يشهد صعود التيارات اليمينية في أوروبا اهتمامًا متزايدًا من الأوساط الأكاديمية والسياسية، خاصةً فيما يتعلق بسياساتها الخارجية تجاه الدول العربية في ظل أزمات اللاجئين والتوترات الإقليمية مثل حرب غزة، والمحددات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى. تستغل هذه التيارات التغيرات الجيوسياسية والأمنية لتعزيز حضورها السياسي وتقديم نفسها كبديل عن الأحزاب التقليدية، مما يثير تساؤلات حول تأثيرها على العلاقات الأوروبية-العربية واحتمالية تغييرات جوهرية في نهج الدول الأوروبية تجاه المنطقة العربية.
تأثير صعود اليمين المتطرف على الجاليات العربية المسلمة في أوروبا
تُعد الدول العربية جزءًا كبيرًا من العالم الإسلامي، حيث تُعتبر الديانة الأولى والرسمية في معظم هذه الدول هي الإسلام. هذا الواقع يلعب دورًا محوريًا في تشكيل الهوية الثقافية والسياسية لهذه الدول، ويؤثر بشكل مباشر على العلاقات مع الدول الأوروبية خاصًة مع تنامي صعود اليمين المتطرف بها، الذي يتبنى سياسات مُعادية للإسلام ويتجه نحو الإسلاموفوبيا، حيث تنطلق هذه الأحزاب اليمينية المتطرفة من رؤية قومية متشددة تحمل عداءً واضحًا للأجانب عمومًا وللمسلمين بشكل خاص. ولعل ظاهرة تزايد أعداد المسلمين في أوروبا في السنوات الأخيرة تُلقى بظلال قوية على تحولهم إلى قوة انتخابية مؤثرة خاصة في الدول الأوروبية ذات الجاليات المسلمة الكبيرة. فقد أظهرت أرقام المعهد الوطني للإحصاء في فرنسا، أن ١٠% من سكان فرنسا من المسلمين، وبذلك فإنهم يمثلون الكتلة الأكبر دينيًا بعد الكاثوليك. وفى ألمانيا، حيث يقدر عدد المسلمين بنحو ٥.٥ ملايين، يُتوقع أن ترتفع نسبة مسلمي ألمانيا من ٦% إلى ٢٠% بحلول عام ٢٠٥٠م، مما يعنى أن واحدًا من كل خمسة أشخاص قد يكون مسلمًا في المستقبل. ومن هنا اكتسب مفهوم "أسلمة أوروبا" نقاشًا واسعًا في الأدبيات اليمينية الغربية، وهو يعبر عن الاعتقاد بأن المسلمين، الذين يُنظر إليهم على أنهم يمثلون حضارة أدنى، يكتسبون نفوذًا متزايدًا يشكل تهديدًا للهوية الأوروبية. يقوم الفكر اليميني المتطرف على فكرة التفوق العرقي، معتبراً أن الهوية الأوروبية مهددة من قبل أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم أقل شأنًا. ومن هذا السياق، يمكن تفسير تنامي التوجه العنصري وأيضًا قلق اليمين المتطرف بشأن الجاليات المسلمة في أوروبا؛ فوفقًا للمكتب الأوروبي للحقوق الأساسية، يتعرض واحد من كل ثلاثة مسلمين للتمييز العنصري. ووفقًا لتقرير آخر، فإن ٥٠% من المسلمين الذين أجريت معهم مقابلات في ١١ مدينة أوروبية أفادوا بأنهم تعرضوا للتمييز العنصري، مقابل ٩% فقط من غير المسلمين.
هذا الموقف يتجلى بوضوح في برامج بعض الأحزاب اليمينية الأوروبية المتطرفة ومواقف قادتها، مثل الجبهة الوطنية الفرنسية، والحزب اليميني الشعبي النمساوي، والحزب الدنماركي التقدمي، والحزب الشعبي الدنماركي. ومع تزايد الوعي بظاهرة الإسلاموفوبيا كتهديد عالمي جديد، فقد نجحت هذه التيارات في التأثير على الرأي العام في عدة دول أوروبية، حيث يعتقد أكثر من نصف الدنماركيين أن الإسلام يعوق الوئام الاجتماعي، ويؤيد ثلاثة أرباع الألمان تقييد ممارسة الإسلام بشكل كبير، ويربط نصف البريطانيين بين الإسلام والإرهاب، في حين يرى أربعة من كل عشرة فرنسيين أن المسلمين يشكلون تهديدًا لهويتهم الوطنية.
