array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 185

تشكيل هيئة مستشارين لصياغة برنامج عربي لبلوغ القدرات التكنولوجية للصناعات العسكرية

الأحد، 30 نيسان/أبريل 2023

لا تتوقف أطماع العالم في دول المنطقة العربية، ويجري استغلال عدم التنسيق فيما بينها لزيادة الفُرقة والتدخلات لإضعافها. وخلال قمة جامعة الدول العربية في الجزائر (نوفمبر 2022م) أعرب القادة العرب عن أهمية تعزيز العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات والأزمات الراهنة، ورفضهم للتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء. ولتحقيق ذلك اتفقوا على توحيد المواقف إذ أن الصراعات الجيوسياسية تهدد بتقويض القدرة على مواجهة التحديات، وأن التدخل الأجنبي يتطلب جهودًا موحَّدة، لمنع القوى الخارجية من فرض هيمنتها على حساب الآخرين. وكان التأكيد على أن الأمن القومي العربي لا يتجزأ، حيث تتطلب التحديات الحالية اعتماد نهج شامل ومشترك يساهم في الحفاظ على الاستقرار والأمن وترسيخ دعائم الحكم الرشيد، ولابد من القضاء على التنظيمات الإرهابية وإحباط أي محاولات من قِبَل القوى الدولية والإقليمية لإقامة مناطق نفوذ في الوطن العربي. إن مصدر التهديدات ضد الدول العربية يرجع بشكل أساسي إلى تدخلات "قوى إقليمية أجنبية" أثارت الصراعات وذهبت إلى حد شن "هجمات عسكرية مباشرة" على بعض الدول العربية. وفي مواجهة التهديدات الخطيرة التي يتعرض لها العالم العربي يتطلب الأمر "المزيد من التنسيق والتعاون"، ورفض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول العربية، إذ أن العلاقات الودِّية يجب أن تقوم على أساس احترام سيادة الدول. وموجة الأزمات التي تعصف بالعالم حالياً، تتطلب عملاً عربياً متكاملاً، وبالنظر إلى أن التحديات متشابهة فيجب الاستفادة من الإمكانات الواعدة في قطاعات التجارة والاستثمار والصناعة والسياحة والزراعة.

1)   المشهد العالمي

Ø    نشأة نظام عالمي جديد

لقد قدَّمت الصين للعالم بديلًا كشف عن تراجع الولايات المتحدة، ولم تعد الولايات المتحدة هي المتحكمة المُطلقة في النظام العالمي. إنه عالم جديد، ويُعتبر صعود الكتلة الصينية من أهم حالات الصعود للكتل الجديدة في العالم. وحلفاء الصين لا يشملون الآن روسيا فقط. ويتطلع الصينيون إلى بناء نظام عالمي جديد يضم أكثر من تكتل، يتمحور أحدها حول الصين، وتربطها الآن شراكة نشطة مع الهند وإيران وتركيا والسعودية ومع آخرين. من شأن السيطرة على مجال عمل النفط العالمي، من أكبر دولتين في العالم من حيث السكان: الصين والهند أن تثير دهشة الجميع. في مقدور الدول الآن أن تختلف مع الولايات المتحدة، وأن تفرض استراتيجيتها الاقتصادية الخاصة، بل وأن تنازع الولايات المتحدة لأن هناك بديلًا آخر تلجأ إليه. هناك الصين والهند وإيران وتركيا والسعودية وحلفاؤهم المتزايدون.

Ø    التفاهمات مع إيران

ليس هناك من مبرر مقنع لاستمرار الخلافات بين دول يجمعها الدين والجوار، وقد لاقى إعلان توقيع الاتفاق السياسي-الأمني-الاقتصادي بين إيران والسعودية برعاية صينية ارتياحاً وترحيباً، ومن المنتظر أن تحمل سلة التفاهمات التي صاحبت هذا الاتفاق ثماراً طيبة. والكل يسعى إلى إعادة ترميم العلاقة بين إيران وسائر الدول العربية الأخرى. يجري التفاهم في إطار تكريس وترسيخ رؤية متكاملة لمشروع المصلحة العربية المشتركة، وهي عنصر أساسي في أي معادلة إقليمية. تعكس الروح الجديدة تجاوز حال العداء والانتقال إلى بناء شراكات وصداقات بعيدة عن التوتر، قائمة على حسن النوايا وسلوك نهج يعزز الثقة بمستقبل منفتح.

