تعد العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من العوامل التي تؤدي إلى التأثير المتبادل بين الشعوب. فالتأثير المتبادل يعد ضرورة حتمية للبناء والتطور في أي حضارة من الحضارات، فكما ذكر ابن خلدون: "وأهل الدول أبداً يقلدون في طور الحضارة وأحوالها للدولة السابقة قبلهم فأحوالهم يشاهدون ومنهم في الغالب يأخذون ومثل هذا وقع للعرب لما كان الفتح وملكوا فارس والروم".
إن العلاقات الاجتماعية والثقافية بين عُمان وبلاد فارس موغلة في القدم، وهي حقيقة حتمية فرضتها عوامل طبيعية وبشرية، وعلاقات سياسية.
يرتبط ازدهار التبادل التجاري بين كيانين ارتباطًا وثيقاً بنشاط الموانئ والمراكز التجارية فيها، ووصول السلع من مختلف البلدان إلى هذه الموانئ والمراكز. وهناك عوامل مختلفة تؤثر على شاطئي الموانئ، منها العامل الجغرافي الذي يشكل وظيفة الميناء بدرجة كبيرة، والعامل البشري المتمثل في السياسات والإجراءات المتخذة في تلك الموانئ.
ويمكننا عند الحديث عن التبادل التجاري بين عُمان وبلاد فارس أن نتحدث عن عدة موانئ في جهات مختلفة. وهذا فقط على سبيل المثال؛ لأن ما قام بين عمان وبلاد فارس قائم أيضًا مع الدول الخليجية الأخرى.
أولا/ الموانئ العُمانية التي تعاملت مع الموانئ الفارسية
ميناء مسقط:
يقع ميناء مسقط في الجزء الجنوبي من بحر عُمان، الذي يقع على خط عرض 23-38 درجة شمالاً، وخطي طول 41-58 درجة شرقاً، ويعد ميناء مسقط من الموانئ الآمنة التي تتميز بموقع استراتيجي على طريق الملاحة التجارية للمحيط الهندي بين الشرق والغرب. فبوقوع ميناء مسقط في الجزء الجنوبي الشرقي لبحر عُمان صار يطل على بحر عريض لا حد له من جهة الشمال، كما أنه يتخذ حدوة الحصان من الجنوب والغرب، وميناء مسقط صالح لرسو السفن، وبه قلاع لحمايته.
وقد ارتبطت تجارة ميناء مسقط بمدينة مطرح ومينائها، والتي لا تبعد عن مسقط سوى 1كم براً، و2كم بحراً، ولهذا يعد ميناء مطرح الميناء التابع والبديل لميناء مسقط، فيستقبل السفن الشراعية، ويعمل على توزيع التجارة في المناطق الداخلية من عُمان.
وقد نبعت الأهمية الاستراتيجية والتجارية لميناء مسقط من وقوعه على مفترق الطريق التجاري الذي يصل من بومباي، ثم يتفرع من مسقط إلى جهتين: الأولى تتجه إلى الخليج العربي، والثانية تتجه إلى بحر العرب ثم إلى البحر الأحمر؛ ولهذا تهيأ له أن يكون مستودعاً لتجارة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية.
كما ساعدت الظروف الطبيعية للميناء في زيادة أهميته، فموقع الميناء يتماشى مع اتجاه التيارات البحرية التي تهب على المنطقة، فاستفاد البحارة العمانيون من توافق التيارات البحرية مع هبوب الرياح الموسمية، وعززوا نشاطهم التجاري بين موانئ الخليج العربي والمحيط الهندي وشرق إفريقيا، كما قاموا بتوزيع البضائع التجارية وتنظيم حركة السفن المارة بها.
وفي عهد الدولة البوسعيدية أصبح لميناء مسقط دوراً مميزاً، ففي عهد السيد سلطان بن أحمد كان في مسقط ما لا يقل عن خمس عشرة سفينة تتراوح حمولتها ما بين 300 إلى 700 طن، فقد كان طموح السيد سلطان في أن يجعل من ميناء مسقط مركز التوزيع الرئيسي للبضائع الواردة من الخارج والمتجهة للبيع على الجانب الغربي من الخليج العربي.
