array(1) { [0]=> object(stdClass)#13382 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 193

«ممر المحيطين » بين الإمارات و 4 دول لاتينية يعزز التكامل والكفاءة اللوجستية

الخميس، 28 كانون1/ديسمبر 2023

" دروس من صعود دولة الإمارات العربية المتحدة: كيف تزدهر في عالم مضطرب"

كان هذا العنوان الذي اختارته مجلة "إيكونيميست" البريطانية في عددها الأخير في شهر نوفمبر الماضي لتقرير مطول عن إنجازات الإمارات باعتبارها واحدة من أكثر الاقتصادات انفتاحًا في العالم ، مما يجعلها "سنغافورة الشرق الأوسط" ويكشف التقرير عن قوة الإمارات على بناء علاقات متوازنة في عالم متعدد الأقطاب فيشير إلى أن "الإمارات  حليف وثيق لأمريكا بينما أكبر شريك تجاري لها هو الصين" وهي مركز للشركات الهندية والإفريقية، كما أن اقتصادها غير النفطي ينمو بنسبة 6% تقريبًا سنويًا وهو معدل لا يمكن للغرب ولا حتى للصين حاليًا أن يحلم به". كما أن قيادتها نجحت في مضاعفة الاستفادة من موقعها الجغرافي على مفترق طرق إفريقيا وآسيا وأوروبا لتحويلها إلى مركز تجاري من خلال بناء مؤسسة للإدارة الاقتصادية والتكنولوجية عالية الجودة". ووفقًا للتقرير، يعتقد الخبراء أن دولة الإمارات قد تكون ثالث أهم دولة في مجال الذكاء الاصطناعي بعد أمريكا والصين.

وتؤكد الإيكونيميست أن "شركة مصدر وهي واحدة من أكبر مطوري الطاقة النظيفة في العالم ضخت أموالاً في كل شيء في مزارع الرياح في تكساس إلى محطات الطاقة الشمسية في أوزبكستان. وتعد الإمارات واحدة من أكبر المستثمرين في إفريقيا حيث تساعد في بناء البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء القارة".

دولة الإمارات: محطات 2023

في أعقاب التعافي القوي الذي شهده عام 2022م، عالميًا، تباطأ معدل النمو في جميع الدول ووصل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 2.2٪ في عام 2023م، وبانخفاض بلغ 1.3 % عن توقعات يناير 2023م. فوفقا لأحدث تقرير للبنك الدولي عن الآفاق الاقتصادية العالمية فإن معدلات النمو العالمي تتباطأ بشدة في مواجهة ارتفاع معدلات التضخم، والأوضاع الاقتصادية الهشة وارتفاع أسعار الفائدة، وانخفاض الاستثمارات، والاضطرابات الناجمة عن الحروب، والتوترات الجيوسياسية. وحسب التقرير فإن هذه هي المرة "الأولى منذ أكثر من 80 عاماً التي يشهد فيها عقد واحد اثنتين من نوبات الركود العالمي".

ولم يختلف الوضع بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي التي انخفض نشاطها الاقتصادي بشكل كبير، ليصل إلى 2.9٪ في عام 2023م، بالمقارنة بمعدل 7.7٪ في عام 2022م. ويعود التباطؤ إلى "استمرار الضغوط التضخمية، وتشديد شروط الائتمان، وإعلان أوبك+ خفض إنتاج النفط بشكل أكبر". في حين أن الزيادة الكبيرة في عائدات النفط والأحداث العالمية الكبرى التي استضافتها المنطقة، مثل معرض إكسبو وكأس العالم FIFA. في عام 2022م، ساهمت في خلق طلب كلي قوي وفتح آفاقا إيجابية لقطاع الأعمال في القطاع غير النفطي مثل السفر والسياحة، والمال، والاستثمار وساهم في دعم النمو في الربع الأول من عام 2023م، إلا أنه تبع ذلك انخفاض في معدل النمو وصل إلى 3.3% وتراجع للناتج المحلي الإجمالي النفطي من نمو بنسبة 9.5٪ في 2022م، إلى تراجع في الربع الأول من عام 2023م، بنسبة 3.1٪.

