array(1) { [0]=> object(stdClass)#13549 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 205

وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان: منطقتنا على مفترق طرق وضرورة التحرك المشترك لإقرار السلام والتعايش

الإثنين، 30 كانون1/ديسمبر 2024

بمشاركة  1600 فرد و63 وفدًا حكوميًا، نظم المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بالمنامة حوار المنامة الأمني العشرون خلال الفترة من 6-8 ديسمبر 2024م، وعلى الرغم من كونه لقاءً سنوياً اعتيادياً للمعهد فإن إكمال عقده الثاني يعكس استمرار أهمية ذلك المنتدى الأمني الذي يجمع بين المسؤولين والأكاديميين والباحثين والخبراء المعنيين بالأمن الإقليمي والأمن العالمي، فضلاً عن انعقاد الحوار في ظل ظروف إقليمية سريعة التحول وتتسم بالتعقيد، سواء تداعيات مواجهات إسرائيل مع حركة حماس وحزب الله أو سقوط نظام بشار الأسد والذي تزامن مع انعقاد الحوار وكان له نصيب من النقاشات وخاصة خلال اليوم الأخير، ليس هذا فحسب بل أن إعلان المملكة المتحدة الانضمام لاتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل إلى جانب كل من الولايات المتحدة ومملكة البحرين حدث كان ذو دلالة في معادلة أمن الخليج العربي.  

 حوار افتتاحي مع الأمير فيصل بن فرحان وزير خارجية السعودية

بدأ حوار المنامة أعماله بحوار مع الأمير فيصل بن فرحان، وزير خارجية المملكة العربية السعودية الذي تضمن قضايا محلية وإقليمية ودولية والتي بدت متصلة بشكل وثيق، والذي أكد على أن ما يشهده النظام العالمي من  أزمات وصراعات  وتوترات واستقطابات كان لها تأثير على تضاعف حجم التحديات والتهديدات المشتركة التي تؤثر في الأقاليم وكذلك ما يحدث في الأقاليم ذو تأثير أيضاً في النظام العالمي بشكل متبادل ، والنتيجة هي أن منطقتنا باتت عند مفترق طرق وأن طريق العودة يتمثل في التحرك المشترك والفعال من أجل إقرار السلام وتحقيق التعايش في ظل احتدام النزاعات التي خلفت عشرات الآلاف من الضحايا والمصابين بلا هدف أو تحقيق أي مصالح استراتيجية لهذا الطرف أو ذاك، وإقليمياً حدد الوزير تهديد استمرار الحرب في غزة لمصداقية القانون الدولي ومبادئه والمنظمات الدولية ومن ثم فإن النتيجة أن تلك المنظمات في طريقها للتآكل، وأنه لا سبيل للخروج من تلك الدائرة سوى بتعاضد جهود المجتمع الدولي إذا كانت لديه المصداقية نحو اتخاذ عدة إجراءات تشمل وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين والحد من خطاب الكراهية، وذلك من خلال العمل الجاد مع المملكة العربية السعودية التي لها جهود مشهودة تجاه تلك القضية بدأت منذ مبادرة الملك فهد عام 1981م، ومروراً بالمبادرة العربية للسلام عام 2002م، ووصولاً إلى جهود المملكة خلال القمة العربية في البحرين مايو 2024م، والقمتين العربية الإسلامية المشتركة المنعقدة  في الرياض وكان من ثمار تلك الجهود إعلان المملكة تأسيس التحالف الدولي لحل الدولتين كخطوة عملية لحل تلك القضية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والتمسك بالحق الأصيل للشعب الفلسطيني، ومن القضايا الإقليمية والعالمية إلى قضايا الشأن السعودي ، حيث أكد الوزير على أن رؤية المملكة 2030م، تطمح إلى تعزيز مسيرة التنمية وهو ما تعكسه السياسات الخارجية للمملكة التي تستهدف أن يمتد تأثير ثمار تلك الرؤية لتعزيز الأمن الإقليمي وإعلاء لغة الحوار وحل الأزمات الإقليمية من خلال السبل السلمية ،مؤكداً على أن إمكانات المملكة والفرص المتاحة لها وموقعها الجغرافي تعد ركائز ثلاثة تجعل المملكة أكثر تفاعلاً مع الإطار الإقليمي مستهدفة تعزيز التعاون الإقليمي وتحقيق التكامل الاقتصادي. 

