الغاية من الشراكة بين الدول تحقيق المصالح العليا بين الأطراف، والاستغلال الأمثل للقدرات المتاحة لكل طرف. وينبغي النظر بعناية إلى الدوافع والتوقعات، والتأكد من جدوى الانخراط في هذه الشراكة وفاعليتها على المستويين الدولي والإقليمي، أملا في النجاح، وتجنبًا لأية آثار سلبية على المدى البعيد. ويتسق ذلك مع أهداف دول الخليج، في الارتقاء المجتمعي، وتوطين التكنولوجيات البازغة، وتحقق قوة الردع العسكرية، والنهضة الشاملة في شتى المجالات بما يتفق مع رؤية 2030، والطموحات المماثلة.
تنوع الشراكات
في الآونة الأخيرة، اتسمت العلاقات الدولية لدول الخليج بتنوع الشراكات بصورة مُطَّردة، بما في ذلك في مجال كان يُعتبر تاريخيًا حكراً على الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين: تجارة الأسلحة، والتعاون الدفاعي والأمني. يشير التعاون العسكري المتطور وعمليات نقل الأسلحة بين دول خليجية والقوى الخارجية الناشئة، إلى بزوغ شراكات جديدة سوف تغير من استراتيجيات القوة الأساسية لدول الخليج. في العقد الماضي، كانت هناك إعادة تشكيل عميقة للعلاقات الدولية لدول الخليج نتيجة لتطور كل من طريقة إشراك القوى الخارجية في المنطقة والطريقة التي ينظر بها الفاعلون الإقليميون ويَعرِضون مصالحهم وأدوارهم في الشرق والعالم. تعمل دول الخليج العربية على تطوير خطط تعاون دفاعي وأمني جديدة مع القوى العالمية الناشئة أو العائدة.
سعى القادة الخليجيون منذ فترة طويلة إلى تحقيق درجة من الاستقلالية الاستراتيجية، على خلفية إقليمية ودولية مواتية من خلال تنويع الشراكات. ودرجوا بشكل متزايد على شراء الأسلحة وتصنيعها بما يسمح بتأمين مصالحهم وممارسة القوة والتأثير في علاقاتهم مع الشركاء التقليديين، وامتد ذلك التوجه إلى المسارح الخارجية، وبخاصة شمال إفريقيا والقرن الإفريقي. تُعَدُّ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر من أكبر مستوردي الأسلحة في العالم، مع اعتماد خطط متطورة للتعاون الدفاعي مع بعض القوى الكبرى غير الغربية، سواء ببدء علاقات للمرة الأولى أو بإحياء علاقات سابقة. إن تَبَنِّي نهج تنويع الشراكات بشكل كبير يمثل جزءاً من استراتيجيات دول الخليج لزيادة مستوى استقلاليتهم وحرية قراراتهم، وإبراز هذه القوة الجديدة والتأثير بشكل متزايد خارج حدودهم.
استخدمت دول الخليج استراتيجية التنويع في الشراكات الاستراتيجية منذ بداية التسعينيات كوسيلة للموازنة ضد التهديدات الإقليمية وتجنب الاعتماد المفرط على مصدر وحيد للأمن والاستقرار. هذا التنويع يجعل دول الخليج أكثر مناعة إزاء الضغوط على الصعيدين الإقليمي والدولي، ويحدّ من الاستجابة لما يريده شركاؤهم الغربيون التقليديون تغليبًا لمصالحهم الخاصة. في الوقت نفسه فإن تنويع مُوَردِّي الأسلحة يمنح الخليجيين مساحة أكبر للمناورة: فهو لا يسمح لهم فقط بأن يكونوا أقل اعتمادًا على الغرب، ولكن أيضًا -وربما الأهم -يتيح لهم الاستفادة من المنافسة من حيث الأسعار والشروط.
