التكتلات والتجمعات الإقليمية هي ظاهرة دولية فرضتها تحديات الانتقال نحو الاقتصاد الليبرالي الذي يفترض شروطا اقتصادية دنيا للاندماج المالي والسلعي صناعة وتوزيعا عادة ما تلجأ الدول اليها حماية لمصالحها وتأمينا لمستقبل شعوبها وفتحا لأفاق جديدة لصناعاتها الوطنية أو صادراتها السلعية.
كانت هذه الغايات والأهداف مجتمعة بمثابة الدافع الذي قاد إلى اعلان انشاء اتحاد مغاربي تحت مسمى اتحاد المغرب العربي.
وقد كانت الرغبة في قيام هذا الاتحاد سابقة لتاريخ تأسيسه بالنظر لما يجمع بلدانه حضاريا بما يعنيه ذلك من تقارب ثقافي ديني لغوي وحتى على مستوى العادات والتقاليد كثيرة الشبه.
وتزامنت فترة اعلان انشاء الاتحاد بتاريخ 17 فبراير سنة 1989م، بمدينة مراكش المغربية من قبل زعماء دوله الخمسة ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا مع مسار وضع الأسس الاقتصادية لحرية انسياب السلع في بلدان الاتحاد الأوروبي والتحركات السياسية في ألمانيا التي أسهمت في سقوط حائط برلين في نفس السنة وبالتالي الدفع نحو تقوية هذا الاتحاد الذي يعد الشريك الاقتصادي الأول للبلدان المغاربية حيث تمثل هذه السوق الأوروبية المشتركة تحديا أو تهديدا على اقتصاديات دول المغرب العربي يتعين مواجهته بصفة تضامنية ومشتركة.
وقادت فكرة التحديات المشتركة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من مجمل الحاجيات الاستهلاكية الداخلية بلدان المغرب العربي الى اعلان اتحادهم على مساحة إجمالية تتجاوز الـ 6 ملايين كيلومتر مربع وهي مساحة تفوق مساحة الاتحاد الأوروبي مما قد يعطي إحساسا بالقوة الكامنة في هذا الفضاء المغاربي.
وتصدرت الرغبة في توثيق أواصر الأخوة التي تربط بين الدول وبين شعوبهم الأهداف المعلنة إضافة الى تحقيق التقدم والرفاهية لمجتمعات هذه الدول والدفاع عن حقوقها واتباع سياسة مشتركة في مختلف الميادين والعمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص والخدمات والسلع ورؤوس الأموال وهي الأهداف التي تعذر تنفيذها على مر السنين.
وبصرف النظر عن السياقات التاريخية المشتركة للبلدان المغاربية على غرار حروب التحرير الوطنية والتعاون النضالي من أجل الاستقلال ووحدة الجغرافيا والإرادة الشعبية العميقة إضافة الى الرغبة الرسمية المعلنة خطابيا فالاتحاد ظل عاجزا عن تحقيق أهدافه المنشودة والمعلنة بالرغم من توفر عناصر الوحدة ومقومات النجاح.
مقومات نجاح غير مستغلة:
المساحة الشاسعة للاتحاد المغربي والثروات الطبيعية المتوفرة من نفط وغاز (الجزائر وليبيا وامكانيات واعدة بموريتانيا في انتاج وتصدير الغاز) وفوسفات (تونس والمغرب وموريتانيا) إضافة الى صناعات تحويلية غذائية وصناعات نسيجية بكل من تونس والمغرب وشريط ساحلي مستقطب للسياحة الشاطئية يمتد على أكثر من 6.5 آلاف كلم تعتبر جميعها من أبرز مقومات نجاح اتحاد المغرب العربي إضافة الى تنافسية اقتصاداته الجاذبة للاستثمار الخارجي بفضل كفاءة اليد العاملة وانفتاح الشعوب على ثقافات وحضارات الشريك الشمالي الاوروبي.
