array(1) { [0]=> object(stdClass)#13603 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 191

المنتجات الغذائية والطاقة والاستثمارات تعزز الشراكة بين دول الخليج والآسيان

الأحد، 29 تشرين1/أكتوير 2023

لم تعد سياسة " التوجه غرباً" من قبل العديد من دول جنوب شرق آسيا- الآسيان صوب المنطقة العربية، وتحديداً تجاه دول الخليج العربية مجرد شعار يرفع ليؤكد ثوابت العلاقات التاريخية والسياسية والاقتصادية الممتدة بين الطرفين منذ قرون بعيدة، بل باتت انعكاساً لمجموعة من التحولات الجيواستراتيجية والجيواقتصادية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وقارة آسيا .وتفرض هذه التحولات على القوى الآسيوية تعزيز علاقاتها بدول الخليج في إطار ما يطلق عليه سياسة "التوجه غربًا" وهو نفس ما يقال عن التوجه الخليجي والعربي صوب آسيا فيما بات يسمى عربيًا سياسة "التوجه شرقًا" .

ففي مواجهة الاضطرابات الجيوسياسية والتحولات الكبرى في توازن القوى العالمي، عكف مجلس التعاون لدول الخليج العربي على إعادة تشكيل شراكاته وتحالفاته الاستراتيجية بما يخدم مصالحه ويمكنه من زيادة نفوذه على المستوى العالمي فمن غير الممكن غض الطرف عن تأثر العلاقات بين آسيا والشرق الأوسط عمومًا ودول الخليج خصوصاً بالتنافس الأمريكي-الصيني، وهذا التأثر يتبدى من دول كلتا المنطقتين؛ فمن جانب منطقة الشرق الأوسط، يواجه العديد من دولها تحدي الاستمرار في سياسة "التحوط الاستراتيجي" في علاقاتها مع كل من الصين والولايات المتحدة في ضوء تصاعد التنافس بينهما، بحيث تنجح في الاستمرار في شراكتها الاقتصادية مع الصين والمحافظة في الوقت نفسه على شراكتها الأمنية مع الولايات المتحدة من دون أن تضطر إلى الاختيار بين إحدى القوتين الكبريين المتنافستين. أما من جانب منطقة آسيا، فإن هناك خشية من أن انحياز قوى آسيوية رئيسة، مثل اليابان وكوريا الجنوبية والهند إلى حد ما، إلى المدار الأمريكي في منطقة الإندو-باسيفيك في مواجهة الصين قد ينتقل إلى منطقة الشرق الأوسط أيضاً.

وفى هذا الإطار تتناول الورقة التعريف بمنظمة الآسيان وكذلك العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول المجلس ودول رابطة جنوب شرق آسيا، كما تستعرض الحضور الخليجي في جنوب شرق آسيا، وكذلك حضور دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا في الخليج.

أولاً: تعريف بمنظمة الآسيان:

تأسست رابطة جنوب شرق آسيا-الآسيان في الثامن من أغسطس عام 1967م، حين وقعت إندونيسيا وماليزيا والفليبين وسنغافورة وتايلاند "إعلان آسيان" في العاصمة التايلاندية بانكوك، وبعد حوالي 17 عامًا انضمت بروناي إلى الرابطة في عام 1984م، تبعتها فيتنام في عام 1995م، ولاوس وميانمار في عام 1997م، ليكتمل عقد أعضاء الرابطة العشر في عام 1999م، بانضمام كمبوديا. وقد جاء تأسيسها ضمن ترتيبات الأمن الإقليمي في إقليم آسيا – الباسفيك خلال مرحلة الحرب الباردة، التي تميزت بسعي الولايات المتحدة إلى حصار المد الشيوعي واحتوائه خوفاً من انتشاره على نحو يهدد مصالحها بدول المنطقة لاسيما بعد انتصار فيتنام وتوسعها في كمبوديا إضافة إلى تفاقم الصراعات الأخرى بالمنطقة. عندئذ برزت الحاجة إلى إقامة منظمة دولية تعاونية في جنوب شرق آسيا تكون مهمتها حصار المد الشيوعي والحيلولة دون انتشاره وهو الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى خلق هذه الآلية في محاولة لتنظيم صفوف الحلفاء في جنوب شرقي القارة، وتقوية اقتصادهم من خلال ضخ رؤوس الأموال الهائلة والزائدة عن دورة رأس المال الأمريكي.

