array(1) { [0]=> object(stdClass)#13009 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 189

الدولار لن يتزعزع كعملة قيادية في الاحتياطي العالمي على المدى المتوسط

الثلاثاء، 29 آب/أغسطس 2023

تشكل الشراكات الاقتصادية في نطاق الإقليم وبقية مناطق العالم ركيزة أساسية لبناء اقتصادات إقليمية قوية في ظل التحولات والمتغيرات في البيئة الاقتصادية العالمية، حيث تسهم هذا الشراكات في الاستفادة من معطيات التقدم العلمي والتقني الذي أفرزته الثورة الصناعية الرابعة التي ترتكز على بناء اقتصاد رقمي ومعرفي يُعزز من تنافسية الاقتصاد في ظل تصاعد وتيرة عولمة النشاط الاقتصادي والعمليات الإنتاجية.

تحميل    ملف الدراسة

  من هذا المنطلق تبنت دول مجلس التعاون سياسة اقتصادية تؤكد عمق الموقف الخليجي وتحركه تجاه الدول والمجموعات الإقليمية في عصر تتكاثر فيه التكتلات الاقتصادية وتزداد أهميتها، وهذا ما دفع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بعقد العديد من الحوارات الاستراتيجية والشراكات مع مختلف الأقاليم والدول لتعزيز المكاسب الاستراتيجية بهدف تعزيز مكانة دول مجلس التعاون الخليجي على الصعيد العالمي وانتقالها من المرتبة الثالثة عشر بين التكتلات العالمية إلى المرتبة العاشرة.

  سنتناول في هذا المقال أهمية هذه الشراكات، وفوائدها على التنمية وتوطين اقتصادات المعرفة والتكنولوجيا المتطورة في دول المنطقة، وبيان أهم التكتلات الإقليمية والدولية الكبرى التي تحقق الفائدة الاقتصادية لدول الخليج، وكيف تستفيد منطقة الخليج من هذه الشراكات، وما هو تأثير هذه الشراكات على التعامل بالعملات المحلية للدول الأعضاء في هذه التكتلات بدلاً من التعامل بالدولار الأمريكي ومن ثم ما هو مستقبل الدولار كعملة رئيسية في العالم.

أولاً-الشراكة الخليجية مع تكتل الأسيان:

   تعود بواكير التواصل الأول بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة جنوب شرق آسيا إلى عام 1990م، ومنذ ذلك الحين اتفق الجانبان على عقد لقاءات سنوية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ووقع الجانبان مذكرة تفاهم في يونيو 2009م، في البحرين التي تُعد أساس التعاون والعلاقات بين الكتلتين، وتبنى مجلس التعاون ورابطة آسيان الرؤية المشتركة لــــ آسيان" ومجلس التعاون التي تضمنت دراسة ووضع توصيات عن مستقبل العلاقات بين الجانبين في مجالَي التجارة الحرة والتعاون الاقتصادي.

    وتشكل الواردات من دول رابطة جنوب شرق آسيا (6%) فقط من إجمالي واردات دول مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة بين عامَي 2016 و2020م، وشكلت الإلكترونيات (28%) من واردات دول مجلس التعاون من الرابطة، تليها الآلات بنسبة (12%)، كما بلغت استثمارات دول مجلس التعاون في "آسيان" (13.4) مليار دولار أمريكي منذ عام 2016م، وحتى سبتمبر 2021م.

