array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العلاقات العراقية – الكويتية وأثرها في مستقبل أمن الخليج

الثلاثاء، 01 آذار/مارس 2011

يبدو أن صراع الماضي بدأ بالتبدد وآثار الصورة النمطية لدخول واجتياح الجيش العراقي لدولة الكويت في 2 أغسطس 1990، وأخذ يتحول نحو تطلعات جديدة في التعاون والشراكة والتكامل، لا بل إن فكرة العمق الاستراتيجي المعاصرة على ما يبدو بدأت تتشكل أو ستتشكل من خلال تطور أداء العلاقات العراقية-الكويتية.

أولاً: تاريخية التأسيس

فالتاريخ والجغرافيا والمستقبل حواكم لتلاقي الدولتين في إدارة الأمن في الخليج، وتلعب دوراً في تكاملية إدارة نظرية الأمن الخليجي في مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

فالتاريخ الذي نتحدث عنه كان فيه للشعبين علاقات نسب وتقارب وتصاهر وتفاعل اجتماعي، حتى وجدنا أن العديد من القبائل العراقية الكبيرة تحمل قواسم مشتركة في التفاعل الاجتماعي بين الدولتين، ناهيك عن أن تحديات الأمن لكلتا الدولتين تكاد تشترك في سمة مهمة وهي كون الدولتين من الدول النفطية والتي تجعل رؤية أو إدراك العديد من الدول العظمى والكبرى في البعد الاستراتيجي لأهمية الدولتين في تشكيل جيوبولتيكية النفط والغاز في العالم. ناهيك أن الدولتين مرشحتان لأن تكونا ركيزتين أساسيتين في حال التكامل لأهم نقطة محورية في النقل الدولي وخصوصاً النقل البحري وبناء القناة الجافة والتي من الممكن أن تدعم من خلال بناء ميناء (الفاو) الكبير التي ستغير حركة النقل الدولي في العالم.

إن العلاقات العراقية – الكويتية تتحول اليوم نحو استيعاب فرصة التغير والتحول في المنطقة إدراكاً من قادة البلدين لضرورة الاستجابة للمطالب الدولية والإقليمية في تفكيك ثنايا الأزمة الاستراتيجية ما بعد 2 أغسطس 1990 والعمل على فضاء أوسع للعلاقة ما بعد 2011 وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة التي أعطت زخماً كبيراً في تلمس فرص إدارة الأداء نحو حل مشكلة العراق التي تعد علاقتها مع الكويت أحد العوامل المشكلة لخروج العراق من الفصل السابع.

ويبدو أن قرارات مجلس الأمن برفع العقوبات الدولية الجزئية عن قضايا استراتيجية مهمة في تنمية الدولة العراقية ودورها الخارجي والإقليمي ستدفع العراق بالتالي إلى الخروج من طائلة الفصل السابع والتحرر من العقوبات الدولية منذ 1990 ولغاية الآن، وتمثلت قرارات مجلس الأول بالقرار المرقم 1957 في 21 ديسمبر 2010 برفع العقوبات في حظر توريد الأسلحة والمعدات العسكرية مما سيتيح له تطوير برامج نووية سلمية، والقرار المرقم 1958 في 15 ديسمبر 2010 بإلغاء برنامج النفط مقابل الغذاء والقرار المرقم 1956 في 15 ديسمبر 2010 بإلغاء صندوق التنمية العراقي، وبذلك يكون العراق اليوم مؤهلاً لامتلاك الأهلية القانونية في ظل التنظيم الدولي المعاصر، لكن مرتبط بتقارير الأداء والمتابعة لقياس أثر ذلك على أداء العلاقات العراقية – الكويتية وحل الجدليات الاستراتيجية في ثنايا العلاقة والمتمثلة في قضية الحدود والتعويضات المالية والعمل على رفعها بتقرير استراتيجي إلى مجلس الأمن خلال الأشهر الستة المقبلة من عام 2011.

