يعمل المغرب على تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، وتوطيد دينامية الاستثمار وخلق فرص الشغل، ومواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية، والحفاظ على استدامة المالية العمومية. وتعميق الإصلاحات الجوهرية التي يقودها الملك محمد السادس، مع إيلاء أهمية الحفاظ على استدامة المالية العمومية، وذلك من خلال اتخاذ مجموعة من التدابير التي من شأنها تعزيز الإيرادات وتقليص النفقات غير الضرورية.
فعلى المستوى الفلاحي حرص الملك محمد السادس، منذ توليه العرش عام 1999م، على مـواصلة بناء السدود، حيث قام المغرب بإنجاز أكثر من 50 سدا، منها الكبرى والمتوسطة، إضافة إلى 20 سدا في طور الإنجاز.ويتم تنفيذ البرنامج الوطني للماء 2020 -2027م.
وعلى مستوى البنية التحتية عززت المملكة مكانتها ضمن المراكز الخمسة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. حيث عرفت إصلاحات كبرى في مجال البنية التحتية مطابقة للمعايير الدولية، فقد بلغ أكثر من 1800 كل م2 من الطرق السيارة، وطموح المغرب تمكينه من التوفر على شبكة طرقية سيّارة يناهز طولها 3000 كلم في أفق 2030م.
ويتوفر المغرب على أكثر من 25 مطار؛ منها 19 مطارا دوليا، تصل طاقتها الإجمالية إلى 40 مليون مسافر سنويا، أهمها مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء والذي يعتبر أكبر محور بين أوروبا وإفريقيا.
وأصبح ميناء طنجة المتوسط أول ميناء في عملية شحن الحاويات على صعيد البحر الأبيض المتوسط مؤكدا ريادته للسنة الثالثة على التوالي على مستوى القارة الإفريقية.
وأما ميناء الداخلة الأطلسي، من المرتقب أن يبدأ تشغيله، ما بين سنتي 2027 و2028م، في رهان مغربي آخر لخدمة التجارة في إفريقيا، لدعم الأنشطة الاقتصادية؛ في إقليم الداخلة، بعلاقة مع القارة الإفريقية.
وعلى مستوى السكك الحديدية، بالإضافة إلى 2000 كل م2 من السكك الحديدية، تتوفر في المملكة يوجد بها أول خط سككي عالي السرعة حيث يعد مشروعا غير مسبوق بالمغرب العربي وبمجموع القارة الإفريقية.
و يتمتع المغرب بموقع جغرافي استراتيجي متفرد، وهو جزء من منطقة البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، كما يقع بالقرب من أكبر سوق مصدرة في العالم وهي منطقة اليورو، كما أن مشاطته للمحيط والبحر المتوسط والتي تعتبر واحدة من الوجهات السياحية العالمية الأولى، فمع 3500 كلم من الشواطئ الساحلية، يقدم المغرب إمكانية بحرية استثنائية للمستثمرين في هذا المجال.فالمغرب يشتغل على خارطة طريق سياحية لتعزيز السياحة المحلية، وإدماج مبادئ التنمية المستدامة، ودعم الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماع للوصول إلى 17.5 مليون سائح بحلول عام 2026م، مع رؤية مستقبلية تستهدف 26 مليون سائح عام 2030م.
وعلى المستوى الصناعي، ووفق مخطط الإنعاش الصناعي 2023-2021م، يتضمن من بين محاوره الاستراتيجية تعزيز مكانة المملكة كقاعدة صناعية خالية من الكربون. على اعتبار أن "المغرب قد انخرط في مسلسل التحويل الأخضر لاقتصاده من خلال جعل صناعته خالية من الكربون، وهو الخيار الذي أصبح يفرض نفسه كمعيار هام لولوج الأسواق الخارجية" وبأن " هذا البرنامج يسمح بدعم التميز الميداني للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة مع تقليص نطاق بصمتها البيئية وتعزيز توقعها الاستراتيجي بالأسواق الواعدة في إطار النماذج الاقتصادية الجديدة المستدامة والمبتكرة".
وعلى مستوى الاستراتيجية الوطنية للنجاعة الطاقية في أفق 2030م، اعتمد المغرب منذ سنة 2009م، استراتيجية طاقية وطنية حيث اعتبر النجاعة الطاقية أولوية وطنية وبدأ العمل في هذا المشروع في 10 مايو 2013م، وتمتد محطة "نور 1" التي تبعد حوالي 20 كيلومترا عن ورزازات، على مساحة 450 هكتارا، وفيها نصف مليون من المرايا العاكسة. ويتوقع أن تنتج نحو 160 ميغاوات من الكهرباء. كما ان هناك انجاز لمحطة نور 2 و3 و4.
