منذ 7 أكتوبر من العام الماضي، بدأت جولة جديدة من الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي تتصاعد وتتسع، مما تسبب في خسائر فادحة للأطراف المعنية وانعدام الأمن لبلدان منطقة الشرق الأوسط. تعتقد الصين أن دول منطقة الشرق الأوسط من موردي الطاقة الرئيسيين للصين وشركاء أساسيين في بناء "الحزام والطريق"، وأن الصين، بوصفها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تتحمل مسؤولية الدولة الكبيرة للمشاركة في بناء السلام في الشرق الأوسط. كانت ولم تزل الصين تعتبر القضية الفلسطينية قضية عادلة للبشرية. إذ تصرّ دائمًا على تشجيع محادثات السلام مع البلدان في المنطقة بتوجيه من مبادرة الأمن العالمي. وتعتقد أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو جزء مهم من الحل السياسي للمسائل الساخنة، ومواصلة تعزيز تهدئة الوضع وبذل جهود جديدة من أجل تعزيز السلام بين فلسطين وإسرائيل، هو تجسيد ملموس للدور البنّاء الذي تضطلع به في شؤون الشرق الأوسط، وهو أيضًا ما يُشكّل صورة حية للصين بوصفها قوة صاعدة مسؤولة .
أولًا: موقف الصين تجاه قضية فلسطين وجولة الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي
كما بات معروفًا فإن الصين بادرت بطرح فكرة البناء المشترك للمجتمع الصيني / العربي للمستقبل المشترك والهدف النبيل للدبلوماسية الصينية، والجزء الأهم منه بناء عالم ينعم بالسلام الدائم والأمن المشترك من خلال الحوار والتشاور. كذلك تدعو الصين إلى نبذ العقلية القديمة في العلاقات الدولية، والمتمثلة في الحرب الباردة، وتؤكد على ضرورة إدخال نهج جديد في التعامل مع التحديات الأمنية اليوم، وذلك من خلال مبادرة الأمن العالمي التي تهدف إلى خلق مسار جديد للأمن يتسم بالحوار وليس المواجهة، والشراكة وليس التحالف، والكسب المشترك وليس المحصلة الصفرية. فهي توفر مسارًا ونهجًا جديدين لمعالجة الأسباب الجذرية للصراعات الدولية وحل التحديات الأمنية التي تواجه البشرية.
عليه، ترى الصين أن القضية الفلسطينية هي جوهر قضية الشرق الأوسط، وتعلّق أهمية كبيرة على الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وتدعمها بقوة. فالصين هي واحدة من أولى الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية والدولة الفلسطينية. وتؤيد الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه الوطنية المشروعة، كما تؤيد شعوب الشرق الأوسط في السيطرة على مصيرهم، علمًا أن دعم السلام والأمن هو من مبادئ الدبلوماسية الصينية ويتفق مع مبادرة الأمن العالمية التي طرحتها الصين.
إن المساعدة الإنسانية التي تقدمها الصين ضرورية للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية الناجمة عن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. الذي أدى إلى إصابة العديد من المدنيين الأبرياء، بل وحتى قتلهم، فضلا عن تدمير البنى التحتية الأساسية والخدمات الطبية. المساعدة الإنسانية في الصين يمكن أن توفر الغذاء والرعاية الطبية والمأوى التي تشتد حاجة الضحايا إليها مع اتساع رقعة العنف. غير أن ضمان وصول المساعدة إلى أشد المناطق حاجة يتطلب التنسيق والتعاون مع أطراف الصراع لضمان عدم إعاقة وصولها أو حتى إساءة استعمالها. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي على المجتمع الدولي أن يوفر المزيد من الموارد لدعم جهود المساعدة هذه من أجل التصدي للكوارث الإنسانية المحتملة الناجمة عن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني .
وبالتالي، تؤيد الصين تسوية القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية. مبعوث الحكومة الصينية الخاص إلى الشرق الأوسط "تشاي جيون" أكد في العديد من المؤتمرات الدولية أن " الحل القائم على وجود دولتين" هو أساس التسوية السياسية للقضية الفلسطينية وتحقيق السلام والأمن الدائمين والشاملين في الشرق الأوسط. وزير الخارجية الصيني "وانغ يى" طرح أيضًا أربعة مقترحات لتعزيز السلام في الشرق الأوسط، بما في ذلك وقف إطلاق النار الشامل على الفور، وتعزيز الحكم بعد الحرب على أساس مبدأ "الشعب الفلسطيني يحكم فلسطين"، وتفعيل "حل الدولتين" للحفاظ على العدالة، والدعم الدولي لتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
تشدد الصين على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي معًا لتعزيز وقف إطلاق النار في غزة والتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية. وستواصل بكين العمل مع المجتمع الدولي على بذل كل جهد ممكن لتهدئة الحالة في أقرب وقت ممكن، ودفع القضية الفلسطينية للعودة إلى المسار الصحيح "حل الدولتين"، وتقديم مساهمتها الواجبة في التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة ودائمة في وقت مبكر للقضية الفلسطينية .
وباختصار، فإنّ موقف الصين بشأن قضية فلسطين يتمثل في التأييد القوي للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، والدعوة إلى تسوية القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية، والعمل بنشاط على تعزيز الجهود المشتركة للمجتمع الدولي للمساهمة في تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
ثانيًا: قدّمت الصين مساهمات جديدة من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط
من أجل احتواء التصعيد وعدم توسيع نطاق الحرب، لم تتوقف محاولة ومساهمة الصين في إعادة الأمن والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط، وإيقاف الحرب التي تهدد المنطقة. فقد قدمت الصين مساعدة إنسانية إلى غزة ولبنان للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية فيها، كما قدمت مليوني دولار مساعدات إنسانية طارئة من خلال السلطة الوطنية الفلسطينية والأمم المتحدة، من خلال مصر، 15 مليون يوان من المواد الغذائية والأدوية لغزة. وقال مؤخرًا المتحدث باسم الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي إن الصين سلّمت أول دفعة من المساعدات إلى غزة عبر معبر رفح في نوفمبر 2023م، أي في الشهر الثاني من اندلاع الصراع. أما الدفعة الثانية من المساعدات الصينية التي تنطوي على جميع اللوازم الطبية قد تم إرسالها إلى مصر مع المواد الغذائية. وكانت أعلنت الصين أيضًا عن خطة مساعدة ثالثة، وهي تتفاوض حاليًا مع الأطراف المعنية بشأن أنواع وكميات المعونة من أجل إيصالها إلى غزة في أقرب وقت. وبالإضافة إلى ذلك وعبر الأمم المتحدة ووكالات أخرى قدمت الصين الكثير من الدعم والمساعدة إلى شعب غزة. كذلك قد وصلت الإمدادات الطبية الإنسانية الطارئة التي قدمتها الصين إلى مطار بيروت يوم 21 أكتوبر الماضي.
كما عملت من أجل تعزيز مفاوضات وقف إطلاق النار والتوصّل إلى حل سلمي بين فلسطين وإسرائيل. في وقت مبكر من 14 أكتوبر من العام الماضي، بعد اندلاع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأسبوع، قال وزير الخارجية الصيني في اتصال هاتفي مع نظيره السعودي: إن الصين تعارض وتدين جميع الأعمال التي تضرّ بالسكان المدنيين، لأنها تنتهك الضمير الإنساني الأساسي والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية. وأشار الوزير الصيني إلى أن الأعمال الإسرائيلية تتجاوز نطاق الدفاع عن النفس، وأن على الجانب الإسرائيلي أن يستمع باهتمام إلى دعوة المجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف العقاب الجماعي لسكان غزة؛ ولا ينبغي لأي طرف أن يتخذ أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد الوضع.
وفي نهاية نوفمبر من العام الماضي، أصدرت الحكومة الصينية أيضًا ورقة موقف بشأن تسوية الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي، مشدّدة على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار ووقف القتال، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بأمان ودون عوائق، ومنع الصراع من التوسّع. وتعتقد الصين أن الحل الأساسي للصراع الفلسطيني / الإسرائيلي يكمن في تنفيذ” حل الدولتين “.
