array(1) { [0]=> object(stdClass)#13667 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 199

تعزيز الشراكة بين القطاعين العسكري والأكاديمي يحقق الأمن والاستقرار الإقليمي على المدى الطويل

الخميس، 27 حزيران/يونيو 2024

شهد عام 2004م، إطلاق مبادرة إسطنبول للتعاون ICI)) التي جاءت كمبادرة ريادية من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لمد جسور التعاون الأمني مع دول الشرق الأوسط، لا سيما مع دول مجلس التعاون الخليجي. ومع حلول الذكرى العشرين لهذه المبادرة، نغتنم هذه الفرصة لاستعراض إنجازاتها وتتبع وتقييم آثارها المستمرة، واستشراف سبل تعزيز البرامج التعليمية وبرامج التدريب العسكري بما يخدم جاهزية القوات المسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي وتأهبها لمواجهة أية تحديات. وتسلط هذه المقالة الضوء على مسيرة مبادرة إسطنبول للتعاون، والمنافع المتبادلة المحتملة بين دول مجلس التعاون الخليجي وأكاديميات الناتو، والبرامج التعليمية والتدريبية المتخصصة التي يمكن الاستفادة منها لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين.

عشرون عامًا من العطاء في مجال التعاون الأمني

انطلقت مبادرة إسطنبول للتعاون لتُشكل إطارًا أساسيًا للتعاون الأمني بين حلف الناتو ودول مجلس التعاون الخليجي. وقد أثبتت المبادرة فعاليتها على مدار العشرين عامًا الماضية من خلال تحقيقها العديد من الإنجازات الملموسة، نذكر منها:

  1. تعزيز التعاون العسكري:
  • كانت مبادرة إسطنبول للتعاون العنصر الأهم في تسهيل إجراء مناورات عسكرية مشتركة بين قوات حلف الناتو وقوات دول مجلس التعاون الخليجي. وقد أسهمت هذه المناورات في تعزيز العمل المشترك بين قوات الجانبين، وتحسين مستوى الجاهزية التكتيكي والعملياتي، وبالتالي القدرة على تقديم استجابات منسقة أكثر فعالية في مواجهة التهديدات الإقليمية.
  • إجراء حوارات رفيعة المستوى واستشارات استراتيجية دورية بين حلف الناتو ودول مجلس التعاون الخليجي، لتوفير سبل التبادل المستمر للمعلومات الاستخبارية والرؤى الاستراتيجية بين الجانبين.

 

 

  1. التدريب وبناء القدرات:
  • قدم حلف الناتو سلسلة مكثفة من البرامج التدريبية للكوادر العسكرية في دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب والأمن البحري وإدارة الأزمات. وساهمت هذه البرامج مساهمة ملحوظة في تطوير القدرات العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي.
  • تأسيس مراكز وورش عمل متخصصة سهلت من عملية نقل المعرفة وتطوير المهارات في مجالات حيوية مثل، الأمن السيبراني وسلاسل الإمداد ونظم القيادة والتحكم.

 

  1. تعزيز هيكل الأمن الإقليمي:
  • ساهمت مبادرة إسطنبول للتعاون في وضع إطار أمني إقليمي فعال يرسخ دعائم التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي وحلف الناتو؛ لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة مثل القرصنة والإرهاب والصراعات الإقليمية.
  • تكللت الجهود التعاونية في تبادل المعلومات ونظم الإنذار المبكر بالنجاح في تعزيز قدرة دول مجلس التعاون الخليجي على توقع التهديدات الأمنية والحد من مخاطرها.

 

التعاون المستقبلي: برامج التدريب العسكري والتعليمي

في ضوء التطورات العالمية المتلاحقة، تظل مبادرة إسطنبول للتعاون رافدًا أساسيًا لرفع مستوى جاهزية القوات المسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة التهديدات، من خلال المشاركة في مناورات عسكرية وبرامج تعليمية شاملة، تهدف إلى مواجهة التحديات الأمنية الجديدة، للاستفادة من الخبرات القيمة لأكاديميات الناتو في إستونيا وليتوانيا وروما.

