array(1) { [0]=> object(stdClass)#12958 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 177

التعاون العسكري الروسي ــ الخليجي مٌلح لمواجهة سراديب الحرس الثوري الإيراني

الأحد، 28 آب/أغسطس 2022

تتسم العلاقات الدولية في الغالب بالصداقة وقد تتسم بالعداوة إن كان هناك تعارضًا وتباينًا فيما بين أطرافها. وهذا ما يدفع دولة ما إلى رسم سياساتها وهي على بينة من مصالح خصومها. وحين زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بلوسي تايوان يوم الثلاثاء 2 أغسطس 2022م، قفزت إلى أولويات تفسير ما حدث ما يعرف باستراتيجية «الاحتواء»  Containment strategy أو سياسة الاحتواء - Containment Policy، وهي أولى الاستراتيجيات التي اتبعتها الولايات المتحدة في مواجهة الاتحاد السوفيتي و اتبعتها إبان الحرب الباردة لمنع انتشار الشيوعية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وصيغت استراتيجية «الاحتواء» في برقية عام 1946م، من قبل الدبلوماسي الأمريكي جورج كينان خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي هاري ترومان. كوصف للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، ونشأت الكلمة في تقرير قدمه كينان إلى وزير الدفاع الأمريكي جيمس فورستال في عام 1947م. و يمثل الاحتواء موقفًا وسطًا بين الانفراج واسترخاء العلاقات والتراجع. ثم تخّلت  واشنطن عن سياسة الاحتواء و اختارت الحروب في تحقيق أهدافها. وقد استمر ذلك طوال أول عقدين من القرن 21  بتقديري تُريد أمريكا الآن سرعة العودة لسياسة الاحتواء، بعد أنْ فشلت في سياسة الحروب، وفي سياسة توظيف الجماعات المسلحّة والإرهابية، وبعد ما أدركت بُعد وعُمق التغييرات السياسية و الاقتصاديَة و الاجتماعية التي شهدها العالم، فهل عادت الولايات المتحدة لسياسة الاحتواء.

الخليج في أهداف سياسة الاحتواء الغربية لموسكو وبكين

­­­­ الحق أن واشنطن والغرب لم تتوقف عن العمل على تأمين الدعم لدول الخليج وإن كان متأرجحًا بين الإدارة الجمهورية والإدارة الديموقراطية والمترددة والأنانية التي لم تكن في مزاج تقارب مع العواصم الخليجية. وهذا الدعم حين يوجد هو لضمان عدم مقدرة بكين وموسكو من كسب دول الخليج خاصة بعد صفقات السلاح الصينية والروسية مع دول خليجية عدة خلال العامين الماضيين، وإن كانت سياسة العزل والاحتواء أقل ظهورًا من التهديد المباشر ليس لبكين وموسكو بل لدول الخليج عبر تهديد واشنطن بأنها ستفرض عقوبات على من يتعامل مع شركات دفاع روسية أو صينية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن واشنطن قد خفضت من حدة رفضها للتواجد العسكري الروسي حول الخليج وليس كما تم في الحرب الباردة وهي إبقاء الاتحاد السوفياتي ضمن الحدود العسكرية التي رسمت في نهاية الحرب العالمية الثانية، فالروس في سوريا والصين قد وقعت صفقة الربع قرن مع طهران وتتضمن بناء قواعد في إيران وتدريب 100 عسكري إيراني سنويًا كما أن لها تواجد في الإمارات العربية المتحدة. وعليه فما يجري ليس سياسة احتواء كالسابقة.

 هل عادت سياسة الاحتواء المزدوج!

