array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 182

مطلوب من الاتحاد الأوروبي تجاوز التعاون التجاري والبناء التدريجي لهيكل أمني إقليمي

الإثنين، 30 كانون2/يناير 2023

بعد فترة من الإهمال الحميد للعلاقات الخليجية-الأوروبية بدأ هناك، بسبب المتغيرات الدولية الجيوسياسية، بعض من الدفء والتحريك للمياه الراكدة في علاقة الطرفين تكللت بموافقة مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي في يونيو 2022م، على وثيقة الاتحاد للشراكة مع دول مجلس التعاون الخليجي. وجاءت هذه الوثيقة على خلفية بعض التطورات الإيجابية وعدد قياسي من اللقاءات والاجتماعات والدبلوماسية والحوارات المكثفة شملت إنعقاد أحدث لجنة تعاون مشتركة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي في الرياض في 3 فبراير 2021م، وزيارة رسمية للأمين العام لمجلس التعاون الخليجي معالي الدكتور نايف الحجرف لمقر المفوضية الأوروبية ولقاء جوزيف بوريل، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية للاتحاد الأوروبي وعدد من أعضاء المفوضية الأوروبية في بداية يناير 2022م. تلى ذلك عقد الاجتماع الوزاري الــ26   المشترك للجانبين في 23 فبراير من نفس العام بعد أن توقف لمدة ستة أعوام والتي عقدت آخر لقاء في بروكسل يوم 18 يوليو 2016م، ويذكر أن توقفت مفاوضات التجارة الحرة بين الجانبين منذ 2008م، وتوقف سريان "العمل المشترك" الذي استمر من 2010/2013م، واتجه الاتحاد الأوروبي إلى اتفاقات تعاون ثنائية بعد اندلاع أزمة الخليج في عام 2017م، وتأتي إعادة أهمية انعقاد هذا الاجتماع بعد الانقطاع النسبي منذ سنوات، لأسباب عديدة، أبرزها اختلاف الأوليات بين دول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي والأزمة الخليجية منذ عام 2017م، وتخييم مرحلة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على منطقة الخليج.

 

وبعد أشهر من المداولات، وافق مجلس الاتحاد الأوروبي على الشراكة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي مع مجلس التعاون الخليجي والدول الأعضاء فيه في 20 يونيو 2022م. وتتناول هذه الشراكة، التي كشف عنها الاتحاد الأوروبي في 18 مايو 2022م، سلسلة من مجالات السياسة الرئيسية وتقدم مقترحات ملموسة لتعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي بشأن التجارة والاستثمار، والتنويع الاقتصادي، والطاقة، والتحول الأخضر، والاستقرار الإقليمي والأمن العالمي، والتحديات الإنمائية، والتواصل المجتمعي؛ والربط المؤسسي الأكثر حيوية بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من القضايا.

 

منطلقات هذه الشراكة

 

غيرت ديناميكيات المتغيرات العالمية العديد من المفاهيم وأعادت قراءة جديدة لطبيعة العلاقات والتفاعلات الدولية. ويمكن قراءة الشراكة الاستراتيجية على أنها بيان نوايا لتأسيس مجال جديد للتعاون في مواجهة سلسلة من التحديات الرئيسية على مستوى الإقليم والدولة، ليس أقلها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وسياسة الولايات المتحدة المتغيرة والحرب الروسية ضد أوكرانيا وأزمة الطاقة والغذاء ومسألة التعافي الاقتصادي. في حين أنه من المفيد إضفاء الطابع الخارجي على النية وبلورتها. حيث تشير استراتيجية الشراكة الاستراتيجية الخليجية للاتحاد الأوروبي إلى الحرص الأوروبي على تطوير للعلاقات مع أقاليم عدة في العالم ومنها الخليج العربي، وذلك ضمن مساعي بعض الدول الأوروبية نحو إعادة التموضع في ظل المتغيرات العالمية والصراع بين الأقطاب الدولية. وتسعى أوروبا إلى تسييل تفاعلاتها المختلفة مع هذه المنطقة في صورة دور إقليمي، يعزز مكانتها في صراع النفوذ الجيوسياسي الدولي، وتتطلع لبلوغ ذلك عبر اتفاقات ومعاهدات أمنية ودفاعية متقدمة المضمون، ما أمكنها إلى ذلك سبيلا. كما يخلق الدور الأوروبي نوعًا من السيولة السياسية بالنسبة للخليج ويزيد من هامش الحراك والمناورات والخيارات المتاح أمام دول هذه المنطقة، بيد أن هذا الدورلا يُمثل حالة موازية أو منافسة للولايات المتحدة؛ كون إنه دور لتعزيز خيارات وسياسات قائمة في الأصل.

