array(1) { [0]=> object(stdClass)#13382 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 185

ضرورة تطوير مفهوم التكامل وتبني رؤية مشتركة للربط الغذائي والمائي

الأحد، 30 نيسان/أبريل 2023

غني عن البيان أن الجامعة العربية تشكلت عام 1945م، كأقدم منظمة دولية تجسد الوحدة العربية استجابة لمتطلبات تلك المرحلة من أهمية وجود كيان جامع لدول عربية مستقلة حديثاً من الاستعمار لتنسيق الرؤى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها بين الدول الأعضاء، وبمرر الوقت تبلورت أهمية وحاجة الدول العربية إلى هذا الكيان مع تزايد التحديات الإقليمية والدولية، وما مر على المنطقة من نقلات نوعية سياسيًا واقتصادياً واجتماعياً، تستوجب وجود استراتيجية عربية جادة ومواكبة لعمليات التطور والتنمية على مختلف الأصعدة، وبالأخص منها المبادرات الاقتصادية والاجتماعية لتقوية روابط العمل العربي المشترك، نظراً إلى أن أوجه التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي يمثل اللبنة الأساسية لتعزيز التعاون في أي تكتل إقليمي أو دولي.   

وعلى الرغم من تكون تكتلات عربية بهدف تكوين وحدتها بمفهومها الخاص مثل دول مجلس التعاون الخليجي إلا أنها جزء من المفهوم العربي الكبير، ودورهم كان ومازال داعم للعمل المشترك على مختلف الأصعدة، حيث أن تعاون الدول الخليجية مع الجامعة العربية متسق مع التوجه العربي، ويمكن أن نلمس هذا الدور في دعم القرارات العربية الجماعية في مختلف المجالات، حيث كانت جزء من القرارات والاتفاقيات العربية مثل (معاهدة الدفاع المشترك)، و(اتفاقية الوحدة الاقتصادية)، وعملت مع الجامعة العربية على تحسين حرية التنقل للأشخاص والبضائع ورؤوس الأموال من خلال قرار إنشاء (السوق العربية المشتركة) و (ميثاق العمل الاقتصادي العربي المشترك) و (منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى) و (ميثاق الوحدة الثقافية العربية) وغيرها من القرارات والاتفاقيات في مختلف المجالات.

ولا يمكن إغفال الأزمات السياسية الكبيرة التي مرت بها الأمة العربية التي برز فيها الدور الداعم للدول الخليجية للجامعة العربية بدءًا بالحرب العراقية الإيرانية، مروراً بالغزو العراقي للكويت التي شكلت أزمة عربية-عربية عميقة وتحديًا كبيرًا للأمن العربي الإقليمي التي استوجبت مرونة وحنكة عربية كبيرة للخروج من هذه الأزمة والحفاظ على السلم والأمن القومي العربي، ناهيك عن التقلبات العربية الكبيرة فيما بعد أحداث 2011م، التي شهدتها دول عربية عدة، وهي المرحلة التي شكلت ديناميكية جديدة في المنطقة العربية ساهمت الدول الخليجية من خلال عضويتها في الجامعة العربية على تحقيق مستوى متوازن وفعال للدور العربي إبان هذه الأحداث نظراً للتبعات السياسية والجيوسياسية التي شهدتها بعض الدول العربية. 

حيث فرضت أحداث 2011م،على الواقع السياسي في المنطقة العربية تغيرات جذرية، تطلبت ارتداء الدبلوماسية العربية ثوباً جديداً لعبت فيه الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية دوراً محورياً نظراً لثقلها السياسي على الساحتين العربية والإسلامية خاصة في أعقاب ما تمخض عنه من تعقد الأوضاع في عدة دول عربية من قلاقل واضطرابات سياسية وعدم استقرار سياسي، ولدت ضغوطاً اقتصادية لدى تلك الدول، ناهيك عن التدخلات الأجنبية في المنطقة لخدمة مصالحها وتطلعاتها وعلى رأسها التدخلات الإيرانية، فضلاً عن تواجد ميليشيات الحوثي في اليمن التي يشكل تواجدها تهديدًا أمنيًا على الإقليم الخليجي والعربي.

