array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 191

5 مرتكزات للشراكة الاستراتيجية قائمة على المزايا النسبية بين دول الخليج والآسيان

الأحد، 29 تشرين1/أكتوير 2023

تميزَّت المدة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، بتأسيس العديد من المنُظمات الدولية والإقليمية المُتفردة (Unique)، وفي ميادين الحياة كافة، وبخاصة في الميادين السياسية والاقتصادية والعسكرية. والتي أضحت كواقع حال جديد ومُؤثر في العلاقات الإقليمية والدولية المعاصرة. ولعل من أهم ِهذهِ المُنظمات وأكثرها تأثيراً في محيطها الإقليمي والدولي هما: مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول جنوب شرق آسيا، والمعروفة اختصاراً باسم {آسيان}.

           ومع إنَّ رابطة الآسيان ومجلس التعاون تشكلا في ظل نظام دولي ثُنائي القطبية خلال حقبة الحرب الباردة، إلا إنَّ كلتا المُنظمتين واصلتا عملهما كلٌ حسب ساحته لتحقيق أهدافه في ظل نظام القطبية الواحدة عقب انهيار الاتحاد السوفيتي السابق في سنة 1991م، وهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على السياسة الدولية منذُ ذلك الحين، وحتى الوقت الحاضر.

        وقد وفرت المبادئ العامة المُعتمدة لكلتا المنظمتين، وفي مقدمتهما مبادئ تحقيق المصالح المُشتركة، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، وتبني مبادئ الاقتصاد الحر، الأساس الموضوعي لتطوير العلاقات بين دول الطرفين، وقد هيمن الميدان الاقتصادي، وبشكل لا يقبل اللبس على مُجمل ميادين العلاقات الثنائية والمتعددة لدول كلتا المنظمتين، وبخاصة عقب قيام مجلس التعاون، ومنذُ أواسط ثمانينيات القرن الماضي بوضع المُرتكزات الأساسية لديمومة هذا التعاون.  

أولاً. واقع رابطة دول الآسيان:  

  1. تشكيل الرابطة: استناداً لموقع دول الآسيان فقد تأسست رابطة الآسيان، في 8 أغسطس 1967م، في بانكوك، تايلاند، مع توقيع (إعلان بانكوك) من قبل المؤسسين للآسيان: وهم كل من: إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند. وقد انضمت بروناي دار السلام إلى رابطة أمم جنوب شرق آسيا في 7 يناير 1984م، تلتها فيتنام في 28 يوليو 1995م، وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية، وميانمار في 23 يوليو 1997م، وكمبوديا في 30 أبريل 1999م، لتُشكل ما يُعرف اليوم بالدول العشر الأعضاء في رابطة أمم جنوب شرق آسيا. وحددَّ إعلان بانكوك الجهود المُشتركة لدول آسيان بهدف دعم التعاون الاقتصادي وتحقيق رفاهية شعوب المنطقة وذلك من خلال دعم التنمية الاقتصادية وحماية الاستقرار السياسي والاقتصادي.

      ووفقاً لما ورد في (صحيفة الانديبندنت البريطانية في 12 أغسطس 2022) فقد استطاعت الآسيان أن تُحافظ على موقفٍ مُحايد في عدد من القضايا الإقليمية وإقامتها لشراكات ناجحة مع بعض الدول والمنظمات الدولية. وفي أوائل تسعينيات القرن الماضي بزغت "آسيان" كصوت رائد في التجارة الإقليمية، كما تبنت حواراً للأمن من خلال تأسيس المُنتدى الإقليمي لـــــ "آسيان"، وعملت بشكل مُكثف على حلِ الصراع في تيمور الشرقية ونجحت في جعل "آسيان" منطقة تجارة حرة. وفي عام 2008م، أعلنت الرابطة "ميثاق آسيان" الذي ركزَّ على المصالحِ الخاصة لدول الرابطة واستقلالهم والحفاظ على المنطقة خالية من الأسلحة النووية، والعمل على التكامل الإقليمي اقتصادياً بين أسواق البلدان الأعضاء. 

