يُتيح العام الجديد فرصة لتقييم الديناميات المتغيرة في العلاقات بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي الست. وينطوي هذا التقييم على أهمية خاصة في ضوء الحرب الروسية -الأوكرانية المستمرة منذ ما يقرب من عامين، والعدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، فضلًا عن التهديدات البيئية المتنامية نتيجة أزمة التغير المناخي.
على مدى قرون، كان النظام العالمي نظامًا متعدد الأطراف؛ وسط تنافس العديد من مراكز القوى العالمية. وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، سطع نجم الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كقوتين عظميين (1945-1990م). وتحت راية هذا النظام، لم يكن أمام البلدان الخليجية وسائر دول العالم خيارًا سوى الانحياز إما للمعسكر الأمريكي أو الروسي. ومنذ حينها، أقامت الدول الخليجية بزعامة المملكة العربية السعودية علاقات اقتصادية واستراتيجية وثيقة مع الولايات المتحدة في حين كانت مترددة من إقامة علاقات مماثلة مع المعسكر الشيوعي بقيادة الاتحاد السوفيتي والصين. ولمدة بضع سنوات قليلة من تسعينات القرن الماضي، انفردت الولايات المتحدة بالزعامة العالمية داخل نظام أحادي الجانب إلى حد ما. ومنذ أوائل الألفينات، اشتدت وتيرة المنافسة العالمية بين واشنطن، وموسكو، وبكين، والتي تختلف اختلافًا جذريًا عن المنافسة إبان حقبة الحرب الباردة (1990-1945م). إذ يتخللها قدر كبير من الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين القوى العالمية المتناحرة. وبنفس القدر من الأهمية، استطاعت العديد من الجهات الفاعلة غير الحكومية، مثل الشركات المتعددة الجنسيات، وصناديق الثروة السيادية، بناء قوة مالية وسياسية كبيرة.
ليست حرب باردة جديدة:
في ضوء هذه الخلفية، عمدت دول الخليج إلى صياغة استراتيجيات تخول لها الإبحار بين هذه الديناميات المتغيرة والناشئة. ومقارنة بسائر بلدان الشرق الأوسط والعديد من دول العالم، تنعم دول مجلس التعاون الخليجي باستقرار سياسي وازدهار اقتصادي. كما شهدت الأعوام القليلة الماضية، تدشين قادة الخليج برامج إصلاح اجتماعي واقتصادي طموحة من أبرز أهدافها العامة: التخفيف من تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري، وسد الفجوة بين الجنسين، وتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة وتقليص الاعتماد على عائدات النفط والغاز. فيما يدرك قادة الخليج أن تحقيق مثل هذه الأهداف الطموحة لن يتم دون وجود سلام إقليمي وتعاون وثيق بين كافة القوى العالمية. وهو ما يفسر أسباب العلاقات المزدهرة لدول مجلس التعاون الخليجي مع الجانبين التركي والإيراني. وتم طرح مبادرات مماثلة من أجل توسيع نطاق العلاقات الخليجية بدول إفريقيا، وآسيا الوسطى، وجنوب آسيا، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا.
في غضون ذلك، احتفظت دول مجلس التعاون الخليجي بعلاقات وثيقة مع موسكو وبكين، كما رفضت الانحياز إلى أي من أطراف الصراع الغربي مع روسيا على خلفية عدوان الأخيرة على أوكرانيا. عوضًا عن ذلك، دعا قادة المجلس الخليجي إلى إجراء مفاوضات دبلوماسية من أجل إنهاء الحرب الدائرة. فيما شهدت الأعوام القليلة الماضية رفع مستوى التنسيق الخليجي مع الجانب الروسي داخل ما يعرف بتحالف "أوبك بلس" حول قضايا الإنتاج النفطي، والأسعار، والسياسات المتبعة. في الوقت ذاته، برز دور الصين بصفتها شريك تجاري رئيسي لكافة دول مجلس التعاون، فضلًا عن كونها المستورد الرئيسي للنفط والغاز الخليجيين، بخلاف الاقتصادات الآسيوية الأخرى. كذلك شهد التعاون بين الجانبين تقدمًا ملحوظًا على صعيد الإبداع والتطور التكنولوجي على مدى الأعوام القليلة الماضية. وفي سبتمبر 2023م، أعلنت شركة "هواوي"، عملاق التكنولوجيا الصيني، عن فتح مركز للبيانات السحابية بمدينة الرياض حيث من المقرر أن يقدم المركز دعمًا للخدمات الحكومية والمساعدة في توافر تطبيقات الذكاء الاصطناعي ونماذج للغة، باللغة العربية. وبالمثل، أعلن البنك المركزي داخل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات توقيع اتفاقيات تبادل عملات مع بنك الشعب الصيني (المركزي الصيني).
