array(1) { [0]=> object(stdClass)#13776 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 208

تقف سوريا على حافة هاوية تاريخية والانقاذ بتضافر داخلي وخارجي تشكل السعودية ارتكازه

الأحد، 30 آذار/مارس 2025

مع انهيار نظام عائلة الأسد ينكشف التداعي العميق لبنية الدولة والاقتصاد، وتفكك نسيج المجتمع السوري. لذلك لا تبدو مهام مستقبل سوريا مرتبطة بمهام الحكم فحسب، بل تتعداها بكثير، نحو عملية إعادة بناء النموذج الدولي والمجتمعي للوطن والشعب السوري، لتجد السلطة الراهنة نفسها أمام مهام تتجاوز استطاعتها وطاقاتها بمسافات فلكية.

وفيما تصبح سوريا السلطة والدولة والاقتصاد والمجتمع، أوهى من خيوط العنكبوت، تعصف التحولات الاستراتيجية الإقليمية بالبلاد، لتجعل منها ورقة في مهب دوامة زمن هائج.

 

ما الذي سقط في سوريا؟

 

لم يكن انهيار النظام السوري مجرد انهيار لسلطة شخص أو عائلة، ولم يكن مجرد سقوط لحزب أو عقيدة، بل كان انهيارًا متكاملًا لنموذج الدولة السورية العتيق، وتداعيًا متكامل الأركان لما ترسخ من البنيان الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ولحمة اجتماعية ووطنية لسبع عقود.

في فبراير 1998م، وفيما كان الاتحاد السوفياتي يتداعى كهيكل متهالك قطعة، قطعة؛ تساءل حافظ الأسد في جلسة خاصة مع عدد من الشخصيات السياسية السورية قائلا: " أما وأن الاتحاد السوفياتي يغَرّب، فكيف لنا نحن ان نُغٌرب". واستطرد معبرًا عن هاجسه العميق بأنه بعد أن بنى نموذج دولة البعث السوري والبنية الاقتصادية الاجتماعية السياسية نسخة سورية للتجربة السوفيتية، ما العمل وقد انهار الأصل؟ وكيف يمكن للفرع أن يبقى؟!

في حينه، فصلت الدولة على مقاس السلطة لتنتج نموذجًًا فريدا من رأسمالية الدولة الاحتكارية الريعية والفاسدة.

هيمنت الدولة على مجمل مفاصل الاقتصاد، ليثبت من جديد أن الدولة هي رب العمل الأكثر فشلًا وخرابًا! ولتصبح الحاجة للريع الخارجي إدمانًا دائمًا ضروريًا لبقاء النموذج والنظام ذاته!

ولكن، من أين كان الريع؟ كان المصدر الرئيسي للريع هو مقايضة الدور الإقليمي للنظام السوري بموارد مالية طائلة تدفقت تطويعًا له وكفًا لشره. ومن 1967 إلى 1976، ثم 1982 ثم 1991 ثم 2003م، تدفق الريع الخارجي غزيرًا، ليسمح بإعادة توزيع الثروة في البلاد، وإخضاع مراكز القوى داخل النظام، وامتصاص البطالة المستفحلة وتعويض الفشل الاقتصادي بما يضمن حدًا أدنى من السلم الاجتماعي. وبدوره، ورغم ما أوحى به وعود وآمال واهية، فشل بشار الأسد في اجتراح نموذج جديد للدولة يعيد المجتمع للإنتاج، ويسمح بتعويض تراجع الريع الإقليمي.

 

وبدلًا من التحول نحو نموذج الدولة التنموية، وبدلًا من إطلاق قدرات المجتمع السوري ورجال الأعمال المنتجين، وطد بشار سلطته عبر شراكات مع الأوليغارشية السورية الفاسدة، ورجال الاعمال الطفيليين الذين لم يبق لهم إلا أن يتعيشوا على ما تبقى من ريع خارجي، وما تبقى من فوائض في الميزانية السورية. لذلك، وبعدما ترسخت، لأكثر من ستة عقود، سلطة البعث، ومع تراجع النموذج بانهيار مقومات الشرعية العقائدية للأنظمة المشابهة، سقط، مع السقوط المدوي لنظام عائلة الأسد، نموذج الدولة بأكمله! بحيث تداعت مع هذا الانهيار الأساطير المؤسسة للنظام والنموذج، لتدخل الشرعية العقائدية في حالة من الموات. ليس هذا فحسب، بل تداعى مع الدولة النسيج السياسي الاجتماعي لدولة البعث. فلقد دمر البعث النسيج الاجتماعي التقليدي، العشيرة والقبيلة والعائلة الكبيرة ومجتمع المدينة السورية. لكنه، بالمقابل، أغلق الفضاء الاجتماعي والسياسي بنظامه الشمولي، ولم يتح المجال لأي شكل من أشكال التضامن الاجتماعي الحديثة من في صورة النقابات والمجتمع المدني. بذلك نجد مجتمعًا ممزقًا متشظياً، يلتجئ للهويات الثانوية ملاذا ليتضامن مع ما تبقى من عصبيات المكونات. لتكتمل الكارثة بسقوط متكامل للنموذج الاقتصادي والاستراتيجي والسياسي والمجتمعي الذي ولده حكم الأسد.

