array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 184

رفع مساهمة القطاع الخاص السعودي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65% والدولة تحفزه

الأربعاء، 29 آذار/مارس 2023

     لم تعد المخاطر التي تعودنا عليها في العقود الماضية مثل التضخم والارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة وأزمة المياه والحروب و شبح الفقر والمجاعات وغيرها من المخاطر التي يمكن تسميتها بالمخاطر "القديمة" وليست هي ما تؤرق العالم فقط، بل هنالك قائمة جديدة من المخاطر بدأت في الظهور لتهاجمِ اقتصاد العالم وتؤثر عليه بشكل كبير الأمر الذي أدى إلى إعادة تشكيل وتوزيع القوى الاقتصادية العالمية وذلك حسب تقرير المخاطر العالمية لعام 2023م، الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي "دافوس" والذي أشار إلى أن دول العالم لن تكون بمعزل عن هذه المخاطر "الجديدة" و هو الأمر الذي يتطلب أخذ الكثير من الاحتياطات للتقليل من آثارها السلبية، ويعتبر القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية والذي يشهد نموًا كبيرًا خصوصًا مع دعم الدولة له ضمن رؤية 2030أحد القطاعات التي قد تتأثر بهذه المخاطر خصوصًا مع الانفتاح الكبير للاقتصاد السعودي على العالم الخارجي وهو الأمر الذي يتطلب سن القوانين والإجراءات وتقديم الدعم الكبير من الدولة حتى يستطيع القطاع الخاص عبور هذه المرحلة بسلام و تحقيق الدور الاقتصادي و الاجتماعي المرجو منه على أكمل وجه.

      يحظى القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية بأهمية كبرى باعتباره أحد أهم أدوات النمو الاقتصادي وذلك لما له من دور إيجابي في توظيف الموارد الاقتصادية وفي أداء سوق العمل وتحسين أداء المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية للدولة وبالتالي رفع مستوى الناتج المحلي الإجمالي ككل وزيادة نسبة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي تحقيق خطط المملكة في تنويع القاعدة الاقتصادية وهو الأمر الذي يجعل دعم القطاع الخاص وتحسين مستوى أدائه من الأولويات في الدولة. ونظرًا لأن تحقيق "الاقتصاد المزدهر" الذي يعد أحد الركائز الأساسية لتحقيق رؤية 2030 لن يتحقق إلا بالعمل المشترك بين كل من القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع غير الربحي وإدراك الدولة لأهمية دور القطاع الخاص وتفعيل دوره، أصبح من الضروري دعم هذا القطاع والعمل على إزالة كافة العقبات التي قد تمنعه من أداء دوره الحيوي في الدولة.

     لقد كرست برامج رؤية السعودية2030 كافة جهودها لتحقيق التكامل والعمل على التنسيق بين كافة القطاعات الحكومية وبرامج الرؤية وذلك من أجل تفعيل دور القطاع الخاص كمحور رئيسي في مشروع التنمية الاقتصادية والذي تمكن وبدعم من الدولة في رفع مشاركته النسبية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 43  % خلال عام2021 م، وهي أكبر نسبة مشاركة للقطاع الخاص في المملكة العربية السعودية منذ إطلاق برامج رؤية السعودية 2030  في عام 2015  م. كما سجلت الشركات غير المنتجة للنفط توسعات كبيرة في المشتريات والتوظيف حيث ارتفعت أعداد الوظائف بمعدل يعتبر هو ثاني أسرع معدل خلال الفترة من 2017 إلى 2022م. إن قوة الأرقام التي تعكس مستوى أداء القطاع غير النفطي هي أكبر دليل على نجاح مبادرات تحفيز الاقتصاد و دعم القطاع الخاص إضافة إلى نجاح خطط المملكة العربية السعودية في تحييد قطاع النفط إلى حد كبير و تقليل نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لصالح القطاع الغير نفطي و لقد سجل الناتج المحلي الحقيقي للقطاع الخاص في النصف الأول من عام 2021م،  نموًا بنسبة 5.4 % مدعومًا بنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع الخاص الذي سجل نموًا بنسبة7.5  % . كما تمكنت الإيرادات غير النفطية للمملكة العربية السعودية من منافسة الإيرادات النفطية، بل تجاوزتها أيضًا في بعض الفترات.