من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن العلاقات الخليجية-الروسية الدافئة والتعاون مع الصين لا يأتي على حساب الشراكة الاستراتيجية بين الخليج وواشنطن. فعلى الرغم من التقلبات والخلافات التي قد تظهر على السطح بين الحين والآخر، إلا أن الروابط الأمنية، والاقتصادية، والثقافية بين دول مجلس التعاون الست وواشنطن تشكل أولوية رئيسية للجانبين. فعلى الصعيد الأمريكي، تعي الإدارات الأمريكية-جمهورية كانت أو ديمقراطية-أهمية دور البلدان الخليجية كلاعبين اقتصاديين وسياسيين رئيسيين داخل منطقة الشرق الأوسط (وخارجها). وفي ضوء هذا السياق، كان هناك دعم من قبل واشنطن والاتحاد الأوروبي لمشروع إنشاء ممر للسُفن والسكك الحديدية يربط بين الهند، والشرق الأوسط، والبحر المتوسط. وقد تم إطلاق الخطة على هامش انعقاد قمة مجموعة العشرين بنيودلهي أواسط سبتمبر الماضي. ومن المقرر أن يمتد الممر المقترح عبر بحر العرب من الهند إلى الإمارات ثم يعبر المملكة العربية السعودية، والأردن، وإسرائيل قبل أن يصل إلى أوروبا.
بشكل عام، تلعب الاستثمارات الخليجية داخل الولايات المتحدة، وأوروبا، وآسيا، ومناطق عدة حول العالم دورًا أساسيًا في خلق ملايين من فرص العمل، والتنمية الاقتصادية، والازدهار. على الجانب الآخر، تستقبل الجامعات الأمريكية سنويًا أعدادًا كبيرة ومتزايدة من البعثات الطلابية الوافدة من دول مجلس التعاون الخليجي. وتساهم هذه الروابط الثقافية الوطيدة في در استثمارات خليجية كبيرة إلى الأسواق الأمريكية. وأخيرًا، عندما يتعلق الأمر بالصعيد الأمني والاستراتيجي، تبرز حاجة الجانبين-الخليجي والأمريكي-إلى دعم أحدهما الآخر. إذ يشكل العدد الكبير من ضباط دول مجلس التعاون الخليجي الذين تلقوا تدريبات داخل المدارس العسكرية الأمريكية وحجم مبيعات الأسلحة الضخم مؤشرًا جيدًا على التعاون الأمني الوثيق بين الجانبين.
حرب غزة:
في أواخر سبتمبر الماضي، كتب مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان "أنه على الرغم من أن الشرق الأوسط لا يزال يعاني من تحديات مستدامة، إلا أنه أصبح أكثر هدوءاً مما كان عليه لعقود طويلة". ولم يمر على هذا التصريح إلا أيام قليلة قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتغييرات التي طرأت على البيئة الاستراتيجية الإقليمية منذ ذلك الحين. حيث سلطت حرب غزة الضوء على الفجوة المتسعة والمتنامية بين الغرب (الولايات المتحدة وأوروبا) والشمال العالمي من جهة وبين الجنوب العالمي (دول إفريقيا النامية، آسيا، أمريكا اللاتينية، إلى جانب روسيا والصين). في الوقت ذاته، عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن نظرته حول الصراع الدائر قائلًا:" من المهم أن ندرك أن هجمات حماس لم تحدث من فراغ. فقد عانى الشعب الفلسطيني على مدى 56 عاماً من الاحتلال الخانق لقطاع غزة والضفة الغربية والقدس. لكن لا يمكن أن تستخدم مظالم الشعب الفلسطيني في تبرير الهجمات المروعة التي شنتها حماس. كذلك لا يمكن التذرع بهجمات حماس المروعة في تبرير العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”. ويمكن القول، أن تقييم أنطونيو غوتيريش يتفق مع نظرة العديد من سكان الجنوب العالمي وبقاع أخرى حول العالم.