قضايا الهجرة واللجوء في أوروبا: تحديات جديدة في ظل اليمين المتطرف
تقع قضايا الهجرة واللجوء على قائمة أولويات الأحزاب اليمينية المتطرفة، وفي سبيل معالجة هذا الملف فإنه يُعتقد بأن تركيز الأوروبيين في خلال الفترة المقبلة سوف ينصب على تعزيز العلاقات مع دول شمال إفريقيا، خاصة في مجال الهجرة، وذلك لمواجهة أو تقليص عمليات العبور غير النظامية إلى دول الاتحاد الأوروبي؛ نظراً لما تمثله قضية الهجرة من أزمة جوهرية بالغة الخطورة تقع على قائمة أولويات السياسات الأوروبية. ويمكن القول بأن النهج الأوروبي القادم سوف يقوم على نظام مقايضة المساعدات والاستثمارات مع دول شمال إفريقيا في مقابل مشاركة هذه الدول في حماية الحدود الأوروبية وتأمينها، دون التدخل في سياستها المحلية أو انتقاد مسائل من قبيل حقوق الإنسان والديمقراطية. وكان هذا النهج من المقايضة قائمًا في السنوات الماضية لكنه كان يُواجه بالكثير من النقد والرفض من الأطراف الحزبية الأخرى ومنها اليسارية والليبرالية في البرلمان. بينما اليوم وفي ظل المتغيرات الراهنة، فيبدو أن الطريق أصبح مُمهدًا لتعزيز هذه السياسات، والتي لن تُحقق لدول شمال إفريقيا مكاسب مادية فقط، بل أيضًا دعمًا سياسيًا. ولا يمكن إنكار ما لهذا النظام من أبعاد سلبية أخرى، حيث أن المقايضة قد تُسهل للميليشيات المسلحة في ليبيا دمج نفسها بوصفها تُسيطر على جانب واسع من السواحل الغربية للبلاد، وأنها بمثابة خط الدفاع الأول الذي يستطيع وقف أو إفلات موجات الهجرة.
وبالنظر إلى اهتمام الدول الأوروبية بمجال الطاقة، لاسيما المتجددة مثل الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية، ومسارات نقلها إلى أوروبا عبر إيطاليا وإسبانيا. فإنها سوف تسعى جاهدة إلى تأمين هذه المشروعات وخطوط إنتاجها ونقلها. على الجانب الآخر، يمكن القول بأن فصائل اليمين ستعمل على طرح قوانين أكثر تشددًا لحكم وتأمين الحدود الأوروبية الخارجية منها والعابرة للإقليمية؛ وهذا ما سيدفع المزيد من الأشخاص المهاجرين إلى محاولة الوصول إلى أوروبا بشكل غير قانوني وسلك طرق جغرافية أكثر خطورة لتفادي الترحيل القسري عبر كل من البحر المتوسط والمحيط الأطلسي معرضين حياتهم للخطر والموت الحتمي، وهو ما سيكون مصحوبًا بتنسيق أمني مع دول المغرب العربي والشمال الإفريقي برمته، من خلال بناء منظومات استخباراتية أمنية عبر إقليمية تستهدف اللاجئين على سواحل بلدانهم قبل البدء في رحلة الوصول إلى أوروبا. فوفقًا لبعض المحللين بدراسات حوكمة وتأمين الحدود والقانون الدولي الإنساني، فإننا سنشهد انتهاكات مستقبلية لا نهاية لها ضد القوانين الدولية لحقوق الإنسان ومواثيق الاتحاد الأوروبي حول الحماية الدولية وبنود تنظيم حقوق اللاجئين على نحو سُيعرّض المؤسسية القانونية والوظيفية الهيكلية للاتحاد الأوروبي للعديد من الانتقادات، وعدم الثقة في فاعلية المشروع الأوروبي برمته.
