array(1) { [0]=> object(stdClass)#13382 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 199

إنشاء مصنع رقمي لإنتاج الأقمار الصناعية في السعودية بتكلفة 110 ملايين دولار

الخميس، 27 حزيران/يونيو 2024

لم تعد الأقمار الصناعية كما هو معروف ومتداول عالميًا، الوسيلة الأهم لتسهيل وتبادل الاتصالات هذا فضلًا عن العديد من الخدمات الأخرى التي تنفرد بها،  ولا يوجد من  ينافسها في هذا المجال، بل دخلت وبقوة عالم الاستثمار والصناعة والاستحواذ، خاصة أنها تحقق الكثير من النجاحات الاقتصادية  التي لا تحتمل الخسارة، حيث  يعد عالم الأقمار الصناعية  واحدًا من القطاعات الاقتصادية المهمة التي يكون فيه الإبداع جزءًا حيويًا في تحقيق استثمارات كبيرة ببلايين الدولارات للدول المستثمرة، وحاليًا يتوافر آلاف الأقمار الصناعية العاملة، والكثير منها في مدارات أرضية واطئة، وعدد منها في مدارات أرضية ثابتة. ويدور حول الكرة الأرضية 3372 قمرًا صناعيًا، تستحوذ الولايات المتحدة الأمريكية على معظمها بعدد 1897 قمرًا، وتأتي الصين في المرتبة الثانية بعدد 412 ثم روسيا بواقع 176 قمرًا، وذلك بحسب قاعدة معلومات الأقمار الصناعية لدى اتحاد العلماء المعنيين في الولايات المتحدة UCS المحدثة في بداية 2021م.

وتقود بريطانيا القارة الأوروبية في مجال الاستثمار في الفضاء، وأشار تقرير حديث إلى أنها الوجهة الأكثر جاذبية في هذا المجال، بعد الولايات المتحدة، حيث اتجهت أكبر 9 شركات بريطانية إلى الاستثمار في هذا القطاع منذ عام 2015م، حيث تقدَّر قيمة الاستثمارات المباشرة في هذا القطاع بحوالي 17.5 مليار جنيه استرليني بنسبة 17% من الاستثمارات العالمية، وتتركز أوجه نشاطها بشكلٍ خاص في المراقبة وتصنيع الأقمار الصناعية وتطوير تكنولوجيات الاتصال والمعلومات، كما تصل قيمة إسهاماته والصناعات المغذية له في الاقتصاد البريطاني بنحو 370 مليار جنيه استرليني، وشهد عام 2021م، وحده، دخول مستثمرين جدد بنسبة نمو بلغت 63%، وهو ما يعكس الأهمية المتزايدة للاستثمار في تقنيات الفضاء. ويتزامن زيادة اهتمام دول الشرق الأوسط بقطاع الفضاء مع توقعات دراسة حديثة لبنك مورغان ستانلي بتجاوز حجم اقتصاد الفضاء تريليون دولار عام 2040م، مع زيادة التركيز على خدمات الأقمار الصناعية والصواريخ، وسوف يدفع الاستثمار في الفضاء قطاعات أخرى بخلاف الطيران والدفاع، مثل قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وقدرت الدراسة حجم إيرادات صناعة الفضاء عالميًا بقيمة 350 مليار دولار حاليًا، مرجحة أن تتمثل أهم الفرص الاستثمارية على المدى القصير والمتوسط في الوصول إلى الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، متوقعة أن تمثل الأقمار الصناعية 50% من النمو المتوقع لاقتصاد الفضاء العالمي خلال الـ20 عامًا المقبلة.