فمنذ أن تأسست حماس عام 1987م، خاضت 8 صراعات ضد الجانب الإسرائيلي، لم يمتد أيا منها إلى المنطقة الأوسع. واليوم، لا ترغب أيا من القوى الإقليمية في اندلاع حرب شاملة، إلا أن المستوى غير المسبوق من الدمار الذي لحق بقطاع غزة وسقوط الآلاف من الضحايا الفلسطينيين قد زاد من زعزعة الاستقرار داخل المنطقة برمتها. وينبغي على الولايات المتحدة، الضامن الأمني الرئيسي، أن تدير هذه الحرب سياسيًا في الداخل، ودبلوماسيًا على الساحة الدولية
فعلى صعيد الداخل الأمريكي، أدت حرب غزة إلى تغذية المشاعر المعادية للسامية وكراهية الإسلام "إسلاموفوبيا". كما تسبب دعم واشنطن القوي لإسرائيل وفشلها في التفاوض على وقف إطلاق النار في الوقت المناسب، في زيادة الضغوط السياسية على حلفائها الإقليميين وأتاح فرصة جيدة لكل من الصين وروسيا اللتين رفضتا إدانة حماس، وعلى النقيض، انتقدت كلًا منهما الطريقة التي تتعامل بها إسرائيل مع أبناء الشعب الفلسطيني، لاسيما فيما يتعلق بقرار منع وصول المياه والكهرباء إلى قطاع غزة وحصيلة القتلى من المدنيين الذين سقطوا في غارات إسرائيلية. وفي الأعوام الأخيرة، برزت الصين باعتبارها الشريك التجاري الرئيسي لكافة بلدان الشرق الأوسط وبدأت في توسيع نطاق نفوذها السياسي، حيث تنعم بكين بعلاقات دافئة مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء، كما تتمتع بعلاقات مماثلة مع إيران وسائر الدول العربية. وعلى النقيض من الولايات المتحدة، أدانت بكين العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فيما صرح وزير خارجيتها وانغ يي بالقول:" لقد تمادت الأفعال الإسرائيلية متجاوزة نطاق الدفاع عن النفس، وعلى إسرائيل أن تستمع إلى نداءات المجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بشأن وقف العقاب الجماعي لشعب غزة".
