لطالما لعبت قضية أمن الطاقة دورَا محوريًا في العلاقات بين الولايات المتحدة والدول الخليجية. كما تسببت الهجمات المتكررة على المنشآت النفطية داخل المملكة العربية السعودية والإمارات على مدار الأعوام الماضية، في جعل مسألة تأمين البنية التحتية للطاقة محور اهتمام دول المنطقة، التي باتت تتوقع من واشنطن اتخاذ رد فعل أكثر جدية وحسمًا حيال تلك الهجمات.
وتشهد المرحلة الحالية توافقًا في المصالح بين المملكة العربية السعودية -أكبر مصدر للنفط عالميًا -وروسيا فيما يتعلق بمجريات أسواق النفط، ولهذا السبب، وبرغم من مطالب الولايات المتحدة وغيرها من الدول المستهلكة للطاقة، حافظت المملكة على سياساتها النفطية الراهنة، والاهتمام فقط بتحقيق مصالحها.
كما ساهمت أزمة الطاقة الراهنة في تعظيم الدور الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية، ومنظمة الدول المصدرة للنفط " أوبك " على صعيد أسواق الطاقة العالمية. ولم تقتصر استفادة الدول المنتجة من ارتفاع أسعار النفط على زيادة عائداتها من النقد الأجنبي فحسب، بل ساعدت أيضًا في توفير الشروط اللازمة من أجل تنفيذ خطط تنمية طويلة الأجل في الداخل.
ومع دخول العلاقات الأمريكية-العربية مرحلة جديدة، وتعزيز الرياض علاقاتها الثنائية مع كل من موسكو وبكين، أصبح ميزان القوى الإقليمي متماشيًا مع المصالح الوطنية للمملكة العربية السعودية. ومن المؤكد أن يتسبب هذا المناخ الجديد في إثارة أزمة جديدة بالداخل الأمريكي، الذي يشهد انقسامًا أيديولوجيًا حادًا في الفترة التي تسبق انتخابات التجديد النصفي. وفي حال تم تقاسم السلطة بين الحزب الجمهوري وغريمه الديمقراطي، قد ينجم عن ذلك مزيد من الاضطرابات. ومن ثم معايشة فترة من الاقتتال السياسي قبل انعقاد الاستحقاق الرئاسي المقبل، من شأنها تقويض قدرة الجمهورية الأمريكية في عام 2024م، على حل أي أزمة.
وتعد استراتيجية الطاقة جزءًا من استراتيجية التنمية والأمن القومي للدول. ومن الناحية النظرية، تتأثر الطاقة واستراتيجيتها -كغيرها من القضايا الرئيسية الأخرى في العلاقات الدولية-بالصراع بين فضاءين، أو وجهات النظر والاتجاهات المتباينة، ضمن النظام الدولي الحالي، الذي يدفع الدول صوب طريق التنمية، وتعظيم القدرات، ومواجهة خيارات مزدوجة.
وفقًا للمنظور القائم على التفاعل البناء، فإن توسع دور الدول المنتجة في عملية تأمين إمدادات الطاقة العالمية يساعد على حماية أمنها القومي، ومن ثم فإن ذلك التفاعل الذي يجمع بين تأمين إمدادات الطاقة للمستهلكين من جهة، وتأمين استمرار الطلب على المنتجين، من جهة أخرى، من شأنه تحديد مدى الترابط والاعتماد المتبادل فيما بينهم. كذلك فإن طريقة وأشكال التفاعل المتبعة خلال عملية الاتصال المتبادل بين كبار المنتجين، والمستهلكين للنفط والغاز عالميًا، فيما يتعلق بمصادر الطاقة ورؤوس الأموال، والتكنولوجيا والأسواق، -التي تصل بهذا التواصل إلى الحد الذي يصبح معه راسخًا في دورة خلق القيمة، بداية من الإنتاج إلى التوزيع والبيع-ستتيح دورًا ومساهمة أكبر في توفير الأمن المتبادل. وبناء على ذلك، فإن أحد عوامل ضمان الأمن القومي للدول المنتجة للطاقة يكمن في خلق فضاء للاستثمار الحر واستمراريته، وإدخال التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى تواجد خبراء دوليين في البلدان التي تتمتع باحتياطيات نفطية للحفاظ عليها، وتطوير دورها في أسواق الطاقة.