  1. برامج التدريب العسكري:
  • التدريبات المشتركة والمناورات الحربية: استكمالًا للجهود الرامية إلى تعزيز التعاون الأمني بين حلف الناتو ودول مجلس التعاون الخليجي، جاءت التطلعات إلى توسيع نطاق المناورات المشتركة لتشمل سيناريوهات أكثر واقعية تُحاكي تهديدات حديثة مثل الحرب الهجينة (متعددة المجالات) والهجمات الإلكترونية والتهديدات اللاتماثلية " asymmetric threats"، بما يسهم في تطوير مهارات الكوادر العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي على مواجهة التحديات الأمنية الحالية في ظل بيئات أمنية متغيرة ومتعددة الأبعاد.
  • وحدات تدريب متخصصة: تُقدم أكاديميات الناتو وحدات تدريبية متخصصة مُصممة خصيصًا لتلبية احتياجات دول مجلس التعاون الخليجي، تغطي مجالات دفاعية متقدمة تشمل الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وتشغيل الأنظمة الجوية بدون طيار (الطائرات المسيرة) والأمن البحري والفضائي. وسيُساهم دمج هذه الوحدات في المناهج العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي في تزويد قواتها بأحدث التقنيات والمهارات.
  • تدريبات مكافحة الإرهاب وحركات التمرد: إن استمرار التهديدات الإرهابية وحركات التمرد في المنطقة يفرض تحديًا جوهريًا على دول مجلس التعاون الخليجي. وفي إطار تعزيز جهودها لمكافحة هذه التهديدات، تسعى دول المجلس للاستفادة من خبرات حلف الناتو المشهودة في برامج التخطيط التكتيكي والعمليات الاستخباراتية والتخطيط الاستراتيجي لمكافحة الإرهاب والتصدي لحركات التمرد.
  1. برامج تدريبية تعليمية:
  • القيادة والدراسات الاستراتيجية: توفر أكاديميات حلف الناتو باقة شاملة من البرامج التدريبية في القيادة والدراسات الاستراتيجية، وهي بلا شك إضافة نوعية لقادة الصف الأول في جيوش دول مجلس التعاون الخليجي. وتُركز هذه البرامج على مجالات حيوية مثل سياسات الدفاع والأمن الدولي وصنع القرارات الاستراتيجية، بما يُـصقل مهارات القادة على المناورة والقيادة الفاعلة في خضم المشهد الجيوسياسي المعقد.
  • الأمن السيبراني والحرب المعلوماتية: مع ازدياد انتشار المخاطر الإلكترونية، بات التدريب على الحفاظ على الأمن السيبراني ومواجهة الحرب المعلوماتية ضرورة حتمية لا غنى عنها. وتُعد مراكز مثل مركز التميز للدفاع السيبراني التعاوني التابع لحلف شمال الأطلسي في إستونيا، نموذجًا رائدًا في تقديم برامج تدريبية متطورة تُصمم خصيصًا لتأهيل الكوادر العسكرية في قوات دول مجلس التعاون الخليجي على التصدي بفعالية للتهديدات الإلكترونية المتنوعة.
  • الإمدادات العسكرية وإدارة سلاسل الإمداد:

تعد فعالية إدارة خدمات الإمداد وسلسلة التوريد حجر الزاوية في رفع مستوى جاهزية القوات المسلحة. ويمكن لأكاديميات حلف الناتو تقديم التدريب على أحدث ممارسات تحسين خدمات سلسلة التوريد وإدارة المخزون والتخطيط للإمداد في حالات الطوارئ، مما يعزز قدرة القوات المسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي على متابعة العمليات بكفاءة بغض النظر عن البيئة الميدانية.

مبادرات ثنائية لتعزيز التعاون بين دول الخليج وأكاديميات الناتو

يمكن تعزيز التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي وأكاديميات الناتو من خلال تبني مبادرات ثنائية مثمرة تعزز تبادل المعرفة والبحث المشترك والتواصل الثقافي.

