array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 194

المبادرة العربية للسلام أساس الحل ونجاحها يتطلب إطارًا دوليًا وضمانات ملزمة لإسرائيل

الخميس، 25 كانون2/يناير 2024

على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك سبتمبر المنصرم كشفت المملكة العربية السُّعُوديَّة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وشركاء دوليون آخرون عن مبادرة تهدف إلى تحفيز إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية على التوصل إلى اتفاق سلام. حيث تم إطلاق "جهود يوم السلام" في حدث وزاري على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.

حيث ترأس وزير الخارجية السُّعُوديَّ الأمير فيصل بن فرحان آل سعود اجتماعًا مغلقًا في نيويورك في الثامن عشر من سبتمبر مع ممثلين عن أكثر من 30 دولة، معظمهم وزراء الخارجية، لمناقشة ملف السلام الإسرائيلي الفلسطيني. وقد أكدت الوثيقة التحضيرية للاجتماع على الحاجة الملحة للحفاظ على حل الدولتين على أساس "مبادرة السلام العربية"، فضلًا عن خطوات عملية لمساعدة إسرائيل والفلسطينيين للتحرك في هذا الملف.

ونصت المبادرة على دعم السلام بين إسرائيل والعالم العربي مقابل إقامة دولة فلسطينية. كما تم التأكيد خلال الفاعلية على تشكيل مجموعات تُعنى بتقديم أفكار تدعم إنشاء دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل. كما تم التأكيد على أهمية دراسة خطط عمل ملموسة لإعادة تعبئة الشركاء الإقليميين والدوليين للتأكيد على التزامهم بدعم استئناف عملية السلام على أساس مبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة ومرجعيات السلام ذات الصلة.

وكان المفترض أن يتم تشكيل ثلاث مجموعات عمل توكل إليها مهمة التوصل إلى مجموعة من الإجراءات والتي سيتم تقديمها إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية. إحدى المجموعات تُناقش آليات التعاون الإقليمي، وثانية للقضايا الاقتصادية، وثالثة للقضايا الإنسانية. حيث تم الإعلان أن المبادرة تم العمل عليها منذ سنوات.

وخلال الاجتماع صرّح وزير الخارجية السُّعُوديَّة، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، إنه لن يكون هناك حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بدون إقامة دولة فلسطينية مستقلة. كما أشار "جوزيب بوريل"-ممثّل الاتحاد الأوربي للشئون الخارجية، أنه على علم بأن الطرفين غير مستعدين في هذه المرحلة، لكن "لا يمكننا البقاء مكتوفي الأيدي لتكرار شعار حل الدولتين دون بذل كل ما في وسعنا للحصول عليه". مضيفًا أنَّ الاجتماع أسفر عن التزام من قبل العديد من الأطراف في المشاركة في التوصل لحل الدولتين كحل وحيد لإنهاء الصراع. أما وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة "روزماري ديكارلو"، فقد أكدت على أهمية تهدئة التوترات وإنهاء دائرة العنف والتوصل لأفق سياسي، مع أهمية دور القيادة السياسية في تحقيق هذا الهدف.

ورغم أنه لم يتم دعوة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للاجتماع، فقد أعرب مسؤولون في مكتب الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" عن ارتياحهم لنتائج الفاعلية الدولية. وأشار المسؤولون الفلسطينيون إلى أنَّ الاختبار الحقيقي سيأتي مع تنفيذ الخطوات التي اقترحتها تلك المجموعات.

وكان من المفترض أن يتم إجراء تقييم أولى للمبادرة في ديسمبر 2023م، قبل أنَّ يتم تقديم حزمة لدعم السلام بحلول سبتمبر 2024م، إلا أن تطورات الأحداث منذ 7 أكتوبر حالت دون الحديث عن التقييم الأولي للمبادرة كما كان مخططًا وأزهقت أي فرصة للسلام في ظل العنف الشديد الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. خاصة في ظل التطورات الأخيرة مع امتداد رقعة الصراع لدول مجاورة مما يزيد المخاوف لتحوله لصراع إقليمي تمتد تداعياته للعديد من دول المنطقة.

وبشكل عام، تُشكّل الدعوة السُّعُوديَّة في إطار "جهود يوم السلام" استكمالًا للجهود السُّعُوديَّة التي سبق طرحها في إطار مبادرات سابقة، بحيث تعكس تلك المبادرات رغبة سُّعُوديَّة وعربية في أخذ زمام المبادرة من خلال دعوة الجانب العربي للسلام في الشرق الأوسط، ووجود قناعة لدى الجانب العربي أن السلام في المنطقة لن يتحقق إلا من خلال وجود حل جذري للصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ وهذا لن يتحقق إلا من خلال إقامة دولة فلسطينية. وأن تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة يبدأ من إيجاد تسوية للقضية الفلسطينية. بحيث تعكس تلك المبادرة قناعة عربية أن المنطقة لن تنعم بالاستقرار دون إيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية. وأن هناك رغبة عربية حقيقية في الوصول للسلام بين الجانبين.