أهمية النفط والتجارة
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن حجم التجارة بين روسيا، ودول مجلس التعاون الخليجي تضاعف خلال عام 2021م، ليتجاوز 5 مليارات دولار أمريكي، مقابل 3 مليارات دولار في 2016م، معظمها مع المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات. وتتزعم الرياض وموسكو التحالف النفطي "أوبك بلس" وتتوليان الإشراف عليه، فيما شهدت الأعوام الأخيرة تعزيز التعاون الثنائي بين الجانبين في مجال ضبط الإنتاج وارتفاع الأسعار.
وقد ساهم ارتفاع أسعار النفط في زيادة النمو الاقتصادي للدول العربية، وإتاحة إمكانية تسريع مشاريع وبرامج البنية التحتية مثل-وثيقة المملكة العربية السعودية 2030-لتقليص اعتماد الاقتصاد الوطني على الدخل النفطي على المدى الطويل. كما حقق الاقتصاد السعودي أعلى وتيرة نمو له منذ عام 2011م، خلال الربع الثاني من العام الجاري بنسبة بلغت 11.8%، وذلك بفضل ارتفاع أسعار النفط والإنتاج. في حين كانت تشير التقديرات إلى نمو بنسبة 9.9% خلال الربع الأول من العام الجاري. وأوضحت البيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي في القطاع السعودي غير النفطي، الذي يعد محركًا لتوفير فرص العمل والوظائف، بنسبة 5.4%. وبحسب البيانات أيضًا، حقق الاقتصاد النفطي للمملكة العربية السعودية نموًا بنسبة 23.1% خلال الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وتعود أسباب الطفرة المحققة في نمو الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية، إلى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، في أعقاب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، التي ولدت تغيرات وتحولات على صعيد الشركاء التجاريين، والإنتاج، وأنماط الاستهلاك. وبالتالي ساهمت هذه التحولات في زيادة الدخل النفطي للمملكة العربية السعودية، التي تعد أكبر منتج للنفط عالميًا. وبرغم من تلك الزيادة، إلا أن المملكة تسعى بشكل جدي إلى تنويع مصادر دخلها الاقتصادي. وذلك عبر تدشين العديد من المشروعات مثل مشروع "نيوم" وتشييد المدينة الخطية "ذا لاين"، من أجل جذب رؤوس الأموال الأجنبية، وتوفير فرص عمل وزيادة الدخل غير النفطي. ويعد أحد أهم أهداف رؤية 2030 التي طرحتها المملكة، هي زيادة الدخل غير النفطي إلى نحو 6.4 تريليون ريال والارتقاء بالاقتصاد الوطني، ليصبح من أكبر 15 اقتصادات على مستوى العالم.
وعلى مدار العقدين الماضيين وحتى قبل ذلك، ارتكزت السياسة الخارجية الأمريكية سواء تحت قيادة الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، على صراع "التنافس العالمي مع الصين" عبر "محور آسيا" مبتعدة عن منطقة الشرق الأوسط. إلا أن هذا الشعار تجاهل حقيقتين أساسيتين في النظام العالمي القائم حاليًا. أولها، أن مصادر النفط والغاز التي تنعم بها منطقة الشرق الأوسط تشكل محورًا أساسيًا للاقتصاد العالمي، مثلما تبلور جليًا من خلال أزمة الإمدادات وارتفاع الأسعار. ومن المتوقع أن يظل الوضع كذلك خلال العقود المقبلة، حتى وإن شهد العالم تحولاً تدريجيًا من الوقود الحفري سواء كان نتيجة التغير المناخي أو التغيرات التكنولوجية أو غيرها من الأسباب. كما أظهرت أزمة الطاقة الأخيرة تأكيد الدول على أن أمن الطاقة يقع في مسافة ما بين توافر المصادر، والانتقال الطاقي، حيث من المتوقع أن يحافظ الوقود الحفري على دوره ضمن منظومة أمن الطاقة العالمية.