وعلى الرغم من أن التعاون الاقتصادي بين دول الآسيان قد بدأ في إطار محدود بأنشطة متعلقة بالغذاء والطاقة والنقل وأجهزة الاتصال والزراعة والسياحة؛ غير أن هذا التعاون "المحدود " مكنها من تحقيق احتياطي غذائي آسيوي وقد جاءت البدايات الأولى لتأسيس آليات التعاون الاقتصادي في القمة الأولى لدول الرابطة التي عقدت في "بالي" بإندونيسيا عام 1976م، حيث تم تشكيل ثلاث لجان رئيسية هي: معاهدة التجارة التفضيلية (الدولة الأولى بالرعاية P.T.AS.)؛ والمشروعات الصناعية للآسيان A.I.P.S.؛ والمنطقة الصناعية المغلقة. وقد عنيت الاتفاقية الأولى بجعل حرية التجارة مكفولة بين دول المنطقة (أي بجعل الدول الأعضاء منطقة تجارة حرة مغلقة) حيث تم تحديد المشروعات التي يبدأ التكامل بشأنها في السيارات والآلات الزراعية ومعدات الاتصال وفقاً لاتفاقية التجارة الحرة لدول الرابطة في عام 1992م. وتم تحديثها وتجديدها في عام 2015م، وتمديد سريانها إلى نهاية عام 2025م. المشروعات الصناعية على الدول الأعضاء والتي أجازها وزراء اقتصاد دول الرابطة في شكلها النهائي في عام 1982م. 

وقد استطاعت الرابطة إقامة مشاركات اقتصادية وتكنولوجية مع الدول الكبرى في القضايا السياسية والأمنية والإقليمية والمصالح الاقتصادية والتعاون في مجالات الجرائم العابرة للحدود ومكافحة الإرهاب وغيرها من المجالات الأخرى. وتحتفظ الرابطة حاليًا باتفاقات مشاركة تنموية أو اقتصادية أو حوارية مع 96 دولة من أهمها: الصين وكوريا الجنوبية؛ واليابان؛ وكندا؛ والولايات المتحدة؛ والهند؛ والإمارات العربية؛ وقطر؛ وسلطنة عمان ….. وغيرها من دول العالم. وأنشأت لذلك اللجان الفنية والمتخصصة لتعزيز التعاون والمشاركات الاقتصادية والمتعددة ومنها مجلس تنسيق الآسيان (ACC) وهو الهيئة المسؤولة عن التحضير لقمة الآسيان؛ كما تقوم لجنة التنسيق الإدارية بتنسيق تنفيذ الاتفاقيات والقرارات الصادرة عن قمة الآسيان وتنسيق تقارير مجلس مجتمع الآسيان إلى قمة الآسيان؛ وفرقة العمل المعنية بمبادرة تكامل الآسيان؛ علاوة على تعيين كل دولة في الرابطة لممثل دائم لها على اتصال يومي ودائم بالأمين العام للرابطة بشأن معوقات أو مشكلات تحقيق التعاون البيني وسبل التغلب عليها.

ثانيًا: العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول المجلس ودول رابطة جنوب شرق آسيا

يعود الفضل في تنامي العلاقات بينهما إلى السعودية والإمارات وعمان ؛ حيث قامت المملكة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولى العهد سمو الأمير محمد بن سلمان باتخاذ خطوات واسعة في التقارب من أبرزها توجيه السعودية الدعوة إلى ثلاث دول من الرابطة خلال رئاستها لمجموعة الـ20 في عام  2020 م، للمشاركة في اجتماعات وفعاليات المجموعة ، حيث شاركت سنغافورة وفيتنام كضيفتين على المنتدى العالمي، إلى جانب مشاركة إندونيسيا أحد أعضاء المجموعة، علاوة على ذلك شهدت أزمة العلاقات التايلاندية – السعودية انفراجة في عام 2022م، بزيارة رئيس الوزراء التايلاندي برايوت تشا أوتشا إلى الرياض في يناير 2022م، أعقبتها زيارة محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي ياسر الرميان إلى العاصمة التايلاندية بانكوك بهدف تعميق العلاقات السعودية مع دول منطقة جنوب شرقي آسيا، وزيارة وزير الدفاع الماليزي إلى السعودية أكثر من مرة .

يمتلك كل من دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة أمم جنوب شرق آسيا أرضيةً مشتركة لتعزيز العلاقات الاقتصادية فيما بينها؛ وتستند تلك الأرضية إلى تمكن دول المجلس من تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي والتنمية البشرية لمواطنيه.