أما في دولة الإمارات فإنه برغم التراجع في النمو الذي شهده الاقتصاد العالمي في 2023م، فإن التوقعات لعام 2024م، ينبئ بمعدلات نمو ايجابية كما يشير الشكل البياني الآتي الذي يعكس مسار التغير المتوقع لبعض المؤشرات الاقتصادية خلال الفترة من 2022- 2024م.

 

المصدر: صندوق النقد الدولي 2023م، ومصرف الإمارات المركزي 3023م،

ويتوقع المصرف المركزي الإماراتي أن يستمر النمو بوتيرة قوية في المنتجات الهيدروكربونية الأخرى، مثل سوائل الغاز الطبيعي، التي لا تغطيها اتفاقيات إنتاج أوبك+ ومن المتوقع أن تساهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي بنسبة 3.5٪ في عام 2024م. كما أنه من المتوقع أن يتباطأ التضخم إلى 3.2 %، نتيجة تراجع الأسعار في فئات النقل والأغذية والمشروبات.

ووفقًا لتقرير (الأونكتاد: 2023) احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى في منطقة غرب آسيا بالنسبة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تلقت 47.1٪ من إجمالي التدفقات إلى المنطقة، واحتلت المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، باستحواذها على 32.4٪ من الإجمالي (70.2 $ مليار) على الرغم من انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية بنسبة 12 % في عام 2022م.

ويرجع ذلك إلى المبادرات التي أقرتها الدولة بالسماح بالملكية الأجنبية المباشرة بنسبة 100٪ في أكثر من 1000 نشاط تجاري وصناعي، وإدخال قانون الإعسار لمساعدة الأفراد الذين يواجهون صعوبات مالية في إعادة تنظيم ديونهم وإدخال تأشيرات جديدة، مثل تأشيرة الإقامة الذهبية والخضراء، والسياحية متعددة الدخول مما ساهم في تحسين القدرة التنافسية للدولة من حيث سهولة ممارسة الأعمال التجارية، واجتذاب العمالة الماهرة والسياح، واعتماد التخطيط الاستراتيجي والتنمية البشرية الهادفة لخلق بيئة صديقة للأعمال من خلال بنية تحتية حكومية قوية مع الحد من البيروقراطية، وتوفير نظامًا بيئيًا فعالًا لرواد الأعمال والمستثمرين.

وفي المقابل عززت دولة الإمارات العديد من جهود الاصلاحات الاقتصادية الرامية إلى مواجهة التحديات طويلة الأجل الناجمة عن المخاطر العالمية وجهود إزالة الكربون. وتبنت الاستراتيجيات الهادفة إلى تعزيز النمو وحل الأزمات المالية والآثار الناجمة عن كوفيد 19. وتم ذلك من خلال اعتماد استراتيجية الإمارات 2050م، الموجهة إلى تعزيز التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر، وتحديث أسواق العمل، وزيادة الرقمنة. وذلك بهدف تحقيق النمو وتسهيل عملية التحول في مجال الطاقة وتنويع القطاع غير النفطي، وتشجيع الاستثمارات في المبادرات الخضراء والمستدامة لتحقيق هدف الحياد المناخي بحلول عام 2050م، وحسب استنتاج صندوق النقد الدولي في 2021-2022م، فإن "جهود الإصلاح الجارية، يمكن أن تعزز النمو غير الهيدروكربوني على المدى الطويل بنحو 4٪ مما يسهل على دولة الإمارات تحقيق أهداف الحياد الصفري والرقمنة والاستدامة".

