لا شك أن ارتفاع حدة التوترات في الشرق الأوسط والتي أدت إليها الحرب في قطاع غزة أدت إلى احتدام الوضع في الشرق الأوسط على نحو دراماتيكي. فالغضب الشعبي يتصاعد، شنّ الفاعلون من غير الدول بقيادة إيران، هجمات على نطاق أوسع وذلك بضرب أهدافاً عسكرية إسرائيلية في دعم صريح لحماس والقضية الفلسطينية، واستهداف سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن، بالصواريخ والطائرات المسيرة. لقد شكل الصراع المكثف بين القوى المدعومة من إيران، من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها، من جهة أخرى، إلى توقعات بزيادة التوتر الأمني والعسكري في الشرق الاوسط. لكنّه لم يتسبب حتى الآن بمواجهة شاملة، تؤدي إلى الصدام المباشر بين إيران من جهة وإسرائيل والولايات المتحد من جهة أخرى. ولا شيء غير وقف إطلاق النار في قطاع غزة هو الذي يمكن أن يساهم بخفض هذا التصعيد والتوتر الإقليمي ويبعث على بعض الأمل. فثمة حاجة للجهود الدبلوماسية سواء لتخفيف حدة التوترات أو لتحقيق التقدم نحو تسوية الصراعات الإقليمية. فالتفكير في إطلاق حوار شامل غير إقليمي يهدف إلى تقليص مخاطر نشوب صراع غير مقصود وذلك بفتح قنوات اتصال جديدة.
ولا يمكن المجادلة بأن الشرق الأوسط في وضع خطر، فيمكن لحادث واحد فقط أن يطلق شرارة التصعيد. ولقد كانت فكرة قيام حوار أمني جماعي وشامل يهدف إلى تخفيف حدة التوترات موجودة منذ عدة سنوات، وتركزت على منطقة الخليج. وقد تأخر إطلاق هذه العملية أكثر مما ينبغي. تتمثل الخطوة الأولى في تقديم أفكار ملموسة ودعم دولي لمثل ذلك الحوار، الذي يمكن أن يفتح قنوات جديدة للاتصال. ولتعظيم فرص النجاح، ينبغي أن يبدأ هذا الجهد بتواضع، وأن تطلقه ربما دول الخليج بدعم دبلوماسي فعال من مجموعة من الحكومات الأوروبية وغيرها.
لا يبدو أن أيًا من اللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط يريد أن يبدأ حربًا مع خصومه في الإقليم، ولكن الأحداث المتوالية منذ الحرب على غزة وتهديدات الحوثيين في البحر الأحمر والصدام الإيراني الإسرائيلي وأخيرًا الأزمة اللبنانية / الإسرائيلية قد أظهرت مخاطر اندلاع صراع وشيك. ويتناسب الخطر مع التوترات الناشئة عن التنافس بين إسرائيل والولايات المتحدة وإيران.
وإذا رجعنا زمنيًا 5 سنوات فسنجد أنه كانت هناك إرهاصات لهذا التوتر الكبير في الإقليم قبيل حرب غزة وما تبعها من أزمة لبنان وتصفية قادة حماس وحزب الله، ألا وهي الهجمات التي وقعت في العام 2019م، على سفن الشحن في مضيق هرمز وخليج ُعمان، وكذلك على خطوط الأنابيب في السعودية؛ وإسقاط الطائرة المسيرة الأمريكية بنيران إيرانية؛ والضربات التي استهدفت منشآت النفط والغاز السعودية في بقيق وخريص في سبتمبر 2019م؛ والضربة التي نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية في يناير 2020م، ونتجت عن مقتل قاسم سليماني، أحد كبار قادة الحرس الثوري الإسلامي، وأبو مهدي المهندس، القائد الكبير في قوات الحشد الشعبي المدعومة إيرانيًا. جميع تلك الحوادث مع الأحداث الجارية في المنطقة منذ الحرب على غزة أوصلت المنطقة إلى نقطة الغليان مع وجود عدد كبير من الفاعلين والعوامل الدافعة إلى الصراع، فإن هامش التقلب وعدم القدرة على التنبؤ هامش عريض.
