array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

حجم التحويلات المالية للعمالة الوافدة من دول الخليج العربية

الثلاثاء، 01 آذار/مارس 2011

لقد حققت دول مجلس التعاون الخليجي معدلات متقدمة من التنمية والنمو يشهد لها العالم بذلك، بعد أن حظيت بالوفرة المالية اللازمة للتمويل الكافي لمشاريع بناء الهياكل الارتكازية والبنى التحتية المتطورة مثل شبكة الطرق والمواصلات والمطارات الحديثة والموانئ والملاعب الرياضية الضخمة إلى جانب حصول مواطنيها على الخدمات الصحية والمعاشية بمستوى يضاهي الدول الصناعية المتقدمة، واقتربت هذه المجموعة العربية من مستوى الدول ذات الدخل المرتفع في معدلات التنمية البشرية بعد أن سجلت نسبة الإنفاق على التعليم والصحة متوسطاً يبلغ أكثر من 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لها.

 

يتفق الجميع على أن النهوض الاقتصادي الذي حصل في دول الخليج يعود إلى اكتشاف النفط واستغلاله عقلانياً وما ترتب عليه من ضخامة العائدات النفطية التي ارتفعت من (12) مليار دولار عام 1972 إلى (208) مليارات دولار عام 1980، وهذا يعني أنها قفزت إلى ما يزيد على (17) ضعفاً في ثماني سنوات. وكان من الطبيعي أن تتوفر فرص عمل واسعة فاقت المعروض من القوى العاملة الوطنية ومن المهن والتخصصات كافة، إذ قفزت قوة العمل في دول المجلس من مليوني عامل عام 1975 إلى نحو (8) ملايين عام 1995 ثم إلى نحو(14.5) مليون عام 2005 حسب ما يشير الجدول (1)، ويتوزع العدد الأخير بين العمالة المحلية والأخرى الوافدة. ويلاحظ أنها تتباين بين دول المجلس إذ تصل إلى أكثر من 80 في المائة في كل من الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت وأكثر من 60 في المائة في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وأقل من 60 في المائة في مملكة البحرين ودولة قطر. وتسيطر العمالة الآسيوية على هيكل العمالة الوافدة تليها من الأهمية النسبية العمالة العربية، وتمثل العمالة الوافدة إلى حجم السكان الخليجيين نسبة تبلغ نحو (74 في المائة، 76 في المائة، 67 في المائة، 40 في المائة، 25 في المائة و23 في المائة) لكل من (قطر، الإمارات ، الكويت، البحرين، السعودية وعُمان) على التوالي وللعام 2005 أيضاً. ومن دون شك أن هذه النسبة أفرزت مشكلات في التركيبة السكانية وخطورة متزايدة على العمالة المحلية. والأكثر من هذا ما تتركه من آثار سلبية على نسيج المجتمع الخليجي، والتي حصلت فعلاً، علماً أن هذا الموضوع ليس جديداً، ولعل الجديد منها بدأ مع تنفيذ الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، والذين يقدرهم مدير المنظمة الدولية للهجرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في كلمته في دورتها (68) التي عقدت عام 2003 بوجود ما يزيد على (170) مليون مهاجر شرعي في أنحاء العالم، بعد أن دخلت الاتفاقية الأخيرة التي أقرتها الأمم المتحدة في ديسمبر عام 1990 حيز التنفيذ في العام الأخير، الأمر الذي سوف يفقد دول المجلس صمام الأمان الوطني والقومي عندما تحتاج إلى اتخاذ المواقف المصيرية المطلوبة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

أما الآثار السلبية الأخرى فتتمثل في نزوح التحويلات المالية إلى خارج منطقة الخليج العربي، التي باتت عنصراً مهماً في التبادل الدولي، وموضوع التحويلات للعاملين يحتل مكانة في التأثير على العلاقات الاقتصادية الدولية بين الدول المصدرة للعمالة والمضيفة لها، ويقدرها البنك الدولي بما يتجاوز (100) مليار دولار سنوياً يجري تحويلها عبر القنوات الرسمية من الدول المضيفة إلى الدول المصدرة للعمالة.

أما حجم التحويلات المالية للعمالة الوافدة إلى دول الخليج فيوضحها الجدول (2) الذي يعكس دور هذه العمالة في إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه المجموعة العربية، وما قامت بتحويله إلى دولها الأم واستحواذ هذا النوع من التحويلات على التحويلات الرسمية ماعدا عام 1991. ومن دون شك تتأثر هذه التحويلات بالأحداث السياسية والاقتصادية.