 

كان هذا الانهيار المتكامل مستحقًا منذ تلك الجلسة إياها مع حافظ الأسد 1998م، فلقد مات النموذج السوفياتي بنسخته السورية مع انحسار الريع الإقليمي لتمويل الدور السوري، وبعد أن فشلت رأسمالية الدولة الاحتكارية الفاسدة من إصلاح نفسها لتنزلق نحو التفكك البطيء المضني.

ولطالما كان التحدي الأكبر أمام نظام تجاوزه التاريخ، هو أن يتجاوز نفسه، ولقد فشل بشار الأسد في ذلك.

 

وأخيرًا تجلى الموات العقائدي والسياسي لدولة البعث، بانهيار دور حكمه الوظيفي الإقليمي، كما تجلى في خروجه العملي من "جبهة المقاومة" لتنهار معه فرص تأجيل مصيره المحتوم!

 

وكل ما تبقى يصبح مجرد تفاصيل.

 

في نهاية المطاف يجيء انهيار النظام السوري استجابة لانعطاف كوني وإقليمي شامل يمتد من دمشق على مساحة الإقليم والعالم بأسره. إذ لم يعد الانهيار استحقاقًا داخليًا وحسب، بل فلقد صار الانهيار استحقاقًا يطرق أبواب دول هذا النموذج بما فيها النموذج الإيراني.

 

احتجت لهذه المقدمة الطويلة كي أتمكن من أن النظر أبعد من فظاعات النظام الهائلة التي تتكشف كل يوم، وكي أتمكن من تجاوز الغبطة العارمة لسقوطه. لعلي أوضح تكامل عناصر الانهيار ومساحة الخراب الدولي والمجتمعي الراهن.

 

ثم جاءت الحرب الداخلية:

 

إضافة لذلك الخراب السابق، عمقت الحرب الداخلية المديدة عوارض التفكك الشامل.

وسألخص هنا عددًا من الدراسات التي قام بها مركزنا – مركز الشرق للبحوث – بهدف تحليل الانهيار المتكامل لعناصر الدولة السورية إبان هذه الحرب.

 

أوضحت دراساتنا، التي تم تحديثها طوال الحرب الداخلية، تداعي وحدة الاقتصاد الوطني وتفكك النموذج القديم للدولة المركزية السورية، وتداعي البنية المركزية للاقتصاد، لتنهار معه عناصر الإنتاج وسلاسله، وتتفكك السوق بالتالي.

نستطيع القول إن الاقتصاد السوري ارتد في بنيته لما يقارب البنية التي كان عليها بعيد انهيار الإمبراطورية العثمانية، حيث ساهمت الميليشيات والتقطيع الجغرافي، بارتداده نحو نمط الاقتصاد المنزلي، لتنكمش حلقة الإنتاج والتوزيع، وتتشظى بنية الاقتصاد، وتنهار الصناعة والزراعة فيه، بحيث انكمش قُطر دائرة الإمداد والإنتاج والتوزيع في المحافظات الداخلية، لما يقل عن سبعين كيلومترًا في أحسن الأحوال.

 

توضح دراسة ثانية، تكامل عملية التشظي الاقتصادي والاجتماعي، بسبب التحاق الاقتصادات السورية في المناطق المحازية للحدود، بالاقتصادات المجاورة، لتتكامل عضويًا مع سلاسل الإنتاج والتوزيع في هذه البلدان، مثل تركيا، والعراق، والأردن، ولبنان.