Ø    التقارب الصيني / العربي

شهد ديسمبر الماضي انعقاد القمة الصينية العربية الأولى بنجاح في المملكة العربية السعودية، وصدر عنها إعلان الرياض عن اتفاق الصين والدول العربية على بذل كل جهد ممكن لبناء مجتمع صيني عربي ذي مصير مشترك في العصر الجديد. واقترح الرئيس شي جين بينج خلال القمة "ثمانية إجراءات مشتركة" لتعزيز التعاون العملي الصيني العربي، وترسيخ الثقة السياسية المتبادلة والعلاقات الودية التي تشهد تطورًا متزايدًا بين الصين والدول العربية في العصر الجديد، مما يفتح آفاقاً تنموية واسعة للتبادلات والعلاقات الشعبية بين الصين والدول العربية.

2)   مجالات التعاون العربي

Ø    التعاون الاقتصادي

من شأن المسارات التالية تحقيق التعايش مع عالم ما بعد كوفيد-19 وحرب أوكرانيا، وتعكس رهانًا على تحقق المزيد من الاستقلالية والتطور:

  • تعزيز الاكتفاء الغذائي: باتخاذ سياسات تجمع بين دول عربية على صعيد الإنتاج الزراعي مثل استغلال المساحات غير المزروعة في دول مثل السودان وغيرها تجنبًا للاستيراد من الأسواق الخارجية، كما أظهرت صعوبات جلب الحبوب والزيوت مع الأزمة الروسية الأوكرانية.
  • مواجهة التغير المناخي: بزيادة التعاون البَينيّ العربي للحد من أزمات التغير المناخي والتدهور البيئي، وحث الدول الكبرى لتمويل جهود التصدي لتغيّر المناخ، ودعم الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتطبيق المبادرات القائمة مثل الشرق الأوسط الأخضر الذي طرحته السعودية.
  • التعافي من الأزمات الاقتصادية: وقد أوصى بيان قمة الجزائر "بالالتزام بمضاعفة الجهود لتجسيد مشروع التكامل الاقتصادي العربي وفق رؤية شاملة تكفل الاستغلال الأمثل لمقوِّمات الاقتصادات العربية وللفرص الثمينة التي توفرها، بهدف التفعيل الكامل لمنطقة التجارة الحرَّة العربية الكبرى تمهيدًا لإقامة الاتحاد الجمركي العربي". ويمثل التعاون في مجالات الغذاء والمناخ والبيئة والطاقة والمياه مدخلًا أكثر رشادة وواقعية لتعزيز التعاون البَينيِّ العربي الذي لايزال يواجه تحديات على أصعدة السياسة والأمن.
  • تطوير التصنيع واستغلال المواد الخام النادرة والتي تزخر بها المنطقة العربية، وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة مُعتبرة بدلًا من تصدير الخام. من صالح الكل أن يُترجَم التكامل إلى استثمار حقيقي بين طرف يمتلك التمويل وآخر يمتلك العمالة والخبرة مع إدارة حكيمة واعية، وأن يعُمَّ المُنتَج العربي المتميز أسواق الوطن العربي الكبير كأولوية يشعر معها المواطن العربي بالاعتزاز بقدرته واستقلاليَّته وقوميَّته.
  • يحتاج الأمر إلى بيوت خبرة عريقة لدراسة جدوى مشروعات عملاقة تُبهر العالم، وتُيسِّر التنقل والتواصل والتعلّم والبحث بين أرجاء الوطن العربي مع الاستعانة بأي خبرات تقنية من الخارج تحت شعار التوطين. ولكي يصبح النمو الاقتصادي ذا جدوى، فيجب أن يمثل نحو ثلاثة أمثال النمو السكاني، حتى يشعر المواطن بتحسن مستوى معيشته. وقد أصبحت الصين منافساً شرساً للاقتصاد الأمريكي بعد أن حققت لسنين متواصلة نموًا اقتصاديًا بمعدل 13% سنوياً.
  • ينبغي الدخول بقوة في مجال الطاقة المتجددة، التي أصبحت توجهاً عالمياً لحماية البيئة من التلوث، وعلاج أزمة الاحتباس الحراري. وتحظى المنطقة العربية بتوافر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشكل مستمر وقويّ، فضلاً عن إمكانيات الطاقة النووية.