     يمكن اختصار أهم مستهدفات الرؤية المرتبطة بالقطاع الخاص بحلول عام 2030 فيما يلي:

  1. رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية بحلول عام 2030 من 40 %إلى 65%.
  2. زيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي من 20% إلى 35%.
  3. زيادة معدل مساهمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الناتج المحلي الإجمالي من 8% إلى 5.8%.
  4. رفع مساهمة الصادرات غير النفطية في إجمالي قيمة الناتج المحلي غير النفطي من %16إلى 50%.

    وتقدم المملكة العربية السعودية ضمن رؤية السعودية 2030الكثير من البرامج والمبادرات والدعم لتمكين القطاع الخاص ولضمان تحقيق أهداف الرؤية وذلك عبر عدد من البرامج، منها على سبيل التعداد وليس الحصر:

  • برنامج "التحول الوطني" الذي يعمل على تحقيق 35 % من أهداف رؤية السعودية ويؤدي دورًا كبيرًا على عدة أصعدة عبر الشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص حيث ساهمت الشراكة الفاعلة بين كل من وزارة الشؤون البلدية و القروية والإسكان و القطاع الخاص ضمن مسار "أنسنة المدن" في اعتماد خصخصة عدد من الخدمات البلدية و المسارات الرقابية إضافة إلى نمو إيرادات القطاع الخاص لتصل إلى 6 مليار ريال بنهاية عام 2022م، و إصدار أكثر من 25  ألف رخصة فورية لما يزيد عن 154 نشاط و هو الأمر الذي ساهم بدوره في تحسين تصنيف المملكة العربية السعودية في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، إضافة إلى مضاعفة نسبة السعودة للعاملين في القطاع الخاص لتصل إلى 2.2 مليون سعودي وذلك بهدف استيعاب الكفاءات الوطنية من خلال مسار "تمكين الاستثمار" . ويسعى مسار "جودة الحياة " ضمن برنامج التحول الوطني إلى تمكين القطاع الخاص عبر خصخصة 65 %من الاقتصاد السعودي.
  • برنامج "صندوق الاستثمارات العامة" الذي ساهم في خلق فرص استثمارية وإطلاق قدرات قطاعات غير نفطية لم تكن مستغلة مسبقًا وذلك من خلال ضخه ما يقارب 3 تريليونات ريال بهدف تفعيل القطاع غير النفطي و زيادة أثره في ميزانية المملكة العربية السعودية، ولقد أعلن صندوق الاستثمارات العامة من خلال تدشين منتدى القطاع الخاص عن إطلاق ثلاث مبادرات تهدف لدعم وتمكين القطاع الخاص، تمثلت المبادرة الأولى في برنامج تنمية المحتوى المحلي "مساهمة" والذي يهتم بتعزيز المحتوى المحلي لمشاريع شركات الصندوق، والمبادرة الثانية وهي برنامج "تطوير الموردين" أما المبادرة الثالثة "منصة القطاع الخاص" وهي تهدف إلى تمكين شركات القطاع الخاص المحلي وتعزيز دورها كمستثمر وشريك في استثمارات الصندوق.
  • برنامج " شريك" الذي دشنه ولي العهد في 30  مارس 2021م، والذي يهدف إلى بناء إطار من التعاون بين القطاع الحكومي والشركات الخاصة من خلال ضخ ما يقارب 5 تريليونات ريال وذلك بهدف توسيع أهدافها الاستثمارية وللمساهمة في خطة رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65%. ولقد أعلن برنامج "شريك" عن الحزمة الأولى من المشاريع المدعومة لـ 12 مشروعًا بقيمة 4 مليار ريال لثماني شركات كبرى تعمل في أربع قطاعات مختلفة ويصل أثرها على الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية إلى ما قيمته 466 مليون ريال خلال العقدين القادمين. ويهدف برنامج "شريك" إلى دعم المشاريع الكبرى التي تحقق أثرًا اقتصاديًا كبيرًا وتساهم في توفير فرص عمل جديدة للمواطنين إضافة إلى أن بعض المشاركات مع شركات عالمية الأمر الذي يساهم بشكل كبير في نقل المعرفة والتكنولوجيا وبالتالي فتح المجال أمام التطور والمنافسة عالميًا والاستدامة.