كما حققت دولة الإمارات العديد من الإنجازات الهامة في القطاعات التشريعية والصحية والاقتصادية والفضائية وغيرها من القطاعات الرئيسية. وتنوعت قطاعاتها الإنتاجية المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي فشملت العقارات والسياحة والتمويل والتي ترافقت مع الاستثمار في البنية التحتية والاستثمار في التنمية البشرية. وأتت الاستراتيجية الصناعية "عملية 300 مليار" كبادرة لتمكين وتوسيع القطاع الصناعي، من خلال إطلاق "مشاريع ال 50" التي تشكل دورة جديدة من المشاريع الاستراتيجية في الدولة للسنوات الخمسين المقبلة، بهدف تأسيس مرحلة جديدة من النمو الداخلي والخارجي في مختلف القطاعات الاقتصادية.

وشهدت الإمارات تطوراً كبيراً في مجال استكشاف الفضاء بعد تأسيس وكالة الإمارات للفضاء التي تعد أول وكالة فضاء عربية، حققت العديد من الانجازات في مجال الفضاء وساهمت في كثير من الأبحاث والدراسات والتجارب المهمة في مجال الفضاء. وبجانب مسبار الأمل الذي وصل بنجاح إلى مدار المريخ والإعلان عن مهمة لاستكشاف كوكب الزهرة وسبعة كويكبات في المجموعة الشمسية، شكل وصول رائد الفضاء الإماراتي سلطان المنصوري على متن مركبة الفضاء "سبيس إكس دراجون إنديفور" في مهمة استمرت 6 أشهر بغرض إجراء تجارب علمية في مجال أبحاث بيولوجيا الفضاء المتقدمة إنجازًا هامًا لأول عربي يشارك في نشاط خارج المركبة والسير في الفضاء.

الشراكات الاقتصادية

نظرًا لأن الإمارات اختارت الحياد الإيجابي في علاقاتها الدولية، فإن شراكاتها متنوعة وتتسع مجالات تعاونها إلى ما هو أبعد من الاستثمارات والتبادل التجاري وتنمية الموارد البشرية بل إلى التعاون الثقافي والعلمي والأمني وغيره. وحيث أن التطورات الجيوسياسية والتغيرات المتواترة في الاقتصاد العالمي أبرزت نظامًا دوليًا يتجه نحو "عالم إقليمي"، أفقد العولمة الأوسع نطاقًا زخمها وتم "التشكيك في جوهرها وليس في طبيعتها". أصبحت المصالح هي المحرك الرئيسي الذي يؤخذ "في الاعتبار "لبناء اقتصاد السوق المعولم،" ولم تعد القيم السياسية التي ينبغي اعتبارها ذات صلة من أجل بنائه" فقد فرض النظام الدولي الجديد أن تكون دولة الإمارات مستعدة للقيام بدور فعّال، ونشط في التطوُّرات الإقليمية والدوليّة من خلال تبنّي هذه الإجراءات، وإحداث التغييرات الضروريّة، والتحديث المستمرّ في استراتيجية سياستها الخارجية مع التركيز على مبدأي الأولويّة الاقتصادية، وضرورة تكريس الاستقرار والازدهار. ونجحت من خلال هذا النهج في النأي بالنفس عن التوترات في الشرق الأوسط، وخلق مسارات إقليمية لخفض التصعيد. ولا شكّ أن قوة التقدم الإقليمي لها شكل مصداقية وأهمية في كسب التحالفات في النظام العالمي الجديد.

وحيث أن النتائج تشير إلى مكاسب كبيرة على المدى المتوسط من عمليات الشراكات الجارية، تتراوح بين 0.25 و2.0٪ لإجمالي إنتاجية عوامل الإنتاج و0.3٪ إلى 2.1٪ لمستوى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (صندوق النقد الدولي)، فقد وقعت دولة الإمارات العديد من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPAs). وقد ساهمت جاذبية بيئة الاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات في قدرة الدولة على جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر.

وفي 2023م، منحت الإمارات رسميًا صفة شريك حوار في منظمة شنغهاي للتعاون وانضمت رسميًا في نفس العام إلى مجموعة "البريكس"، التي صعدت كقوة اقتصادية شكلت تحولًا كبيرًا في ميزان القوى الاقتصادية العالمية نظرًا لأهمية مساهمتها في الاقتصاد العالمي.