  1. عناصر القوة: تتميز هذه الدول بكونها من أقوى الاقتصادات الصاعدة في العالم، وتطورت بمرور الوقت إلى قوة اقتصادية فاعلة. وأضحت تحتل المرتبة الخامسة على المستوى العالمي، وتمتلك العديد من عناصر القوة، لعل في مقدمتها الآتي:
  • المساحة والسكان: تحتل دول رابطة الآسيان موقعاً متميزاً في جنوب شرق آسيا، وتبلغ مساحتها الإجمالية (4.56) مليون كم2، وتتميز بكون كل دولة منها تكونت من مئات الجزر المتقاربة نسبياً، والتي تنتشر في بحر الصين والمحيط الهادئ. فيما بلغَ عدد سكانها في عام 2022م، نحو (629.44) مليون نسمة (انظر الجدول ــــــــ 1)، أي عشرة أضعاف عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي للسنة ذاتها. وشكلَّ هذا العدد، ما نسبته (7.9%) من إجمالي سكان العالم في عام 2022م، بحسب أحدث إحصاءات البنك الدولي. فيما بلغ عدد القوى العاملة في دول الآسيان (317.124) مليون نسمة. وتشكل ميزة اتساع المساحة وارتفاع عدد السكان والقوى العاملة أحد أهم عناصر القوة في دول رابطة الآسيان.
  • الناتج المحلي الإجمالي والاحتياطيات المالية: يُعتبر الناتج المحلي الإجمالي (GDP) أحدَّ أهم المؤشرات الأساسية لقياس قوة اقتصاد أي دولة من دول العالم، ووفقاً لإحصاءات البنك الدولي لعام 2022م، (انظر الجدول ــــــ 1)، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول رابطة الآسيان (3622) مليار دولار. وهو أكبر من الناتج المحلي لجمهورية روسيا الفيدرالية والبالغ (2240) مليار دولار للسنة ذاتها. وهذا يضع دول الآسيان مُجتمعة كخامس اقتصاد في العالم لسنة 2022م. فيما بلغت الاحتياطيات المالية بما فيها الذهب لدول الآسيان، وللسنة ذاتها نحو (979.26) مليار دولار أمريكي.
  • إجمالي الصادرات والواردات: يُؤشر ارتفاع قيم الصادرات والواردات أحدَّ عوامل قوة الاقتصاد الوطني لأي دولة من دولِ العالم. ووفقاً للمُعطيات الإحصائية المتاحة (الجدول ــــــ 1)، بلغ إجمالي صادرات دول رابطة الآسيان لعام 2022م، نحو (1961) مليار دولار أمريكي، فيما بلغ أجمالي واردات دول رابطة الآسيان نحو (1878) مليار دولار للسنة ذاتها، أي إنَّ فائض الميزان التجاري نحو (83) مليار دولار مما يعكس مُؤشر إيجابي لتطور اقتصادات دول رابطة الآسيان بالوقت الحاضر.

 

(الجدول   ــــــــ 1)

مؤشرات اقتصادية مقارنة بين رابطة الآسيان ومجلس التعاون 2020

 ت

المؤشرات

 رابطة الآسيان

مجلس التعاون الخليج

1.

إجمالي المساحة (مليون كم2)

4.56

2.58

2.

إجمالي السكان (مليون نسمة)

629.44

58.78

3.

القوى العاملة (مليون نسمة)

317.124

29.842

4.

الاحتياطي النفطي المؤكد (مليار برميل)

9.8

510.4

5.

احتياطي الغاز المؤكد (مليار م3)

3.3

50.634

6.

الناتج المحلي الإجمالي (مليار دولار أميركي)

3622

2196

7.

الاحتياطيات المالية بما فيها الذهب (مليار دولار أميركي)

979.26

738.89

8.

إجمالي الصادرات (مليار دولار أميركي)

1961

1335.7

9.

إجمالي الواردات (مليار دولار أمريكي)

1878

733.1

:

 (3). التقرير السنوي لمنظمة الأوابك العربية، 2022، ص7.