  1. اعتماد متبادل للمؤهلات والشهادات:
  • تمهيد الطريق أمام مبادرات تبادل الكوادر والخبرات بين دول مجلس التعاون الخليجي وأكاديميات الناتو من خلال اعتماد متبادل للمؤهلات والشهادات العسكرية ويمكن تحقيق ذلك من خلال اعتماد البرامج والدورات التدريبية المشتركة، مما يضمن تكاملاً سلسلاً لجهود التدريب.
  1. برامج التبادل الطلابي والابتعاث:
  • يمكن الاستفادة من برامج التبادل والمنح الدراسية المُخصصة لكوادر القوات المسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي للدراسة في أكاديميات حلف الناتو في تعزيز التفاهم بين الثقافات وبناء شبكات مهنية قوية ودائمة. إذ تُتيح هذه البرامج كما تُتيح هذه البرامج للضباط الخليجيين التعرف على منهجيات العمل والرؤى الاستراتيجية لحلف الناتو.
  1. التطوير والأبحاث المشتركة:
  • تتيح المبادرات البحثية المشتركة بين حلف الناتو ودول مجلس التعاون الخليجي آفاقًا واسعة للتعاون الأكاديمي والابتكار في مجالات استراتيجية كتقنيات الدفاع والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي. وتساهم هذه المشاريع في معالجة التحديات الأمنية المشتركة وتطوير حلول دفاعية متقدمة. مع ضرورة إشراك الجامعات ومراكز الأبحاث كجهات رئيسية في قيادة هذه الجهود البحثية في السنوات المقبلة.
  1. المناورات التدريبية المتعددة الجنسيات:
  • إن تنظيم مناورات تدريبية متعددة الجنسيات بمشاركة دول حلف الناتو ومجلس التعاون الخليجي عاملًا جوهريًا في تعزيز التشغيل البيني وبناء الثقة بين القوات المشاركة. حيث تتيح هذه المناورات محاكاة سيناريوهات واقعية، مما يُعزز التنسيق والتعاون الفعال في العمليات المشتركة.

 

الاستفادة من برامج ومناهج أكاديمية الناتو

تُقدم أكاديميات حلف الناتو مجموعة زاخرة من البرامج والمناهج الدراسية التي تُساهم في صقل مهارات وقدرات الكوادر العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي. وتشمل بعض البرامج التي تلبي احتياجات دول الخليج خصيصًا ما يلي:

  1. كلية الدفاع الوطني في إستونيا:
  • تدريبات الدفاع عن الأمن السيبراني: يُقدم برنامج تدريب الدفاع السيبراني في كلية الدفاع الوطني الإستونية برنامج تدريب متطور في مجال العمليات السيبرانية وتحليل التهديدات والتصدي للحوادث السيبرانية. ويمكن لهذا البرنامج أن يُزود أفراد القوات المسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي بالمهارات اللازمة للتصدي للتهديدات السيبرانية المتطورة.
  1. الأكاديمية العسكرية في ليتوانيا:
  • دورات القيادة والتوجيه: الأكاديمية العسكرية الليتوانية تقدم دورات شاملة في القيادة والتوجيه تركز على تطوير مهارات التفكير الاستراتيجي واتخاذ القرارات وإدارة الأزمات. ويمكن الاستفادة من هذه الدورات من خلال دمجها في برامج التطوير المهني لقادة الجيوش في دول مجلس التعاون الخليجي.
  1. كلية دفاع حلف الناتو في روما:
  • دورات الإدارة العليا: تقدم دورة الإدارة العليا في كلية الدفاع التابعة للناتو في روما برنامجاً مخصصاً لكبار الضباط العسكريين والمسؤولين المدنيين، وتُغطي مجالات متنوعة مثل الأمن الدولي والسياسة الدفاعية والتخطيط الاستراتيجي. يمكن لهذه الدورة أن تمنح قادة دول مجلس التعاون الخليجي فهماً شاملاً لمحركات الأمن العالمي ومنهجية الناتو الاستراتيجية.

 

وختاماً

على مدى العقدين الماضيين، شهدت مبادرة إسطنبول للتعاون نجاحًا ملحوظًا في تعزيز التعاون الأمني بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) ودول مجلس التعاون الخليجي. ومع الاحتفاء بهذا الإنجاز، تبرز أهمية استثمار الفرص التي توفرها المبادرة للمساهمة بشكل استراتيجي في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين في الخليج.

يمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي وأكاديميات حلف شمال الأطلسي، والاستفادة من برامجها ومناهجها التعليمية المتخصصة في المجالين العسكري والأمني. ستساهم هذه البرامج في رفع مستوى جاهزية وتأهب القوات المسلحة لدول مجلس التعاون لمواجهة التحديات الأمنية المتطورة، وبالتالي تعزيز القدرات الدفاعية للمنطقة بشكل عام. وتلعب المؤسسات الأكاديمية ومراكز الأبحاث دورًا رئيسيًا في استشراف التهديدات المستقبلية وتطوير استراتيجيات أمنية فعالة لمواجهتها. ومن خلال تعزيز الشراكة بين القطاعين العسكري والأكاديمي، يمكن بناء أرضية صلبة لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي على المدى الطويل.

مقالات لنفس الكاتب