يكتسب تيار اليمين المتطرف داخل أوروبا شعبية متنامية ليصبح حراكًا سياسيًا بارزًا، حاملاً في طياته تبعات بعيدة المدى على العلاقات الدولية والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. هذا الحراك، الذي تسارعت وتيرته مؤخرًا، كفيل بقلب موروث ثقافي راسخ حول قيم التكامل الأوروبي والمشاركة العالمية. فضلًا عن، إحداث تغييرات في ملامح المشهد السياسي بمختلف أنحاء القارة. حيث استطاعت الأحزاب اليمينية في العديد من البلدان الأوروبية من بينها؛ إيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، وهولندا، أن تُضاعف حصتها من الأصوات الداعمة لها. لتخرُج بذلك من عباءة الأحزاب الهامشية التي ظلت طويلًا على هامش الطيف السياسي، مُحققة في كثير من الأحيان مراكز متقدمة بالاستحقاقات الانتخابية الوطنية. كما أصبحت هذه الأحزاب قادرة على اكتساب نفوذ متزايد داخل عالم السياسة.
بشكل عام، تُعرف أحزاب اليمين بنزعتها القومية، ومواقفها المناهضة للهجرة، إضافة إلى تبنيها ما يسمى بــ “الشكوكية الأوروبية"، ومؤازرتها للأنظمة الحاكمة الاستبدادية مثل روسيا. وفي بعض الأحيان، كانت هذه الأحزاب إما أن تنضم إلى الحكومات الائتلافية، أو أن يكون لها قول مؤثر في تحديد شكل السياسة العامة، لاسيما عندما يتعلق الأمر بقضايا الهجرة أو العلاقات الأوروبية. علاوة على ذلك، يتعاظم نفوذ هذه الجماعات من خلال تشكيل شبكات تتجاوز نطاق الحدود الوطنية تتقاسم فيما بينها الموارد، والتكتيكات، والأفكار. وقد أدى صعود اليمين المتشدد الذي ينتهج العنف، إلى إشعال فتيل المزيد من المخاوف الأمنية؛ مما قاد الولايات المتحدة إلى تصنيف بعض من هذه المجموعات باعتبارها" منظمات إرهابية". فيما أصبح الاتفاق المعهود حول مبادئ الديمقراطية الليبرالية، والتعددية، ومشروع التكامل الأوروبي، والتي لطالما ظلت الموجه الرئيسي لدَفة السياسة الخارجية الأوروبية، موضع تساؤل بعد عودة اليمين المتطرف مجددًا. وكلما اكتسبت هذه الحركات نفوذًا، كلما تضاعفت احتمالات دفعها صوب اعتماد المزيد من التدابير الحمائية، والانعزالية، والتشبث بالسياسات القومية، بما ينذر بزعزعة مكانة أوروبا العالمية وتغير ملامح شَراَكاتها مع حلفائها البارزين.
لن يقف الأمر عن هذا الحد، بل ستصبح منظومة الأمن الاجتماعي والسياسي الأوروبية وكذلك أمن الطاقة الأوروبي فريسة لخطر تنامي صعود اليمين المتطرف الذي يُعارض الاتفاقيات التعاونية اللازمة للحفاظ على مناخ صحي داخل أسواق الطاقة الأوروبية. ويعود ذلك إلى أن الدوافع الرئيسية المحركة لهذه الأحزاب تتمحور حول الأهداف القومية والتدابير الحمائية. كما ينذر تنامي شعبيتها بتقويض الجهود الرامية إلى تنويع مصادر الطاقة والتعجيل بالتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، نتيجة منحها الأولوية للمصلحة القومية على حساب التعاون الإقليمي. علاوة على ذلك، فإن نبرة التشكيك من قبل الحركات اليمينية حيال سياسات المناخ وسياسات الطاقة الخضراء، قد تحول دون تطوير تشريع خاص بتنمية مصادر الطاقة المستدامة. وبالتالي، تفاقم أوجه العجز في قطاع الطاقة الأوروبي.
مستقبل العلاقات الأوروبية مع الصين وروسيا والدول العربية
من المحتمل أن تؤدي الثورة التي يشهدها قطاع الطاقة حاليًا، مُقترنة بسلسلة التحولات الجيوسياسية الأخيرة، إلى تغيير جذري في شكل العلاقات الأوروبية مع كل من الصين، وروسيا، والعالم العربي. كذلك قد يؤول الانقسام السياسي في الداخل الأوروبي، بدعم صعود اليمين المتطرف والحركات الشعبوية، إلى تغييرات جمة في ملامح السياسة الخارجية الأوروبية وتحالفات أوروبا على الصعيد الدبلوماسي.