ونتيجة لهذه التطورات تعاظم الدور الخليجي على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والإنسانية، فتبنت العديد من المبادرات للتسوية السياسية في مناطق النزاعات، فضلاَ عن بروز دور المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كأكبر المانحين، ودأبوا على تطوير أدواتهم الاقتصادية لدعم دول المنطقة سواء عبر التكتلات كالجامعة العربية ومنظمات الأمم المتحدة، أو من خلال تبني مسارات ومبادرات فردية للدعم الإنمائي والإغاثي.

ويعكس الدور الخليجي الداعم للجهود المستمرة والدؤوبة في العمل العربي المشترك حالة من حالات التكامل والاندماج سواء كان ذلك على مستوى الدول الخليجية من خلال عضويتها في الجامعة العربية أو من خلال التكامل بين مجلس التعاون الخليجي والأمانة العامة للجامعة العربية، حيث أن كلًا منهما داعم لدور الآخر بشكل تكاملي لا تنافسي بما يخدم المصالح العربية والخليجية على حد سواء.

أضحى الأمن العربي الجماعي من القضايا العربية الملحة التي ما فتئت الجامعة العربية ودولها الأعضاء وضعها في أول سلم الأولويات منذ بدء تأسيس الجامعة حيث بدأت بمعاهدة الدفاع العربي المشترك منذ 1950م، ولا سيما أن التحديات الإقليمية والدولية الجديدة تفرض أهمية الاستمرار في تطوير وتعزيز منظومة الأمن العربي الجماعي، نظراً لحاجة المصالح العربية المشتركة لنظام أمني فعال يوفر الحماية والاستدامة، خاصة في ظل ما يشهده العالم حالياً من حالة عدم اليقين وسيادة الاضطرابات التي باتت أعقد من أن تتصدى لها كيانات دولية، حيث باءت كافة الجهود الدولية بالفشل فيما يتعلق بتهدئة الأزمة الروسية / الأوكرانية التي طالت تبعاتها الاقتصادية كافة أنحاء العالم، وما صاحبها من تغير في خارطة تحالفات الدول، الأمر الذي بات يستدعي تواجد خطة لأمن إقليمي عربي للتصدي لمثل هذه الاضطرابات، وفي هذا الصدد يمكن تقديم جملة المقترحات التالية لتعزيز الأمن العربي الجماعي فيما يلي:

  • تبني رؤية عسكرية جماعية لضمان الأمن والسلم العربي من خلال السعي نحو تحقيق أقصى درجات التكامل بين الدول العربية التي لديها جيوش عربية قوية وإمكانات اقتصادية محدودة، وبين تلك الدول التي لديها أيضاً جيوشًا عربية أقل قوة ولكن بحاجة إلى تعزيز برامجها العسكرية بالتدريب والمعدات اللازمة، بعبارة أخرى أن تقوم الدول الخليجية بما تملكه من إمكانات اقتصادية بدعم منظومة الأمن العربي الجماعي للجيوش العربية القوية مقابل توفير التدريب اللازم لمؤسساتها العسكرية وتبادل الخبرات في علاقة تحقق مصلحة الطرفين على السواء.
  • التعويل على ثقل المملكة العربية السعودية سياسياً واقتصادياً على المستوى العربي والإسلامي والدولي، في تعزيز قضايا الأمن العربي، لاسيما وأنها قد أخذت بالفعل مسارات جادة لتحقيق ذلك نجدها في التحالفات الأمنية المستقلة مع الإمارات ومصر (التحالف العربي لاستعادة اليمن) و (التعاون الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب).
  • العمل نحو توحيد الرؤى والمواقف الخليجية والعربية في مختلف القضايا والملفات مما سينتج عنه مواقف عربية متوائمة إزاء مختلف التحديات مما سينعكس إيجابًا على منظومة الأمن العربي الجماعي.
  • النظر في كيفية تفعيل "بروتوكول تشكيل القوة العربية المشتركة" وضمان توقيع وتصديق أكبر عدد من الدول العربية عليه، والسعي نحو تعزيز دوره بحيث يكون أشبه باتفاقية أمنية جماعية على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مما يزيد من فرص التعاون الدفاعي الإقليمي براً وجواً ولضمان أمن الخليج العربي، وبحر العرب والبحر الأحمر، ومضيق باب المندب، والمياه الإقليمية العربية.