 

وأعادت أزمة الطاقة العالمية المتفاقمة دول الخليج العربي الغنية بالنفط والغاز إلى واجهة الاهتمام الدولي، نظراً إلى الدور الذي تلعبه في المحافظة على توازن السوق واستقراره في مواجهة المتغيرات على الساحة الاقتصادية العالمية، بما في ذلك تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية على الاقتصاد العالمي.  فأزمة الطاقة العالمية عززت دور منطقة الخليج، التي تمثل قوة نفطية عالمية بامتلاكها ثلث الاحتياطات وخمس الإمدادات عالمياً، في استقرار أسواق النفط. وتسببت الحرب الروسية والحظر الأوروبي على النفط الروسي، بهدف خفض الصادرات الروسية بنسبة 90 في المئة مع حلول 2023م، في تسريع وتيرة ارتفاع أسعار الطاقة، والتي كانت تشهد في الأصل ارتفاعاً كبيراً ناجماً عن الاضطرابات المرتبطة بجائحة كورونا، مما تسبب في حصول أزمة طاقة عالمية وبالأخص أوروبا. 

 

ويتركز احتياط وإنتاج الطاقة الكربوهيدراتية من نفط وغاز في منطقة الخليج مما يجعل منها مكاناً أكثر أهمية لمصالح الدول الصناعية والعالم أجمع، مما يؤهلها إلى تعزيز مكانتها الدولية واقتناص فرصة تحقيق مراكز ومصالح متقدمة في ظل التحولات الكبيرة الراهنة على المستويين السياسي والاقتصادي. وتتطلع أوروبا إلى الحصول على إمدادات الطاقة الرخيصة من منابعها التقليدية في الخليج العربي، وهذه هي الخلفية الأكثر عمقاً لارتباطها الاستراتيجي بهذه المنطقة. كذلك، تصبو ثانية إلى سوق خليجية: مدنية وعسكرية، يمكنها من خلالها إعادة تدوير البترودولار. 

وينبغي تفسير تطلع الاتحاد الأوروبي إلى شراكة استراتيجية مع دول الخليج على أنه فرصة لرفع مستوى التفاعل في الوقت المناسب للعلاقات بين التجمعات الإقليمية. ويعتبر الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي بعد الصين، في عام 2020م، حيث كان الاتحاد الأوروبي أكبر مستورد من دول مجلس التعاون الخليجي ورابع أكبر شريك للصادرات الأوروبية.

 

ماذا يتوقع وينتظر الجانب الخليجي من الاتحاد الأوروبي؟

 

يتطلع الخليج إلى أوروبا باعتبارها قوة جيوسياسية يُمكنها النهوض بدورٍ ما في معادلة الأمن والاستقرار الإقليمي، ليس على المستوى الخليجي وحسب، بل والشرق الأوسط عامة. وتتوقع دول الخليج أن يكون لأوروبا دور فعال في معادلة الأمن الإقليمي الخليجي، وأن يتطور الدور الراهن وتتطور الاتفاقيات الأمنية والدفاعية المؤسسة له -إن مباشرة أو عبر الناتو-بحيث يمكن لأوروبا من خلاله التحوّل إلى لاعب رئيسي في المساهمة على الحفاظ على أمن الخليج واستقرار المنطقة. وأن يستخدم الاتحاد الأوروبي قوته السياسية ودوره الرائد كعنصر فاعل في بناء السلام للعمل مع دول مجلس التعاون الخليجي في مساعدة دول المنطقة في أي مبادرة تقودها لتعزيز التعاون الأمني ومبادرات بناء الثقة ​​وحل الخلافات عن طريق الحوار ومنع النزاعات. في الوقت نفسه، سيعكس العمل معًا في المنتديات الإنمائية والإنسانية العالمية الدور المهم الذي تلعبه دول الخليج كمانحين عالميين موثوقين لمعالجة المخاوف والكوارث الإنسانية من خلال الوكالات المتعددة الأطراف.

