array(1) { [0]=> object(stdClass)#13667 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 207

قد يلجأ "حميدتي" بحصار الفاشر لتشكيل حكومة في دارفور لمنازعة شرعية حكومة الخرطوم

الخميس، 27 شباط/فبراير 2025

علمتني مهنة "إنتاج المعلومات وإعداد التقارير" أن الإحاطة والإلمام بالمعلومات الكاملة والدقيقة والمحددة، واستشراف مآلاتها تبدأ بإلقاء نظرة بانورامية شاملة للإحاطة بكل أبعاد الصورة وهذا لا يتأتى إلا بالبعد عن المشكلة أو الأزمة -موضوع الدراسة-لأمتار وربما أميال.

فاندلاع الصراع يوم 15 إبريل 2023م، بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع واستيلاء قوات الدعم السريع على القصر الجمهوري ومطار الخرطوم وحاميات الجيش في جبل الأولياء، وولاية جنوب دارفور، وغرب ووسط دارفور وكذلك شرق دارفور وولاية الجزيرة، إلى جانب العديد من المواقع العسكرية في الخرطوم والتي يتمركز فيها الاحتياطي المركزي والاستراتيجي وكذا التصنيع الحربي.

لم يكن فقط نتيجة مثلث الفشل والتقصير الذي مني به الجيش السوداني، والذي حددوا أضلاعه بفشل هيئة الاستخبارات العسكرية وجهاز المخابرات العامة في توفير المعلومات عن قدرات ونوايا قوات الدعم السريع كضلع أول، إضافة للفشل في الحصول على المعلومات عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي" فضلاً عن المتابعة المستمرة له.

وثاني الأضلاع هو الفشل في توفير الإمداد بالأسلحة والذخائر والعتاد للقوات التي كانت تتمركز في المقار العسكرية، الأمر الذي مكن قوات الدعم السريع من الاستيلاء عليها، أما الضلع الثالث للتقصير والفشل، فيتعلق بهيئة تدريب الجيش التي لم تقم بدورها في إعداد وتجهيز القوات، وتدريبها على القتال في المدن، وهو أحد الحالات الخاصة التي يلزم تدريب الجيوش عليها لما تتميز به من تكتيكات خاصة ومهارات عالية.

والأخطر من كل ذلك استحضار قيادات الجيش لمقولات بالية مثل: "لن تهزم ميليشيا جيشًا"... ليفيقوا من سكرتهم على سقوط مدينة "ود مدني" عاصمة ولاية الجزيرة.

يوم 18 ديسمبر عام 2023م، فأحدثت زلزالا هز كيان الجيش بل والشعب من خلفه واستشعروا القلق مما تستطيع قوات الدعم السريع تحقيقه من انتصارات "فالمدينة سقطت دون قتال، وانسحبت قيادة الفرقة العسكرية الأولى، المكلفة بالدفاع عنها.

ولكن ذلك التداعي، دفع جموع المواطنين لتشكيل كتائب مقاومة شعبية والتسليح بما تيسر من عتاد للدفاع عن مناطقهم وممتلكاتهم خوفًا من تكرار ما حدث في مدينة "ود مدني" لهم في ظل عدم قدرة الجيش على الدفاع عنهم.

ولقد بررت مصادر عسكرية في الجيش هيمنة قوات الدعم السريع بقيادة "حميدتي" كما يحلو لهم تسميته، بأنها تحصيل حاصل من الناحية العسكرية فقوات الدعم السريع بالفعل كانت موجودة مسبقًا في تلك الأماكن لحمايتها وعمليًا كانت تسيطر عليها، أما انتشار الجيش في الخرطوم فقد كان انتشارًا وتمركزًا إداريًا داخل تلك المعسكرات وحول مقرات القيادة أما أغلبية قوات الجيش المقاتلة فكانت منتشرة في أنحاء السودان لحماية المناطق الحدودية التي تشهد اشتباكات متكررة مع جماعات متمردة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، أو تقاتل عصابات من دول الجوار مثل عصابات "الشفتة" في منطقة الفشقة على الحدود مع أثيوبيا.

