array(1) { [0]=> object(stdClass)#13440 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 203

تونس أحد أوجه الحضارة العربية / الإسلامية وهويتها العربية في ثقافتها ومعالمها وشعبها

الأربعاء، 30 تشرين1/أكتوير 2024

تحتل تونس موقعا استراتيجيا فريدا يجعل منها مركزا لاتقاء حضارات وثقافات عديدة ومحورا عالميا للتواصل والتأثير على كافة المستويات الإقليمية والدولية، فتعد مركزا لالتقاء الشرق والغرب والتأثير والترابط بين الشمال والجنوب، فترتبط تونس ارتباطا وثيقا بمحيطها العربي والإفريقي ويتجسد ذلك جليا في أحداث ومواقف وقضايا عديدة ذات تبعات إقليمية ودولية ويكسبها ثقافة فريدة تمتزج فيها ملامح فريدة ومتنوعة.

ويمثل البعد العربي ملمحا هاما ومؤثرا في تونس التي ترتبط بالعالم العربي ارتباطا تاريخيا وتلعب دورا مميزا في الحضارة والثقافة العربية منذ الفتح الإسلامي لها منذ أقدم العصور، وتتعدد الشواهد والأمثلة التي تبرهن علي هذا الترابط القوي والوثيق فيتوسط  " مسجد الزيتونة " التاريخي قلب العاصمة التونسية وتترجم معالمه وجنباته وملامحه علي الترابط الحي بين تونس والثقافة العربية والإسلامية، فيعد المسجد مركزا دينيا وتعليميا تعقد به الدروس والحلقات فهو بمثابة جامعة إسلامية تخرج فيها كوكبة من علماء الدين و أمتد دوره  وتأثيره علي مدار قرون عديدة ويشتهر المسجد باسم  «الزيتونة المعمور» أو المسجد الأعظم ويقع الجامع على مساحة خمسة آلاف مترا مربعا، ويضم تسعة أبواب، وتتكون قاعته الداخلية من 184 عمودا جلبت من الموقع الأثري بقرطاج وتؤكد معالمه وزخارفه التي تتشابه مع العمارة والفنون الإسلامية في كافة أنحاء العالم العربي علي ترابط تونس بمحيطها العربي، كما تعلو مأذنته وتتوسط قلب المدينة العتيقة في مركز العاصمة التونسية في نهاية ميدان  " الحبيب بورقيبة " لتؤكد شوارع وطرقات وأزقة المدينة علي عمق وقوة الترابط بين تونس والعالم العربي فتنقلك تلك الطرقات والنهوج إلي عمق الثقافة العربية وتتمكن من رؤية  معالمها جلية في منحنيات الطرق وفي المقاهي والمحال القديمة التي توفر كافة المنتجات العربية الخالصة من والمشغولات النحاسية التي تمتزج وتتلاقي فيها الفنون والحضارة والثقافة التونسية والعربية والإسلامية ، فيشعر كل من يزور المدينة العتيقة أنه أنتقل إلي حقب زمنية تعود إلي أقدم العصور الإسلامية والعربية أو أنه يتجول في شوارع قاهرة المعز أو المغرب أو دمشق أو بغداد لتتجلي ملامح الترابط العربي التونسي الأصيل والتاريخي .

كما تنقلك الموسيقي والفنون التي تنتقل إلى مسامعك إلى عوالم أخري تؤكد أن تسير في قلب العالم العربي وشوارع الدول الأفريقية فتترامي إلى مسامعك أجمل أغاني كوكب الشرق أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب التي تمتزج مع الألحان التونسية وتتلاقى مع أعمال الرحبانية وصوت فيروز الذي يمس أوتار الروح والقلب والعقل.

كما تتزين جنبات المقاهي التاريخية التونسية في قلب المدينة العتيقة وفي قلب العاصمة التونسية بملامح الثقافة العربية كما تلتقي نغمات وألحان الأغاني العربية ونبرات كبار الفنانين مع المعزوفات العربية بل الأفريقية وبين احضان الطرقات والمحال الصغيرة والكبيرة تلتقي الملامح العربية والإفريقية مع التونسية ليمتزج الجميع معا في قالب واحد يمثل مشهدا للترابط والتواصل الحضاري بين تونس ومحيطها العربي والإفريقي.