تطور ما يعرف باستراتيجية «الاحتواء»  Containment strategy أو سياسة الاحتواء        - Containment Policy؛ وابتدعت واشنطن سياسة الاحتواء المزدوج Dual containment والتي كانت سياسة رسمية لها تهدف إلى احتواء العراق البعثي وإيران الثورية. وصاغ  المصطلح لأول مرة رسميًا في مايو 1993م، مارتن إنديك السفير الأمريكي لدى إسرائيل لفترتين نهايتها 2000م، وفي 2001م، عيّن مبعوثًا للسلام في الشرق الأوسط حتى 2013م، وتم الإعلان عن سياسة الاحتواء المزدوج رسميًا في 24 فبراير 1994م، في ندوة لمجلس سياسة الشرق الأوسط من قبل إنديك، ويقال أنها  لم تأت بجديد في جوهر سياسات واشنطن لجعل كل من إيران والعراق أقل قوة منها في المنطقة، فركّزت أمريكا على دعم العراق بعد أن كانت تدعم إيران، ثم انتهت حرب  تحرير الكويت ، فصار الجديد في سياستها هو السعي لإضعاف الطرفين معًا. لكن في أعقاب حرب تحرير العراق 2003م، أصبح الاحتواء المزدوج لإدارة حالة متداعية؛ حيث لم يعد العراق موجودًا كفاعل استراتيجي ذي صلة، بل نما النفوذ الإيراني في تلك الدولة وامتد إلى كل من سوريا ولبنان واليمن. لذا اضطرت أمريكا إلى تكريس اهتمامها العسكري والسياسي ليس فقط للحفاظ على حكومة بغداد المهتزة، ولكن أيضًا لمقاومة القوة الإيرانية في المنطقة. وعليه فيمكن القول دون تردد إن واشنطن أخفقت في إدارة سياسة "الاحتواء المزدوج".  ثم تراجعت سياسة (الاحتواء المزدوج) في هدوء أكثر من الهدوء الذي صاحب طرحها كما اختفت من القاموس الدبلوماسي الأمريكي؛ فهي لم تفلح في تحقيق الهدف مرة أخرى ؟؟, بل إنها أضرت بالمصالح الأمريكية وأثارت خلافاً طويلاً وصعبًا مع الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية التعامل مع إيران. فسياسة (الاحتواء المزدوج)  كما يرى محللون غير عملية وغير منطقية  لإنها لم تفلح في تحقيق هدفها حيث أن أي سياسة تحارب نفس العدو على مدى قرابة عشر سنوات يمكن تعريفها بأنها فشل ذريع.

والآن يبدو أن واشنطن تطبق سياسة (الاحتواء المزدوج) ـ رغم ما خالطها سابقًا مع العراق وإيران من شوائب ــ والآن مع الصين وروسيا رغم ما بها الكثير من عوامل ضعف بنيوي منها أن سياسة الاحتواء المزدوج كانت تتيح للأقطاب الدولية المنافسة، كأوروبا وروسيا والصين، الحلول محل الولايات المتحدة في المشاريع التجارية والاستثمارية في إيران والعراق، والآن هناك من هو مستعد للتعاون مع الصين وموسكو ومن ذلك دول الخليج التي يبدو أنها قد خطت خطوات جسورة في هذا الاتجاه.

 الخليج و احتواء الغرب للصين

  لتوافق كبير في مصالح الجانبين شهدت العلاقات الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي تطورات نوعية مع الصين، كمحصلة لتحولات ضخمة على مستوى النظام العالمي، ومحصلة لحزمة من التحولات التي تزامنت وتداخلت مع بعضها بشكل مكثف خلال السنوات الأخيرة. وشهدت السنوات الأخيرة استحداث أطر لإدارة العلاقات السياسية والاستراتيجية بين الجانبين، أبرزها الحوار الاستراتيجي مع طموح لتتجاوز الطابع الاقتصادي كمبادرة الحزام والطريق وتأثيرها في الخليج، وإعطاء القضايا الأمنية وزناً متزايداً كالقاعدة العسكرية الصينية في الإمارات. لقد حملت ملفين مهمين حين يممت وجهها للخليج وهما خلق أسواق لمنتجاتها وتوفير نفط بسعر مقبول يدعم مسعاها بعد أن يممت واشنطن وجهها شرقًا فيما تتجه بكين للخليج وإيران والصهاينة.

