array(1) { [0]=> object(stdClass)#12958 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 183

4 سيناريوهات تنتظر نظام إيران والعلاقات الدولية لا تشجع التغيير الجذري

الإثنين، 27 شباط/فبراير 2023

رغم استمرار الاحتجاجات في إيران مند عام 1979م، إلا أن احتجاجات نهاية العام الماضي وبداية الحالي اتسمت بالعناد والبقاء رغماً عن كل أساليب القمع التي يستخدمها النظام ضد المحتجين. وهذا يطرح التساؤل الهام حول مدى قدرة النظام على صنع أدوات قمع قادرة على إيقاف هذا المد من الاحتجاج المتواصل ولمدة أربعة أشهر بدون توقف.

كذلك، ما مدى قدرة هذه الاحتجاجات في صنع اختراق يجبر النظام الحاكم على التغيير والانفتاح على المجتمع بكافة أطيافه وتوجهاته، وماهي طبيعة المستقبل المنشود والمحتمل؟

لقد بدأت هذه الاحتجاجات في 16 سبتمبر من العام الماضي نتيجة لمقتل الفتاة الكردية مهسا أميني والتي اعتقلتها "شرطة الأخلاق" بسبب لبسها الحجاب بطريقة "غير صحيحة" وما ترتب عن ذلك من تعرضها للضرب الذي أسفر عن وفاتها لاحقاً. هذا الحدث أدى إلى ردود فعل عفوية من قبل مجموعة من الشباب والشابات في كافة أنحاء الدولة مطالبة بالتغيير الشامل. كذلك أدى المقتل العنيف للفتاة إلى ردود فعل عالمية على مستوى منظمات حقوق الإنسان في الخارج طالبة من حكومات العالم محاسبة النظام في إيران على هكذا جرائم. بالإضافة لمقتل هذه الفتاة قامت السلطة القضائية بتجريم عدد من المحتجين بتهمة "الإفساد في الأرض" ومحاربة الدين وعقوبة ذلك هي الإعدام وتم بالفعل إعدام ثلاثة محتجين من بين ستة عشر صدرت بحقهم أحكام بالإعدام. كل هذه الإجراءات بالإضافة إلى القمع المعتاد من قبل السلطات كانت عاملاً في إبقاء هذه الاحتجاجات متواصلة في محاولة لفتح عيون العالم على الإجراءات التي تطبقها أجهزة الأمن والقضاء ضد المحتجين السلميين، ولعل عفوية الاحتجاجات وكثرة العنصر الشبابي فيها ساهم إلى حد كبير في إكسابها صفة البقاء وتحت أسوأ ظروف الاضطهاد والقمع.

 كما ساهمت عفويتها في توسيع دائرة انتشارها في كافة مناطق ومحافظات إيران بما فيها العاصمة طهران. وكذلك الحضور الإعلامي العالمي ساهم في الكشف عن ممارسات النظام القمعية وإصراره على أيديولوجيا بدأ الشعب يمل ويتضايق من تبعاتها الاجتماعية والسياسية.

إن طبيعة النظام السياسي في إيران لا تسمح بالتراجع الأيديولوجي، فنظام الحكم شبيه بالأنظمة الكهنوتية التي سادت في أوروبا في العصور الوسطى، حيث كان البابوات "ظل الله في الأرض" والمنفذين لأحكامه. في إيران الولي الفقيه هو نائب الإمام المنتظر وهذا غير موجود في المذهب الجعفري وإنما هو ناتج عن نظرية وضعها الخميني قبل الثورة في عام 1979م، ففي إيران يتكون النظام السياسي من مؤسسات متداخلة يتدخل فيها المذهب مع السياسة مع البراغماتية.

وفيما يلي السلطات والمناصب الرئيسة

1-الولي الفقيه يتم اختياره من قبل أغلبية ممثلي مجلس الخبراء ويتمتع بسلطات واسعة ويحكم مدى الحياة. حسب نظرية ولاية الفقيه التي أوجدها الإمام الخميني فإنه نائب الإمام المنتظر.

ولكي يضمن نفوذه في كافة أجهزة الدولة فقد اعتمد على ثلاث استراتيجيات:

1-وضع ممثلين للمرشد في كل مؤسسات الدولة.

2-صنع مؤسسات موازية لمؤسسات الدولة يكون ولاؤها للمرشد.

3-إيجاد شبكة من طلبة الحوزة والمدارس الدينية ولاؤهم المطلق للمرشد ويتم تعينهم فيما بعد في مناصب القضاء وإمامة المساجد.