الدبلوماسية المغربية واهميتها في المغرب العربي
عملت المملكة المغربية منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش على بلورة رؤية دبلوماسية شاملة ومتناسقة تكرس الهوية الحضارية العريقة للمغرب وتستغل موقعه الجيو-استراتيجي المتميز وتتجاوب مع ثوابتها الراسخة وتتكيف بفعالية مع محيط دولي معقد يعرف متغيرات متسارعة ويعيش على إيقاع أحداث ووقائع متنوعة.
وبخصوص أهمية اتحاد المغرب العربي للمغرب:
-دستوريا فإن المملكة المغربية تلتزم بالعمل على بناء الاتحاد المغاربي كخيار استراتيجي؛
-على مستوى أهمية الدبلوماسية المغربية في المغرب العربي:
-بالنسبة العلاقات المغربية / الجزائرية :إن المبدأ المغربي تجاه البلد الجار الجزائر هو اليد الممدودة: ومن أجل ذلك جعل الدبلوماسية ضمانة لحسن الجوار وقوة دافعة للأمل حرص الملك محمد السادس طيلة ربع قرن على توجيه رسائل بناءة للمحيط الإقليمي والجوار المباشر ويمكن الاطلاع على هذا التوجه الصريح في الخطب الملكية التي جسدت رسوخ موقف المغرب بشأن أهمية الاتحاد المغاربي بمكوناته الخمسة من جهة، ومن جهة أخرى إيلاء الأولوية للجوار المباشر الجزائر في تعبير واضح عن جدية المغرب وتطلعه لمستقبل المنطقة، حيث تمسكت المملكة بسياسة اليد الممدودة كخيار وقناعة تؤمن بحتمية التاريخ والجغرافيا المشتركين.
وبالرغم من أن الجزائر أعلنت في عام 2021م، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب بسبب جملة من القضايا كان من الممكن مناقشتها في مائدة مستديرة بوساطة خليجية أو أوروبية.
ونتيجة قطع هذه العلاقات حرمت الجارين معا من الاستفادة من عدة فرص اقتصادية مشتركة بينهما منها استغلال أنبوب الغاز الأوروبي -المغاربي، الممتد من الجزائر نحو أوروبا مرورًا بالمغرب، والذي يزود أوروبا بالغاز الجزائري. وسياسيا، استمرار استعصاء مسألة الصحراء على الحل، ومن شأن هذا الاستعصاء أن يغذي التنافس بين البلدين لتحقيق مكاسب داخل الإقليم، لكن عبر سياسة التحالفات مع قوى من خارجه.
-بالنسبة لتسوية ازمة ليبيا ان المغرب قد اختار أن يكون مناصرا للسلم والأمن الدوليين، ويمكن استحضار في هذا الصدد المساعي التي قام بها من أجل استقرار ليبيا ووحدتها، واحتضان المغرب الحوار بين جميع الأطراف الليبية، انتهي باتفاق تم توقيعه برعاية منظمة الأمم المتحدة بمدينة الصخيرات في المغرب بتاريخ 17 دجنبر 2015م، ومن ثم تأسست حكومة الوفاق الوطني الليبية، وهي حكومة منبثقة عن الاتفاق السياسي الليبي بالصخيرات.
-بالنسبة للعلاقات المغربية التونسية: يطبعها الجمود الدبلوماسي منذ استقبال الرئيس التونسي زعيم البوليساريو، على هامش القمة الثامنة لمنتدى التعاون الياباني الإفريقي “تكاد” 2022م، رغم أن المملكة المغربية ظلت حريصة على الحفاظ على استقلالية القرار التونسي واحترام سيادتها من خلال تشجيع الاستثمارات المغربية في تونس ودعم الاقتصاد التونسي بعد أحداث الربيع العربي وما رافقه من تطورات وانعكاسات على الاقتصاد والمجتمع التونسي.
-بالنسبة للعلاقات المغربية/ الموريتانية: لم تترجم بعد إلى واقع حقيقي وفعلي، على الرغم من أنها شهدت في السنوات الأخيرة طفرة واسعة، حيث أن المغرب أصبح المستثمر الإفريقي الأول في موريتانيا، ولمؤسساته المصرفية والصناعية والاتصالية دور كبير في تنشيط الحقل الاقتصادي الموريتاني. ورغم ذلك مازال الموقف الموريتاني ضبابيا من قضية الصحراء المغربية وهو ما يعرقل التوجه نحو المستقبل بين الطرفين بشراكة استراتيجية هامة.