ويعتبر تغير المناخ تحديًا عالميًا، لكن منطقة الخليج ستتأثر به بشكل خاص. ويعتبر الاتحاد الأوروبي رائداً في معالجة تغير المناخ وقيادة التحول الأخضر. ويتطلع الخليج، إلى أوروبا باعتبارها سوقًا تقليدية للطاقة، ومصدراً للتكنولوجيا أن تمثل الخبرة والتكنولوجيا والمعرفة التي طورها الاتحاد الأوروبي عنصرًا مهمًا لمساعدة دول الخليج في التعامل مع هذا التحدي. ومن المتوخى المزيد من التعاون في سلسلة من المجالات المتعلقة بالبيئة مثل الإدارة المستدامة للموارد البحرية، والتنوع البيولوجي، والحد من النفايات وإدارتها، ومكافحة التصحر.

كما تحاول دول الخليج تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري. وتهدف دول الخليج إلى خلق فرص عمل لمواطنيها. من خلال هذه الشراكة، يمكن للاتحاد الأوروبي والخليج تجاوز التحديات الاقتصادية وتطوير أعمال وفرص عمل جديدة، خاصة للشباب والنساء، في القطاعات المتعلقة بالاقتصاد الأخضر والرقمي، والسياحة المستدامة، والبحث والابتكار.

 

كيف ينظر الجانب الأوروبي لمستقبل هذه الشراكة؟

 

يمر العالم بمرحلة تغيرات جيوسياسية متعددة ويمر بفترة ينعدم فيها الأمن والاستقرار ويواجه تحديات كونية كبيرة. حيث يتعرض النظام الدولي القائم على القواعد إلى بعض التحديات ومسألة ولادة نظام عالمي جديد لا زالت موضع جدل وتساؤل وفي طور التشكل والتكوين. وتحاول أوروبا أن تتموضع وتلعب دورًا في كل ذلك من خلال تشكيل علاقات تعاون بناءة ومنافسة القوى العالمية الأخرى. كما يواجه العالم وبالأخص أوروبا العديد من الأزمات والتحديات. فالحرب الروسية-الأوكرانية أنتجت أزمة الطاقة وأزمة الغذاء. ويواجه العالم عواقب التغيرات المناخية وتبعات جائحة كورونا، وسيحتاج الاقتصاد العالمي إلى التعافي وهناك ضرورة للعمل على التحول الأخضر والرقمي. ويعتبر الاتحاد الأوروبي من الفواعل العالمية الرئيسية التي تتولى زمام المبادرة في معالجة تلك التحديات. وتشكل منطقة الخليج منطقة مجاورة ديناميكية وبوابة جغرافية مهمة بين أوروبا وآسيا وإفريقيا ومصدرًا حيويًا للطاقة. فأمن وإستقرار وازدهار منطقة الخليج لها تبعات مباشرة على أمن واستقرار وازدهار العالم وبالأخص على الاتحاد الأوروبي. لهذه الأسباب، سيستفيد كل من الاتحاد الأوروبي ودول الخليج من شراكة أقوى وأكثر استراتيجية مبنية على علاقة تعاونية وطيدة طويلة الأمد.