وفي هذا المجال يمكن التنويه بشكل تفصيلي بقدرة القطاع الخاص في البلدان المغاربية على التأقلم مع المستجدات الاقتصادية المحيطة على غرار الشركات الصغرى والمتوسطة في تونس التي تمكنت من وضع هذا البلد الصغير جغرافيا على منصة تتويج التنافسية لسنوات طويلة على مستوى القارة الافريقية وأيضا النجاحات المغربية في الصناعات التحويلية وصناعة مكونات السيارات والسياسات الجديدة في الجزائر لتنويع القاعدة الاقتصادية إضافة الى الاستثمار الموريتاني القادم في قطاع الطاقة والإمكانات المالية التي تتيحها ليبيا استثماريا.
مقومات النجاح التي ذكرنا أهمها ولم نتوسع في تفاصيلها هي في الواقع متنوعة ومتعددة على غرار المشترك الديني والثقافي والاحساس بالانتماء لذات الفضاء بين مواطني الاتحاد كما تبرز مجملها بما لا يدع مجالا للشك سمة الطبيعة التكاملية لاقتصاديات البلدان المغاربية بالرغم من تواجد شعور ما لدى فاعلي القطاع الخاص بتنافسيتهم فيما بينهم أكثر من تكاملهم خاصة على مستوى السوق التصديرية باعتبار أن الشريك الاقتصادي الأول هو أوروبا وهو شعور غير مبني على مقاربات علمية وإنما يستند إلى المصلحة الشخصية والأنيّة.
تحديات هامة ومؤثرة:
عرفت البلدان المغاربية استعمارا مباشرا عملت حركات التحرر على التخلص منه من خلال مقاربة وطنية محلية وفق السياقات التاريخية لكل دولة. كما وحّدت المقاومة جهودها التضامنية في بعض المحطات النضالية من أجل الاستقلال مثل ما حدث بين تونس والجزائر من خلال احتضان المقاومين والدعم والمساندة الميدانيين (احداث ساقية سيدي يوسف الحدودية).
وبعد استقلال بلدان المغرب العربي والتخلص من المستعمر ترك الأخير عمدا على الأرجح مشاكل حدودية أنهكت الأنظمة حديثة العهد بالاستقلال بين كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب والأخير وموريتانيا.
وللتذكير فإن التقارب والتنسيق الدبلوماسي من خلال تكليف مجلس وزراء الخارجية بالعمل في إطار تعاوني على تقوية العلاقات بين بلدان الاتحاد وتقريب وجهات النظر والمواقف إزاء النزاعات او الازمات الجهوية والعربية كانت على رأس الأهداف السياسية وراء بعث الاتحاد المغاربي ذاته كما أن إقرار مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان باقتراح من تونس كانت من أهم المضامين المعلنة بمناسبة تأسيس هذا الاتحاد.
لذلك اعتبرت المسألة الحدودية وريثة الاستعمار الماكر أهم التحديات التي أثرت على حسن سير اتحاد المغرب العربي، كما أن الخلافات الحدودية القائمة سواء المحدودة على غرار المشكل الحدودي التونسي الليبي (الذي تم اعادته الى سطح الأحداث مؤخرا) أو العميقة المتعلقة بما يسمى المشكل الصحراوي الذي تسبب ليس فقط في أزمات سياسية متكررة بين الجارتين الجزائر والمغرب تراوحت بين غلق الحدود والتهديد ولو نسبيا باستعمال القوة وإنما أسهم أيضا في تعطيل مسار قيام اتحاد مغاربي فاعل ومؤثر على غرار اتحاد بلدان الخليج العربي الذي يعد أهم تجمع إقليمي عربي من حيث النجاح والفاعلية رغم كل التحديات والتهديدات المحيطة بالمنطقة.
وقد ألقت قضية الصحراء بظلالها على العلاقات المغاربية وأسهمت في توتر شديد للعلاقات الجزائرية المغربية هو الأعمق في المنطقة العربية. كما أن عدم إيجاد حل لهذا الخلاف حكم بالموت السريري على اتحاد يعتبره البعض ولد أصلا ميتا نظرا لاختلاف الأنظمة السياسية وتأرجحها من النظام الجمهوري إلى النظام الجماهيري إلى النظام الملكي ومن دائرة الحكم المدني إلى دائرة الحكم العسكري.