ولتلك الاستدارة الصينية تبعات محسوبة لدى صانع القرار الصيني والخليجي، فتطور العلاقات الخليجية ـ الصينية مشجع لدول أخرى للتفاعل الإيجابي مع الصين وقد يكون تحرك تلك الدول منافسة للخليجيين أمام بكين ومن ناحية أخرى سيزيد نفوذها السياسي مما يضعف الخليجيين أمام المفاوض الصيني اقتصاديًا وأمنيًا، والمخرج من ذلك هو بقاء اليد ممدودة للغرب لموازنة التواجد الصيني للمساومة أو لدرء توسع نفوذها سلبيًا، حيث أن توسع نفوذها يعني تواجد أساطيلها العسكرية لحماية أساطيلها التجارية، ما قد يؤثر سلباً على الملاحة الدولية جراء التنافس الدولي في الخليج العربي.

 في ذهن صانع القرار الاستراتيجي الأمريكي توطنت قناعة أن عليها الاستعداد للتغلب على التحدي الأكبر والهادف الذي تمثله الصين. لذا عادت كما أشرنا في البداية إلى سياسة الاحتواء وكان منه زيارة نانسي بيلوسي لتايوان وإن كنا نقر الزيارة من منظور مقارب فقبل عقد كان يحكم العالم كهول قساة القلوب منتجهم الطغيانالآن يحكم العالم كهول وعجائز مشوشين منتجهم التخبط، لتناقض توصيات المستشارين، وصارت الإنجازات على المستوى المعنوي في مجال الاحتواء أكثر من الإنجاز العملي فالديموقراطيون لايحبون الحروب أصلاً ، من مؤشرات أن ما تم هو لاحتواء الصين وأن الزيارة مثلت  نجاح مطالب المتشددين في الكونجرس لإنهاء سياسة "الغموض الاستراتيجي لأمريكا تجاه تايوان والصين. وهي في جانب منها تنفيس للغضب الأمريكي من نجاحات الصين. ويبدو أن صانع القرار السياسي الصيني فهم مغزى الاحتواء الجديد فكان رد بكين على مسارين الأول موجه لتايوان والثاني لواشنطن وكان الرد على تايوان هزيلاً بكل المقاييس، وتمثل في تعليق استيراد بعض أنواع الفاكهة والأسماك من تايوان وتصدير الرمال الطبيعية إلى الجزيرة. بدل ما كان متوقعًا من كثير من المحللين مثل توغل الطائرات الحربية الصينية الكبيرة ليستنفد قدرات سلاح الجو التايواني. ولم يحصل، أو تحليق طائرات حربية فوق تايوان مما أجبر الحكومة التايوانية على اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستسقطها أم لا.  أو اختبار الصواريخ بالقرب من تايوان، وهذا أكثر ردود الصين استفزازاً، مما أدى إلى تعطيل الملاحة والحركة الجوية. أو عقوبات اقتصادية فالصين هي الشريك التجاري الأكبر لتايوان.  كاستيراد المواد الغذائية من أكثر من 100 مورد تايواني، لكن يجب على الصين أن تخطو بحذر لأنها تحتاج إلى تايوان لأشباه الموصلات، كما توقعوا الاحتجاج الدبلوماسي، وخلق انتكاسة «خطيرة» في العلاقات الصينية - الأمريكية بسبب رحلة بلوسي  كاستدعاء بكين سفيرها في واشنطن، أو الاستيلاء على جزيرة واحدة من الجزر الصغيرة النائية التي تسيطر عليها الحكومة التايوانية. أما المسار الثاني الذي اتبعته بكين لتبديد خطر الاحتواء الأمريكي فكان موجه لواشنطن نفسها، لكن المؤسف أن دول الخليج كانت ضحية هذا المسار، رغم أن الخليجيين التزموا الصمت بشأن زيارة نانسي بلوسي لتايوان بعكس الايرانيين مثلاً حيث علقت الخارجية الإيرانية على الزيارة على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية  ناصر كنعاني أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وانطلاقًا من ثوابتها في السياسة الخارجية، تلتزم باحترام وحدة أراضي الدول الأخرى، وفي هذا الإطار، فإن دعم سياسة الصين الواحدة يشكل أمرًا بديهيًا"، معتبرًا أن السلوك الاستفزازي الأخير من جانب المسؤولين الأمريكيين، والتدخل في شؤون جمهورية الصين الشعبية وانتهاكهم لوحدة أراضي هذا البلد، يعد "أحد نماذج التدخلات الأمريكية في شؤون المناطق والدول المختلفة بالعالم، الأمر الذي لم يؤد سوى إلى الفوضى وتأجيج الخلافات، وعليه فإنه إجراء مدان".