وستظل الطاقة بشكل عام محور اهتمام الدول المستهلكة، والقوى العظمى على حد سواء، ومن الطبيعي أن يخلق ذلك العديد من التحديات، كما يتيح الكثير من الفرص لدول منطقة الشرق الأوسط. وتمثل الطاقة أيضًا أحد العوامل الرئيسية التي ترتكز عليها السياسة الخارجية للصين في منطقة الخليج. حيث تعتبر بكين جوار بحر قزوين ومنطقة آسيا الوسطى مع منطقة الخليج محور بالغ الأهمية، ويتم تعريفه بوصفه " جسر " في قاموس السياسة الخارجية الصينية، وضامن لاستقرار وجودها. وبالتالي، فإن تأسيس علاقات وثيقة مع كافة دول المنطقة، والخليج على وجه الخصوص سيعود بالنفع على الجانب الصيني. لذلك، سعت بكين خلال مسيرة تطوير علاقاتها مع كافة دول المنطقة إلى انتهاج سياسة التفاعل لا المواجهة مع القوى الإقليمية، والعالمية لاسيما مع الولايات المتحدة، وذلك في سبيل ضمان تواجدها بمنطقة الخليج.
وعلى مدار الأزمات التي شهدتها منطقة الخليج، التزمت الصين بالدعوة إلى الحل السلمي عبر المفاوضات، كما حاولت ضمان الوصول إلى موارد الطاقة الخليجية بشكل آمن وموثوق به من خلال إرساء استقرار أمن المنطقة. وستواصل بكين اعتمادها على واردات الطاقة من الشرق الأوسط دون وجود أية احتمالات بحدوث تغييرات كبيرة في هذا الشأن على المدى القصير. وكذلك الحال بالنسبة لغيرها من الاقتصادات الآسيوية الكبرى، التي يعد معظمها حليفًا عتيدًا للولايات المتحدة وشريكًا تجاريًا مهما لبكين. ومن ثم أصبح هناك استفادة رئيسية للجانب الصيني في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي الشامل، وإقامة علاقات عمل جيدة مع الدول المنافسة المهمة في المنطقة؛ بدءًا من إيران إلى دول الخليج وإسرائيل.
إلى جانب ذلك، يعتبر التحول في السياسات الصينية من استهلاك الفحم إلى استخدام الغاز الطبيعي من الشرق الأوسط أكبر وأسرع سبيل للحد من أزمة تغير المناخ في العالم على المدى القصير.
وعلى مدار الأعوام الأخيرة، عمدت الصين إلى تعزيز حضورها في منطقة الخليج، ومضيق هرمز عبر تطويع كافة الأدوات والسبل اللازمة للمساعدة في التدفق الحر للشحن والنقل البحري في بحر الصين الجنوبي. إلا أن التواجد المستمر للبحرية الصينية في هذه المنطقة ومحاولة بكين بناء جزر اصطناعية في بحر الصين الجنوبي، أثار ردود فعل من جانب الدول المجاورة والولايات المتحدة.
وفي ضوء المعطيات الراهنة، فإن ضمان استقرار المنطقة يصب في صالح بكين، وسائر دول المنطقة، إلى جانب مستهلكي النفط الدوليين أيضًا. وبالتالي لن يتم نزع فتيل التوتر سوى عبر طاولة المفاوضات والقنوات الدبلوماسية، وتفادي نشوب صراعات من شأنها الإضرار بمصالح الدول الإقليمية وعملاء النفط الرئيسيين.
ويتشكل النفوذ الاقتصادي للدول المنتجة للطاقة، ومن ثم نفوذها الوطني، من خلال عدة عوامل رئيسية من بينها؛ حجم الإنتاج من النفط والغاز، والسعة الإنتاجية للنفط والغاز، والطاقة الإنتاجية الفائضة من النفط والغاز. بالإضافة إلى حصة وحجم صادرات النفط والغاز، وعائدات النقد الأجنبي الناتجة عنها. ويجب التأكيد على أن دور ومساهمة الغاز في تحقيق التنمية الاقتصادية للدول لا يمكن مضاهاته. لاسيما في الوقت الذي أصبحت تتشكل فيه مصالح الدول وفق مفاهيم مثل: التعاون والمنافسة (أي تصبح الدولة شريك ومنافس في ذات الوقت)، وبالتالي يساعد الغاز على توفير البنى التحتية الموجهة نحو التنمية. وفي إطار خدمة المصالح الوطنية وتحليل التكلفة، فإن الاستفادة من الاستخدام الذكي، والإبداعي للقواعد الحالية في المعادلات الدولية والاستخدام الأقصى لإمكانيات الاقتصاد العالمي أمر مطلوب من أجل تطوير قطاع النفط والغاز داخل الدول.