Ø    التعاون في المجال العسكري المشترك

هناك ضرورة للتوجه نحو إحياء اتفاق "الدفاع العربي" بدلاً من الاعتماد على الطرف الإقليمي أو الدولي. يُعتبر هذا الاتفاق الدفاعي أحد أهم ركائز العمل العربي في مواجهة أية أخطار أو تحديات تواجه الدول العربية. ومع اندلاع الأزمات العربية المتلاحقة لم يتم تنفيذ نصوص الاتفاق، لتشابك المواقف وتعدد الرؤى وعدم وجود اتفاق جماعي على ما يمكن طرحه. لقد تأسس مجلس الدفاع المشترك بموجب معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي العربي لمواجهة التحديات الإسرائيلية، وأصبح الآن مجمَّداً بلا وظيفة حقيقية له. يُذكر أنه قد جرى تفعيل الاتفاق خلال حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973م، إذ شاركت قوات عربية مصر وسوريا بطرق عدة، مثل المشاركة بالمعدات الفنية والقوات والأموال، إضافة إلى قرار وقف إمداد الدول المتعاونة مع إسرائيل بالبترول.

الترتيبات الأمنية: يمكن القول إن المنطقة العربية تتجه نحو مزيد من التعزيز والتوسع في إنشاء الترتيبات الأمنية في المنطقة بسبب تنامي التهديدات غير التقليدية التي تهدد أمن المنطقة العربية، وتغليب المصالح الوطنية على المصالح الشاملة للوطن العربي، مع استمرار ظاهرة الاستعانة بالقوى الكبرى الأجنبية في مواجهة التهديدات الإقليمية دون العمل على تطوير استراتيجية أمنية عربية موحدة لمثل هذه التهديدات، إضافة إلى أن التحالفات والتفاهمات المتفرقة تؤدي إلى نوع من السباق المحموم نحو إنشاء تحالفات مضادة، مما يُدخل المنطقة في حال من عدم الاستقرار.

3)   الصناعات العسكرية

مع تغير طبيعة التهديدات السياسية والأمنية شهد مفهوم القوة تغيرات جمة، وأضحى امتلاك السلاح مسألة جوهرية تعبّر عن هيبة الدولة، وقدرتها على الدفاع والردع. وقد أحدث وقف تسليم بعض صفقات السلاح الاستراتيجي لدول في المنطقة، دافعاً قويًّا لديهم للسعي إلى تصنيع السلاح بدلاً من الاكتفاء بشرائه من الدول المصدرة، والتي تملك حق منعه أو إعطائه حسب استراتيجياتها.

تُعَدُّ الصناعات العسكرية -خصوصًا الصناعة التكنولوجية -رافدًا اقتصاديًا مهمًا للدول، من حيث تحقيق الاكتفاء الذاتي، إذ إن تمكّن الدول من تصنيع أسلحة نوعية وفاعلة يَفتح لها أسواق الدول الأخرى، ويحدّ من تكاليف صفقات السلاح التي تستنزف ميزانياتها. وفي حال طوَّرت قطاع الإنتاج فقد تتمكن مستقبلًا من التحول إلى مُورِّد قوي. وهنا لابد من التنويه إلى ضرورة تَبَنّي مقاربة جديدة لا تقتصر على ربط صفقات السلاح بتدريب مهنيين وطنيين لصيانتها أو توطين جوانب معينة من الصناعة، بل ينبغي أن تستفيد من تجارب بعض الدول في المنطقة، من أجل بناء وتشييد صناعتها الوطنية وليس مجرد توطين بعض الصناعات الدفاعية القادمة من الخارج. يُعَدُّ الاستثمار في الصناعات العسكرية وربطها بالتقنيات الحديثة مجال استثمار نوعي تتحقق من خلاله فوائد اقتصادية متعددة، بدءًا من توفير فرص عمل لمواطنيها، ومرورًا بالقدرة على تصنيع الأسلحة، أو قطع الغيار المتوافقة معها.

في إطار مواكبة التحديات الإقليمية والدولية والتنويع في التحالفات يأتي الاهتمام بالصناعات العسكرية كضرورة، من أجل تقوية موقف المنطقة العربية لتضطلع بدور إقليمي يتعدى إطار استراتيجيات الدفاع، وله القدرة على التأثير في القضايا المرتبطة بها، دون الارتهان لأدوار القوى الخارجية وتقلباتها السياسية. ترتبط الاستراتيجيات الدفاعية بالسياسات العامة المعنية بتنظيم الجانب الأمني ودور الجيش، وتتضمن التدابير والمبادرات التي تتبناها الحكومات فيما يتعلق بصنع القرار وتحديد الأهداف الاستراتيجية المتعلقة بالأمن القومي ودَوْر القوات المسلحة، وعادة ما تتضمن الاستراتيجيات الدفاعية مجموعة من الأدوار مثل تحديد سياسات الدفاع الوطني، والمعلومات حول أنواع التهديدات وأولوياتها وكيفية التعامل معها، وتحديد التحالفات الدفاعية القائمة والممكنة، ونوع التعاون والتنسيق الأمني بينها، بناءً على التغيرات والتهديدات المرتقبة.