من هنا نستنتج أثر العوامل الطبيعية في ازدهار حركة ميناء مسقط، بالإضافة إلى ذلك نلاحظ أثر الإجراءات التي قام بها حكام البوسعيد، والتي ذكرناها سابقاً، والمتمثلة في تحسين نظام الضرائب، وتشجيع التجارة من أجل جعل مسقط مركزاً للتجارة في منطقة الخليج العربي.
وقد لاحظنا عند حديثنا عن السلع الصادرة والواردة قدرة ميناء مسقط على استيعاب السلع الفارسية والذي بدوره كان يقوم بنقلها إلى المراكز التجارية الأخرى في عُمان.
ميناء صحار:
يعد ميناء صحار التجاري من الموانئ العُمانية المهمة، فهو يقع إلى الشمال الغربي من مسقط، ومن المعلوم أنه بعد ظهور الإسلام أصبحت صحار مركزاً رئيسياً للتجارة. وتأتي أهمية ميناء صحار التجارية من موقعه الاستراتيجي (ترانزيت) واعتماد تجارته على تجارة التوزيع. ففي عهد السلطان سعيد بن سلطان احتفظ ميناء صحار بطابعه التجاري، حيث ظل موقعاً مميزاً ربط تجارته بسواحل شرق إفريقيا والهند والشرق الأقصى وبلاد فارس.
لقد بذل السلطان سعيد بن سلطان جهوداً كبيرة من أجل تطوير ميناء صحار وذلك من خلال إجراء التسهيلات التجارية وتواجد السفن الكبيرة من أجل الحماية علاوة على تخفيض التعرفة الجمركية وإقامة العلاقات التجارية مع دول العالم والتي أدت إلى إثراء ميناء صحار.
وكانت تصل إلى ميناء صحار في بعض الأحيان بعض السلع القادمة من بلاد فارس، خاصة الأخشاب التي تستخدم في صناعة السفن. ولميناء صحار حوالي أربعين سفينة من نوع بغلة، وله تجارة جيدة مع كل الموانئ الفارسية.
ميناء صور:
يقع ميناء صور في جنوب ساحل جبال الحجر الشرقي، ويقع هذا الساحل على خطي عرض 22-59 درجة شمالاً، وخطي طول 33-35 درجة شرقاً. ويعد ميناء صور من الموانئ البحرية المهمة التي اشتهرت بالملاحة البحرية، وقد لعب دوراً كبيراً في العمليات التجارية وتبادل السلع والبضائع، حيث أنه مهيأ لرسو السفن الكبيرة فيه.
لقد كان لتجار صور أسطولاً تجارياً يتألف من حوالي 100 سفينة كبيرة؛ ومن هنا تهيأ له أن يشهد أنشطة تجارية كبيرة مع الهند وجزر المحيط الهندي، بالإضافة إلى وجود سفن صغيرة كانت تتاجر مع موانئ الخليج العربي وساحل شرق إفريقيا، أضف إلى ذلك موقعه الجغرافي بكونه يقع على ساحل البحر هيأ له التواصل مع بلاد فارس والهند.
اشتهرت مدينة صور ببناء وصناعة وترميم السفن في مراسيها، ومن أهم السفن التي كانت تصنع فيها مركبا البغلة والغنجة، وهما من المراكب الضخمة التي تزيد حمولة الواحد منها عن 300 طن، إلى جانب صناعة العديد من المراكب والسفن الصغيرة، وجدير بالذكر أن ميناء صور لم تكن به إدارة جمركية صارمة، وهذا برأيي ساعد على زيادة حركة التجارة والتجار فيه لأن التجار قد يتهربون من دخول ميناء مسقط لعدم رغبتهم في دفع الضرائب الجمركية، فيتوجهون إلى ميناء صور.