وعلى الرغم من أن صناعة الفضاء والأقمار الصناعية مكلفة، لاسيما أن إطلاق صاروخ إلى الفضاء تصل تكلفته إلى 100 مليون يورو وأكثر. إلا أن الاستثمار في الفضاء مجد اقتصاديًا، ويمكن القول إنَّ الفضاء اكتسب أهمية متزايدة، وأصبح صناعة ديناميكية سريعة التقدُّم، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، مع توقعات بأن تحقق معدَّل نمو بنسبة 11% لتصل إلى 1.4تريليون دولار بحلول عام2030م، و3 تريليونات دولار بحلول عام2050م، مقارنةً مع حوالي 470 مليار دولار في عام2022م، لتسجل أسرع معدَّل نمو في السنوات العشر الأخيرة. وقد كان عام2022م، استثنائيًا في قطاع الفضاء، حيث تم إطلاق 186 صاروخًا ناجحًا بنسبة نمو تقدَّر بنحو 22% مقارنةً مع عام 2021م، وهو ما يشير إلى تحوُّل سريع في هذا القطاع، يلعب فيه التقدُّم التكنولوجي وزيادة استثمارات القطاع الخاص والطلب المتزايد على البيانات والمنتجات والخدمات الفضائية، الدور الأكبر خاصةً بعد تضاؤل التحديات التي كانت تواجه تصنيع وإطلاق وتشغيل الأقمار الصناعية وغيرها من الأصول الفضائية، حيث تم “تصغير حجم الأقمار الصناعية”، وأصبحت تكلفة إنتاجها وتشغيلها أقل من أي وقت مضى، وبفضل الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام، أصبحت تكاليف الإطلاق أقل بكثير اليوم، وهو ما أسهم بدوره في دخول شركات عالمية جديدة، فعلى سبيل المثال تصل تكلفة إطلاق قمر اصطناعي 60 مليون دولار حاليًا مقارنةً بـ 200 مليون دولار قبل سنوات. وأعلنت “تاليس ألينيا سبيس”، وهي شركة إيطالية فرنسية، مؤخرًا عن استثمار أكثر من 110 ملايين دولار لإنشاء مصنع رقمي بالكامل لإنتاج الأقمار الصناعية بتقنيات متقدِّمة وبأحجام مختلفة، في منطقة تكنوبولو تيبورتينو بروما. ويُقدر حجم سوق الأقمار الصناعية الصغيرة بـ 166.40 مليار دولار عام 2024م، ومن المتوقع أن يصل إلى 260.56 مليار دولار بحلول عام 2029م، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 9 ٪ خلال الفترة من (2024-2029م). وفي دراسة أصدرها مصرف «مورجان ستانلي» بالولايات المتحدة يتوقع أن يتخطى حجم الأرباح من «اقتصاد الفضاء»، الترليون دولار عام 2040م، وتعتقد الدراسة أن المداخيل الأساسية ستكون من عوائد خدمات الأقمار الصناعية والصواريخ، وذلك نتيجة لكثافة الطلب على «إنترنت الأقمار الصناعية» وتوصيل الطرود بالصواريخ. فضلًا عن أن خدمات الاتصالات التي تقدمها نصف هذه الأقمار تساوي بلايين الدولارات، حتى أنه في عام 2013م، حقق الاقتصاد العالمي المتعلق بالفضاء الخارجي دخلًا بحدود 250 بليون دولار.

أقمار الاتصالات

 وتعد أقمار الاتصالات من أهم أسواق الفضاء الجديدة، وتتشكل الثلاثة قطاعات الرئيسية في هذه السوق من صناعة الأقمار الصناعية وملحقاته الفرعية، ومعدات الدعم الأرضي ومحطات الهواتف، والبوابات، ومحطات التحكم، وكذلك صحون أقمار البث المباشر وبعض الأمور التقنية المتخصصة الأخرى، أما سوق صناعة معدات الإطلاق فقائم على خدمات الإطلاق وصناعة المركبات، والأنظمة الفرعية.

وتهيمن دول مجموعة السبع على سوق صناعة الفضاء، وذلك بسبب الاستثمار الكبير الذي يبذل في هذا المجال من قبل هذه الدول سواء في مجالات الفضاء والملاحة وتمثل الولايات المتحدة وحدها ما يقرب من ثلث المركبات الفضائية العاملة حاليًا في مدار حول الأرض، تعد مهمات أبولو للهبوط على سطح القمر ومحطة سكايلاب الفضائية ومكوك الفضاء ومحطة الفضاء الدولية (ISS) و Mars Exploration Rover – Opportunity و Mars Rover Curiosity هي أحجار الزاوية في برنامج الفضاء للدولة ومواقع الأقمار الصناعية.

