array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 173

400 شركة هندية تعمل في السعودية و85 مليار ريال حجم التبادل التجاري المتبادل

الإثنين، 25 نيسان/أبريل 2022

يعدّ النمو المضطرد لاقتصاد الهند وتطلعاتها وطموحاتها في النفوذ السياسي، محفزًا لدراسة تاريخ هذه الدولة ومستقبلها، وعلاقتها بدول الخليج، وأثر تلك العلاقة على واقع هذه الدول حضاريًا واجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا.

لماذا الهند؟:

قد يتساءل أحدهم: لماذا الاهتمام بالهند؟ وبآسيا عمومًا؟ وهذا سؤال طبيعي في ظل انبهار العالم بالغرب، وقوة أمريكا، إلا أن العالم شهد تغيرًا سريعًا في السنوات الأخيرة، صعدت فيه الأسواق الناشئة خصوصًا في آسيا، ومن المرجح أن تُحرِز دول كالصين واليابان والهند تقدمًا وتصاعدًا مستمرًا.

ومنذ قرن تقريبًا، وتحديدًا في عام 1924م، تنبأ الجنرال الألماني كارل هاوشوفر Karl Haushofer   بقدوم عصر باسيفيكي مع إن آسيا تمتد إلى أبعد بكثير من الدول المطلة على المحيط الهادئ. فمن الناحية الجغرافية، تمتد آسيا من البحرين المتوسط والأحمر عبر ثلثي قارة أوراسيا وصولاً إلى المحيط الهادئ، فتضم بذلك 53 دولة وقرابة 5 مليارات نسمة، منهم 1.5 مليار نسمة فقط صينيون، ومن ثم فإن العصر الآسيوي سيبدأ عندما تتبلور قارة آسيا في كيان واحد أعظم من مجموع أجزائه المتعددة، وهذه العملية جارية الآن.

والهند من أهم دول آسيا الصاعدة، وتُنافِس الصين على الصعود في كثير من المجالات الاقتصادية، وتمتاز الهند بعدة ميزات من أهمها:

  • في الهند ثاني أكبر تجمع للمسلمين في العالم، وتحتل موقعًا هامًا في جنوب آسيا بين الصين وباكستان وبنجلاديش، إذ تشترك مع الصين في حدود يبلغ طولها أكثر من ألفين و500 كيلو مترًا.
  • يبلغ عدد سكان الهند أكثر من مليار ومئتي مليون نسمة (المركز الثاني عالميًا من حيث عدد السكان)، وفق إحصائية 2018م، وترسل عددًا هائلاً من اليد العاملة سنويًا للخليج.
  • تعتبر الهند ثالث أكبر اقتصاد في آسيا، وسابع أكبر اقتصاد على مستوى العالم في 2018م.
  • توضح الأرقام أن الاقتصاد الهندي يعد الأسرع نموًا في قائمة أكبر 10 اقتصادات في العالم 2020م.
  • بلغ حجم التجارة بين دول الخليج والهند نحو 94 ميار عام 2017م.
  • تمتلك الهند بنية صناعية هائلة تتنوع فيها الصناعات الرئيسة لتضم صناعات التعدين، الكيماويات، الإسمنت، المنسوجات، الصناعات الغذائية، الأحجار الكريمة والمجوهرات، المنتجات الجلدية، معدات النقل وغيرها من الصناعات.
  • تعد من أهم دول العالم في مجال البرمجيات.
  • تستورد الهند نحو 20% من احتياجها النفطي من السعودية لوحدها.

ولا يمكن إغفال الدور الحيوي لكل من الهند ودول الخليج وتأثيرهم الفاعل في المنطقة، فالهند تعد من القوى العالمية الناشئة، بينما يُنظر لدول الخليج على أنها ذات أهمية اقتصادية وجيوسياسية كبرى بالنسبة للقوى الدولية.

تاريخ العلاقات الهندية الخليجية:

وبالعودة إلى التاريخ فقد أشار الباحث مهند النداوي في دراسته عن وجود روابط تجارية قديمة جدًا بين حضارة هارابان وحضارة دلمون في الخليج، وأن بعض المواقع الأثرية في الشارقة توضح الروابط القديمة بين شبه الجزيرة العربية وشبه جزيرة الهند، كما أن نظام كتابة الأرقام العشرية المستخدم في الهند انتشر من خلال الحضارة العربية، ما يدل على الترابط الموجود بين الهند والعرب منذ القدم.