إن الفضاءات الاستراتيجية لتثبيت أركان العلاقة بين العراق والكويت ستعمل من خلال كبح التحديات والعمل على تحجيمها وبناء مخارج سياسية عقلانية لإدارتها والعمل على تذويبها بمرور تفاعل العلاقات نحو الإصلاح والتعاون والتكامل التفاعلي الهادف والبنّاء، ومحاولة بالمقابل لتعزيز فرص التعاون خصوصاً أن فرص التعاون الاستراتيجي باتت واضحة، فالكويت اليوم شريك تجاري كبير للعراق ولا يمكن الاستهانة به.

ثم إن الكويت اليوم تثبت حضوراً استراتيجياً بعد استثمار الشركات الكويتية في مجال الغاز خصوصاً شركة (كويت إنرجي) التي فازت بحقل السيبة والمنصورية في جولة التراخيص الغازية الثالثة لتطوير الموارد في العراق 2010، ناهيك عن دور الشركات الكويتية في العمل مع الشركات العالمية المستثمرة في قطاع النفط والغاز في العراق.

أضف إلى ذلك أن العراق اليوم والكويت يسيران باتجاه بناء استراتيجيات محاور التحالف مع الولايات المتحدة، ويشكلان مع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن البيئة الاستراتيجية المشكلة لأمن الخليج في القرن الحادي والعشرين والتي تتفاعل مع إيران التي في طريقها نحو عتبة الدولة النووية.

ثانياً: أداء العلاقات العراقية – الكويتية

إن العراق والكويت يتجهان باتجاه تشكيل تجربتين جديدتين للديمقراطية في العالم هي الديمقراطية الاجتماعية التي لا ترتكز على النظام السياسي كأداء بل المجتمع كأسلوب للبناء، وبذلك كونا تجربة للديمقراطية التوافقية الاجتماعية المبنية على التعاون الإثني والعرقي والديني والقومي، ويشكلان تجربة مهمة لشعوب الخليج والشرق الأوسط بشكل أوسع وهذا ما قد يدعو البعض إلى التنكر أو الاتهام لهذا الأنموذج بدعوى أن الولايات المتحدة شكلته بأنها ستعمل على انهياره، لكنهم بالمقابل قد يدركون في ظل تغيرات الزمن وقياس المصلحة الذاتية للدولة في كلا البلدين أن هنالك ضرورة لالتماس تطوير بناء الدولة التي غابت عن أذهان البعض من قادة الشرق الأوسط. ويبدو أن صدمة التغيير لعراق ما بعد 2003 جعلت من دول المنطقة وكذلك مراكز الدراسات الاستراتيجية التخصصية استقراء في تجارب بناء الدول والشعوب ما بعد الصراعات أو الحروب الاستباقية أنموذجاً لتجربة الديمقراطية المتنامية على التراكمات في إدارة الأخطاء. وبالتالي فإن تكرار الأخطاء وفق نظرية الدولة المعاصرة ما بعد ركام الحروب سيدفع صانع القرار إلى تلمس دروب الإصلاح وإعادة قياس الأداء وتصحيح المسار باتجاه بناء تجربة السلطة ضمن مشروع الدولة، ويبدو أن الكويت تقدمت في هذا المجال والعراق ينمو باتجاه هذه الرؤية الابتكارية والوصفية لنظرية بناء الدولة وفق الفلسفة الأمريكية المعاصرة.

ثم إن الأمن الإقليمي اليوم عانى من إشكالية فرض الأنموذج الخارجي للأمن وفق النظرية الأمريكية لإدارته والعمل على بناء توازناته الاستراتيجية منذ اجتياح العراق للكويت في 2 أغسطس 1990، لكن هنالك فرصة نتمنى أن تنمو وأن يكون لمجلس التعاون الخليجي دور كبير في الحل ودافع نحو البدائل واستيعاب العراق الجديد من أجل أن يكون مدخلاً في البناء وليس تحدياً في المستقبل.