Ø    استيعاب التكنولوجيا العسكرية

تُعَدُّ التكنولوجيا أحد أبرز التحديات التي تواجه مختلف الدول في إعدادها لاستراتيجياتها الدفاعية، إذ يشكل التقدم التقني تحديًا حقيقيًّا أمام طبيعة التهديدات التي ينبغي مواجهتها، ففي حين تركز الأولويات الأمنية على ضرورة إعداد الجيش وتوفير المعدات اللازمة لحماية الدولة، يفرض واقع التطور التكنولوجي ضرورة استيعاب التغيرات التي يفرضها على طبيعة الأسلحة من جهة، وعلى طبيعة التهديدات من جهة أخرى، وهو ما يتطلب اهتمامًا خاصًا من قِبَل الدول لتحديث استراتيجياتها الدفاعية، ولتدريب قواتها العسكرية. وتوفير خيارات متعددة للحكومة للتعامل مع مختلف التهديدات، وكلما اتسمت الاستراتيجية الدفاعية بنوع من المرونة في استيعاب التغيرات، استطاعت أن تتيح للحكومات تحديد العقيدة العسكرية، وهي خارطة الطريق التي تحدد أداء مختلف الوحدات السياسية والعسكرية تجاه الأولويات الأمنية التي تتبناها الدولة، وكيفية التعامل مع التهديدات الطارئة بطريقة لا تتعارض مع الأولويات التي تم تبَنِّيها.

Ø    الأسس والتوجهات

التصنيع العسكري للدول العربية بشكل عام، لا يزال في مراحله الأولية، على عكس الدول التي تمتلك قواعد صناعية ضخمة، إذ تتيح لها البنية التحتية أن تعتبر قطاع الصناعات العسكرية مصدر دخل حقيقي، ضمن مؤسسات الإنتاج الاقتصادية؛ نظرًا للمردودات المالية الضخمة التي يوفرها هذا القطاع.

يعد إنشاء الهيئة العربية للتصنيع الحربي في مصر في 1975م، بالتعاون بين مصر والسعودية والإمارات وقطر، بداية لهذه الخطوات. وتم إنشاء تسع شركات لكل منها مصنع خاص بها، وبدأت الهيئة بمشروعات في مجالات منها قذائف المدفعية والدبابات، والصواريخ ومحركات الطائرات، وناقلات الجند، والإلكترونيات والرادارات، وصناعة وتجميع الطائرات؛ لكنَّ هذه التجربة توقفت بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد في 1978م.

تفوق السعودية الدول العربية قاطبة في الإنفاق العسكري، وتتبَنّى الإمارات استراتيجيات نوعية تمكنها من تحقيق سبق في مجال التصنيع العسكري. وبشكل عام هناك رؤية مشتركة، تفيد ضرورة تحقيق تكامل أمني بين الدول العربية يشمل قطاع الإنتاج العسكري، وتقود إلى خطط دفاع واستراتيجيات مشتركة مثل:

  • تركيز البعض على هدف التصنيع العسكري المباشر، وتركيز البعض الآخر على تصنيع قطع الغيار، وتوفير منصة للمعارض العسكرية لتسويق المنتجات العسكرية التي يتم إنتاجها، وللتعرف على التقنيات والوسائل المتطورة في مجال تصنيع السلاح بمختلف أدواته.
  • تخصيص مساحة في الرؤى الاستراتيجية لتنمية الجانب الاقتصادي وربطه بالجانب الأمني والدفاعي.
  • تبني خطط واستراتيجيات نوعية تختلف عن مقارباتها السابقة، وذلك بتطبيق بند "الأوفست" الذي يقتضي نقل جزء من تقنيات الأسلحة التي يتم شراؤها إلى الدولة المستوردة، حتى تتم الصفقة.
  • بناء تكتلات أمنية واقتصادية محلية، تضم شركات التصنيع العسكري تحت إطار إدارة واحدة، لتسهيل عملية التنسيق بينها، وتحقيق أهداف أكبر.
  • تنويع خارطة التحالفات، وليس الاقتصار على طرف دون آخر، حتى لا تتسبب التغيرات السياسية للدول المصدرة في تقييد الوصول للأسلحة النوعية.