العلاقات مع الصين
من المتوقع أن تُشكل إدارة العلاقات مع بكين تحديًا صعبًا للاتحاد الأوروبي، كونها تتطلب الموازنة بين التعاون والمنافسة. لاسيما في ظل تلك النظرة الأوروبية إلى المارد الصيني، باعتباره خصم نظامي، ومنافس، وشريك في الوقت ذاته، بما يقتضي ضرورة انتهاج استراتيجية مُحنكة. فقد يلجأ الاتحاد الأوروبي للتركيز على تدعيم استقلاله الاستراتيجي وسن تدابير تشريعية لمعالجة أوجه القصور داخل الأسواق، إلى جانب العمل على تعزيز مرونة وقوة سلاسل الإمداد لديه. ورغم القلاقل السياسية، إلا أنه من المتوقع أن يواصل التكافل والاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الجانبين دوره كمحرك للتجارة والاستثمار. مع ذلك، يُنذر الصعود الملحوظ للحركات اليمينية داخل أوروبا، خاصة مع تبني كل منها نظرة ومقاربة مختلفة للعلاقات مع بكين، بإضفاء مزيد من التعقيد على محاولات صياغة خطة متماسكة. بشكل عام، من المرجح أن يواصل الاتحاد الأوروبي والصين تعاونهما الاقتصادي، لكن بمزيد من الحذر والاستعداد الاستراتيجي.
العلاقات مع روسيا
أما عن العلاقات الأوروبية -الروسية، فمن المتوقع أن تظل شائكة نتيجة العقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو والأوضاع الراهنة داخل أوكرانيا. لاسيما وأن الاعتماد الأوروبي على إمدادات الطاقة الروسية تضاءل على نحو كبير ليقف عند نسبة لا تتجاوز 15 % من إجمالي واردات الغاز الأوروبية. من ثم، قد تتجه أوروبا إلى توطيد علاقاتها مع دول المنطقة العربية، خاصة في قطاع الطاقة، بهدف تنويع مصادرها من إمدادات الطاقة. وتدور التوقعات حاليًا، حول تنامى الدور القطري في هذا الصدد، لتصبح الدولة الخليجية أحد أهم موردي الغاز الطبيعي المُسال للبلدان الأوروبية.
العلاقات مع الدول العربية
بخلاف الطاقة، سيحرص الاتحاد الأوروبي أيضًا على تعميق روَابطه الاقتصادية مع البلدان العربية في مجالات: التجارة، والاستثمار، والتكنولوجيا. وستلعب هذه الروابط المتغيرة دورًا في تشكيل البنية الأوروبية الشاملة للتعاون الاقتصادي عند معالجة قضايا تتعلق بأمن الطاقة، والصلابة الاقتصادية، والاستقرار الجيوسياسي.
التكيف مع التيار المتشدد: استجابة العالم العربي لهيمنة اليمين المتطرف داخل أوروبا
من المحتمل أن يُلقي صعود اليمين المتطرف داخل أوروبا بظلاله على الاستراتيجيات الدبلوماسية والاقتصادية الخاصة بالدول العربية، لاسيما تلك التي تعد من بين أهم مُصدري الطاقة على مستوى العالم. فعلى مدار التاريخ الحديث، حافظت دول المنطقة على مكانتها كمورد رئيسي لإمدادات النفط والغاز الأوروبية. مع ذلك، فإن التحولات الطارئة على المشهد السياسي الأوروبي قد تستدعي ضرورة إعادة تقييم هذه التحالفات والاستراتيجيات. فعادة ما تُبدي جماعات اليمين المتطرف داخل أوروبا تشكُكها حيال السياسات المناخية والانتقال صوب الطاقة المتجددة. هذا الموقف من شأنه أن يُبطئ عملية التحول الأوروبي بعيدًا عن الوقود الأحفوري، بما يمنح الدول المصدرة للطاقة داخل المنطقة فرصة ممتدة للحفاظ على حصتها السوقية داخل أوروبا. على الجانب الآخر، قد يتسبب تعطيل مسيرة الانتقال الطاقي الأوروبية، في عرقلة الخطوات التي تخطوها المنطقة العربية للتحول إلى الطاقة المتجددة، وذلك نظرًا إلى أن استدامة الطلب على الوقود الأحفوري ستحد من الحاجة المُلحة للتغيير.