إضافة لما سبق، توجد برامج أخرى موجهة للقطاع الخاص، مثل: برنامج تطوير القطاع المالي، برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وبرنامج التخصيص وصندوق التنمية الوطني وبنك المنشأت الصغيرة والمتوسطة وبرنامج كفالة وغيرها من البرامج الداعمة للقطاع الخاص.

     إن دور المملكة العربية السعودية الداعم للقطاع الخاص يشهد حركة مستمرة متنامية لرفع مستوى تمكين القطاع الخاص، و تشمل المساهمات التنموية الفعالة إلى كافة القطاعات والمجالات مثل الصناعات الأساسية ومشاريع شركة "أرامكو السعودية" وقطاع الطاقة وخدمات الحوسبة السحابية و الصناعات البحرية وتصنيع المعادن والبتروكيماويات، يضاف لما سبق، شركة أكواباور بهدف إنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر وفق شراكة مع شركتي "نيوم للهيدروجين الأخضر" و "إير برودكتس" وشراكات متنوعة في مجال البتروكيماويات وصناعة المحفزات و أيضًا شراكات في قطاع الاتصالات والخدمات اللوجستية... والقائمة تطول بحيث لا مجال لسردها جميعًا هنا لكنها بشكل عام شراكات ستعود على الاقتصاد السعودي بشكل عام و القطاع الخاص بالكثير من النفع و الفائدة.

     للقطاع الخاص في أي دولة في العالم دوره الحيوي الهام في دفع عجلة التنمية والتطور إضافة إلى تحسين مستوى توظيف الموارد الاقتصادية وزيادة الدخل القومي والحد من مشكلة البطالة والفقر والكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي قد تهدد استقرار الدولة بأكملها، والقطاع الخاص وبسبب الانفتاح الاقتصادي والعولمة لن يكون بمعزل عن المخاطر المتعددة التي يتعرض لها العالم في كل مكان. ولقد أشار تقرير المخاطر العالمية لعام 2023م، الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي "دافوس" إلى حجم المخاطر التي ستواجه العالم بدءًا من العام الحالي والتي وصفها التقرير بأنها جديدة تمامًا وغير مألوفة ومقلقة بشكل مخيف. وأشار التقرير إلى أن العالم سيواجه نوع جديد من المخاطر "الجديدة" والتي ستغزو العالم جنبًا إلى جنب مع المخاطر التي وصفها بـ " القديمة" وهي المخاطر التي تعرض لها العالم في الفترات السابقة بشكل متتالي مثل التضخم والارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة والحروب التجارية والتهديدات بقيام حروب نووية والاضطرابات الاجتماعية وأخيرًا وليس آخرًا المواجهات الجيوسياسية.

          و تظهر إلى الواجهة ضمن المخاطر التي أطلق عليها تقرير منتدى دافوس مسمى المخاطر "الجديدة" انتشار الجرائم الإلكترونية وانعدام الأمن السيبراني و الهجرة الإجبارية على نطاق واسع إضافة إلى المشاكل الناجمة عن التغير المناخي وتكاليف خدمة الديون والحروب الاقتصادية وتكلفة التكنولوجيا والتقنيات الجديدة و أزمة الغذاء و ذلك على الرغم من تصدر الارتفاع المضطرد في تكاليف المعيشة وارتفاع التضخم و أزمة الطاقة قائمة المخاطر للعام 2023 م. ولا يسعنا عند الحديث عن قائمة المخاطر العالمية تجاهل الآثار السلبية التي خلفتها جائحة كورونا على العالم أجمع والتي تلتها مباشرة - دون أن تترك للعالم فرصة للتعافي الكامل من آثار الجائحة - الحرب الروسية-الأوكرانية والآثار السلبية التي تركتها على العالم من حيث نقص إمدادات الغذاء .