Ø    مستقبل الصناعات العسكرية العربية

تتمتع الدول العربية بموقع استراتيجي يؤهلها أن تلعب دورًا رائدًا، إذا تمكنت من ضبط أمنها الداخلي، ومنها من تتوفر له الموارد المالية والبنى التحتية القادرة على تطوير هذه الصناعة، ومنها من لديه الخبرة المحلية في بعض الصناعات والمشروعات العسكرية، إضافة إلى علاقته الجيدة مع الدول المصنعة للأسلحة. ومع تطوير وتنمية الصناعات العسكرية تتحقق الجاهزية الأمنية، والاستقلالية السياسية، والإسهام في التنويع الاقتصادي وجلب عوائد ضخمة. ومع تبني مبدأ التكامل في مختلف المجالات، تطمح السعودية إلى توطين صناعات الدفاع لتنموَ من 2% إلى 50% بحلول 2030م، في حين تطمح الإمارات إلى تنمية الصناعات الدفاعية المحلية من 10% إلى 30% بحلول عام 2030م. وقد تم في السنوات الأخيرة تنظيم الكثير من المعارض الدفاعية الدولية، وقد عمدت دول المنطقة في وقت مبكر إلى الانفتاح على التعاون الدفاعي مع مجموعة واسعة من الشركاء من جميع أنحاء العالم، وبعض الشركاء الغربيين والصينيين والروس، بالإضافة إلى شركات أخرى، كالشركات الإيطالية والصربية والأوكرانية، والتي تملك الخبرات الكافية والقادرة على تطوير قطاع الصناعة الدفاعية في المنطقة بالرغم من افتقادها لرأس المال.

4)   التحديات وتأثيراتها المستقبلية

  • ارتبط أمن المنطقة بقاعدة الأحلاف، ونتيجة لهذه التحالفات ارتهنت مسألة القطاع الأمني والدفاعي لهذه الدول بسياسة الولايات المتحدة والدول الغربية. وهي سياسة لن تسمح لدول المنطقة أن تمتلك أسلحة نوعية قد تهدد الكيان الصهيوني، وبالتالي فإنها تستخدم اتفاقياتها لتعيق أي خطوة تسهم في تطوير هذا القطاع، إما بمنع انتقال هذه التقنيات لهذه الدول، أو بالمعارضة الصريحة في حال أرادت هذه الدول امتلاك أسلحة نوعية من قبل أطراف لا تنتمي للمعسكر الغربي.
  • حداثة مجال التصنيع في دول المنطقة، إذ لم تدخل قطاع التصنيع إلا في وقت حديث نسبيًا مقارنة بالدول المصنّعة. وهناك حاجة إلى تكوين البنية التحتية القادرة على إنشاء صناعة دفاعية كبرى، وحاجة المنطقة إلى الزمن الكافي لترسيخ الجهود في تأسيس تجربتها والتعلم من أخطائها وتطوير مكامن القوة فيها.
  • إشكالية التخطيط والتنفيذ، إذ سارعت بعض دول المنطقة إلى تلافي الفجوة الزمنية والإمكانية التي تفصل بينها وبين الدول الرائدة في مجال الصناعة الدفاعية، وذلك بربط تنمية هذا القطاع بخطط وطنية عشرية، وربما كانت هناك مبالغة في سقف الطموحات المرجوَّة من تنمية هذا القطاع، فقد يحتاج إنجازها وقتاً أطول.
  • تواضع البنية التحتية، مع حداثة هذه الصناعة في دول المنطقة. وصعوبة توطين التكنولوجيا، إذ يمثل توفير بنية تحتية وأدوات تقنية، ساحة تنافس بين القوى الدولية والإقليمية، ويعد توطين التكنولوجيا من العوامل الداعمة لإقامة المشروعات الصناعية.
  • نقص الإمكانيات والخبرات الفنية، ويكمن الحل في إقامة مراكز الأبحاث والتطوير، وتبادل الخبرات بين دول المنطقة، والاستفادة من العلاقات الجيدة مع الدول الصناعية، والتعرف على الميزات المتوفرة.
  • معوّقات تفرضها بعض الاتفاقيات، فبالرغم من السعي إلى تنويع الخيارات بالتعامل مع أكثر من طرف دولي وأكثر من شركة رائدة، تصطدم دول المنطقة ببعض الالتزامات التي تفرضها ظروف الواقع، فعلى سبيل المثال فإن برنامج المساعدات الأمريكية لبعض الدول العربية يحظر عليها شراء أسلحة ومعدات غير أمريكية، مما يقيّد هذه الدول في تنويع شراكاتها.