على الرغم من هذه المعطيات، تعمل الدول العربية بشكل دؤوب على مواصلة تحديث استراتيجيات الطاقة لديها من أجل تنويع مصادر دخلها وتقليص اعتمادها على الوقود الأحفوري. في ظل تراجع احتياطاتها وتقلبات أسعار مواد الطاقة. بالتالي، في حال أصاب الركود مسيرة أوروبا للتحول صوب الطاقة المتجددة، أصبح في إمكان دول المنطقة أن تعزز روابط الطاقة لديها مع مناطق مثل آسيا، التي تسعى حثيثًا وراء الحصول على الطاقة المتجددة. ومن أجل الحفاظ على استقرارها وأمنها، قد تتجه هذه الدول للتركيز على مشروع التكامل الإقليمي وتطوير البنية التحتية لديها، كي تتم استعداداتها لليوم الذي يُكتب فيه النهاية لسيادة الوقود الأحفوري. وعلى الرغم من أن مواقف تيار اليمين المتطرف داخل أوروبا قد تخدم مصالح دول المنطقة المُصدرة للطاقة ولو بشكل مؤقت، إلا أن الأيديولوجية الراديكالية بشكل عام تولي الأهمية للتعاون الإقليمي والتنويع الاستراتيجي مقابل تهميش التحولات العالمية في مجال الطاقة.
الاستراتيجيات الخليجية الخاصة بتصدير الطاقة في ظل التحديات العالمية المُتغيرة.
من خلال سعي دول المنطقة الخليجية-وبالأخص أعضاء مجلس التعاون-إلى تنويع اقتصاداتها الوطنية، فإنها تكون بذلك قد خطت خطوات استباقية للتكيف مع التغيرات الطارئة على مشهد الطاقة العالمي. وعلى هذا النحو، يُعد نمو صادرات الطاقة، مع التركيز بشكل خاص على مصادر الطاقة البديلة مثل الهيدروجين النظيف، عنصرًا حاسمًا في هذه الخطة. كما أن سعي هذه الدول للاستفادة من مخزون الطاقة الشمسية الوفير لديها، إنما يؤكد حرصها على تصدير" الهيدروجين الأخضر "، وبالتالي المساهمة في تدعيم الجهود العالمية لخفض انبعاثات الكربون، مع الحفاظ في الوقت ذاته، على مكانتها كأهم مُصدر للطاقة على مستوى العالم.
في الوقت ذاته، تضع دول المنطقة الخليجية تركيزًا أكبر على الأسواق الآسيوية-وعلى رأسها الصين والهند-وسط تقديرات بأن تصبح الدولتان المحرك الرئيسي للطلب العالمي على الطاقة مستقبلًا. ولعل الدوافع الرئيسية وراء التحول الخليجي صوب آسيا، تكمن في التنمية الاقتصادية القوية التي تشهدها هذه البقعة من العالم، مصحوبة بالتَراجعات المتوقعة في استخدام الوقود الأحفوري داخل أوروبا بفعل تشريعات المناخ الصارمة. إلى جانب الهدف الاستراتيجي الذي تصبو إليه دول الخليج بشأن تنويع حقيبتها من الصادرات. وفي حين أن التحول صوب القارة الآسيوية يعد ملموسًا، فعلى الأرجح قد تواصل البلدان الخليجية تصدير الغاز والنفط في المستقبل المنظور. ومن المرجح أيضًا أن تواصل إنفاقها على تطوير التقنيات مثل التقاط الكربون، واستخدامه، وتخزينه من أجل جعل صادراتها من الهيدروكربون أكثر استدامة.
إلى جانب ذلك، تعكف دول الخليج على توسيع نطاق أنشطة مراحل ما بعد الإنتاج -التكرير والتصنيع-من خلال ضخ الاستثمارات في قطاع البتروكيماويات والمنتجات المُكررة من أجل تحسين ربحيتها من أصول الهيدروكربون التي تمتلكها. فضلًا عن بحث إمكانية تصدير الطاقة المتجددة لديها، مثل الطاقة الشمسية، إلى المناطق المجاورة. كما أن مبادرات مثل إنشاء مزارع شمسية داخل المساحات الصحراوية الشاسعة، تُبشر بإمكانية تصدير الكهرباء إلى دول القارة الأوروبية والإفريقية على حد سواء. وبالنظر إلى الخبرة المتراكمة لدول الخليج في مجالات مثل تحلية المياه، والتكنولوجيا الشمسية، والتنمية الحضرية المستدامة، فهي تمتلك القدرة على أن تكون رائدة في مجال الطاقة المتجددة على مستوى العالم، وتبادل هذه المعرفة والتكنولوجيا مع المناطق الأخرى التي تواجه ظروف مناخية مماثلة.
وبرغم أن التحول صوب الأسواق الآسيوية ملحوظ، إلا أنه من غير المرجح أن تضحي الدول الخليجية بالأسواق الغربية بالكامل، بل قد تسعى لانتهاج استراتيجية متوازنة، تتيح لها مواصلة تصدير الهيدروكربون، مع التوسع تدريجيًا في صادراتها من الطاقة الخضراء. وعليه، فإن سعي البلدان الخليجية إلى تنويع الأسواق المستهدفة والاستثمار في القطاعات الناشئة والتقنيات الحديثة، يعكس حرصها للحفاظ على مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية على الساحة الدولية، مع محاولة التكيف مع الاتجاهات المتغيرة في مجال الطاقة العالمي، وتعظيم مواردها القائمة قدر الإمكان.