تداعيات صعود اليمين المتطرف على القضية الفلسطينية
على الرغم من أنه يمكن تحليل الموقف الأوروبي بالنسبة للقضية الفلسطينية من خلال ثلاثة مستويات، حيث يرتبط المستوى الأول بالدول الأوروبية منفردة، في حين أن الثاني يرتبط بمواطني الاتحاد الأوروبي في كل دولة على حدة، بينما المستوى الثالث والأخير فإنه يتمثل في الاتحاد الأوروبي كفاعل مُوحد، وبالتالي فإن سلطات البرلمان الأوروبي محدودة في مجال السياسة الخارجية وترتبط أساسًا بالميزانية، إلا أن تأثير الأحزاب اليمينية المتطرفة على سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه فلسطين قد يكون ملموسًا وبشكل كبير، حيث من المعروف تبني اليمين المتطرف مواقف داعمة لإسرائيل وللاتفاقيات الإبراهيمية التي تدعو للتطبيع الكامل في العلاقات مع إسرائيل، كما أنه من المتوقع توسيع مدى العقوبات على الأفراد والكيانات الفلسطينية الإسلامية أو المرتبطة بعلاقات تمويل وتسليح مع إيران، على الجانب الآخر، تصاعد الأصوات التي تنتقد الحرب على غزة داخل البرلمان الأوروبي. فضلًا عن دعم المرشحين داخله لضرورة تطبيق مبادئ القانون الدولي. كما أن الرأي العام الذي تم حشده تجاه دعم القضية الفلسطينية وتسليط الضوء على الانتهاكات التي حدثت في حرب غزة كان لها تأثير لافت على نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، حيث ترشُّح وفوز مرشحتين من أصول فلسطينية، الأولى فرنسية من أصل فلسطيني والثانية إسبانية من أصول فلسطينية أيضًا بمقعدين في البرلمان الأوروبي ضمن قوائم أحزاب اليسار. هذا الحدث يعكس التنوع المتزايد في التمثيل العرقي والإثني داخل برلمان الاتحاد الأوروبي، ويمكن أن يكون له تأثير إيجابي في تعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية وفضح انتهاكات إسرائيل داخل البرلمان الأوروبي.
العلاقات الخليجية: إعادة تشكيل في ظل صعود اليمين المتطرف
بعد أشهر قليلة من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في مايو ٢٠٢٢م، أعلن الاتحاد الأوروبي عن شراكة استراتيجية هامة مع دول مجلس التعاون الخليجي، تعكس التزاما بتعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات متعددة. تشمل هذه الشراكة أبعادًا متنوعة مثل التعاون الاقتصادي والطاقة، والقضايا الأمنية، والعلاقات المؤسسية، إلى جانب التعاون في المساعي الإنسانية وحقوق الإنسان. تمتد الشراكة لتشمل مجالات حيوية مثل التجارة والاستثمار، توظيف الشباب، ودعم مبادرات الرعاية الصحية، فضلاً عن سلامة النقل، الرقمنة، البحث والابتكار، واستكشاف الفضاء.
كما سلطت التوترات الإقليمية والدولية الراهنة الضوء على حاجة أوروبا الملحة لإعادة صياغة نهجها في التعامل مع ملف الطاقة في الشرق الأوسط خاصة مع دول الخليج، حيث أصبحت أوروبا تدرك أهمية تجنب الاعتماد على جهات إقليمية بعينها، وبدلاً من ذلك، يجب عليها اتباع استراتيجية ترتكز على المصالح الاقتصادية المشتركة. وفي هذا السياق، يعد التحول عن الوقود الأحفوري إلى الطاقة الخضراء ضروريًا لضمان تأمين الطاقة والمناخ. يتجاوز هذا التحول مجرد شراكات الطاقة الخضراء ليشمل أيضًا جهودًا لتخليص الصناعات من انبعاثات الكربون وتعزيز تحول أخضر شامل في أوروبا والخليج.