ولذلك بشرت تلك المصادر العسكرية -وقتها-بأن الجيش سوف يعيد تجميع قواته ويقوم بشن هجوم مضاد ويستعيد به مدينة الخرطوم ولكن المفاجأة وقعت بعد ستة شهور من القتال، بوصول قوات الدعم السريع إلى ولاية الجزيرة والاستيلاء على عاصمتها "ودمدني" الأمر الذي أثار الشك في قدرات الجيش وولاء كبار ضباطه للقيادة العسكرية، ذلك الجيش الذي يمتلك أسلحة ثقيلة من دبابات ومدافع فضلاً عن الطيران ولكن تبين لهم أن الحرب سجال.

فالحرب التي ساد الظن في بدايتها أنها لن تخرج عن الخرطوم -العاصمة- نظرًا لما حققته قوات الدعم السريع من نجاحات بها وفي إقليم دارفور الذي يمثل الحاضنة الرئيسية لقادة هذه القوات، وأن مناطق الوسط والشمال والشرق ستظل بعيدة عن تداعيات القتال نظرًا لافتقاد الدعم السريع لحواضن اجتماعية في تلك المناطق وضعف تواجده بها، والانتشار القوي للجيش هناك، إلا أن النجاح الذي حققته قوات الدعم السريع بالسيطرة على "ود مدني" شجعتها على استغلال النجاح والزحف إلى وسط السودان وصولًا إلى جنوب شرق البلاد على الحدود السودانية الأثيوبية والسيطرة على ولاية سنار، وعاصمتها "سنجة" ثم إلى النيل الأزرق، ليمتد القتال إلى اثنتى عشرة ولاية من ولايات السودان الثماني عشرة.

وتستشعر قيادة الجيش أنها مهددة بالحصار وبالتالي فقدان الشرعية السياسية فتتشبث بمدينة بورتسودان واتخاذها الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان مقرًا مؤقتًا لإدارة شؤون الدولة وأخذ يباشر مهامه منه.

وتحقق قوات الدعم السريع نجاح تلو النجاح وتصل إلى جنوب شرق السودان وتسيطر على أربع ولايات من ولايات دارفور الخمس وتحاصر مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

وتستشعر قيادة الجيش الخطر مع عجزها عن استعادة الخرطوم فتقرر تغيير استراتيجيتها لفك الحصار وتغيير الأوضاع على الأرض وخاصة بعد أن لاحقتها الضغوط الدولية للتفاوض باعتبار ما حدث صراعًا بين قوتين متنازعتين، وليس بين جيش دولة وقوة متمردة خارجه على القانون تحصل على أسلحتها من إحدى الدول العربية عبر دول الجوار وخاصة دولة تشاد – وهو ما أكده تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالسودان والصادر في يناير 2024م، في الوقت الذي لم يتلق الجيش السوداني أي دعم ملموس.

فتنفتح قيادة الجيش على موسكو بحثًا عن السلاح، وتستقبل وفدًا من الخارجية الروسية بقيادة مبعوث خاص للرئيس الروسي "بوتين" إلى الشرق الأوسط وإفريقيا في أبريل عام 2024م، للتنسيق لدعم الجيش بالسلاح، وفي نفس الوقت تحجيم علاقة جماعة "فجنار" بالدعم السريع – وتنفتح القيادة السودانية أكثر فتعيد العلاقات الدبلوماسية مع طهران بعد قطيعة دامت منذ عام 2016م، في عهد الرئيس السابق عمر البشير كما طلبت قيادة الجيش من تركيا أن تبيعها طائرات مسيرة وتقوم بتدريب الجيش على استخدامها.

