array(1) { [0]=> object(stdClass)#13734 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 208

مخاطر إيران قائمة.. والنجاح في الداخل أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا والتوافق الوطني يتصدى للتحديات

الأحد، 30 آذار/مارس 2025

عندما انطلقت عملية " ردع العدوان " يوم الأربعاء 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024م، بقيادة هيئة تحرير الشام ومشاركة الجيش الوطني في الشمال والفصائل العسكرية من درعا والسويداء في الجنوب لمهاجمة قوات النظام السوري، كانت قد اكتملت عناصر انهياره، وآن أوانها بتوافقات إقليمية ودولية، بعد أن استبعدت لسنوات بتدخلات دولية وإقليمية وميليشياوية أيضاً. لكن لم يكن لأحد أن يتوقع – حتى الفاعلين أنفسهم – بأنهم سيصلون العاصمة دمشق منتصرين وفاتحين في الثامن من ديسمبر / كانون الأول بعد أحد عشر يوماً فقط من انطلاق العملية. ولم يكن لسوري أن يتوقع سقوط النظام الفئوي لآل الأسد وسلطتهم الاستبدادية القمعية، ورحيل زمرة الحكم والتحكم التسلطية والمدعومة خارجياً بهذه السرعة وبأضعف درجة من العنف وأقل كلفة من الضحايا، بعد أن أوغلت بدماء السوريين بالمجازر الجماعية وجرائم القتل تحت التعذيب، وتخريب البلاد عبر أربعة عشر عاماً من الحرب الوحشية بمواجهة الشعب السوري. استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً كالسلاح الكيماوي والقذائف العمياء والبراميل المتفجرة. واستقدمت التدخلات الدولية لمشاركتها فظاعة الارتكابات من إيران وروسيا والميليشيات الطائفية من لبنان والعراق ومناطق أخرى لإنقاذها من السقوط. غير أن كل ذلك لم يستطع أن " يحيي العظام وهي رميم "، فقد أزفت ساعة نهاية النظام المحتومة ورحيل جلاوزته، بعد أن توافقت الإرادة الدولية والتطورات الإقليمية العاصفة مع إرادة السوريين الصارمة وثورتهم المستمرة على بداية زمن جديد في سورية والمنطقة.

استبداد مزمن وأفراح مكتومة

في الوقت الذي كانت فيه قوات هيئة تحرير الشام تحرر المدن من الشمال إلى الجنوب حلب، حماة، حمص وصولاً إلى دمشق، كانت فصائل الجنوب تحرر درعا والسويداء، وتتحرك نحو دمشق. ومع ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024م، عندما أعلن عن " فرار بشار الأسد إلى جهة مجهولة " كانت مرحلة جديدة من التاريخ تصنع بأيدي السوريين على مختلف الأراضي السورية بعد عقود من الإبعاد والاستبعاد واغتصاب حقوقهم، وعدم احترام إرادتهم وحرمانهم من تقرير شؤونهم بأنفسهم. وبدأ الشعب السوري يعلن حضوره بمختلف الوسائل والأشكال وفي جميع المحافظات. وكذلك فعل السوريون في بلدان اللجوء في الخارج أيضاً. حيث يوجد الملايين من الذين دفعتهم وحشية الحرب وطول المعاناة وصعوبتها على مغادرة البلاد طلباً للأمن. فبعد سنوات المحنة الطويلة، انفجر الفرح المشتهى لأجيال وأجيال.

فمنذ 8مارس / آذار 1963م، يوم استلام حزب البعث السلطة بانقلاب عسكري، أعلنت الأحكام العرفية في البلاد، ودخلت سورية نفق الدولة التسلطية، التي تدعي الحكم باسم الشعب، لكنها بالواقع كانت تتحكم فيه وتحكم عليه. فانتهت الحياة الحزبية العلنية والصحافة الحرة والنشاطات الثقافية المتنوعة التي تحاكي التعدد في البنية الاجتماعية السورية، وقيدت حركة ونشاطات منظمات المجتمع المدني. فانعدمت السياسة إذ صارت فعلاً محرّماً ومجرّماً، يودي بصاحبه إلى غياهب السجون والمصير المجهول لسنوات عديدة وفق أحكام " محكمة أمن الدولة "، التي تأسست 1968 وألغيت عام 2012م، لتستبدل في العام نفسه بمحكمة أسوأ منها وأكثر وحشية، سميت " محكمة الإرهاب ".

