array(1) { [0]=> object(stdClass)#13667 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 207

10 إجراءات تحقق توازن الاقتصاد السوداني وتضعه في المسار الصحيح

الخميس، 27 شباط/فبراير 2025

هذا المقال عبارة عن توصيف للحالة الاقتصادية في السودان وقد تستمر هذه الحالة في المستقبل إذا لم يتعظ ويتعلم واضعو السياسات الاقتصادية من دروس وتجارب الماضي والحاضر. سنتناول أدناه مختلف الجوانب في الاقتصاد حتى نصل إلى النتيجة النهائية وهي الأزمة الاقتصادية الراهنة في البلاد.
جانب عرض السلع والخدمات: الكل يعلم بأن الحرب الدائرة الآن في السودان عطلت أو أوقفت إنتاج السلع والخدمات في عدد من ولايات السودان المؤثرة في الاقتصاد السوداني مثل ولايات الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور هي ولايات لها ثقلها في الاقتصاد السوداني من حيث الإنتاج. إن تعطيل الإنتاج سبب صدمة سالبة في جانب العرض أدت إلى نقص كبير في العرض الكلى في الاقتصاد. نتيجة لذلك توقف أو تباطأ النمو الاقتصادي وزادت البطالة ودخلت البلاد في حالة من الركود. والركود الاقتصادي هو النمو السالب في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة البطالة. فحسب معلومات صندوق النقد الدولي، فقد بلغت نسب النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي -2.5% في العام 2022 و -18% في العام 2023 و -20% في العام 2024. وبلغت نسب البطالة 27% في العام 2020 و28% في العام 2021 و32% في العام 2022 و46% في العام 2023 و58% في العام 2024م.

جانب الطلب على السلع والخدمات: إن الطلب على السلع والخدمات نقص بسبب ظروف التشرد والنزوح وفقدان مصادر الدخل التي فرضتها ظروف الحرب على المواطنين. وهذا النقص في الطلب من جانب المواطنين، قابله النقص الحاد في العرض كما أوضحنا أعلاه، وفي نفس الوقت قابلته زيادة في الطلب الحكومي على السلع والخدمات للمجهود الحربي. عليه فإن الطلب الكلى في الاقتصاد قد فاق العرض الكلى والدليل على ذلك الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار كما سنرى أدناه.

المستوى العام للأسعار: إن النقص في العرض الكلى للسلع والخدمات بسبب تعطل الإنتاج والزيادة في الطلب الكلى للسلع والخدمات بسبب الطلب الحكومي الممول بواسطة طباعة النقود أدى كل ذلك إلى زيادة في المستوى العام للأسعار في الاقتصاد أو تضخم زيادة جانب الطلب، بمعنى ارتفاع الأسعار. وتضخم زيادة الطلب أدى إلى زيادة تكاليف الإنتاج وبالتالي أدى إلى تضخم جانب العرض. والتضخم هو الزيادة السريعة والمستمرة في المستوى العام للإشعار. وحسب صندوق النقد الدولي، فقد بلغت نسب التضخم في السودان 163% في العام 2020 و359% في العام 2021 و139% في العام 2022 و200% في العام 2024.

جانب عرض النقود: من المعروف أن الحكومة قد فقدت العديد من مصادر إيراداتها بسبب الحرب خاصة الضرائب والجمارك والجبايات ذلك نتيجة لتعطل النشاطات الاقتصادية في البلاد. فقد أدى ذلك إلى أن تعتمد الحكومة على طباعة النقود بواسطة بنك السودان المركزي لشراء السلع والخدمات والنقد الأجنبي من الأسواق المحلية. هذا بدوره أدى إلى زيادة مفرطة في عرض النقود في الاقتصاد. وقبل الحرب أورد أحد المصادر بأن عرض النقود زاد بنسبة سنوية تراكمية بلغت 96% من نهاية ديسمبر 2020 إلى نهاية ديسمبر 2022. ومن المتوقع أن يكون عرض النقود قد زاد بوتيرة عالية جداً أثناء سنوات الحرب من 2023 وحتى 2024. فقد قامت الحكومة في ديسمبر 2024 باستبدال بعض الفئات الورقية الكبيرة للعملة بفئات جديدة وسحبت الفئات القديمة منها. وهذا بالضرورة يعنى طباعة كميات ضخمة من الفئات الجديدة لتمويل المجهود الحربي مما يعنى زيادة مهولة في عرض النقود.       