    الجلسة الأولى: عشرون عاماً من الحوار

وخلال تلك الجلسة أعاد المتحدثون التأكيد على بعض الأفكار ذاتها التي استهل بها وزير الخارجية السعودي الحوار من حيث الارتباط المصيري بين منطقة الشرق الأوسط والعالم ،مع التأكيد على أن ما تشهده المنطقة من أزمات محتدمة يعود إلى فشل التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية وهو ما أنتج العديد من الأزمات الإقليمية، ويقدم دروساً مستفادة بشأن حتمية إعادة التفكير في السياسات والمواقف بشأن تحقيق السلام والأمن وأن المدخل الصحيح لذلك هو إقامة الدولة الفلسطينية وبدون ذلك لن يكون هناك أمن وسلام ،مع التأكيد على أن أحداث السابع من أكتوبر2023م،  لم تكن منشأة للوضع الراهن- الذي أجمعت العديد من المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية على أنه تضمن "جرائم إبادة" - بل أن ما سبقها من توترات قادت إلى ذلك الوضع ،وأن الجوار الذي يؤسس على السلام هو السبيل الأمثل للنمو الاقتصادي، كما أن ما يعاني منه المجتمع الدولي الآن هو انتهاك القواعد والقوانين التي ارتضتها الدول ومن ثم إثارة مسألة المعايير المزدوجة على المستوى الشعبي عالمياً، وكانت خلاصة الجلسة هي أن هناك جهود يجب البناء عليها لإيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية وأهمها مخرجات القمة العربية في البحرين عام 2024م، وتفعيل مبادرات السلام التي تتضمن تحقيق السلم والأمن للجميع، وضرورة العمل على الحفاظ على المعاهدات والاتفاقات التي مثلت أساس العلاقات الدولية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الآن وعدم تمكين الجماعات دون الدول من العمل ضد قواعد القانون الدولي، ويمكن أن تكون هناك سبل للتعاون الإقليمي في منطقة عبر اقتراح مدونة سلوك للأمن البحري على غرار ما هو معمول به في مناطق أخرى ومنها تلك التي بين الصين ودول الآسيان.

الجلسة الثانية: الاستجابات السياسية والعسكرية للصراعات

 دارت الأفكار الأساسية في تلك الجلسة حول أن المنطقة قبل أحداث السابع من أكتوبر عام 2023م، كان بها فرص للسلام والتعايش من خلال الاتفاقات الإبراهيمية  والتعاون الاقتصادي، إلا أن تلك الأحداث قد قوضت تلك الفرص، وعلى المستوى العالمي فإن الحرب الأوكرانية التي تجاوزت الألف يوم تمثل مسرحاً ثان للصراعات المحتدمة، بينما يعد الصراع في المحيطين الهندي والهادئ مسرحاً ثالثاً للصراعات، والدرس الأساسي المستفاد من تلك الصراعات هو أن الحلول العسكرية ليست مستدامة ويجب انتهاج المسارات السياسية والاعتماد الاقتصادي المتبادل مدعوماً بتعزيز القيم المشتركة، وهناك حالات نجاح منها سياسة أرمينيا مع جيرانها التي تضمنت استجابات سياسية واقتصادية وأمنية بشكل متواز، من ناحية ثانية فإن طبيعة التهديدات الأمنية التي تجاوزت حدود الدولة مثل الصراع بالوكالة وتهديدات الذكاء الاصطناعي وتجنيد المرتزقة قد أدت لتشابك التحديات الإقليمية الأمر الذي حتم استجابات عسكرية وسياسية ومن ذلك دور مصر لمواجهة تهديدات الأمن الإقليمي وخاصة تأثير تهديد الملاحة في البحر الأحمر على انخفاض عائدات قناة السويس المصرية بنسبة 60% مما حتم انتهاج مصر لسياسة توازن بين الحلول العسكرية ارتكازاً على القرارات الأممية وتحت مظلة دولية ومن ذلك مساهمات مصر لتأمين الملاحة البحرية في تلك المنطقة بالتعاون مع القوى الإقليمية والدولية، بالتوازي مع الجهود السياسية من خلال الوساطة ومنع التصعيد وتعزيز التعاون الإقليمي والعالمي وجعل التدخل العسكري آخر الخيارات لأنه قد يحقق أهدافاً قصيرة الأجل ولكن مع نتائج سلبية على المدى البعيد، وألا يستهدف هدم مؤسسات الدولة وخاصة العسكرية، وأنه لابديل عن التعاون والعمل الجماعي لمواجهة تلك التهديدات التي أصبحت متسارعة ومتشابكة على نحو غير مسبوق.