استكشاف آفاق جديدة: خيارات أوروبا في مجال الطاقة وسط صعود التيارات اليمينية المتطرفة
يُنذر صعود اليمين المتطرف في عالم السياسة الأوروبية بإمكانية حدوث تغيير جذري في مسار سياسة الطاقة الأوروبية، وبالتالي، انصراف التركيز المنصب على قضايا الاستدامة البيئية إلى قضايا أمن الطاقة والأمن القومي. فلطالما أبدت جماعات اليمين المتطرف داخل أوروبا تشككا في أزمة التغير المناخي والتكاليف المرتبطة بالانتقال نحو مصادر الطاقة المتجددة. وقد يدفع هذا التشكيك صوب اهتمام متزايد بالوقود الأحفوري المحلي، مثل الفحم والغاز الطبيعي، إلى جانب العمل على تعزيز استقلالية الطاقة، وإعادة إحياء الجهود الرامية لإبرام اتفاقيات توريد طويلة الأجل مع موردين آخرين بخلاف روسيا. كما من المحتمل أن تدعو الجماعات اليمينية إلى إعادة إحياء ملف الطاقة النووية من خلال الاستثمار في التقنيات الحديثة، مثل المفاعلات النمطية الصغيرة، التي تتيح أمن وكفاءة أعلى، وتساعد في إطالة عمر المنشآت القائمة.
وبينما قد يضرب الركود مسيرة نمو الطاقة المتجددة، من المحتمل أن تحظى بعض مصادر الطاقة المتجددة المستهدفة بدعم متواصل بما في ذلك، الطاقة الكهرومائية في المواقع الملائمة، ومزارع الرياح البحرية. كذلك من المتوقع أن تظل مشروعات الطاقة الشمسية في الجنوب الأوروبي موضع جذب للتمويل والاستثمارات. فيما من المرجح أن تُساهم السياسات اليمينية، التي تركز على أمن الطاقة، في التشجيع على تنويع إمدادات الطاقة من البلدان التي تتبنى أيديولوجيات سياسية مشابهة وضخ الاستثمارات في تقنية تخزين الطاقة. هذا النهج قد ينطوي على استغلال مصادر الطاقة الإقليمية، حتى وإن ترتب على ذلك تقويض الأهداف البيئية الأوسع نطاقًا. بالتبعية، قد تتجه أوروبا نحو إبرام اتفاقيات ثنائية في مجال الطاقة، وتوطيد علاقاتها مع دول المنطقة الخليجية ومنطقة شمال إفريقيا. فضلًا عن، تعزيز التعاون مع الجانب الأمريكي بشأن وارداتها من الغاز الطبيعي المسال.
في الوقت ذاته، قد تستعيد التدابير الخاصة بتحسين كفاءة الطاقة زخمها، باعتبارها وسائل فعالة من حيث التكلفة، في تقليص الاعتماد على الموارد الخارجية. وكذلك هو الأمر بالنسبة لإجراءات تحسين معايير عزل المباني ورفع مستوى كفاءة الطاقة الصناعية، إلى جانب تنامي الاهتمام بالمصادر البديلة للوقود من أجل تشغيل وسائل النقل، مثل الوقود الاصطناعي والحيوي. هذه التحولات المحتملة في السياسة العامة، تعكس اتجاهًا أشمل نحو منح الأولوية لأمن الطاقة والأمن الاقتصادي على حساب الاعتبارات البيئية. وهو ما قد يؤدي بدوره إلى إرباك الجهود الرامية لمكافحة أزمة تغير المناخ داخل التكتل الأوروبي، وإلى تشرذم سياسات الطاقة بمختلف أنحاء القارة.
كيف يؤثر صعود اليمين المتطرف على العلاقات الأوروبية-الخليجية ووثيقة الشراكة الاستراتيجية؟
من خلال إصداره وثيقة الشراكة الاستراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي في يونيو 2022م، كان الاتحاد الأوروبي يسعى إلى توطيد التعاون بين الجانبين في مختلف القطاعات المتنوعة. مع ذلك، بات هذا التعاون في مواجهة تحديات جمة مع صعود تيار اليمين المتطرف داخل أوروبا.
التعاون في مجال الطاقة
لقد وضعت الشراكة الأوروبية -الخليجية نصب أعينها التعاون في مجال الطاقة، خاصة في ملفي التحول صوب الطاقة الخضراء وأمن الطاقة. إلا أن أحزاب اليمين الأوروبية، التي تناصر استقلالية الطاقة وتُشكك في السياسات المناخية، قد تسعى إلى تحويل التركيز إلى زيادة الإنتاج المحلي من الوقود الأحفوري. هذا التغيير من شأنه، أن يقود إلى تقليص الواردات الأوروبية من النفط والغاز الخليجيين، إلى جانب إعادة التفاوض بشأن عقود الطاقة طويلة الأمد بهدف إعلاء استقلالية الطاقة الأوروبية. مثل هذه التحولات ينذر بتعطيل مشروعات الطاقة المتجددة المشتركة، وعرقلة البحوث المشتركة في الطاقة النظيفة نتيجة الأولويات القومية لأحزاب اليمين. ذلك إلى جانب عرقلة التقدم في قطاعات الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح.