   كما تعززت العلاقات الاقتصادية بين دول الخليج و"آسيان" في الأعوام المنصرمة، إذ أعلنت شركة أرامكو استثمارات تبلغ قيمتها سبعة مليارات دولار مع "بتروناس" للبتروكيماويات بماليزيا عام 2017م، وهي تمثل أكبر استثمارات للشركة خارج المملكة، وفي عام 2013م،  وقعت الإمارات اتفاقاً يقدر بـــــ (6.57) مليار دولار لتأسيس منشأة لتخزين النفط بسعة تصل إلى (40) مليون برميل من النفط الخام بولاية جوهور الماليزية، فيما استثمرت قطر (5) مليارات دولار بمجمع "بينجيرانج" المتكامل للبترول في ولاية جوهور ، كما وقعت عام 2013م، على مشروع يسمح لماليزيا بالمنافسة مع سنغافورة لتصبح مركزاً إقليمياً للصناعات البترولية في جنوب شرقي آسيا. وتوجهت شركة النفط الكويتية إلى قطاع الطاقة بجنوب شرقي آسيا من خلال مشروع مصفاة النفط المشتركة في فيتنام وشراكة مع شركة بيرتامينا الإندونيسية، لتطوير مجمع مصافي للنفط بشرق جزيرة جاوا الإندونيسية. وتمثل دول الخليج مصدراً مهماً للاستثمارات في عدد من أعضاء "آسيان"، فالسعودية مثلاً تُعد خامس دولة في مصادر الاستثمار بماليزيا.

  كما قدر تقرير الــــــ ـ“إيكنومست" لعام 2021م، حجم استثمارات دول مجلس التعاون في "آسيان" بحوالي (13.4) مليار دولار في الفترة بين يناير 2016 وسبتمبر 2021م، وعلى جانب آخر، ارتفع عدد الشركات من دول رابطة "آسيان" المسجلة بغرفة دبي التجارية بنسبة حوالي 35.5 % منذ عام 2018 وحتى 2021م، بينما وصلت صادرات الدول الخليجية إلى "آسيان" حوالي (4%) فقط من إجمالي الصادرات الخليجية خلال الأعوام الخمس الماضية، كان أغلبها من النفط الخام. ووقعت سنغافورة، "، اتفاقاً للتجارة الحرة مع دول مجلس التعاون عام 2008م، يغطي (99%) من السلع المحلية السنغافورية وبات ساري المفعول منذ 2013م، ولا يزال في طور الاقتراح اتفاق للتجارة الحرة بين ماليزيا ودول مجلس التعاون، وآخر بين إندونيسيا ودول المجلس.

     وترجع زيادة الاستثمارات الخليجية في "آسيان" خلال الفترة الأخيرة لعدة أسباب، منها الاختلالات الاقتصادية التي تشهدها أوروبا والولايات المتحدة أخيراً، وقدرة دول جنوب شرقي آسيا على التأقلم مع انكماش الاقتصاد العالمي، والتعافي السريع من الأزمات الاقتصادية، مما يكسب المستثمرين ثقة في هذه المنطقة ويجعل جنوب شرقي آسيا أرضاً صالحة للاستثمارات الخليجية. من ناحية أخرى، يمكن لدول "آسيان" أن توفر السلع والمنتجات الغذائية والزراعية لدول الخليج، مما قد يجنبها ارتفاع الأسعار المفاجئ في الأزمات.

 

  ثانياً-الشراكة الخليجية الصينية:

     عملت دول مجلس التعاون والصين على مدار ربع القرن الماضي إلى تكثيف العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما، ففي عام 2020م، حلّت الصين محلّ الاتّحاد الأوروبي كأكبر شريك تجاري لدى مجلس التعاون مع نشاط تجاري ثنائي الجهات بقيمة (161,4) مليار دولار، وتخطى التبادل التجاري الخليجي الصيني الــــــ (228) مليار دولار عام 2021م.

شكل (1) التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون والصين " مليار دولار"

 المصدر: تم إعداد الشكل من الباحث بالاعتماد على:

https://gccstat.org/images/gccstat/docman/publications/China.pdf

 إن مشاريع البنى التحتية الضخمة في الخليج، على غرار إستاد لوسيل بقطر وسكك القطارات السريعة بالسعودية، أمنت فرصاً مربحة للشركات الصينية. وتُعد الإمارات أكبر سوق تصدير وشريك تجاري غير نفطي لدى الصين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. والصين هي أيضاً المستورد الأكبر للنفط الخام العماني، إذ تستورد قرابة (78,4%) من إنتاجها. وتُعد السعودية المجهز الأول للصين بالنفط الخام، حيث شحنت (87.49) مليون طن من الخام إلى الصين عام 2022م، بما يعادل (1.75) مليون برميل يومياً. كما أن قطر تًعد المجهز الثاني للصين من الغاز المسال بعد استراليا، حيث صدرت لها (15.6) مليون طن من الغاز المسال عام 2022م، ووقعت قطر للطاقة اتفاقاً مع مؤسسة النفط الصينية في 20 يونيو 2023م، لتزويدها بـــ (4) ملايين طن من الغاز المسال لمدة (27) عاماً.