لطالما لعبت دول مجلس التعاون الخليجي دورًا أساسيًا في تدعيم استقرار أسواق الطاقة. كما ساهمت أزمة الطاقة والحرب الروسية الأوكرانية في تعظيم ذلك الدور في مجال أمن الطاقة. حيث أصبحت الدول الغربية، التي تواجه حاليًا أزمة طاقة بسبب العقوبات المفروضة على موسكو، تُعوِل بشكل متزايد على شركائها من دول الخليج من أجل التزود بإمدادات وقود أقل تكلفة. وتتشارك كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية في استراتيجية تعتمد على استثمار أكبر قدر ممكن من عائدات النفط في البنية التحتية داخل أراضي الدولتين. فيما يرى بعض خبراء الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط أن هذه الدول نفسها تستهلك الكثير من النفط والغاز، وبالتالي ترغب في التأكد من أن الجزء الذي يتم تصديره من إنتاجها النفطي سيجلب لها أكبر قدر ممكن من التنمية السياحية والتنويع الاقتصادي. ذلك بالإضافة إلى أن الدولتين لا تنفردان وحدهما بعضوية منظمة أوبك، ولا تكترثان بفكرة خفض أسعار النفط.
ومن جانبها، تسعى بكين إلى زيادة صادراتها من الأسلحة، وتعد منطقة الشرق الأوسط أحد أبرز الأسواق المستهدفة لمبيعات الأسلحة والذخيرة وتصدير التقنية العسكرية الصينية. فقد لعبت الصين دورًا هامًا في تطوير برنامج الصواريخ للمملكة العربية السعودية. وخلال الأشهر الأولى من العام الجاري كشفت وسائل الإعلام عن أبعاد جديدة لدور الصين في تطوير البرنامج الصاروخي السعودي. وخلال العقد الماضي، بدأت بكين في بيع طائرات بدون طيار هجومية إلى المملكة العربية السعودية بشكل تدريجي، كما كان من المفترض أن تبني مصنعًا لإنتاج طائرات بدون طيار داخل المملكة.
في السياق ذاته، قامت الصين بتصدير أكثر من 31 مليار دولار من السلع والخدمات إلى المملكة العربية السعودية في عام 2021م، وكانت الرياض أكبر مورد للنفط إلى الصين العام الماضي حيث استوردت بكين 1.75 مليون برميل من النفط الخام السعودي في المتوسط، فيما بلغت حصة الرياض في محفظة الطاقة (النفط) الصينية 17٪ العام الماضي.
تشكل أزمة الطاقة العالمية أحد أبرز العواقب المترتبة على الحرب الأوكرانية -الروسية، وخلفت أثرًا كبيرًا على الاتحاد الأوروبي، الذي يعتمد إلى حد كبير على وارداته من النفط الروسي حتى أصبح الآن عالقًا في أزمة اقتراب فصل شتاء بارد وقاس، وكأنه لم يعد هناك دولة قادرة على مساعدة القارة العجوز في تجاوز الأزمة. وحتى تلك الدول التي لديها قدرة على تقليص حجم تداعيات الأزمة على دول أوروبا، تنعدم لديها الرغبة أو الإرادة من أجل القيام بهذا الدور. فبعد مرور ستة أشهر منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، قررت موسكو خفض صادراتها من الغاز إلى الاتحاد الأوروبي على عدة مراحل. بلغ هذا الخفض مرحلة إعلان شركة "غازبروم" عملاق الغاز الروسي وقفًا تامًا لصادراتها من الغاز إلى دول أوروبا من خلال خط أنابيب "نورد ستريم 1".