ووفقًا لتقرير تيكنافيو للأبحاث الذي نقله بيزنس واير.  ينقسم سوق الأقمار الصناعية إلى الأقمار الصناعية الصغيرة، والدقيقة، النانوية، الفيمتو ساتلايت، ومن المتوقع أن ينمو سوق الأقمار الصناعية الصغيرة بمعدل سنوي يزيد على 14٪. من المنتظر أن تصبح الهند لاعبًا رئيسيًا على مستوى العالم في صناعة هذا النوع، حيث تقوم منظمة أبحاث الفضاء الهندية (ISRO) بتحويل معظم أنشطتها التجارية المتعلقة بالفضاء إلى الصناعة وتعمل الحكومة بالترويج لمبادرات لجلب المنظمات الخاصة الكبرى في صناعة الفضاء للتعاون والعمل معًا.  هذا وتستثمر الصين بكثافة في تكنولوجيا الفضاء وذلك وفقًا لإدارة الفضاء الوطنية الصينية (CNSA)، وتتوقع إطلاق حوالي 100 قمر صناعي بحلول عام 2025م، وبالنظر إلى الزيادة في الأنشطة المتعلقة بالفضاء في المنطقة، يعمل مصنعو الأقمار الصناعية على تعزيز إنتاجهم وقدراتهم للاستفادة من إمكانات الأسواق الناشئة لاسيما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. في الوقت الذي حققت فيه أسواق أمريكا الشمالية والمنطقة الأوروبية تقدمًا كبيرًا نظرًا لوجود البنية التحتية اللازمة لتطوير صناعة الاتصالات، عبر الأقمار الصناعية والتركيز القوي على تطوير الأبحاث الفضائية والاتصالات السلكية واللاسلكية.

وعلى نفس الوتيرة كشف تقرير مؤسسة راند الاقتصادية عن "قدرات الفضاء التجارية " أن صناعة الأقمار الصناعية حققت حوالي ٢٤ مليار دولار خلال عام ٢٠١٨م، عبر تقديم خدمات المعلومات من خلال التليفزيون والراديو، هذا فضلًا عن المساعدات لبعض المستهلكين والشركات الخاصة والحكومات في جميع أنحاء العالم. وذكر أنه منذ عام 2014 وحتى عام 2018م، أصبحت تلك الصناعة لا تعتمد على القطاع الحكومي وحده، حيث شكلت الإيرادات منه 21% من إجمالي إيرادات مجموع الشركات الكبرى في هذا المجال. ويعتبر الاستشعار عن بعد من الاستثمارات المهمة في مجال الأقمار الصناعية والذي بدوره، يتعلق بالقدرة على الحصول على المعلومات من مسافة بعيدة، حيث يمكن لأقمار الاستشعار عن بعد أن تستضيف أجهزة الاستشعار، كالرادار ومقاييس اتجاه الرياح وسرعتها، فضلًا عن أجهزة الاستشعار الأخرى بالأشعة المنعكسة، مثل أجهزة قياس الإشعاع ومقاييس الطيف وموجات الضوء. لاسيما أنه في أوائل 2020م، كان هناك حوالي 225 من الأقمار الصناعية التي تعمل بالاستشعار عن بعد في المدار، وهي زيادة كبيرة مقارنة بعددها الــ ٢٥ التي كانت تعمل عام 2010م، وبدأت تلك الزيادة الملحوظة في عام 2013م، ويعود هذا النمو الهائل إلى استخدام أعداد أكبر من الأقمار الصناعية الصغيرة من قبل الشركات الناشئة مقارنة بمقدمي الخدمات والأقمار الكبيرة، مثل DigitalGlobe الذين استخدموا أعدادًا أقل من الأقمار ولكن ذات قدرات عالية.