إن مثل هذه الشراكات الاقتصادية المتطورة ستؤدي إلى الاستفادة الكاملة من مكاسب الإنتاجية والنمو وتحقيق نتائج الاستثمار المخطط لها في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتنفيذ الكامل للاستثمارات الخضراء المخطط لها. ومن شأن تيسير التمويل الخاص الأخضر والمستدام أن يقلل من الأعباء المالية المباشرة لاحتياجات الاستثمار ويساعد على تعزيز الانتقال السلس إلى مستقبل منخفض الكربون.

وضمن فعاليات مؤتمر «كوب 28» تم توقيع إعلان مشترك للتعاون بشأن «ممر المحيطين». ويهدف المشروع بين دولة الإمارات والبرازيل والباراغواي والأرجنتين وتشيلي، إلى تعزيز التكامل الإقليمي والكفاءة اللوجستية بجانب استقطاب الاستثمارات والفرص الاستثمارية إلى أمريكا اللاتينية عن طريق الممر ودفع التجارة الإقليمية إلى آفاق أوسع. ويسهم المشروع في تعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية في المنطقة من خلال ربط المحيط الأطلسي والمحيط الهادي عبر ميناء كامبو غراندي البرازيلي الممتد إلى الباراغواي وشمال الأرجنتين، ليصل إلى ميناء أنتوفاغاستا في تشيلي بعد 2400 كيلومتر. كما يسهم المشروع أيضاً في زيادة نسبة تدفق المنتجات الزراعية إلى موانئ المحيط الهادئ وتعزيز التجارة الإقليمية وقطاع السياحة في المنطقة، إلى جانب خفض تكاليف نقل الحاويات ما يعزز تنويع الأسواق الإقليمية ويوسع الفرص التجارية مع آسيا ومناطق أخرى حول العالم.

كما تم إطلاق مشروع الممر الاقتصادي من خلال مذكرة تفاهم وقعها كل من الهند والولايات المتحدة والسعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وإيطاليا على هامش قمة G20 في سبتمبر 2023 م، في نيودلهي. ومن المتصور بناء شبكة من خطوط السكك الحديدية والبحرية والطرق والطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية من أجل تحفيز التكامل الاقتصادي والنمو من خلال ربط جنوب آسيا والشرق الأوسط وأوروبا. لقد أضفى هذا الممر الطابع المؤسسي على الشراكة بين دول المجلس والهند مما جعل الهند الشريك السياسي والاقتصادي والأمني الرئيسي لدول الخليج. في نفس الوقت تحافظ الإمارات على علاقات قوية وعميقة مع الصين وصلت إلى مستوى الشراكات الاستراتيجية الشاملة ولا تزال جزءًا من مبادرة الحزام والطريق.

المناخ والتنمية المستدامة

تتسارع التغيرات المناخية بشدة وتتسبب بالكثير من المخاطر والاضطرابات التي تؤثر في حياة ملايين البشر في جميع أنحاء العالم لا يستثنى منها دول الخليج ذات الظروف المناخية القاسية أصلاً. فوفقًا لبعض التقديرات، فإن منطقة دول مجلس التعاون الخليجي لن تكون صالحة للحياة بصورة كبيرة بحلول عام 2050 (ماري فان دن فوش). وحيث أن الإمارات تعتبر "من بين فئات الدول الأكثر عُرضة للتأثيرات المحتملة لتغيُّر المناخ في العالم"، ولكونها من الدول المنتجة للطاقة التقليدية، فإنها "تواجه تحدياً لإدارة الانتقال نحو الطاقة النظيفة والمتجددة بنجاح وكفاءة"(مركز الإمارات للسياسات). لذلك بدأت منذ سنوات بمبادرات مثل مدينة مصدر، والتي هي مدينة ذكية ومجمع حضري مستدام تم إطلاقها في عام 2008م، مما جعل الإمارات دولة رائدة في مجال الطاقة المتجددة تستثمر في الطاقة الشمسية والنووية والرياح وتخزين الطاقة وتحويل النفايات إلى طاقة.