   ومن منظور مالي، تُعد القوة الاقتصادية لدول مجلس التعاون التي تتحكم في صناديق للثروة السيادية تخطت قيمتها (2.5) تريليون دولار، مهمة للنظام المالي العالمي للصين، كما هو الحال في أسواق العملات الأجنبية في دول مجلس التعاون، وخاصة في الإمارات وقطر اللتين أسست الصين معهما مراكز مقاصة الرنمينبي، كما أصدرت عدة مصارف بدبي سندات أجنبية باليوان في عام 2021م.

    تعمل صناديق الثروة السيادية الخليجية على تعزيز العلاقات الوثيقة مع الصين، حيث تم إنشاء صندوق استثمار مشترك بين الإمارات والصين في عام 2015م، بقيمة 10 مليارات دولار. دفع مسؤولون من صناديق الثروة السيادية لدول مجلس التعاون في السنوات الأخيرة، لتركيز المزيد من محافظهم الاستثمارية على الاقتصادات الآسيوية، لاسيما الاقتصاد الصيني.

   وطبقاً لدراسة معهد أمريكان إنتربرايز يظهر اهتمام الصين بالاستثمار في الاقتصادات الخليجية، وتوزعت الاستثمارات الصينية في جميع أنحاء المنطقة، حيث بلغ إجمالي هذه الاستثمارات بين عامي 2005 و2021م، نحو (43.47) مليار دولار في السعودية، و(36.16) مليار دولار في الإمارات، و(11.75) مليار دولار في الكويت و(7.8) مليار دولار في قطر، و(6.62) مليار دولار في عمان، و(1.42) مليار دولار بالبحرين.

شكل (2) إجمالي الاستثمارات الصينية في دول مجلس التعاون (2005-2021) مليار دولار

المصدر: تم إعداد الشكل من الباحث بالاعتماد على:

https://www.china-briefing.com/news/china-and-the-gcc-bilateral-trade-and-economic-engagement/

     وتعمل شركات صينية في الوقت الحالي على إنشاء مشروعات جديدة ببعض دول المجلس، حيث تسعى لإنشاء مصنع لتجميع أجهزة التلفزيون في المنطقة الحرة بجبل علي بدبي بطاقة سنوية مقدارها (80) ألف جهاز، إضافة إلى مشروعات أخرى في كل من السعودية وقطر البحرين. ومنحت مؤسسة نقد البحرين ترخيصاً لبنك سبنك الصيني لتأسيس مكتب تمثيلي له بالبحرين. ويعتبر المكتب التمثيلي لبنك الصين أول وجود لهذا البنك بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 

     إن المشروعات التي يمكن إنشاء استثمارات صينية -خليجية فيها كثيرة ومتعددة، وهي تتمثل في الاتصالات والمواصلات والطاقة الكهربائية والمنتجات الإلكترونية والهندسة البيولوجية والبتروكيماويات ومعالجة المياه المستعملة ومواد البناء والتغليف والمنسوجات والسيارات والنفط والأغذية. ولكن لا بد من التشديد في الوقت نفسه على ضرورة منح الأولوية للاستثمارات التي تتمتع باستخدام التكنولوجيا المتقدمة، بحيث يتم توطين هذه التكنولوجيا في دول مجلس التعاون، بما يتناسب والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية لدول المجلس. وكذلك ربط التسهيلات المقدمة للاستثمار الأجنبي بإمكانيات تدريب الأيدي العاملة الخليجية لفتح المجال أمام تشغيل الأيدي العاملة المُواطنة.