وكشف التقرير أنه من المجالات المهمة التي يتم الاستثمار بها هي المراقبة البيئية ولمتابعة حالة الطقس الجوية والبحرية وإمداد الجهات المعنية بهذه البيانات، وتعتبر الشركات الناشئة هي المسؤولة عن هذا الدور وتعتمد بشكلٍ كبير على التمويل الحكومي وتركز في مهماتها على الرصد البيئي الحكومي.  ومن أبرز الشركات في هذا المجال تلك التي عملت على جمع البيانات البيئية للنظام العالمي للملاحة عبر الأقمار الصناعية (GNSS-RO)، والتي يمكن الاسترشاد بها في التنبؤات الجوية الأرضية ومراقبة المناخ وطقس الفضاء. وكشف التقرير أن التكلفة الباهظة لإرسال قمر صناعي متكامل للرصد البيئي تعد أحد العوائق التي تحول دون التوسع في هذا المجال، إضافة إلى تذبذب الطلب من قبل الجهات الحكومية وغير الحكومية على هذه البيانات.

الوطن العربي

تاريخ الأقمار الصناعية في الوطن العربي طويل، كما أنه ليس منفصلًا عن المساعي العالمية الرامية إلى غزو الفضاء، والعمل على تحقيق أكبر استفادة من خلاله. والتي أدت إلى وجود طفرة هائلة في عدد الأقمار؛ إذ يدور حاليًا أكثر من 1950 قمرًا صناعيًا نشطًا حول الأرض، ويمكن أن ينضم إليهم المزيد قريبًا. وأدت التكاليف المنخفضة والمنافسة المتزايدة، إلى وصول عدد متزايد من الأقمار الصناعية التجارية إلى مدار الأرض، والتي على عكس برامج الفضاء الوطنية، لا تعترف بالحدود الوطنية. ومؤخرًا أعلنت المملكة العربية السعودية، إتمام شركة «ASpace» الصينية استثماراً بقيمة مليار ريال لتأسيس أول مصنع للأقمار الصناعية المتقدمة في السعودية، على أن يرتفع حجم الاستثمار تباعاً مع مراحل المشروع الذي يتضمن البحث والتطوير وصناعة المكونات والأنظمة الفرعية وصولاً إلى الأقمار الصناعية.

وستستفيد من موقع المملكة الجغرافي بوصفها منصة لتعزيز قدرات الفضاء بالمنطقة عبر الاستثمار في الأقمار الصناعية المتقدمة التي تمثل 70 % من سوق الفضاء، الأمر الذي سيعزز من قدرات السعودية في تصنيعها من خلال نقل المعرفة والخبرات إلى جانب تنمية القدرات الوطنية في تقنيات القطاع.

ووصف المهندس خالد الفالح، وزير الاستثمار، نيل «ASpace» أول رخصة استثمار بمجال الأقمار الصناعية النواة الأولى في السعودية للاستثمار بهذا المجال الذي يشهد تطوراً غير مسبوق، وهو من ضمن المجالات المستقبلية، التي تتضمن فرصاً عالمية واعدة، مبيناً أن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام العديد من الشركات للاستثمار بالمملكة، والتي تشهد نهضة استثنائية على جميع الأصعدة، وستعزز من تنافسية البلاد عالمياً.

وأطلقت السعودية أول قمر صناعي عربي في عام 1985م، وهو القمر “عرب سات إيه 1″، بعدها أطلقت مصر القمر الصناعي “نايل سات 101” في عام 1998م، ثم تلاه القمر الثاني “نايل سات 102” في أغسطس 2000، تلاها إطلاق الإمارات العربية المتحدة للقمر الصناعي “الثريا 1” في عام 2000م، وكلها أقمار خاصة بالاتصالات والبث التليفزيوني الفضائي.

واستطاعت السعودية إطلاق 16 قمرًا صناعيًا إلى الفضاء بين أعوام 2000 و2019م.

وأطلقت جامعة الملك سعود، مؤخرًا، القمر الصناعي المكعب CubeSat من قاعدة بايكونور في كازاخستان على متن الصاروخ الروسي "Soyouz2"، وبذلك يرتفع عدد الأقمار الصناعية التي أطلقتها السعودية إلى الفضاء إلى 18 قمرًا صناعيًا، وكانت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية قد أعلنت عن إطلاق قمر الصناعي...