 الجلسة الثالثة: مبادرات السلام الإقليمي

استهدفت الجلسة مناقشة المبادرات بشأن تحقيق السلام الإقليمي ومردودها، فعلى الرغم من أن العقود الماضية قد شهدت إطلاق العديد من المبادرات لدعم وتحقيق السلام فإن غياب الإرادة السياسية كان سبباً في عدم تنفيذ تلك المبادرات، وتوجد منظمات إقليمية عديدة بإمكانها أن تلعب دوراً مهماً في هذا السياق ولكن مع غياب الإرادة السياسية لم تر تلك الجهود النور، ويقع جزء من المسؤولية على اللاعبين الدوليين الذين لديهم القدرة على ممارسة الضغوط لإنفاذ تلك المبادرات وخاصة مسألة حل الدولتين على سبيل المثال ،فضلاً عن بناء الثقة وخاصة في الخلافات بشـأن الموارد الطبيعية ومنها سد النهضة الإثيوبي على سبيل المثال،  إلا أنه من ناحية ثانية سادت وجهة نظر أخرى مفادها أن بعض التنظيمات وخاصة مجلس التعاون لدول الخليج العربية كمبادرة إقليمية بحد ذاته لحفظ أمن واستقرار دوله قد تمكن من التعامل مع التحديات الإقليمية بل أطلق رؤية للأمن الإقليمي  للمرة الأولى في مارس 2024م، وأن هناك متطلبات أخرى لتحقيق الأمن الإقليمي ومنها احترام القوانين وحسن الجوار وانتهاج علاقات ثنائية ومتعددة الأطراف ودعم الوساطة وتطبيع العلاقات مع الجيران، بينما تمثلت رؤية ثالثة في أن هناك دور أيضاً للاتحاد الأوروبي تجاه تلك الأحداث وأنه يجب التفكير في إحلال السلام بطريقة مختلفة دون التنازل عن حل الدولتين،  وهناك حاجة لإشراك الجميع في تلك الجهود وخاصة الجهود التي تقودها المملكة العربية السعودية من خلال التحالف العالمي لحل الدولتين الذي نجح حتى الآن في حشد تأييد 100 دولة وتوجد اجتماعات متتالية للمزيد من حشد الجهود الدولية ومنها إعلان مملكة البحرين رغبتها في استضافة مؤتمر دولي للسلام .