ومؤخراً، يبدو أن المنافسة المتزايدة لأسواق الأسلحة الخليجية مع روسيا والصين دفعت الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في بعض الصادرات التي كانت تعتبر منذ فترة طويلة حساسة للغاية من الناحية التكنولوجية. فبعد أن بدأت السعودية محادثات مع روسيا بشأن إس-400 وافقت الولايات المتحدة على بيع نظام الدفاع الصاروخي ثاد THAAD، إلى الرياض بل وتصنيع أجزاء منه محليًا. كما تستفيد دول الخليج العربية من سباق التصدير العالمي لأسواقها لتصبح أكثر طلبًا من حيث الامتيازات المرتبطة بالعقود، والتي تلعب دورًا مهمًا في تطوير صناعة دفاعية محلية ناشئة.
منظمة شنغهاي للتعاون ونمو العلاقات مع بكين
قررت السعودية الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، حيث تتبنى الرياض شراكة طويلة الأمد مع الصين على الرغم من المخاوف الأمنية الأمريكية. وتلك المنظمة هي اتحاد سياسي وأمني لدول تغطي معظم أوروبا وآسيا. تشكلت في عام 2001م من قبل روسيا والصين ودول الاتحاد السوفييتي السابق في آسيا الوسطى، وتم توسيع الهيئة لتشمل الهند وباكستان، بهدف لعب دور أكبر كقوة موازنة للنفوذ الغربي في المنطقة. كما وقعت إيران العام الماضي على وثائق العضوية الكاملة. وكان الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون قد نوقش خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج للسعودية في ديسمبر الماضي.
قد يؤدي اعتماد بكين المتزايد على دول مجلس التعاون الخليجي في طاقتها الحيوية ومصالحها الاقتصادية الإقليمية، فضلاً عن المخاوف المستمرة بشأن مخاطر نشوب صراع إقليمي، إلى تعظيم الصين لدورها الدبلوماسي من خلال تعزيز قدراتها الأمنية الإقليمية واستعدادها للجوء إلى الأدوات العسكرية لدعم طموحاتها العالمية. أنشأت بكين أول قاعدة عسكرية خارجية لها في جيبوتي عام 2017م، وهو موقع استراتيجي بالقرب من مضيق باب المندب وخليج عدن، ويتزايد الوجود البحري للصين في المحيط الهندي وتشارك في دوريات مكافحة القرصنة في خليج عدن منذ عام 2008م. وقد باعت الصين طائرات عسكرية بدون طيار ومعدات أخرى إلى دول مختلفة في الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية والإمارات.
تلعب الصين دورًا سياسيًا متزايدًا وحازمًا في المنطقة يسعى للحد من تعطل إمدادات الطاقة، واتضحت آثاره في التوافق الإيراني السعودي. يعكس ذلك مبادرة شي جين بينج للأمن العالمي والآليات الأمنية الجديدة للشرق الأوسط. ومؤخرًا أصدرت المملكة العربية السعودية وإيران والصين بيانًا مشتركًا من بكين أُعلِن فيه إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران. وبعدها وافق العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز على مذكرة تفاهم تمنح المملكة صفة شريك الحوار في منظمة شنغهاي للتعاون (SCO).
سعت عُمان إلى توسيع علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع الصين في السنوات الأخيرة. استثمرت بكين بكثافة في البنية التحتية لسلطنة عمان، بما في ذلك 10.7 مليار دولار في بناء ميناء الدقم والمنطقة الصناعية في موقع استراتيجي بالقرب من مضيق هرمز. وقد استضافت مسقط مناورات بحرية مشتركة مع الصين. ستبقى للصين، وهي أكبر مستورد للنفط والغاز في العالم، علاقات متينة مع دول مجلس التعاون الخليجي. تنشط الاتصالات الصينية بشكل تدريجي في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي. وتقدم بدائل تكنولوجية موثوقة في الجيل الخامس، وفي تصنيع الطاقة الشمسية، والتحليل الكهربائي للهيدروجين.