وتمثل تونس مركزا فنيا وحضاريا هاما وثريا علي المستوى الإقليمي يعكس ويجسد الثقافة العربية  والأفريقية ويشتهر بالمهرجانات و التظاهرات الفنية التي تستضيف  وتحتضن أعمال وإبداعات كبار الفنانين والمبدعين في المحيط العربي والإفريقي، حيث تلتقي موسيقي الراب وأشهر الألحان التونسية مع الفنون العربية و الإفريقية في المهرجانات التي يشارك فيها ويشهدها الآلاف من الشعب التونسي والعربي والافارقة المقيمين في تونس  وخاصة في أحضان مدينة الثقافة التونسية التي تمثل مركزا فريدا للفنون والثقافة والتواصل والترابط الحضاري الذي يتميز بتعدد أبعاده وملامحه العربية والأفريقية والتقائها في قالب واحد مميز وفريد .

ويعد موقع تونس المميز عاملا أساسيا عزز ارتباطها بمحيطها الإقليمي، فتمتلك تونس موقعا استراتيجيا في شمال أفريقيا ويحدها البحر الأبيض المتوسط من الشمال ومن الشرق ويربطها بالعديد من الدول التي تلتقي معهم في الملامح والسمات الحضارية والثقافية كما أنها ترتبط بحدود مع الجزائر وليبيا فتمتلك طبيعة جغرافية جعلت منها محورا للالتقاء والتأثير على المحيط العربي والإفريقي.

كما تمثل اللغة محوراً آخر يبرهن علي ترابط تونس مع محيطها العربي والإفريقي فتعد  العربية والفرنسية لسان  أهل تونس بما يجعلها ويؤكد أنها تمثل مركزًا لالتقاء ثقافات وحضارات العالم العربي والإفريقي، وتتعدد أوجه التشابه الثقافي واللغوي والفني لتنقلك أهم الشوارع والمعالم الرئيسية في العاصمة التونسية إلي محيطات عربية وافريقية تنطق بعبق الترابط التاريخي الوثيق والقوي بينها وبين العالم العربي وأفريقيا فنجد طريق أفريقيا وشارع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كما تحمل الطرقات الرئيسية في العاصمة التونسية  أسماء أشهر زعماء العالم العربي و الدول فنجد شوارع محمد الخامس و هواري بو مدين وياسر عرفات والمغرب العربي وفلسطين و مصر والجزائر وليبيا ،كما يتوسط نهج القاهرة قلب العاصمة التونسية وميدانها الرئيسي " الحبيب بورقيبة" وتنقلك المحال في هذا الطريق و أسمائها لتجسد الترابط العربي والإفريقي ويأتي محل " المصري " للتصوير الفوتوغرافي الذي يعود تأسيسه إلي نحو قرن من الزمان تتصدرها صور كبار الزعماء العرب الراحلين من كافة الدول العربية و الإفريقية من مصر والعراق والمملكة العربية السعودية والمغرب وغيرها من الدول لتستقبل الزوار والمارة والزبائن متحدثة عن تاريخ الترابط التونسي مع العالم العربي وافريقيا .

وتؤكد الأحداث التاريخية على مر العصور وفي الحاضر على الترابط التونسي بمحيطها خاصة في العالم العربي والشرق الأوسط وأفريقيا، فجاءت ثورات الربيع العربي لتبرهن وتؤكد هذا التأثير القوي والتاريخي، فانطلقت أولي الشرارات من تونس عندما أضرم " البوعزيزي " النيران في نفسه وتلي ذلك تبعات ثورات الربيع العربي التي اجتاحت دولا عربية وأفريقية عديدة ليعقبها تغيرات جذرية كبري غيرت ملامح المنطقة بأكملها.

وتلعب تونس أدوارا فاعلة في المنظمات العربية والأفريقية تبرهن على تواصلها مع محيطها الإقليمي وتحتضن على أرضها مؤسسات عربية عديدة منها أتحاد إذاعات الدول العربية " أسبو " بالعاصمة التونسية برئاسة المملكة العربية السعودية ممثلة برئيس الاتحاد الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون في المملكة العربية السعودية محمد بن فهد الحارثي، ومدير عام اتحاد إذاعات الدول العربية المهندس عبد الرحيم سليمان.

والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الأليكسو) هي منظمة متخصصة، مقرها تونس، تعمل في نطاق جامعة الدول العربية وتعنى أساسا بالنهوض بالثقافة العربية بتطوير مجالات التربية والثقافة والعلوم على مستويين الاقليمي والقومي والتنسيق المشترك  ومركز المرأة العربية للتدريب والبحوث " كوثر " والذي يعني بقضايا المرأة وتعزيز مشاركتها الفعالة في كافة المجالات ، وتعد تونس عضوا فعالا في عدة منظمات عربية وإفريقية منها جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي وتساهم  بشكل جوهري في ترسيخ التعاون الإقليمي وتبادل الخبرات وتعزيز التعاون والترابط  بين العالم العربي وأفريقيا في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما يعزز السلام والأمن والاستقرار والتنمية .

 كما تلعب تونس دوراً حيوياً في حفظ السلام على المستويين العربي والإفريقي من خلال اعتمادها سياسة خارجية ترتكز على الحلول السلمية، وعُرفت تونس بدبلوماسيتها النشطة التي ترتكز على الحوار والتعاون الدولي لحل الأزمات والنزاعات سواء في محيطها العربي أو القارة الإفريقية.

وتضطلع تونس بأدوار فاعلة في الوساطة والحوار النزاعات وتعزيز الاستقرار في العالم العربي وإيجاد حلول للأزمات الإقليمية المعقدة وانخرطت تونس بشكل فعال عقب ثورات الربيع التي اندلعت في 2011م، في تعزيز الحوار السياسي كوسيلة لإنهاء النزاعات، ويعد دورها في تفعيل الحلول السلمية وإعادة الاستقرار في ليبيا أبرز الأمثلة على دبلوماسيتها النشطة، وقدمت تونس الدعم الكامل للمفاوضات الليبية برعاية الأمم المتحدة، واستضافت اجتماعات جمعت كافة الفصائل الليبية بهدف تحقيق التسوية السلمية الدائمة.

وتساند تونس وتدعم بقوة للقضية الفلسطينية وكفاح الشعب الفلسطيني وتؤيد وتدعم إيجاد الحلول الفعالة والسلمية التي تقف نزيف الحروب والاعتداءات التي يتعرض لها وتتعالي الأصوات التونسية وتلعب دبلوماسيتها أدوار فعالة لدعم القضية الفلسطينية تاريخياً.

كما استضافت تونس العديد من القمم العربية لتعزيز مسار السلام والتعاون العربي ومنها القمة العربية الثلاثين التي انعقدت في تونس عام 2019م، كانت محطة هامة لدعم الجهود الإقليمية لإنهاء الأزمات المستمرة في كل من سوريا وليبيا واليمن، وتؤكد تونس على ضرورة إيجاد حلول سياسية شاملة تقوم على الحوار بين مختلف الأطراف المتنازعة من إحلال السلم والأمن العربي.

كما تلعب تونس دورا فعالا في حفظ السلام في القارة الافريقية وتعد من أبرز المساهمين في بعثات حفظ السلام الإفريقية وتشارك بفاعلية في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وتمتلك أدورا مؤثرة في المبادرات الإقليمية لحفظ السلم والأمن الإقليمي، كما أنها عضو نشط في مجلس السلم والأمن الإفريقي المعني بحفظ السلم والأمن في افريقيا والمنطقة.

بما يؤكد ويبرهن أن تونس تمتلك مكانة في قلب الشرق الأوسط وعربياً وافريقيا تؤكد دورها المحوري وارتباطها الجوهري بمحيطها ومركزا تنصهر وتمتزج فيه الملامح والعلامات الفريدة للعالمين العربي والإفريقي والعلاقات التاريخية الوثيقة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية لتصبح جسرا تونس حضاريا غنيا وفريدا للتواصل والترابط والتعايش العربي والإفريقي.

مقالات لنفس الكاتب