وفي 2023م، فازت دولة الإمارات باستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 28)، وهو أهم مؤتمر عالمي للمناخ في العالم، والذي اختتم أعماله في 13 ديسمبر، تم فيه بشكل أساسي مناقشة ضرورة إعادة تصور شامل لكيفية عمل الاقتصاد العالمي وتبني تنظيم جذري على المستوى العالمي لكيفية إنتاج الطاقة واستهلاكها.

وكما ذكرت المدير العام لصندوق النقد الدولي "إن الزخم لمكافحة أزمة المناخ يجب أن يستمر بعد أن حققت مبادرة COP28 الإماراتية فوزًا مبكرًا عندما وافقت الدول على تشغيل صندوق الخسائر، الذي دخل حيز التشغيل بعد انتظار دام 30 عامًا، ومضاعفة قدرة الطاقة المتجددة العالمية ثلاث مرات بحلول عام 2030." والاتفاق على الالتزام بالحد من إنتاج الوقود الأحفوري واستخدامه، مما يجعل الوقود الأحفوري صافي الصفر بحلول عام 2050م.

وحيث أن تحقيق الحياد الكربوني(الصفري) بحلول عام 2050م، هو استثمار رأسمالي سنوي يبلغ متوسطه 3.5$ تريليون، احتلت صفقات الطاقة وصناديق المناخ الطموحة مركز الصدارة في COP28 وتعهدت الإمارات بإنشاء صندوق المناخ بقيمة 30$ مليار، والتزم البنك الدولي برفع هدف تمويل المناخ إلى 40 $ مليار بحلول عام 2025م، وتخصيص 50 % للتخفيف والباقي للتكيف. وفي نفس السياق، انتهزت العديد من الشركات الإقليمية والعالمية الفرصة للإعلان عن مبادرات تهدف إلى تعزيز الاستدامة وخفض بصمتها الكربونية.

التطور التقني والرقمنة

تهدف استراتيجية الاقتصاد الرقمي لدولة الإمارات إلى مضاعفة مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج غير النفطي إلى 20٪ بحلول عام 2031م، نتيجة قدرة الرقمنة الكبيرة على مضاعفة النمو الاقتصادي من خلال زيادة الكفاءة في أسواق عوامل الإنتاج وتسهيل تقديم الخدمات في القطاع العام. وتشير النتائج إلى ارتفاع مضاعف استثمارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي مقارنة بالاستثمارات غير المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتساهم في دعم تنويع الاقتصاد وتؤدي إلى إنشاء نظام بيئي يشجع الابتكار والاستثمار والأمن السيبراني من خلال الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص، ويسرع في تحقيق هذه الأهداف. لذلك تبنت الدولة الرقمنة في كل من القطاعين العام والخاص كركيزة أساسية للنمو، مما جعلها في طليعة ثورة الرقمنة في المنطقة وتواصل سعيها لتصبح رائدة إقليميًا وعالميًا من خلال تأسيس اقتصاد رقمي قوي كما ذكر صندوق النقد الدولي.

الفرص والتحديات التي يحملها عام 2024

لا شك في أن العديد من المشاريع والمبادرات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية التي تم اعتمادها في العام المنصرم وعلى مدى السنوات القليلة الماضية ستفتح آفاقًا واسعة أمام الاقتصاد الإماراتي، فمن المتوقع أن تدفع النمو الاقتصادي ليس فقط في العام 2024م، بل على المدى الطويل. ويعتقد الخبراء أن المساهمين الرئيسيين في النمو الاقتصادي للبلاد ليس فقط النفط والغاز بل القطاعات الاقتصادية الأخرى كتجارة الجملة والصناعة والعقارات والبناء والخدمات المالية والسياحة. وتشير التوقعات أن النمو في الناتج الحقيقي سيتعدى 11% مدعومًا بالنمو في القطاعات غير النفطية، وحسب تقرير ستاندرد آند بورز فإن قدرة الدولة على استضافة الفعاليات الدولية الكبرى ستلعب دورًا محوريًا في نمو قطاع السياحة وتحقيق هدف الإمارات " المتمثل في جذب 40 مليون زائر بحلول عام 2030م، مصحوبًا بخطط لزيادة عدد الغرف الفندقية إلى 250 ألف غرفة خلال الفترة نفسها." ومن المتوقع أن يستمر قطاع السياحة في الإمارات في النمو، مدعومًا بالاستضافة المنتظمة للأحداث البارزة مثل أكسبو وCOP28.