كما يعزز من توطيد العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة جنوب شرق آسيا التشابه الكبير بينهما في محط أنظار القوى الكبرى والعالمية، فلدول مجلس التعاون الخليجي أهمية جغرافية واستراتيجية واقتصادية كبيرة، من الناحية الاستراتيجية تطل دول الخليج العربي على مضيق هرمز الذي يشكل شرياناً رئيساً في حركة التجارة الدولية، واقتصادياً تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي أكبر احتياطي نفط في العالم يقدر بـ33 % من إجمالي الاحتياطي العالمي، بينما تنتج خمس دول من المجلس حوالى 18 % من الطلب العالمي على النفط.

وقد أدى تحول دول مجلس التعاون الخليجي إلى آسيا على مدى العقدين الماضيين إلى نمو مستويات التجارة والاستثمار بين المنطقتين. إلا أن التجارة مع الصين والهند تهيمن على هذه العلاقة. فبين عامي 2016 و2020م، شكلت الصين ما يقرب من 15 % من إجمالي واردات دول مجلس التعاون الخليجي مقارنةً بنسبة 6% فقط من دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا العشرة مجتمعة.

وتعتبر دول مجلس التعاون الخليجي وجهة لبعض الصادرات الرئيسية لرابطة أمم جنوب شرق آسيا. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية جاءت الإلكترونيات والآلات -والتي تعد من بين منتجات التصدير الرئيسية الثلاثة لرابطة أمم جنوب شرق آسيا -من بين أهم السلع التي تستوردها دول مجلس التعاون الخليجي. ومثلت الإلكترونيات 28% والآلات 12% من قيمة الواردات البالغة 144 مليار دولار أمريكي من دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا في الفترة بين 2016 و2020م.

تعرضت الواردات من دول جنوب شرق آسيا لضربة خلال جائحة كوفيد 19 -حيث شهد عام 2020م، انخفاضاً بنسبة 25% مع انخفاض طلب المستهلك على الأجهزة الإلكترونية والمركبات وانخفاض طلب الشركات على الآلات والسفن انخفاضًا حاداً.

وتميل العلاقة التجارية القائمة بين المنطقتين لصالح الواردات إلى دول مجلس التعاون الخليجي. وبالمقابل جاء 2 % فقط من إجمالي واردات دول جنوب شرق آسيا بين عامي 2016 ،2020م، من دول مجلس التعاون الخليجي على الرغم من أن هذه الحصة آخذة في الارتفاع.

ومع ذلك، استحوذت دول جنوب شرق آسيا على4% فقط من إجمالي صادرات دول مجلس التعاون الخليجي خلال فترة الخمس سنوات نفسها، أي ما يعادل 126 مليار دولار أمريكي. وكان الجزء الأكبر منها من النفط الخام (43%) والبوليمرات البلاستيكية (20%).

وفي حين انخفضت صادرات البوليمرات البلاستيكية من دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2020 م، إلا أن صادرات النفط الخام ارتفعت بنسبة180% تقريبًا بين عامي 2019 و 2020م، وقد تزايدت بشكل مطرد منذ عام 2016 م، وقد يكون أحد أسباب الزيادة في عام2020 م، هو أنه في حين أن معظم المصانع في العالم كانت تعمل بسعات أقل فقد تعافت آسيا بسرعة من الموجة الأولى من الجائحة.

وقدرت القيمة الإجمالية لاستثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في منطقة الآسيان بمبلغ 13.4 مليار دولار أمريكي في الفترة ما بين يناير 2016 م، وسبتمبر 2021م، واستحوذت الإمارات العربية المتحدة على 74% من إجمالي قيمة هذه الاستثمارات حين كان نصيب عمان 20% أو أكثر قليلًا. كان استثمار دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا في دول مجلس التعاون الخليجي أقل بكثير، إذ تقدر قيمته بنحو 3.6 مليار دولار أمريكي خلال الفترة ذاتها؛ وجاء ثلثا هذه الاستثمارات من سنغافورة.

وكانت سنغافورة الدولة الوحيدة في المنطقة التي تعقد اتفاقية تجارة حرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، قبل أن توقع الإمارات وإندونيسيا في يوليو 2022م، اتفاقية للتجارة الحرة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بما يوسع آفاق التعاون بين واحد من أكبر اقتصادات الخليج وأكبر اقتصاد في جنوب شرقي آسيا. والتزمت الإمارات العربية المتحدة باستثمار 10 مليارات دولار أمريكي في صندوق الثروة السيادية لإندونيسيا. كما حددت المملكة العربية السعودية إندونيسيا والفلبين باعتبارهما سوقين رئيسيين للعلاقات التجارية المستقبلية مع استهداف المملكة على وجه الخصوص للإنشاءات والإمدادات الصناعية في هذين البلدين. وفي سبتمبر 2021م، ناقشت قطر وماليزيا علاقتهما التجارية والاستثمارية مع التأكيد على الشراكات في مجالات الزراعة والضيافة والنفط والغاز والعقارات.