بالمثل، ظهرت روسيا كطرف مستفيد من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بعد أن أدى الصراع الدائر حاليًا إلى صرف اهتمام صناع السياسات الغربية والشعوب عن الحرب الروسية في أوكرانيا. وعلى الرغم من تعهد الرئيس الأمريكي جون بايدن بأن بلاده يمكنها دعم الاحتياجات الأمنية لكل من إسرائيل وأوكرانيا معًا، إلا أنه من المحتمل أن تحتاج إسرائيل في نهاية المطاف التزود بنفس الأسلحة التي تحتاجها أوكرانيا بما في ذلك الطائرات المسيرة والقذائف المدفعية. وأخيرًا، فإن الرسائل الروسية حول الصراع تتوافق مع الشعور العام في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط. حيث صاغت روسيا حربها ضد أوكرانيا باعتبارها معركة مناهضة للاستعمار تستهدف إنهاء الهيمنة الغربية، وهو التصور الذي يتماشى مع مظالم كافة شعوب دول العالم النامي بشأن الغطرسة والنفاق الغربيين. لطالما رأى كثيرون في دول العالم النامي ازدواجية معايير الغرب الذي يدين الاحتلال غير المشروع لأوكرانيا، بينما يقف بقوة وراء إسرائيل، التي تحتل الضفة الغربية وقطاع غزة منذ 1967-بالإضافة إلى بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة- وفي الوقت الذي تكالبت الحكومات الغربية من أجل إدانة العدوان الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022م، باعتباره انتهاكًا للقانون الدولي، يجادل العديد من شعوب الجنوب العالمي بأن الغرب كان أكثر ترددًا في إدانته لإسرائيل سواء بشأن استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية أو عدم قيامها بما يكفي في سبيل منع سقوط آلاف من الضحايا المدنيين. من ثم، فإن هذا التناقض وعدم الاتساق في المواقف الغربية قد يثبت ضرره على المزاعم الغربية بشأن نظام عالمي قائم على قواعد-وهو الشعار الرئيسي الذي يتذرع به قادة أوروبا والولايات المتحدة من أجل حشد الدعم لأوكرانيا. وتنظر العديد من الدول النامية إلى الموقف الغربي حيال الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي كدليل على أن الغرب يطبق القواعد والأعراف الدولية بشكل انتقائي وفقًا لمصالحه الجيوسياسية بدلًا من تطبيقها بمفهومها العالمي.
ولأسباب مفهومة، جاء رد الفعل الأكثر حدة حيال العدوان الإسرائيلي من جانب دول الجوار -الدول العربية، وتركيا، وإيران التي تشترك في هويتها الإسلامية وتعد منخرطة بشكل مباشر أو غير مباشر في الصراع/ عملية السلام مع إسرائيل. في الوقت ذاته، يعتبر العديد من هذه الدول شريكًا في الجهود العالمية وتلك التي تقودها الولايات المتحدة في التوصل إلى سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وخلال العقود الأخيرة، سعت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون ومن بعده جورج بوش وباراك أوباما إلى التوصل إلى تسوية دبلوماسية للصراع الفلسطيني / الإسرائيلي لكن لم تفلح هذه الجهود. وعلى عكس أسلافه، لم يول الرئيس الجمهوري دونالد ترامب اهتمامًا كبيرًا بالمطالب الفلسطينية وركز عوضًا عن ذلك، على التوصل إلى سلام بين الدول العربية وإسرائيل. وتم إضفاء طابع رسمي على هذه الجهود لتصبح بما يعرف باتفاقات إبرهام، أي التطبيع بين إسرائيل من جهة، والإمارات، والبحرين، والمغرب من جهة أخرى. ومنذ أن اعتلى الرئيس الأمريكي الحالي جون بايدن كرسي الرئاسة، حرص على التأكيد مرارًا على دعمه لحل الدولتين، لكنه في الواقع لم يبذل سوى القليل من الجهود من أجل إدراك هذا الهدف. كذلك تعرض نهج الرئيس بايدن حيال الحرب في غزة ودعمه القوي لإسرائيل لانتقادات عبر مختلف دوائر السياسة الأمريكية. فضلًا عن، حالة الغضب الشديد التي اعترت العديد من الناخبين الشباب بالأخص وتأكيد الأمريكيين من العرب والمسلمين لمنظمي استطلاعات الرأي عدم عزمهم انتخاب بايدن في 2024م. ذلك إلى جانب انقسام الحزب الديمقراطي على نفسه بشأن حرب غزة، حتى أن بعض الديمقراطيين المعتدلين يحثون الرئيس بايدن على فعل المزيد من أجل كبح جماح إسرائيل.
من ناحية أخرى، دعا وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى حل سياسي من شأنه تحرير قطاع غزة من دوامة العنف ووقف إزهاق الدماء وإقامة سلام عادل، شامل، ومستدام. لاقى ذلك صدى له عبر تصريحات سفيرة دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة لانا نسيبة بالقول: "يجب أن ندرك أنه بمواصلتنا الفشل في الاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولة على أراضيه، فإننا نساعد على تأجيج دوامة العنف والكراهية المتواصلة". من جانبه، صرح أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد أن الولايات المتحدة تمنح إسرائيل الضوء الأخضر غير المشروط ورخصة مجانية لقتل أبناء الشعب الفلسطيني. فيما عارضت مصر بشدة الاقتراح المعلن لتوطين آلاف الفلسطينيين في سيناء. فقد أصبحت عمليات التهجير الفلسطينية السابقة تهجيرًا دائمًا، وأمضى اللاجئون الفلسطينيون في لبنان والأردن عقودًا في هذين البلدين دون أي أمل في العودة إلى قراهم وبلداتهم.