 

  1. مكامن الضعف:
  • الافتقار إلى موارد الطاقة الأحفورية: على الرغم من كون رابطة الآسيان تضم كتلة جغرافية مُترامية الأطراف، ولديها موارد بشرية ضخمة، وتقدم اقتصادي ملموس عكسته ارتفاع قيم الناتج المحلي الإجمالي وقيم الصادرات، إلا إنها تفتقر في الوقت ذاته إلى موارد الطاقة الأحفورية (النفط الخام والغاز الطبيعي)، إذ لا تتجاوز إمكانياتها الإجمالية منها سوى (9.8) مليار برميل من النفط الخام و(3.3) مليار م3 من الغاز الطبيعي (انظر الجدول ــــــ1) مما دفعها لتعويض النقص من خلال الاعتماد على الاستيراد من المصادر الخارجية.
  • تشتت مساحات دول الآسيان: تشَّكلت كل دولة من دول جنوب شرق آسيا من مجموعةٍ كبيرة من الجزر البحرية المُتقاربة، ومنها على سبيل المثال إندونيسيا التي تضم نحو (17) ألف جزيرة. وتحتل الآسيان بمجملها موقعاً استراتيجيًا وفي منطقة شديدة التنافس بين القوى الدولية وشهدت الحرب الفيتنامية الأمريكية ولمدة عشرين سنة (1955 ــــــ 1975م). ولذلك أدرك قادة دول الإقليم وبوقتٍ مُبكر، لحساسية هذا التنافس وذلك بدعوتهم لتأسيس رابطة دول الآسيان عام 1967م، لمواجهة التهديدات المُحتملة التي قد تواجه الإقليم مُستقبلاً. إلا أنَّ تشتت مساحات هذه الدول وامتدادها كان ولا يزال أحد عناصر الوهن لدول هذه المجموعة.

                 ومع إنَّ الموقع الجغرافي لأي دولة من دول العالم من الثوابت التي يستحيل تغييرها، فقد شاءت الأقدار أنْ يكون موقع دول رابطة الآسيان في منطقة واسعة وشديدة التنافس السياسي والتوتر العسكري بين الدول العظمى، ولاسيما بعد تصاعد حدة التوتر في المنطقة خلال العقد الأخير جراء التنافس الحاد بين الولايات المتحدة الأميركية والصين بخصوص النزاع حول تايوان وبحر الصين الجنوبي، وبخاصة إن بعض دول الآسيان تطل على بحر الصين.

ثانياً. واقع مجلس التعاون:

       تأسس مجلس التعاون الخليجي عام 1981م، وضم دول الخليج العربي الست، ويتكون من: {المملكة العربية السعودية، سلطنة عُمان، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، قطر، ومملكة البحرين}، وقد حددت المادة الرابعة من النظام الأساسي لمجلس التعاون والصادر في الرياض في 25مايو 1981م، أهداف مجلس التعاون بتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين ، وعلى مدار العقود الأربعة الماضية قطع مجلس التعاون الخليجي أشواطاً فاعلة على طريق التكامل السياسي والاقتصادي والعسكري وأضحى قوة سياسية واقتصادية مرموقة بالوقت الحاضر.

  1. عناصر القوة: تتميز دول مجلس التعاون بكونها من الاقتصادات المتطورة على المستوى العالمي، وتتميز بعدد من عوامل القوة لعل أهمها الآتي:
  • ارتفاع أرقام الناتج المحلي الإجمالي والاحتياطيات المالية: بلغَ الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي لعام 2022م، نحو (2196) مليار دولار أمريكي، وهو أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لكل من: إيران وتركيا والعراق، والبالغ (1558.5) مليار دولار للسنة ذاتها. وقد تقدمت السعودية لتحتل المرتبة الأولى بناتج قومي قدره (1108) مليار دولار أميركي. فيما بلغت الاحتياطيات المالية بما فيها الذهب لدول مجلس التعاون وللسنة ذاتها (738.89) مليار دولار أمريكي.
  • الاحتياطيات النفطية: تحتل دول مجلس التعاون الخليجي المرتبة الأولى عالمياً من حيث امتلاكها للاحتياطيات النفطية، والتي بلغت نحو (510.4) مليار برميل من النفط الخام في عام 2022م، فضلاً عن امتلاكها لاحتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي والتي بلغت نحو (50.634) مليار م3 في الوقت الحاضر، مما جعل دول مجلس التعاون في طليعة الدول المُّصدرة للنفط والغاز الطبيعي على المستوى العالمي.
  • ارتفاع أرقام الصادرات والواردات: بلغت قيم إجمالي الصادرات لدول مجلس التعاون نحو (1335.7) مليار دولار لسنة 2022م، فيما بلغت قيم الواردات للسنة ذاتها (733.1) مليار دولار (انظر الجدول ـــــ 1) وتعكس هذه المُعطيات الإحصائية فائض الميزان التجاري مما يعكس تطوراً إيجابياً في مُجمل الأنشطة الاقتصادية لدول مجلس التعاون.