فثمة دروس يجب أن نتعلمها من الماضي، ففي أوج الحرب الباردة، وجد العالم طرقًا لتقليل مخاطر المواجهة. فلا شك أن الاختلافات مع وضع الشرق الأوسط اليوم كبيرة، لكن الفكرة التي ترسخت حينها – أي أن جهدًا جماعيًا يشمل جميع القوى الرئيسية على طرفي الصراع، يمكن أن يخفف حدة التوتر من خلال الحوار وتأسيس آليات لبناء الثقة، وتعتقد أنه لا تزال الفكرة قابلة للتطبيق. فالجهود التي تجسدت في مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا أعطت ثمارها في اتفاقات هيلسنكي 1975م، والتي حافظت على السلام وأدت إلى تأسيس آلية جماعية يمكن أن تضمن بقاء الأمور على ذلك الشكل، وهي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وقد ظلت ذكرى ذلك النجاح حية في الأذهان عبر عدد من المبادرات، التي كانت في كثير من الأحيان بقيادة منظمات غير حكومية ومراكز أبحاث، مع التركيز على أجزاء أخرى غير مستقرة من العالم، بما فيها الشرق الأوسط. وكان أحد الأمثلة على هذا النوع من العمل تقرير نشره معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في السنوات الأخيرة، نظمت مراكز الأبحاث ورش عمل عام 2011م، لوضع خريطة لعملية جماعية حول الحاجة لبنية أمنية شرق أوسطية، اعتمدت أحيانًا على التجارب المستمدة من حقبة الحرب الباردة.
إن الخصومات المنتشرة في إقليم الشرق الأوسط بين إيران وحلفائها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، وبين إيران والسعودية تعكس وضع الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط، كذلك تحول الحروب الأهلية إلى حروب بالوكالة. وتقاطع تلك الحروب على نحو متزايد.
وتبدو مسارات الصراعات في إقليم الشرق الأوسط معقدة إلى حدٍ كبير، مع اتساع دوائرها لتشمل العديد من الأطراف سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، كذلك سمة التصاعد لتلك الصراعات وتتصاعد بانتظام المخاطر التي تواجهها شعوب دول الإقليم وما بها من تهديد للسلم والأمن العالميين.
ففي الشرق الأوسط، نجد حرب ذات امتداد عالمي على الإرهاب تشارك بها القوى الدولية الكبرى ذات مصالح متناقضة، ونجد حرب دموية في قطاع غزة وإبادة جماعية تقوم بها إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني، وكذلك حروب بالوكالة بين القوى الكبرى والقوى الإقليمية أو تدخلات عسكرية مباشرة لبعض هذه القوى. كل هذا بالإضافة إلى خلو إقليم الشرق الأوسط من منظومة إقليمية قادرة على إدارة الصراع والأزمات وتراجع أدوار القوى ذات الثقل التاريخي والجغرافي والسكاني والحضاري. بالإضافة إلى عدم الاستخدام الحاسم من قبل الدول الكبرى والإقليمية للأدوات السياسية لمواجهة صراعات الشرق الأوسط.
موازين القوى العسكرية في إقليم الشرق الأوسط
كشف تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام حول الإنفاق العسكري للدول في العالم SIPRI، في نسخته الصادرة في مارس / أبريل 2023م، والذي يغطي الفترة ما بين 2018 و2022 م، أن هناك انخفاض ملحوظ في عمليات نقل الأسلحة على المستوى الدولي، وأن هذا الانخفاض يظهر بشكل كبير في إفريقيا التي شهدت تراجعاً بنسبة 40 %، وأن هناك زيادة كبيرة في عمليات نقل الأسلحة إلى الدول الأوروبية، وأن المزيد من الدول الآسيوية مثل السعودية والهند، قد دخلت في قائمة الدول الأكثر إنفاقاً في المجال العسكري. وهذا قد يعكس انتقال البيئات الجيوسياسية المحملة بالصراعات والأزمات لمناطق جديدة من العالم، وهكذا الانعكاس على تحول مصادر القوة لدول آسيا.