أزمة تغير المناخ والتعاون في مجال البيئة
في حين أن التعاون في معالجة أزمة التغير كان من بين أبرز أهداف التحالف الأوروبي -الخليجي، إلا أن أحزاب اليمين المتطرف تلجأ للتقليل من شأن القضايا المناخية. بما ينذر بتراجع الدعم الأوروبي لمبادرات المناخ المشتركة مع البلدان الخليجية. وبالتالي، تراجع التمويل الأوروبي للبحوث البيئية، وانسحاب أوروبي محتمل من اتفاقيات المناخ الدولية، فضلًا عن، انحسار تركيز الاتحاد الأوروبي على الجهود الخليجية المبذولة من أجل التكيف مع تغير المناخ.
التجارة والاستثمار
تهدف الشراكة الاستراتيجية بين بروكسل ودول مجلس التعاون إلى تنشيط التجارة وتدفق الاستثمارات. بيد أن النزعة القومية والسياسات الحمائية، ستؤدي إلى إخضاع الاستثمارات الخليجية داخل أوروبا لمزيد من التدقيق والتمحيص بالأخص في القطاعات الاستراتيجية. وهو ما قد يثبط عزيمة الصناديق السيادية الخليجية عن الاستثمار في الأصول الأوروبية، ومن ثم، تعقيد المفاوضات الجارية بشأن توقيع اتفاقية شاملة للتجارة الحرة بين الجانبين. بالمثل، من المرجح أن تؤدي سياسات اليمين المتطرف إلى خفض الاستثمارات الأوروبية داخل البلدان الخليجية، وبالتالي، التأثير على نقل التكنولوجيا، وتطوير البنية التحتية، ومشروعات الطاقة المتجددة.
الأمن والتعاون الدبلوماسي
الأمن والاستقرار الإقليمي من بين أبرز الأهداف المنشودة للشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج. مع ذلك، سيؤدي صعود اليمين المتطرف داخل أوروبا إلى تقليص الحضور الأوروبي العسكري داخل المنطقة الخليجية، وتراجع التعاون الاستخباراتي بين الجانبين. فضلًا عن، إحداث تحولات محتملة في شكل التحالفات القائمة، مع الاتجاه إلى تعزيز التحالف مع روسيا أو الصين. بما سيؤول، بالتبعية، إلى تراجع المشاركة الدبلوماسية الأوروبية في الصراعات الإقليمية وإضعاف أهداف الشراكة الخاصة بإدارة الهجرة وملف حقوق الإنسان. وقد يشمل ذلك تشديد الإجراءات الخاصة بإصدار تأشيرات لمواطني دول الخليج وتقليص الضغط المُمارس على البلدان الخليجية فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان.
الابتكار والتحول الرقمي
تهدف الشراكة الاستراتيجية إلى تعزيز الابتكار والتحول الرقمي. ومع ذلك، قد تؤدي السياسات اليمينية المتشددة التي تركز على السيادة التكنولوجية إلى فرض قيود أكثر صرامة على نقل التكنولوجيا إلى دول الخليج. وربما يستتبع ذلك، انكماش مستوى التعاون الثنائي في مجال الأمن السيبراني، وحماية البيانات، والتقنيات الناشئة. في الوقت ذاته، قد يؤدي تصاعد نفوذ تيار اليمين إلى تحويل التركيز إلى التفاعلات الثنائية، عوضًا عن المشاركات متعددة الأطراف. من شأن ذلك، ليس فقط إضعاف ترابط الموقف الأوروبي، بل وتشجيع دول الاتحاد الأوروبي منفردة على إقامة اتفاقيات ثنائية مع نظيراتها الخليجية. مما يترتب عليه، تراجع الدعم لمبادرات الاندماج الإقليمي داخل المنطقة الخليجية وانخفاض المشاركة في المجالس الأوروبية-الخليجية المشتركة، ومجموعات العمل.