 كما يشكل الدين الإسلامي عاملاً مهمًا في التعامل بين سكان الهند والخليج العربي، إذ يشكل المسلمون في الهند ما نسبته 14.2في المئة من عدد السكان البالغ عددهم مليار وأربعمائة مليون نسمة تقريبًا. وزادت هجرة العمالة الهندية بشكل كبير في عصر بدايات النفط وما بعدها، وتوثقت بها العلاقة بين الهند ودول الخليج بشكل أكبر.

وقد مرت العلاقات الهندية بدول الخليج بفترات متذبذبة منذ الاستعمار البريطاني، لكن الحرب الباردة أدت إلى فتور العلاقة خاصة بعد انحياز الهند لروسيا بدلا من الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج. وفي السعودية، ومع اندلاع الثورة الإيرانية في عام 1979م، والغزو السوفيتي لأفغانستان، توطدت علاقات باكستان والسعودية، أكثر من الهند، أما في نهاية الحرب الباردة، والتحرير الاقتصادي في الهند عام 1990م، فقد تعمقت الشراكة الهندية والتكامل الاقتصادي مع دول الخليج التي أدركت من جانبها أهمية الإمكانات الاقتصادية للهند وقدراتها الدفاعية في المنطقة.

وقد ظلّت العلاقة بين دول الخليج والهند علاقة اقتصادية، تطورت مع مرور الزمن، وتقوّت تدريجيًا، حتى توسعت في الوقت الحالي، وأدت الزيارات المتبادلة بين رؤساء الهند وزعماء دول الخليج إلى دفع العلاقات إلى آفاق أرحب، وأسهمت في تأسيس أرضية صلبة ومناخ ملائم للعمل المشترك، وباتت الهند اليوم تشهد نمواً اقتصادياً لافتاً، ووجهة مغرية لرؤوس المال وصناديق الاستثمار في العالم.

وتُشكل الهند، من بين جميع القوى العالمية الراسخة والصاعدة، القوّة الإقليمية الأقرب جغرافيًا إلى منطقة الخليج، فيما تقع دول مجلس التعاون الخليجي ضمن أحد أهم المواقع الاستراتيجية في المحيط الهندي، أي على حدود الممرات الملاحية، التي تعبر فيها إمدادات الطاقة وغيرها من السلع بين الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا؛ وهو ما يجعل من منطقتَي الخليج وجنوب آسيا، منطقتين حيويتين، ومترابطتين استراتيجيًا.   

وفي الوقت الذي انشغل الإعلام فيه بالانخراط الصيني في دول الخليج إلا أنه حجب تحركًا آخر مهمًا للحكومة الهندية التي تعمل على تقوية روابطها الاستراتيجية مع الخليج وخصوصًا مع السعودية والإمارات. حيث تستورد الهند ثلث إمداداتها من النفط الخام من دول الخليج، وهي تحرص تمامًا على أمن مياه الخليج؛ كما أن النمو الاقتصادي الهندي قد يغري المستثمرين الخليجيين للعمل على مشاريع في البنى التحتية للهند. إضافة إلى أن هناك عاملاً محفزًا للتعاون الأمني يتطلب التعاون للحد من الأعمال الإرهابية.

وتتخطى هذه الروابط الدوافع الاقتصادية الواضحة، على غرار الاحتياجات الهندية من الطاقة والجالية الهندية الكبيرة في المنطقة، لتشمل التعاون الأمني. وهذا التقارب الهندي-الخليجي، قد يعيد تعريف العلاقة بين شبه الجزيرة العربية وجنوب آسيا في المستقبل القريب.

العلاقات الاقتصادية بين الهند والسعودية:

فقد وقعت المملكة اتفاقية تعاون اقتصادي وفني مع حكومة الهند عام 1980م، وتأسّس مجلس أعمال سعودي وهندي لتقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وتتنوع السلع المستورة من الهند من حبوب ومنتجات كيماوية عضوية و آلات وسيارات وأجزائها وغيرها من السلع. ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 150 مليار ريال وتغطي مجموعة واسعة من القطاعات.

وتشكل الجالية الهندية أكثر جالية أجنبية تنخرط في سوق العمل السعودي بنحو 3.5 ملايين هندي، وهي أكثر العمالة تحويلاً للمال إلى بلدها. وبحسب إحصاءات رسمية قاربت تحويلات الهنود من السعودية 10.5 مليارات دولار عام 2015م، إذ تعتبر المملكة إحدى الوجهات التي يفضلها الهنود للعمل لاعتبارات كثيرة، منها متانة ونمو الاقتصاد، إضافة إلى الاستقرار السياسي، وسرعة اندماج اليد العاملة في السوق المحلية، وتجاوزها لعوائق مثل اللغة والثقافة في وقت قياسي.