سوق النقد الأجنبي: إن تعطيل الإنتاج بسبب الحرب وبالتالي تعطيل الصادرات بالإضافة إلى اتجاه معظم تحويلات السودانيين العاملين بالخارج إلى دول النزوح حيث توجد أسرهم وتوقف الاستثمار الأجنبي أدى إلى شح في موارد النقد الأجنبي في السوق المحلى. في نفس الوقت زاد الطلب على النقد الأجنبي من جانب المواطنين الموسرين لتحويل أموالهم إلى خارج السودان أو حفظ مدخراتهم في وعاء يقاوم التضخم. هذا بالإضافة إلى الطلب الحكومي المتزايد على النقد الأجنبي لتمويل المجهود الحربي والتضخم الجامح في الاقتصاد. أدى كل ذلك إلى تدهور سريع في قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية في السوق. إذ بلغ سعر الدولار الأمريكي في السوق الموازي غير الرسمي أو السوق السوداء 265 جنيه سوداني في نهاية ديسمبر 2020. بينما بلغ سعره 2550 جنيه سوداني في نهاية ديسمبر2024. وهذا يعني نسب زيادة سنوية تراكمية بلغت 76%.

الركود والتضخم: كما رأينا أعلاه فقد اجتمع الركود والتضخم في السودان مما أدى إلى مشكلة اقتصادية نادرة الحدوث في الاقتصاديات وتعرف بالركود التضخمي. عادة في الاقتصاد فإن المشكلة الاقتصادية إما تضخم وإما ركود وحدوثهما الإثنين في وقت واحد يسبب مشكلة عويصة الحل بالنسبة لواضعي السياسات الاقتصادية. مثل هذه المشكلة حصلت في الاقتصاد الأمريكي في سبعينيات القرن الماضي (1973/74م) عندما حصلت صدمة عرض سالبة للاقتصاد الأمريكي نتيجة لارتفاع أسعار النفط وتضاعفها إلى حوالي أربعة مرات (من حوالي 3 دولار إلى 12 دولار لبرميل النفط) وذلك بسبب الحظر التي فرضته دول الأوبك على تصدير البترول الخام إلى أمريكا نتيجة وقوف أمريكا مع إسرائيل في حرب 6 إكتوبر1973م.

في ذلك الوقت لم يستطيع الاقتصاديون البكينيون إن يقدموا حلول مرضية لمشكلة الركود التضخمي في أمريكا في السبعينات فخبأ نجمهم بينما تألق نجم الاقتصاديون النقديون بقيادة ميلتون فريدمان الذين قدموا حلول مرضية تتمثل في كبح جماح التضخم عن طريق اتباع سياسة نقدية انكماشية وتنشيط جانب العرض عن طريق تحرير الاقتصاد وترك آلية السوق الحر تحدد الأسعار وتوزع الموارد بصورة مثلى في الاقتصاد.

إن العلاج الناجع للركود التضخمي حسب رأى الاقتصادي روبرت مندل هو سياسة اقتصادية خليطة، خليط من التساهل المالي بمعنى تخفيف العبء الضريبي على المنتجين لتحريك الإنتاج والتضييق النقدي بمعنى التقليل من عرض النقود في الاقتصاد من أجل كبح جماح التضخم. في ظل ظروف استمرار الحرب الحالية في السودان فمن الصعوبة بمكان وضع أو تنفيذ أي سياسات أو إصلاحات اقتصادية تؤدى إلى حل مشكلة الركود التضخمي في الاقتصاد. الحل الوحيد هو في الجنوح إلى السلم مهما كلف الأمر حتى يتمكن الناس من لملمت أطرافهم وبداية العمل الجاد لإعادة إعمار البلاد وإنعاش الاقتصاد واستقرار العباد.