وأعطى الدستور الإيراني المرشد كم هائل من الصلاحيات بما فيها عزل رئيس الجمهورية. ويشكل المرشد نقطة توازن تلتقي عندها كافة القوى السياسية مما لا يسمح بتغير أيديولوجي لا يقبل به المرشد، وهذا يفسر عدم قدرة كل التظاهرات الاحتجاجات ، والإصلاحيون ضمن النظام من صنع اختراق أيديولوجي أو حتى تغيير طفيف في عملية صنع القرار.

2-سلطات الحكم:

  • رئيس الجمهورية وهو مسؤول أمام الشعب والمرشد ومجلس الشورى وسلطته قليلة ولا يستطيع الخروج عن سياسات المرشد، فكان الرئيس حسن روحاني إصلاحيًا ورغب الانفتاح على العالم من خلال الاتفاق النووي، ولكن فشل في ذلك، وكذلك كان الأمر مع محمد خاتمي.
  • مجلس صيانة الدستور: للتأكد من أن القوانين والإجراءات تتوافق مع المذهب الجعفري. وله حق رفض قوانين مجلس الشورى وعادة ما يتم اختيار أعضاءه من المتشددين.
  • مجتمع تشخيص مصلحة النظام: يحل الخلاف بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور وهو مرتبط بشكل وثيق مع المرشد.

أما السلطة القضائية فقد اشتهرت بإصدار أقسى الأحكام في العالم فقد حكمت المحاكم الثورية (وهي محاكم أسسها الخميني وليست لها مراجع قانونية وأحكامها لا يتم نقضها من أي جهة إلا المرشد) حكمت في بداية الثورة عام 1979م، على 550 شخصًا بالإعدام وتم تنفيذ الأحكام وأصدرت في نفس الفترة 1700حكم بإعدام مسؤولي النظام الملكي السابق.

وبعد سيطرة النظام الجديد وإلى بدايات عهد الرئيس الحالي حكمت على 40 ألف شخص بالإعدام والتي نفذت فورًا. وحكمت على 25 ألف شخص بأحكام سجن طويلة الأمد وصادرت أموال ما يقارب من 45 ألف شخص.

 ومن ضمن السلطة القضائية هناك محاكم خاصة لمحاكمة رجال الدين بسرية تامة حتى لا تتأثر هيبتهم لدى الشعب فلا تعلن التهم الموجهة إليهم أو الأحكام الصادرة بحقهم.

كل هذه الممارسات جعلت الشعب الإيراني منتظر الفرص للمسببات والمسوغات للاحتجاج متى أمكن ذلك وهذا يفسر كذلك كثرة الاحتجاجات ضد النظام مند تأسيسه. فاحتجاجات إيران لم تبدأ في سبتمبر الماضي نتيجة لمقتل الفتاة الكردية مهسا أميني وأغلب الظن أنها لن تنتهي عندها. فقد بدأت الاحتجاجات الإيرانية في عام 1999م، عندما بدأت الحركة الطلابية تظاهرة بسبب إغلاق الصحيفة الإصلاحية "سلام". بدأت سلمية، ولكن توسعت وتصاعدت أحداثها بعد قتل أحد الطلبة خلال هجوم قوات الأمن.

وفي عام 2009م، برزت الحركة الخضراء بعد وصول المرشد أحمدي نجاد إلى سدة الرئاسة بانتخابات تم التشكيك بصحتها وخسر فيها الإصلاحيان مير حسين موسوي ومهدي خروبي، فانطقت احتجاجات واسعة في المدن الرئيسية كطهران، وأصفهان، وشيراز، وغيرها (سميت بالخضراء لأن المحتجين اكتسوا باللون الأخضر وهو لون حملة موسوي الانتخابية).

وفي الفترة (2017 -2021م) كانت هناك تظاهرات عنيفة جدًا بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وضعف الإيرادات الناجمة عن العقوبات الدولية. وفي نوفمبر 2019م، تصاعدت حدة الأحداث وقتل حوالي 1500من المحتجين.

 

وتم استخدام تكنولوجيا الاتصال والعنف الشديد والقمع للسيطرة، ومنذ ذلك الوقت لم تتغير أساليب واستراتيجيات النظام في التعامل مع هذه الاحتجاجات التي غلب عليها طابع القمع والسجن والتنكيل بالقائمين عليها بالإضافة إلى التعتيم الإعلامي ومنع تواصل المحتجين مع العالم الخارجي.