وبصرف النظر عن عرض موقف الصين وتقديم المساعدة الإنسانية في المرحلة الأولى من الصراع، فإنها تعمل على توحيد بلدان الجنوب لإصدار صوت جماعي. على سبيل المثال، في 21 نوفمبر من العام الماضي، عقد قادة دول البريكس قمة خاصة عبر الفيديو بين فلسطين وإسرائيل وأصدرت بيانًا مشتركًا يحث على وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة. هذه القمة ليست فقط أول اجتماع قمة بعد توسيع آلية بريكس، ولكن قادة دول تلك المجموعة عملوا بطريقة فريدة من أجل هذا الحدث، حتى ادعت بلومبرج بأنها قمة "لم يسبق لها مثيل" مما تعكس شواغل البلدان الناشئة بشأن الأمن العالمي والتعبير عن آرائهم.
ورُحّبت الصين على نطاق واسع من قبل المجتمع الدولي لنجاحها في إجراء حوار المصالحة بين الفصائل الفلسطينية -الأمين العام للأمم المتحدة والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط قد هنأت الصين. كما دعت بكين 14 فصيلًا فلسطينيصا إلى إجراء حوار مصالحة والتوقيع على إعلان بكين، مما يبعث الأمل في مستقبل الشعب الفلسطيني، ويشكل أيضًا خطوة هامة نحو حل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. مفتاح المصالحة الفلسطينية الداخلية هو تعزيز الثقة، فهم جوهر التوجهات لكل طرف، خطوة بخطوة، فمن خلال استمرار توحيد الآراء ووضعها موضع التنفيذ، يمكن أن تكون عملية المصالحة أكثر واقعية، كما يمكن أن تكون أكثر توحيدًا. السلام لن يتحقق بين عشية وضحاها، ولكن يجب أن يستمر الاتجاه الصحيح دون تردد. القضية الفلسطينية هي جوهر قضية الشرق الأوسط، والصين ليس لديها أي مصالح ذاتية في قضية فلسطين، ونحن نقدر الأخلاق، والدعوة إلى العدالة، ندعم دائمًا وبشكل حازم الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، ودعم شعوب الشرق الأوسط في وضع مصيرهم في أيديهم. وستواصل الصين تنفيذ مبادرة الأمن العالمي وتقديم المزيد من المساهمة في السلام والاستقرار في الشرق الأوسط .
في الفترة من 30 إلى 31 أكتوبر الماضي، ذهب مبعوث الحكومة الصينية الخاص إلى الشرق الأوسط تشاي جيون الاجتماع رفيع المستوى الأول للتحالف الدولي من أجل تنفيذ "حل الدولتين" في الرياض، وحضر الاجتماع ممثلو 94 بلدًا وإقليمًا ومنظمات دولية. وأشار إلى أن قضية فلسطين هي جوهر قضية الشرق الأوسط، ينبغي للمجتمع الدولي أن يعمل معًا من أجل تعزيز وقف إطلاق النار في غزة في أقرب وقت ممكن، ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في أداء مهامها للتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية في غزة. الحل القائم على وجود دولتين هو أساس التسوية السياسية لقضية فلسطين وتحقيق سلام وأمن شاملين ودائمين في الشرق الأوسط. كما أشار "تشاي جيون" أن الجولة الحالية من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قد بدأت منذ أكثر من عام، مما تسبب في أزمة إنسانية لم يسبق لها مثيل. وهو ما يثبت مرة أخرى أن الحل القائم على وجود دولتين هو السبيل الواقعي الوحيد لإنهاء دورة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتعزيز التسوية السياسية للقضية الفلسطينية وتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط. وستواصل الصين العمل مع المجتمع الدولي على بذل كل جهد ممكن لتهدئة الحالة في أقرب وقت ممكن، ودفع القضية الفلسطينية إلى العودة إلى المسار الصحيح من حل الدولتين، وتقديم مساهمتها الواجبة في التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة ودائمة مبكرة للقضية الفلسطينية. .