غير أن الدولة التسلطية البعثية انزلقت نحو الفئوية أكثر فأكثر منذ 1970م، بداية العصر الأسدي (حافظ وبشار) الفئوية السياسية والطائفية. ما أخرج غالبية الشعب السوري ومكوناته الإثنية والدينية والطائفية والمناطقية من دائرة الفعل والمشاركة الحقيقية في حياة البلاد والعباد. إذ نصت المادة الثامنة من دستور 1973م، على أن " حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة، ويقود جبهة وطنية تقدمية ". دون تسمية أحزابها، ليتمكن الحاكم من إلحاقها به وتقسيمها واستبدالها وحلها متى يشاء، ودون أن تتأثر الحياة السياسية الأحادية والفقيرة التي فرضها. وبذلك تمكن حافظ الأسد من تحويل سورية إلى جمهورية وراثية دون أي اعتراض أو عقبات تذكر.

حلم على جنبات الشام

هكذا صار المشهد في ساحة الأمويين بدمشق وفي ساحات المدن السورية الأخرى صباح يوم التحرير. دموع وضحكات، قبلات وآهات، هتافات مؤجلة على قدر أعمار الصادحين بها، بظل العلم الأخضر الذي استعيد من زمن الاستقلال والتحرر من الاستعمار بقرار شعبي صارم وموحد. أما قيادة الحدث " إدارة العمليات العسكرية " و" إدارة الشؤون السياسية " فقد بدأت بإصدار البيانات عن الوقائع والمجريات والتوجهات الجارية على الأرض سياسياً وعسكرياً، معلنة عن نفسها كسلطة مركزية جديدة ومشغولة باستكمال عملية التحرير، وتثبيت عوامل الاستقرار ودعائمه. فسارعت بتأليف حكومة مؤقتة لتسيير الأعمال. خاصة وأن إمساكها بالسلطة لم يكن أمراً عادياً وفق عملية تسليم واستلام. فالنظام المنهار، لجأت قياداته ومرافقوهم وزبانيتهم من المنفذين إلى الفرار خارج الحدود أو التواري عن الأنظار في المغارات الجبلية والبيوت والمراكز السرية، تاركين مؤسسات الدولة فارغة أو عاجزة عن متابعة العمل. حتى أن بعض المواقع العسكرية ومستودعات الأسلحة تركت مفتوحة وعرضة للاستيلاء والسرقة من قبل العامة. وكان أمام الحكومة المؤقتة أربع مهام رئيسية:

- ملء فراغ السلطة بعد هروب الأسد، وتوفير الأمن والأمان للمواطنين والحفاظ على السلم الأهلي في جميع المناطق بمواجهة الفوضى القائمة وعبث العابثين. فالسلاح متوفر بين الأيدي وفي المستودعات المفتوحة، وخاصة بأيدي جلاوزة النظام وعصاباته وميليشياته. فباشرت السلطة الجديدة بعملية جمع السلاح واستعادة بنية الجيش والأجهزة الأمنية ومهامها.

- تمكين أجهزة الدولة ومؤسساتها في مختلف المرافق العامة من استئناف العمل، وخاصة في وزارات الداخلية والمالية والتموين والصحة وقطاع المواصلات والمنافذ الحدودية.

- تأمين الحاجات الاستهلاكية وأسباب الحياة اليومية في البيوت كالماء والكهرباء، وفي الأسواق لتوفير المواد الضرورية من مأكل ومشرب وخاصة مادة الخبز.

- توفير الحضور السياسي في المحيط الإقليمي والفضاء الدولي. لأن الحدث السوري ليس سورياً فحسب. فهو يعني الجميع عربياً وإقليمياً، فقد عادت القضية السورية إلى دائرة الضوء والاهتمام الدولي من جديد.

انفتح الباب على مصراعيه أمام السوريين ليتحاوروا مختلفين ومتفقين حول المسار السياسي الممكن ومدى تطابقه مع طموحاتهم وآمالهم، ومع إرادتهم وبرامجهم التي عبروا عنها خلال سنوات الثورة، وخاضوا فيها سبع جولات من المفاوضات الرسمية في جنيف عامي 2016 و2017م. خاصة وأن الفاعلين الأساسيين اليوم في مختلف جنبات السلطة من مقلع واحد فكرياً وسياسياً وتنظيمياً، يعود لهيئة تحرير الشام وحلفائها. وهي المنظمة الإسلامية المعروفة بتشددها الأيديولوجي والحضور العسكري في البلاد، طالما كان الموقف منها موضع خلاف بصفوف قوى الثورة والمعارضة. وما زالت كمنظمة وعدد من شخوصها وقادتها مصنفين دولياً وعلى قائمة الإرهاب.