موانئ مسندم:
مسندم هي شبة جزيرة وتعد امتداداً لرؤوس الجبال المتصلة بها، وتقع إلى الشمال من عُمان، وتمثل أقصى امتداد لليابسة العُمانية شمالاً، فهي ممتدة على شريط ساحل غرب بحر عُمان وشرق الخليج العربي، في سلسلة جبلية ارتفاعها حوالي 1800 متر فوق سطح البحر، وتطل من جهة الساحل على مضيق هرمز. ومن أهم موانئها التي تعاملت مع بلاد فارس:
ميناء خصب:
وهو ميناء طويل يقع في الجهة الغربية من مسندم، وكان للبرتغاليين حصن هناك، ولغة أهل خصب خليط من البرتغالية والفارسية. وهو يقع في بداية المدينة، وترسو فيه القوارب والمراكب الشراعية من موانئ عدة في الخليج العربي، وترجع أهمية ميناء خصب إلى وقوعه مقابل عدة جزر وموانئ مهمة على مدخل الخليج العربي وساحل بلاد فارس.
ميناء دبا:
وهو ميناء العرب المهم على سواحل بحر عُمان من عصور ما قبل الإسلام خاصة زمن السيطرة الفارسية على صحار، وأصبح ميناء دباء منفذ عُمان وعرب شبه الجزيرة العربية على بحر عُمان وبالتالي مخزن السلع القادمة من الهند والصين وبلاد فارس، والتبادل التجاري معها.
ميناء كمزار:
وهو ميناء صغير يقع على ساحل مسندم، وترجع أهميته إلى توفر المياه العذبة اللازمة لتمويل السفن والتجار، وارتبط سكانه بالعمل في الأنشطة التجارية فأصبحت لهم روابط تجارية مع سكان بلاد فارس وسواحل الخليج الأخرى. والجدير بالذكر أن التبادل التجاري بين موانئ مسندم وبلاد فارس مستمرة حتى وقتنا الحالي، وقد ظهرت موانئ أخرى للتجارة كميناء بخا.
الموانئ العُمانية في شرق إفريقيا.
بعد انتقال السلطان سعيد بن سلطان إلى زنجبار واتخاذها عاصمة أخرى له، أقام فيها العديد من الإصلاحات والتحسينات المتمثلة في نظام الضرائب والتي كانت لا تزيد عن 50% على الواردات التي تأتي إلى موانئ شرق إفريقيا، لتخفيف الأعباء التجارية وتشجيعها وإعفاء الصادرات الوطنية من أعباء الضرائب، أضف إلى ذلك إنشاؤه طرقاً جديدة للمواصلات والتجارة، فأصبحت بذلك أكبر ميناء على السواحل الغربية للمحيط الهندي، وأكبر مستودع للتجارة الإفريقية الآسيوية، كما أصبحت المصدر الأساسي لتزويد بلدان العالم بالقرنفل والعاج. كما استقر بزنجبار بعض المهاجرين القادمين مع السلطان سعيد بن سلطان كالهنود والفرس (بلوش فارس) في شرق إفريقيا، والذين استقدمهم السلطان سعيد بن سلطان من أجل المشاركة مع الجيش العُماني، وبعد استقرارهم هناك قاموا بأعمال تجارية خارجية، واستعان ببعضهم في الأمور التجارية. وشهدت موانئ شرق إفريقيا نشاطاً تجارياً كبيراً مع موانئ بلاد فارس، وفيما يأتي أهم الموانئ العُمانية في شرق إفريقيا:
ميناء زنجبار:
يقع ميناء زنجبار على بعد مسافة 32-48 كم من جزيرة زنجبار القريبة من الساحل الإفريقي، ويعد ميناء زنجبار من الموانئ الإفريقية الصالحة لرسو السفن، حيث يستطيع استقبال السفن من مختلف الأحجام. وكان ميناء زنجبار عند سقوط ممباسة على يد السلطان سعيد بن سلطان ميناءً صغيراً لا يحسب له حساب، لكن الحدث الذي هيأ له التغير هو انتقال السلطان سعيد بن سلطان إلى زنجبار، فقد قام بالعديد من الإصلاحات والتحسينات، فأصبح بذلك ميناء زنجبار مهماً للتجارة الإفريقية الآسيوية، وهذا برأيي حدث انتقالي لميناء زنجبار حيث وصلت تجارتها إلى داخل القارة الإفريقية وتوغلها إلى منطقة البحيرات الاستوائية. وقد أثرت على ميناء زنجبار بعض العوامل الطبيعية كسقوط الأمطار في أشهر محددة من السنة، وكذلك هبوب الرياح الموسمية باتجاه الشمال الشرقي وهي التي تسمح برسو السفن فيها.