وتشدد الصين على أن اتفاق وقف إطلاق النار يمثل خطوة رئيسية نحو حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. إن وقف إطلاق النار شرط مسبق للحد من الكوارث الإنسانية واستئناف الحوار السلمي. بيد أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ليس بالأمر السهل، لأن العداء وانعدام الثقة بين أطراف الصراع قد تزايدا على مر السنين. ولضمان استمرار وقف إطلاق النار، هناك حاجة إلى آلية رصد قوية لمنع أي طرف من انتهاك الاتفاق. وقد يحتاج المجتمع الدولي إلى إرسال قوات لحفظ السلام أو مبعوثين خاصين للإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. وعلاوة على ذلك، يجب معالجة الشواغل الأمنية المشروعة لأطراف الصراع لضمان استعدادها للامتثال للاتفاق. وهذا قد يتطلب مفاوضات صعبة، بما في ذلك أمن الحدود ومراقبة الأسلحة والانسحاب العسكري.
الوساطة الدولية التي اقترحتها الصين هي واحدة من العوامل الرئيسية في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ويمكن لمشاركة المجتمع الدولي الواسعة أن توفر الحياد وتساعد على إعادة بناء الثقة بين الطرفين. وقد اضطلعت الأمم المتحدة بدور الوساطة في الشرق الأوسط، ولكن مشاركة الصين النشطة يمكن أن تعطي زخمًا جديدًا لجهود الوساطة. غير أن الوساطة الدولية قد تتعرض للمقاومة من جانب جميع الأطراف، لا سيما إذا رأت أن موقف المجتمع الدولي غير عادل أو مناسب للطرف الآخر. ولذلك، يتعين على الصين أن تنسق بشكل وثيق مع القوى الدولية الأخرى لضمان نجاح جهود الوساطة
ثالثًا: توفّر مبادرات الصين طريقة جديدة للخروج من الحرب في الشرق الأوسط
حتى اليوم قتل أكثر من 43 ألف فلسطيني في غزة بينهم أكثر من 15 ألف طفل فلسطيني. وفي ظل هذه الظروف، يصبح التعاطف مع سكان تلك الأرض مسألة ضمير إنساني. لذلك ظهر عالم جديد يدعو إلى الاحتكام لمنطق الضمير بدلًا من منطق القوة الغربية ما يدل على أن منطق العالم يتغير. فالصراع الفلسطيني / الإسرائيلي سارع من هذه العملية. وعندما يتغير منطق العالم فإن التفكير الأساسي والمنطق الأساسي في الحكم على نمط العالم ينبغي أن تتغير وفقا لذلك. وفي هذا السياق، اتخذت الصين إجراءات إيجابية، وأصبحت واحدة من الدول الكبرى المسؤولة عن صون السلم والأمن الدوليين. وتدعو الطرفين إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتقترح حلول ملموسة تجسد دورها النشط والبنّاء في الشؤون الدولية.
في يوليو من هذا العام، طرح وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" في حفل ختام الحوار بين الفصائل الفلسطينية المصالحة بينها عبر حل يمرّ بـ "ثلاث خطوات" وهو ما سُمّي بالمبادرة الصينية. وعلى وجه التحديد، هناك حاجة ملحة إلى التعجيل بتحقيق وقف شامل ودائم ومستدام لإطلاق النار في قطاع غزة وضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثة دون عوائق. التمسك بمبدأ "الشعب الفلسطيني يحكم فلسطين"، والعمل معًا من أجل تعزيز إدارة ما بعد الحرب في غزة . تعزيز عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة والبدء في تنفيذ "حل الدولتين". ودعا إلى عقد مؤتمر دولي أوسع حجما وأكثر حجية وفعالية لوضع جدول زمني وخريطة طريق لتنفيذ” الحل القائم على وجود دولتين “من أجل إعادة القضية الفلسطينية إلى المسار الصحيح.
وتدعو الصين للسعي إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي، وهو هدف طويل الأجل لحل الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي. منذ فترة طويلة، كانت هناك توترات جيوسياسية في الشرق الأوسط. ويتطلب تحقيق الاستقرار الإقليمي قيام جميع الأطراف بتسوية خلافاتها عن طريق الحوار والمفاوضات وإنشاء آليات لبناء الثقة المتبادلة . الصين يمكن أن تمارس نفوذها الدبلوماسي، وتعزيز الحوار بين الأطراف، وتعزيز الاستقرار الإقليمي. لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب وقتًا وجهدًا وتعاون كل الأطراف.