وأصدرت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية تقرير الفرص الاستثمارية في سوق الفضاء في المملكة، والذي يستعرض رحلة المملكة في مجال الفضاء منذ عام 1976م، وفرص وتحديات نمو سوق الفضاء الذي يتوقع أن يشهد نموًا متسارعًا، كما كشف التقرير عن حجم سوق الفضاء في المملكة في عام 2022م والذي بلغ 400 مليون دولار، ويهدف التقرير إلى إلقاء الضوء على الفرص الواعدة في قطاع الفضاء، وتنمية سوقه ورفع التنافسية فيه، ودعم المستثمرين ورواد الأعمال في القطاع.

وسلط التقرير الضوء على أبرز الفرص الاستثمارية في سوق الفضاء بالمملكة والمتمثلة في تصنيع الأقمار الصناعية، وخدمات الإطلاق، وتطوير قطاع المحطات الأرضية في المملكة للارتقاء بمستوى البنية التحتية المستقبلية لتصبح المملكة مركزًا رائدًا على المستوى الإقليمي، بالإضافة إلى فرص الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، ورصد الأرض من خلال بناء أنظمة محلية متكاملة وقادرة على المنافسة عالميًا وتطوير البنية التحتية للأقمار الصناعية متعددة المستشعرات، إلى جانب فرصتي علوم الفضاء والاستكشاف، ومجالات الفضاء الناشئة.

ويذكر خبير علوم الفضاء “أرون سورنسون”، أن المملكة صنعت التاريخ بعد عودة أول رائدي فضاء سعوديين إلى الأرض، وهما “ريانة برناوي” و”علي القرني” في سابقة تاريخية، تسلِّط الضوء على تطلعاتها وخططها لتصبح لاعبًا إقليميًا في مجال استكشاف الفضاء، مضيفًا: على الرغم من أنها في مرحلة مبكرة من تطوير قطاع الفضاء، إلا أنها حقَّقت إنجازات بارزة، من خلال مشاركتها الطويلة في مجال تكنولوجيا الأقمار الصناعية، وإنشاء وكالة الفضاء السعودية، وإقامة شراكات دولية.

وحقق قطاع الصناعات الفضائية في دولة الإمارات، طفرة تنموية كبيرة تحول معها إلى أحد أبرز القطاعات الاقتصادية التي تتمتع بمزايا تنافسية وفرص استثمارية واعدة قادرة على جذب كبرى الشركات الوطنية والأجنبية العاملة في هذا المجال. وبلغ حجم استثمار الدولة في الأنشطة الفضائية حتى أكتوبر 2019(22 مليار درهم) وأطلقت الإمارات 21 قمرًا ، فيما وصل هذا الشهر القمر الصناعي "دي إم سات-1"، القمر البيئي النانومتري الأول من نوعه، إلى مداره حول الأرض، وتم إطلاق ظبي سات ويستهدف القمر الأخير جمع وتحليل البيانات البيئية التي تشمل جودة الهواء وقياس نسبة التلوث والغازات الدفيئة، والتغيرات الموسمية في توزيعها وكثافتها، بغرض تحليلها للاستفادة منها في وضع خطط مكافحة التلوث والاحتباس الحراري، والوصول إلى فهم علمي دقيق لكيفية تحسين جودة الهواء في الإمارات

وبدأت الجزائر برنامجها للأقمار الصناعية بإطلاق قمر “السات 1” عام 2013م، ضمن برنامج تعاوني يربط المركز الوطني الجزائري للتقنيات الفضائية، ونيجيريا، وتركيا، والمملكة المتحدة.وشمل هذا التعاون 5 أقمار صناعية، وأطلقت الجزائر قمرها الصناعي السادس “الكوماست 1” عام 2017م؛ لتلبية احتياجات قطاعات الدولة العسكرية، والاستراتيجية، وللأغراض التجارية المدنية.

وفي عام 2001، أطلقت المغرب القمر الصناعي “زرقاء اليمامة” وهو مخصص بالاستشعار عن بعد، كما سيرت، قمرين صناعيين إلى الفضاء هما “محمد السادس” عام 2017م"محمد السادس ب” في العام 2018م؛ واستخدمت لرسم الخرائط وأنشطة مسح الأراضي، والتنمية الإقليميّة، والوقاية من الكوارث الطبيعيّة وإدارتها، ورصد التغيرات في البيئة والتصحر، ومراقبة الحدود والسواحل.