إن ما رأيناه في السودان من ندرة وشح في ضروريات الحياة ليس هو المشكلة الاقتصادية في حد ذاتها وإنما أعراضها وآثارها البادية للعيان في حياتنا اليومية نتيجة لاختلالات كامنة في النظام الاقتصادي لسنوات طويلة لم يريد أي نظام حكم حلها في الماضي لما لها من تكلفة سياسية باهظة والاكتفاء بالتمني بأن تذهب هذه المشكلة من تلقاء نفسها أو تركها لنظم الحكم القادمة لحلها. فإذا تتبعنا كيف تراكمت تلك الاختلاط في الاقتصاد بالرجوع من الحاضر إلى الماضي فسوف نجد بأن تطورات المشكلة الاقتصادية الآتي:

ما كان يمكن أن تكون هناك ندرة وشح في الوقود والخبز والكهرباء وغيرها من ضروريات الحياة إذا كانت هناك عملات صعبة كافية في النظام المصرفي الرسمي لشراء تلك الضروريات أو مدخلات إنتاجها من السوق العالمي.

وما كان يمكن أن تكون هناك ندرة وشح في العملات الصعبة إذا كان الأفراد يضعون عملاتهم الصعبة في الجهاز المصرفي والتصرف فيها بالسحب والإيداع والبيع والشراء بدون قيود من الحكومة متمثلة في البنك المركزي.

وما كان يمكن أن تكون الحكومات مضطرة إلى وضع قيود على الأفراد في التصرف في عملاتهم الصعبة إذا كانت سياسات الحكومات الاقتصادية سليمة منذ البداية.

وما كان يمكن أن تكون سياسات الحكومات الاقتصادية غير سليمة منذ البداية إذا لم تتخذ تلك الحكومات قرارات اقتصادية غير مدروسة وفيها قصر نظر ومحاباة لبعض الأفراد والطبقات الاجتماعية والأقاليم على حساب أفراد وطبقات اجتماعية وأقاليم أخرى وتم فيها تغليب الجانب السياسي على الجانب الاقتصادي.  

وما كان يمكن أن تكون هناك قرارات اقتصادية غير مدروسة وفيها قصر نظر ومحاباة وظلم وتغليب للسياسة على الاقتصاد إذا لم يكن هناك جهل بعلم الاقتصاد أو أن يكون هناك قصد وغرض سياسي واجتماعي مبيت في نفوس من كانوا في سدة الحكم أو للسببين معاً. 

ما يهمنا هنا هو علم الاقتصاد ونترك تحليل القصد والغرض السياسي والاجتماعي للعارفين في العلوم السياسية والعلوم الاجتماعية، الذين قد يقولون إن سبب المحاباة لبعض الأفراد والطبقات الاجتماعية والأقاليم هو أن النظم الحاكمة لم تكن تمثل رغبات وتطلعات الغالبية العظمى من السكان في أقاليم البلاد المختلفة وأن سبب عدم التمثيل الحقيقي لسكان وأقاليم البلاد هو التفاوت الكبير في حظوظ السكان والأقاليم من التعليم والوعي السياسي.

بخصوص علم الاقتصاد، من مبادئ علم الاقتصاد أنه في أي سوق يوجد العرض من البائعين والطلب من المشترين والأسعار، وأن هناك سعر يريد أن يبيع به البائعون وسعر يريد أن يشتري به المشترون. والقاعدة الاقتصادية العامة هي أن العرض يتناسب طردياً مع السعر، بمعنى كلما زاد السعر كلما زاد العرض. والطلب يتناسب عكسياً مع السعر، بمعنى كلما زاد السعر كلما قل الطلب. وأن هناك سعر معين يوازن بين رغبات البائعين والمشترين وتتم به معظم المداولات في السوق برضى الطرفين.

وتتم المداولات في السوق تحت بصر وإشراف الحكومة التي تضع الأسس التي تحكم المنافسة في السوق من غير أن تتدخل الحكومة في تحديد العرض أو الطلب أو الأسعار إلا عند الضرورات القصوى (في حالات الطوارئ الاقتصادية). هذه هي الصورة العامة المفترضة في أي سوق سلعة أو خدمة مع بعض الاستثناءات هنا وهناك.

إن آلية السوق أعلاه تنطبق على كل الأسواق في الاقتصاد مثل سوق العمل وسوق رأس المال وسوق السلع والخدمات وسوق الأوراق المالية وسوق العملات وهي التي تدور عليها رحى الاقتصاد وقد تكون سببًا في نجاحه أو فشله. إن تاريخ الدول يحدثنا بأن بعض الأفراد والجماعات والطبقات والشركات تدخلت عبر الحكومات لتغير قواعد الأسواق لصالحها لكي تربح على حساب المنافسة الحرة العادلة لكن في النهاية كانت النتيجة أزمات اقتصادية طاحنة أثرت على الجميع.

