array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 180

مجلس التعاون يعزز كافة شراكاته الدولية في ظل مرحلة السيولة التي يشهدها العالم

الثلاثاء، 29 تشرين2/نوفمبر 2022

يحرص مجلس التعاون الخليجي منذ النشأة على مد جسور التعاون والشراكات مع مختلف التكتلات والمنظمات الدولية بهدف تعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية وتوسيع قاعدة الشراكات العالمية وتنويعها حتى تتمكن دول المجلس من تنويع الاستثمارات وتنفيذ خططها التنموية الطموحة والتي تتحقق عبر سياسة تنويع الشراكات العالمية شرقًا وغربًا. وتنقسم تلك العلاقات الخليجية-الدولية على ثلاث دوائر رئيسية، الدائرة الأولى و التي تمثل الحوار الخليجي-الأوروبي وتكمن أهمية تلك الدائرة بأنها انعكست إيجابًا في تعزيز الداخل الخليجي عبر شروط فرضها الاتحاد الأوروبي، كما أن أوروبا تحتل موقعًا رئيسيًا في الاستثمارات الخليجية العالمية، الدائرة الثانية هي دائرة التوسع والنفوذ العالمي والتي تشمل أمريكا اللاتينية و إفريقيا، و الدائرة الثالثة هي الدائرة الآسيوية والتي تمثل المستقبل والمصالح الاقتصادية و الاستراتيجية الحيوية و الهامة لنهوض و استمرار المنطقة الخليجية.

الحوار الخليجي-الأوروبي: الاستثمار تعزيز البيت الخليجي

يعتبر الحوار الأوروبي-الخليجي أحد أقدم تلك الشراكات والذي عاد بالنفع على تعزيز البيت الخليجي بدلاً من العلاقات الخليجية-الأوروبية. ينطلق هذا الحوار أساسًا على إقامة منطقة التجارة الحرة حيث يتمكن الاتحاد الأوروبي من تصدير منتاجته مباشرة إلى الأسواق المحلية خالية من الضرائب في مقابل أن ترفع ضريبة الكربون على البترول الخليجي حتى يتمكن من المنافسة في الأسواق الأوروبية. فبعد استخدام دول الخليج للنفط كسلاح سياسي ضد الضغوطات العربية في حقبة السبيعينات وذلك عبر حظر تصدير النفط الخليجي، تبين قصر تلك السياسة التي دفع بها العرب أساسًا، حيث أضرت بشكل هائل اقتصاديات الدول النامية، إلا أنها لم تؤثر في الاقتصاديات الغربية بل زادتها قوة ومنعة وكان ذلك بداية تعزيز العلاقات الأوروبية-الروسية في مجال الطاقة، والتي تشهد مجددًا أزمة في ظل الحرب الروسية-على أوكرانيا والتي سوف تلقي بظلالها بلا شك على مستقبل الطاقة بين روسيا وأوروبا، حيث ستسعى أوروبا مجددًا للبحث عن بديل. وقد امتد ذلك الحوار أكثر من عشرين عامًا بين الطرفين دون تحقيق نتائج، إلا أنه كانت أبرز نتائجه اتخاذ دول الخليج العديد من الإجراءات لتعزيز المواطنة الخليجية والتي اشترطها الأوروبيون قبل تبني منظومة التجارة الحرة. و كان من بينها حرية مرور البشر، لذلك تمكن المواطنون الخليجيون من التنقل عبر البطاقة المدنية، و حرية مرور البضائع فكانت ولادة السوق الخليجية المشتركة وهو كيان لا يزال في طور التشكل، كما نتج عن ذلك توحيد التعرفة الجمركية وهي أيضًا إجراءات لا تزال تحت النقاش، و كانت هناك محاولات لتوحيد العملة وإيجاد البنك المركزي الخليجي و هو مشروع لم يتحقق لتفاوت الاقتصادات الخليجية، إلا أنها لا تزال تسير و تنمو و تتطور و تسعى للتكامل بدلا من التنافس وهي الصيغة التي سادت في العهود السابقة، إلا أن التنوع الاقتصادي و التكامل أصبح عنوان الاقتصاد الخليجي، لذلك سعت البحرين لتكون مركزًا ماليًا، و دبي مركزًا سياحيًا، و قطر والشارقة مركزًا للعلوم والثقافة والمدن الجامعية، و تسعى الكويت كذلك لتعزيز البنية التحتية، والسعودية لمزيد من الانفتاح و المدن الذكية والاستراتيجية وسياحة التراثية، ويبقى التأكيد على أن بناء الإنسان الخليجي هو العلامة الفارقة في تلك الجهود التنموية حيث سيكون هو محور البناء و التقدم و المستقبل.

