جاءت القمة العربية / الإسلامية الطارئة الثانية في الرياض يوم الاثنين الحادي عشر من نوفمبر الماضي استجابة لدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ـ حفظهما الله ـ لمناقشة العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، والاجتياح العسكري لجمهورية لبنان الشقيقة، وذلك في إطار الجهود التي تقودها المملكة العربية السعودية وبمشاركة وتأييد من الدول العربية والإسلامية لإنهاء المأساة الفلسطينية وإيقاف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والجمهورية اللبنانية، وحشد الدعم والتأييد الدولي للاعتراف بدولة فلسطين القائمة على حدود ما قبل 5 يونيو عام 1967م.
ونيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ــ يحفظه الله ـ افتتح وترأس القمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء وأكد سموه في كلمته أمام القمة على ضرورة إيقاف الحرب على الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقال سموه: تنعقد هذه القمة امتدادًا للقمة المشتركة السابقة في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية الآثمة على الشعب الفلسطيني الشقيق واتساع نطاق تلك الاعتداءات على الجمهورية اللبنانية الشقيقة.
وأضاف سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء: المملكة تجدد إدانتها ورفضها القاطع للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الشقيق، وراح ضحيتها أكثر من مائة وخمسين ألفًا من الشهداء والمصابين والمفقودين معظمهم من النساء والأطفال. ونؤكد أن استمرار إسرائيل في جرائمها بحق الأبرياء والإمعان في انتهاك قدسية المسجد الأقصى المبارك، والانتقاص من الدور المحوري للسلطة الوطنية الفلسطينية على كل الأراضي الفلسطينية من شأنه تقويض الجهود الهادفة لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإحلال السلام في المنطقة، و تؤكد المملكة وقوفها إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان لتجاوز التبعات الإنسانية الكارثية للعدوان الإسرائيلي المتواصل، وندعو المجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياته لحفظ الأمن والسلم الدوليين بالوقف الفوري للاعتداءات الإسرائيلية على الأشقاء في فلسطين ولبنان، وإلزام إسرائيل باحترام سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة وعدم الاعتداء على أراضيها.
وأوضح سموه: لقد اتخذت دولنا خطوات مهمة عبر تحركها المشترك على الصعيد الدولي لإدانة العدوان الإسرائيلي الآثم وتأكيد مركزية القضية الفلسطينية، ونجحنا في حث المزيد من الدول المحبة للسلام للاعتراف بدولة فلسطين. وكذلك حشدنا للاجتماع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عبرت عنه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة. كما أطلقنا التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومملكة النرويج التي استضافت المملكة مؤخرًا اجتماعها الأول، وندعو بقية الدول للانضمام لهذا التحالف.
وجاء البيان الختامي لقمة الرياض منسجمًا مع توجهات المملكة العربية السعودية ومتوافقًا مع الظروف الحالية ومتطلبات المرحلة، وانبثق عن الوفاق بين الأمتين العربية والإسلامية حيث أكد على "مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية. كما أكد على حق اللاجئين في العودة والتعويض بموجب قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وخصوصًا الـقرار 194. وجدد البيان تأكيده على أن سيادة دولة فلسطين الكاملة على القدس الشرقية المحتلة، عاصمة فلسطين الأبدية، ورفض أي قرارات، أو إجراءات إسرائيلية لتهويدها وترسيخ الاحتلال الاستعماري لها. وأشار إلى أن ما قامت به قوات الاحتلال من جرائم إبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ولبنان، وما ترتب عليه من تداعيات إنسانية كارثية على المدنيين؛ أطفالًا ونساءً وشيوخًا ومدنيين عزّل؛ هو انتهاك للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، يعرض السلم والأمن الإقليميين والدوليين للخطر.
وأشار البيان إلى أن عدم اتخاذ الأمم المتحدة تدابير حاسمة ضد العدوان، وتخاذل الشرعية الدولية عن وقفه، جعله يمتد ليشمل الجمهورية اللبنانية، وينتهك سيادة العراق وسوريا وإيران. كما أدان البيان الهجوم الإسرائيلي المتواصل على الأمم المتحدة وأمينها العام، وحظر عمل اللجان الدولية وأعضاء مكتب المفوض السامي (لحقوق الإنسان) والمقررين الخاصين من الدخول إلى أرض دولة فلسطين. وأدان قرار سحب الحصانة الممنوحة لموظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومنع الوكالة من العمل في الأرض الفلسطينية المحتلة وقطع العلاقات معها، ودعا جميع الدول لتقديم الدعم السياسي والمالي الفعال للوكالة، ودعا البيان إلى حشد التأييد الدولي لانضمام دولة فلسطين للأمم المتحدة عضواً كامل العضوية، ودعم الجهود المقدرة والمتواصلة التي تبذلها الجمهورية الجزائرية، بصفتها عضوًا في المنظمتين العربية والإسلامية في مجلس الأمن، لتقديم مشروع قرار لقبول هذه العضوية.
وأكد البيان على توفير كل أشكال الدعم السياسي والدبلوماسي والحماية الدولية للشعب الفلسطيني ودولة فلسطين وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتوليها مسؤولياتها بشكل فعال على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها قطاع غزة وتوحيده مع الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس؛ وكذلك دعم الجهود المتواصلة لتحقيق وحدة الصف الفلسطيني في هذه المرحلة الدقيقة. وتقرر تكليف اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المشتركة برئاسة المملكة، بمواصلة عملها وتكثيف جهودها، وتوسعتها لتشمل العمل على وقف العدوان على لبنان؛ وأن تقدم اللجنة تقارير دورية تقوم الأمانتان بتعميمها على الدول الأعضاء.
ورحب البيان الختامي للقمة المشتركة بتوقيع كل من جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الإفريقي في الرياض، على الآلية الثلاثية لدعم القضية الفلسطينية، وأشاد بمواقف الاتحاد الإفريقي الثابتة تجاه القضية الفلسطينية؛ واختتم بتكليف الأمينين العامين لجامعة الدول العربية ولمنظمة التعاون الإسلامي بالتنسيق لمتابعة تنفيذ ما جاء في هذا القرار ورفع تقارير دورية للقادة في هذا الشأن.
وعلى ضوء ما تمخض عن القمة العربية / الإسلامية الطارئة الأولى في شهر نوفمبر من العام الماضي، ما صدر عن نسختها الثانية في العام الحالي، نجد أن هناك إجماع عربي وإسلامي وجهد كبير تقوده المملكة العربية السعودية على ضرورة إيقاف الحرب المستعرة على الأراضي الفلسطينية، وإنهاء أزمة قطاع غزة، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وعدم الاعتراف بما تتخذ إسرائيل من خطوات غير قانونية في القدس الشريف والضفة الغربية وقطاع غزة، كما أبرزت هذه القمة قضية اللاجئين الفلسطينيين وطالبت بضرورة العودة أو التعويض، وبهذه الخطوات والآليات والجهود التي قادتها اللجنة الوزارية برئاسة المملكة التي قدمت أزمة قطاع غزة للعالم، وتشكيل التحالف الدولي من أجل حل الدولتين الذي تقوده المملكة العربية السعودية بالتعاون مع مملكة النرويج ودول الاتحاد الأوروبي تكون المملكة وضعت العالم أمام مسؤولياته ، وقدمت حقيقة ما يدور في منطقة الشرق الأوسط، وطرحت الحلول الواقعية والضرورية التي تؤسس للسلام العادل والشامل وفي مقدمة هذه الحلول حل الدولتين.