 الجلسة الرابعة: المقاربات الدولية لأمن الشرق الأوسط

        وتمثلت تلك المقاربات في ضرورة معالجة كافة القضايا بشكل متزامن، فمع أهمية القضية الفلسطينية فإن الملف النووي لإيران يرتبط على نحو وثيق مع مشهد تهديد الأمن الإقليمي، ومن ذلك تهديد حرية الملاحة في باب المندب والبحر الأحمر، بالإضافة لدعم الميلشيات في المنطقة، بالإضافة للملفات الإقليمية الأخرى ومن ثم فإن الالتزام بفرض العقوبات يبدو آلية مهمة، من ناحية ثانية فإن التعاون متعدد الأطراف يعد مدخلاً مهماً لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين ومن ذلك انضمام المملكة المتحدة لاتفاقية التعاون الأمني والازدهار وذلك بالتوازي مع جهود تحقيق السلام التي يجب أن تتضمن كافة القضايا وهي وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى والرهائن وإنهاء القيود المفروضة على الشعب الفلسطيني وإيجاد حل مستدام للقضية الفلسطينية من خلال فرص المبادرات الحالية والتي لا يجب إهدارها ومنها نتائج القمم العربية والخليجية ،وبالتوازي مع ذلك فإن للعمل الإنساني أهميته ضمن تلك المقاربات ومن ذلك تخصيص المملكة المتحدة 15 مليون جنيه استرليني لدعم لبنان وزيادة الدعم 7 مليون جنيه للشعب الفلسطيني لتصل إجمالي المساعدات إلى 99 مليونًا ، فضلاً عن 19,5 مليون للأردن للتصدي للتهديدات العابرة للحدود، وفي سياق الأزمات الإقليمية ومنها سوريا التي شهدت الإطاحة بنظام الأسد فإنه بدون معالجة الأسباب الجذرية لتلك الأزمة وغيرها من الأزمات والصراعات ومنها الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي فإن التوترات الإقليمية سوف تزداد سواءً وخاصة أن 70% من الشعب السوري على سبيل المثال يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وأخيراً فإنه ضمن تلك المقاربات كان النقاش حول تأثير التكنولوجيا على الصراعات حاضراً وبقوة  وخاصة سوء استخدامها من جانب الجماعات دون الدول التي تستهدف تعطيل عمل المرافق الحيوية مثل شبكات الكهرباء واستهداف البنية التحتية عموماً وتوجد جهود عديدة تقودها الولايات المتحدة من خلال جمع 68 دولة للتصدي لهجمات الفدية على سبيل المثال، وجهود تأمين الكابلات البحرية حيث تحتوي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على 18% من تلك الكابلات، بالإضافة لمخاطر العملات المشفرة والتي  تحدث 8% منها في منطقة الشرق الأوسط ولمواجهة ذلك لابد من رفع قدرات الأفراد والتعاون بشأن تبادل المعلومات والعمل المشترك.          

       الجلسة الخامسة: التفاعل بين الأمن العالمي وأمن الشرق الأوسط

وتمثلت أهم الأفكار التي أثيرت خلال تلك الجلسة في أن الأزمات الإقليمية المتزامنة والمحتدمة أوجدت نتيجة واحدة مفادها دوامة العنف والتي يجب على القوى الإقليمية والعالمية اختراقها، وأن ثمة دروس يجب التعلم منها من التاريخ وهي أن ترك النزاعات تتفاقم يمنح الفرصة للجماعات دون الدول لتنمو وتتحدى سلطة الدولة الوطنية، وأن مهام الدفاع يجب أن تكون بيد الدولة وليس منظمات، خطورة التطرف بسبب تفاقم أحداث غزة، ضرورة الحوار مع دول الجوار وهي تركيا وإيران، وأخيراً بناء الجسور والشراكات، وأن أمن واستقرار الشرق الأوسط بقدر ما هو مسؤولية  دوله فإنه في الوقت ذاته تقع على عاتق الولايات المتحدة مسؤولية كبرى ولكن بطريقة تحافظ على سيادة الدول وتعزيز الشراكات على قدر من المساواة، إلا أنه سادت الجلسة وجهة نظر أخرى مؤداها أنه بالنظر إلى أن العديد من الدول لم تتعلم من أخطاء الآخرين فإنها يجب عليها ارتكاب الأخطاء ذاتها للتعلم، وما يحدث الآن من تحولات في العالم كان نتيجتها عدم احترام القانون الدولي يعني وبما لا يدع مجالاً للشك  بأن القواعد التي ارتضتها دول العالم عام 1945م، بتأسيس الأمم المتحدة لم تعد فعالة من ثم فإن العالم بحاجة إلى جهود جماعية جديدة على غرار ما قام به رئيس وزراء بريطانيا  " ونستون تشرشل" ولكن لا يقصد بذلك الاعتماد على جهة واحدة فالعالم كله "تشرشل"،و لكن قبل ذلك يجب أن نسأل أنفسنا ما الثمن الذي دفعناه خلال الحرب العالمية الثانية وما الثمن الذي ندفعه الآن؟،من ناحية ثالثة أثيرت أفكار أخرى ومنها أنه عند النظر لتأثير الأمن الإقليمي على الأمن العالمي فإن التهديدات الأساسية تتمثل في النهج الإيراني، فإذا تمكنت إيران من تطوير أسلحة نووية ستكون صفعة للنظام العالمي ،أو إغلاق مضيق هرمز وكذلك تهديد منشآت النفط السعودية، وأخيراً من آليات التفاعل بين الأمن العالمي ونظيره الإقليمي ضرورة فهم فكرة الجنوب العالمي وكيف تفكر وتعمل تلك الدول ولبلوغ ذلك الهدف يقترح الإصغاء والحوار وتعدد الشراكات مع احترام القيم في تلك الشراكات، التعاون بين المنظمات الإقليمية، تعزيز الترابط بين الشرق الأوسط والخليج، وهناك نماذج يمكن الاحتذاء بها للأمن الإقليمي فعلى سبيل المثال استطاعت فيتنام  وإندونيسيا حل خلافاتهما البحرية وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982م،وأخيراً فإن ثمة قضية تربط بين الأمن الإقليمي والعالمي وهي ضحايا النزاعات من عمال الإغاثة حيث فقد حوالي 282 عامل حياتهم خلال العام الحالي 2024م، في مقابل 280 خلال عام 2023م، وهناك جهد عالمي لإيجاد إطار أممي لحماية حياة هؤلاء الأفراد.  