الآفاق المستقبلية:
في أعقاب الهجمات التي شنتها حركة حماس على غزة، ركز قادة إسرائيل هدفهم على "تدمير" الحركة، فيما تحاول الدول العربية والإسلامية وغالبية دول الجنوب العالمي وقف الحرب في غزة، وإعلان وقفًا لإطلاق النار ومنع قتل وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين. بعد أن أضحى العديد من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بلا أمل في حياة أفضل، ومن رحم هذه المعاناة والبؤس، خرجت حركة “حماس" لتصبح كيانًا وأيديولوجية للمقاومة الفلسطينية. على الجانب الآخر، من غير المحتمل أن تمهد القوة العسكرية التي تنعم بها إسرائيل الطريق أمام سلام دائم ومستقر، ولا ينبغي أن يكون الانتقام من جرائم الحرب من خلال ارتكاب المزيد منها. وقد قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ،" يجب أن تستعيد السلطة الفلسطينية سيطرتها على قطاع غزة من حماس، على أن يمارس اللاعبون الدوليون دورهم بصورة مؤقتة .. وأضاف:" لا يمكن أن يكون هناك عودة للوضع الراهن مع إدارة حماس لقطاع غزة، كما لا يمكن أن نجعل إسرائيل تدير القطاع أو تسيطر عليه”.
ختامًا، يجب تسليط الضوء على ثلاث نقاط في أي نقاش بشأن حل دائم للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. أولًا، أن أكثر من 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة لديهم الحق، كباقي شعوب العالم، في تحديد مصيرهم بأيديهم ورسم مستقبلهم. ويجب على دول الجوار والمجتمع الدولي المساعدة في تحقيق ذلك. ثانيًا، لقد أدى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ودعم إدارة جون بايدن القوي لإسرائيل إلى إثارة استياء العرب والمسلمين ضد الولايات المتحدة. كما أصبحت الأزمة الإنسانية في غزة والارتفاع الهائل في أعداد القتلى والمعاناة بين المدنيين سببًا في تقويض مصداقية الولايات المتحدة على مستوى الداخل، وعلى مستوى العالمين العربي والإسلامي، والمجتمع الدولي. ومع ذلك، سلطت الحرب الضوء أيضًا على الدور المركزي الذي تضطلع به واشنطن في تشكيل المشهد الأمني الإقليمي. فضلًا عن، إبراز أن النفوذ الذي تنعم به واشنطن في عملية صنع الحرب أو السلام يفوق كثيرًا ذلك الذي تتمتع به بروكسل أو موسكو أو بكين. وفي منتصف سبتمبر، وقعت الولايات المتحدة والبحرين اتفاقية أمنية واقتصادية استراتيجية تأمل إدارة بايدن أن تكون نموذجًا لتعزيز العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. ثالثًا، إن نجاح أو فشل السياسة الأمريكية خلال المرحلة المقبلة قد يكون مرهونًا بقدرة بايدن على إعادة تشكيل الحملة العسكرية الإسرائيلية، وتخفيف الوضع الإنساني وإشراك إسرائيل والشركاء الآخرين في التوصل إلى خطة عملية لغزة ما بعد الحرب. وعلى الرغم من المستوى غير المسبوق من الكراهية، والعنف، والقتل إلا أنه في نهاية المطاف، لطالما عاش العرب، واليهود، والأتراك، والإيرانيون (إلى جانب الأقليات الأخرى) في هذه البقعة من الأرض جنبًا إلى جنب وسيواصلون القيام بذلك، لذلك عليهم إيجاد طريقة لقبول بعضهم البعض.