وخفضت موسكو القدرة التصديرية للغاز عبر خط أنابيب" نورد ستريم "1 إلى 40٪ فقط خلال شهر يونيو الماضي، ثم إلى 20 % خلال شهر يوليو. وعلى الرغم من أن السلطات الروسية ذكرت أن سبب وقف تصدير الغاز من خط" نورد ستريم 1" يعود إلى القيام ببعض إجراءات الصيانة. إلا أنه يبدو أن هذا القرار يحمل أبعادًا وأهدافًا سياسية واقتصادية خاصة به، وتمضي موسكو قدمًا خطوة بخطوة نحو تحقيقها.
وفي ضوء ذلك، تظل منطقة غرب آسيا وخاصة الدول العربية الواقعة بها الملاذ الأول والأهم أمام الغرب من أجل التزود بمصادر الطاقة والوقود. وكانت دولة قطر أولى المحطات أمام الجهود الغربية من أجل الحصول على المساعدة في هذا الشأن. وذلك خلال استضافة العاصمة القطرية الدوحة الاجتماع السادس لجمعية الدول المصدرة للغاز تحت شعار "الغاز الطبيعي؛ رسم مستقبل الطاقة"، قبل ستة أشهر، تزامنًا مع بداية الصراع بين موسكو وكييف في ذلك الوقت، حيث تم تشجيع قطر على إنتاج مزيد من الغاز الطبيعي، حتى قبل أن تتعمق مخاوف الغرب حيال تداعيات الحرب على الطاقة.
وتتبلور مواقف الدول الخليجية في منظمة "أوبك بلس"، وسوق الطاقة العالمي حيال مطالب الولايات المتحدة والغرب بشأن زيادة الإنتاج من أجل خفض الأسعار من خلال ثلاثة محاور مختلفة؛ الأول، يتمثل في رفض المملكة العربية السعودية غير المتزعزع بشأن إنتاج ما يزيد عن الحصص المحددة في اتفاقية أوبك بلس، التي تسيطر على ما يقرب من 40٪ من إنتاج النفط العالمي.
أما المحور الثاني، يتعلق بدولة الإمارات، التي، وإن كانت قد أعلنت رفضها زيادة إنتاج النفط، لا تجد في الوقت ذاته ضيرًا في أن يتم مناقشة هذا الأمر داخل منظمة أوبك، تاركة الباب مفتوحًا أمام احتمالات عدم معارضتها للقرار في حال تم طرحه على جدول أعمال أوبك. أما المحور الثالث، فيتعلق بموقف دول الخليج الأخرى المنتجة للنفط، التي لا تجد أيضًا أي ضرر في زيادة إنتاجها، لكنها تراقب وتنتظر موقف السعودية من هذه القضية.
وتتطلب عملية الانتقال الطاقي إلى الوقود الحفري، وتحتاج دول الخليج مزيدًا من الوقت كي تعمل على تخفيض عائداتها النفطية بشكل تدريجي. لكن يظل في إمكان دول المنطقة والولايات المتحدة تطوير علاقاتها في هذا الشأن سواء كان ذلك خلال الوقت الراهن أو خلال عملية الانتقال الطاقي.
وتعد قضية أمن البنية التحتية للطاقة أحد المحاور، التي تتوقع دول الخليج من واشنطن أن تبدي تعاونًا خلالها أكبر وأوسع نطاقًا. حيث أظهرت هجمات جماعة الحوثي الأخيرة على المنشآت النفطية لشركة "أرامكو " السعودية أن الاستقرار والأمن الإقليميين يتطلبان مشاركة دول الخليج ودعم الولايات المتحدة.
سيواجه أمن الطاقة العالمي تحديًا خطيرًا ما لم يتم تدعيم استقرار وأمن منطقة الخليج. لاسيما وأن النفط والغاز يمثلان عاملان رئيسيان في سبيل ترسيخ الاستقرار في المنطقة، حتى وإن ترتب على ذلك بعض الاختلافات أحيانًا. وسيحتفظ كلاهما بأهميته على صعيد الاقتصاد العالمي خلال العقدين المقبلين على أقل تقدير، وهذا يعني الاحتفاظ بمكانة وأهمية دول الخليج وسط معادلات الطاقة العالمية.