تأثير صعود اليمين المتطرف على التعاون الأوروبي-الخليجي: التحديات والمواءمات الاستراتيجية
مع اكتساب الأحزاب اليمينية شعبية داخل أوروبا، أضحى التعاون الأوروبي-الخليجي، المُبين في وثيقة الشراكة الاستراتيجية الصادرة عام 2022م، في مواجهة تحديات جمة. فمن شأن هذا التغيير، أن يقود أوروبا إلى تبني موقف قائم أكثر على المقايضة، وانتهاج السياسات الحمائية، والتركيز على مفهوم الأمن. وهو ما سيؤدي إلى تقويض الطابع التقدمي والشمولي للشراكة بين الجانبين. بما يحتم على دول مجلس التعاون الخليجي ضرورة التكيف مع التغييرات من خلال تعزيز روابطها الثنائية مع دول أوروبية بعينها أو توسيع نطاق تحالفاتها الدولية بحيث لا تقتصر على الكيان الأوروبي. في ضوء ذلك، يصبح اعتماد البلدان الخليجية على السياسات الأوروبية المتقلبة أقل، من خلال مساعي تنويع شرَاكاتها التجارية والتطلع إلى عقد تحالفات استراتيجية جديدة تتماشى مع أهدافها الجيوسياسية والاقتصادية.
وبالنظر إلى أن العديد من الأحزاب الشعبوية تناهض الانتقال الطاقي إلى المصادر المتجددة والسياسات المناخية، فإن ذلك ينذر بتعطيل مسيرة أوروبا للتحول إلى الطاقة الخضراء، والاتجاه، عوضًا عن ذلك، إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية. هذا بدوره، سيؤدي إلى تراجع التركيز على التخطيط الاستراتيجي طويل الأجل، لصالح خدمة الأهداف المُلحة لأمن الطاقة. فضلًا عن، تصاعد التوترات الجيوسياسية وتوتر روابط الطاقة الأوروبية-الروسية.
إجمالًا، يُشكل تنامي الحس الشعبوي في كافة أنحاء القارة العجوز خطرًا حقيقيًا لوحدة سياسة الطاقة الأوروبية من خلال تفكيك الاستراتيجيات الموحدة وعرقلة الجهود التعاونية. فكلما اكتسب التيار اليميني والأحزاب الشعبوية زخمًا، كلما تنامت حظوظ تقديم أعضاء الاتحاد الأوروبي مصالحهم الذاتية على حساب الأهداف المشتركة. وبالتالي، قد ينجم عن ذلك تفاوت في سياسات الطاقة المتبعة بمختلف أنحاء القارة، بما يعقد مهمة الاتحاد الأوروبي من أجل صياغة موقف متجانس بشأن الأزمات الدولية المتعلقة بالطاقة. هذا التفكك والتشرذم كفيل بتقويض قدرة التكتل أيضًا على التفاوض بشأن الاتفاقيات الدولية ومعالجة مشكلات الطاقة التي تتجاوز نطاق حدوده، وسيؤدي إلى تباين الخطط الأوروبية حول قضايا أمن الطاقة، وسبل التخفيف من آثار تغير المناخ، ومسيرة الانتقال الطاقي.
علاوة على ذلك، فإن انقسام البيت الأوروبي ينذر بـ مفاقمة المشكلات التي تواجه صناعة الطاقة. على سبيل المثال، قد يؤدي تباين السياسات الأوروبية إلى عرقلة تنفيذ برامج تعد حاسمة في مسار تدعيم التحول إلى الطاقة الخضراء، وتحسين كفاءة الطاقة، وتنويع مصادرها. كما سيُلقي هذا الانقسام بظلال سلبية على قدرة الاتحاد الأوروبي على تمويل وتدعيم مبادرات تطوير بنية تحتية واسعة النطاق مثل شبكات الطاقة المتجددة الدولية أو شبكات الطاقة المتكاملة. تبعات ذلك لن تتوقف عند حد تقويض محاولات أوروبا لتأمين مستقبل الطاقة لديها وتلبية أهدافها المناخية، بل ستُضعف نفوذها كلاعب دولي مؤثر في مجال دبلوماسية الطاقة ومبادرات الاستدامة.
تشرذم سياسات الطاقة الأوروبية وتبعاته على مكانتها العالمية
ينطوي انقسام سياسات الطاقة الأوروبية على تبعات أوسع نطاقًا تتعلق بدور الاتحاد الأوروبي على الساحة العالمية، وقد تصبح قدرته على تزعم الجهود الدولية بشأن قضايا الطاقة والمناخ مُهددة. وفي ظل غياب إطار مترابط للسياسات، قد يواجه الاتحاد الأوروبي صعوبة في ممارسة نفوذ داخل المنتديات العالمية والمفاوضات، التي تتطلب، جبهة أوروبية موحدة من أجل تطوير الأهداف المشتركة وضمان إحراز نتائج مواتية. علاوة على ذلك، فإن ضعف الموقف الأوروبي من شأنه أن يُتيح فرصًا للاعبين آخرين على الساحة الدولية، مثل أمريكا، والصين، أو حتى روسيا، لسد الفراغ، وتشكيل سياسات الطاقة العالمية بما يخدم مصالحها. هذا التحول في ميزان القوى قد يقود إلى إعادة تنظيم أولويات الطاقة العالمية والاستراتيجيات الموضوعة، ليخلف تبعات واسعة النطاق؛ تمتد بدءا من اتفاقيات المناخ وصولا إلى ديناميات عمل أسواق الطاقة. ذلك بالإضافة إلى أن تقهقر الدور الأوروبي في هذه المجالات من شأنه التأثير على قدرة التكتل على الدفع صوب الابتكار والاستثمار في تقنيات الطاقة النظيفة، وبالتالي، إضفاء مزيد من التعقيد على جهود معالجة أزمة تغير المناخ والانتقال إلى مستقبل الطاقة المستدامة.