وقبل ذلك بعام فقد استضافت المملكة العربية السُّعُوديَّة مؤتمر على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2022م، وذلك بمناسبة الذكرى العشرين لمبادرة السلام العربية.

ومبادرة السلام العربية، ورغم مرور أكثر من عشرين عامًا على إطلاقها، فمنذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة عاد الحديث بقوة عن مبادرة السلام العربية كأساس يمكن البناء عليه فيما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية. فمع تطور العملية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي بدأت تُطرح تصورات بشأن اليوم الثاني للحرب، لتطرح عدة تصورات في هذا الشأن. كما بدأت تطرح أفكارًا بشأن عقد مؤتمر دولي لمناقشة مستقبل الإقليم ومستقبل الوضع بين الإسرائيليين والفلسطينيين بشكل عام. وهو ما أعاد الحديث عن مبادرة السلام العربية لعام 2002م، كأساس يمكن البدء من مناقشته وتطويعه في ضوء التطورات الأخيرة.

وفي الواقع لم تكن مبادرة السلام العربية هي أول مبادرة عربية تُطرح بشأن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فقد شكلت مبادرة فاس والمعروفة باسم خطة السلام فهد، والتي قدمها ولي العهد السُّعُوديَّ آنذاك الأمير فهد بن عبد العزيز في عام 1981م، أول محاولة لتقديم مبادرة للسلام بعد معاهدة كامب ديفيد.

اشتملت مبادرة فاس على 8 نقاط هي؛ انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة بما فيها القدس، إزالة المستوطنات المُقامة بعد عام 1967م، وضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة وتعويض من لا يرغب في العودة، وإخضاع الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية لا تزيد عن بضعة أشهر تحت إشراف الأمم المتحدة، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام، وقيام الأمم المتحدة أو بعض الدول الأعضاء فيها بضمان تنفيذ هذه المبادئ.

وقد أثارت تلك المبادرة خلافات في القمة العربية الحادية عشرة التي عُقدّت في مدينة فاس في نوفمبر 1981م، خاصة أنها لم تُشير إلى منظمة التحرير الفلسطينية، كما أصرت كل من منظمة التحرير الفلسطينية وسوريا والجزائر وليبيا على عدم تضمين البند السابق وكان ينص على الاعتراف الضمني بإسرائيل، ليُعاد طرحها في العام التالي في فاس أيضًا وقد تم إقرارها بعد أن تم التأكيد على أن هذا الأمر لا يتنافى مع الحقوق العربية كما أنه يتوافق مع قرار مجلس الأمن 242. حيث تبنت الدول العربية المبادرة بعد أن تمت الإشارة إلى منظمة التحرير الفلسطينية.

على الجانب الآخر، رفضت الحكومة الإسرائيلية بقيادة مناحيم بيجين آنذاك المبادرة. ورغم ذلك فقد شكلت أساسًا للنقاش الأعمق فيما بعد.

وتُشير التحليلات إلى أن المبادرة توافقت مع الخط السياسي العربي الذي كان سائدًا في ثمانينيات القرن العشرين، من خلال التأكيد على الاعتراف الضمني بإسرائيل مقابل قيام دولة فلسطينية في الضفة والقطاع. وهو ما مثّل تحولًا في الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية. وكان يمكن أن يكون حلًا ملائمًا في حال قبله الجانب الإسرائيلي الذي كان مسؤولًا بشكل كبير عن عدم تحول المبادرة لواقع ملموس يمكن الجميع من العيش بسلام ويجنب المنطقة مزيدًا من التدهور في الأوضاع الأمنية.

لكن المبادرة آلت للنسيان بعد الغزو الإسرائيلي إلى لبنان. ورغم ذلك فقد قدمت الخطة أساسًا للمزيد من المناقشات حول السلام في الشرق الأوسط. ومهدت الطريق للعديد من المبادرات وكان أبرزها وأكثرها شمولًا المبادرة العربية للسلام.