ثالثاً: مستقبل اتجاهات العلاقات العراقية – الكويتية

وبذلك تتجه العلاقات الاستراتيجية العراقية – الكويتية نحو المستقبل من خلال ثلاثة اتجاهات قد تسعفنا الدراسات المستقبلية في تحديدها وفقاً لثلاثة مشاهد:

1- مشهد الفاعلية الحدية

وهذا المشهد يفترض رؤية مفادها أن العلاقات العراقية – الكويتية تتجه نحو بناء صفحة جديدة في الأداء والتفاعل بين البلدين وستعمل على الحد من المشكلات الاستراتيجية التي تحد من نمو التفاعل وتعطل أدائه، لكن ستكون العلاقات ذات تفاعل حدي دبلوماسي يتجه نحو بناء علاقات تعاون سلمية في أطر مختلفة يتقدمها عامل المصلحة الاقتصادية كعالم جذب لضبط ميكانيزم العلاقة. وبالتالي ستكون عامل دفع لنظرية الأمن الخليجي وستساهم بخطى مهمة في تعزيز الأداء الإيجابي له أي الأمن الخليجي.

2- مشهد الارتباط المتزن

وهذا المشهد يذهب باتجاه مدرك مفاده أن العلاقات العراقية – الكويتية ستساهم في ازدهار سبل التفاعل الاستراتيجي في كل الصعد يتقدمها الصعيدان السياسي والاقتصادي، لكن سيكون بصورة متزنة بين حاجة التفاعل والمنفعة التبادلية الحذرة باتجاه حالة التوازن والإدارة الرشيدة لفواعل العلاقات نتيجة للحرص الشديد على إدامة العلاقات باتجاه خط مستقيم في قياس الأداء النسقي للعلاقات العراقية – الكويتية. وبالتالي ستكون عامل تعزيز لنظرية الأمن الخليجي، وستساهم في فاعلية الإدارة الخليجية لنظرية الأمن الإقليمي في مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

3- مشهد العمق الاستراتيجي

وهذا المشهد يحاول استقراء تفاعل الخطاب الاستراتيجي وموجة التحول والتغير لنظرية الفوضى الخلاقة التي مازالت ثنايا أفكارها لدى المحافظين الجدد القادمين لإدارة دفة الحكم في الولايات المتحدة أو حتى الديمقراطيين الجدد في عهد الرئيس باراك أوباما، وكاستقراء لأداء الديمقراطين في الكونغرس ما بعد الانتخابات النصفية 2010، بأن التجربتين في الكويت والعراق تؤشران إلى ضرورة التماثل الاستراتيجي والحوار ومن ثم التعاون والتفاعلي البنّاء، وبالتالي التكامل الاستراتيجي المتحول نحو بناء أفق لنظرية العمق الاستراتيجي المعاصرة للديمقراطيات النامية والناشئة في الشرق الأوسط ما بعد 2003م.

وبالتالي فإن الاتجاه نحو التطبيع التام بين العراق والكويت والعمل على تفعيل العلاقات نحو منفعة تكاملية كبيرة جداً وارتباط استراتيجي بعيد المدى وتفاعلات واستثمارات في كافة المجالات الاستراتيجية، وشؤون الحياة لكلتا الدولتين ستعمل على تشكيل هذا المشهد الاستراتيجي خلال السنوات العشر المقبلة.

وهذا ما سيكون له أثر كبير في تحويل نظرية الأمن الخليجي باتجاه (6 + 1) بصورة ارتباط تام لا يمكن التنازل عنه لتكوين معادلة الأداء السباعي (7) في إدارة نظرية الأمن الخليجي خلال الربع الأول من القرن الحادي والعشرين.

إذاً من خلال ما تقدم يمكن أن تكون هذه المشاهد الثلاثة مكملة لبعضها بعضاً وذلك نتيجة لقياس النوايا الاستراتيجية التي ترتكز على المصير الذاتي والمصلحة الاستراتيجية العليا للدولة. وإذا ما قمنا بقياس هذين العاملين وتأثيرهما في استشراف مستقبل العلاقات العراقية – الكويتية فنجد أنه من العقلانية أن تتجه العلاقات نحو تبادلية الأداء المرحلي في الانتقال من مشهد إلى آخر. فالعلاقات العراقية - الكويتية ستمر باتجاه الفاعلية الحدية، ومن ثم تنتقل نحو الأداء المتزن إلى أن تصل القناعات الاستراتيجية وفق إدراك عامل المصير الذاتي للدولة والمصلحة العليا في ضرورة البناء إلى نظرية العمق الاستراتيجي في أداء العلاقات العراقية – الكويتية.

مقالات لنفس الكاتب