ويبلغ عدد الشركات الهندية العاملة في المملكة أكثر من 400 شركة. ووفقاً للأرقام الصادرة عن اللجنة المشتركة في اجتماعها الـ 12 الذي استضافته الرياض فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ في عام 2017م أكثر من 85 مليار ريال، حيث تمثل الصادرات السعودية إلى الهند نحو 67 مليار ريال، فيما تمثل الواردات السعودية من الهند أكثر من 18 مليار ريال.

إعلان الرياض ودلهي:

تحول تاريخي شهدته العلاقات السعودية الهندية، تمثل في إعلان (دلهي) عام 2006م، في عهد الملك عبد الله ثم (إعلان الرياض) عام 2010م، الذي مثل قيام الشراكة الحقيقية بين البلدين، وارتفاع قيم الاستثمار في الطاقة، وانعكاساته الإيجابية على مجالات التطوير والتقنية، وإيجاد المناخ الملائم للاستثمار والتعاون وتأسيس لجنة سعودية هندية تعمل على تحقيق المصالح المشتركة للبلدين الصديقين.

هذه الإعلانات -بحسب مراقبين- أتت لتأمين إطار استراتيجي للعلاقة الهندية - السعودية. وقد صدر بيان مشترك بمناسبة زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى جمهورية الهند، أكد فيه الجانبان على جملة من الأمور والقضايا المشتركة من أهمها:

"اتفاق البلدين على أنهما يتمتعان بعلاقات صداقة وود، تجسد الروابط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تمتد إلى عديد من القرون الماضية. وإن القرب الجغرافي، والروابط الحضارية، والتقارب الثقافي، والتواصل الطبيعي، والروابط الحيوية بين شعبي البلدين، وأن التحديات والفرص المشتركة قد أضافت زخمًا إلى الروابط القوية بين البلدين".

وبقراءة البيان يتضح التركيز على أهم القضايا كأمن الطاقة لدى الهند، وأمن المحيط الهندي، والحرب ضد الإرهاب، وتنسيق الجهود، والتعاون العسكري والدفاعي، وتوفير النفط، وتبادل المعلومات العسكرية والاستخباراتية، والتركيز على الدفاع البحري، وإجراء المناورات المشتركة، ونقل التقنية الهندية وتوطينها وخاصة في المجالات العسكرية.

نمو الهند

بلغت الهند المركز الخامس ضمن أكبر الاقتصادات العالمية في عام 2020م، بناتج محلي إجمالي يبلغ 3 تريليونات دولار، متجاوزة بذلك كلاً من فرنسا والمملكة المتحدة. وأتت ألمانيا قبلها في المركز الرابع، فيما حصدت اليابان الثالث، والصين في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وذلك وفقًا لخبراء مؤسسة "فوكس إيكونوميكس.

كما برزت الهند كخامس أقوى اقتصاد بحسب تقرير مركز World Population Review البحثي الذي يتخذ من العاصمة البريطانية لندن مركزًا له. وقال التقرير إن الهند تحولت إلى اقتصاديات السوق نائية بنفسها عن السياسات الأوتوقراطية التي كانت تنتهجها سابقًا في الاقتصاد، وأشار التقرير، الذي نشره موقع فايننشال إكسبريس، إلى أن حجم الاقتصاد الهندي بلغ 2.94 تريليون دولار.

 

وذكر تقرير World Population Review إن حجم الناتج المحلي الإجمالي الهندي 10.51 تريليون دولار متجاوزة اليابان وألمانيا.

ويعد قطاع الخدمات الهندي هو الأسرع نموًا في العالم، حيث يمثل 60 في المئة من اقتصاد البلاد، ويستوعب 28 في المئة من العمالة، بحسب التقرير. وقد أعربت مصادر اقتصادية عن توقعها وصول معدل النمو في الهند إلى ما يتراوح بين 6 و6.5 في المئة في العام المالي المقبل المقرر أن يبدأ في إبريل/نيسان المقبل.