الجلسة السادسة: التحديات الدفاعية في عالم معقد

  خلال تلك الجلسة أثيرت أفكار منها أن الحرب الأوكرانية قد أوجدت تحدياً هائلاً لأمن الدول الأوروبية وخاصة الصغرى التي لدى بعضها عضوية في حلف شمال الأطلسي" الناتو" وفي الاتحاد الأوروبي في الوقت ذاته، ولكن بعضاً من تلك الدول كان بإمكانها أيضاً أن تكون عامل توازن، ولكن الدرس الأكبر من الحرب الأوكرانية بالنسبة لأوروبا أهمية وجود بديل أمني ذاتي ليس فقط ضد مخاطر تهديدات الدول ولكن أيضاً لمواجهة الهجمات غير الحكومية، فالعديد من دول الاتحاد الأوروبي بحاجة لجنود وقدرات وأسلحة وذخائر، وهناك تجارب مهمة استلهمت الدرس ومنها المجر التي كان لديها بالفعل خطط لتطوير قدراتها العسكرية عام 2016م، ولكن بحلول عام 2030م، سوف تشهد تحديث قواتها بشكل كامل من خلال الاستثمار في الصناعات العسكرية، من ناحية ثانية فإن تهديدات الحوثيين للملاحة البحرية من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة كان له تأثير هائل على العالم بأسره من حيث زيادة تكلفة الشحن والمعيشة عموماً، والأمر هنا لا يتعلق بمواجهة الحوثيين وإيران فحسب بل تهديدات الجبهة المناوئة للغرب وهي روسيا والصين وكوريا الشمالية، و لكن في مواجهة ذلك للغرب قوته من خلال الاستمرار في دعم أوكرانيا وهناك نماذج نجاح للدفاع ومنها نظام الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية، والإنفاق الغربي على الأمن السيبراني وزيادة القوة العسكرية والاستثمار في قدرات جديدة في مجال الفضاء الجوي والسيبراني وتحديث نظم المشتريات، وكذلك على المستوى الإقليمي شركة إيدج للصناعات الدفاعية في الإمارات والتي تستثمر في البرازيل وتقدم قصة نجاح حيث شاركت في العديد من برماج الدفاع البحري، ومع أن جائحة كورونا والحرب الأوكرانية قد زادت الأمور تعقيداً لكن لابد من تطوير سلاسل التوريد ،كما أن بناء القدرات العسكرية أمر مهم للغاية ،وأخيراً فإن هناك التزام أمريكي واضح بالأمن في الخليج العربي ونشر السلاح في أي وقت وأي مكان، وخلال التهديدات الإقليمية الأخيرة ومنها المواجهات بين إيران وإسرائيل تشاركت الولايات المتحدة الجهود مع شركائها الإقليميين لخفض التصعيد، وكان للولايات المتحدة دور مهم في القضاء على تنظيم داعش وحماية الممرات المائية وتحقيق وقف إطلاق النار في لبنان والولايات المتحدة تلتزم بأمن الشرق الأوسط عموماً  من خلال القيادة المركزية الأمريكية. 