وما أن حصل الجيش على أسلحة نوعية في مقدمتها الطائرات المسيرة حتى أخذ في تنفيذ استراتيجيته الحديثة ضد الدعم السريع وذلك باستنزافها وإنزال أكبر خسائر بها تمهيدًا للانقضاض عليها بالهجوم البري فكثف ضرباته الجوية عليها في الخرطوم وعلى خطوط الإمداد الواصل لها من خارج الحدود من دولتي ليبيا وتشاد، كما استهدفت قادة وقيادات الدعم السريع ليتوج هجومه الواسع في ولاية سنار بالسيطرة عليها واستعادة عاصمتها مدينة سنجة" في نوفمبر 2024م.

وفي الوقت الذي كانت فيه قوات الدعم السريع تقوم باستباحة قرى بأكملها قتلًا وأسرًا واغتصابًا جماعيًا، في أنحاء كثيرة من ولاية الجزيرة وأعطى الحرب بعدًا ثأريًا، وأوصل الحال إلى نزوح حوالي خمسة ملايين سوداني منها وإثارة الهلع في بقية أنحاء السودان.

كانت قوات الجيش تتعامل مع نقاط القوة التي تتمتع بها قوات الدعم السريع والمتمثلة في خفة الحركة والقدرة على الانتشار السريع الواسع في الأراضي السودانية المترامية الأطراف والمفتوحة بلا موانع تقريبًا مما يصعب على الجيش مطاردتها وحصارها، فعمد إلى استنزافها وقطع خطوط إمدادها. وفي هجوم مفاجئ من "أم درمان" في سبتمبر 2024م، عبرت قوات الجيش نهر النيل إلى الخرطوم عبر جسر الفتيحات والنيل الأبيض، كما عبرت إلى "الخرطوم بحري" باستخدام جسر الحلفاية، في أكبر عملية هجومية على العاصمة منذ بداية الحرب لفك الحصار عن مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، وأجبرت قوات الدعم السريع على سحب معظم قواتها من ولاية الجزيرة.

وبدعم من طيران الجيش الذي قصف المطارات التي تحت سيطرة الدعم السريع بدارفور، قامت قوة من الجماعات التي كانت متمردة سابقًا وتحالفت مع الجيش، باجتياح قاعدة عسكرية تابعة للدعم السريع في دارفور فدمرتها واستولت على العتاد الموجود بها وقامت بالانسحاب سريعًا، ومع تشتيت جهود قوات الدعم السريع وإرباك قيادته، قامت قوات الجيش بالتعاون مع القوات الرديفة (المنضمة للجيش) بالهجوم على مدينة (ودمدني) وقامت باستعادتها بعد تدمير دفاعات الدعم السريع وهروب عناصره منها،

أما وقد نجح الجيش في استعادة ولاية "سنار" والسيطرة على مدينة "ودمدني" عاصمة ولاية الجزيرة، وبعد العبور إلى الخرطوم إلى الخرطوم وبحري، وحقق انتصارا كبيرًا، واستعاد زمام المبادرة وتحول من الدفاع إلى الهجوم.

ومع مواصلة استعادة المدن والقرى الواقعة شمال ولاية الجزيرة، فإن معركته الرئيسية هي استكمال الاستيلاء على الخرطوم وإحكام السيطرة على أم درمان، ونقل المؤسسات الحكومية إليها مجددًا وإعادة السكان النازحين منها إليها مرة أخرى، وكذا عودة السفارات الأجنبية.

وعلى الطرف الآخر فإن قوات الدعم السريع اتسع عليها الرتق كما يقول المثل العربي: "اتسع الخرق على الراتق" نظرًا لاتساع مساحة الأراضي السودانية، وصعوبة السيطرة عليها فإنها قد تلجأ إلى الاستمرار في تنفيذ الهجمات الخاطفة التي تجيدها مع التمسك بالولايات الأربع التي تحت سيطرتها – من ولايات دارفور الخمس.