بقي الأمر كذلك حتى 29 يناير / كانون الثاني عندما عقد مؤتمر إعلان انتصار الثورة السورية باجتماع السيد أحمد الشرع رئيس دائرة العمليات العسكرية مع ممثلي الفصائل في الميدان. وبدأت تتضح شيئاً فشيئاً معالم المشروع الذي تحمله السلطة الجديدة لسورية. فتم تعيين الشرع رئيساً للبلاد في المرحلة الانتقالية. وحل مجلس الشعب، وتفويض الرئيس بتشكيل مجلس تشريعي مؤقت لهذه المرحلة، مع وقف العمل بالدستور وإلغاء جميع القوانين الاستثنائية التي أصدرتها السلطات البائدة. كما تم حل جميع الأدوات السياسية للسلطة ومرتكزاتها كالأجهزة الأمنية وحزب البعث وأحزاب جبهته التقدمية. وحلت أيضاً جميع الفصائل العسكرية والأجسام الثورية السياسية والمدنية، وتم دمجها في مؤسسات الدولة. وكان في ذلك رسالة إيجابية للداخل السوري. تحمل بعض معالم العهد الجديد، وتشير بعمق التغيير المنشود وجذريته بالاتجاه الصحيح، لتحقيق الحرية والكرامة، التي نادى بها الثوار من أول يوم من أيام الثورة.

ورغم الارتياح العام شعبياً ونخبوياً لهذه القرارات والإجراءات. لكن إشارات الاستفهام بقيت مزدحمة في آفاق المستقبل السياسي للبلاد. فالحضور الفردي شخصياً وتنظيمياً قائم بشكل بارز في جميع الإجراءات والقرارات. والاستناد إلى تأييد الفصائل العسكرية وحدها لدعم قرارات التغيير بأجهزة الدولة ومؤسساتها بديلاً لإرادة شعبية هي الأساس لمهمة كهذه. إلى جانب عدم الإعلان عن مدرجات المرحلة الانتقالية ومدتها ومهامها ومؤسساتها، رغم أن ذلك يرتدي أهمية قصوى.

غير أن تصريحات وزير الخارجية السيد أسعد الشيباني أجابت على بعض الأسئلة، وغطت جوانب من ملاحظات الملاحظين والناقدين بتصريحاته:

- نعمل لرسم هوية سورية لائقة، تؤسس لبلد يقوم على الحرية والعدل والكرامة.

- نجتهد في سياستنا الخارجية لطمأنة الخارج وتمثيل شعبنا.

- سورية تولي أهمية خاصة لروابطها العربية.

- نعمل لخلق وضع إقليمي ودولي للتعاون والاحترام المتبادل.

- نجتهد لخفض حدة التوتر وإرساء السلام.

شكل هذا الخطاب العقلاني أرضية للحراك الخارجي المتعدد نحو دمشق بمباشرة الصلات الدولية والعربية والإقليمية مع القيادة المرحلية الجديدة وخطابها المقبول والواعد في الوقت نفسه.