أما الاحتجاجات الأخيرة فيرى القائمون عليها أنها تشكل ثورة على المستوى الشعبي وأن النظام أصبح منبوذًا اجتماعيًا وعديم المقدرة على حل المشاكل الاقتصادية وعديم القدرة على الانفتاح والإصلاح فهو آيل للسقوط. فخلال الأشهر الخمسة الماضية مند سبتمبر لم تتوقف الاحتجاجات وآخرها كان الجمعة 3-2-2023م، عندما خرج محتجون في مدينة زهدان عاصمة بلوشستان وسندج في كردستان وكاليش في شمال إيران هاتفين ضد النظام ومعارضتهم لأحكام الإعدام التي تصدرها الحكومة.  ولكن من جهة أخرى لازال النظام يمسك بكافة خيوط العملية السياسية وحتى أن الخارج المؤيد للمحتجين والمتعاطف معهم لا يستطيع مواصلة تأييدهم أو يرسم الخطط لمساعدتهم

إذًا ماهي نتيجة هذه الاحتجاجات وكيف هو شكل المستقبل؟

 إن مما لا شك فيه أن النظام في إيران وبأجهزته العسكرية والأمنية سيسحق هذه الاحتجاجات كما فعل في الماضي وأغلب التخمينات أن أجهزة الدولة ستعود للسيطرة. كذلك بالنسبة للقوانين الصارمة حول الحجاب وغيرها، فلن تتراجع الدولة عن قوانينها. فالنظام ليس كالدكتاتوريات المعروفة حيث الحاكم يتمتع بكل السلطات ويراجع قراراته حسب المصلحة. في حين أن النظام هو دكتاتورية دينية تعتقد أنها تنفد مشيئة إلهية حسب المذهب الجعفري. ولذلك فإن أي تراجع سيمس شرعية النظام في الصميم. لذلك أغلب الظن إنه سيزداد تشددًا.

أما بالنسبة لسيناريوهات المستقبل فهي واحدة من ثلاثة احتمالات:

الأول: وهو خفوت حدة الاحتجاجات نتيجة للقمع المتواصل ومقدرة النظام على التعامل مع الاحتجاجات وخبرته في ذلك. فللنظام خبرة طويلة في التعامل مع الاحتجاجات سواء من خلال القمع المباشر أو العفو عن بعض السجناء. فبمناسبة الذكرى الرابعة والأربعون للثورة الإيرانية وبمناسبة "أعياد رجب" أصدر المرشد علي خامنئي، وبناء على توصية من رئيس السلطة القضائية عفوًا عن السجناء الذين تم سجنهم نتيجة للاحتجاجات الأخيرة. وجاء العفو مشروطًا بإعلان الندم والتوقيع عليه. فقد قال رئيس السلطة القضائية إن "من لم يعبروا عن ندمهم على ما فعلوه ولم يقدموا التزامًا كتابيًا بعدم تكرارها فلن يشملهم العفو. بالإضافة إلى وحدة صف الأجهزة الأمنية التي لم تظهر أي انفصال أو رفض للأوامر أو أي بوادر بعدم الولاء. لذلك حسب هذا الاحتمال فإن النظام سيعيد سيطرته على كافة أراضي البلاد. وإذا استطاع أن يتوصل إلى اتفاق نووي مع الدول الغربية فإن ذلك سيعطيه شرعية دولية من الانتقادات الخارجية. وحتى إن لم يتوصل لذلك الاتفاق فيكفي أن يسير باتجاه التوافق مع الخارج. ويستفيد النظام أيضًا من أن المحتجين ليسوا ذوي خبرة أو قيادة أو أيدلوجيا محددة، فهي ليست معارضة بالمعنى الحقيقي للكلمة وإنما احتجاجات عفوية تعبر عن غضب يسعى النظام لقمعه واستيعابه.

أما الاحتمال الثاني، فهو ضعف النظام وتراجعه مما يفتح الباب إلى انقلاب عسكري أو تغيير من الداخل. فكما أسلفنا، هناك معارضة من بعض قيادات النظام نفسه ولطريقة عمله، ومن المحتمل أن تتراجع حالة المرشد على خامنئي. فهنالك تقارير غربية تبين أنه ليس في أفضل أحواله وسيكون هناك صراع شديد على المنصب. ومع أن مجلس خبراء القيادة الذي يختار المرشد ومجلس صيانة الدستور الذي يرشح ويستبعد فإنهما على وفاق تام وتميلان إلى التشدد. إلا أن التنافس قد يكون على أشده ومفتوحًا على كل الاحتمالات. فإيران تعاني من أزمة اقتصادية خانقة ولا يلوح في الأفق أي تحسن لوضع البلاد خارجيًا. ومن خلال عمليات القتل والتفجيرات الداخلية يبدو أن المنظومة الأمنية ليست بالقوة التي كانت عليها. بالإضافة لذلك، فإن القادة الإصلاحيين لازالوا موجودين على الساحة السياسية. لقد تم إضعافهم ومحاصرتهم، ولكن في ظروف متغيرة قد يكون لهم قول.