الأهمية الاستراتيجية لمنطقة دول المغرب العربي في ظل التحديات الإقليمية والدولية
تبرز المنطقة المغاربية كأحد الفضاءات الجيوسياسية المهمة، التي بدأت تشهد حركية متنامية تجاه التفاعلات نظرًا إلى خصوصياتها المحلية وموقعها في مدار التنافس الدولي بين القوى العالمية. سيكون من الجيد أن تتركز الشراكة الأمنية بين الدول المغاربية في سبيل مواجهة التحديات الأمنية القائمة على إجراءات الأمن التعاوني وبناء الثقة بين وحدات العملية التعاونية، ويمكن أن تتجسد عمليًا عبر تبادل المعلومات والتنسيق في مجال المراقبة والتنفيذ بالاعتماد على الترتيبات الأمنية في هذا الإقليم، وهي التي تنشأ عن تبلور إجماع لدى دوله حول ضرورة التعاون بينها لخفض العنف وتعزيز الاستقرار والسلم في المنطقة عبر تفعيل مختلف أشكال الاتفاقيات مثل معاهدات الأمن الرسمية، واتفاقيات العمل المشترك… إلخ
ويمكن الإشارة إلى عودة القوى التقليدية وانخراطها في أزمات المنطقة المغاربية، إلى جانب تصاعد ميزان الشراكة المغاربية مع القوى الصاعدة في صورة الصين، وكذا اندماج روسيا على نحو متزايد في المنطقة، كل هذا يمكن أن يمثل عاملًا إيجابيًا لدول المغرب العربي كونها تدفع في اتجاه تأسيس شبكة علاقات أكثر توازنًا وبإمكانها أن تمنحها كذلك فرصة مأسسة علاقات أكثر ربحية.
وهنا يمكن للتكتل القائم المتمثل باتحاد المغرب العربي أن يمثل مدخلًا مهمًا من المداخل المفعَّلة لتحوّل المغرب العربي من موضوع إلى فاعل أساسي في الترتيبات الأمنية القائمة في الفضاء المغاربي والمتوسطي
إن عودة القوى التقليدية للانخراط في أزمات المنطقة المغاربية يمكن أن تفسّر في إطار اعتبارات متعددة، يتمثل أهمها بما يلي:
- وصول الارتدادات المباشرة لتلك الأزمات إلى حدود تلك الدول، حيث بدأت مثلًا الدول الأوروبية تواجه مجموعة من الضغوط الداخلية، بسبب انتقال تداعيات الأزمات الإقليمية إلى داخل أراضيها، وذلك من خلال مستويين: الأول هو ارتفاع حدة تدفق اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من المنطقة المغاربية إلى الدول الأوروبية. والثاني يتمثل بتصاعد عدد العمليات الإرهابية التي قامت بها جماعات تابعة لتنظيمات إرهابية.
-إدراك بعض القوى أن عدم التدخل في بعض الأزمات أسهم في استفحالها وانتقالها إلى دول أخرى، ربما هذا يبدو واضحًا في الحالة الروسية، هذه الأخيرة التي رأت أنها وقعت ضحية لخديعة الدول الغربية، عندما وافقت على قرار مجلس الأمن الرقم (1973م) الخاص بالأزمة الليبية وفتحه الباب واسعًا أمام تدخل حلف شمال الأطلسي هناك.
-تراجع دور الولايات المتحدة الأمريكية وانسحابها التدريجي من مناطق الأزمات. وربما شكل هذا الأمر أحد أهم معالم السياسة الخارجية الأمريكية خلال حقبة إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما وحتى خلال فترة الرئيس دونالد ترامب والرئيس جون بايدن.
فهل يمكن لدول المغرب العربي أن تتحول من الحلقة الأضعف في المعادلة الإقليمية والدولية إلى طرف فاعل في مواجهة تحالف ثلاثي القوى: الاتحاد الأوروبي؛ الولايات المتحدة الأمريكية؛ والقوى الصاعدة؟
في حقيقة الأمر، وبالنظر إلى الواقع الجيواستراتيجي العام في المنطقة، ليس بمقدور دول المغرب العربي اليوم تجاوز اختلافاتها، حيث إنها وعلى الرغم من امتلاكها كل الوسائل لإحداث تحرك موحَّد، ولكنها بتصرفاتها الأحادية التي شجعت على ظهور تنافس فيما بينها أكثر من ظهور تكامل مغاربي. وهو ما يؤدي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى عدم قدرتها على الاستفادة من الفرص التي يمكن أن يوفرها اتحاد المغرب العربي. والأمر الأكيد هو أن هذا الوضع القائم تستغله القوى الأخرى المهتمة بالمنطقة خدمة لمصالحها.