الاقتصاد المغاربي رهينة المناخات السياسية المعقدة:
يرجع بعض خبراء التاريخ الاقتصادي نجاح الاتحاد الأوروبي إلى غلبة الحاجة الاقتصادية وتأثيرها على المسارات السياسية حيث يعد المطلب الاقتصادي السياسي "دعه يعمل دعه يمر" بمثابة المقولة المؤسسة للتيار الليبرالي الأوروبي في مرحلته الانتقالية نحو الرأسمالية والأرضية الفلسفية التاريخية وراء إرساء سوق مشترك يحمي الرساميل ويضمن انسياب السلع والخدمات بكل حرية.
ورغم أن تأسيس اتحاد المغرب العربي تأثر نوعا ما بنجاح اتحاد شمال المتوسط الأوروبي حيث أريد له أن يكون شبيها له على الضفاف الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط إلا أنه عجز عن تحقيق الأهداف الاقتصادية المعلنة في بيان التأسيس فيما يتعلق "بتحقيق التنمية الصناعية والزراعية والتجارية والاجتماعية للدول الأعضاء واتخاذ ما يلزم اتخاذه من وسائل لهذه الغاية، خصوصا بإنشاء مشروعات مشتركة وإعداد برامج عامة ونوعية في هذا الصدد".
حيث لا تتجاوز المبادلات التجارية دون احتساب الطاقة نسبا تناهز الصفر بالنسبة للبعض وقد لا ترتقي الى نسبة قصوى تناهز خمسة بالمائة من مجمل التبادلات التجارية الخارجية لهذه البلدان مع الاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم وفي ذلك اخفاق لمبدأ الشراكة والتعاون الاقتصاديين.
كما لم يتمكن الاتحاد من بناء سوق مغاربية مشتركة تضمن انسياب السلع والخدمات وظل اعفاء المواطنين المغاربة من شرط التأشيرة عند السفر إلى إحدى بلدان الاتحاد غير كافي لدفع الاستثمار وإقامة الشراكات الاقتصادية.
كانت مطالب القطاع الخاص المغاربي ولازالت تتمثل في بعث اتحاد جمركي وإعفاء البضائع والسلع المصنوعة أو المنتجة في بلدان الاتحاد من كافة المعالم والأدائيات المستوجبة عند التوريد او التصدير إضافة الى تحرير الاستثمار وضمان انتقال الرساميل.
في المقابل لم تجد هذه المطالب آذانا سياسية صاغية نظرا لخلافات الأنظمة والتوترات الحدودية وعلى رأسها القضية الصحراوية لذلك يمكن القول إن الشأن الاقتصادي المغاربي ظل رهينة منطقية لمناخاته السياسة.
البحث عن حلول اقتصادية بديلة:
لا يمكن القول إنّ الاتحاد المغاربي هو اتحاد سياسي بالأساس لا على مستوى الواقع العملي ولا من حيث الأهداف المعلنة عند تأسيسه بينما يمكن الجزم أن الرغبة من وراء احداثه كانت اقتصادية في المقام الأول حيث مثل تحقيق التعاون الاقتصادي والرفاه لشعوب المنطقة وبدرجة أقل الاندماج الثقافي وإرساء تعاون اجتماعي الغايات أو الأهداف الكبرى التي أراد أصحاب الإعلان من خلالها الاستجابة لمطالب شعبية مشروعة في تحسين ظروف العيش للمواطن المغاربي.
وإزاء الفشل في بناء اتحاد اقتصادي مندمج ومتكامل لجأت الدول المغاربية إلى تعزيز اتفاقيات الشراكة الاقتصادية البينية أو الثنائية ودعمت من خلال حوافز جمركية التبادلات التجارية عبر منح المتعاملين الاقتصاديين امتيازات تنافسية بالتقليص في المعاليم والأداءات المستوجبة.
كما انصهرت بعض دول الاتحاد ضمن تجمعات اقتصادية إقليمية أخرى بهدف تحسين آداء أجهزتها التصديرية على غرار الاتفاقية العربية المتوسطية للتبادل الحر والمعروفة باسم اتفاقية أغادير والذي شمل بلدان عربية ذات اقتصاديات شبيهة (المغرب وتونس ومصر والأردن) ورغم أن هذه الاتفاقية كانت مدعومة من الاتحاد الأوروبي وأريد لها تعويض الاتحاد المغاربي كتجمع اقتصادي اقليمي إلا أنها بفعل ضعف الاهتمام السياسي فشلت أيضا في تحقيق أهدافها وأغلق مقر الاتفاقية بالعاصمة الأردنية منذ ما يزيد عن السنة وبقيت الشراكات الاستثمارية محدودة جدا بين رجال الأعمال.
