array(1) { [0]=> object(stdClass)#13138 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 181

أوضاع العالَم 2021: الشرق الأوسط والعالَم

الأربعاء، 28 كانون1/ديسمبر 2022

   آراء حول الخليج: بيروت

أَصدرت مؤسّسة الفكر العربي الترجمة العربيّة لكِتاب "أوضــاع العالم 2021"، ضمن برنامج "حضارة واحدة" وحمل عنوان "الشرق الأوسط والعالَم". والكِتاب أشرف عليه الباحثان الفرنسيّان الأستاذان في معهـد الدراسات السياسية في باريس، بـرتران بــادي ودومينيك فيـــدال، نقله إلى العربيّة الأستاذ نصير مروّة.

"الشرق الأوسط" هو في "وثيقة ولادته" أقرب إلى أن يكون "شُـهرةً" منه إلى أن يكـون اسـماً. فهـو أوّلاً الشرق، لأنـّه شرق الذّات الأوروبيّة، إنّـه اسمُ مجالٍ إقليميّ أو فضاءٍ جِهويّ، ارتسمَت صورتُه سلفاً تبعاً لبَرنامجٍ خارجٍ عنه واستجابةً لمشروعٍ غـريبٍ عليه؛ وهـو اسمٌ لم يَختَرْهُ أصحابُه لـه، ولكنّه انتهى إليهم كما هو، ولهـذا فإنّـه يعكس غَلَبَةً حلَّت بمنطقةٍ فجرى رسْمُها وإعادةُ تكوينهـا على أساس هذه الغَلَبَة، وتحت ضغْطِ الأحـداث الدوليّة، التي عادت هي بدَورهـا فأثَّرت فيها. ويرى بـرتـران بادي أنّ هذه التفاعُلات هي من القوّة بحيث إنّهـا تستحقّ توجيه الانتباه إليها، وأنّ الأمـرَ يسـتحقّ إجراء "تحليلٍ دوليّ للشرق الأوسط". وقد شارك في هذا التحليل أكثر من 30 خبيراً ومختصّاً في السياسة والعلاقات الدوليّة والاستراتيجيّة والتاريخ والحضارة، والتاريخ الاستعماري.

  في قراءة للشرق الأوسط من منظورٍ دوليّ، تناوَل هنري لورانـس الدَّورَ الذي اضْطلَع به التاريخُ في تكوين هذا الشرق الأوسط، متقاطعاً مع رأي آلان غريش في أنّ أوّل ساحات الحرب الباردة توافقت مع ظهور دَور النَّفط الإقليميّ في النِّظـام الـدوليّ منـذ الخمسينيّات وهو ما توقّف عنده ماتيو أوزانّو.

كما فصّلَ دنيس بوشـار الانسحابَ التدريجيّ للبلدان الغربيّة من الشرق الأوسط، وفكّ ارتباطها التاريخيّ معه في ظلّ صعود قوىً إقليميّة شرق أوسطيّة كبرى؛ إذ أنّ إدارة اللّعبة الكبرى الشرق أوسطيّة عند مُفترق 1990-1991م، قـد انتقلت، كما يقول فريديريك شـاريـّون، من أيـادٍ إلى أيـادٍ أُخرى. فكان الحدث الأهمّ بعـد الحرب الباردة ونهايتها عنـد هؤلاء الكُتّاب، هـو سقوط الاتّحـاد السوفياتيّ، بحيث يرى برنارد هوركـاد في ثورة 1979م، الإيرانيّة، "الثورة الأولى الما-بعـد-سوفياتيّة"، فضلاً عن فشلِ القطبيّة الأحاديّة التي اعتمدَتْها المُحافَظة الأمريكيّة الجديدة، وفَشَل الإيديولوجيّة التي تقوم عليهـا كما يرى سيلفان سيبيل. فالحروب الأخيرة في المنطقة كانت تهدف إلى البرْهَنَة على أنّـه "ليس ثمّة من خيارٍ بديلٍ "قابِل للحياة" عن الـزعامة الأمريكيّة فيها، وأنّهـا أَنْهَتْ سلفاً الأطروحةَ التي تشاء أن تكون نهاية الحرب الباردة قـد فَتَحَت الطريقَ أمام عالَمٍ مُتعدِّد الأقطاب. ولهـذا يتساءل كريم باكـزاد عمّا إذا كانت بواعث التنازُلات الأمريكيّة في تفاوُضِها مع طالبان أفغانستان ليست فكّ ارتباط، وإنّما مُحاوَلة تَجعل من طالبان ومن عـرّابها، أي باكسـتان، حُلفاء لأمريكا في المُسـتقبل.

في المقابل، كانت وضعيّة الشرق الأوسط بين اللّاعبـين والرّهانات محور اهتمام كلّ من كريم إميل بيطـار، وجان- بول شانيولو، وآنيـِّس ليفالوا، وفيليب دروز- فنسان، وريّان حـدّاد، وأوريلي ضاهـر، وتيري كوفيل، ودومينيك باري، وإيغـور ديلانوي، والحاج بـوبـا نـوهـو، وأحمد إينسيل، ولوران بـونّفوا، وميريام بن رعـد، وفرانك فريغوسي، ومانون- نور طنّوس، وسيلفي جان، وإيـزابيل آفران، وآن- سيسيل روبيرت، ورومان آبي، والسفير السابق (لدى إيران) فرانسوا نيكولّود؛ فقاموا بتفكيك وضعيّة الشرق الأوسط عبر قراءة تراجُع مَنزِلة الاقتصاد الشرق أوسطيّ في الاقتصاد العالَميّ، ومواجهة المنطقة لصَدمتَيْ جائحة كوفيد-19 وهبوط أسـعار النفط، واستخدام السلطات في الشرق الأوسط جائحة كورونا لتطويعِ الحركات الاحتجاجيّة والارتباط المتزايد للأمن الـداخلي للجمهوريّة الإسلاميّة باسـتقرار المنطقة، والتوظيف الإنمائيّ للصين تجاوُزاً للتوظيفات الإنمائيّة للولايات المتّحدة، انطلاقاً من قناعةٍ صينيّة بأنّ السِّلمَ مَكسبٌ يُكسَبُ بالتنمية الاقتصاديّة المُتبادَلة، وعـودة روسيا إلى الشرق الأوسط، ودَور الدبلوماسيّة الشرق أوسطيّة (السعوديّة والإماراتيّة والإيرانيّة والتركيّة أساساً) في القارّة الإفريقيّة، وتداخُل الفاعِلين المَحليّين والإقليميّين والدوليّين وتشـابكهم في اليمن، والمشكلة السوريّة وتقاطعاتها الإقليميّة والعالَميّة وتعقيداتها  كصورةٍ عن مثالٍ أصيل اسمه أزمة الشرق وظهور طرفٍ خارجيّ هـو الدولة الإسلاميّة، الذي حوَّل المُشكلةَ إلى صراعٍ ضدّ الإرهـاب، والمسألة الفلسطينيّة، وغيرها من القضايا الرّاهنة والساخنة الخاصّة بالشرق الأوسط والعالَم، والتي تضيء على مُجمل ما نعيشه اليوم.

لا شكّ أنّ هذا الكتاب الغنيّ بقراءاته وتحليلاته المتنوّعة يرسم لوحةً مفصَّلة ومُتكاملة للشرق الأوسط، تُكسِب القارئ معرفةً أكبر بوضعيّته في إطار تقاطعاته مع أبرز القضايا الإقليميّة والدوليّة وتفاعلات أطرافه معها، في الماضي كما في الحاضر.

مجلة آراء حول الخليج