الشعب في قصر الشعب

12فبراير/ شباط 2025م، أصدر رئيس الجمهورية مرسوماً رئاسياً بتشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، وذلك لمشاركة الشعب في مشهد التغيير. ضمت اللجنة خمسة رجال وسيدتين، ورغم وجود سيدة مسيحية في عضويتها، إلا أنها بقيت أحادية البنية، لم تحقق أي نوع من التعددية أو التنوع لجهة تمثيل مكونات الشعب والاتجاهات الفكرية والسياسية والثقافية التي يزخر بها المجتمع السوري. باشرت اللجنة عملها من اليوم التالي لتشكيلها، واجتهدت خلال عشرة أيام بإجراء حوارات مع المواطنين من جميع المحافظات السورية. وأعلنت أن الدعوة لحضور المؤتمر ستكون فردية، لممثلين عن المدن والمناطق الجغرافية. وأن مهام المؤتمر تقتصر على رفع توصيات للسلطة، وينتهي عمله بصدور البيان الختامي. وكان التسرع مسيطراً على جميع أعمال اللجنة، بما في ذلك تحديد موعد انعقاد المؤتمر ودعوات المندوبين لحضوره. إذ تمت الدعوة قبل يوم واحد من موعد انعقاد المؤتمر في 25 و26 من شهر فبراير/ شباط، ما أدى إلى اعتذار عدد من الشخصيات الوطنية والوجوه الثقافية عن تلبية الدعوة وخاصة من الموجودين خارج البلاد. عقد المؤتمر في قصر الشعب الذي بناه حافظ الأسد خارج دمشق لكنه يطل عليها، ليكون مقراً للرئاسة الأولى ومرتعاً لزبانية الحكم بعيداً عن الشعب. ولأول مرة يحظى القصر بحضور جمع غفير من السوريين. فعدد أعضاء المؤتمر وحدهم يناهز 600، تم توزيعهم على ست ورشات لمناقشة ستة محاور هي: العدالة الانتقالية – البناء الدستوري – الحريات العامة والحياة السياسية – الإصلاح المؤسسي – المبادئ الاقتصادية العامة – دور منظمات المجتمع المدني. وعلى الرغم من الارتياح الشعبي العام لهذا الحدث الذي افتقد لعقود عديدة في سورية، إلا أن الاعتراضات السياسية والانتقادات للوقائع والمجريات كانت كبيرة وكثيرة. فمن الواضح أن التسرع في عقد المؤتمر كان من أجل أن يسبق تشكيل الحكومة الجديدة، لتوفير شرعية شكلية للسلطة تستند إليها فيما بعد في المرحلة الانتقالية، وكل شيء معد سلفاً. فأي نوع من الحوارات يمكن أن يتم خلال ساعات معدودة ؟! خاصة وأن القضايا موضوع الحوار متعددة وصعبة، وتتعلق بإعادة البناء الوطني شعبياً وحكومياً في بلد حطمه الاستبداد المديد وحرب السلطة على الشعب خلال أربعة عشر عاماً متواصلة.

وهكذا استبقت السلطة بداية المرحلة الانتقالية باستعراض شعبي غير مألوف، يبحث قضايا جادة ومصيرية دون التثبت من إمكانية تحقيقها على الأرض في المرحلة القادمة. ويأتي البيان الختامي للمؤتمر بأفكاره الضبابية، ليرفع منسوب التساؤل والقلق عند النخب السياسية التي غابت عموماً عن المؤتمر. خاصة وأن البيان خلا من تعابير ومصطلحات مشتهاة سورياً وذات وقع ودلالة في الذاكرة السياسية السورية مثل: تداول السلطة – الديمقراطية – الحريات العامة والخاصة – الفصل بين السلطات – الحياة الحزبية – الصحافة الحرة، إلى غير ذلك من التعابير والمصطلحات التي ترسم ملامح نظام الحكم الوطني الديمقراطي التعددي، الذي بناه أجدادهم بدولة الاستقلال، ويطمح السوريون لاستعادته اليوم.

طموحات مشروعة ومطلوبة   

تحتاج البلاد إلى مرحلة انتقالية تكون جسراً للعبور إلى سورية المستقبل، وممراً لا غنى عنه لإخراجها من المحنة الوطنية المتعددة الجوانب التي وقعت فيها. وتوفر شروط انتقال البلاد إلى دولة جديدة، تحقق تطلعات السوريين وتثمِّر تضحياتهم. تحترم إرادة شعبها وتحقق مصالحه. وتكون وطناً حراً لكل أبنائها. وتستمد هذه المرحلة أهميتها وضرورتها من حجم الدمار الهائل في البشر والحجر، الذي تعرضت له البلاد خلال نصف قرن من حكم النظام الشمولي والدولة التسلطية القمعية وخاصة خلال سنوات الثورة. مما يتطلب وقتاً وخططاً وتمويلاً وبرامج عمل وطنية لمعالجة جميع القضايا ووضع البلاد على سكة التعافي المنشود. من هنا تأتي أهمية قيادة المرحلة عبر هيئة للحكم الانتقالي بقيادة الرئيس وبصلاحيات كاملة. لتكون سلطة مؤقتة، توفر الشروط اللازمة لتمكين السوريين من التعبير عن إرادتهم الحرة وتحقيقها في رسم شؤون حياتهم وتحديد مستقبل بلدهم بشفافية ومسؤولية. وتقوم بتوفير البيئة الوطنية والمناخات المناسبة لاتخاذ القرارات والتدابير اللازمة لإخراج القوات والميليشيات المسلحة غير السورية من البلاد. وتدير عملية بناء النظام السياسي ومؤسساته. وتهيئة الظروف الملائمة لعودة جميع السوريين إلى وطنهم ومناطق سكنهم.

يأتي تأمين سيادة الدولة السورية على كامل ترابها الوطني، وصيانة استقلالها ووحدتها أرضاً وشعباً على رأس قائمة طموحات السوريين. بعد أن أوغل النظام المخلوع في تخريبها وتدميرها. واستجلب حضور الدول والميليشيات على الأرض السورية لدعمه وتوفير أسباب استمراره دون جدوى.

