array(1) { [0]=> object(stdClass)#13382 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 197

الحرب الروسية / الأوكرانية .. رهانات الحرب وخيارات السلام

الإثنين، 29 نيسان/أبريل 2024

الحرب الروسية / الأوكرانية التي دخلت عامها الثالث في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، ألقت بظلالها على العالم أجمع، وخيمت تبعاتها على كل الدول تقريبًا، وأحدثت تأثيرًا سلبيًا على الاقتصاد العالمي وأيضًا على العلاقات الدولية، وأعادت أجواء الحرب البارد، وأوشكت على إيقاظ سياسة الأحلاف والمحاور والاصطفاف، حيث يسعى الطرفان المتقاتلان حثيثًا لاستقطاب دول العالم كما كان الوضع في ذروة الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي، وزاد قلق العالم بعد أن طال أمد هذه الحرب في الوقت الذي لا يبدو لها نهاية قريبة، وفي ظل الدعم والحشد الغربي، ومحاولات روسيا استقطاب الشرق الآسيوي خصوصًا الدول النووية مثل الصين وكوريا الشمالية مع تهديد موسكو باستخدام الخيار النووي في وجه المعسكر الغربي مما يجعل العالم يحبس أنفاسه خوفًا من مغامرات أحد المعسكرين أو كلاهما في حال أوشكت هزيمة طرف، أو شعوره بالانهيار في هذه الحرب المرهقة والمكلفة في العدة والعتاد.

والمقلق أيضًا ما يواكب هذه الحرب من حديث حول تشكيل النظام الدولي الجديد الذي يبدو أنه لن يمر دون تكلفة وزيادة رقعة الحرب لتثبيت نفوذ القوى الصاعدة، وتمسك القوى التقليدية بمكاسبها التي حصلت عليها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ثم ما حصلت عليه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، وبذلك لن يكون تثبيت النظام العالمي الجديد مجرد نزهة، بل عبر صراع جديد قد يأخذ صورًا مختلفة حسب عدد وحجم القوة الصاعدة وقدرتها على مواجهة القوى التقليدية خاصة بعدما بدأت تتضح صورة هذا الصراع المرتقب بين روسيا والغرب على الساحة الأوكرانية، وبوادر الصراع بين الصين والغرب في منطقة بحر الصين الجنوبي ، وعلى ساحة تايوان ومحيطها الاقليمي، بالإضافة إلى محاولات نفاذ القوى الاقتصادية الصاعدة ، تلك التي تمتلك القوة الاقتصادية والتكنولوجية التي تحفزها لتكون عضوًا في منظومة النظام العالمي الجديد، وبين هذا وذاك لا يبدو هناك من يرغب في سماع صوت العقل والتحلي بالحكمة حيث يريد الرئيس الروسي بوتين الثأر وإعادة إرث الاتحاد السوفيتي السابق ويعتبر تفكيكه كارثة على المواطنين الروس، كما أنه اختبر قوة الغرب وتماسكه في ميدان أوكرانيا في الوقت الذي لا يبدو فيه الغرب في أحسن حالاته من حيث القوة والتماسك، كما أن علاقة دول الاتحاد الأوروبي بالقطب الغربي الأكبر ـ الولايات المتحدة الأمريكية ـ ليست على ما يرام، بل هناك صراع خفي وقد يظهر للعلن في حال فوز المرشح الرئاسي الأمريكي المحتمل دونالد ترامب الذي لا يبدو متحمسًا للدفاع عن أوروبا ويرغب في التقارب مع روسيا، إضافة إلى طبيعة الصراع المعقد في الشرق الأوسط وتداعيات حرب غزة وصعوبة الوصول إلى حل القضية الفلسطينية طبقًا للمبادرة العربية للسلام التي تتمسك بها الدول العربية لحل هذه القضية وإنهاء الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غز، إضافة إلى علاقات إيران الإقليمية والتصعيد الأخير مع إسرائيل. 