 

ينبغي تفسير تطلع الاتحاد الأوروبي إلى شراكة استراتيجية مع دول الخليج على أنه فرصة لرفع مستوى التفاعل في الوقت المناسب للعلاقات بين التجمعات الإقليمية. وتشير الوثيقة إلى أن “الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي يمثلان معًا 20٪ من الاقتصاد العالمي، و17.5٪ من التجارة العالمية، ويغطيان أكثر من نصف الاستثمارات الأجنبية المباشرة العالمية". ففي عام 2020م، كان الاتحاد الأوروبي أكبر مستورد من دول مجلس التعاون الخليجي ورابع أكبر شريك للصادرات الأوروبية. إن زيادة العلاقات التجارية والاستثمارية ستكون مفيدة لكلا الطرفين، وكذلك في ضوء أهداف دول الخليج في تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن الاعتماد على عائدات النفط والغاز. وتعتبر السياحة مجال آخر يمكن أن يساهم في الازدهار الاقتصادي لكلا الشريكين.

 

ويجب الإشارة إلى أن منطقة الخليج والشرق الأوسط الأوسع تعتبر منطقة مضطربة ومتقلبة وعدم الاستقرار هناك له آثار مباشرة على أمن واستقرار الاتحاد الأوروبي ومصالحه الاقتصادية، ويتردد صداه في جوار الاتحاد الأوروبي. ويتطلب الاستقرار الدائم في الجوار الأوسع للاتحاد الأوروبي تعاونًا وثيقًا مع دول الخليج التي غدت نشطة بشكل متزايد في منطقتها وفي الشرق الأوسط الكبير وما وراءه. ويمكن لدول الخليج والاتحاد الأوروبي العمل معًا في القضايا المتعلقة بالأمن، سواء فيما يتعلق بمبادرات بناء الثقة التي تقودها المنطقة، ومعالجة الأزمات والتحديات الناشئة في المناطق المجاورة مثل الشرق الأوسط الكبير وأفغانستان والقرن الإفريقي. كذلك التعاون بشأن السلامة والأمن البحريين وقضايا التعاون الإنساني والإنمائي مهمان في هذا السياق.

 

علاوة على ذلك، فإن دول مجلس التعاون تشهد تطورًا كبيرًا على كل الأصعدة وتمر بمرحلة نمو اقتصادي ملموس ومتصاعد وحضور دولي بارز. وأصبحت دول فاعلة تسعى إلى السلطة والنفوذ خارج جوارها مما جعلها طرفًا في طاولات التفاوض حول الصراعات العديدة وبعضها ما يمس الأمن والمصالح الأوروبية. وبالتالي، فإن عملية ترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي تعتبر ملحة وحيوية للجانب الأوروبي.

 

وستعمل شراكة أكثر استراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي على تعزيز ازدهار وأمن كلا الشريكين وإحداث فرق حقيقي في مواجهة التحديات العالمية، مثل تغير المناخ، والتحولات الخضراء والرقمية، والتعافي الاقتصادي بعد أزمة جائحة كورونا وغيرها. فعلى سبيل المثال، تلعب منطقة الخليج دورًا رئيسيًا في مجالات التحول الأخضر وأمن الطاقة. وبصفته أكبر منتج للوقود الأحفوري في العالم، يلعب الخليج اليوم دورًا أساسيًا في استقرار أسواق النفط. ومع ذلك، على المدى المتوسط و​​الطويل، يمكن أن يصبح الخليج منتجًا ومصدرًا مهمًا للطاقة المتجددة، بما في ذلك الهيدروجين. وتمتلك دول مجلس التعاون الخليجي بعضًا من أفضل موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العالم وهي من موردي الغاز الطبيعي المسال الموثوق بهم. على هذا النحو، فإن الشراكة القوية مع مجلس التعاون الخليجي أمر بالغ الأهمية لتنفيذ الاستراتيجية الأوروبية لإنهاء اعتماد الاتحاد الأوروبي على الوقود الأحفوري الروسي وتحقيق استراتيجيتها الدولية للطاقة.

