لا شك أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين شكلت تحديًا كبيرًا للاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة، وبدأت هذه الحرب بتبادل الرسوم الجمركية بين البلدين في إطار محاولات لحماية الصناعات المحلية وتحقيق التوازن التجاري، ومع ذلك فإن تأثير هذه الحرب تجاوز الحدود الوطنية، وأثر بشكل كبير على العديد من الاقتصادات العالمية، بما في ذلك الاقتصادات العربية.
تسعى الدول العربية كغيرها لمواجهة التحديات الناجمة عن الحرب التجارية الأمريكية -الصينية، وذلك من خلال وضع استراتيجيات جديدة للتعاون خاصة في ظل تمتع الدول العربية بموارد طبيعية هائلة وأسواق ناشئة، مما يجعلها مهمة للغاية كشركاء استراتيجيين في هذا السياق.
من الجدير بالذكر أن الحرب التجارية قد توفر أيضًا فرصاً للدول العربية لتعزيز اقتصاداتها وتنويع مصادر دخلها، إذ يمكن للاستثمارات العربية أن تلعب دوراً مهماً في تحقيق ذلك، من خلال الاستثمار في الصناعات المحلية وتعزيز التبادل التجاري مع الدول الأخرى.
ومع ذلك، فإن هناك تحديات تواجه الاستثمار العربي في ظل الحرب التجارية، بما في ذلك التغيرات في أنماط التجارة العالمية وزيادة التوترات الجيوسياسية، لكن من خلال التخطيط الجيد وتبني استراتيجيات مستدامة، يمكن للدول العربية الاستفادة من هذه الفرص في تحقيق مكاسب تنعكس على مستويات التنمية الاقتصادية المستدامة في ظل هذا الوضع.
يمكن لتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي وتحسين مناخ الاستثمار في الدول العربية أن يلعب دوراً هاماً في مواجهة الأزمات الاقتصادية، من خلال بناء استراتيجيات تنموية تأخذ في الاعتبار التحديات والفرص المتاحة والمتغيرات الدولية على خارطة الاقتصاد العالمي.
أبعاد الحرب التجارية الأمريكية -الصينية
لا شك أن المراقب للعلاقات الدولية يرى بوضوح أن هناك نظامًا دوليًا جديدًا لاح في الأفق منذ فترة وأخذت ملامحه تتضح جلياً للجميع، وبعبارة أخرى فإنه یمكن القول إن عصر القطب الواحد الذي كانت تسيطر عليه الولايات المتحدة منذ سقوط وانهيار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن الماضي قد ولى، وأننا بصدد عصر ثنائي أو متعدد الأقطاب نرى فيه الولايات المتحدة التي أخذ دورها في التراجع تمثل أحد قطبيه، في حين نرى روسيا والصين تمثل القطب الجديد الذي أضحى للجميع حجم الدور الكبير الذي لا یمكن تجاهله أو تنحيته جانباً، ناهيك عن قوى أخرى مازالت لها ثقل مثل الاتحاد الأوروبي واليابان والهند وتايوان.
وما يدلل على ذلك العديد من الأزمات التي شهدها الاقتصاد العالمي في العقدين الأخيرين من تصارع تلك القوى على مصالحها، وذلك بخلاف المشكلات الجيوسياسية والتي كان آخرها الأزمة الروسية / الأوكرانية التي عصفت بالاقتصاد العالمي أجمع، والحرب على غزة.
وفي سياق متصل، لم تحاول الصين إخفاء رغبتها الحثيثة في توسيع نفوذها داخل مناطق عدة في العالم، فإنه يوجد بينها وبين الولايات المتحدة حالة ما یمكن تسميتها بأنها شبه حرب بين الجانبين على مناطق النفوذ لاسيما المنطقة العربية، وفي سبيل تحقيقها لرغبتها بذلت الصين جهوداً كبيرة لإقامة علاقات اقتصادية وتجارية واسعة مع العالم العربي، مما خلق حالة من التوتر بين الولايات المتحدة والبلدان العربية، حيث ترى أمريكا أنهم العرب حلفاء تقليدين بالنسبة لها وتقع في مجال نفوذها خاصة في مجالات التعاون العسكري والأمني، وترى الدول العربية أن الشريك الصيني أصبح له ثقله مما يستوجب بناء شراكات معه.
وبناء عليه تنامى التوتر بين الجانبين، وأصبح مبعث قلق كبير لا سيما للدول العربية والخليجية لما بين الجانبين من مصالح إقليمية كبيرة، ومن هنا أصبحت المنطقة العربية مسرحاً لمنافسة هاتين القوتين، كما كانت أوروبا مسرحًا للتنافس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي إبان فترة الحرب الباردة ولكن مع وجود فرق في المنافسة من حيث الأهداف والنتائج المرجوة منه.