2.مكامن الضعف:

  • انخفاض أعداد السكان والقوى العاملة: تتميز دول مجلس التعاون بمحدودية مواردها البشرية، إذ بلغ إجمالي عدد السكان لدول مجلس التعاون (58.78) مليون نسمة لسنة 2022م، فيما بلغ إجمالي القوى العاملة (29.842) مليون نسمة للسنة ذاتها ويُشكل هذا الرقم (0.1%) من إجمالي أعداد القوى العاملة في رابطة الآسيان والبالغ عددهم نحو (317.124) مليون نسمة. وتُبين هذه المُعطيات الإحصائية جانياً من العوامل التي تعاني منها دول مجلس التعاون مما اضطرها للاعتماد على العمالة الأجنبية وبنسبة وصلت إلى (64.5%) ـــــــ عدا دولة الإمارات ـــــــ وفقاً للإحصاءات الرسمية المُثبتة في تقرير إحصاءات العمل في دول مجلس التعاون في مارس 2022م.
  • الاعتماد على النفط: مع إنَّ امتلاك دول مجلس التعاون لاحتياطيات نفطية هائلة من النفط الخام والبالغة (510.4) مليار برميل مما يُشكل أحد أهم عناصر قوتها، إذْ تُشكل نسبة مُساهمة موارد النفط لدى دول مجلس التعاون أكثر من (20%) من الناتج المحلي الإجمالي ، إلا إنه في الوقت ذاته جعل اقتصادات دول مجلس التعاون عُرضة للتأثر بتقلبات أسعار النفط الخام في الأسواق الدولية.

ثالثاً. العلاقات بين رابطة الآسيان ومجلس التعاون:

                               استناداً لقراراتِ المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون لعامي 1986،  و1998م، جرى فتح حوارات اقتصادية مع دول الآسيان، ومن ثمَّ عُقد الاجتماع الأول للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون ورابطة الآسيان بمدينة المنامة في عام 2009م، وأعقبه الاجتماع الثاني في مدينة سنغافورة في عام 2010م، فيما عقد الاجتماع الثالث في المنامة في عام 2013م، (تقرير المركز الإحصائي الخليجي ،العدد 8 سبتمبر2017) حيث تم وضع أسس التعاون بين دول مجلس التعاون ودول رابطة الآسيان والتي ركزت على مجالات التبادل التجاري، والطاقة، والاستثمار وغيرها. وتتويجاً لهذا التوجه فقد تطورت العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون ورابطة الآسيان في المجالات كافة، ولعل في مقدمتها الآتي:

  1. التبادل التجاري: بلغ إجمالي التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الآسيان لعام 2021م، نحو (85.5) مليار دولار أمريكي، مما يعكس مراحل تطور متقدمة في العلاقات الاقتصادية. وفيما يتعلق بدول الآسيان، فقد تقدمت سنغافورة لتحتل المرتبة الأولى بقيم التبادل التجاري لعام 2021م، لتبلغ نحو (28.5) مليار دولار وجاءت تايلند بالمرتبة الثانية بقيم بلغت (22.4) مليار دولار ، فيما جاءت إندونيسيا بالمرتبة الثالثة بقيم قدرها (10.6) مليار دولار (الشكل رقم ـــــــ 1). وفيما يخص دول مجلس التعاون، احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى بأرقام التبادل التجاري لتصل إلى (41.2) مليار دولار للسنة ذاتها وأعقبتها المملكة العربية السعودية بالمرتبة الثانية بقيم بلغت (28.4) مليار دولار، ودولة قطر بالمرتبة الثالثة بقيم بلغت (11.4) مليار دولار (الشكل رقم ـــــــــ 2).