كما يأتي في طليعة مهامها توفير متطلبات وإجراءات برنامج العدالة الانتقالية عبر تشكيل هيئة خاصة، تتولى تنفيذ برنامج للعدل والإنصاف لمحاسبة الأشخاص الذين تورطوا بانتهاكات وارتكبوا جرائم حرب بحق الشعب عبر رد المظالم إلى أهلها وجبر الضرر للضحايا على قاعدة الشفافية والنزاهة، وبإدارة المؤسسات القانونية. للحؤول دون وقوع أعمال انتقامية أو عقاب جماعي. وتشكيل مجلس عسكري لضبط الأمن وإعادة هيكلة وبناء المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية على أسس وطنية. يعيد المنشقين إليها، ويضم من يرغب من قوى الثورة في إطار احترافي، يعمل على جمع السلاح وضمان حصر حيازته بيد الدولة.

ولا بد من إلغاء القوانين التي تتعارض مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وحل المحاكم الميدانية والاستثنائية ومحاكم الإرهاب وإلغاء أحكامها. وتشكيل هيئة وطنية لإعادة الإعمار لوضع الخطط والبرامج، وإجراء الاتصالات والعلاقات اللازمة للتنفيذ والمشاركة. كما يتطلب الأمر عقد مؤتمر للمانحين وإنشاء صندوق وطني لإعادة الإعمار. ولا بد من استئناف الحياة الدستورية عبر جمعية تأسيسية منتخبة لوضع دستور جديد، يقر أصولاً باستفتاء شعبي. وتنتهي المرحلة الانتقالية بإجراء الانتخابات البلدية والتشريعية والرئاسية، لتستأنف البلاد حياتها الطبيعية من جديد.

تحديات قائمة ومحتملة

- تأتي العقوبات الأمريكية والأوروبية على رأس التحديات لأنها تحول دون الانتعاش الاقتصادي المطلوب.

- رغم الهزيمة الكبرى التي تلقاها المشروع الإيراني في المنطقة وقاعدته السورية على وجه الخصوص، إلا أن المخاطر المحتملة القادمة من طهران ومن عملائها في الداخل السوري وميليشياتها في المنطقة، تبقى على قائمة مصادر المخاطر المحتملة.

- كما أن الوجود غير الشرعي لقسد وقواتها في شمال شرقي البلاد بمشروعها وارتباطاتها وعلاقاتها الخارجية، يشكل عقبة كؤود أمام توحيد البلاد. كما يلعب تعدد الفصائل العسكرية على الأرض وتنوع ارتباطاتها الخارجية الدور نفسه بمواجهة استعادة البلاد لوحدتها وسيادتها.

- التأخر بإنجاز العدالة الانتقالية وعدم تحقيق المصالحة الوطنية بالشكل المناسب، قد يغري فلول النظام المخلوع من المرتكبين والفارين من وجه العدالة بالتحرك لانتهاك الأمن والاستقرار في البلاد.

- تناقض مصالح دول الإقليم بالشأن السوري. فقد كانت سورية دوماً لأسباب جيوسياسية وأهداف استراتيجية مكاناً للصراع فيه والصراع عليه. خاصة وأن المشاريع الدولية تتزاحم اليوم في المنطقة.

- الإخفاق في استعادة دور المحيط العربي الفعال. وخاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي، ومن خلال جامعة الدول العربية وفي الإطار الثنائي أيضاً، يشكل إضافة نوعية للصعوبات المتكاثرة والمحتملة. وتحقيق النجاح بهذا الاتجاه يشكل محور الجهد الرئيس لعمل السلطات في دمشق (وقد بدأ فعلاً). والنجاح فيه نجاح في أهم مهامها الوطنية لتحقيق التعافي في البلاد.

- الخطر الإسرائيلي الذي يعلن عن نفسه بأشكال عدوانية متعددة سياسية وعسكرية وأمنية، وباستهانة فظة بالقرارات الأممية والاتفاقات الدولية يشكل أكبر المخاطر الممكنة. لأنه لا يعمل عبر الحدود فقط، إنما يتطاول لينال من البنية الوطنية والاجتماعية السورية أيضاً، ويتلقى الدعم المفتوح من الإدارة الأمريكية.

- ويبقى النجاح في الداخل أمنياً وسياسياً واقتصادياً، والتوحد على توافقات وطنية أهم سد بوجه التحديات.

مقالات لنفس الكاتب