وبالطبع لا يخفى ما قدمته العمالة الوافدة من الإيجابيات إلى دول مجلس التعاون بعد أن حققت قدراً كبيراً من التحديث والتطور في اقتصاداتها والذي كان من الصعب تحقيقه إن لم يكن مستحيلاً دونها، في حين لم تساهم في تحمل تكاليف إعدادها وتدريسها أو تعليمها، بعد أن ابتعد المواطن الخليجي على أثر تحسن المستوى المعاشي عن القيام بالكثير من الأعمال وخاصة التي تحتاج إلى جهود كبيرة لإنجازها واقتصر وجودها على الأعمال التجارية والمالية والتوظيف في دوائر الدولة إلى درجة أن بعض الأسر الخليجية تستخدم عدداً من الخدم يفوق عدد أفرادها في الأعمال البيتية.

إضافة إلى ذلك أن العمالة الوافدة أسهمت في توسيع حجم السوق المحلية باعتبارها أحد العناصر المهمة والمؤلفة للطلب الكلي على السلع والخدمات خاصة ذات المكون الاستيرادي المرتفع التي يزداد طلب الوافدين عليها، ومن ثم يعود النفع على التجار وأصحاب العقارات من جهة وتوسيع قطاع الأعمال والخدمات الذي يعتمد بصفة أساسية على الاستيراد من جهة أخرى. وبالطبع غالباً ما يقوم في إدارة القطاع الأخير السكان المحليون.

وتقرأ تحويلات العاملين عادة في ميزان التحويلات الجارية (ميزان التحويلات من دون مقابل) الذي يسجل دائماً الحالة السلبية في موازين مدفوعات دول مجلس التعاون الخليجي، وهذه الفقرة ولغرض الموازنة المحاسبية تختلف عن بقية فقرات ميزان المدفوعات المتمثلة في المعاملات السلعية والخدمات والتغيرات في الملكية، ومن الجدير بالذكر أن تحويلات العاملين في هذه الفقرة تتم من دون مقابل.

ومنذ مطلع السبعينات من القرن المنصرم لعبت دول الخليج العربية دوراً رئيسياً في تعزيز التحويلات المالية والعينية على النطاق الدولي، فحسب بيانات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فإن العمالة الوافدة حولت من دول المجلس خلال المدة (1975 – 1994) ما يزيد على (146) مليار دولار.

ويمكن قراءة انعكاسات هذه التحويلات على مؤشرات الاقتصاد الكلي (الناتج المحلي الإجمالي، الصادرات والواردات) في الجدول (3). وبشكل عام لا تمثل نسبة التحويلات إلى النواتج المحلية الخليجية عبئاً على اقتصاداتها مقابل ما قدمته العمالة الوافدة من الخدمات والمساهمة في تكوينها، عدا عام 1991 للظروف المتعلقة بحرب الخليج الثانية التي انسحبت على المؤشرين الثاني والثالث عندما ننظر إلى التحويلات على أنها خسائر في الأصول المالية تذهب إلى الخارج ومعاملتها على أساس الواردات وما يترتب عليه من دفع مبالغ تجاه خدماتها.

جملة القول أن دول مجلس التعاون الخليجي في ظل بعض العادات والتقاليد ستبقى بحاجة إلى استخدام العمالة الوافدة، وأن الاستغناء عنها بات أمراً صعباً من دون أسباب قاهرة، ستظهر حتماً في غضون العشر سنوات المقبلة بعد أن أصبحت هذه العمالة مثالاً للتغيرات السكانية في دول الخليج، من أبرزها اختفاء ملامح وجود سكان في الريف في كل من الكويت وقطر، وتصل نسبة سكان الحضر إلى 81 في المائة في كل من الإمارات والسعودية و89 في المائة في البحرين و72 في المائة في عُمان، وهذا يجعل مسألة الأمن الغذائي الخليجي في خطر كبير، إذا ما علمنا أن نسبة العاملين في القطاع الزراعي في دول الخليج انخفضت إلى 6.1 في المائة خلال المدة (2001 – 2005) بعد أن كانت تبلغ (28.8 في المائة) في المدة (1980 – 1985).