كما ستحاول الاستمرار في حصار مدينة الفاشر عاصمة الولاية الخامسة وقد يلجأ "حميدتي" إلى الإعلان عن تشكيل حكومة له في دارفور، لعله ينازع بها شرعية حكومة الخرطوم.

واستكمالا للواقع المرصود طبقًا للمعلومات التي تقدمت فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو "كيف تغير مسار الحرب على الأرض أو بمعنى أوضح ما هو السبب الرئيس في هذا التغير ..

وهنا تقفز إجابة السؤال على السطح لنقول: "إنها المسيرات نعم المسيرات التي حصل الجيش السوداني على نوعين منها على الأقل فضلًا عن المسيرات الانتحارية، وفي المقابل حصلت قوات الدعم السريع هي الأخرى على مسيرات تجارية معدلة قادرة على إلقاء القذائف".

فمن أين حصل كل طرف على هذه المسيرات وكيف استخدمها؟

لقد كان الانفتاح الذي قام به قائد الجيش "عبد الفتاح البرهان" على كل من موسكو، وأنقرة، وطهران التي أمدته بنوعين من المسيرات الإيرانية، فقلبت الميزان العسكري على مسرح العمليات هما (إضافة لما صنعته السودان):

  • المسيرة مهاجر 6 التي يبلغ طولها 6.5 متر وعرض جناحها (10) أمتار وتستطيع الطيران لمسافة 200 كم على ارتفاع يصل إلى 10 آلاف قدم ويمكنها شن هجمات جوية بذخائر موجهة ذات سقوط حر.
  • زاجل 3 وهي نسخة مصنعة محليًا بالسودان – من المسيرة الإيرانية أبابيل 3 ويبلغ طولها 4.5 متر وعرضها 6.5، وهذه المسيرة تستخدم قذائف موجهة إيرانية الصنع.
  • مسيرات انتحارية – تعرف بطائرة "رؤية الشخص الأول" يبلغ وزنها كيلوجرام واحد، لديها القدرة على الطيران لمسافات قصيرة وارتفاعات منخفضة وهي تتبع الهدف وترتطم به مباشرة.

أما قوات الدعم السريع فقد ثبت استخدامها لمسيرات انتحارية مصنوعة من مكونات تجارية – بهدف إخفاء الطرف الذي يقوم بالإمداد بها، هربًا من المساءلة.

كما ثبت امتلاك قوات الدعم السريع في وقت مبكر من الحرب مُسيرة من طراز "كوادكبتر" مصنوعة أيضًا من مكونات تجارية وتقوم بإلقاء بمب هاون عيار 120 مم قيل إنها تحمل علامات من صربيا – وإلى جانب هذه المسيرات فإن قوات الدعم السريع تقوم باستخدام دفاعات جوية، لتحييد طيران الجيش.

ويعد استخدام قوات الدعم السريع لمنظومة دفاع جوي محمول على الكتف ذات قدرة متطورة تسمى FN-16 من الخطورة بمكان حيث يمكن استخدامها ضد الطائرات المدنية خاصة إذا كانت في يد جماعات وليس حكومات يمكن مساءلتها، ويعتقد أن قوات الدعم السريع استولت على هذه المنظومة من أسلحة الجيش بينما حصلت على باقي الأسلحة من خارج البلاد.

ومن المعلوم أن مجلس الأمن الدولي أقر عام 2005م، حظرًا على توريد الأسلحة إلى الحكومة السودانية والفصائل المسلحة في دارفور على خلفية النزاع الذي نشب آن ذلك في السودان وحول مقدرات وتسليح وعدة وعتاد طرفي الصراع، فبالإضافة إلى المسيرات سابقة الذكر والتي رصد خروجها من مطار بندر عباس الإيراني وصولًا إلى مطار بورتسودان على خطوط qeshm fars air.