 

 ما هو المطلوب من دول الاتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد إقرار هذه الشراكة الاستراتيجية لتفعيل بنود الشراكة والتعاون مع دول مجلس التعاون؟

 

هناك حاجة ماسة إلى زيادة تقوية وتعزيز الحوار السياسي والتعاون المؤسسي بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي وأن يستخدم الاتحاد الأوروبي جميع أدواته ووسائله لضمان التطبيق الفعّال والسريع للشراكة الاستراتيجية الجديدة. ويتطلب هذا من الإتحاد الأوروبي أن يتجاوز مجرد الخروج ببيانات وتصريحات وصياغة سياسات واستراتيجيات جديدة وتكرار اللقاءات والاجتماعات وتكوين اللجان بدون فعالية تذكر. ويمكن أن يعمل بجدية لتحقيق أهداف الشراكة الاستراتيجية من خلال تبني مشاريع ملموسة وأن يفعل وبشكل حقيقي قسم الخليج في دائرة العمل الخارجي الأوروبي وأن يكمل بعثاته المعتمدة لتغطي كافة الدول الأعضاء في دول مجلس التعاون الخليجي وأن يسعى لإعفاء كافة دول مجلس التعاون الخليجي من تأشيرات دخول «شنجن». حيث أن التنقل والتبادل بين الشعوب في أوروبا ومنطقة الخليج سيؤدي إلى زيادة فرص التعاون والتفاهم المتبادل، لا سيما مع تعزيز الفرص للشباب المعولم والمشاركين بشكل متزايد في دول الخليج.

 

كما أن المطلوب من الاتحاد الأوروبي وأعضائه أن يتجاوزوا مستوى التعاون الجاري بالفعل لتعزيز الحوار وخلق تدابير بناء الثقة، وتعميق المشاركة في مكافحة الإرهاب والتصدي للتهديدات المختلطة بهدف البناء التدريجي لهيكل أمني إقليمي يحفظ أمن واستقرار المنطقة. ويمكن للاتحاد الأوروبي مشاركة الممارسات الجيدة بشأن الوقاية من الكوارث والاستعداد لها.

 

وأن يواصل الاتحاد الأوروبي دعم الجهود المستمرة التي تبذلها دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز احترام سيادة القانون والحكم الرشيد، وتعزيز بيئات معلومات أكثر صحة وانفتاحًا، وحوارات شاملة مع المجتمع المدني، والشفافية والمساءلة. كما أن الدور المعياري والرائد الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي في تنفيذ التشريعات التي تحمي الأشخاص من المراقبة وجمع البيانات غير القانونية وغير الضرورية يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تحسين أمن ورفاهية مواطني الخليج. ويمكن أن يتبادل الاتحاد الأوروبي خبرته في تعزيز الحوار الشامل مع المجتمع المدني ودعم جهود دول مجلس التعاون الخليجي للوفاء بالالتزامات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وعلى الاتحاد الأوروبي وخصوصًا البرلمان الأوروبي عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج واحترام أنظمة حكمها وثقافتها وتقاليدها.

 

سيحتاج الاتحاد الأوروبي، على المدى القصير، إلى مساعدة دول الخليج في استقرار أسواق النفط والطاقة واستيراد مصادر طاقة منخفضة الكربون من أجل انتقاله الأخضر السلس. وعلى المدى المتوسط ​​والطويل، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يساعد دول الخليج على الابتعاد عن الاعتماد على الوقود الأحفوري وفي طموحها لتصبح منتجة ومصدرة للطاقة المتجددة، وتحقيق أهدافها الخالية من الصفر.

 

سيتطلب التحول الأخضر والتكيف مع المناخ والتخفيف من حدته استثمارات واسعة النطاق على مستوى العالم. وستساعد الشراكة الأكثر استراتيجية في التحول الأخضر في كلتا المنطقتين حيث يمكن أن توفر البوابة العالمية إطارًا مفيدًا لمشروع مشترك مع الخليج لتعزيز الاستثمارات المستدامة في منطقة الشرق الأوسط الأوسع وكذلك في إفريقيا. ويمكن أن تكون مفيدة في الجمع بين القدرات الاستثمارية للاتحاد الأوروبي ودول الخليج ومؤسساتها المالية وإشراك القطاع الخاص بشكل فعال لإطلاق رأس المال والخبرة والتجربة اللازمة.