وفي نفس السياق يتوقع المحللون أن يظل القطاع المصرفي الإماراتي قويًا، مع تحسن الربحية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والتقدم التقني والتحسن في الرسملة نتيجة التحسن في توليد رأس المال الداخلي، وظروف التمويل والسيولة، وصافي الأصول الخارجية القوي، الذي" سيحميها من ضغوط انخفاض السيولة العالمية وارتفاع التكاليف" (ستاندرد آند بورز:2023). كما أن إطلاق سندات وأدوات الخزينة المقومة بالعملة المحلية سيؤدي إلى تطوير أسواق رأس المال المحلية وتوسيع مصادر التمويل للشركات والبنوك الإماراتية.

وحيث أن مؤتمر كوب 28 سلط الضوء على العديد من التحديات والخيارات الهائلة التي تواجهها الدول، فإن الإمارات حددت أهم الإجراءات التي سوف تنتهجها لتحقيق التوازن ومعالجة التحديات علميًا واقتصاديًا من خلال تبني مزيج من السياسات لخلق بيئة استثمارية جذابة وإطلاق العنان للتمويل الخاص اللازم للمناخ والتحول للطاقة النظيفة.

ومن المتوقع أن تستكمل الإمارات وضع المزيد من السياسات الإضافية للقطاع المالي وأسواق رأس المال لتحسين التصنيفات الائتمانية وخفض تكلفة رأس المال. بالإضافة إلى مزيج السياسات الهيكلية الرامية إلى تعزيز أساسيات الاقتصاد الكلي، وتحسين الحوكمة. وحيث إن الابتكار الأخضر والتكنولوجيات المنخفضة الكربون مهمة للحد من الانبعاثات الضارة وقد تعزز الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.7% فمن المتوقع أن تتوجه الاستثمارات إلى التقنيات الواعدة التي تحفز وتيرة الابتكار في مصادر الطاقة المتجددة.

الخاتمة

استطاعت دولة الإمارات تحقيق العديد من التطورات وحصدت الكثير من الإنجازات الإقليمية والعالمية. إلا أنه في ظل التحولات الجيوسياسية والجيواقتصادية يتطلب الوضع تعزيز التعاون المتعدد الأطراف والتخفيف من آثار التجزؤ مما يجعل التنسيق المتعدد الأطراف حيويًا لتحقيق تقدم في التعامل مع التحديات المتشابكة التي تعوق التعافي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. وحيث أن التفتت الجيواقتصادي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من المخاطر المكلفة تصبح حاجة التعاون المشترك أكثر أهمية. وهذا يتطلب اتخاذ إجراءات على العديد من الجبهات، لاستعادة الثقة في الأطر المتعددة الأطراف وإحياء منصة قائمة على قواعد التعاون الإقليمي لتعزيز الرخاء المشترك.

 وفي قلب هذه الإصلاحات، ينبغي أن يكون تعزيز اليقين في السياسات التجارية من الأولويات. كما أنه يمكن للسياسات المناخية المنسقة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي أن تحفز الابتكار في التكنولوجيات منخفضة الكربون وتساعدها على الانتشار وترشيد الإنفاق. وذلك يتطلب من كل بلد وضع وتنفيذ سياسات وبرامج دعم جيدة، ليس فقط في الداخل ولكن في الخارج أيضًا، وعلى المدى الطويل. ومن الأمور الإيجابية المهمة أن تحول الطاقة يوفر فرصًا استثمارية كبيرة لرأس المال الخاص ويساهم  في انخفاض استخدام الوقود الأحفوري ويحفز الابتكار التكنولوجي وهو بوابة المستقبل.

مقالات لنفس الكاتب