاقة المتجددة والنووية والتي تهدف إلى زيادة استخدام الطاقة النظيفة لتشكل 50٪ من إجمالي استخدام الطاقة في الدولة في 2050م. فضلاً عن توسيع جهود إعادة التدوير والحد من التلوث البيئي والكربون مما يمكن أن يخلق أسواقًا كبيرة محتملة وفرصًا استثمارية.  وتشير بعض التقديرات إلى أن مثل هذه الصناعة يمكن أن تجتذب ما بين 1.5 تريليون دولار إلى 2 تريليون دولار من الاستثمارات الرأسمالية سنويًا بحلول عام 2025م.

الخاتمة

لقد بذلت دولة الإمارات جهودًا كبيرة في الاستثمار إلا أن جهودها لن تكون كافية لتحقيق الأهداف المنشودة فكانت الحاجة ضرورية لاستكمالها باستثمارات وخبرات كبيرة من القطاع الخاص المحلي والأجنبي. انطلاقاً من سياساتها القائمة على المرونة والانفتاح على الاستثمار الخارجي، والبحث عن أسواق صاعدة للاستثمار اتبعت دولة الإمارات سياسات استثمارية منحتها مكانة متميزة عالمياً، وجعلتها وجهة للاستثمارات الأجنبية المباشرة الباحثة عن بيئة استثمارية متكاملة وفرص نمو واعدة. إلا أن هناك بعض القضايا الهامة التي تجدر الإشارة إليها.

ففي حين نجحت الإمارات في السنوات الأخيرة في خلق البيئة التنظيمية المواتية والبنية التحتية التكنولوجية المتقدمة لاستقطاب الاستثمار إلا أنه ما زالت هناك حاجة إلى الاهتمام في تطوير القوى العاملة وخصوصًا الإماراتية من خلال تحسين نوعية التعليم، وزيادة الاستفادة من التكنولوجيا لأجل ضمان رفد سوق العمل بالعمالة المواطنة وحل مشكلة البطالة التي ظهرت في السنوات الأخيرة نتيجة عدم القدرة على استيعابها في القطاع الحكومي.

كما من المهم التأكيد على اتساق السياسات والقوانين الاتحادية والمحلية لضمان ترابطها وتكاملها وليس تنافسها وتضارب مصالحها. وكذلك تعميق التكامل الإقليمي من خلال المزيد من التنسيق والتكامل مع دول المجلس الأخرى لتنظيم الاستثمارات على المستوى الإقليمي لتجنب الازدواج المفرط في الأنشطة التي تؤثر سلبًا على الكفاءة الإنتاجية والتنافس في الأسواق العالمية. فتشجيع التكامل الاقتصادي سيؤدي إلى مزيد من المكاسب على المدى الطويل ويفتح فرصًا استثمارية واعدة تخلق تدفقات إضافية للاستثمار الأجنبي وتحسن في بيئة الأعمال وتوفر مساحة كبيرة لتعزيز التبادل التجاري بينها.

وفي الختام ربما من المفيد التأكيد على ضرورة إدراك أن الأمر يجب ألا يتعلق فقط بالاستثمار في الفرص الحالية، ولكن لابد أن تصاحبه سياسات واضحة لدعم البحث والتطوير بما يحفز الابتكار في مختلف المجالات.

مقالات لنفس الكاتب