فماذا فعلت الصين للخليج كرد على زيارة بلوسي لتايوان رغم حكمة الصمت الخليجية!!

لقد تركت بكين جميع شفرات مروحة الخيارات في التحركات التي توقعها الأغلبية، وردت على أمريكا بصفعة سمعت في الخليج ففي الأمم المتحدة قال المندوب الصيني أمام المؤتمر العاشر لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية أن بكين ترفض المعايير المزدوجة في مجال حظر الانتشار النووي، كما عبر عن رفض الصين ممارسات الضغط بالعقوبات والتهديد باستخدام القوة على إيران، وأضاف، على الولايات المتحدة أن ترفع بالكامل عقوباتها غير القانونية ذات الصلة على إيران وتدابير الولاية القضائية طويلة الذراع على الأطراف الثلاثة. يعني ذلك أن دول الخليج العربي هي الخاصرة الرخوة لأمريكا، حيث لم يجدي التعاون الاستراتيجي وطريق الحرير نفعًا حيال الصين فهناك ميل لإيران خصوصًا بعد توقيع صفقة الربع قرن بين الصين وإيران، كما يعني دفاع الصين عن إيران في 2 أغسطس 2022م، وهو يوم وصول بلوسي لتايوان ان استخدام الخليج للضغط على واشنطن سيفتح الطريق لغيرها، ويوكد صدق تهديدات أذناب إيران بالانتقام من أمريكا في الخليج.

وبما أن "الاستراتيجية" هي الميزة الجلية للعلاقات الصينية- الخليجية، فينبغي توثيق وتعزيز التعاون الأمني ليس في مكافحة الإرهاب وتسوية النزاعات الإقليمية وإنشاء آلية السلام والثقة لمنطقة الخليج  فحسب بل وغير ذلك من المجالات الأمنية كالتواجد الفعلي والمناورات؛  فإطلاق  التعاون الأمني الخليجي الصيني يعني إطلاق القوة المتأصلة الجبارة للشراكة الاستراتيجية بين الجانبين. ولأن من متطلبات الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والصين وجود آليات للحوار الصريح وحول القضايا الأمنية يجب أن تصل بكين رسالة مفادها أنه لايعجبنا في الخليج كون أمن الخليج في القاموس الصيني يعني الحصول على الحماية المجانية من أمريكا والناتو لسفنها التجارية، على الرغم من المنافسة المتزايدة بين بكين وواشنطن، وهذا الترتيب يُظهر براغماتية بكين الحادة وغير المقبولة خليجيًا مقارنة بتواجدها الأمني في مضيق ملكا وفي بحر الصين وحتى في أجزاء من البحر الأحمر.  فدول الخليج تمثل مركزًا حيويًا في إمدادات الطاقة العالمية وسوقًا ذا قوة شرائية كبيرة. وهناك تهديدات مشتركة لكلا الجانبين يسعى كل منهما سواء بشكل منفصل أو مشترك على إيجاد حلول لها. وهناك فرصًا يمكن توظيفها لتوسيع التقارب الأمني والعسكري بين الجانبين مثل البدء بالتعاون على مجابهة التهديدات المشتركة، والتحرك في مجابهة تهديدات التنظيمات الإرهابية، والعمل المشترك على تأمين الممرات الملاحية.