الاتحاد الأوروبي وشراكة استراتيجية مع الخليج
أصدرت المنظومة الأوروبية المشكلة من 27 دولة وثيقة استراتيجية للشراكة مع دول المنظومة الخليجية الست، وكان أن سبق لها خذلان دول الخليج في قضايا أمنية وتجارية، ووضع شروط مشددة على تصدير أسلحتها لهم. حدد بند «الشراكة المجتمعية الأوروبية الخليجية» قضايا تمثل تدخلاً في الشؤون الداخلية للدول الخليجية الست يمس جوهر ثوابتها الأصيلة، ويشار هنا إلى برنامج أوروبا العالمي لتعزيز حريات وحقوق الإنسان، والذي خصص له 1.7 مليار يورو حتى عام 2027م، ويحاول الاتحاد من خلاله نشر أفكاره ومعتقداته في الخارج. على دول المنظومة الخليجية أن تعمل جاهدة لمنع اختراق منظومتها الأيديولوجية والفكرية مهما كانت التحديات. وعلى الجانب الآخر، توفر البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي إطارًا ديناميكيًا للتعاون مع شركاء دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز الاستثمارات المستدامة في منطقة الشرق الأوسط الأوسع وكذلك في إفريقيا.
انخرطت فرنسا وقطر في محادثات متقدمة بهدف تعزيز الشراكة الاستراتيجية. باعت 36 طائرة رافال إلى قطر، وأصبحت باريس موردًا مهمًا للأسلحة إلى الرياض. في عام 2022م، أصبحت فرنسا ثاني أكبر مصدّر للأسلحة في العالم، بينما احتلت المملكة المتحدة المرتبة السادسة. رسّخت فرنسا نفوذها تقليديًا حول الإمارات، حيث تمتلك قاعدة بحرية رئيسية، وتحاول بناء شراكات مع قطر والسعودية تشير إلى نهج استراتيجي أكثر شمولاً في الخليج.
عززت لندن علاقتها مع الرياض بإقامة شراكة دفاعية هدفها تعزيز "الأمن والاستقرار الإقليميين" واستكشاف الجهود التعاونية في القدرات الجوية القتالية والمشروعات الصناعية. أعادت بريطانيا نشر أصولها بنقل قاعدة عسكرية من كندا إلى عُمان وزادت التدريبات العسكرية المشتركة مع مسقط.
نظام عالمي جديد: دول البريكس تقدم بديلاً للغرب
يقدم التحالف الآن منتدى دبلوماسيًا وتمويلًا للتنمية، خارج التيار الغربي السائد. تجاوز النمو الاقتصادي في الصين مثيله في دول البريكس الأخرى. والآن تضع دول البريكس نفسها كبديل للمنتديات المالية والسياسية الدولية القائمة. تحاول دول البريكس تقديم أنفسها كممثلين للجنوب العالمي، وتقديم "نموذج بديل لمجموعة السبع"، التي تعبر عن "منتدى غير رسمي" لرؤساء دول أكثر اقتصادات العالم تقدمًا، تأسس المنتدى عام 1975م، بعضوية ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا واليابان وكندا والولايات المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبي.
مَثلت دول البريكس تحديًا لنموذج البنك الدولي، إذ أطلقت بنك التنمية الجديد كبديل للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وبالإضافة إلى ذلك، قامت بإنشاء آلية سيولة تسمى "ترتيب الاحتياطي الطارئ" لدعم الأعضاء الذين يكافحون من أجل المدفوعات. ومن المخطط إطلاق عملة بريكس الجديدة مدعومة بالذهب ستسعى لها عشرات الدول، وهناك اهتمام عالمي متزايد يعكس الرغبة في عضوية مجموعة البريكس يشمل السعودية والإمارات ومصر والجزائر والأرجنتين والمكسيك ونيجيريا. ويبدو أن الحرب في أوكرانيا قد رسمت خطاً فاصلاً صارخاً بين الداعمين لروسيا من الشرق والداعمين لها من الغرب. ونتيجة لذلك، يشعر بعض صانعي السياسة في أوروبا والولايات المتحدة بالقلق من أن تصبح دول البريكس نادياً اقتصاديًا للقوى الصاعدة التي تسعى للتأثير على النمو والتطوير العالميين.