ملامح تراجع الدور الأمريكي في المنطقة العربية
بنظرة ثاقبة إلى حال الكثير من الدول العربية الآن نرى أنها الآن وغير أي وقت مضى أصبحت تتخذ قراراتها السياسية بغض النظر عن رد الفعل الأمريكي تجاه هذا القرار أو ذاك، وليس أدل على ذلك من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية في محاولة منه للضغط وطلب زيادة إنتاج أوبك+ من النفط وهو الأمر الذي نفته الإدارة الأمريكية، ورد الفعل السعودي إزاء القرار الذي راعى بالأساس المصلحة السعودية المتمثلة في أن يكون الإنتاج مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحصول على سعر عادل لبرميل النفط.
كما يلاحظ تزايد الاهتمام الأمريكي بمنطقة المحيطين الهادئ والهندي بالتوازي مع تراجع الدور الأمريكي استراتيجياً بالنسبة للمنطقة العربية خلال العقدين الأخيرين، فضلاً عن تراجع أهمية ملفات مكافحة الإرهاب والحروب التي كانت بمثابة الدافع الرئيسي لسياسات الولايات المتحدة الخارجية والدفاعية التي انتهجتها في مطلع الألفية.
ملامح التواجد الصيني في المنطقة العربية
شهدت العقود الأخيرة تنامياً ملحوظاً في العلاقات العربية الصينية، وليس أدل على ذلك من انعقاد القمة الأولى العربية الصينية في الرياض في السابع من ديسمبر 2022م، وحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ للمشاركة في أعمال هذه القمة التي جاءت بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وهنا يمكننا رصد العديد من المؤشرات الدالة على تنامي الدور الصيني لدى الدول العربية والتي يمكن رصدها من خلال النقاط التالية:
- أصبحت الصين أكبر شريك تجاري ومستثمر أجنبي في المنطقة فهي تعتبر أكبر شريك تجاري للدول العربية.
- تعتمد الصين في ثلث وارداتها من الطاقة على دول مجلس التعاون الخليجي أخذاً في الاعتبار أن الجزء الأكبر يكون من المملكة العربية السعودية.
- وثيقة شراكة استراتيجية مع أعضاء مجلس التعاون الخليجي (باستثناء البحرين).
- في إطار خطة طريق الحرير الرقمي، لعبت الصين دوراً محورياً في تنفيذ أهم المشاريع الرقمية في المنطقة مثل دبي الذكية 2012م، وبرنامج التحول الوطني السعودي 2030.
- أن الشركات الصينية تشتري سدس صادرات النفط الخليجية ونصف صادرات العراق.
- تعتبر الصين المنطقة العربية مركزًا تجارياً مهمًا ومفترق طرق للتجارة والسفر وبالتالي فإن استقرارها مسألة ذات أهمية استراتيجية كبيرة.
- هناك طلب متزايد بسرعة من الدول العربية على الخدمات الهندسية للشركات الصينية، وقدرات البناء، ومعدات السيارات والاتصالات السلكية واللاسلكية، والأسلحة، والمنتجات الاستهلاكية.
- يؤسس المواطنون ورجال الأعمال الصينيون وجوداً أكبر من أي وقت مضى في المنطقة (يوجد الآن مئات الآلاف من الصينيين في دول الخليج العربية).
وفي ضوء ما سبق يمكن القول إن الدول العربية أضحت الآن وأكثر من أي وقت مضى تنظر إلى الصين بوصفه شريكاً استراتيجياً ينبغي عليها توسيع علاقاتها معه بالشكل الذي يخدم مصالحها في المقام الأول، خاصة بالنظر بما لدى الصين من إمكانات هائلة يمكن للدول العربية استقطابها والتي يمكننا حصرها في النقاط التالية:
- تحتل الصين الصدارة في الابتكار التكنولوجي العالمي وليس أدل على ذلك من شبكات الجيل الخامس.
- تعتبر الصين شريكًا استراتيجيًا للمملكة العربية السعودية في جهودها لتطوير صناعة أسلحة محلية.
- انضمام سبع عشرة دولة عربية إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية.