وفي المقابل وصولها إلى قوات الدعم السريع مع أسلحة أخرى من ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى -وفقاً لتقرير الأمم المتحدة – إلا أن هناك طرفًا آخر يقوم بالإمداد عبر جسر جوي بين دولة عربية وتشاد مرورًا بمطاري نيروبي وكمبالا قبل الانتهاء في مطار أم جرس في تشاد بالقرب من حدود السودان الغربية حيث مناطق سيطرة قوات الدعم السريع -وفي نفس الوقت تنفي تلك الدولة العربية هذه المعلومات وتقول إن ما ترسله هو معونات إنسانية.

والمعلوم أن قوات الجيش، تمتلك قوة تسليح كبيرة، مثل طائرات الميج والسوخوي روسية الصنع وكذا المروحيات من طراز مي 8/ مي 24، والدبابات من طراز ت55، ت72 وناقلات الجند المدرعة من طراز BTR-80، BMP ومدافع الميدان الثقيلة، والصواريخ أرض/جو، وهذه الأسلحة منها ما هو روسي وما هو صيني أو صناعة مصرية، إضافة إلى أسلحة أخرى سودانية الصنع عبر مجمعات الصناعات العسكرية السودانية مثل مصنع اليرموك.

أما قوات الدعم السريع: فتمتلك أنواعًا من الأسلحة المتوسطة والخفيفة مثل الرشاشات دوشكا PKM، وقواذفRPG والبنادق الهجومية من طراز AK47، M-16.

أما مركبات القتال فهي سيارات دفع رباعي مجهزة برشاشات مضادة للطائرات وعربات مدرعة تم الاستيلاء عليها من الجيش خلال المواجهات وما قبلها.

والجدير بالذكر أن قوات الدعم السريع التي يقودها "حميدتي" هي قوة شبه عسكرية، تطورت من ميليشيا ذات أغلبية عربية، تحت رعاية الحكومة السودانية بدعم مباشر من الرئيس السابق البشير في أعقاب التمرد الذي اندلع في إقليم دارفور عام 2003م، وفضل البشير الدفع بها ضد المتمردين وفي عام 2013م، تحول اسمها من "الجنجويد" إلى الدعم السريع، واعترف بها البشير رسميًا وخصص لها موارد مالية مستقلة ولكنها أصبحت دولة داخل الدولة بعد أن تضخمت وازدادت قدراتها ووصل عدد أفرادها إلى نحو (100ألف) مقاتل وساهمت ظروف نشأتها وطبيعة مهامها التي أوكلت إليها من حصولها على خبرات قتالية عالية خاصة في القتال في المدن وحرب العصابات، أما عن تمويلها فإنها تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الذهب الذي يسيطر عليه "حميدتي" في عدد من المناجم وله ذراع استثمارية هي شركة الجنيد.

والجدير بالذكر أن تلك المناجم تتركز في شمال شرق ووسط دارفور التي يسيطر عليها "حميدتي".

مع تطور الصراع في السودان، أخذت كل من قيادة الجيش وكذا قوات الدعم السريع في تعبئة وتجنيد قوات جديدة وفي نفس الوقت قامت بعض الأعداد من جنود الجيش النظامي بالانشقاق عن الجيش والانضمام إلى قوات الدعم السريع في إقليم دارفور وكذا قامت بعض الأفراد من الدعم السريع بالانشقاق عنها والانضمام للجيش.

ومن تلك العناصر التي انضمت للدعم السريع:

  • فصيل الحلو التابع للحركة الشعبية لتحرير السودان.

أما من انضم للجيش فهي:

ميليشيات الكبابيش وهي مجموعة من البدو حملوا السلاح لحماية المدنيين من هجمات قوات الدعم السريع.

وهناك بعض الحركات المسلحة كانت تتخذ موقف الحياد ولكنها قامت بالانضمام إلى الجيش بعد تطور العمليات لصالحهم مثل حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان.