وأطلقت دولة قطر قمرين صناعيين إلى الفضاء، “سهيل 1″ 2013، و"سهيل2” 2018م، ويستخدم القمران في الأغراض التجارية، مثل: البث الفضائي، والأخبار، والاتصالات السلكية واللاسلكية، وخدمات الإنترنت.

كذلك أطلقت تونس أول قمر صناعي مصنع محليًا بالكامل عبر شركة الاتصالات التونسية في العام 2021م، وكان يحمل اسم “التحدي 1″؛ حيثُ كان مخصصًا لشبكة الإنترنت الخاصة بالأجهزة المتصلة “إنترنت الأشياء، وأطلقت العراق قمرها الصناعي “دجلة سات”، وهو قمر صناعي للأغراض العلمية والبحثية.

تاريخ الاستثمار

كان أول استغلال تجاري للفضاء عند إطلاق القمر الاصطناعي تيلستار 1 عام 1962م، والذي مثَّل أول عملية إطلاق فضائي بتمويل خاص من خلال إيه تي آند تي ومختبرات بل للهواتف. كان تيلستار 1 قادرًا على ترحيل إشارات التلفزيون عبر المحيط الأطلسي، وكان أول قمر صناعي يقدم خدمة البث المباشر للتلفزيون، وبث الإشارات الهاتفية، وإشارات الفاكس، وإشارات البيانات الأخرى. وطورت شركة طائرات هيوز، بعد ذلك بعامين، القمر الصناعي سينكوم 3، استأجرته وزارة الدفاع الأمريكية. وقتها أدرك الناس الإمكانيات التجارية التي تقدمها الأقمار الصناعية بشكل أكبر عندما استُخدم سينكوم 3، الذي يدور حول الأرض بالقرب من خط التاريخ الدولي، لبث الألعاب الأولمبية لعام 1964 تلفزيونيًا من طوكيو إلى الولايات المتحدة. وأطلقت وكالة ناسا سلسلةً من الأقمار الصناعية الخاصة بالطقس، بين عامي 1960 و1966م، وعُرفت بالأقمار الصناعية التليفزيونية للرصد بالأشعة تحت الحمراء (تيروس). وأحدثت طفرةً في تقدم علم الأرصاد الجوية بجميع أنحاء العالم؛ بسبب استخدام الصور المُلتقطة لإجراء توقعات الأحوال الجوية بشكل أفضل، مما يخدم المصالح العامة والتجارية. وفي السادس من أبريل عام 1965م، وضعت شركة طائرات هيوز القمر الصناعي للاتصالات إنتلسات 1 في مدار أرضي جغرافي متزامن فوق المحيط الأطلسي. بُني لصالح شركة الاتصالات الفضائية (كومسات)، وسمح بإجراء اتصالات شبه فورية بين أوروبا وأمريكا الشمالية من خلال الإرسالات التلفزيونية، والهاتفية، والفاكس. وأطلق الاتحاد السوفيتي، بعد عامين، القمر الصناعي أوربيتا، والذي قدم خدمة بث إشارات التلفزيون عبر روسيا، لتبدأ أول شبكة وطنية روسية للتلفاز الفضائي. وبالمثل، أطلقت شركة تيليسات كندا القمر الصناعي «أنيك-إيه» عام 1972م، ليسمح لهيئة الإذاعة الكندية أن تصل إلى كندا الشمالية للمرة الأولى. وبدايةً منذ عام 1997، بدأت شركة إريديوم للاتصالات في إطلاق سلسلة من الأقمار الاصطناعية عُرفت باسم كوكبة أقمار إريديوم الصناعية، والتي قدمت أول أقمار صناعية تعمل على توفير خدمة الهاتف الفضائي.