 

لذلك من المهم تحديد فرص التعاون في مبادرات البوابة العالمية وتعزيز تعاون شركاء الخليج مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء والمؤسسات المالية والقطاع الخاص، مما يعكس نهج Team Europe.

كما يمكن التعاون في مجال المساعدات الإنسانية والتعاون الإنمائي لدول الجوار. ويمكن للاتحاد الأوروبي، كونه يعتبر نموذجًا للتعاون الإقليمي، مساعدة دول مجلس التعاون الخليجي في بناء نظامها الإقليمي وتعميق التعاون والتكامل والاندماج وبناء مؤسسات إقليمية فعالة.

 

يمكن للاتحاد الأوروبي أن يدعم رؤى وخطط دول مجلس التعاون الخليجي الاقتصادية لتحقيق التنوع الاقتصادي والتنمية المستدامة. ويمكن توسيع مجالات التعاون لتشمل المجالات الصحية والثقافية والاجتماعية وتبادل الخبرات بين الجامعات والطلاب

 

المجالات القابلة للنمو والمجالات التي تنظر على أجندة هذه العلاقات

 

يعتبر الأمن بمفهومه الشامل أي الأمن الإنساني أو الأمن البشري من المجالات الملحة للتعاون بين الطرفين وهنا يجب التركيز على الحوار السياسي وحفظ الأمن وتحقيق الاستقرار والأمن السيبراني والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل والحروب الغير تقليدية والحروب بالوكالة ومكافحة الإرهاب والتطرف والتعاون فيما يخص الملف النووي الإيراني ومحاولة إيجاد حلول للحروب والصراعات في المنطقة والتوجه نحو التعاون والتنمية. كما يجب تعزيز التعاون في المحافل الدولية في مواجهة التحديات العالمية الرئيسية في عصرنا، مثل مكافحة تغير المناخ، والتحول الأخضر، ومواجهة الأوبئة، والتعافي بعد الوباء، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات التنموية والإنسانية العالمية المتزايدة وتحقيق الأمن الغذائي.

 

 وعلى المستوى الثنائي يمكن إعطاء أولية لمجابهة التباطؤ والركود وتعزيز النمو الاقتصادي ودعم التبادل التجاري والاستثمار والتعليم وخلق ونشر ونقل التكنولوجيا والمعرفة ودعم دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق رؤاها التنموية وسياسة التنوع والاستدامة الاقتصادية وخلق فرص عمل وتمكين الشباب. وهنا يجب الإشارة إلى تنفيذ بنود الاتفاقية الإطارية الموقعة في عام 1988م، وإكمال المحادثات للتوصل إلى اتفاقية تجارة حرة بين الطرفين تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات والتطورات والطموحات. كما أن أمن الطاقة واستقرار أسواق النفط هي من المجالات الشديدة الأهمية في الوقت الحاضر وكذلك التعاون في مجالات الطاقة البديلة والمتجددة منخفضة الكربون لتحقيق الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. وهنا يجب الإشارة إلى أنه مع الأخذ في الاعتبار ضرورة تضمين المستجدات العالمية والإقليمية إلا أن تاريخ وسجل العلاقة بين الطرفين يعني أنه لن تكون البداية من نقطة الصفر ويمكن البناء على ما سبق من تعاون في كافة المجالات وخصوصًا فيما جاء في برنامج العمل المشترك. وأن يتجنب الجانبان التعقيدات الهيكلية النابعة من طبيعة الحوارات الإقليمية وأن تستحدث طرق وآليات جديدة تتجاوز بعض هذه العراقيل.

كما يجب أن يكون هناك أيضًا إدراك أن هذه الاستراتيجية ستكون بطيئة، وأنه ستكون هناك نكسات وصعوبات في المستقبل ولذا يجب أن يضع في الاعتبار الاستفادة من تجارب الماضي وإشراك المجتمع المدني ومراكز الفكر والدراسات والأبحاث في دعم ورفد العلاقات والمحادثات الرسمية والتركيز على المشاريع التي تعتبر حيوية لاستمرار الازدهار لكلا الجانبين.

مقالات لنفس الكاتب