(الشكل رقم1)

إجمالي التبادل التجاري لدول الآسيان مع دول مجلس التعاون 2021 (مليون دولار)

Source: https://asiahouse.org/research_posts/the-middle-east-pivot-to-asia-2022

 

(الشكل رقم 2)

إجمالي التبادل التجاري لدول مجلس التعاون مع دول الآسيان مع 2021 (مليون دولار)

Source: https://asiahouse.org/research_posts/the-middle-east-pivot-to-asia-2022

 

  1. التبادل التجاري النفطي: استناداً للتقرير السنوي لرابطة الآسيان لعام 2022م، بلغ إجمالي قيم الاستيرادات النفطية لدول الآسيان لعام 2021م، من جميع دول العالم نحو (69.4) مليار دولار. وقد استحوذت دول مجلس التعاون المصُّدرة للنفط الخام {الإمارات، والسعودية، والكويت وقطر) على مبلغ قدره (35.7) مليون دولار، ويُشكل هذا الرقم ما نسبته (51.4%) من إجمالي قيم استيرادات الآسيان للنفط الخام من جميع دول العالم (الشكل ـــــــــ 3). وقد احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى وبنسبة (21%)، وأعقبتها المملكة العربية السعودية بالمرتبة الثانية، وبنسبة (16%) وجاءت كل من الكويت وقطر بالمرتبة الثالثة وبنسبة (7%). وتعكس هذه المُعطيات اعتماد دول الآسيان على دول مجلس التعاون لتأمين أكثر من نصف احتياجاتها من النفط الخام سنوياً.

 

(الشكل 3)

قيم الاستيرادات النفطية لدول رابطة الآسيان لعام 2021

Source: The ASEAN Secretariat, Asean Statistical Yearbook, Jakarta,2022, p.270

 

  1. الاستثمارات الأجنبية:
  • الاستثمار الأجنبي في رابطة الآسيان: استناداً للكتاب السنوي لرابطة الآسيان لعام 2022م، فإن الدول العشر الأساسية المسُتثمِرة في دول رابطة الآسيان هي كل من: (الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأوروبي، والآسيان، والصين، واليابان، وسويسرا وهونغ كونغ، وجمهورية كوريا، وتايوان وكندا)، أي إنَّ استثمارات دول مجلس التعاون في دول الآسيان محدودة. وقد شهدت دول الآسيان في السنوات الأخيرة استقراراً سياسياً ملموساً ونشاطاً اقتصادياً واسع النطاق ولمختلف القطاعات الاقتصادية، وانعكس ذلك إيجابياً على جذبِ الاستثمارات الأجنبية لهذه الدول و أضحت دول الآسيان مركز استقطاب مُتميز جداً للاستثمارات الأجنبية، والتي تدرجت من (157.3) مليار دولار في عام 2017م، حتى وصلت في عام 2022م،  إلى (222.3) مليار دولار ( الشكل ــــــ 4)، وفقاً لتقرير الاستثمار العالمي لعام 2023م، أحتلت دولة سنغافورة المرتبة الأولى بإجمالي الاستثمارات  الأجنبية لدول الآسيان  والتي تراوحت ما بين (85.3) مليار دولار في عام 2017م، وارتفعت لتصل إلى (141.2) مليار دولار أميركي في عام 2022م، وفي المجمل فإنَّ  أكثر من نصف استثمارات دول الآسيان هي في دولة سنغافورة ، تعقبها إندونيسيا بالمرتبة الثانية والفلبين بالمرتبة الثالثة.   
  • الاستثمار الأجنبي في دول مجلس التعاون: تنفرد دول مجلس التعاون الخليجي عن غيرها من دول منطقة الشرق الأوسط باستقرارها السياسي، وثبات برامجها الاقتصادية وخططتها التنموية، مما عكس بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي، إذْ تراوحت أرقام إجمالي الاستثمارات الأجنبية في دول مجلس التعاون بين (17.5) مليار دولار في عام 2017م، و(37.1) مليار دولار في عام 2022م، وتحتل دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى بقيم الاستثمارات الأجنبية بمبلغ قدره (22.7) مليار دولار لسنة 2022م، فيما تأتي السعودية بالمرتبة الثانية بمبلغ استثمار قدره (3,7) مليار دولار ، ومن ثمَّ سلطنة عمان بالمرتبة الثالثة (الشكل ــــــ 4).