وبشكل عام، لا ينبغي أن يقتصر مفهوم الأمن الجماعي العربي على النواحي الأمنية والعسكرية والدفاعية، بل إن المفهوم يمتد ليشمل النواحي الاقتصادية والتنموية والتي تخضع للتقييم الجاد وتهدف إلى رفع حصانة المنطقة العربية غذائياً وصناعياً واجتماعياً وثقافياً وغيرها، وبعبارة أخرى فإنه يمكن القول بأن معظم الدول العربية أضحت تتبنى رؤى اقتصادية مستقبلية واعدة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ورؤية الإمارات 2030، رؤية عمان 2040 وغيرها من الرؤى الوطنية التي تهدف إلى النهوض الاقتصادي والاجتماعي لهذه الدول.

فعلى سبيل المثال بدعم من دول الخليج العربي والمملكة العربية السعودية -التي بالفعل تخطو خطى واثقة نحو تحقيق المستقبل المنشود-من الممكن تبني استراتيجية عربية تسعى نحو تقديم رؤية اقتصادية فوق وطنية تهدف إلى دعم الدول العربية الأقل اقتصاديًا، أو تلك المنهكة من الحروب، وصياغة فكر تنموي جديد يأخذ في الاعتبار ظروف تلك البلاد، وابتكار سياسات واستراتيجيات تنموية تساهم في بناء التنمية الاقتصادية لهذه الدول بشكل مستقل مستقبلاً.

وبدعم أيضًا من دول الخليج العربي وعلى الرأس منها المملكة العربية السعودية يمكن تبني مبادرة نمو فوق وطنية لدعم النمو في الدول العربية الأقل نمواً ترعاها جامعة الدول العربية، ويمكن الاسترشاد في هذا الخصوص بإحدى التجارب العالمية في هذا الشأن التي تشترط تعاونًا إقليميًا بكافة مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية بهدف سد فجوة النمو بين البلدان العربية، وزيادة حجم التبادل التجاري، ودعم عجلة التنمية داخل البلدان بشكل أفضل، خاصة وأن معدلات التجارة البينية بين الدول العربية لا تزال دون المستوى المأمول، والتي يُمكن ألا تقتصر على سياسات تحرير الحواجز الجمركية فقط، بل تتخطى لتشمل خططًا لتحقيق التنمية التكاملية.

ويمكن الاسترشاد بتجربة دول الآسيان في تبني استراتيجيات التنمية الاقتصادية الهادفة إلى التكامل الإقليمي والحصول على أعلى معدلات للتنمية في وقت قصير، أو ما يعرف بمثلثات النمو" وهو مفهوم للتعاون المتبادل في التنمية الاقتصادية وتعزيز الروابط الاقتصادية الإقليمية وتحسين التكامل بين المناطق الحدودية الاقتصادية الخاصة بتبني مشاريع ثنائية أو متعددة الأطراف تستهدف مجموعة من الأنشطة مثل تطوير البنية التحتية ومراكز النقل والخدمات، وتقديم تسهيلات شاملة للمبادلات التجارية والاستثمار بين دولتين أو ثلاث فعلى سبيل المثال تمكنت ماليزيا، وجمهورية إندونيسيا وسنغافورة من إقامة ثماني مناطق اقتصادية حدودية وتطويرها عادت بالنفع التنموي والاقتصادي للثلاث دول، وانتشرت هذه الاستراتيجية في آسيا واعتبرت كعامل محفز لتسريع الهدف نحو التجارة الحرة لدول رابطة الآسيان.

وتجدر الإشارة إلى أن السعودية قد بدأت بالفعل في نهج هذا الحذو من خلال الاستثمارات المباشرة التي تضخها في عدد كبير من الدول العربية والنامية وبمبالغ كبيرة جداً تجاوزت حاجز 150 مليار دولار أمريكي، ناهيك عن سعي صندوق الاستثمارات العامة السعودي للاستثمار في دول المنطقة، إذ أنشأ 6 شركات مع 6 من دول المنطقة (مصر- السودان - البحرين- العراق- عمان – الأردن) لتعزيز الاستثمار في هذه الدول، وبالتالي فإنه يمكن أن تتبنى دول عربية أخرى هذا النهج الذي استخدمته السعودية لتحقيق معدلات نمو وتجارة بينية عربية ترضي طموحات وآمال الشعوب العربية.