بالمجمل يتجه العالم نحو حقبة ليست واضحة المعالم مع عدم اليقين والشكوك المحبطة في ظل الصراعات القائمة والمحتملة وغياب المبادرات لإنهاء الأزمات الدولية المعقدة، وضعف إن لم يكن غياب الأمم المتحدة التي كانت عنوان العالم المعاصر وأداة لحل النزاعات وبسط القانون الدولي، كما أن مجلس الأمن الدولي فقد دوره على الساحة الدولية ويعاني من الشلل نتيجة لانقسام الدول دائمة العضوية التي لديها حق النقض (الفيتو) وهذا ما ظهر جليًا في الأزمة الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة مما يجعل خبراء العلوم السياسية والعلاقات الدولية يشبهون المرحلة الحالية بالمرحلة التي سبقت قيام الحرب العالمية الثانية وضعف دور منظمة عصبة الأمم في ذلك الوقت.

في خضم هذه الأمواج العاتية التي تتقاذف العالم، لم تقف دول مجلس التعاون الخليجي مكتوفة الأيدي، بل تدرس التحرك نحو المستقبل بدقة وتخطو خطوات واثقة في كل الاتجاهات حيث اتجهت نحو الاعتماد على الذات ونحو الشراكات مع التكتلات الاقتصادية الكبرى والدول المتقدمة وشعارها في هذا الانفتاح المفيد هو تحقيق وحماية المصالح العليا المشتركة دون الدخول في تحالفات سياسية أو عسكرية أو الانحياز لطرف على حساب الآخر، وصاغت أهدافها في الرؤى الوطنية للتنمية (2040/2030) ورسمت خارطة طريق اقتصادية وتنموية لتحقيق هدف مهم يمكِنها من النجاح وهو (توسيع القاعدة الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل والاعتماد على الذات) ولتحقيق ذلك اتجهت نحو توطين الصناعات المدنية والعسكرية والتوسع في جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، مع الاهتمام بالعنصر البشري الوطني، ولتحقيق ذلك اتبعت سياسة الانفتاح غير المؤدلج على جميع دول العالم وكانت البوصلة التي تحدد وجهة هذا الانفتاح هي (مصلحة الوطن والمواطن)، كما جاءت الرؤية الخليجية للأمن الإقليمي لتحدد توجهات دول مجلس التعاون نحو المنطقة والعالم برؤية موضوعية بهدف تأمين المنطقة والتعامل بإيجابية مع جميع دول العالم وإبعاد الإقليم عن شبح الحروب والصراعات البينية أو مع أطراف خارجية، بل ركزت على حل الصراعات بالحوار وعبر المفاوضات، ودعم جهود السلام، وتعزيز الجهود الرامية إلى عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، وتكريس الحوار مع الآخر وتعزيز مبادئ حُسن الجوار واحترام مبادئ القانون الدولي.

والمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، تطبق ما تقدم في حل الخلافات في المنطقة والعالم ومن بينها الحرب الروسية / الأوكرانية ونظمت مؤتمر جدة الشهير لهذا الغرض ومازالت مساعيها مستمرة ولن تنقطع، كما قامت بجهود مكثفة وما زلت لتثبيت الوفاق والسلام في السودان واليمن ولبنان ومنطقة البحر الأحمر، وتقف بكل قوة لإعادة طرح المبادرة العربية للسلام لحل القضية الفلسطينية عبر حل الدولتين لإقامة سلام دائم وعادل يعيش تحت مظلته كل الأطراف في المنطقة بسلام واستقرار ولتتوجه جميع دول المنطقة نحو التنمية المنشودة، ويتبقى أن تتجاوب دول الإقليم والمجتمع الدولي مع هذه الجهود التي تقودها المملكة ويتبناها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ وسمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ـ حفظه الله ـ لتحقيق هذا السلام والاستقرار المنشود والانخراط في برامج التنمية من أجل رفاهية شعوب المنطقة والعالم.

مقالات لنفس الكاتب