وبالتالي يمكن استنباط حقيقة مفادها أن الصين في علاقاتها مع الدول العربية ليس لها أي أجندات سواء أكانت إمبريالية أو أيديولوجية تسعى لتحقيقها، وما يدلل على ذلك أننا لم نسمع قط أنها طلبت منهم علاقات قصرية فقط معها أو مطالبات تتعلق بأنظمتهم السياسية أو تطبيق مبادئ حقوق الإنسان أو غير ذلك، بل وحتى لم تلوح بتوتر في العلاقات إذا لم يحدث ذلك ولا تبني مصلحة طرف على حساب طرف آخر إبان الأزمات كما حدث في الموقف الأمريكي تجاه الأزمة الروسية / الأوكرانية، وإنما تقتصر علاقاتها مع الدول العربية على مجالات التجارة والاستثمار والابتعاد عن النزاعات السياسية ما مكنها من إيجاد علاقات راسخة وثابتة مع جُل الدول العربية.
آلية التفاعل بين الصين والولايات المتحدة صوب المنطقة العربية
يقودنا العرض السابق للوقوف على ماهية الطريقة التي حرصت كل من الصين والولايات المتحدة التعامل بها صوب المنطقة العربية، فبينما آثرت الولايات المتحدة اتباع نهج الاستبعاد عن طريق إزاحة النفوذ الصيني من المعادلة العربية، اتبعت الصين استراتيجية أكثر مقاربة وشمولاً تستند في الأساس على الحوار.
حيث دعت لإطلاق حوار شامل يضم بين طياته كافة الأطراف لمناقشة القضايا الأمنية، مقترحة في الوقت ذاته "آلية أمن جماعي لمنطقة الخليج" تُدار إقليمياً، وبعبارة أخرى يمكن القول إن الصين لم تقم بفرض رؤيتها إزاء المنطقة العربية ولم تجبر أحدًا على ذلك ولا حتى مجرد الانحياز لطرف على حساب الطرف الآخر وإنما سعت جاهدة للتوفيق بين كافة الأطراف وتقريب وجهات النظر إزاء مختلف القضايا.
فقد اتبعت الصين مسار "القوة الناعمة" في التعامل مع الدول العربية، حيث سعت نحو التشارك في العديد من المشروعات الاقتصادية الكبرى كمبادرة الحزام والطريق، وكذلك في الاستثمار في التكنولوجيا في المنطقة العربية، على أن يتم ذلك وفق فلسفة الصين التي تنطوي على عدم التدخل في شؤون الغير وترتكز على "المبادئ الخمسة للتعايش السلمي"، أخذاً في الاعتبار إيلاء قدراً أكبر من التركيز على الفرص ذات الربحية العالية للجانبين في كافة أوجه الأنشطة الاقتصادية بالشكل الذي يمكنها من الحفاظ على علاقات وشراكات أكثر جاذبية ومرونة في تعاملاتها مع الدول العربية.
وتنعكس ملامح القوة الناعمة الصينية في إطلاق خطتها التي أطلقتها في مارس من عام 2021م، والمتعلقة بالنقاط الخمس لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط برمته والتي حددتها في النقاط التالية:
- وقف التنافس الجيوسياسي لصالح الحوار في النقاط الساخنة السياسية مثل سوريا واليمن وليبيا (على الأرجح في إشارة إلى حروب بالوكالة بين السعودية وإيران)
- الاعتراف بحق فلسطين في حل الدولتين.
- التزام إيران بعدم الانتشار.
- محاربة الإرهاب والتشجيع على نزع التطرف.
- تنمية المنطقة من خلال التعاون الاقتصادي (قمم الصين والدول العربية، مبادرة الحزام والطريق، الاستثمار في التقنيات الجديدة والتجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي).
على الجانب المغاير تنتهج الولايات المتحدة منطقاً يمكن وصفه بأنه خليط ما بين القوة الناعمة والصلبة في آن واحد، نظراً لأن نهجها ينطوي على تغليب العلاقات الثنائية في بعض الأحيان لما تحويه تلك الشراكات من مجاملات وتحالفات عسكرية تتطلب توضيحًا أكبر وأعمق لا سيما فيما يتعلق بالمسائل محل النزاع، واستخدام أداة المساعدة العسكرية والتعاون الأمني والمساعدات التنموية كأدوات ضغط على الأنظمة العربية.
وإجمالاً یمكن استخلاص تلك النتائج:
- إن المنطقة العربية منطقة صراع للنفوذ بين القوى العظمى، مما يجعلها دائماً بين شد وجذب للأطراف المتصارعة، وذلك لما تحتله المنطقة من مزايا جغرافية جعلها في منتصف العالم وكذلك لما تحويه من موارد طبيعية يجعلها مطمعًا للقوى الكبرى في العالم، فإذ كانت نهاية القرن العشرين قد شهدت بزوغ بريطانيا كقوة لها تأثير على المنطقة العربية، فإن الصين قد تحل محلها في القرن الحادي والعشرين وإن كان ذلك سوف يحدث دون تأييد من الولايات المتحدة، حيث اختارت الصين المضي قدمًا لتحقيق أهدافها في المنطقة العربية رغم الجهود الأمريكية لإيقاف ذلك الهدف والحد من تسارع وتيرته.