روسيا والصين
جرت زيارات رئاسية لروسيا إلى السعودية والإمارات، وناقشت موسكو مع كل من السعودية وقطر احتمال شراء أنظمة متطورة مضادة للطائرات من طراز S-400. ومما يدل على تنامي العلاقات الدفاعية مع الصين دوريات السفن الحربية الصينية في الخليج واستحواذ دول الخليج على طائرات مسيَّرة مسلحة صينية فقد اشترت السعودية والإمارات (Wing Loong-1 و Wing Loong-2).
وقعت موسكو عقدًا مع الدوحة لصواريخ أرض-جو محمولة (Igla-S) وعقدًا مع الرياض لقاذفة صواريخ متعددة ذاتية الدفع (TOS-1). وجرى توقيع اتفاقيات أمنية جديدة بين بكين والدوحة، وبين موسكو والدوحة، وحتى إنشاء "شراكات استراتيجية" أكثر إلزامًا بين موسكو وأبو ظبي، وبين بكين وأبو ظبي.
زارت السعودية سبعُ شركات روسية من بينها شركات تصنيع الأسلحة وطائرات الهليكوبتر العسكرية في إطار مهمة لزيادة التبادل التجاري. وقال نائب وزير الصناعة والتجارة الروسي: "تهدف مهمتنا التجارية إلى الرياض إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين روسيا والسعودية، واكتشاف فرص عمل جديدة، وتبادل الأفكار، وإقامة شراكة طويلة الأمد". شملت العروض الطائرة المروحية Ka-52 Alligator من Russian Helicopters، والمركبات المدرعة Kamaz Typhoon من KAMAZ، وأنظمة قاذفات اللهب الثقيلة Solntsepyok، ومركبات زرع الألغام عن بُعد Zemledeliye، وأنظمة إطلاق صواريخ مختلفة من Rostec للأنظمة الدفاعية والتكنولوجيا.
الهند وجنوب إفريقيا
تطورت علاقات الهند وجنوب إفريقيا الاستراتيجية مع السعودية والإمارات وقطر خلال العقد الماضي. تتمحور مصالح الهند الإقليمية حول العلاقات التجارية وأمن الطاقة. وقد رفعت مؤخرًا التزامها تجاه المنطقة من خلال إقامة "شراكة استراتيجية شاملة" مع الإمارات، وإنشاء مجلس شراكة استراتيجية مع السعودية.
جميع دول الخليج العربية أعضاء في "الندوة البحرية للمحيط الهندي"، التي دعت إليها البحرية الهندية وتأسست في عام 2008م، كمنتدى كل سنتين لقادة البحرية في ساحل المحيط الهندي. وقد وقعت الهند والإمارات اتفاقية دفاعية ثنائية تؤسس للتعاون في مجال التصنيع الدفاعي. وأُطلِق المشروع المشترك Tawazun Dynamics بين دينيل ديناميكس (وهي شركة تطوير وتصنيع أسلحة مملوكة لحكومة جنوب إفريقيا) وشركة توازن القابضة (وهي شركة استثمارية قابضة مملوكة لأبو ظبي) متخصصة في صناعة الدفاع، وأثمر ذلك في تصنيع صواريخ الطارق تحت رخصة جنوب أفريقية. كما أقامت جنوب إفريقيا أيضًا تعاونًا عسكريًا ثنائيًا مع قطر والسعودية في وقت لاحق في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
مصر وتركيا
تفاوضت مصر على اتفاقيات تعاون دفاعي وعسكري جديدة مع أبو ظبي، كما عززت العلاقات مع الرياض، ولا سيما توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي حُسمت بعد فترة طويلة. أصبحت مصر بالفعل أكبر سوق تصدير لزيادة تجارة الأسلحة مع الإمارات، كصناعة دفاعية إماراتية متنامية.