ما حصل في السودان عبر حقب زمنية طويلة أن الحكومات المتعاقبة قد تدخلت بصور ودرجات متفاوتة لتغير قواعد اللعبة الاقتصادية المذكورة أعلاه. بمعنى آخر، إن أصل المشكلة الاقتصادية مشكلة سياسات تراكمية أتبعتها الحكومات خلال فترات زمنية مختلفة إما عن جهل أو عن قصد وغرض أو الاثنين معاً. إن الجهل يمكن علاجه بالتعليم والتعلم من تجارب الآخرين. أما القصد والغرض المبيت فعلاجه أن يتحمل الذين في موقع السلطة مسؤولية قراراتهم ومساءلتهم ومحاسبتهم على تلك القرارات إذا ثبت سوء نيتهم وقصدهم وغرضهم.

خلاصة القول إن ما عاناه ويعانيه الشعب السوداني من ندرة وشح في ضروريات الحياة ليس من المتوقع أن يزول بين يوم وليلة لأنه نتيجة لسياسات تراكمت عبر سنوات طويلة ومن الصعب إلغائها بالسرعة المطلوبة. وكلنا سمعنا وشهدنا الصراع الذي دار ويدور وسوف يدور بين أهل الاقتصاد وأهل السياسة في السودان. أفضل مثال على ذلك الصراع الذي دار بين السيد وزير المالية وقوى الحرية والتغير إبان الفترة الانتقالية حول سياسات رفع الدعم وتعويم سعر صرف الجنيه السوداني في عام 2020م. فالسيد وزير المالية كان يمثل الرأي الاقتصادي الفني بينما قوى الحرية والتغير كانت تمثل الرأي السياسي وكان البون شاسعًا بينهما. ومعظم تجارب السودان السابقة أثبتت تغلب الرأي السياسي على الرأي الاقتصادي في السودان، وهذا هو ما يتوقع أن يحدث في هذه المرحلة القادمة.

ويضاف إلى كل تلك الإشكالات الاقتصادية تحديات تمويل التنمية الاقتصادية في السودان في المرحلة القادمة. إن السياسة المالية للحكومة هي الأداة الرئيسية لحشد الموارد لتمويل التنمية. وأن الضرائب من أهم أدوات السياسة المالية لحشد الموارد الداخلية لتمويل التنمية بواسطة القطاع الحكومي وأن الاستثمار هو الأداة الوحيدة لإحداث التنمية الاقتصادية والاستثمار يحتاج للتمويل ، والتمويل هذا إما أن يأتي من الادخار الحكومي المحلي المتمثل في فائض الميزانية أو الادخار الخاص المحلي المتمثل في الثروات المكتنزة أو المتداولة في أسواق الأوراق المالية أو الادخار الأجنبي والمتمثل في المنح والقروض والاستثمار الأجنبي المباشر. فإذا افترضنا بأن القطاع الخاص ضعيف الموارد المالية وليس له الرغبة في الدخول في استثمارات تنموية طويلة الأجل فيها مخاطرة. وإذا افترضنا كذلك بأن العالم الخارجي ليس لدية الرغبة في إعطائنا منح أو قروض أو الاستثمار في بلدنا فليس هناك مفر من فرض ضرائب لتمويل التنمية. نظرياً أكثر الناس مقدرة على دفع الضرائب هم الطبقة الغنية وهم في نفس الوقت أكثر الناس مقدرة على الادخار. المشكلة أن فرض ضرائب تصاعدية على الأغنياء سوف تثبطهم عن الادخار وبالتالي سيقل الاستثمار الخاص وهذا في نهاية المطاف سوف يؤثر سلباً على النمو والتنمية الاقتصادية. ولأن الضرائب وحدها سوف لن تكفي لتغطية نفقات التنمية، هناك الاستدانة الداخلية والخارجية لتمويل التنمية. مشكلة الاستدانة هي أن الحكومة ستضطر لدفع فوائد تلك الديون بالإضافة إلى إرجاع أصل الديون المقترضة. من هذه الناحية فإن الضرائب أفضل من الاستدانة. وهناك خيار تمويلي محبوب جداً للحكومات وهو التمويل بالعجز، بمعنى أن الحكومة ممثلة في بنك السودان المركزي سوف تضطر لطباعة نقود جديدة لتمويل عجز الميزانية. ولكن مشكلة هذا النوع من التمويل سيؤدي للتضخم الجامح في الاقتصاد. وهنا باختصار الحكومة تقوم بسرقة موارد الشعب عبر ما يعرف بضريبة التضخم، بمعنى تخفيض القوى الشرائية للشعب نتيجة لارتفاع الأسعار.
أما مشكلة فرض الضرائب فهي أن الغالبية العظمى من الشعب السوداني إما من ذوي الدخول المحدودة والمنخفضة أو فقراء. عليه من الصعب الاعتماد كلياً على الضرائب كوسيلة وحيدة لتمويل التنمية. لابد من محاولة الوسائل الأخرى للتمويل من اقتراض من الداخل والخارج والمنح الخارجية والتمويل بالعجز في حدود المعقول الذي لا يؤدي إلى التضخم الجامح. طبعاً هناك خيار تخفيض النفقات الحكومية الجارية المتمثلة في المرتبات والجور، السلع والخدمات ودعم السلع والخدمات.... الخ. ولكن لا أعتقد بأنها ستوفر موارد كبيرة يمكن أن تستخدم في تمويل التنمية. وكما أن هناك كلام كثير عن استرداد الأموال المنهوبة في عهد حكومة الإنقاذ. هذا قد يمثل خيار في المدى المتوسط والبعيد إذا فعلاً استطاعت الحكومة القادمة أن تثبت في المحاكم المحلية والدولية بأن هناك أموالاً قد أخذت بطرق غير قانونية وحكمت لها تلك المحاكم باسترجاع تلك الأموال المسروقة وهذا قد يستغرق زمنًا طويلًا وعليه لا يمكن التعويل عليها في المدى القصير.