العلاقات الخليجية مع إفريقيا وأمريكا اللاتينية: دائرة النفوذ والتحالفات الدولية

تكتلي شرق وغرب إفريقيا: تحمل العلاقات الخليجية-الإفريقية العديد من الفرص الواعدة لاسيما بفعل التقارب الجغرافي في القرن الإفريقي مما يدفع بأهمية تعزيز العلاقات الأمنية ما بين الطرفين لحماية الممرات المائية من القرصنة ومكافحة الإرهاب والتطرف. كما أن القارة الإفريقية لا تزال تعتبر من أغنى القارات في الموارد المادية مما يجعلها هدفًا للشركات العالمية بهدف الاستثمار والتعاون في مختلف المجالات الاستثمارية. وقد احتضنت الكويت بشكل خاص مؤتمر التعاون العربي-الإفريقي كما أنها اسهمت إسهامًا فاعلاً في إعادة بناء مقر الأمانة العامة للاتحاد الإفريقي لما له من أهمية على المستوى الإقليمي والعربي والدولي.

بريكس وميركوسور: في عام 2006م، تم إنشاء تجمع بركس ضمن أبرز التكتلات الاقتصادية الصاعدة والتي تشمل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. وهو تجمع يسعى للتنافس مع تكتلات كبرى مثل مجموعتي السبع والعشرين. وقد رحبت المنظمة مؤخرًا برغبة المملكة العربية السعودية للانضمام لمجموعة البريكس، بل طرحت إمكانية إنشاء مجموعة بركس بلس على غرار أوبك بلس للدول الراغبة في الانضمام للمجموعة. كما يحتضن مجلس التعاون علاقة خاصة مع منظمة ميركوسور التي تضم عدد من دول أمريكا الجنوبية والتي تأسست في عام 1991م.  وينظم مجلس التعاون حوارًا منتظمًا مع منظمة ميكوسور من أجل الوصول إلى توقيع اتفاقية منطقة التجارة الحرة والتعاون لاسيما في مجال التكنولوجيا والتقنية والأمن الغذائي والابتكار واللوجستيك والاستثمار والطاقة والتنمية البشرية وغيرها من مجالات حيوية هامة.