وقد اتبع السلطان سعيد بن سلطان سياسة استهدفت تنشيط التجارة في ميناء زنجبار وإنمائها، كما تضافرت عدة عوامل ساعدت على تنشيط التجارة في عهده، ومنها:
- قدم العلاقات التجارية بين عُمان وشرق إفريقيا.
- التطور الزراعي الكبير الذي شهدته ممتلكات السلطان سعيد في شرق إفريقيا خصوصاً فيما يتعلق بمحصول القرنفل.
- تشجيع السلطان سعيد التجار على الهجرة إلى شرق إفريقيا.
- الأسطول التجاري والذي أسهم في زيادة حركة الملاحة البحرية.
فنتيجة لهذه الأهمية الاقتصادية لميناء زنجبار، فقد نشأت عمليات اتصال تجاري مع بلاد فارس، خاصة فيما يتعلق بتجارة الرقيق، والدليل على ذلك أعداد الرقيق الذين تم تصديرهم إلى بوشهر والموانئ لبلاد فارس فأصبحت زنجبار سوقاً للرقيق.
ميناء ممباسة:
يقع ميناء ممباسة على ساحل شرق إفريقيا، ويسمي العرب هذا الساحل باسم ساحل البنادر. ومن الناحية الجغرافية فساحل ميناء ممباسة جزء من أرض سهلية تتخللها بعض الجروف الصخرية، وبخاصة الجزء المحاط بالمياه، وبذلك يمثل ميناءً طبيعياً لا يحتاج لإدخال أيه تعديلات عليه، فهو يتمتع بموقع استراتيجي عن بقية الموانئ الإفريقية منذ قديم الزمان .
وفي بداية القرن التاسع عشر الميلادي كان ميناء ممباسة مفتاحاً لجميع أجزاء شرق إفريقيا، وأكبر الموانئ الإفريقية حجما، نتيجة لتلك الأهمية الاستراتيجية فقد سعى السلطان سعيد بن سلطان لبسط نفوذه على ممباسة، وفعلا تمكن من ذلك عام 1837م، وتمكن من تهيئة ممباسة لتكون أحد الموانئ المهمة في منطقة شرق إفريقيا وذلك من خلال تشجيع التجار للقيام بأعمال تجارية بها.
ثانيًا/ موانئ بلاد فارس
ميناء جوادر:
يقع ميناء جوادر على ساحل بلوشستان الشرقية، ويبعد حوالي 700كم عن كراتشي، ويقع على خط عرض 25 درجة شمالاً، وخط طول 21 درجة شرقا. وتقع جوادر على شبه جزيرة رملية صغيرة بين خورين أحدهما غربي والآخر شرقي، ويشكلان مراس للسفن والمراكب البحرية، كما يمثلان مواقع حماية من الرياح الموسمية الجنوبية الغربية، تفصل وجود سلسلة المنحدرات الصخرية التي تحيط بهما، والتي يبلغ ارتفاعها بين 100 و150م.
وقد ازدهر ميناء جوادر ازدهاراً كبيراً في فترة السيادة العُمانية، فكانت جوادر في القرن التاسع عشر الميلادي الميناء الرئيسي على الساحل البلوشستاني الشرقي والغربي. وكانت التجارة فيه تتركز بيد الهنود، فكان دور جوادر استراتيجيًا حاسمًا ضمن إطار تجارة العاج والقرنفل بين شرق إفريقيا وشبه الجزيرة العربية من جهة، وبين وسط آسيا من جهة أخرى. وفي عملية التبادل التجاري كانت جوادر تستورد من مسقط السكر، والأرز المستورد من كراتشي والذي يعاد تصديره إلى جوادر.
ميناء شهبار:
يعد ميناء شهبار من أكثر الموانئ أهمية على ساحل مكران الغربي، وهو يقع على خور صغير في مدينة شهبار، كما أنه يبعد حوالي 289كم إلى الشرق من جنوب جاسك الجديدة، كما يبعد حوالي 89كم إلى الغرب من جوادر.