قد يتساءل البعض عن حجم الضرر الذي تركته هذه المخاطر على الاقتصاد السعودي بشكل عام. والقطاع الخاص تحديدًا والذي هو محور اهتمامنا خصوصًا فيما يتعلق بالحرب الأوكرانية وجائحة كورونا باعتبارها الأكثر ضررًا وتأثيرًا على العالم في الفترة الأخيرة؟ يمكننا اعتبار جائحة كورونا أول المخاطر العالمية التي تصنف ضمن المخاطر الطارئة والمفاجئة وهي من أصعب المخاطر التي قد تواجه القطاع الخاص والتي انعكست سلبًا على الربحية والتشغيل والأداء والتوظف وكانت سببًا في إفلاس العديد من شركات القطاع الخاص على مستوى العالم. ولقد استطاعت المملكة العربية السعودية التعامل السريع وتقديم الحلول السريعة في أقصر وقت ممكن لاحتواء القطاع الخاص وتقديم العون له من خلال حزم متنوعة للتحفيز الاقتصادي والتي بدأت الدولة في تطبيقها منذ العام 2020م، والتي كان لها الأثر الأكبر في التخفيف من أضرار الجائحة وأيضًا الحفاظ على علاقة سليمة مع الموظفين والعاملين في هذه الشركات.

 

       ولقد أظهرت مؤشرات أداء الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي نموًا إيجابيًا في النصف الأول من عام 2021 م، بنسبة%5.4و يرجع ذلك إلى ارتفاع أداء القطاع الخاص الذي سجل نموًا بمعدل 7.5 % ويرجع ذلك التعافي السريع من جائحة كورونا إلى التخطيط السليم والمبادرات وحزم الدعم التي أطلقتها المملكة والتي عززت بشكل كبير الدور التنموي الاقتصادي الهام للقطاع الخاص. وعن الحرب الروسية الأوكرانية التي طالت آثارها السلبية أغلب القطاعات الاقتصادية في مختلف دول العالم،  فلقد أشار مدير بعثة صندوق النقد الدولي إلى أن هذه الحرب لم يكن لها تأثير سلبي يذكر على الاقتصاد السعودي بشكل عام والقطاع الخاص تحديدًا ولعل ذلك يرجع إلى الإصلاحات الاقتصادية و الهيكلية الكبيرة التي قامت بها المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة ضمن رؤية 2030 م،  ومشاركة الصندوق السيادي وغيره من المبادرات و التي ساهمت بشكل كبير في تطوير القطاع الخاص ودعمه في مواجهة الأزمات العالمية المتعددة و أيضًا توجيهه نحو خطوط الإنتاج الأكثر ملاءمة للواقع.

       إن نجاح أي عمل أو أي قطاع يتوقف بشكل كبير على مستوى الدعم و التأييد الذي يحظى به من الداخل والذي يعتبر درعًا واقيًا لمواجهة كافة التغيرات والمخاطر التي قد يتعرض لها هذا القطاع على الصعيد الداخلي والخارجي، ولقد أدركت المملكة العربية السعودية منذ فترة ليست بالقصيرة الدور الإيجابي الكبير الذي يمكن أن يؤديه القطاع الخاص في قيادة عجلة التنمية و تحسين أداء المؤشرات الاقتصادية لذلك قامت بتقديم كل الدعم و التحفيز لتشجيع القطاع الخاص و تنميته و جعله شريكًا رئيسيًا في تحقيق الأهداف الاقتصادية و الاجتماعية للدولة، كما قدمت له كل الدعم والحماية في مواجهة المخاطر العالمية التي قد تؤثر سلبًا على أدائه وهو الأمر الذي ساهم في تدعيم القطاع الخاص و قدرته على مواجهة مختلف التغييرات و المخاطر المتنوعة.

 

     وتقدم المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030 كل الدعم للقطاع الخاص في مواجهة جميع المخاطر القديمة والجديدة كما توجه له النصح والإرشادات التي يحتاجها في مواجهة هذه التغييرات السريعة.

مقالات لنفس الكاتب