تقلبات الأسواق وسلاسل إمدادات الطاقة العالمية
من المرجح أن يؤدي صعود تيار اليمين الشعبوي إلى مزيد من التقلبات في الأسواق، مُخلفًا تداعيات واسعة على سلاسل إمدادات الطاقة العالمية وآلية التسعير. في أغلب الأحيان، تمنح هذه الحركات السياسية الأولوية للمصالح القومية والحمائية الاقتصادية، وهو ما قد يؤول إلى تحولات مفاجئة في السياسات العامة وزيادة الحواجز التجارية التي تربك حركة أسواق الطاقة الراسخة. مثل هذه الاضطرابات، كفيل بتقويض جهود تعزيز أمن الطاقة والانتقال إلى نُظم أكثر استدامة. فضلًا عن، أن تنامي انعدام الاستقرار السياسي والتغيرات المفاجئة في السياسات قد يتسبب في تذبذب أسعار الطاقة، بما يؤثر على قدرة المنتجين والمستهلكين الدوليين على حد سواء. على سبيل المثال، إن التحولات في سياسات الطاقة الأوروبية-المدفوعة بأجندة أحزاب اليمين المتطرف-قد تؤدي إلى تغيرات مفاجئة في مستويات الطلب على واردات الطاقة، ومن ثم، زعزعة استقرار سلاسل الإمداد العالمية وإضفاء حالة من الضبابية على أسواق الطاقة.
تحليل التحولات الاستراتيجية في العلاقات الدولية:
قد يدفع صعود التطرف اليميني الى إعادة ترتيب التحالفات الاستراتيجية داخل الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، بما يؤثر بدوره على شكل التحالفات العالمية والتعاون الدولي. فعادة ما تعطي الحكومات ذات الأجندات اليمينية، الأولوية إلى التصرفات الأحادية والاتفاقيات الثنائية على حساب المشاركات متعددة الأطراف. من ثم، فإن هذا التحول قد يؤول إلى تصاعد وتيرة المنافسة بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي من أجل تأمين شروط مواتية مع دول مجلس التعاون الخليجي، وسيكون ذلك في الأغلب على حساب الترابط والتجانس الإقليمي الأوسع نطاقًا. بالنسبة لدول مجلس التعاون، فإن هذا السيناريو المحتمل يتيح فرصًا بقدر ما يشكل تحديات. حيث قد تتمكن هذه الدول من اغتنام فرصة انقسام الداخل الأوروبي من أجل التفاوض على اتفاقيات ثنائية مربحة، ولكن ستؤدي هذه الاستراتيجية إلى انعزالها عن الأطر متعددة الأطراف الأوسع نطاقًا. ومن شأن هذه العزلة، أن تحد من قدرة البلدان الخليجية على التأثير في أجندة السياسة العالمية وتعقيد جهود التعاون بشأن التحديات المشتركة، مثل التغير المناخي وأمن الطاقة.
الآثار المترتبة على التحالفات الاستراتيجية
لن يقتصر صعود التطرف اليميني على إعادة تشكيل التحالفات الراسخة فحسب، بل وتغيير الحسابات الاستراتيجية لأبرز اللاعبين على الساحة الدولية. فكلما أصبحت الحكومات الأوروبية أكثر انطواءً واهتمامًا بأمورها الداخلية، وأكثر تشبثًا بالسياسات الحمائية، كلما سعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى تنويع شرَاكاتها الدولية بعيدًا عن إطار القارة العجوزة. وقد يشمل ذلك، تعزيز الروابط مع الاقتصادات الناشئة أو اللاعبين الآخرين على الساحة الإقليمية مثل الصين والهند، حيث تتيح هذه الدول إمكانية عقد شراكات أكثر استقرارًا وأقل تعقيدًا أو إثارة للجدل. وقد تساعد استراتيجيات التنويع المتبعة، دول مجلس التعاون على احتواء المخاطر المرتبطة بالسياسات الأوروبية المتقلبة وضمان دعم أكثر اتساقًا وانتظامًا لمصالحها الاستراتيجية. مع ذلك، فإن هذا التحول قد يقود إلى مشهد عالمي أكثر تشرذمًا، حيث تصبح التحالفات الجيوسياسية أقل استقرارًا والتعاون حول القضايا الدولية أكثر تحديًا.