    وخلاصة القول فإن المعطيات الراهنة للعلاقات الصينية ــ الخليجية تُبرز أهمية اتخاذ الخطوات التنفيذية الممكنة بهدف زيادة معدلات التبادل التجاري وتبادل الخبرات، وكذلك زيادة الاستثمارات المشتركة، والاستفادة من الخبرات الصينية في كيفية إدارة المنشآت الصغيرة والبحث عن فرص لتدريب الكوادر الخليجية بالصين. كما تظهر ضرورة الاهتمام بدراسة المناقصات التي يقوم بطرحها الصينيون على الصعيد الدولي في مجال الحصول على الألمنيوم ومنتجاته والبتروكيماويات والحديد والصلب والمكيفات الهوائية وغيرها.

ثالثاً-الشراكة الخليجية مع الاتحاد الأوروبي

  وافق مجلس الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، في العشرين من يونيو 2022م، على ورقة استراتيجية جديدة حول علاقة الاتحاد بدول الخليج العربي تهدف لتأسيس شراكة استراتيجية بين دول الكتلة الأوروبية الـ 27 ودول مجلس التعاون. ويشتمل البيان على سلسلة من مجالات السياسات الرئيسية، ويقدم مقترحات ملموسة لتعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي في مجال الطاقة، والتحول الأخضر، وتغير المناخ، والتجارة والتنويع الاقتصادي، والاستقرار الإقليمي والأمن العالمي، والتحديات الإنسانية والتنموية، وتوثيق العلاقات الإنسانيّة.

   وتجدر الإشارة إلى أن الشراكة التجارية بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي قد شهدت تقدمًا مطرداً خلال العقدين المنصرمين، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين من حوالي (39.9) مليار دولار عام 2000م، إلى حوالي (187.1) مليار دولار عام 2022م، أي تضاعف بأكثر من أربعة مرات ونصف.

 

شكل (3) التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون ودول الاتحاد الأوروبي " مليار دولار"

المصدر: تم إعداد الشكل من الباحث بالاعتماد على بيانات جهاز الإحصاء الأوروبي

إن "التعاون العميق بين الاتحاد الأوروبي والشركاء الخليجيين يُعد أولوية رئيسية للاتحاد ومصلحة مشتركة على ضوء معالجة سلسلة من التحديات العالمية والإقليمية بالاشتراك مع الشركاء الخليجيين. إن توحيد جهود التصدي لتغير المناخ والاستفادة من الفرص التي يوفرها التحول الأخضر أمر بالغ الأهمية ومفيد للطرفين. تتأثر منطقة الخليج بشكل خاص بتغيّر المناخ، ويمكن للاتحاد الأوروبي أن يكون شريكًا فاعلاً في تطوير المعارف والخبرات لمواجهة هذه التحديات لاسيما ما يتعلق بتحقيق الحياد الكربوني، كونه رائدًا في مبادرات التحول المناخي والتحول نحو مصادر الطاقات المتجددة التي تشكل مدخلا ً للتخلص من انبعاثات غازات الدفيئة.

    إن تعزيز الشراكة سيعود بالنفع لكل من الاتحاد الأوروبي والشركاء في الخليج؛ حيث يُعد الاتحاد الأوروبي أكبر سوق بالعالم، ورائدًا في مجالات البحوث والابتكار، ولاعبًا أمنيًا هامًا بمنطقة الخليج، والفاعل الرئيسي في تحديات عالمية كالتغيّر المناخي والرقمنة واستخدامات الذكاء الاصطناعي. وستوفر مبادرة "البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي إطارًا ديناميكيًا للتعاون مع الشركاء في مجلس التعاون لتعزيز الاستثمارات المستدامة بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. تحظى دول مجلس التعاون باقتصادات ديناميكية وتعدّ بوابة أساسية تصل بين أوروبا وآسيا وإفريقيا. كما أنها مزود موثوق به للغاز الطبيعي المسال وتملك أحد أفضل موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العالم، الأمر الذي يجعل تطويرها عاملاً أساسيًا في تنفيذ الاستراتيجيات المشتركة للوفاء بالالتزامات المناخية والأهداف الاقتصادية.

رابعاً-الشراكة بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى

   ازدادت أهميـة الشراكة الاستراتيجية بين دول آسيا الوسطى ودول مجلس التعاون الخليجي فـي ظـل التطـورات الجيوسياسية والاقتصادية، في وقت أصبحت فيه دول مجلس التعاون قطباً استراتيجياً مهماً في النظام الاقتصادي العالمي، علاوة عن نموها الاقتصادي غير المسبوق وعمليات التنوع الاقتصادي والتحول الاجتماعي.

