array(1) { [0]=> object(stdClass)#13382 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 191

السعودية بين التنمية والسلام

الأحد، 29 تشرين1/أكتوير 2023

تقود المملكة العربية السعودية حراكًا إقليميًا ودوليًا واسعًا في تلك الفترة التي تشهد فيها المنطقة والعالم أحداثًا غير عادية، والمملكة في هذا الحراك الذي يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة والتنوع الاقتصادي، تدافع عن الحقوق العربية، وتدعم مطالب أمتها، وتقدم الغالي والثمين لصيانة أمن الأمة العربية، فامتداد للجهود الدؤوبة التي تقوم بها المملكة وشقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي، وإضافة إلى ما سبق وشهدته الرياض من استضافة قمم إقليمية ودولية في الفترة الأخيرة، استضافت العاصمة السعودية في العشرين من أكتوبر الماضي قمة دول مجلس التعاون، ودول رابطة "الآسيان" بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ يحفظه الله ـ وبرئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ـ يحفظه الله ـ تلك القمة التي تمثل نقلة نوعية في تاريخ العلاقات  الخليجية ـ الآسيوية، حيث يعتبر  تكتل "الآسيان"  الذي يضم 10 دول من أكثر التكتلات الإقليمية نجاحًا، لأن هدفه المصالح الاقتصادية والتنمية، وهو ثالث تكتل اقتصادي في آسيا، والسابع على مستوى العالم وتقع دوله على مساحة 4.5 مليون كيلو متر مربع ، وكثافة سكانية يبلغ تعدادها 662 مليون نسمة ويحقق ناتجًا محليًا إجماليًا بقيمة 3.66 ترليون دولار، إضافة إلى أن حجم التبادل التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي مع دول الرابطة بلغ 107.7 مليار دولار منها 74.4 مليار دولار صادرات خليجية بنسبة تصل إلى أكثر من 11 % من إجمالي صادرات دول المجلس.

وجاء البيان الختامي للقمة معبرًا عن أهمية التعاون بين الجانبين حيث ضم البيان 42 مادة أكدت على تضافر الجهود لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار، وإجراء المشاورات واستكشاف مجالات التعاون، وتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية، وأكد على تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات والبناء على التنوع الثقافي والتاريخ الثري للمنطقتين، وعلى أن التسامح والتعايش السلمي من أهم القيم والمبادئ في العلاقات الدولية. وهذا ما يعكس توجه الكتلتين الخليجية والآسيوية إلى تحقيق التنمية والازدهار من أجل عالم يسوده التفاهم والحوار واحترام الآخر، أي السير تحت مظلة حضارة إنسانية تعتمد على التنمية والأخلاق والتعايش السلمي في آن واحد، وهذا ما يجسد سلوك وسياسة دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة الآسيان، فكلاهما يرفض الحلول العسكرية للقضايا، ويرفض التدخل في شؤون الآخرين، ويدعوان إلى الاحترام المتبادل ويتبنيان الأمن والسلم الدوليين كخيار استراتيجي لجميع دول العالم.

ونيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ يحفظه الله ـ رحب  ولي العهد رئيس مجلس الوزراء سمو الأمير بن سلمان ـ يحفظه الله ـ بالمشاركين في القمة وألقى الكلمة الافتتاحية، وجاء فيها " لقد حققت دول المجموعتين إنجازًا مهمًا في طريق التنمية الاقتصادية وتجاوز الناتج المحلي لدولنا مجتمعة 7.8 ترليون دولار، ومعدلات نمو زادت من نسب مساهمتها في الناتج المحلي العالمي حيث نما اقتصاد دول مجلس التعاون بنسبة 7.3% ونما اقتصاد دول الآسيان بنسبة 5.7% خلال عام 2022م، وذلك يدفعنا للعمل معًا نحو اقتصاد أكثر ازدهارًا" ، وأشاد سموه  بخطة العمل المشتركة للجانبين عن المدة (2024 ـ 2028) ووصفها بأنها ترسم خراطة طريق واضحة لما " نسعى إليه من تعزيز التعاون والشراكة في مختلف المجالات بما يخدم مصالحنا جميعًا" وأكد سموه على أن دول مجلس التعاون سوف تستمر مصدرًا موثوقًا للطاقة والحفاظ على استقرار أسواق الطاقة العالمية.

وقد تم اعتماد قمة على مستوى قادة الدول بين مجلس التعاون ودول الآسيان كل عامين بالتناوب لضمان تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، وهذا يؤكد أن السعودية ودول مجلس التعاون اختارت التنمية القائمة على الشراكات الناجحة وفقًا لنهج الانفتاح والتعددية، والبناء على نهج أخلاقي يحترم الجميع وتكون فيه الأولوية لمصالح الشعوب وتحقيق تطلعاتها بعيدًا عن التحالفات السياسية أو الصراعات العسكرية.

وفي ذات الوقت تأتي السعودية في طليعة دول المنطقة المهتمة بالقضايا العربية، لذلك كانت أزمة قطاع غزة حاضرة في القمة الخليجية مع دول الآسيان، بل استهل بها سمو ولي العهد كلمته أمام القمة فقال (يؤلمنا في الوقت الذي نجتمع فيه ما تشهده غزة من عنف متصاعد يدفع ثمنه المدنيون الأبرياء، وفي هذا الصدد نؤكد رفضنا القاطع لاستهداف المدنيين بأي شكل وتحت أي ذريعة، وأهمية التزام القانون الدولي الإنساني وضرورة وقف العمليات العسكرية ضد المدنيين والبنى التحتية التي تمس حياتهم اليومية) ، كما صدر بيان مستقل عن القمة بشأن غزة أدان جميع الهجمات ضد المدنيين ودعا جميع الأطراف إلى وقف دائم لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية وإمدادات الإغاثة، وحث جميع الأطراف على العمل من أجل التوصل إلى حل سلمي وفقًا لحل الدولتين على أساس حدود ما قبل 4 يونيو 1967م. 

في السياق ذاته تستمر جهود المملكة لحل أزمة غزة، ففي 21 أكتوبر الماضي ونيابة عن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ترأس الأمير فيصل بن عبد الله وزير الخارجية وفد المملكة إلى قمة السلام بالقاهرة، وألقى كلمة جاء فيها (إن الأحداث المأساوية في فلسطين، تحتم علينا التحرك العاجل لوضع حد فوري للعمليات العسكرية، وتوفير الحماية للمدنيين وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، مشيرًا إلى ضرورة إيجاد حل سلمي لهذه الأزمة ؛ يخرج المنطقة من دوامة العنف ويحقن الدماء ويؤسس لسلام عادل وشامل ومستدام، مؤكدًا رفض المملكة القاطع لانتهاكات القانون الدولي الإنساني من أي طرف وتحت أي ذريعة، مطالبًا المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم بإلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي الإنساني.

إن تحركات المملكة وسعيها المستمر إنما تستهدف تحقيق التنمية المستدامة في الداخل وفي دول مجلس التعاون، وفي المنطقة العربية بصفة عامة، وتتبنى السلام والاستقرار والحلول السلمية للنزاعات، وترفض العنف ومحاولات الهيمنة والاعتداءات المسلحة، وسلب حقوق الغير بالقوة.. وقد آتت هذه السياسة ثمارها في تحقيق أهداف رؤية 2030 ورسمت منهجًا ثابتًا لسياسة المملكة الخارجية.

مقالات لنفس الكاتب