 الجلسة السابعة: إلى أين يتجه التعاون الاستراتيجي الإقليمي؟

  خلال تلك الجلسة كانت هناك ثلاثة رؤى الأولى: ترى أن المنطلقات التاريخية والمصالح الاستراتيجية الحالية ومنها استضافة دول الخليج العربي لعشرة ملايين عامل هندي ومعدل تجارة مرتفع جميعها مؤشرات ومنطلقات لتعاون شامل بين الهند والخليج ولابد أن يؤسس ذلك على عدة ثوابت منها التعاون على المستوى الدبلوماسي وتحديد آليات فعالة لمواجهة تأثير التحديات الإقليمية على المصالح المشتركة، منع التصعيد وانتشار العنف، دعم التعاون متعدد الأطراف، التعاون الاستراتيجي على مستوى الأمن وكان للهند دور ملموس في مواجهة تهديدات الأمن البحري في باب المندب والبحر الأحمر فعلى سبيل المثال الاستجابة لحوالي 24 حادث ومراقبة 120 باخرة، وأخيراً ترابط المخاطر الاقتصادية وتجاوز هشاشة الروابط الحالية من خلال دعم أفكار منها ممر الهند الشرق الأوسط  الاستراتيجي، والثانية ترى أنه لابد من التمييز بين المعتدي والضحية في كل الأزمات، ومنع المنظمات الإرهابية من الاستيلاء على الأراضي، تعزيز قوات حفظ السلام وضمان وصول المساعدات لمستحقيها، أما وجهة النظر الثالثة فقد جاءت من البحرين ومفادها أن هناك أطر تعاونية ظهرت للأمن الإقليمي ومنها جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأن دول الخليج العربي دعمت بشكل فعال جهود الأمم المتحدة لدعم الأمن والسلم على المستوى الإقليمي ومن ذلك مبادرة السلام العربية ثم الاتفاقات الإبراهيمية ،بالإضافة لتوسيع إطار اتفاقية التكامل الأمني والازدهار بين البحرين والولايات المتحدة لتضم المملكة المتحدة، ومع أهمية ذلك فإن هناك دروس مستفادة لتحقيق الأمن الإقليمي وأولها حل القضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين ويوجد الآن إجماع غير مسبوق في المنطقة العربية، بل وبعض دول العالم على ذلك الحل، التعاون الإقليمي على المستوى الجغرافي، تعزيز دور منظمات الأمن الإقليمي والتي نص عليها الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، دعم مبادرات الأمن الإقليمي من جانب الأطراف الدولية لحل الأزمات الإقليمية ومن بينها اليمن ،دعم الأطر التعاونية الصغيرة والتي يمكن أن تشهد تدرجاً لتوسيع عضويتها، وأخيراً ينبغي النظر إلى الردع بأنه يتضمن طيفاً واسعاً وليس وجهين فقط، يتضمن مهام متعددة ويعمل في ظل متغيرات عديدة ،فالقوات العسكرية تؤدي دوراً مهماً ولكنها ليست العامل المهم، فهناك التكنولوجيا وسياسة العقوبات ولكن بشكل عام فإن معنى الردع هو جعل الأعداء والمنافسين يفكرون ملياً قبل التصرف، والهدف النهائي هو تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط.

 وبوجه عام يمكن القول إن حوار المنامة هذا العام قد سلط الضوء على الكثير من القضايا ولكن يلاحظ إثارة الجدل حول خمس قضايا أساسية وهي:

الأولى: الإجماع السياسي والفكري على أن حل القضية الفلسطينية من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة يعني حل العديد من مشكلات المنطقة وهو السبيل الوحيد للأمن والاستقرار.

 والثانية: مع عدم إثارة النقاش كثيراً حول تهديدات الملاحة البحرية فإن المناقشات اتفقت على أن الجهود الحالية لردع الحوثيين غير كافية ولابد من البحث عن آليات أخرى.

 والثالثة: مع تغير مفهوم الأمن فإن متطلبات دمج التكنولوجيا في القطاع العسكري لاتزال تحدياً هائلاً وخاصة للدول النامية.

والرابعة: لا تكمن المشكلة في عدم وجود مبادرات لحل الأزمات الإقليمية ولكن في وجود إرادة حقيقية وخاصة من جانب الدول الكبرى لوضع تلك المبادرات موضع التنفيذ.

 والخامسة: في ظل حالة التأثير المتبادل بين الأمن الإقليمي والأمن العالمي فإن الاعتماد على المنظمات الدولية فحسب لضمان الأمن ليس كافياً بل يجب إفساح المجال لعمل تنظيمات الأمن الإقليمي. 

مقالات لنفس الكاتب