من هذا المنطلق الاقتصادي والجيوساسي، والتقدم المرتقب والقادم بقوة للهند، هناك عدة فرص وتحديات في العلاقة الهندية بدول الخليج، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، وأهمها:

أولا/ الفرص 

يمكن النظر إلى أن السعودية ركزت على عدة جوانب في علاقتها مع الهند، كالجوانب الاقتصادية، والجوانب الدفاعية والأمنية، إضافة إلى الموازنة بين القوى الإقليمية والصاعدة في المنطقة، والتوازن في العلاقة مع الحلفاء الاستراتيجيين دون الإضرار بالعلاقات القائمة. ومن أهم الفرص في هذه العلاقة التالي:

الأهمية الجيوسياسية

حيث تمر نحو 50 في المئة من السفن التجارية في العالم عبر مضيق ملقا الذي يصل بين الهند والصين واليابان وإندونيسيا. وتتركز الأهداف الاستراتيجية الرئيسة للهند في حماية أمنها الخارجي والداخلي، وضمان حصولها على وصول عادل للسلع العامة العالمية وفي مقدمتها النفط

من دول الخليج، إضافة إلى مكانتها الاستراتيجية القديمة، وأنها نقطة تلاقي بحرية ونقطة ربط. كما إن ثقل الخليج يتزايد إذ تحتوي أرضهم على أكثر من ثلث احتياطات العالم من النفط والغاز، ولدى المملكة العربية السعودية أصول أموال ضخمة، وقوة شرائية كبيرة، ولها ارتباط باقتصاد الدول الصاعدة كالصين والهند. ويشكل الخليج عمومًا، والسعودية حجر الزاوية في التنافس ومحاولة النفوذ الإقليمي بين الهند والصين فيما يخص أمن الطاقة وأمن الممرات البحرية.

الاقتصاد

أظهرت الأزمات العالمية هشاشة اقتصاديات الغرب، الأمر الذي يدفع إلى تنويع الاستثمارات والاتجاه نحو الشرق المتصاعد، والاستثمار في الدول التي تشهد معدلات نمو مرتفعة وفيها مخاطر متدنية وعوائد مرتفعة على المدى الطويل كالهند. وهناك توقعات بانتقال مركز الثقل الاقتصادي العالمي بتبعاته الأمنية والسياسية إلى آسيا في منتصف القرن الحادي والعشرين، ما يعني إعادة توزيع النشاط الاقتصادي في العالم، والمنافسة قوية على آسيا وبناء علاقات فيها.

الطاقة

لدى الهند احتياج متزايد للطاقة، إذ يعيش جزء من سكان الهند بلا كهرباء، ونسبة أخرى تعاني من انقطاع الكهرباء، في الوقت نفسه أعلنت السعودية مؤخرًا عن اكتشاف مهم ومذهل في حقول الغاز. ولدى دول الخليج – والسعودية خاصة – وفرة في موارد الطاقة، ويتمتع الخليج بمكانة استراتيجية بالنسبة للهند لقربه الجغرافي ولموارد الطاقة هناك، ويعد الخليج ركنًا أساسيًا في استراتيجية الهند البحرية في المحيط الهندي في جزء ما تسميه الهند سلسلة اللؤلؤ التي ترى أن الصين تسعى لتطويقها وتحييدها عنها، ووجود العمالة الهندية التي تحول أموالاً ضخمة لبلادها.

يعتمد صعود الهند على إمدادات كافية ومضمونة من الطاقة لتصبح قوة كبرى عالمية وتحافظ على نمو ثابت بين 8 و10 في المئة سنويا خلال العقدين المقبلين وهذا يتطلب كميات وافرة من النفط والغاز.

ثانيًا/ التحديات: 

العلاقة مع الصين

أول هذه التحديات أن هناك تنافسًا دؤوبًا بين الصين والهند في المنطقة وسعي كل دولة منهما في تأمين مصالحها ورؤيتها أن بعض مصالحها تتعارض مع الأخرى، ووقوف السعودية بين البلدين في جانب تطوير العلاقة.

إذ مع اتجاه المملكة العربية السعودية إلى الشرق قبل أكثر من عقد، وتوسّعها في علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع الصين، برزت المملكة بوصفها ساحة جديدة للمنافسة بين نيودلهي وبكين. فإضافة إلى التنافس على موارد الطاقة، فإن السياسة الإقليمية للهند تتأثر بالنفوذ الأمني المتنامي للصين في منطقة الخليج. وعزّزت السعودية شراكتها الإستراتيجية مع بكين، وأبرمت عدة اتفاقيات اقتصادية معها، كما وقعت اتفاقيات مهمة مع نيودلهي.