عززت تركيا شراكتها الاستراتيجية مع قطر، حيث وقعت اتفاقيات تعاون دفاعي وأنشأت هناك قاعدة عسكرية. ومع ذلك، كانت كل من السعودية والإمارات مستهلكين مهمين للأسلحة التركية، فبين عامي 2012 و2019م، كانتا على التوالي ثاني ورابع أكبر زبائنها.
وُقّعت مؤخرًا في الرياض اتفاقية ومذكرتا تفاهم بين شركات سعودية متخصصة بالصناعات العسكرية والدفاعية، وشركات دفاع تركية، لتوطين صناعة الطائرات المسيّرة في السعودية، وذكر أن الاتفاق يأتي استكمالاً لعقدي الاستحواذ اللذين وقعتهما وزارة الدفاع مع شركة "بايكار” التركية للصناعات الدفاعية، الذي يهدف إلى رفع جاهزية القوات المسلحة، وتعزيز قدرات المملكة الدفاعية والتصنيعية. وقد أثبتت المسيّرة "بيرقدار تي بي 2" التي تنتجها شركة "بايكار" فاعليتها في الميدان. ويشمل الاتفاق تصنيع الأنظمة الإلكترونية، والأجزاء الميكانيكية، وهياكل الطائرات باستخدام المواد المركبة والتصنيع والاختبارات النهائية للطيران، إلى جانب تقديم خدمات التدريب والإسناد، كما تم توقيع مذكرتي تفاهم مع الجانب التركي لتوطين صناعة الذخائر والمستشعرات البصرية لمنظومة الطائرات المسيّرة وتصنيعها داخل المملكة. كما عزّزت الكويت مؤخرًا دفاعات جيشها عبر شراء مسيّرات "بيرقدار" في صفقة بلغت قيمتها 367 مليون دولار.
تنويع الاقتصاد والسعي وراء طموحات أوسع نطاقاً
يجب فهم الاتجاهات المتطورة في شراء الأسلحة في دول الخليج على خلفية أهدافها المعلنة لتنويع اقتصاداتها بعيدًا عن النفط. ويبدو أن هناك حرص على تحقيقه من خلال تطوير قاعدة تكنولوجية وصناعية للدفاع الوطني. تعكس الطريقة التي تم بها تطوير مركبات NIMR لأول مرة هذه الديناميكيات. وجرى إنشاء بعض الشركات الدفاعية الرائدة مثل Abu Dhabi Ship Building وThales Advanced Solutions، والتي أصبحت جميعها الآن جزءًا من تكتل Edge، وهو كيان جديد تم الإعلان عنه في معرض دبي للطيران 2019م، يستوعب معظم الأصول الصناعية الدفاعية الإماراتية.
من بين الحوافز التي تدفع مصالح دول الخليج العربية لشراء الأسلحة وإقامة تعاون صناعي دفاعي مع شركاء غير تقليديين، ميلهم إلى تقليل القيود أو التحفظات عندما يتعلق الأمر بنقل التقنيات والموافقة على امتلاك سلسلة التوريد المنتجة محليًا أو جزء منها. على سبيل المثال، تضمن عقد 2017م، بين موسكو والرياض بخصوص قاذفة صواريخ متعددة ذاتية الدفع نقل التكنولوجيا لتوطين "تصنيع أنظمة التسلح المتقدمة ودعمها" في السعودية.
كل إصدار نصف سنوي من معرض ومؤتمر الدفاع الدولي في أبو ظبي، أو آيدكس، هو فرصة للقوى الإقليمية لتأكيد أنها "جادة في تطوير الصناعات الدفاعية المحلية وتجنيد شركات الدفاع العالمية كشركاء في هذا الجهد". في المستقبل، قد تأمل الإمارات والسعودية ليس فقط في تحقيق التنويع الاقتصادي من خلال التصنيع المحلي للأسلحة ولكن أيضًا في أن تصبحا منافسَيْن في الأسواق العالمية؛ وبخاصة الإفريقية.