وبالنظر إلى التوجُّه السياسي المتعلق بدور الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط، لاسيما إزاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والمسألة الإيرانية، نعتقد بأن بروكسل سوف تتوجه أكثر نحو تعزيز العلاقات مع دول الخليج، وتحديدًا الإمارات وقطر والسعودية، بوصفهم دولًا فاعلة وتحتفظ بعلاقات قوية مع طرفي الصراع، ولديها مصالح في إعادة معايرة السياسات الإيرانية وجعلها أكثر اعتدالًا. وضمن هذا المسار سيتجه الأوروبيون إلى تعزيز التعاون الأمني مع الدول الخليجية، ودعم مبادرات أو سياسات مكافحة الميليشيات الطائفية في المنطقة. في الوقت نفسه، فإن الأوروبيين في أمس الحاجة لدعم خليجي لإيجاد دور أوروبي في عملية السلام في الشرق الأوسط يوازن الدور الأمريكي، وللضغط كذلك من أجل إصلاح السلطة الفلسطينية، وحوكمة مؤسساتها.
الشراكات الأورومتوسطية: انعكاسات سياسات اليمين المتطرف في أوروبا
تواجه الشراكات الأورومتوسطية التي أسسها مسار برشلونة بين دول الاتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط والشمال الإفريقي وبالأخص (تونس، الجزائر، المغرب، ليبيا، مصر، موريتانيا) عددًا من التحديات لاسيما في ظل تنامي اليمين المتطرف في أوروبا، والتي من أهمها الأزمة الليبية كأحد مسارات الهجرة غير المشروعة لدول شمال المتوسط، في ظل النزوح الكبير من دول الساحل والصحراء من مناطق الصراعات التي أضحت ملاذًا بديلًا للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة في إفريقيا، بيد أنه بالنسبة لليمين المتطرف فإن تعزيز الشراكات الأورومتوسطية ركيزة أساسية، وبالأخص مع دول الشمال الإفريقي، وذلك لأن ليبيا تزخر بالموارد الطبيعية وفى مقدمتها النفط، الذي من الممكن أن يسهم في الحد من تفاقم أزمة الطاقة في أوروبا على المدى المتوسط لتعويض النفط الروسي بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية. كما يمثل استقرار ليبيا ضمانة رئيسية للاستقرار في دول شمال المتوسط، وفى مقدمتها إيطاليا على وجه التحديد، حيث بات هذا واضحًا من خلال اعلان الحكومة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا عن استضافة المنتدى الاقتصادي (الليبي – الإيطالي) في أكتوبر القادم ٢٠٢٤م.
كما تشكل التغيرات المناخية، أحد التحديات المشتركة التي تواجه منطقة الأورومتوسطية، فدول الاتحاد الأوروبي تأتى في المرتبة الثالثة في حجم غازات الاحتباس الحراري الملوثة للبيئة بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية. لذلك تعد المنطقة من أكثر مناطق العالم تأثرًا بظاهرة الاحتباس الحراري، والتي سيكون لها تداعياتها المباشرة على زيادة معدل الفقر المائي وتنامي معدلات النحر على المدن الشاطئية على ضفتي المتوسط. وانطلاقًا من الأجندة الخضراء التي يتبناها الاتحاد الأوروبي. فقد يضع هذا بالفعل اليمين المتطرف تحت الضغط ليس فقط من الالتزام السياسي بإزالة الكربون ولكن أيضًا الاعتبارات الجيوسياسية وهو ما سوف يدفع هذا البرلمان الأوروبي إلى تبني مزيد من المشروعات التعاونية في الملف المناخي جنبًا الى جنب الملفات الأخرى من الهجرة والطاقة مع الدول الأورومتوسطية "شمال إفريقيا".
الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب: تداعيات اليمين المتطرف الأوروبي
مع صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، أصبحت تُركز بشكل متزايد على القضايا الداخلية مثل مكافحة الهجرة والسيطرة على الحدود. هذا التحول في الأولويات يؤدي إلى تحويل الموارد والاهتمام بعيدًا عن مواجهة الإرهاب العابر للحدود والميليشيات المسلحة في الشرق الأوسط وإفريقيا. بدلاً من توجيه الجهود نحو التهديدات الخارجية، ستُفضل هذه الأحزاب تخصيص الموارد لتعزيز الأمن الداخلي ومكافحة التهديدات المحلية، وهو ما قد يضعف استجابة أوروبا للتحديات الأمنية في دول النزاع والتي منها اليمن وسوريا ولبنان بالإضافة إلى عمليات مكافحة الإرهاب في إفريقيا جنوب الصحراء. وفي هذا السياق، تبرز ظاهرة عسكرة الحدود كإحدى السياسات الرئيسية التي تتبناها الحكومات اليمينية، من خلال تعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود. هذا النهج قد يزيد من الصعوبات التي يواجهها اللاجئون الفارون من النزاعات في الشرق الأوسط وإفريقيا، مما يجعلهم أكثر عرضة للاستغلال من قبل الجماعات الإرهابية. هذا الاستغلال قد يؤدي بدوره إلى تصاعد التهديدات الإرهابية في مناطق النزاع، ما يُعقد الوضع الأمني ويزيد من المخاطر والتي سوف تعود على أوروبا أيضًا.