أخيرًا السيناريو الثالث: وهو بقاء الاحتجاجات وتوسعها من الدعم الخارجي لها قد تنهك النظام وتخلف حالة تؤدي إما إلى ثورة جديدة أو تقسيم البلاد حسب قدرات المكانيات في المقاومة، هذا السيناريو ضعيف الاحتمال وصعب المنال، ولكن مع تغير الظروف والإمكانات فلا شيء مستحيل.

مستقبل النظام السياسي في إيران

 

تقول السيدة شيرين عبادي، الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام ٢٠٠٣م، إن التغيير قادم وتصر على أن الاحتجاجات الحالية هي "عملية ثورية"، و"مثل قطار لن يتوقف إلا عندما يصل لوجهته النهائية". ونرى أن الدول الغربية تستطيع من خلال تخفيف درجة العلاقات الدبلوماسية وتجنب الوصول إلى اتفاقات مع النظام الحالي سيجبر المؤسسة الدينية على ترك السلطة".

هذا تقدير قد يكون بعيدًا جداً عن حقائق الأمور في إيران، حيث المؤسسة الدينية هي الوحيدة القائمة في الوقت الحالي وكل ما عدا ذلك من أحزاب وحركات قد تم تشتيتهم وإجبارهم على مغادرة البلاد أو أنهم يقبعون في السجون. ولكن السيدة عبادي لم تبنِ استنتاجها من فراغ. فحقيقة الاحتجاجات لا تدور كلها حول الحجاب، بل إنها تدور حول الفشل في الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فقد صرّح المحامي الإيراني المتخصص بقضايا حقوق الإنسان شادي يشار لمحطة يورونيوز أن الإيرانيين راهنوا لفترة طويلة على الفكرة التي وعد بها القادة الإصلاحيون بأن الأمور ستتغير. "ولكن أي من هذا لم يحصل ... إن الرسالة الواضحة وبصوت عالٍ اليوم أن الجمهورية الإسلامية نفسها يجب أن تنتهي". إن مما لا شك فيه أن شرعية النظام في تآكل مستمر، خاصةً بين جيل الشباب الجديد الذي يرى مستقبله وإمكاناته ضمن النظام الحالي أقل بكثير من طموحاته.

 

إذًا ما هو مستقبل النظام السياسي؟

 

هناك ثلاثة متغيرات رئيسية ستلعب دوراً مهماً في تحديد شكل هذا المستقبل: أولاً، احتمالات وفاة المرشد الحالي والصراع القادم على خلافته بين الرئيس المتشدد والحالي السيد علي رئيسي وحفيد الخميني الإصلاحي أحمد الخميني وآخرون. ثانياً، العلاقات الدولية المتدهورة من جهة والاختراقات الأمنية من جهة أخرى، خاصةً مقدرة الولايات المتحدة وإسرائيل في الوصول إلى عمق الأراضي الإيرانية وضرب مصالح عسكرية حيوية مما سيضعف شرعية النظام في حماية البلاد، ويقلل من مقدرات النظام العسكرية سواءً في القمع أو التدخل الخارجي. وثالثاً: نتائج التعامل مع الوضع الداخلي الحالي سواءً بقمع التظاهرات أو تحسين الوضع الاقتصادي أو الانهيار.

هذه العوامل ستسفر عن واحدة من أربعة سيناريوهات مستقبلية محتملة:

أولًا سيناريو التلاشي: وهو أن يبقى النظام كما هو، ضعيف داخليًا، ولكن متماسك مع عدم وجود تهديد حقيقي داخلي. نتيجة لهذا الضعف والعقوبات، ستبدأ إيران بالتخلي عن تدخلاتها الخارجية، ولكن ستسعى لبناء تحالفات تساعدها على البقاء. في ظل هذا السيناريو سيتوقف المشروع النووي، حيث ستكون البلاد مخترقة من الخارج وستقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها بالإغارة على أي تقدم لذلك البرنامج. داخليًا، سيبدأ الشباب، كنتيجة لانسداد الفرص، بالتفكير بالهجرة. أما المعارضة السياسية فستلتزم الصمت لعدم مقدرتها في صنع أي تغيير منشود.  سيفقد النظام أي قدرات استراتيجية وسيسعى القادة فقط إلى الحفاظ على مناصبهم من خلال الإدارة اليومية لشؤون الدولة ومنع أي تغيير. في هذا السيناريو ستتراجع إيران إلى مستويات الدولة الفاشلة، والاهتمام العالمي فيها سيبدأ بالتلاشي.