   ويحظى الجانب الاقتصادي بأهمية كبرى في سلم أولويات العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى، وهذا ما اتضح جلياً في قمة مجلس التعاون ودول أسيا الوسطى التي عقدت بجدة في يوليو 2023م، ويأتي في مقدمة القطاعات الاقتصادية المهمة، قطاع النفط والغاز الذي تنتج منه دول آسيا الوسطى كميات ضخمة، خصوصاً كازاخستان، وتركمانستان، على الرغم من عدم عضويتهما في منظمة الدول المصدِّرة للبترول «أوبك»، وبالتالي يمكن لدول مجلس التعاون الاستفادة من التعاون في هذين المجالين، كونها تُعد من أهم دول العالم في إنتاج النفط والغاز، وتمتلك خبرات كبيرة في هذا القطاع. وفي القطاع الزراعي، تعد كازاخستان من أهم خمس دول في العالم في إنتاج القمح، إلى جانب تميزها مع كل من أوزبكستان وطاجيكسـتان وقرغيزستان فـي إنتـاج الخضـراوات والفواكـه، كمـا تتميـز أوزبكسـتان بإنتـاج القطـن طويـل التيلـة، إلـى جانـب ذلـك تمتلـك دول آسـيا الوسـطى ثـروات هائلـة مـن الغابـات والثـروات الخشـبية، ومـن هنـا تأتـي أهميـة هذا القطاع المهم والحيوي، لاسيما مـع بـروز أزمـة القمـح فـي ظـل الأزمة الروسـية -الأوكرانية.

شكل (4) حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى " مليون دولار"

المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على: المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، العلاقات الاقتصادية بين مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى، 2023م، ص 2

    وتجدر الإشارة إلى أن التوجه نحو آسيا الوسطى قد شكل أحد التوجهات الرئيسة لدول مجلس التعاون من أجل تحقيق التنوع والتكامل بين الفرص المتاحة وتطوير مجالات الاستثمار، وبحث الأولويات التنموية وتبادل الخبرات في ضوء خطة العمل المشتركة، لذلك رحب قادة دول آسيا الوسطى بقرار السعودية لاستضافة منتدى الاستثمار بين دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى في الربع الأخير من 2023م، وبمبادرتي تركمانستان وقيرغيزستان لاستضافة منتدى الاستثمار بين دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى في عام 2024م.

خامساً-الشراكة الخليجية مع تركيا

  بالرغم من توفر مقومات التعاون والشراكة الاقتصادية الناجحة بين دول مجلس التعاون وتركيا غير إننا نلاحظ بأن واقع العلاقات الاقتصادية والتجارية يشير إلى أن التبادل التجاري الخليجي التركي مازال متواضعاً بالرغم من ارتفاعه من (17.5) مليار دولار عام 2014م، إلى (22) مليار دولار عام 2021م، حيث تُعد تركيا الشريك التجاري رقم (12) بالنسبة لدول مجلس التعاون.

شكل (5) التبادل التجاري لدول مجلس التعاون مع تركيا " مليار دولار "

المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على:

https://www.gccstat.org/images/gccstat/docman/publications/TURKY.pdf

 

   وتجدر الإشارة إلى أنه من المتوقع أن يرتفع حجم التبادل التجاري السلعي الخليجي ــ التركي مع بناء مشروع طريق التنمية الذي يربط دول مجلس التعاون مع تركيا عبر العراق والذي تبلغ كلفته نحو (17) مليار دولار وبطول (1200) كلم داخل العراق في مراحله الأولى، ويطمح العراق إلى تنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع دول مجلس التعاون، قطر والإمارات والكويت وعمان والسعودية.