وفي الختام، هناك مجموعة من الإجراءات والسياسات الاقتصادية التي قد تساعد في إعادة توازن الاقتصاد وتضعه في المسار الصحيح ومنها:

  • الانسحاب التدريجي للقطاع الحكومي من النشاطات الاقتصادية التي يمكن أن يقوم بها القطاع الخاص والدخول في شراكات مع القطاع الخاص. مع بقاء القطاع الحكومي في بعض النشاطات الاقتصادية الاستراتيجية.
  • تحرير أسعار السلع والخدمات وعدم تقيدها إلا في الحدود الضرورية على ألا تتعدى قائمة تلك السلع والخدمات المحددة الأسعار عددًا محدودًا يمكن الاتفاق عليه.
  • حصر الديون الخارجية للسودان بهدف الحصول على إعفاء لبعضها وإعادة جدولة بعضها والحصول على قروض جديدة بغرض تمويل التنمية خاصة في أقاليم ومناطق السودان المهمشة.
  • إعادة العلاقات مع المنظمات الاقتصادية العالمية والإقليمية (مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والصناديق العربية...الخ).
  • استقلال بنك السودان المركزي في سياساته النقدية وعدم تدخل الحكومة في سياساته ومقابل ذلك مطلوب منه الشفافية والوضوح في سياساته.
  • ألا تتعدى نسبة نمو عرض كتلة النقود نسبة الزيادة السنوية في الناتج المحلي الإجمالي.
  • إعادة بناء الثقة في النظام المصرفي والإشراف الكامل لبنك السودان على البنوك والمؤسسات المالية الأخرى. وإعادة تنظيم البنوك التنموية المتخصصة مثل البنك الزراعي والبنك الصناعي بهدف خدمة أهداف التنمية الاقتصادية.
  • تحرير سعر صرف الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى والسماح بالدخول والخروج بأي كمية من العملات الصعبة وعدم تقيدها إلا في الحدود الضرورية لمحاربة غسيل الأموال.
  • صياغة عقد اجتماعي بين النقابات وأصحاب العمل والحكومة بهدف استقرار سوق العمل وعدم تعطيل عجلة الإنتاج بالدخول في إضرابات عمالية قد تخلق صراعًا اجتماعيًا.
  • الاهتمام في الفترة القادمة بالقطاعات الأساسية الحيوية في الاقتصاد مثل الصحة والتعليم والطاقة والبنية التحتية والقطاع المالي.
مجلة آراء حول الخليج