تتشارك الهند والصين في الطموحات الكبيرة والطمع في النفوذ الإقليمي والدولي، وتعتبر الهند أن التوازن مع الصين مسألة ذات أولوية لديها، وتخشى الهند استخدام الصين مواردها الوطنية الشاملة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والثقافية والمؤسسية لتحويل توازن القوة العام في آسيا لمصلحتها عبر التحالفات والشراكات مع دول الخليج والمحيط الهندي، كما تخشى الهند تطوير العلاقات بين الصين وإيران إلى شراكة استراتيجية وتعميق الروابط بين الصين وباكستان.

ويعتقد الهنود أن الصينيين يعملون على تطويق مشروع "سلسلة اللؤلؤ" الهندي، بمعنى قيامهم بإنشاء سلسلة من المواقع التي تمكن القوات البحرية الصينية أن تعتمد عليها، أو بنية تحتية للدعم في مواقع استراتيجية على طول الممرات البحرية للاتصالات، مما يحيد ميزة الهند الجغرافية. وفي المقابل نجد الهند موجودة بحريًا بشكل مواز للصين في الهندي وتعمل دائمًا على تقوية بنيتها التحتية فيما يخص الموانئ البحرية. وفي ظل هذه المنافسة بين الصين والهند، يأتي السؤال عن كيفية الموازنة بين العلاقة السعودية بكلتا الدولتين؟

العلاقة مع الباكستان وإيران

ثاني هذه التحديات كامن في العلاقات الإيرانية الهندية وتأثيرها على العلاقات الهندية السعودية، وهناك تحد آخر يتعلق بالعلاقات التقليدية مع باكستان، وإمكانية الموازنة بينها وبين الانفتاح على الهند.

العلاقة مع باكستان

اهتمّ المحللون السياسيون وبعض مراكز الأبحاث بتصاعد العلاقات السعودية الهندية مؤخرًا، وما تزال الهند تنظر لدول الخليج بأنها على علاقة وثيقة بباكستان، وأن هذا الأمر من المعوقات لتطوير العلاقة الاستراتيجية مع دول الخليج. فالمملكة وقعت اتفاقية دفاع مع الهند في 2014م ومع ذلك لم تطلب منها صراحة التدخل فيما يهدد مصالحها في التحالف ضد الحوثي، في حين طلبت من باكستان ذلك صراحة.

وتعوّل الهند دائمًا في هذه المسألة على الدعم الأمريكي لها بخلاف باكستان، وبخاصة في أحداث روسيا وأوكرانيا التي صعّدت فيها باكستان ضد أمريكا بعكس الهند. وتشكلّ علاقة باكستان بالسعودية تحديًا للعلاقة السعودية الهندية بالنظر للوضع المعقد بين الهند وباكستان.

العلاقة مع إيران

تسعى الهند دائمًا إلى أن تكون محايدة ومحافظة على علاقاتها مع جميع الدول، وحرصت أن تحتفظ بمسافة جيدة مع الشركاء والحلفاء، وفي علاقتها مع السعودية يمكن أن تتبلور ضمن إطار تبادل المصالح رغم توتر العلاقة بين السعودية وإيران، وفي الوقت نفسه متانتها بين الهند وإيران.

تسعى الهند إلى تأمين مصادرها من الطاقة، وإيران هي المصدر الثاني للنفط بعد السعودية بالنسبة للهند، كما تستورد إيران معدات عسكرية ذات أصل روسي من الهند، وبينهما تعاون عسكري بحري.

وتربط الهند بإيران علاقة جيدة، ولم يسبق أن حصلت بين البلدين مشكلات، أو توترات، وهناك تعاون واتفاقيات عسكرية بين الهند وإيران، بعكس السعودية التي وصلت إيران في التصعيد معها إلى مستويات قياسية.

الخلاصة:

وهكذا يتبين مدى سرعة وقوة قدوم آسيا كقوة عملاقة في السنوات القليلة المقبلة، بمختلف دولها واقتصاداتها، فالدراسة المبكرة لعلاقة دول الخليج بدول آسيا – ومن بينها الهند – تمهّد الطريق لاستشراف مستقبل العلاقة ووضعها في الإطار الصحيح الذي يخدم دول الخليج وفي مقدمتها المملكة.

وتمتاز العلاقات السعودية الهندية بالنمو الملحوظ، وهي علاقة متطورة أحرزت تقدمًا جيدًا لتشمل التعاون الأمني، كما يُعد تعزيز العلاقات بين الهند والمملكة العربية السعودية مسألة حيوية لكلا البلدين. وفي الوقت نفسه، تشكّل تحديات العلاقة ملفًا مهمًا للجانبين يراعي التغيرات والمؤثرات المحيطة، ويؤثر هذا الملف بشكل أساسي على مستقبل العلاقة.

مقالات لنفس الكاتب