فبعد مرور نحو عشرين عامًا على طرح مبادرة فاس، طرحت المملكة العربية السُّعُوديَّة في عام 2002م، "مبادرة السلام العربية" والتي أطلقها آنذاك ولي العهد السُّعُوديَّ الأمير عبدالله بن عبد العزيز، والتي دعت إلى انسحاب إسرائيل الكامل من كافة الأراضي العربية التي احتلتها منذ عام 1967م، بما فيها القدس الشرقية وهضبة الجولان، مع التوصل لحل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. مقابل التطبيع الكامل للعلاقات بين الدول العربية وإسرائيل. وقد تمت مناقشة المبادرة في اجتماع وزراء الخارجية العرب خلال الفترة من 8 إلى 10 مارس 2002م، وذلك لتفادي تكرار ما حدث في قمة فاس. حيث طلبت سوريا استبدال "التطبيع الكامل" بـ "السلام الشامل"، كما تم الاتفاق على استخدام جملة "الانسحاب الكامل مقابل السلام الشامل". وقد حظيت المبادرة بالموافقة بالإجماع. كما أن طرح المبادرة من قبل الملك عبد الله بن عبد العزيز جعلها تحظى بالموثوقية بشكل أكبر على المستويين الدولي والعربي وجعلها تحظى بتأييد أوسع خاصة أنها تجنبت المشكلات التي عانت منها مبادرة فاس.

  وقد أكد البيان الختامي لقمة بيروت عام 2002م، على أن المبادرة العربية للسلام تأتي انطلاقًا من وجود قناعة لدى الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لن يقود لتحقيق السلام أو الأمن لأي من الأطراف. لتعكس المبادرة في ذلك الوقت رغبة عربية حقيقية في السلام والتنمية ووجود قناعة أن لا سبيل سوى الحوار والتسوية السلمية، حيث أكدت التجربة أن الحل العسكري لن يقود إلا إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة بمجملها.

وقد شكلت المبادرة حينما طرحت تحولًا مهمًا في سياسة الدول العربية تجاه الاعتراف بإسرائيل وهو الأمر الذي كان مرفوضًا في السابق. وبما يُسهم في أن يعيش الجميع في سلام. ليُمثّل تراجعًا عن موقف الرفض العربي السابق لأي اعتراف بإسرائيل.

 وقد طالبت المبادرة الجانبين الإسرائيلي والعربي الالتزام ببعض المطالب، فعلى الجانب الإسرائيلي، طالبت المبادرة إسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو1967م، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، وكذلك التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. مع قبول قيام دولة فلـسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع مـن يونيو 1967م، في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية. على الجانب الآخر طالبت المبادرة الدول العربية اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيًا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة. وكذلك إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل. بالإضافة إلى ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة.

هذا التوازن في المبادرة جعلها أساسًا صالحًا للمناقشة كخطة للسلام حتى ما قبل 7 أكتوبر 2023م.

وبذلك شكلت المبادرة العربية أول مشروع سلام حقيقي شامل بالمنطقة، وكان من شأن قبول الجانب الإسرائيلي لها أن توفر أساسًا يمكن البناء عليه وتجنيب المنطقة ويلات كثيرة. خاصة أن المبادرة مثلت تحولًا عن الموقف العربي السابق وكما عكسته قمة الخرطوم عام 1967م، حيث تمثل الموقف العربي الرسمي آنذاك فيما عُرف باللاءات الثلاثة وهي: لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بإسرائيل، لا مفاوضات مع إسرائيل.

وقد أيدت الولايات المتحدة الأمريكية تلك المبادرة والتي نُظر إليها كأول مشروع سلام حقيقي في المنطقة. حيث مثلت المبادرة حين طرحها خطة سلام عربية قابلة للتطبيق، وكان من شأن القبول بها والاتفاق على الخطوات التالية للتنفيذ وفقًا لخطة عمل متوافق عليها بين الأطراف المعنية توفير أساس للسلام يجنب المنطقة المزيد من الصراعات وإزهاق الأرواح.

وشأنها شأن مبادرة فاس، فعند إطلاق "مبادرة السلام العربية" عام 2002م، فقد رفضتها إسرائيل مُعلنةً رفض العودة لحدود 1967م، لأسباب "أمنية وروحية"؛ مُشيرةً إلى أن هذه الحدود لا يمكن الدفاع عنها.

ومع قبول الولايات المتحدة الأمريكية، فقد طالبت بإدخال بعض التعديلات عليها وذلك من أجل ضمان موافقة الجانب الإسرائيلي عليها. ففي عام 2013م، دعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى إعادة إحياء المبادرة خلال لقائه مع مجموعة من وزراء الخارجية العرب في واشنطن. حيث اقترح "جون كيري" إدخال تعديلين على المبادرة لضمان قبولها من إسرائيل لتتضمن " أن حدود 1967م، يمكن تعديلها باتفاق الطرفين"، مع السماح بتبادل الأراضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومنح ضمانات أمنية أكثر لإسرائيل. وكان الهدف الأمريكي من النص على تبادل الأراضي جعل المبادرة مقبولة من الجانب الإسرائيلي.