وتشهد هذه المنطقة تغيرات كبيرة في مؤشرات التنمية البشرية أدت إلى ارتفاع معدلات ومتوسطات الأعمار مما سيمثل تحدياً جديداً على حكومات دول المجلس للمحافظة على الخدمات الصحية التي يحصل عليها مواطنوها بعد أن سجلت نسبة 100 في المائة وكذلك المياه الصالحة للشرب التي هي الأخرى تصل إلى نسبة 100 في المائة في معظم دول المجلس. وتأسيساً على ذلك يمكن بلورة بعض المعالجات كالآتي:

1- إيجاد الحلول للمشكلات التي تواجه انبثاق العملة الخليجية الموحدة باعتبارها ستعمل على معرفة ما مدى الحاجة الفعلية لقطاعات الأعمال والخدمات للعمالة الوافدة على المستوى الكلي، وهو ما سيوفر إحصائيات دقيقة عن العمالة التي تستخدم في القطاعات غير الرسمية (القطاع العائلي).

2- تعزيز الوحدة الخليجية في كل المجالات على غرار الاتحاد الأوروبي لتنسيق حركة العمالة الوافدة، لأن حقيقة المشكلة تكمن بافتقار دول الخليج إلى المواد الأولية (المعدنية أو الزراعية) يمكن الاعتماد عليها ماعدا النفط والغاز، واللذين تمتلك منهما احتياطيات مؤكدة تبلغ نحو (41,9 في المائة) و(22,3 في المائة) على التوالي.

3- إعادة النظر في قوانين التقاعد والمعاشات لارتباط ذلك بارتفاع الأعمار المتوقع في دول الخليج الذي سيصل إلى أكثر من (80) عاماً في العشر سنوات المقبلة، مما يتطلب المزيد من الادخارات الوطنية لتمويل فترات طويلة للتقاعد في ظل الخشية المتزايدة من نفاد ما يتم ادخاره، إلى جانب زيادة تكلفة الرعاية الصحية.

4- تحسين عمل الصناديق السيادية التي تعد الضمانة الوحيدة للأجيال القادمة ونصيبها المحفوظ من الثروات الطبيعية غير المتجددة (الأحفورية) وبالأهمية نفسها تمثل الملاذ الأمن للسكان المسنين.

5- التركيز على نظم التعليم النوعية وليس الكمية لردم الفجوة بين مخرجات التعليم والاحتياجات الفعلية لطلب السوق، وبعبارة أخرى التعليم والتدريب المستمر لإعداد السكان المحليين لعصر ما بعد النفط.

6- نظراً للحاجة المستمرة إلى العمالة الوافدة وتجنباً للمخاطر السياسية والاجتماعية من الضروري اتباع خيار استقدام العمالة العربية، حيث أكدت الأحداث السياسية خطورة حجم البطالة بالمحيط الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي، ولذلك يكون من الملائم فتح المجال أمام العمالة العربية، كما نصت عليه اتفاقية الوحدة الاقتصادية منذ التأسيس عام 1957، وما تلا ذلك من مناقشات عديدة في دورات وزراء العمل العرب. وبالفعل أثبتت الأحداث السياسية في منطقتنا العربية أن الجميع سيتأثر بطريقة وأخرى ما لم يتم إيجاد الأطر القانونية والمؤسسية المتخصصة في تنظيم انتقال العمالة من الدول العربية الكثيفة العمالة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وهي أقل خطورة من كافة النواحي بالمقارنة بمثيلاتها الأجنبية. وهنا يعود بنا التاريخ إلى مبادرة دولة الإمارات عندما أصدرت القانون الاتحادي رقم 80 لعام 1980 وبموجبة أعطت الأولوية للتشغيل العمالة العربية، وإذا كان القانون المذكور لم يحقق ما هو مطلوب لأسباب عديدة، فقد حان الوقت لتفعيل مثل هذه القوانين في ظل توجه القادة والزعماء العرب إلى عقد مؤتمرات اقتصادية بعيدة عن ظلال الخلافات السياسية. ونعتقد أن المخرج السليم للجميع هو الاهتمام بتوفير فرص العمل للأيدي العاملة العربية، بعد أن أدركنا المخاطر سواء ما يخص العمالة الوافدة الأجنبية أو الدول العربية المحتاجة إلى التحويلات المالية لمواطنيها وبالأخص (اليمن، الأردن، مصر، المغرب وتونس). وتدل نسبة هذه التحويلات إلى مؤشرات الاقتصادية، (كالاستهلاك الخاص، الناتج المحلي، وخدمة الدين أو لتغطية استيراداتها) على مثل هذه الأهمية، وكذلك للتخفيف من حدة البطالة بعد ثبوت فشل سياسات الإصلاحات الاقتصادية للمؤسسات الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) والتي انتهجتها الدول الأخيرة بصورة غير مدروسة جيداً في نهاية القرن المنصرم، وبالتأكيد هي السبب وراء ما يجري في دولها.

مقالات لنفس الكاتب