وعليه، لم تستطع البلدان المغاربية أن تستفيد كتكتل إقليمي موحد من الفرصة التي يوفرها الاهتمام الأمريكي والأوروبي المزدوج بالمنطقة المغاربية إضافة الى القوى الاخرى، وإن هذه الصعوبات في البروز كوحدة واحدة، تجعل من الضروري إضافة أن دول المغرب العربي عليها مواجهة الرأي العام الرافض بوجه عام للتحكم والتبعية للقوى الخارجية.
لذلك، ينبغي التفكير بجدية في تعبئة حقيقية للدول الخمس التي يجب أن تتحد وتتجاوز خلافاتها من خلال التركيز على العوامل الموحدة. لأن دول المغرب العربي اليوم في حاجة ماسّة إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه اتحاد المغرب العربي، وخصوصًا في ظل الأزمات الاقتصاديّة التي تفرض وجود تعاون إقليمي من هذا النوع. لكن في الوقت نفسه، يبدو من الواضح أن مرور بعض هذه الدول بماضات سياسيّة عسيرة حتّى اللحظة، كحال تونس وليبيا مثلًا، مازال يعرقل اندفاعتها باتجاه تفعيل مشاريع طموحة من هذا النوع. فالعمل على أطر التكامل الاقتصادي بين الدول، يحتاج في العادة إلى استقرار سياسي يسمح بالتعاون واستقطاب رساميل استثمارية خارجية وبينية مغاربية وخليجية.
أهمية إحياء دور الاتحاد المغاربي في ظل هذه الظروف
نرى انه من بين اهم التحديات التي يواجهها إحياء اتحاد المغرب العربي:
– غياب الإرادة السياسية : حيث إن عدم وجود إرادة قوية لجميع قادة الدول المغاربية في إعادة إحياء اتحاد المغرب العربي رغم ان الفعاليات الاكاديمية و الشعبية المغاربية تواقة إلى احياء الاتحاد.
– قضية الصحراء المغربية : مادامت لم تحسم بعد هذه القضية فإن الاتحاد يظل معلقا و جامدا إلى حين.
رغم ان هناك بعض المؤشرات الإيجابية للذهاب قدما في إحيائه ، ففي فبراير 2024م، أصدر رئيسا البرلمان في كل من المغرب وموريتانيا بيانا أكدا فيه تمسك الرباط ونواكشوط باتحاد المغرب العربي، وشددا على أن التكامل المغاربي خيار لا رجعة فيه و في مايو 2024م، عينت تونس أميناً عاماً جديداً للاتحاد المغاربي، وذلك بعد موافقة باقي الدول المغاربية قد يكون مؤشرا إيجابيا على لعبه دور التنسيق بين البلدان المغاربية في إعادة إحياء الاتحاد.
رؤيتي لتطوير العلاقات البينية المغاربية لتوحيد الجهود
أرى واقترح بعض الرؤى لتطوير العلاقات المغربية لإعادة لإحياء اتحاد المغرب العربي والتكامل الاقتصادي المغاربي:
-على المستوى المغاربي غير الرسمي: تأسيس مؤسسة اكاديمية مغاربية تضم اعضاء أكاديميين وباحثين وباحثات ات من دول المغرب العربي تظل بمثابة الخيط المؤسساتي المتصل بحثيا وأكاديميا على مستوى المغرب العربي تبحث في المجالات الاقتصادية والجيوسياسية والاستراتيجية. – تنويع الشركاء الاقتصاديين واكتساب القوة التفاوضية التي تمكن دول المغرب العربي للتعامل بندية مع الاطراف الخارجية وفق مبدأ رابح/ رابح وليس وفق مبدأ التبعية الاقتصادية
-تأسيس المجلس الاقتصادي لدول المغرب العربي بناء على التركيز على التكامل الاقتصادي بين دول المغرب العربي بدل التنافس في زمن التكتلات الاقتصادية بامتياز.
- انضمام الدول المغاربية إلى المبادرة الملكية الأطلسية خاصة منها الدول المغاربية التي لا تطل على المحيط الأطلسي للاستفادة من المبادرة في إطار التنمية الاقتصادية الأطلسية الافريقية؛
- إعادة فتح انبوب الغاز الجزائري عبر الأراضي المغربية في اتجاه اسبانيا لتستفيد الجزائر والمغرب معا.