الصحة البيئية كأحد أهداف التنمية المستدامة:

وبمرور الوقت برزت أوجه تحدٍ جديدة على المنطقة العربية لا تقل في أهميتها عن التحديات الأمنية والسياسية والجيوسياسية، حيث استدعت التحديات التنموية والثقافية والاقتصادية في المنطقة العربية إلى تبني الدول العربية ودول الخليج العربي كجزء من كيان الجامعة العربية الكثير من المبادرات التي صدر عنها العديد من القرارات عن المجالس الوزارية العربية المتخصصة وتم تحقيق نجاحات ملحوظة في مجالات مختلفة مثل الصحة والتعليم ودعم البحث العلمي.

 وعلى الرغم من الجهود العربية المجابهة للتحديات البيئية ووعي الجانب العربي بأهمية التنمية البيئية وتأسيس “مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن البيئة" واعتماده للعديد من الاستراتيجيات والمبادرات العربية للصحة والبيئة، واعتماد "الاستراتيجية العربية للصحة البيئية (2017 -2030)"، التي حددت تسع أولويات لصحة البيئة في مجالات: المياه، وتلوث الهواء، وسلامة الغذاء، والسلامة الكيميائية، وإدارة النفايات وخدمات صحة البيئة، والتنمية المستدامة والصحة.

إلا أن التحديات البيئية ذات طبيعة خطيرة تستدعي تطوير دائم ومستمر لآليات مواجهة عربية وتبني استراتيجيات مواكبة لحجم المخاطر خاصة وأن المنطقة العربية تعاني من ندرة الموارد الطبيعية كالمياه والأراضي الزراعية فضلاً عن تجمع العمران في المناطق الساحلية مما يؤثر سلباً على البيئة البحرية، وناهيك عن التلوث الصناعي، وهي التحديات البيئية التي إذا ما لم يتم تداركها ووضع خطط عربية لاحتوائها أول بأول ستنعكس سلباً على عجلة التنمية الاقتصادية وستتطلب مزيدًا من أوجه الدعم الاقتصادي مما سيؤثر على عجلة التنمية ككل.

وعطفاً على ما سبق، تتوافق الآراء العربية والخليجية على أولوية ملف البيئة كأحد أهم التحديات التي لابد من مواجهتها، وعلى الرغم من أن البعد البيئي جزء من خطة التنمية المستدامة 2030 في المنطقة العربية، فضلاً عن الاستراتيجيات الوطنية لدعم التنمية البيئية والاقتصاد الأخضر في معظم الدول العربية، إلا أنه يمكن مواجهة التحديات البيئية بتقديم جملة من المقترحات يمكن إبرازها فيما يلي:

  • تبني رؤية عربية فعالة في مجال التنمية البيئية، باتباع آليات مشتركة لبناء القدرات، واكتساب التقنيات المتطورة في مجال التنمية البيئية.
  • نقل التجارب الناجحة من الدول العربية المتقدمة في هذا المجال مثل السعودية والإمارات إلى بقية الدول العربية، كون أن حماية البيئة هو أحد الركائز الأساسية بجانب النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والتنمية المستدامة.
  • سن تشريعات واضحة لحماية البيئة في الدول العربية، وتوظيف الأدوات الإعلامية لرفع الوعي العربي على مستوى الشعوب فيما يتعلق بقضايا البيئة، والتعريف بشكل واضح بالتحديات البيئية وأثرها على أجيال المستقبل إذا لم يتم اتباع أنماط حياة صديقة للبيئة، فضلاً عن أهمية اتباع أساليب تعليمية لتعزيز الوعي البيئي للأجيال الناشئة سواء في المدارس والجامعات وتعريفهم بدورهم ومسؤوليتهم تجاه الحفاظ على الأرض ومكوناتها الطبيعية.
  • تخصيص صندوق لدعم التنمية البيئية في الدول العربية أو تقديم دعم مالي لمواجهة تبعات التدهور البيئي والتغير المناخي، وتخصيص جزء من الدعم المالي لإنشاء مراكز بحث علمي ومراكز متخصصة في دعم التقنيات الحديثة في مجال الاقتصاد الأخضر.