كما أوضح معهد ستوكهولم أن الأغلبية العظمى من واردات الأسلحة في الشرق الأوسط لا تزال تسيطر عليها من الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 54 %، تليها فرنسا بنسبة 12 %، ثم روسيا بنسبة 8.6 %، وإيطاليا بنسبة 8.4 %. وتشمل تلك الأسلحة حوالي 260 طائرة متطورة و516 دبابة حديثة و13 فرقاطة. ومن أهم انعكاسات التحولات الحادثة في إقليم الشرق الأوسط هو احتمالية تغير تلك الخريطة، فبعض الدول العربية كانت قد أعلنت أنها تنوي التعاقد مع شركات صينية لشراء كميات من الطائرات، مما قد يعني دخول الصين كمنافس وفاعل قوي في خريطة توريد الأسلحة لدول الشرق الأوسط، كما أن باكستان باتت أكبر دولة حاليًا مستوردة للسلاح من الصين.
ومن أهم انعكاسات التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط على موازين القوى العسكرية هو ظهور خريطة للتحالفات والتشابك في المصالح العسكرية كالآتي:
- أكثر ثلاث دول تستورد أسلحة من إيطاليا؛ هي دول شرق أوسطية وهي بالترتيب: قطر ومصر وتركيا.
- أكثر ثلاث دول تستورد أسلحة من تركيا؛ هي دول عربية خليجية وهي بالترتيب: قطر والإمارات وعمان.
- من بين أكثر ثلاث دول تستورد أسلحة من فرنسا؛ قطر وتحتل المرتبة الثانية ومصر وتحتل المرتبة الثالثة.
- من أكبر ثلاث دول تستورد أسلحة من كندا؛ السعودية وتحتل المرتبة الأولى والإمارات وتحتل المرتبة الثانية.
- تصنف جنوب إفريقيا كدولة إفريقية وحيدة من أكبر 25 دولة مصدرة للأسلحة الرئيسية.
- تعتبر كل من مصر والأردن والجزائر من أكبر مستوردي السلاح من دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تحتل المرتبة الثامنة عشرة من بين أكبر الدول المصدرة للسلاح في العالم.
- فتحت المملكة العربية السعودية أبواب أسواق جديدة ومتنوعة، فهي المستورد الأكبر من بلجيكا وثاني أكبر الدول المستوردة للسلاح من إسبانيا.
- تعتبر مصر من أكبر الدول المستوردة للسلاح من ألمانيا.
- تحتل قطر والسعودية قائمة أكثر دول تستورد أسلحة من المملكة المتحدة.
مما سبق فإن خريطة إعادة تشكيل مراكز القوة الإقليمية تتوزع بين أربع جبهات رئيسية في الإقليم تتعاطى مع التطورات الراهنة:
جبهة الصدام؛ وهي إسرائيل وإيران. وجبهة التوازن؛ وهي الدول العربية ولا سيما مصر والسعودية وبعض الدول الخليجية، وجبهة المتضررين، وهي الدول التي تتأثر مباشرة من الصراعات مثل فلسطين ولبنان وسوريا واليمن.
ولا نغفل عن التهديد الحوثي في اليمن، وانطلاقه ما بعد حرب غزة، وانخراط الحوثيين في الحرب، وتهديدات ميليشيا الحوثيين لأمن منطقة البحر الأحمر، مما شكّل مرتكزًا جديدًا في خريطة حروب وصراعات الشرق الأوسط. وكيفية استغلال إيران للحوثيين بالإضافة إلى المواجهة المباشرة مع إسرائيل، كركيزة لسياساتها الإقليمية في المنطقة.
إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط الاقتصادية:
لا شك أن أهم صراع في المنطقة حاليًا هو الصراع في غزة، فإسرائيل تتسبب في معاناة إنسانية هائلة. فبالإضافة إلى التأثير الأمني والسياسي المباشر لهذا الصراع، فالعواقب على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتأثر الشعوب والاقتصادات سيكون كبيرًا.
ولا يزال مدى تأثير الصراع في غزة على المنطقة محاط بقدر من عدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ، وهذا سيتوقف على مدة الصراع وشدته وانتشاره. فحدوث صراع واسع النطاق سيشكل تحديًا اقتصاديًا كبيرًا. ويجب على جميع الفاعلين في النظام الدولي العمل على احتواء تلك الأزمة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى خفض التنبؤات الموضوعة لاقتصادات الدول الأكثر عرضة للخطر المباشر. فالتأثير الاقتصادي لتلك الأزمة سيمتد إلى أبعد بكثير من منطقة القتال. فدول الجوار مثل مصر والأردن ولبنان تعاني بشكل كبير من التبعات الاقتصادية للصراع في غزة. وفي ظل المخاوف بشأن خطر التصعيد. وعلى سبيل المثال؛ السياحة والتي شكلت ما بين 35% إلى ما يقرب من 50% من صادرات السلع والخدمات في اقتصادات تلك الدول في عام 2019م، وتعد مصدرًا بالغ الأهمية للعملة الأجنبية وتوظيف العمالة.
كذلك حالة عدم اليقين بشأن مصير الصراع ومساره سيؤدي إلى تآكل انخفاض الإنفاق والاستثمار. حتى وإن استمر احتواء الصراع، فإن عدم اليقين قد يؤثر على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ككل. فقد يتدهور النمو إذا بدأ التردد يؤثر سلبًا على قرارات الاستثمار.
وقد تكشف الأزمات أيضًا مواطن الضعف الأساسية، ما يؤدي إلى تفاقم مخاطر التطورات السلبية المحيطة بالآفاق المتوقعة. وقد يؤدي ارتفاع علاوات المخاطر إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، وهو ما قد يؤثر على اقتصاد الدول المثقلة بالديون. بالإضافة إلى ما ستشهده الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات في المنطقة، مثل الصومال والسودان واليمن، من انخفاض في تدفقات المساعدات إذا تحول تركيز الجهات المانحة عنها، ولم يتسع نطاق المساعدات الدولية لتلبية الاحتياجات العالمية المتزايدة.
وبناءً على ما سبق، فقد يكون تصعيد الصراع في غزة نقطة تحول في منطقة الشرق الأوسط. فالتداعيات ستكون كبيرة وواسعة النطاق وستتجاوز حدود دول الجوار المباشر إلى دول أخرى مثل العراق وإيران وسوريا واليمن. وكلما طال وقت الصراع، زاد تأثيره على السياحة والتجارة والاستثمار والوسائل المالية الأخرى. بالإضافة إلى ما سيتبع ذلك من تدفقات اللاجئين وزيادة الضغوط الاجتماعية والمالية للدول المستقبلة لهم.
وبالإضافة إلى صراع غزة، فإن مشروعات الممرات الاقتصادية وما سينتج عنها من إعادة تشكيلٍ جيوسياسي واقتصادي واجتماعي عالمي. فإن إقليم الشرق الأوسط يحتل موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا مهمًّا في عملية التشكيل هذه. فالولايات المتحدة والصين تسعيان إلى توسيع نطاق تنافسهما العالمي إلى إقليم الشرق الأوسط المضطرب حاليًا والحافل بالصراعات. فمنذ إطلاق مبادرة الحزام والطريق، تعزّزت أواصر التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط على نحو كبير. ثم تبعه مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا الناشئ والذي كان ردًا لمبادرة الحزام والطريق وجزءًا من التنافس الأميركي الصيني على الموارد والنفوذ في إقليم الشرق الأوسط.