- أن بكين ليس لديها مصلحة في استبدال دور الولايات المتحدة كضامن للاستقرار والأمن في الدول العربية، وإنما جل تركيزها ينصب على ملفات التجارة والاستثمار والموضوعات الاقتصادية في علاقاتها مع الدول العربية، ولكنها تستغل الثغرات التي تقع فيها الولايات المتحدة معهم بهدف تسريع وتيرة تحقيق الهدف الذي تصبو إليه.
- إن استمرار الصراع في النهاية قد يؤدي إلى خسارة جميع الأطراف، الأمر الذي يستلزم نهجًا تعاونيًا جديدًا يدعو للتشارك لا للمنافسة.
- تحتاج الصين والدول العربية، أكثر من أي وقت مضى، إلى توحيد الجهود لتعزيز التعاون والتغلب على مختلف التحديات الدولية الملحة، مثل تباطؤ الاقتصاد العالمي، وسياسات الكتلة المتزايدة، واتساع فجوات الثروة، فضلاً عن تصاعد أزمات الغذاء والأمن.
تكثيف وزيادة الاستثمارات العربية -العربية
لا شك أن تكثيف وزيادة الاستثمارات العربية – العربية يمكن أن يسهم بشكل كبير في تعزيز كافة القطاعات الاقتصادية العربية على مستويات التجارة والصناعة والزراعة وغيرها، وذلك بعدة طرق يمكن حصرها في النقاط التالية:
- تعزيز التبادل التجاري البيني: من خلال مزيد من الاستثمار في البنية التحتية وتسهيلات النقل والتجارة داخل الدول العربية، بما ينعكس على تعزيز التبادل التجاري بين الدول العربية وزيادة تدفق السلع والخدمات بينها، مما يمكن من الاستفادة من وفورات الحجم الكبير الناجم عن فتح الأسواق العربية للمنتج ذات المنشأ العربي.
- تطوير الصناعات المحلية: بتوجيه الاستثمارات نحو تطوير وتحديث منظومة الصناعات المحلية، على النحو الذي يعزز القدرة التنافسية للشركات العربية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من القطاعات الصناعية.
- تعزيز التعاون والتنسيق في مجال الزراعة والأمن الغذائي: إذ يمكن للاستثمار في الزراعة وتحسين التقنيات الزراعية أن تساهم في زيادة إنتاجية القطاع الزراعي، وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي للمنطقة العربية وسد الفجوة الغذائية.
- تطوير البنية التحتية والخدمات اللوجستية: يمكن للاستثمار في تطوير البنية التحتية والخدمات اللوجستية أن يسهم في تحسين بيئة الأعمال وجعل الدول العربية وجهة مغرية للاستثمارات الأجنبية، مما يعزز التنمية الاقتصادية.
- تعزيز الابتكار والبحث والتطوير: إذ أنه من خلال الاستثمار في هذا القطاع الحيوي والهام يمكن تعزيز قدرة الدول العربية على التنافس في الأسواق العالمية وتطوير صناعات مستقبلية مبتكرة.
وإجمالاً يمكن أن يساهم تكثيف وزيادة الاستثمارات العربية في النهوض بالقطاعات الاقتصادية العربية على مستويات التجارة والصناعة والزراعة وغيرها، وتأمين احتياجات المنطقة العربية في ظل الصراع الدولي عبر تحقيق مزيد من التكامل الإقليمي بين الدول العربية.
التعاون في قطاع الاستثمار مع التكتلات الاقتصادية الكبرى في العالم
إن مستقبل التعاون في قطاع الاستثمار مع التكتلات الاقتصادية الكبرى يمكن أن يكون واعداً لجذب المزيد من الاستثمارات، وتوطين الصناعات في دول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة العربية، وذلك من خلال عدة إجراءات يمكن سردها في جملة النقاط التالية:
تعزيز التعاون مع التكتلات الاقتصادية الإقليمية: يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة العربية تعزيز التعاون الإقليمي وتكوين علاقات اقتصادية قوية، مما يسهم في زيادة جاذبية المنطقة للاستثمارات الأجنبية.