وتستخدم الأقمار الصناعية لأغراض عديدة. لعمل خرائط للنجوم وسطح الكواكب، والتقاط صور للكواكب التي يتم إطلاقها اليها. كما تشمل الأنواع الشائعة للأقمار الصناعية العسكرية والمدنية لمراقبة الأرض، والاتصالات، والملاحة والخاصة بالطقس (أقمار الأرصاد الجوية)، والمراصد الفضائية (التلسكوبات). والمحطات الفضائية والمركبات الفضائية البشرية في المدارات الفضائية ويمكن أن تعمل الأقمار الصناعية من تلقاء نفسها أو تكون جزء من نظام أكبر كنظام تحليق الأقمار الصناعية المجتمعة أو كوكبة أقمار صناعية.

وتختلف مدارات الأقمار الصناعية عن بعضها اختلافًا كبيرًا اعتمادًا على الغرض من القمر وتصنف هذه المدارات بعدة طرق، تشمل التصنيفات المعروفة (المتداخلة): المدار الأرضي المنخفض، والمدار القطبي، والمدار الثابت بالنسبة للأرض. ويوضع القمر في مداره باستخدام صاروخ يسمى (مركبة الإطلاق)، وعادة ما يتم إطلاق المركبة من منصة إطلاق على الأرض، وبعض مركبات الإطلاق يتم إطلاقها من البحر من خلال غواصة أو منصة بحرية متنقلة، أو من على متن طائرة.

إجمالًا: ورغم ما حققه الاستثمار بالأقمار الصناعية على المستويين العربي والدولي الواسع إلا أن عدد المستثمرين قليل، إذا ما قورن بحجم الأرباح المحققة وذلك لارتفاع تكاليف الاستثمارات،  حيث يصل إجمالي ما يحتاجه إنفاق إطلاق قمر صناعي واحد ما بين60 و 250 و500 مليون دولار، هذا فضلًا عن أن توفير المكان المناسب بالمدار الفضائي  الخارجي  يعتبر أمرًا صعبًا  جدًا لاسيما في الوقت الحالي، ذلك أن كل دولة  تتحكم بمجالها الفضائي الخاص بها، و الأماكن الموجودة بالمدار الفضائي موزعة علي الدول، وعدم وجود أماكن كافية يمنع  بعض الدول من زيادة حجم  استثمارها،  هذا فضلًا عن أن دخول الكابلات البحرية  منافسًا في جميع عمليات الاتصالات من أهم الأسباب التي تقف خلف  قلة استخدام الأقمار الصناعية، خاصة مع محدودية السعات التي تقدمها الأقمار الصناعية مقارنة بما تقدمه وسائل الاتصالات الأرضية أو (الألياف الضوئية)،  هذا إلى جانب أن إطلاق قمر صناعي يحتاج إلى تدخل الدولة، بينما الكابلات البحرية تمدها الشركات بسهولة .

فضلًا عن احتكار صناعة الأقمار الصناعية على بعض الدول التي  تعتمد على تكنولوجيا متقدمة وكوادر مدربة، حيث إن تصنيع الأقمار الصناعية يعتبر مرحلة أولى تعقبها الأهم ألا وهى احتياجها إلى الرفع على صواريخ تسافر للفضاء وهو أمر ليس بالسهولة تحقيقه، لأنه يحتاج إلى اللجوء للدول التي تمتلك الصواريخ المسؤولة عن رفع القمر للفضاء،  وتوفير مدار  فضائي مستقر يصل إليه لذا فحاليًا في أغلب الأحوال، فالاستثمار في هذا المجال يقتصر على الدول وليس القطاع الخاص،  لكن الوضع في أمريكا مختلف إلى حد ما حيث منحت بعض الشركات رخصة العمل لتطوير الأقمار الصناعية لاسيما الصغيرة منها، لتقوم بدورات كاملة حول الأرض وبالفعل هناك دول تشترى من الشركات الأمريكية الخاصة العديد من  البيانات والصور . لكن الوضع في الدول النامية صعب تنفيذه في الوقت الراهن لأنها ترى أنه بدخول القطاع الخاص هذا المجال تصبح بيناتها متاحة للأفراد وبالتالي يتم تسريبها مما يهدد أمنها القومي. وعربيًا تسعى العديد من الدول للدخول في هذا المجال لاسيما المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج وشمال إفريقيا ذلك أنه من الاستثمارات المستقبلية الواعدة.


 

مقالات لنفس الكاتب