 

  الخليج احتواء الغرب لروسيا    

مثلت العلاقات الخليجية ــ الروسية.. عقبة رئيسية أمام خطة عزل موسكو دوليًا، وقد جاء هذا الدعم الخليجي لموسكو لان دول الخليج تسعى إلى تنويع شراكاتها الدولية مع الانسحاب الأمريكي التدريجي من المنطقة. ولتدهور علاقات السعودية والإمارات مع واشنطن في العامين الماضيين بسبب خلافات حول صفقات الأسلحة وقضايا حقوقية وقانونية مختلفة. فكان أن امتنعت الإمارات إلى جانب الصين والهند عن التصويت على قرار في مجلس الأمن يدعو إلى مغادرة القوات الروسية لأوكرانيا ولعل هذا الموقف يعود لكون دول الخليج تعتبر أن اتفاقية "أوبك+" تصب في مصلحتها لأنها تحافظ على ارتفاع الأسعار التي تفاقمت أيضًا مع الغزو الروسي لأوكرانيا. وهو غزو أوصل بوتين به دول الغرب إلى قناعة أن الاحتواء بالشكل القديم لا يمكنه الاستمرار، والمخاطر لا ينبغي أن تكون عالية لهذا الحد، رغم أنه كان من المفترض أن تكون من المخاطر المحسوبة، فتوسع الناتو في أوروبا الشرقية، كان يشير حتى للمتابع العادي أنه سيؤدي حتماً إلى رد فعل عنيف من جانب حكومة روسيا ولن يفلح احتواؤها بالأسلوب القديم مرة أخرى. وفي الخليج العربي هناك دوافع منطقية في تفهم موقف روسيا من الحرب، رغم أنها هي نفسها روسيا التي كانت دائماً في المعسكر المناوئ للخليج، لكن هذا لا يمنع وجود من لا يتفهّم بوتين، فكيف ننسى جرائمه بالشيشان وسوريا؟ وكيف ننسى أن الشرعية الدولية قد أعادت الكويت في ظروف مشابهة؟ ولأن السردية الروسية للحرب تركّز على شرور الليبرالية الغربية، والقوى الغربية دور العملاق جالوت وروسيا دور المظلوم داود. كما أن الأصوات العربية الموالية للغرب تلتزم الصمت المطبق خوفاً من الشارع والغرب يخسر بسبب ذلك فقط. لذا على مستوى صناع القرار السياسي الخليجي يرون أنهم لو واجهوا وضعاً مماثلاً لما واجهه بوتين لتعاطوا معه وفقاً لمقاربة بوتين نفسها. ويتفهمون أن الروس شركاء في «أوبك بلس» وأن العلاقات الأمريكية -الخليجية قد وصلت إلى أدنى مستوياتها.

في يوليو 2019م، طرحت موسكو "أفكارًا أولية تتطلب مناقشة ودراسة إضافية"حول مجموعة إجراءات من شأنها تأمين الملاحة في الخليج وبناء الثقة بين دول المنطقة والحفاظ على الاستقرار الإقليمي. وكأنها العقيدة الروسية لأمن الخليج واحتوت 5 بنود، وتتضمن  فقرات عامة عن التخلي عن استخدام القوة في حل المسائل الخلافية، و الشفافية في المجال العسكري، و التحكم بانتشار الأسلحة، وعدم الانتشار النووي  وتحويل الخليج لمنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة الإرهاب و الاتجار غير المشروع بالأسلحة، كخطوات لإنشاء منظمة للأمن والتعاون بالخليج تشمل الدول الإقليمية وروسيا والصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند، وغيرها من الأطراف الدولية المعنية بصفة مراقبين أو أعضاء المنتسبين، وفق البيان.