وبصفة عامة، فإن الحل الذي اقترحته الصين يوفر إطارًا واعدًا لتسوية الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي. بيد أن تحقيقه يتطلب دعمًا وتعاونًا واسعين من المجتمع الدولي. إن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ما زال مستمرًا لفترة طويلة جدًا، ويتطلب حلّ هذا النوع من الصراعات حسن نية جميع الأطراف وجهودها المشتركة. كما يجب أن تكون جميعها قادرة على التعامل مع اقتراح الصين بعقلانية والعمل معًا من أجل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. ولا يمكن إيجاد مستقبل أفضل للمصالح الطويلة الأجل لكلا الجانبين وللسلام في الشرق الأوسط إلا من خلال تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالوسائل السلمية.
هذا الموقف والمقترح يعكس موقف الصين المسؤول في الشؤون الدولية، ويهدف إلى الحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، تدعو الصين المجتمع الدولي إلى العمل معا من أجل دعم وتعزيز هذا الحل بغية تحقيق سلام دائم في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ويتفق هذا الموقف أيضًا مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، أي تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية وتفادي نشوب الحرب والعنف. وهو ما يعني أن جميع الأطراف يمكن أن تعامل بعقلانية من أجل السلام والازدهار في الشرق الأوسط وصولًا إلى تقديم مساهمة إيجابية.
أما إعادة الأمن والاستقرار لتلك المنطقة، وإيقاف الحرب التي تهدد المنطقة، فظلت الصين دائمًا تقف إلى جانب السلام والحقائق، على المدى الطويل ملتزمة بالحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتعزيز الرخاء والتنمية في المنطقة، والعمل بنشاط على تنفيذ المبادئ الأساسية لسياسة الصين. باعتبارها واحدة من عدد قليل من الدول الكبرى التي تنتهج سياسة خارجية مستقلة وسلمية، إذ أن بكين تقف موقفًا حازمًا لا تدعم فيه الوكلاء، لا تمارس نفوذها، لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول في المنطقة، كما تحترم الملكية الإقليمية ودعم الاستقلال الاستراتيجي للدول في المنطقة. في السنوات الأخيرة، عملت الصين بنشاط على تعزيز الحوار الأمني المتعدد الأطراف في الخليج، للمساعدة في بناء إطار أمني جماعي جديد لدول المنطقة وتعزيز المصالحة بين المملكة العربية السعودية وإيران، ضخ الطاقة الإيجابية في الاستقرار الإقليمي، على نحو فعال دفع بكل من الولايات المتحدة والغرب إلى تشويه الخطاب الصيني.
إن التوتر بين إسرائيل وإيران قد تصاعد في الأيام الأخيرة، مع "حرب الشرق الأوسط الجديدة" التي اندلعت نتيجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. هكذا يكون الوضع في الشرق الأوسط على حافة الهاوية إذ يمر بلحظة خطيرة. وكان وزير الخارجية "وانغ يى" قد بحث هذا الأمر هاتفيًا مع نظيره الإسرائيلي كاتز، وحث جميع الأطراف على أن تتصرف بحذر لتجنب الدخول في حلقة مفرغة، وشدد على أن الأولوية العاجلة هي تحقيق وقف شامل ودائم لإطلاق النار في غزة، والإفراج عن جميع الرهائن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية. وانغ يي أشار إلى أن المزيد من القتال في المنطقة، لا يتفق مع مصالح أي من الجانبين
كانت ولم تزل الصين تؤيد دائمًا احترام التقاليد التاريخية والثقافية والسلامة الإقليمية للدول في الشرق الأوسط، وتؤيد ضرورة أن تقوم جميع البلدان في حل مشاكلها من خلال الحوار والتشاور، وممارسة تعددية الأطراف الحقيقية، مما يوفر طريقة جديدة في التفكير في الشرق الأوسط للخروج من "حلقة تاريخية غريبة" من الاضطرابات والصراعات .
والصين، بوصفها دولة كبيرة مسؤولة، ستظل ملتزمة بالعمل مع المجتمع الدولي على تعزيز وقف إطلاق النار ووقف القتال، وضمان سلامة السكان المدنيين، وتعزيز المساعدة الإنسانية، ومنع وقوع كوارث إنسانية خطيرة، وتعزيز التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة ودائمة لقضية فلسطين