وقد رفضت الجزائر الانضمام الى هذه الاتفاقية بالرغم من استجابتها لشروط الانضمام حيث ضلت القضية الصحراوية بمثابة سيف دموقليس المسلط على اتحاد المغرب العربي.
وسارعت المغرب في وضع سياسة بديلة تقتضي التوسع جنوبا نحو السوق الافريقية فدعمت حضورها المالي عبر مؤسسة التجاري البنكية ومن خلال دعم حركة النقل داخل القارة السمراء لتتبعها الجزائر في محاولة لمنافسة الحضور المغربي وبدرجة أقل وباحتشام سعت تونس أيضا لدفع تعاونها الاقتصادي مع ما تسميه العمق الافريقي.
ولم تنجح الاتفاقيات الثنائية ولا الإقليمية في تحقيق نتائج هامة أو في تحفيز اقتصادات هي بأمس الحاجة الى الاندماج في فضائها الطبيعي والجغرافي (المغاربي) لذلك أعتقد جازما أن لا حلول اقتصادية إقليمية ممكنة لبلدان الاتحاد خارج فضاءهم المغاربي.
قطاع خاص غير مؤثر:
قل وندر أن يتم تنظيم اجتماعات لممثلي عالم الأعمال في الفضاء المغاربي تحت مسميات تفعيل العمل المشترك أو ضرورة تحقيق الاندماج الاقتصادي ولم تتجاوز الضغوطات التي ينبغي على القطاع الخاص اتيانها إزاء الجهات الرسمية والدوائر السياسية في الدول الأعضاء مرحلة التوصيات المحتشمة بمناسبة لقاءات قليلة تتم في أطر معينة وأثناء فترات تكون فيها الخلافات السياسية في الواجهة الخلفية للأحداث الوطنية.
وكثيرا ما تتردد وتتكرر هذه التوصية العامة في لقاءات رجال الأعمال المغاربيين: «الإسراع بتفعيل فضاء اقتصادي مغاربي مندمج للتمكن من رفع التحديات الحالية ومواجهة التجمعات الاقتصادية الإقليمية والجهوية".
وتكاد تكون هذه الجمل الرنانة بمثابة المرآة العاكسة لمقولات السياسيين خلال لقاءاتهم الديبلوماسية. وإذا كان عالم المال والأعمال مؤثرا في سياسات البلدان الأوروبية والغربية عموما حيث يفرض وفق مصالحه أجندات سياسية تؤثر بشكل مباشر على السياسات الإقليمية في مجال المبادلات التجارية، فإن هذا الضغط المنشود يكاد يكون منعدما في بلدان اتحاد المغرب العربي.
ويضعف غياب القطاع الخاص وعدم تأثيره في الشأن الاقتصادي المغاربي من فرص نجاح الاتحاد لأن لغة المصالح المشتركة من شأنها الاسهام في تجاوز الخلافات وقد علمتنا الجغرافيا أن بلدانا متنافرة تجاهلت صراعاتها واختلافاتها عندما تكلمت لغة المصالح ولنا في المصالحة الفرنسية البريطانية والألمانية الفرنسية خير دليل على واقعية هذه الطموحات.
تأثير الخارج على الشأن المغاربي:
يلعب الخارج في أحيان عدّة لعبة المصالح المزدوجة مع اتحاد المغرب العربي بالاصطفاف تارة وراء الموقف الجزائري من قضية الصحراء أو مساندة التمشي المغربي وهذا يزيد في تأجيج التوتر البيني كما حدث مؤخرا عند الاصطفاف الاسباني الفرنسي وراء الموقف المغربي.
ومن مظاهر تأثير الخارج الضغوطات التي يمارسها الاتحاد الأوروبي على بلدان الاتحاد في مسألة الهجرة غير النظامية والتي تعد أساسا هجرة اقتصادية ساهمت الأوضاع السياسية ما بعد ثورة ما يسمى بالربيع العربي في تونس وليبيا في تكثيف نسقها خاصة وان البلدين أصبحا منطقة عبور للمهاجرين من بلدان جنوب الصحراء.