وهو من أفضل الموانئ لرسو السفن على ساحل مكران، وجزءه الجنوبي مفتوحًا تماماً، ولذلك تستطيع السفن الكبيرة استخدامه، كما أن الخور على هيئة حدوة حصان، وتسمى نقطته الشرقية رأس شهبار، أما الغربية فتسمى بزم. ويبلغ عمقه حوالي 18كم ابتداء من مدخله الشمالي، كما أن شاطئه صخري في كلا الجانبين مع وجود جروف صخرية، كما يوجد شاطئ رملي بين نقطة شهبار ومدينة شهبار نفسها.
أما مدينة شهبار فهي شحيحة الزراعة، باستثناء المزارع الواقعة حولها والتي يعتمد أصحابها في ريها على مياه الآبار، وعلى الرغم من ذلك فهناك محصولات زراعية يتم تصديرها من ميناء شهبار كالقطن الذي تشتهر به المدينة.
ميناء بوشهر:
يمتد ميناء بوشهر بطول 12 ميل من الجهة الشمالية الغربية. وموقعه صخري يرتفع قليلاً عن البحر لكن إلى جنوبه مباشرة يمتد شريط من الأرض المنخفضة عبر شبه جزيرة بوشهر من الساحل إلى الساحل. وبسبب تضاريس مدينة بوشهر فإن نسبة كبيرة من مساحتها هي أرض خصبة يزرع جزء منها بانتظام بمياه الآبار وفي الجزء الآخر تنشأ زراعة غير منتظمة في أعقاب الأمطار، وأما المحصولات العادية المزروعة فيها فهي القمح والشعير الذي يزرع غالباً في ديسمبر بعد بداية هطول أمطار الشتاء ويحصد بعد أربعة أشهر.
وتزرع بها فواكه أخرى مثل البطيخ والشمام والبرتقال والليمون والرمان والتين وبعض من البرتقال، وكذلك تزرع الخضروات من جميع الأنواع، وتصدر عن طريق الميناء.
ومن أهم صادرات ميناء بوشهر في منتصف القرن التاسع عشر البضائع القطنية، والصوفية، والقمح والتبغ. أما وارداته فتتمثل في الذخائر، والشاي، والنيلة. وترد إلى ميناء بوشهر سفن تركية وعربية من مسقط لتقوم بعمليات التبادل التجاري. فيصدر ميناء بوشهر إلى مسقط والهند السجاد، واللوز والحب، والقمح، والجلود، والقطن الخام.
ميناء بندر عباس:
ويقع ميناء بندر عباس في الجزء الأسفل من الخليج العربي على شاطئ رملي منخفض. ويطل على جزيرتي هرمز ولارك عند ملتقى الخليج العربي وبحر عُمان. وتحيط ببندر عباس مباشرة أراض جرداء. وأرض ميناء بندر عباس ثابتة، وهو في مأمن من الرياح من جميع الجهات باستثناء الجهة الجنوبية الشرقية. وعلى الرغم من أن أهمية بندر عباس كميناء بجنوب بلاد فارس قد نقصت بعد ازدهار بوشهر وتحسن الطريق المؤدي من شيراز إلى الداخل، إلا أن حركة الاستيراد والتصدير من بندر عباس إلى داخل بلاد فارس وخارجها كانت مستمرة.
أخيرًا فتؤكد المقالة على النشاط الذي شهدته الموانئ العُمانية في عُمان وشرق إفريقيا، والموانئ الفارسية في عملية التبادل التجاري والتي بدورها أدت لازدهار العلاقات التجارية العُمانية الفارسية. كما تنم هذه العلاقة عن وجود نظام للمعاملات التجارية بين عُمان وبلاد فارس، والمتمثل في أنواع البيع والشراء، والسلع الصادرة والواردة، ونظام الضرائب، والعملات والموازين.
كما أعطت المقالة معطيات للعلاقات الاجتماعية بين دول الخليج وبلاد فارس والمتمثلة في: الهجرات، والمصاهرة، والمجالات العمرانية، والعادات والتقاليد، وفنون الصناعات الفخارية والمعدنية. إضافة إلى وجود صور للعلاقات الثقافية بين هذه الكيانات والمتمثلة في وجود مفردات لغوية متبادلة وانتقال لبعض الأفكار الثقافية والمؤلفات.