 

(الشكل 4)

إجمالي الاستثمارات الأجنبية في دول الآسيان ودول مجلس التعاون للسنوات 2017 ـــــــ 2022

Source: UNCTAD, World Investment Report, 2023, p198,202

 

 

  • أنشطة استثمارية متفرقة: تعززت العلاقات الاقتصادية بين بعض دول مجلس التعاون و"آسيان" في السنوات الأخيرة،(صحيفة الإنديبندنت البريطانية في 12 أغسطس 2022) إذ أعلنت شركة "أرامكو السعودية" استثمارات تبلغ قيمتها سبعة مليارات دولار مع شركة  "بتروناس" للبتروكيماويات في ماليزيا في عام 2017م، وهي تمثل أكبر استثمارات للشركة السعودية خارج المملكة، وفي عام 2013 م، وقعت الإمارات اتفاقاً يقدر  (6.57) مليار دولار أمريكي لتأسيس منشأة لتخزين البترول بسعة تصل إلى(40) مليون برميل من النفط الخام في ولاية جوهور الماليزية.

رابعاً.  الآفاق المستقبلية: في ضوء ما تقدم، يتضح توفر إمكانيات كبيرة ومتنوعة لتعزيز آفاق التعاون بين دول مجلس التعاون ودول رابطة الآسيان، وفي كافة القطاعات الاقتصادية، مع الأخذ بنظر الاعتبار الآتي:

  1. اعتمدت كلتا المُنظمتين (التعاون والآسيان) العديد من الأسس والعوامل الموضوعية، والتي تشكل بمجملها عناصر دافعة للتقارب مستقبلاً بين دول مجلس التعاون ودول رابطة الآسيان لعل أهمها الآتي:
  • الأسس النظرية: مع اختلاف المواقع الجغرافية وتباعد المسافات بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة الآسيان، إلا أنَّ كلتا المُنظمتين مُتشابهة من حيث المضامين، وآليات التعامل والأهداف العامة.
  • منطقة التجارة الحرة: سبق وأنْ أسس مجلس التعاون لمنطقة التجارة الحرة الخاصة بدول المجلس في عام 1983م، فيما أسست رابطة الآسيان لمنطقة تجارة حرة خاصة بدولها في عام 1992م.
  • السوق المشتركة: أسس مجلس التعاون للسوق المشتركة الخليجية في عام 2007م. فيما أسست رابطة الآسيان سوق مشتركة خاصة بها منذُ عام 2007م.
  1. تمتلك كل من دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة الآسيان العديد من عناصر القوة، والتي تُشكل بمجملها عناصر دافعة نحو تطوير مجالات التعاون في مختلف الميادين. بل وحتى مكامن الوهن بالإمكان تحويلها إلى عناصر قوة بالاستخدام المتبادل، كأن تعوض دول مجلس التعاون النقص لمصادر الطاقة لدول الآسيان، فيما تعوض دول الآسيان دول مجلس التعاون النقص بالأيدي العاملة.
  2. معَ استمرار استيراد دول الآسيان لنصف احتياجاتها من النفط الخام من دول مجلس التعاون، لابد من استثمار الميزة النسبية والتي تمتلكها دول مجلس التعاون بامتلاكها لاحتياطيات هائلة من النفط الخام والغاز الطبيعي للتفكير ملياً لزيادة كميات النفط الخام المصَّدرة لسوق دول الآسيان مستقبلاً.
  3. أضحت دول الآسيان مركز استقطاب مُتقدم للاستثمارات الأجنبية، مما يعكس جانباً من التطور الاقتصادي المتقدم والمدعوم باستقرار سياسي لدول المجموعة، مما يُشجع صانع القرار في دول مجلس التعاون، سواءً أكان ذلك في القطاع العام أو في القطاع الخاص للتفكير ملياً نحو توسيع مجالات الاستثمار الخليجية في ساحة دول الآسيان.
  4. ومن الناحية السياسية، نقترح قيام دول مجلس التعاون الخليجي بدراسة فكرة الأعداد لمؤتمر لرؤساء دول رابطة الآسيان في السعودية، لتطوير وتعزيز آفاق التعاون الثنائي والمُتعدد بين الطرفين وفي كافة الميادين، سواءً أكان ذلك في المدى المنظور أم في الإطار الاستراتيجي.

 

مقالات لنفس الكاتب