كان هذا هو مفهومه للأمن الجماعي في الخليج، رغم أنها بشكل ما جعلت دول الخليج تختار معسكر بوتين في حرب أوكرانيا، وإن كان في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أكبر. لكن في تقديرنا أن التعاون العسكري بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، مطلب ملح في مجال واحد هو فقدان دول الخليج لقدرات صاروخية ذات تأثير على صنع القرار في سراديب الحرس الثوري الإيراني، ودول المجلس تعاني قصورًا كبيرًا على مستوى نظام التسلح في قدراتها الصاروخية التي لا تساوي شيئًا أمام مجالات التسلح الصاروخي الإيراني. ويعود السبب أن الغرب قيد قدرات الخليجيين الصاروخية لعقود خوفًا من استخدامها ضد إسرائيل. وقد نجح الجميع في الإفادة من كل من روسيا والصين وكوريا الشمالية في تطوير قدراتهم الصاروخية الباليستية، ودول مجلس التعاون الخليجي معنية بدورها من الإفادة من الروس  باستيراد صواريخ روسية يتبعها  توطين تكنولوجيا الصواريخ، والاستعانة بالخبرات الروسية لتأسيس صناعة صاروخية

لقد حافظ الخليجيون، على حياد إيجابي بين الغرب وروسيا، وكانت أهم مظاهره عدم خرق اتفاقات مجموعة «أوبك بلس» التي تضم روسيا حول معدلات إنتاج النفط، ضاربة عرض الحائط بالتنديد والتهديد والابتزاز الغربي ثم التودد بزيارات جونسون وماكرون وبومبيو، وبايدن حيث رفضت مطالبهم لإكمال الطوق الاقتصادي الخانق لموسكو عبر زيادة الإنتاج وخفض أسعار النفط. بل وشرعت الأبواب لموسكو عبر الاجتماع مع وزير الخارجية الروسي رداً لحسن التواصل الروسي مع الخليج، فموسكو بدت مهتمة بصون علاقاتها مع دول مجلس التعاون، يدعم ذلك تأكيد لافروف للخليجيين أن البحرية الروسية ستضمن مروراً آمناً لسفن الحبوب والأسمدة إلى البحر الأبيض المتوسط، وصولاً للخليج عبر قناة السويس مما يعني تجاوز مسألة انقطاع القمح الروسي والأسمدة التي نحتاجها.التحرك الخليجي المتوازن دفع الإدارة الديمقراطية إلى ارتداء رداء الخطائين التوابين استراتيجياً حيث نرى واشنطن وهي تهرول عائدة بقوة في مقاربة لترميم علاقاتها مع حلفائها العرب والخليجيين،  

مستقبل مسارات الاحتواء المزدوج

يوجد هناك مسارين للاحتواء الأمريكي للصين وروسيا ، فالاحتواء الأول ساحته العالم كله ، أما الاحتواء الثاني وهو الذي يهمنا  فهو احتواء بكين وموسكو على ضفاف الخليج .ولينجح  الاحتواء الأمريكي بشكل فعال يتطلب ذلك الحفاظ على قوة الولايات المتحدة العسكرية جاهزة  في القواعد التي ترصع الساحل الغربي للخليج، وهذا عكس مايجري حاليا فالولايات المتحدة في مراحل انسحاب أو إعادة تموضع، وهو وجود هش بدليل العبث الإقليمي الإيراني، ودفعنا للتعاون فيما بيننا أو مع الصهاينة. أما الأمر الثاني لكي ينجح الاحتواء الأمريكي فهو الإصرار على فصل الاقتصادات الغربية  والحليفة مثل دول الخليج عن روسيا، ومع ما يجري في اوبيك بلس يبدو أن ذلك عسير المنال ؛ أما الأمر الثالث فهو عزل موسكو وإلباسها نفس رداء الدولة المارقة الذي ألبسته طهران وبغداد خلال تطبيق سياسة الاحتواء المزدوج Dual containment  وهذا صعب المنال وأول من سيتعامل مع الطرفين هي دول الخليج.

مقالات لنفس الكاتب