- استغلال الموقف الجديد لفرنسا تجاه الصحراء المغربية وإعادة العلاقات الجيدة المغربية الفرنسية في لعب فرنسا دور الوسيط بين المغرب والجزائر من اجل تسهيل عقد اجتماع بين الطرفين بحضور فرنسا
رؤيتي تجاه العلاقات المغربية / خليجية
تتميز العلاقات المغربية / الخليجية بأهمية كبيرة بالنظر إلى خصوصية الروابط التي تجمع بين الطرفين متمثلة في الصلات الحضارية المشتركة بأبعادها الدينية والثقافية والاقتصادية، والتي تعود إلى مراحل زمنية مبكرة. كما أنها شهدت قفزة نوعية منذ سنة 2011م، وتأتي الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس إلى دول مجلس التعاون الخليجي لبحث الاستثمار والعلاقات الثنائية، لتشكل ترجمة عملية لتوجه خليجي عام نحو دعم المملكة المغربية وترسيخ استقرارها كنموذج ديمقراطي فريد واستثنائي، وهو ما انتهى إلى بناء شراكة استراتيجية مغربية خليجية (2012-2017م) بأبعادها الاستراتيجية والسياسية والتنموية والاقتصادية والأمنية، ونرى تقديم بعض المقترحات لتجاوز الضعف أو النقص لتطوير العلاقات بين الطرفين:
-عقد شراكة وضع متقدم بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي على غرار الوضع المتقدم بين المغرب والاتحاد الأوروبي بحيث تشمل مختلف المجالات الاستراتيجية الاساسية بما فيها البنية التحتية، والطاقات المتجددة، الاستثمار في القطاع الزراعي والبحث العلمي والصناعات العسكرية.
- إحداث خط بحري بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي.
- تحسين وضعية الجالية المغربية بدول مجلس التعاون الخليجي والرفع من امتيازاتهم كقوة عاملة فاعلة في الاقتصاد الخليجي وتأثير ذلك ايجابا على عائداتهم المالية للمغرب.
- الدعوة الى خلق لجنة لتتبع وتنفيذ المشروعات الاستثمارية المشتركة المغربية الخليجية.
- الدعوة الى ابرام اتفاقية التبادل الحر للمغرب مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي اسوة باتفاقية التبادل الحر المغرب مع الامارات العربية عام 2001م.
إن الإمكانات الخليجية والمغربية الاستثمارية والمالية يمكنها أن تساهم في تعميق أسس التكامل الاقتصادي العربي من خلال الاستثمار في المشاريع العربية المشتركة مستفيدة من الأسواق العربية المفتوحة على بعضها والموقع الجغرافي المتميز للمغرب تجاه الأسواق الأوروبية والإفريقية والأمريكية.
كيفية تطوير العلاقات المغربية الأورو متوسطية
أقام الاتحاد الأوروبي شراكة وطيدة مع المغرب في مجالي الهجرة وتدبير الحدود منذ سنة 2004م. وتعززت هذه الشراكة سنة 2013م، من خلال شراكة التنقل وفي سنة 2018م، من خلال دعمنا لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء. وخلال سنة 2022م، تفاوض الاتحاد الأوروبي مع المغرب بشأن برنامج جديد لدعم الميزانية في مجال الهجرة لمدة 4 سنوات وتخصيص مبلغ إجمالي لذلك قدره 152 مليون يورو.
وفي إطار الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي تم إطلاق عام 2023م، برامج تعاون جديدة لدعم ورش الإصلاح الكبرى في المملكة وهي الحماية الاجتماعية والتحول الأخضر والهجرة والحصول على التمويل والإدارة العمومية وتشغيل الشباب، إضافة إلى برنامج طموح لدعم الاستراتيجية الوطنية للهجرة والتنقل.
لقد تمكن المغرب من تأهيل إطاره القانوني والمؤسساتي مما يعكس التزامه بتحسين أوضاع المهاجرين وضمان حقوقهم. ويعد التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة نموذجًا يحتذى به للتعاون الإقليمي والدولي. ومع ذلك، فإن مستقبل هذه العلاقات قد يواجه تحديات جديدة مع صعود اليمين المتطرف في بعض الدول الأوروبية. فتصاعد الخطاب المناهض للهجرة والسياسات الأكثر تشددًا قد يؤثر على دينامية التعاون ويطرح تساؤلات حول استمرار دعم برامج الاندماج والتنمية المشتركة. من الضروري أن يستمر الحوار البناء بين المغرب والاتحاد الأوروبي لضمان أن تكون السياسات المستقبلية مبنية على التفاهم المتبادل والالتزام بالقيم الإنسانية المشتركة.