 

ثانيًا، سيناريو القوة. أن يستعيد النظام سيطرته الكاملة على البلاد وينجح في إنتاج القنبلة الذرية ويتوسع في إنتاج الصواريخ وطائرات الدرون. في هذه الحالة سيستطيع المتشددون استعادة السيطرة على مفاصل الحكم وإعادة إنتاج "شباب الثورة" واستبعاد كل من يعارض ذلك باستخدام كل أدوات القمع والتنكيل. ستبقى علاقاته الدولية ضعيفة، ولكن كنتيجة للقوة العسكرية وإنتاج السلاح سيكون هناك بعض التحالفات الدولية مع روسيا والصين والهند ومع بعض دول الإقليم كسوريا ولبنان وغيرها. بالسيطرة على الوضع الداخلي ستنخفض احتمالات الاختراقات الأمنية من إسرائيل أو حتى الولايات المتحدة. طبعًا سينتهي الاتفاق النووي وسيكون هناك مفاوضات من نوع آخر كتلك المتعلقة "بخفض" أعداد أسلحة الدمار الشامل، بدلًا من إلغائها كليًا.

 

ثالثاً، سيناريو الديمقراطية والانفتاح: أن ينجح الإصلاحيون بإقناع المتشددين بطريقة أو بأخرى الابتعاد عن الساحة السياسية. هذا ممكن فقط إذا فاز أحد الإصلاحيين بمنصب المرشد، وهذا سوف يفتح الباب للإصلاح الديمقراطي داخلياً والمصالحة مع العالم خارجياً، مما يتيح لإيران أن تلعب دوراً إيجابياً في السياسية العالمية وتقوم بإصلاحات واسعة اقتصادياً واجتماعياً. ففي حالة فوز أحد الإصلاحيين بمنصب المرشد، ولما يتمتع به من سلطات ونفوذ، سيبدأ بالتدريج بإبعاد المتشددين من مراكز صنع القرار الرئيسية. مع أن هذا السيناريو بعيد المنال بسبب تمسك المتشددين بمفاصل صنع القرار داخلياً وخارجياً، إلا أن نخبة جديدة ذات رؤيا حول الاستقرار والازدهار قد تدفع بهذا الاتجاه. في هذه الحالة ستلعب إيران دورًا إيجابيًا في منظومة الدول الإسلامية على غرار ماليزيا أو إندونيسيا.

 

رابعًا: سيناريو الانقلاب العسكري حيث يقوم مجموعة من قادة الجيش بالتعاون مع الخارج. في هذا السيناريو يتم التخلص كليًا من المؤسسة الدينية وسيعمل النظام الجديد على توسيع الحريات الاجتماعية حول الملبس والعمل والسفر، ولكن سيحتفظ الانقلابيون بالسيطرة الكلية على القرار السياسي، بحيث تكون هناك دكتاتورية عسكرية. هذا السيناريو يشبه حال انقلابات أمريكا اللاتينية في ستينات وسبعينات القرن الماضي حيث انتزع العسكريون السلطة من القوى التقليدية وصنعوا بعض التطور الاقتصادي، ولكن بدون أفق سياسي. هذا السيناريو أيضاً بعيد المنال لارتباط المؤسسة العسكرية بالمرشد مباشرةً. ولكن معظم الانقلابات العسكرية كانت مستحيلة قبل حدوثها، ولكنها حدثت. في إيران قد يكون هذا السيناريو مقبولاً لفئات الشباب التي ترغب بالتغيير الاجتماعي ومستعدة لانتظار ظروف أخرى مواتية لصنع التغيير السياسي.

في كل الأحوال، الجمهورية الإسلامية في إيران تعاني من عدة أزمات، بعضها مستجد وبعضها مزمن. العلاقات الدولية الحالية لا تشجع على التغيير الجذري، ولكن لا حلول لإيران ضمن المعطيات الحالية.

مقالات لنفس الكاتب