وإزاء غياب تنسيق أمني مغاربي تم التعاطي مع المسألة في الأطر الثنائية غالبا وفق شروط الطرف الأوروبي الذي يلجأ إلى سلاح الحد من اسناد التأشيرات وتقييد المساعدات الفنية الممنوحة بسياسات الحد من الهجرة غير الشرعية. وهو مظهر من مظاهر ضعف بلدان الاتحاد نتيجة الاختلافات والخلافات وعدم تنسيق المواقف في مسائل السياسات الخارجية رغم أن الأهداف الرئيسية المعلنة عند تأسيس الاتحاد تتمثل في تنسيق المواقف الديبلوماسية.
إعادة بناء الاتحاد وفقا للواقعية السياسية:
من أجل إعادة بناء اتحاد يستجيب لتطلعات الشعوب المغاربية فلا مفر من المصالحة الشامة والجلوس على طاولة المفاوضات بهدف تقديم ما يتعيّن من تنازلات لتحقيق الغاية الأسمى وهي النهوض بشعوب الاتحاد نحو الرقي والرفاه الاقتصادي والاجتماعي.
هذه المسؤولية السياسية تتحمل أعباء إنجازها الطبقة السياسية الحاكمة التي تسهم بما تفرضه من تفرقة وصراعات في تخلف هذا الفضاء الاقتصادي والجغرافي الهام.
وحتى يقتنع اللاعبون السياسيون بجدوى بناء اتحاد مغرب عربي يتسم بديناميكية اقتصادية ويسهم في مزيد خلق الثروة وتحقيق النماء والرخاء الاقتصادي فعلى منتسبي القطاع الخاص ممارسة ضغوط بحجم مواقعهم ونفوذهم.
كما أن النتائج الكارثية من وراء عدم تفعيل آليات التعاون والتنسيق تؤثر سلبا على الاقتصاد وخاصة نسب النمو التي تخسرها بلدان الاتحاد والتي تتراوح ما بين نقطتين وثلاثة نقاط نمو سنويّا وفق مختلف الدراسات التي تم إجراؤها في الغرض.
وفي سياق متصل لا ينبغي أن نهمل دور الشركات الصغرى والمتوسطة وحتى متناهية الصغر التي تنتظر هكذا فرصة لتأسيس أعمالها على قاعدة العمل ضمن سوق كبرى تناهز المائة مليون مستهلك ويلقى على عاتقها أيضا مسؤولية الضغط والتحرك بكامل ثقلها لفرض هذه الأجندة على مكاتب وطاولات السياسيين.
ويكفي التذكير في هذا المجال أن بناء اتحاد أوروبي مندمج وفعّال تم تشييده على أنقاض حروب وعداوات وصراعات مريرة ودموية تناسى الجميع حدوثها متجهين نحو مستقبل أكثر أمانا ورقيا لفائدة شعوب أوروبا. وعدم الاتعاظ من ذلك إنما يعد رغبة في تأبيد التخلف وتعميقا للهوّة الحضارية بين شمال المتوسط وجنوبه.
دور محدود لمؤسسات الاتحاد:
لا يمكن تناول تأثير مؤسسات الاتحاد على غرار الأمانة العامة ومقرها المغرب ومجلس الرئاسة واللجان المختلفة المحدثة بمعزل عن الوضع السياسي العام حتى أن دور هذه المؤسسات لا يتعدى في أقصى الحالات الحدود البروتوكولية الدنيا ويقتصر نشاط أمين عام الاتحاد على تنظيم بعض اللقاءات الدبلوماسية في بلد الإقامة وتنظيم بعض الدورات التدريبية حيث لا يمتلك صلاحيات تنفيذية تمكنه من القيام بمفاوضات فعلية تحد من التوترات البينية وتعمل على حلها.
لذا فإن حل قضية الصحراء هو أساس انشاء اتحاد مغاربي كما حلمت به أجيال متعاقبة من الوطنيين المغاربيين من أجل غد أفضل لشعوب المنطقة.