   شجع توجه تركيا إلى الاقتصاد الإسلامي على ضخ المزيد من الاستثمارات الخليجية بها، كما شجع على ذلك أيضًا الحكومة التركية على التخفيف من قيود الملكية الأجنبية، إذ أصدرت الحكومة في السنوات الأخيرة قانوناً عقارياً جديداً يتيح للأجانب تملك الأراضي والشقق السكنية والعقارات بشكل حر وكامل، دون اشتراط الإقامة داخل البلاد، مما أتاح لكثير من المستثمرين للاستثمار بالعقارات بتركيا.

شكل (6) حجم الاستثمار الأجنبي المباشر لدول مجلس التعاون في تركيا (2002-2020) مليون دولار

https://ayam.com.tr/ar/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA/gulf-countries-investments-in-turkey

  وتأتي أولويات الاستثمارات الخليجية بتركيا في العقدين المنصرمين من القرن (21)، في المجالات المصرفية والمالية والاتصالات والسياحة. وتأمل دول مجلس التعاون تخصيص جزء كبير من هذا الاستثمار للقطاع الزراعي من أجل زيادة الاحتياطي الاستراتيجي من الغذاء، علاوة على الاستثمار في القطاع الصناعي الذي يتسم بجودة منتجاته.

سادساً-تأثير الشراكات الخليجية الإقليمية والدولية على التعامل بالعملات المحلية للدول الأعضاء وعلى مستقبل الدولار كعملة رئيسية في العالم

    انخفض نصيب الأصول المقومة بالدولار الأمريكي من احتياطيات المصارف المركزية بنسبة 12 % – من 71% إلى 59% -في ظل إطلاق اليورو عام 1999م، بالرغم مما يتخلل ذلك من تذبذبات ملحوظة (الخط الأزرق). وفي الوقت نفسه، تذبذب نصيب اليورو بنسبة 20% تقريباً، بينما زادت عملات أخرى، منها الدولار الأسترالي والدولار الكندي واليوان الصيني، إلى 9% في الربع الرابع من العام (الخط الأخضر)، ويعكس هذا التغير جزئيًا تراجُع دور الدولار الأمريكي في الاقتصاد العالمي في مواجهة المنافسة من العملات الأخرى التي تستخدمها المصارف المركزية في إجراء المعاملات الدولية. والشكل البياني يُبين ذلك.

شكل (7) تكوين عملات احتياطي العملات الأجنبية على مستوى العالم، %

https://www.imf.org/ar/Blogs/Articles/2021/05/05/blog-us-dollar-share-of-global-foreign-exchange-reserves-drops-to-25-year-low

  يُعد الدولار الأمريكي الركيزة في الاحتياطيات الرسمية الدولية، إذ يشكل الدولار أكثر من (52%) من إجمالي الاحتياطي النقدي العالمي في المصارف المركزية العالمية وفق دراسة لصندوق النقد الدولي. ورغم التحولات الهيكلية الكبرى التي حصلت في النظام النقدي الدولي على مدار الستة عقود الماضية، فلا يزال الدولار الأمريكي هو العملة المهيمنة للاحتياطيات الدولية وهذا يرجع إلى أن التحولات في احتياطيات المصارف المركزية كبيرة بالقدر الكافي لكي تؤثر على أسواق العملات والسندات.

شكل (8) الأهمية النسبية للعملات الرئيسة في احتياطيات النقد الأجنبي العالمي %

المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على

https://images.search.yahoo.com/search/images?p=world+reserves+usa+dollars+chart&fr=mcafee&type=E210US739G0&imgurl=https%3A%2F%2Fwww.ft.com%2F__origami%2Fservice%2Fimage%2Fv2%2Fimage

   وفي الختام نقول بإن أي تغييرات في وضع الدولار الأمريكي كعملة قيادية ومؤثرة في الاحتياطي النقدي العالمي  في سياق حرب العملات التي بدأت تلوح بالظهور كنتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا من غير المرجح أن تتزعزع في الأمدين القصير والمتوسط نتيجة للتعامل بعملات أخرى كاليورو أو اليوان الصيني في المعاملات التجارية كنتيجة لزيادة حجم الشراكات التجارية والاقتصادية لدول مجلس التعاون مع الصين والاتحاد الأوروبي، وغيرهم من الشركاء للمجلس.


 

مقالات لنفس الكاتب