فمبادرة الحزام والطريق تتقدم بشكل أسرع حاليًا من مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وتسعى إلى تحقيق المصالحة الإقليمية، فالوساطة الصينية في التقارب بين إيران والسعودية خير مثال على ذلك. كذلك ازدهار التبادل التجاري بين مصر وإيران والسعودية والإمارات بفضل انضمامها إلى مبادرة الحزام والطريق، ومُنحَت أيضًا صفة شريكة في الحوار في منظمة شنغهاي للتعاون التي تقودها الصين، وانضمّت إلى مجموعة بريكس الموسعة حديثًا للقوى الناشئة، حيث تتمتّع الصين بنفوذ كبير. وفيما تحاول دول الشرق الأوسط تعزيز استقلاليتها الاستراتيجية، وتتنافس للاضطلاع بنفوذ إقليمي ودولي كبير، تقدّم مبادرة الحزام والطريق ومشاريع صينية أخرى أُطرًا جذّابة للتعاون.
وبالنسبة لدول الشرق الأوسط فهي ترغب الاستفادة من نفوذ الصين المتعاظم، دون الانحياز المباشر، وتوسيع آفاق شراكاتها الدولية وتنويعها، في محاولةٍ منها لتحقيق توازن في علاقة دول الإقليم مع الصين والولايات المتحدة، ونجد دول تعمل على استغلال هذا التنافس القائم لخدمة مصالحها واتخاذ القرارات وفقًا للمسار الأفضل على المدى الطويل.
إن الأزمات الراهنة في الشرق الأوسط تتطلب مقاربة جديدة، مقاربة تعالج نقاط ضعف الحلول المتوفرة حالياً وتأخذ بالاعتبار التعقيد المتزايد للوضع. إن مساراً أكثر فعالية يمكن أن يقارب المنطقة بشكل أكثر شمولية وأن يعالج صراعاتها المنفردة على أنها مترابطة؛ وحتى عندما تعالج وسائل تخفيف حدة الأخطار المباشرة، فإنها ستوفر رؤية، ومساراً نحو ترتيب إقليمي جماعي وشامل في النهاية.
ومع كم الصراعات و الاضطرابات الجيوسياسية على المشهد الاقتصادي في إقليم الشرق الأوسط، فهناك صعوبة انتعاش الاقتصاد العالمي إلا إذا تم تعزيز الإنتاجية ومرونة وإصلاح السياسات الاقتصادية.
الكوارث الطبيعية في الشرق الأوسط
وأخيرًا، وبالإضافة للصراعات السياسية والعسكرية والتهديدات الاقتصادية فلا يمكن إغفال ضرورة إعطاء الأولوية للاستعداد لمواجهة الكوارث في الشرق الأوسط، ولم تتسبب هذه الكوارث في إحداث أضرار إنسانية واجتماعية واقتصادية هائلة فحسب، بل كشفت أيضًا عن افتقار المنطقة إلى الاستعداد لمثل هذه الكوارث. فهناك ضرورة لأن تستثمر الدول العربية في التأهب للكوارث على نحو أكبر، ومن ذلك تطوير بنية تحتية قوية، وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر، وتطبيق آليات فعالة للاستجابة لحالات الطوارئ. ومع تزايد حدة تأثيرات تغير المناخ تزداد احتمالية حدوث مثل هذه المخاطر الطبيعية، وهو ما يحتم على المنطقة اعتماد استراتيجيات شاملة للتخفيف من حدة الكوارث.
وفي حين هناك اهتمام عالمي بالصراعات الجيوسياسية، فيجب عدم التغاضي أيضًا عن أهمية الاستعداد للكوارث؛ إذ تشكل قدرة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على توقع الكوارث الكبرى والاستجابة لها والتعافي منها عاملًا رئيسًا في تحديد قدرتها على الصمود والاستقرار في المستقبل. فمن الأهمية أن يتم التأهب للكوارث على رأس جدول الأعمال الإقليمي، وذلك لضمان ترجمة الدروس الصعبة المستفادة إلى استراتيجيات يمكن تنفيذها في المستقبل.