لكن هذه المحاولة الأمريكية لم تسهم في تغيير الموقف الإسرائيلي فقد أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي "بنيامين نتنياهو" في مايو 2016م، إلى أن "المبادرة العربية تتضمن عناصر إيجابية. وأنها تنطوي على "إشارة طيبة"، في ظل ما أشارت إليه من اعتراف العرب بإسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية معها، لكنه رفض القبول بشروطها. وهذا هو النهج الإسرائيلي المستمر في المراوغة فهي كانت ترغب من المبادرة ما يصب في مصلحتها. وقال نتانياهو أنه بإمكان المبادرة العربية أن تكون "ذات صلة شرط إلغاء بعض مطالبها" حول الانسحاب الإسرائيلي واللاجئين الفلسطينيين. وأضاف "يحب تعزيز فكرة عقد لقاء إقليمي يؤدي إلى تطبيع العلاقات مع الدول العربية والتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين". وقد أشار نتنياهو آنذاك أنه من الواضح أن المبادرة "يجب تحديثها مع الأخذ بالاعتبار التغييرات التي طرأت في المنطقة خلال السنوات الأخيرة".

وقد اتسمت المبادرة العربية للسلام بكونها خطة قابلة للتحقيق وما زالت الأساس الذي يمكن البناء عليه. خاصة في ظل غياب مبادرات بديلة قابلة للتحقيق وتحظى بقبول واسع من كافة الأطراف.

فقد أكدت القمم العربية منذ ذلك التاريخ على أهمية والالتزام بـ "مبادرة السلام العربية" كأساس لتحقيق السلام ولتسوية القضية الفلسطينية. وهو ما أكد صلاحيتها كأساس للسلام مع مرور الوقت. وخلال القمة العربية في جدة مايو 2023م، تم التأكيد على المبادرة العربية للسلام كأساس للتسوية الشاملة للقضية الفلسطينية فقد نص البيان الختامي على أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى "تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية، وإيجاد أفق حقيقي لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين وفقاً للمرجعيات الدولية وعلى رأسها مبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة ومبادئ القانون الدولي بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية بحدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية". وإجمالًا فقد عملت القمة على إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية والتي شهدت تراجعًا نسبيًا في الأجندة العربية في ظل العديد من الأزمات التي مرت بها المنطقة خلال السنوات الأخيرة، حيث أكد البيان الختامي على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للدول العربية باعتبارها محورًا رئيسًا للاستقرار في المنطقة. كما سيطرت القضية الفلسطينية على كلمات أغلب القادة العرب من خلال إدانة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق الفلسطينيين والأماكن المقدسة في ظل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة وما تقوم به من ممارسات ضد الشعب الفلسطيني والمقدسات الدينية. مع دعوة المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في إنهاء العنف ووقف تلك الانتهاكات المتكررة.

وفي قمة جدة للأمن والتنمية في يوليو 2022م، والتي شارك فيها الرئيس الأمريكي ودول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق. فقد أكد البيان المشترك على أهمية المبادرة العربية للسلام من خلال ضرورة التوصل لحل عادل للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، مع وقف كافة الإجراءات الأحادية التي تقوض حل الدولتين، واحترام الوضع التاريخي القائم في القدس ومقدساتها، وعلى الدور الرئيسي للوصاية الهاشمية في هذا السياق. كما أكد القادة أهمية دعم الاقتصاد الفلسطيني ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا).

وختامًا، خلال العقود الأربعة الماضية قدمت الدول العربية مبادرات للسلام عكست رغبة عربية حقيقية في تحقيق السلام في المنطقة والعيش بسلام بما شكل تحولًا عن الموقف العربي السابق الرافض للسلام مع إسرائيل، ومع اختلاف التفاصيل الخاصة بكل منها، إلا أن المشترك فيما بينها أمرين رئيسين؛ الأول: هو وجود رغبة عربية مستمرة في تحقيق تسوية سلمية للصراع العربي الإسرائيلي، والثاني هو الرفض الإسرائيلي لكل محاولة للسلام أيا كانت مضامينها وأبعادها. فقد كان يمكن أن يجنب ذلك كافة الأطراف المزيد من الخسائر على كافة الأصعدة.

وفي ظل الحرب الشرسة في قطاع غزة وفي ظل تعدد المبادرات المطروحة للخروج من الأزمة الحالية والتفكير في اليوم التالي لنهاية الحرب، ومع طرح تصورات فردية، تطرح تساؤلات بشأن مدى إمكانية العودة للمبادرة العربية للسلام.

الحديث عن تحقيق السلام في المنطقة لا يمكن أن يتم مناقشته في ظل الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. مع التأكيد على أن المبادرة العربية للسلام ما زالت أساسًا يمكن الاعتماد والبناء عليه وهو ما يتطلب مناقشتها هذه المرة في إطار دولي وعدم قصرها على السياق العربي في إطار مؤتمر دولي مع التأكيد على أهمية وجود ضمانات دولية لضمان التزام إسرائيل بما يتم الاتفاق عليه.

مقالات لنفس الكاتب