5)   خاتمة وتوصيات

  • تنمية قطاع التصنيع العسكري، لأن ذلك يسهم في استقلالية الدول العربية عن الدور الخارجي سياسيًّا وأمنيًّا، كما أنه يسهم في تنمية القطاع الاقتصادي نظرًا للنفقات العالية التي تستنزفها عملية استيراد الأسلحة.
  • تنمية وتطوير قطاع الصناعة الدفاعية من شأنه أن يسهم في إنجاز الرؤى الوطنية لدول المنطقة، بتحقيق هدف التنويع الاقتصادي، وتوفير الوظائف، والتمكن من جذب سيولة مالية ضخمة في حال تمكنت هذه الصناعة من الوصول إلى مستوى التنافسية العالمية.
  • تحتاج جهود تنمية وتطوير قطاع الصناعة الدفاعية لإعادة ضبط منهجي، وذلك بإدخال هذا الهدف في مختلف المجالات التي تتضمنها الرؤية، بحيث لا يقتصر على إنتاج أسلحة نوعية قادرة على الوصول للأسواق العالمية وحسب، بل بتأهيل فنيين قادرين على صناعة وصيانة هذه الأسلحة وتطويرها، والتواصل مع شركات عالمية من أجل الاستفادة من خبراتها وقدراتها.
  • يحتاج توطين الصناعات الدفاعية لمزيد من التركيز والابتكار، ولا يكفي نقل نسبة معينة من تقنية السلاح المستورد؛ كما في اتفاق (الأوفست)، والحاجة تقتضي نقل التقنية كلها، وفقًا لتوافقات مع الشركات المصنعة. كما لا ينبغي الاكتفاء بنقل التقنيات بل أن يتم البناء عليها.
  • ضرورة التنويع في الشراكات الدفاعية، بحيث لا تصبح مسألة أمن واستقرار دول المنطقة مرتبطة بالظروف السياسية للدول الأخرى، ويعتبر إلغاء الصفقات التي تمت مؤخرًا من قِبَل الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية مؤشرًا كافيًا ينبه إلى ضرورة التنويع في الأحلاف.
  • تشهد المنطقة العربية حاليًا مرحلة مُبشرة من التقارب والمصالحة وتبادل السفراء والزيارات، وهي مقدمة طيبة لبداية تعاون وثيق بين أطراف تجمعها وحدة الدين واللغة والتاريخ والجغرافيا، ونبذ كل محاولات التفرقة ونهب الثروات وزرع بذور الفتنة من قِبل الاستعمار البغيض واستغلال القوى الكبرى بكل الوسائل الدنيئة.
  • وفي النهاية يمكن تشكيل هيئة من المستشارين على مستوى كل الدول العربية لصياغة برنامج عمل يؤسس لتكتل عربي واضح الأهداف والخطوات تتكامل به الإمكانات البشرية والمادية لبلوغ القدرات التكنولوجية والأمنية، ويخضع للدراسة المتأنية وبالتسلسل المناسب قبل العرض على متخذي القرار في الدول العربية لانطلاق كيان عربي قوي يضمن التقدم والأمن والحماية لأعضائه.

 

 

 

الإنفاق العسكري الأعلى عالميًا لدول مختارة في 2021م

(معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام SIPRI)

الدولة

الترتيب على مستوى العالم

الإنفاق العسكري
 في 2021م

(بليون $)

نسبة الإنفاق العسكري إلى الناتج المحلي الإجمالي

نسبة الإنفاق العسكري إلى الإنفاق العالمي

السعودية

8

55.6

6.6%

2.6%

إيران

14

24.6

2.3%

1.2%

إسرائيل

15

24.3

5.2%

1.2%

تركيا

18

15.5

2.1%

0.7%

قطر

22

11.6

4.8%

0.5%

الجزائر

26

9.1

5.6%

0.4%

الكويت

27

9.0

6.7%

0.4%

عُمان

38

5.8

7.3%

0.3%

مقالات لنفس الكاتب