العلاقات الخليجية-الآسيوية: المستقبل والمصالح الاستراتيجية والاقتصادية

وعت دول الخليج مبكرًا لأهمية الاتجاه شرقًا، وذلك بحكم التاريخ والموقع الجغرافي والمصالح الاقتصادية والاستراتيجية ما بين كلا الطرفين. فدول الخليج تقع في غرب القارة الآسيوية، وهي جغرافيًا لعبت دورًا هامًا في تشكيل هوية وثقافة المجتمعات الخليجية حتى يومنا الحاضر. بل يكاد يكون سببًا رئيسًا لاستضافة دول الخليج لملايين الآسيويين تحديدًا الهنود وذلك بحكم الموقع الجغرافي. وتشكل الديمغرافية الآسيوية عاملاً مهمًا كذلك في العلاقات الخليجية-الآسيوية، حيث يشكل الخليج محطة هامة لتلك الجاليات الآسيوية التي تعمل في كافة القطاعات بما في ذلك الأعمال البسيطة والهامشية وصولاً إلى كبار مدراء شركات النفط والإعمار والتقنية والبنوك وشركات السياحة. وعلى الصعيد التاريخي، اعتمدت دول الخليج في النشأة الأولى على تجارة اللؤلؤ مع الهند، وشكلت تلك التجارة البقاء الإنساني الخليجي في مرحلة ما قبل البترول، لذلك تشترك دول الخليج والهند في العديد من المشتركات الإنسانية والثقافية والتعليمية، وقد يكون ذلك أيضًا البدايات الأولى للتقارب الخليجي البريطاني حيث كانت شركة الهند الشرقية (البريطانية) تدير شؤون بريطانيا في الهند. لذلك حرصت كافة الدول الخليجية على إعادة تأهيل موانئها والتي لم تتوقف عن العمل في مرحلة ما قبل البترول، وهاهي تعود لتكون محطة رئيسة في إعادة التصدير، ومنطلقًا هامًا للطموحات الصينية في مشروع الحزام والطريق. أما على المستوى الاقتصادي، فتعتبر آسيا المستورد الرئيسي للبترول الخليجي لاسيما الصين والهند واليابان وغيرها من الدول الآسيوية وقد سمحت تلك العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية الهامة لإنشاء العديد من مشاريع الطاقة المشتركة الخليجية-الآسيوية، فقد حرص عدد من الدول الآسيوية على الاستثمار في تلك القطاعات لضمان أمنها الاقتصادي والصناعي لاسيما أن العديد منها يتصدر الدول الصناعية وأخرى تصنف ضمن الدول الصاعدة في القطاع الصناعي العالمي. وقد شكلت تلك الأسباب جميعها قاعدة صلبة للانطلاقة علاقة مجلس التعاون مع رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تأسست في عام 1967م، بالإضافة إلى العلاقة المتطورة حديثًا مع منظمة شانغهاي للأمن والتعاون. فقد انطلقت الاجتماعات الوزارية ما بين مجلس التعاون وآسيان وهي علاقة تقوم على عدد من المبادئ والتي تشمل: (1) احترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.   (2) تعزيز الشراكة الاقتصادية والثقافية والعلمية من خلال أنشطة فرق العمل (تأسست منذ عام 2010 وهي حول التجارة والاستثمار، التعليم، الثقافة والإعلام، الأمن الغذائي والاستثمار الزراعي، الطاقة، السياحة). (3) تأكيد العمل من أجل السلام العالمي والإقليمي. (4) إدانة أعمال العنف والإرهاب والقرصنة التي تهدد الملاحة والتجارة الدولية. (5) حماية المضايق و الممرات البحرية وفقًا للقانون الدولي. وقد دفعت تلك الشراكات الآسيوية، لعدد من الدول الخليجية للحصول على صفة شريك للحوار في منظمة شانغهاي للأمن والتعاون (تأسست في 2011). وقد استغرق ذلك الحوار ما يقارب سبع سنوات حتى تم دخول السعودية ومصر في عام 2021م، وتبعتهما في العام الذي يليه كافة دول الخليج باستثناء عمان. وقد جاء ذلك بهدف خلق التوازن مع إيران التي تمكنت من الحصول على عضوية المنظمة بعد أن رفعت طاجيكستان عنها حق الفيتو والذي منعها من الحصول على العضوية. فقد اتهمت طاجيكستان إيران سابقًا بأنها تقف وراء الحرب الأهلية التي اندلعت في طاجيكستان بعد الاستقلال عبر تمويل أحد الفصائل الإسلامية، لذلك اشترطت عليها تعويضات مادية والمساهمة في بناء البنية التحتية في طاجيكستان وهي شروط استجابت إيران لتحقيقها حتى تمكنت من الانضمام.

الاستنتاج

يتبين مما سبق، أن مجلس التعاون الخليجي يسعى إلى تعزيز كافة شراكاته الدولية لاسيما على صعيد العمل المؤسسي مع مختلف المنظمات الدولية والتي بدأت تكتسب أهمية خاصة في ظل مرحلة السيولة العامة التي يشهدها النظام الدولي. فهذه المنظمات تلعب دورًا هامًا كمنابر دولية للتعاون الإقليمي والدولي وإدارة وحل الأزمات قبل وقوعها أو استفحالها وذلك ما يحتاجه العالم في ظل حالة الاحتقان الدولي المتصاعد على إثر التنافس الدولي الذي تشهده الإدارة الأمريكية مع كل من روسيا والصين، وهو تنافس سوف يتصاعد بفعل تغير الخريطة الدولية وتعاظم القوة الاقتصادية الصينية التي أصبحت واقعًا لابد أن تتعايش معه القوى التقليدية.

مقالات لنفس الكاتب