يفسر ذلك تراجع الدور الذي تلعبه فرنسا في إفريقيا، في ضوء الإخفاقات الفرنسية السابقة في القضاء على التهديدات الإرهابية، كما حدث في مالي عندما انسحبت القوات الفرنسية، وهو ما أدى إلى زيادة تغلغل التنظيمات الإرهابية وتشعبها من إفريقيا جنوب الصحراء إلى الشمال الإفريقي. وبالتالي سوف يترك هذا فراغًا أمنيًا قد تستغله التنظيمات الإرهابية. بالتزامن مع التراجع في الدور الأوروبي، فإنه يُسهم في تعميق عدم الاستقرار في المنطقة العربية، مما يتيح للتنظيمات الإرهابية فرصة أكبر للتوسع واستغلال الفجوات الأمنية. في النهاية، من المحتمل أن تؤدي سياسات اليمين المتطرف إلى تزايد التهديدات الإرهابية في كل من الشرق الأوسط وإفريقيا، ما سيُعقد من جهود مكافحة الإرهاب على المستوى الدولي.
الخاتمة والتوصيات
في ضوء التحليل السابق، يتضح أن صعود اليمين المتطرف في أوروبا يشكل تحولًا في نهج العلاقات الأوروبية-العربية. يؤثر هذا الصعود على الجاليات المسلمة، ويعمق الفجوات الثقافية، مما يعيق جهود التعاون الاقتصادي والسياسي. كما أن السياسات المتشددة تجاه الهجرة واللجوء تُعقد من التحديات أمام التعاون بين أوروبا والدول العربية، وتُزيد من تعقيد المشهد القضية الفلسطينية. علاوة على ذلك، تحديات بشأن مكافحة الإرهاب والتطرف على الصعيدين المحلي والدولي. وفي هذا السياق، نستعرض عددًا من التوصيات والتي منها:
- لمواجهة العنصرية المتزايدة ضد المسلمين في أوروبا، فإن الدول العربية يقع على عاتقها توحيد جهودها من خلال العمل العربي المشترك لتطوير سياسات متكاملة، حيث تركز هذه السياسات على تعزيز التحالفات الدبلوماسية في المحافل الدولية للضغط من أجل حماية حقوق المسلمين ومكافحة التمييز العنصري. وتعمل على فضح وتفكيك الخطاب العنصري القائم على الإسلاموفوبيا. مع التركيز على تعزيز الحوار الثقافي والاندماج الاجتماعي بين المجتمعات المسلمة والمجتمعات الأوروبية.
- تسريع جهود السلام في القضية الفلسطينية، حيث العمل على إعادة تنشيط جهود السلام في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بما في ذلك السعي إلى إيجاد حل عادل ومستدام من خلال التنسيق مع القوى الدولية المؤيدة لحل الدولتين.
- من المهم أن تواصل الدول العربية مراقبة التحولات السياسية في أوروبا وتحليل آثارها المحتملة. بناء استراتيجيات مرنة للتعامل مع الأزمات السياسية والتغيرات يمكن أن يساعد في حماية المصالح الوطنية وتعزيز التعاون الاستراتيجي.
- تعزيز التعاون بين الدول الأوروبية ودول البحر الأبيض المتوسط من خلال منصات متعددة الأطراف مثل الاتحاد من أجل المتوسط. تطوير مشاريع مشتركة في مجالات مثل الطاقة المتجددة، البنية التحتية، والتعليم يمكن أن يساعد في بناء علاقات أقوى وتحقيق فوائد متبادلة. بالإضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق في عمليات مكافحة الإرهاب. إنشاء آليات مشتركة لتحليل التهديدات ومواجهة التحديات الأمنية يمكن أن يكون فعالاً.