وبعد استعراض واقع الصراع ومآلاته فإن قراءته تظهر الآتي:

تأخر الحسم العسكري بين طرفي الصراع رغم القدرات التسليحية والتنظيمية المتفوقة للجيش في مواجهة الدعم السريع للعديد من الأسباب:

  • مثلث التقصير في الجيش:
  • فشل هيئة الاستخبارات العسكرية للجيش في توفير المعلومات الكاملة والموقوتة والدقيقة والمستمرة عن قوات الدعم السريع.
  • عدم توفير الإمداد بالأسلحة والمعدات والذخائر في بداية العملية.
  • ضعف مستوى التدريب القتالي لقوات الجيش وخاصة على القتال في المدن.
  • الاستهانة بقدرات قوات الدعم السريع والتقليل منها.
  • غل يد الجيش عن مهاجمة قوات الدعم السريع المتحصنة داخل المدن خشية قتل المدنيين الأبرياء.
  • تميزت قوات الدعم السريع بالعديد من نقاط القوة مثل:
  • خفة الحركة وسرعة الانتشار.
  • السبق في اتخاذ أوضاع ومواقع حيوية داخل المدن وحرمان الجيش منها.
  • تفوق قوات الدعم السريع في قتال المدن وحرب العصابات.
  • توفير الدعم والمساندة من بعض دول الجوار ومن خارجها.
  • توفر القدرات المادية وخاصة من الذهب الذي يساعد على الحصول على الأسلحة والمعدات من أطراف خارجية "دول ومنظمات".

إن أخطر ما يواجه الدولة السودانية وسوف يعطل كثيرًا حسم الموقف لأي طرف من طرفي النزاع هو مخطط تقسيم المنطقة العربية ومنها السودان، وهو الذي يجعل مهندس التقسيم العالمي (مخطط برنارد لويس) الذي وافق عليه الكونجرس الأمريكي عام 1983م، وأوصى بأن كل حكومة أمريكية تنفذ منه ما تستطيعه طبقًا للظروف العالمية والمحلية الأمريكية وبالتالي لكي يتم التقسيم يتم الحفاظ على تكافؤ وتساوي قدرات طرفي النزاع ما أمكن، كي لا يحسم أحدهم الحرب ويقوم بطي جميع أجزاء الدولة تحت لوائه والحفاظ على وحدتها وتكون النهاية هي التقسيم والانفصال كما حدث لجنوب السودان.

أما عن الخطر الذي تمثله حرب السودان على دول الجوار ومنها مصر فهو كبير وله مستويات عدة مثل:

  • نزوح ملايين السودانيين إلى دول الجوار وخاصة مصر وتشاد وجنوب السودان، الأمر الذي يشكل ضغطًا على الموارد والبنية التحتية لهذه الدول.
  • عدم الاستقرار الأمني نتيجة لخطر تسلل جماعات مسلحة وتهريب أسلحة عبر الحدود إلى تلك الدول.
  • التأثير السلبي على الاقتصاد، خاصة وأن السودان شريك تجاري مهم لمصر، واستمرار الحرب يعرقل حركة التجارة بين البلدين وخاصة في مجالات الزراعة والصناعات الغذائية الأمر الذي يؤدي لزيادة التضخم.
  • مخاطر على مياه النيل، فالسودان شريك أساسي لمصر في ملف مياه النيل وأي فوضى داخلية فيه قد تؤثر على إدارة المياه وتزيد من التوترات الإقليمية بين دول حوض النيل.
  • التهديدات الإرهابية، التي تهدد الاستقرار في المنطقة وبصفة خاصة نظرًا لما للسودان من تاريخ مع تلك الجماعات الإرهابية.
  • سياسيًا قد تؤدي الحرب إلى تغيير التوازنات الإقليمية، وقد تدفع بعض الدول من خارج الإقليم للتدخل وتعقيد المشهد السياسي والأمني في المنطقة.

كذلك فإن مصر حريصة كل الحرص على الدفع بجهود التهدئة والحوار بين الأطراف ومنع التصعيد حفاظًا على وحدة الأراضي السودانية وسلامة الشعب السوداني الشقيق واستقراره.

مقالات لنفس الكاتب