مواجهة التحديات الراهنة في قطاع الطاقة العالمي
لتجاوز التحديات الراهنة في قطاع الطاقة، يتعين على الاتحاد الأوروبي تحقيق توازن دقيق بين المصالح الوطنية والأهداف العالمية المتعلقة بأمن الطاقة والاستدامة. ويتطلب ذلك معالجة الجذور الاقتصادية والاجتماعية التي تغذي التيارات الشعبوية، إلى جانب اعتماد استراتيجية طاقة شاملة تتطلع إلى المستقبل، وضرورة العمل على تدعيم الوحدة الداخلية وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين من أجل إدارة التعقيدات التي يفرضها صعود الحركات الشعبوية. فضلًا عن، ضرورة أن يعطي الاتحاد الأوروبي الأولوية إلى الاستثمارات الاستراتيجية في قطاع البنية التحتية للطاقة والابتكار التقني بهدف تعزيز مرونة منظومة الطاقة لديه وقدرتها على التكيف والصمود أمام الشكوك المستقبلية.
ختاماً
يُشكل صعود أحزاب اليمين والحركات الشعبوية داخل أوروبا مخاطر جمة على استقرار أسواق الطاقة العالمية وموثوقية إمدادات الطاقة لدول الاتحاد الأوروبي. وكلما اكتسبت هذه الجماعات شعبية، كلما تنامت فرص تشرذم سياسات الطاقة الأوروبية وزيادة السخرية من سياسات العمل المناخي، بما ينذر بتقويض جهود الاتحاد الأوروبي المشتركة لمواجهة قضايا الطاقة العالمية المُلحة. ذلك بالإضافة إلى أن الأيديولوجيات التي يتبناها اليمين المتطرف لديها القدرة على تعميق التوترات الجيوسياسية وقلب موازين أسواق الطاقة العالمية، وتعقيد المشاركة الناجحة للاتحاد الأوروبي في المناقشات الدولية، بالأخص مع موردين مهمين للطاقة مثل دول مجلس التعاون الخليجي.
بالتالي، فإن اتباع نهج متنوع يحقق التوازن بين المشاركة العالمية الفعالة وترابط البيت الأوروبي، يعد ضرورة حاسمة للاتحاد الأوروبي في مواجهة هذه الصعوبات. من الضروري أيضًا، العمل على تعزيز الروابط الاستراتيجية خارج الإطار الأوروبي لاسيما مع دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من المناطق الأخرى التي يمكن أن تتيح سبلًا للتعاون في مجال التكنولوجيا وموارد بديلة للطاقة. ومن خلال توطيد العلاقات مع دول مجلس التعاون، يتسنى للاتحاد الأوروبي إمكانية تخفيف تبعات الانقسام السياسي الداخلي وضمان إمدادات للطاقة أكثر ثباتًا واستقرارًا. من ثم، فإن العمل على توسيع نطاق روابط الطاقة يضمن للاتحاد الأوروبي تدعيم أمن وصلابة هذه المنظومة وجعلها أقل اعتمادًا على الديناميات المُتقلبة والعشوائية داخل التكتل.
من الأهمية بمكان، أن تمنح الكتلة الأوروبية الأولوية القصوى للاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية للطاقة والابتكار التقني لضمان مرونة وصلابة منظومة الطاقة لديها. ينطوي ذلك على العمل على تحسين كفاءة الطاقة وإنشاء أنظمة مستدامة لتخزين الطاقة وتطوير تقنيات لدعم الطاقة المتجددة. كما أن الحفاظ على استراتيجية استشرافية وموحدة للطاقة، يحتم على الاتحاد الأوروبي ضرورة معالجة المظالم الاجتماعية والاقتصادية التي تغذي صعود الحركات اليمينية. بما في ذلك التشجيع على التوسع الاقتصادي طويل الأجل والعادل. هذا النهج المتكامل سيساهم في تقويض السرديات الشعبوية التي تهدد أمن الطاقة الأوروبي.
لتحقيق الأمن المستدام في مجال الطاقة، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتبنى نهجًا شاملًا يجمع بين السياسات الداخلية والتعاون الدولي. يتطلب ذلك تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الدول الشريكة لدعم التحول نحو الطاقة النظيفة، وتقديم الدعم المالي والتقني للاقتصادات الناشئة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يعزز مرونة منظومة الطاقة من خلال الاستثمار في البنية التحتية الذكية والابتكار التكنولوجي. إن مواجهة التحديات التي يفرضها صعود الحركات الشعبوية تتطلب من الاتحاد الأوروبي أن يقدم نموذجاً واضحاً للانتقال العادل نحو اقتصاد منخفض الكربون، وذلك من خلال سياسات اجتماعية واقتصادية شاملة.