وفى 3 أغسطس 2022م، وقعت كل من قطر والإمارات وعمان على وثيقة الانضمام إلى معاهدة الصداقة والتعاون لدول جنوب شرقي آسيا(تاك) وذلك على هامش اجتماع وزراء خارجية الرابطة في العاصمة الكمبودية بنوم بنه.

وتنص المعاهدة على "حق كل دولة في قيادة وجودها الوطني دون تدخل خارجي أو تخريب أو إكراه، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لغيرها، وتسوية الخلافات أو النزاعات بالطرق السلمية، وعدم التهديد باستخدام القوة.

ووافقت السعودية في 11 يوليو 2023 م، على الانضمام إلى معاهدة الصداقة والتعاون، ووقع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان على وثيقة انضمام المملكة إلى المعاهدة.

ووقعت الكويت في 4/9/2023 على وثيقة الانضمام إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا في أثناء انعقاد قمة دول الآسيان الـ43 التي تم عقدها في العاصمة الإندونيسية جاكرتا.

ثالثًا: الحضور الخليجي في جنوب شرق آسيا:

ركزت استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا على تأمين صادرات النفط والبتروكيماويات في المستقبل. تم الإعلان عن استثمارات بقيمة 4.3 مليار دولار بين عامي 2016 و2021م، في مصافي النفط ومرافق البتروكيماويات ومكاتب التجارة في الأسواق الرئيسية مثل إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة. ويشمل ذلك ضخ استثمارات من جانب شركات النفط والغاز التي تتخذ من عمان مقرًا لها في عام 2016م، ومن أرامكو السعودية في مصفاة نفط في ماليزيا إلى جانب شركة بتروناس في عام 2019م.

وبعيدًا عن قطاع النفط والغاز ضخت شركات في دول مجلس التعاون الخليجي بعضًا من الاستثمارات الاستراتيجية في القطاعات التي تتمتع بإمكانيات قوية للنمو. وأبدت دول مجلس التعاون الخليجي اهتمامها بقطاع الأغذية والمشروبات في دول جنوب شرق آسيا، حيث كانت مجموعة اللولو الإماراتية رائدة في هذا المجال. ومنذ عام 2015م، كان لها تواجد في إندونيسيا وماليزيا، وأعلنت مؤخرًا أنها تعتزم تعزيز وجودها في هذه الأسواق مع خطط لفتح أربعة أسواق هايبر ماركت جديدة في جميع أنحاء ماليزيا، بالإضافة إلى أسواق هايبر ماركت وأسواق سريعة في جميع أنحاء إندونيسيا.

وبدأت استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي تستهدف بعض قطاعات النمو في دول جنوب شرق آسيا، بما في ذلك التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية. وفي عام 2020م، أسست شركة "تمارا" الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في المملكة العربية السعودية عملياتها في فيتنام، وأسست شركة "ديستيشين" الرائدة في مجال التجارة الإلكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة قاعدة لها في سنغافورة. وأيضًا في عام 2011م، اشترى بنك قطر الوطني حصة مسيطرة في بنك إندونيسي لإنشاء بنك بي تي بنك قطر الوطني يإندونيسيا وذلك للاستفادة من الطلب المتزايد على الخدمات المالية في المنطقة. وعلى مدار العامين الماضيين واصل بنك قطر الوطني الاستثمار في التوسع في المنطقة.

وفي الآونة الأخيرة، أعلنت "موانئ دبي العالمية" في مارس 2021 م، عن صفقة بقيمة 1.2 مليار دولار أمريكي مع "مجموعة ماسبيون" لبناء ميناء حاويات دولي ومنتزه لوجستي صناعي في جزيرة جاوا بإندونيسيا. ويمكن أن تعمل هذه الاستثمارات على استهداف بعض التحديات الرئيسية التي يواجهها قطاع الخدمات اللوجستية في رابطة أمم جنوب شرق آسيا، حيث لا تزال جودة البنية التحتية غير متساوية الجودة في جميع أنحاء المنطقة، كما أن اللوائح والتنظيمات الحالية تصعب من الاستثمار الأجنبي.