- تحسين بيئة الأعمال والتشريعات الاستثمارية: يجب على الدول العربية والخليجية الاستمرار في تحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتعزيز التشريعات الاستثمارية لتشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في المنطقة.
- تطوير البنية التحتية: ضرورة مواصلة الدول العربية والخليجية سعيها الدؤوب نحو الاستثمار في تطوير البنية التحتية اللوجستية والتقنية، مما يضمن تسهيل عمليات الإنتاج والتوزيع ويجعل المنطقة أكثر جاذبية للاستثمارات.
- تعزيز التعليم والابتكار: استمرارية الدول العربية والخليجية الاستثمار في رأس المال البشري من خلال تطوير التعليم وتعزيز البحث والابتكار، يساهم في تطوير قوى العمل المحلية وزيادة القدرة التنافسية للصناعات المحلية.
- التنويع الاقتصادي: لا شك أن الدول العربية والخليجية قطعت شوطاً كبيراً إزاء مسار التنويع في مصادر الدخل والاستثمار الوطني، وتطوير قطاعات اقتصادية جديدة لتتجاوز اعتمادها على النفط والغاز، الأمر الذي سيجعل اقتصادات تلك الدول قادرة على الصمود أمام المتغيرات الاقتصادية الحديثة.
وبالتالي يمكن القول إن استمرارية تنفيذ هذه الإجراءات من خلال تعزيز التعاون مع التكتلات الاقتصادية الكبرى، يمكن دول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة العربية تجنب تأثير الحرب التجارية الأمريكية -الصينية وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
العمل العربي المشترك وزيادة الاستثمارات العربية البينية
لزيادة الاستثمار العربي البيني، يمكن للعمل العربي المشترك تحت مظلة جامعة الدول العربية اتخاذ عدة خطوات یمكن إيجازها في جملة الأمور التالية:
1ـ تطوير البنية التحتية الإقليمية: السعي نحو تطوير البنية التحتية الإقليمية، مثل شبكات النقل والطرق والموانئ والمطارات، مما يسهل حركة رأس المال والبضائع بين الدول العربية ويزيد من فرص الاستثمار، وذلك في إطار رؤية إستراتيجية متكاملة لتطوير كافة القطاعات بأنماطها المختلفة.
2ـ تبسيط الإجراءات والتشريعات الاستثمارية: يمكن للدول العربية السعي نحو توحيد الإجراءات والتشريعات الاستثمارية وتبسيطها لتسهيل عمليات الاستثمار وتقليل التكاليف والمخاطر، ومن هذا المنطلق الذي أدركته جامعة الدول العربية فقد أنهت حالياً المسودة النهائية لاتفاقية الاستثمار العربية الجديدة والتي يفترض أن تكون متوائمة مع التشريعات الدولية الجديدة في مجال اتفاقات الاستثمار لتكون بدورها قاطرة الاستثمار البيني بين الدول العربية، حيث ستعمل على استيعاب التطورات الاقتصادية على المستوى الدولي لتشمل المفاهيم الحديثة، مثل مفاهيم التنمية المستدامة، واقتصاد المعرفة، والاقتصاد الرقمي، وإزالة كافة المعوقات التي تواجه المستثمرين.
3ـ تعزيز التجارة العربية البينية: يمكن زيادة تدفق التجارة في السلع والخدمات وخلق سلاسل إمداد عربية تقلل من الاعتماد على العالم الخارجي، وقد شهدت التجارة العربية البينية تحسناً ملحوظاً إلا أنه مازال هناك بعض المعوقات التي يمكن التغلب عليها في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
4ـ تعزيز الشراكات الاستراتيجية: يمكن للدول العربية تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص، وكذلك بين الشركات الصغيرة والمتوسطة، لتعزيز الاستثمار البيني، وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية بيروت 2019م، قد أقرت الميثاق العربي الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
5ـ تعزيز التعليم والتدريب المهني: ضرورة مواصلة الجامعة العربية الاستثمار في التعليم والتدريب المهني لتطوير قوى العمل المحلية وزيادة قدراتها التنافسية في الأسواق العربية.
6ـ تنظيم المعارض والفعاليات الاقتصادية: من الضرورة بمكان استمرار الجامعة العربية في تنظيم معارض وفعاليات اقتصادية دورية لترويج مكتسبات العمل العربي المشترك، ولتعزيز التواصل بين الشركات العربية وتسهيل عمليات التعاون والاستثمار البيني.
من خلال اتخاذ هذه الخطوات، يمكن للعمل العربي المشترك تحت مظلة جامعة الدول العربية أن يزيد من حجم الاستثمار العربي البيني ويعزز التكامل الاقتصادي بين الدول العربية.