الأمن الغذائي العربي:

برزت عدد من التحديات والتغيرات الإقليمية والدولية في الثلاثة أعوام الماضية كجائحة كورونا والحرب الروسية ـ الأوكرانية وفرضت الكثير من الآثار السلبية عالمياً على مختلف الأصعدة، إلا أنها على الصعيد الآخر وضعت العديد من الملفات والتحديات الهامة على أعلى سلم الأولويات والتي كان لابد من إيلائها أهمية قصوى عربياً وعالمياً بشكل استباقي مثل أزمة الأمن الغذائي التي زادت حدتها كنتيجة لتبعات الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تستلزم تبني نهج عربي شامل للتصدي لمثل تلك التحديات من خلال بعض المقترحات التالية:

  • تبني رؤية مشتركة للترابط الغذائي والمائي وفقاً لأسس تتفق عليها الدول العربية مع الأخذ في الاعتبار التفاوت في المصادر الطبيعية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، حيث أنه وبعيداً عن تبعات الحرب الروسية ــ الأوكرانية، فوفقاً لتقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) فإن المنطقة العربية تعد من أشد المناطق قحلاً في العالم، وثلثا موارد المياه العذبة فيها تعبر حدوداً دولية بين بلدين أو أكثر.
  • تشير توقعات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) الخاصة بميزان الغذاء في المنطقة إلى أن الاعتماد على الواردات من الغذاء سيزداد بنحو 64% على مدى العشرين سنة القادمة في المنطقة العربية، مما يستلزم تطوير آليات عربية استباقية مرنة لرصد المخاطر المتعلقة بالغذاء وزيادة الاستثمار في البحث والتطوير تصب في تنمية قطاعات مبتكرة في مجالات الزراعة للحفاظ على الأمن الغذائي للأجيال المقبل.
  • وعلى اعتبار أنه من الصعب تحقيق الأمن الغذائي من خلال الاكتفاء الذاتي في ظل شح موارد المياه ونمو المعدل السكاني في المنطقة العربية مما يستلزم تبني استراتيجيات تكاملية عربية للأمن الغذائي، وفق خطط قصيرة وطويلة الأجل، يمكن من خلالها أن تساهم الدول العربية في تقليل الفجوة الغذائية عن طريق نقل خبراتها المتطورة ومشاركة ما تم التوصل إليه من التقنيات المتقدمة في مجال الابتكار الزراعي إلى الدول التي تعاني من أزمات غذائية حادة.
  • تبني رؤى عربية داعمة للقطاع الخاص من خلال دعم رواد الأعمال وتعظيم مشاركة مؤسسات القطاع الخاص مع نظيراتها الحكومية لتحقيق الأمن الغذائي، ودراسة بعض تجارب رواد الأعمال في مجالات تتعلق بالإنتاج الزراعي والابتكار والاستثمار والتقنية الزراعية، وإسهاماتهم في تحقيق الأمن الغذائي، وتشجيع فرص الاستثمار في القطاع الزراعي، مما يعزز الإمدادات الغذائية التي توفرها الزراعة المحلية.
  • إنشاء شبكة عربية على غرار " الشبكة العالمية لمكافحة انعدام الأمن الغذائي وخفض المخاطر والاستجابة للأزمات الغذائية" تشارك فيها الدول العربية بشكل متبادل ودوري تقاريرها وإحصاءاتها، ومن ثم تنسق الدول العربية مع مختلف الجهات المعنية كيفية الاستجابة المشتركة للأزمات الغذائية، ووضع خطة لمجابهتها وفقاً للدول العربية الأكثر احتياجاً لأولوية الاستجابة.

وختاماً يظل العمل العربي المشترك من الركائز الأساسية للإصلاح والتطور والنمو بين الدول العربية، ومن أجل أن يحقق العمل العربي المشترك المرجو منه لابد أن يخضع للتقييم المستمر بالشكل الذي يستلزم تبني آليات واستراتيجيات وسياسات مرنة قادرة على إدارة المخاطر والتحديات الإقليمية والدولية التي من الممكن أن تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الأمن الجماعي العربي بمفهومه الواسع الذي يشمل كافة النواحي الأمنية والعسكرية والاقتصادية والبيئية والتنموية وغيرها.

ولا يمكن أن يتحقق التكامل العربي دون تطوير مفهوم هذا التكامل ودون وجود رؤية عربية فوق وطنية تسعى إلى الدفع بعجلة النمو في المنطقة العربية خاصة أن دول عربية عديدة لاسيما دول الخليج العربي أضحى لديها تجارب في مجابهة مختلف التحديات وهو ما يمكن البناء عليه واستخلاص النتائج والخبرات المستقاة من تجارب تلك الدول في الدفع قدماً في مسارات العمل العربي المشترك المستقبلية

مقالات لنفس الكاتب