ومن بين أكبر الصفقات بين دول المنطقتين الإعلان في يوليو 2021م، عن "شركة جلوبال فاوندريز"، وهي شركة أمريكية مملوكة لشركة "مبادلة للاستثمار" في أبو ظبي، والتي تخطط لاستثمار 4 مليارات دولار في مصنع أشباه الموصلات في سنغافورة. وتعد السعودية خامس دولة في مصادر الاستثمار بماليزيا.

رابعًا: حضور دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا في الخليج

 تركز توسع شركات دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا في دول مجلس التعاون الخليجي على الضيافة والمواد الغذائية. وشيدت "فريزر هوسبيتاليتي" التي تتخذ من سنغافورة مقرًا لها شققاً وأجنحة فندقية في جميع أنحاء الإمارات والمملكة العربية السعودية وعمان وقطر. ومن بين العلامات التجارية الفندقية الأخرى المتواجدة في دول مجلس التعاون الخليجي دوسيت ثاني شركة تابعة لشركة دوسيت إنترناشيونال) وفنادق ومنتجعات سنتارا. وهي تلبي احتياجات سوق السفر والسياحة في دول مجلس التعاون الخليجي البالغة قيمتها 245 مليار دولار أمريكي.

وفي قطاع المواد الغذائية، كان التوسع الأخير الذي قامت به إحدى الشركات التابعة لرابطة أمم جنوب شرق آسيا في دول مجلس التعاون الخليجي هي "بيور سلمون" في سنغافورة التي تتولى إنشاء مزرعة سلمون تتماشى مع المصلحة الاستراتيجية لدولة الإمارات في توسيع الزراعة المائية المستدامة.

ولكن ربما كان التوسع الأكثر شهرة لشركة أغذية تابعة لرابطة أمم جنوب شرق آسيا في دول مجلس التعاون الخليجي هي سلسلة "جوليبي" الفلبينية للأغذية السريعة التي وقعت صفقة مع شركة "جولدن كراون فودز ذ.م.م" لإنشاء متجر في الإمارات عام 2015 م، فقد واصلت التوسع في جميع أنحاء المنطقة.

كما كانت هناك شركات أخرى متحمسة للتوسع في دول مجلس التعاون الخليجي لتلبية احتياجات المغتربين في الخارج. ويزاول أوفرسيز فلبينو بنك عملياته في الإمارات والبحرين، ويمتلك بنك سنغافورة مكتبًا في مركز دبي المالي العالمي.

كما تعمل شركات الخدمات اللوجستية التابعة لرابطة أمم جنوب شرق آسيا في دول مجلس التعاون الخليجي. في عام 2019م، أسست شركة الخدمات اللوجستية الماليزية "كيري لوجيستيكس" مرافق من الإمارات العربية المتحدة والبحرين. و في عام 2018 م، ضخت "مجموعة جي بي إس" التي تتخذ من سنغافورة مقرًا لها استثمارات في مشروع ”Greenfield Terminal“ في ميناء الحمرية في الإمارات لتطوير محطة لتخزين المواد الهيدروكربونية، مع خطط لمزيد من التوسعات.

خاتمة:

يتضح من كل ما سبق أن الاستقرار السياسي في دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى وجود روابط قوية للنقل وتوافر الخدمات اللوجستية وسهولة ممارسة الأعمال والوصول إلى خيارات التمويل المحلية هو ما جعل المسؤولين التنفيذيين في رابطة أمم جنوب شرق آسيا يعتبرون دول مجلس التعاون الخليجي منطقة جذب ونقطة انطلاق للتوسع في المنطقة. في حين كانت قدرة دول جنوب شرقي آسيا على التأقلم مع انكماشات الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط والطويل، والتعافي السريع من جراء الأزمات الاقتصادية خاصة جائحة كورونا ، أثر في كسب ثقة المستثمرين الخليجيين في منطقة جنوب شرق آسيا  وجعلها أرضاً صالحة للاستثمارات الخليجية خاصة في ظل قيام دول الآسيان بتوفير السلع والمنتجات الغذائية والزراعية لدول الخليج، مما قد يجنبها ارتفاع الأسعار المفاجئ في الأزمات الدولية كما حدث مؤخرًا عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية؛ وقيام دول الخليج بتدبير احتياجات دول الآسيان من مصادر الطاقة الأحفورية – البترول والغاز الطبيعي – بحيث يضمن كل منهما للآخر السلع الاستراتيجية اللازمة له لعملية التنمية.

مقالات لنفس الكاتب