كانت مصر وليبيا والأردن والجزائر واليمن أكبر خمسة متلقين للأسلحة من الإمارات. يمكن أن يمثل ذلك جزءًا من استراتيجية أوسع لتطوير صناعة دفاعية محلية. ويتيح تأسيس تعاون صناعي عسكري الوصول إلى الموارد البشرية التي تفتقر إليها الإمارات وقطر، وتتوافر في دول الجوار. مثال ذلك آليات نمر العسكرية، والإعلان عن "خطة تصنيع أسلحة مصرية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الأسلحة المصرية إلى الخارج" وكذلك إطلاق معرض الدفاع المصري EDEX، وهي علامات على أن هناك شراكة صناعية دفاعية أعمق جارية بين القاهرة وأبو ظبي.
ملاحظات ختامية
- بينما تتجه السعودية والإمارات وقطر بشكل متزايد إلى القوى غير التقليدية لبعض مشترياتها من الأسلحة، وتوقيع شراكات استراتيجية جديدة ملزمة أيضًا، فمن المهم عدم المبالغة في تقدير تأثير ذلك على علاقاتهم التاريخية مع القوى الغربية. للولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة أهمية مستمرة ترتبط بالوجود في القواعد العسكرية، والاتفاقيات الأمنية، والتعاون العسكري، والتدريب، والمعدات في منطقة الخليج.
- ومع ذلك، لا ينبغي التقليل من الآثار المترتبة على التعددية القطبية المتزايدة لأمن الخليج. في الواقع يمنح هذا دول الخليج نفوذاً إضافياً في علاقاتها مع شركائها التقليديين للحصول على المعدات التي تريدها وتعزيز قدرتها على تأكيد مصالحها على الصعيدين الإقليمي والدولي.
- مع التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وإيران والمخاوف بشأن أمن واستقرار منطقة الخليج، يمكن للشراكات الجديدة لدول الخليج العربية أن تساعد في سد الفجوة مع إيران. تتمتع روسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا بعلاقات جيدة مع شاطئي الخليج، وهما شريكان مهمان لإيران. وبناءً على ذلك، تعتبر بعض هذه الدول نفسها وسطاء محتملين في صراعات الخليج -كما تفعل العديد من الدول الأوروبية.
- هناك جهات متعددة تتطلع إلى الشراكة مع الدول الخليجية في مجالات متعددة، ولكن الحذر الشديد واجب في اختيار الشريك الذي يبتغي أهدافاً أخرى لا تتناسب وأمن المنطقة وازدهارها. ينبغي قراءة التاريخ جيدًا، فالكل يتسابق الآن للفوز بالشراكات مع الخليج، وتنبئ التجارب السابقة بأن الشريك الأجنبي قد يَعرِض مشروعات ظاهرها خدمة التطور والتنمية والرقي والازدهار، ولكنه يُخفي أهدافاً تضر بالمنطقة أو غيرها على المدى البعيد، أو ما يُسَمَّى بـ "الاستعمار الحديث".
- قد تبدأ مشروعات مشتركة، ويجرى بترها في منتصف الطريق باختلاق أسباب لذلك من قِبل الشريك الأجنبي بعد استيفاء منفعته، ثم يستكمل العمل منفرداً لحرمان المنطقة من بلوغ هدف الشراكة. وقد يتعمد الشريك الأجنبي تقديم بيانات مغلوطة في بحث مشترك، أو حجب معلومات مهمة، يعتبرها تكنولوجيات حرجة (Critical technologies) خاصة بهم دون غيرهم لوأد استمرارية البحث، إذ يدرك خطورة أمنية تطال مصالحه أو مصالح حلفائه.
- سيظل التمكن التكنولوجي هو الهدف الأجدى في ضمان الأمن، ولابد من تعامل دول الخليج كشركاء يتكاملون في البنية التكنولوجية، ويعتمدون شراكات موثوق بها، ويبتعدون تماماً عن المساس بهذا الهدف بسبب أية خلافات عابرة. المال والبشر داعمان لهذا الهدف وسيحتاج الزمن الكافي لبلوغه. وعادة ما يبدأ الإنجاز في المجالات العسكرية ثم يمهّد ذلك للتطبيقات المدنية.