 

كما أوضحت دراسة ثالثة، مستوى تفكك بنية القيادة والسيطرة للدولة السورية وتدهور البنية الأوامرية.

معلوم أن الدولة السورية كانت تتمتع بطابع مركزي صارم، لتشمل في معظم القطاعات المركزية اثني عشر مستوى أوامريا.

ورغم هذا الطابع المركزي فلقد كانت القطاعات الاقتصادية تعمل كزر منفصلة عن بعضها البعض، بسبب تبعيتها لمراكز قوى متصارعة داخل النظام.

بموجب هذه الدراسة تبين بشكل جلي التفكك شبه الكامل لبنية الدولة! اذ توقفت سلاسل القيادة والسيطرة عند المستوى الثالث أو الرابع للبيروقراطية الحكومية في أحسن الأحوال، لتتلاشى تمامًًا في المستويات الأدنى وتحل محلها سلطات الأجهزة الميليشيات والمافيات المحلية وسلطات الأمر الواقع التي انتجتها الحرب.

 

على التوازي، تشير دراسة أخرى إلى تفاقم تفكك المجتمع والاقتصاد وبنية الدولة بسبب الدور الكارثي الذي لعبته ميليشيات وجيوش الدول المنخرطة في الصراع. بل تفككت بنية الجيش، وحتى الأجهزة الأمنية لتصير مؤسسات للتسلط والفساد، تخدم ذاتها وحسب، ولا تخدم الدولة بأي شكل من الأشكال.

مما سبق، تتضح صحة الفكرة التي عرضناها أعلاه، من أنه مع انهيار النظام، انكشف مقدار انهيار بنية الدولة، ودرجة تفكك نسيج الاقتصاد والمجتمع.

 

الواقع الراهن:

وهكذا، وفيما بدى أقرب لاستعراض عسكري منه لمعركة طاحنة، تمكنت هيئة تحرير الشام المتحالفة مع فصائل تابعة لتركيا وفصائل الجنوب من إسقاط حكم عائلة الأسد. وكما حصل إبان غزو العراق، وفيما كان الجيش السوري يشكل العمود الفقري للدولة والمؤسسات السورية، انهار الجيش بفضل عملية متضافرة حصيفة ودقيقة ومنسقة، بين دول عديدة، لضمان تخلي القيادات العسكرية المفتاحية عن مواقعها وسلاحها لحظة الهجوم المنسق.

 

بانهيار الجيش السوري تكامل انهيار الدولة، لتجد الحكومة المؤقتة نفسها معلقة في الهواء، تحيط بها دولة متداعية واقتصاد منهار وجيش متبخر ومجتمع تقلبه تحولات الهجرة وتمزقه الهويات الثانوية وعصبيات الرعاع.

 

نشرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)* بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) تقريرًا في أعقاب سقوط نظام الأسد، بعنوان "سوريا عند مفترق طرق: نحو مرحلة انتقالية مستقرة".

 

يحلل التقرير عن الوضع الاقتصادي والديمغرافي السوري بشكل مقتضب.

فلقد سجل الاقتصاد في سوريا انكماشًا بمقدار الثلثين تقريبًا عن حجمه عام 2011م، ولا تزال العملة السورية في تدهور مستمر. فيما يعيش نصف سكانها في فقر مدقع.

يقدم التقرير صورة مقلقة للغاية عن دولة تواجه انهيارًا شاملًا متكامل العناصر، لكنه يقدم بصيص أمل بإمكانية التعافي في حال نُفذت إصلاحات جريئة وجرى ضمان السلم الأهلي واتيح الدعم الدولي المناسب. ليؤكد التقرير ما سبق من دراساتنا. فمنذ عام 2011م، انخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 64%. كما فقدت الليرة السورية المنهارة حوالي ثلثي قيمتها خلال عام 2023م، وحده، ليرتفع معدل التضخم إلى 40% عام 2024م، فقط.

أما الصادرات التي كانت في السابق محركًا أساسيًا للاقتصاد، انحسرت بشكل كبير ليقتصر، إلى حد كبير، التبادل السوري مع الخارج على استيراد السلع الأساسية مثل الغذاء، وانهارت الصناعة تجارة بشكل كبير جدًا.

قالت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي: "تعاني سوريا من أزمة ممتدة، وتآكل فيها كل جانب من جوانب الحياة". إذ يحتاج نحو 16.7 مليون شخص – ما يزيد عن ثلثي سكان البلاد – إلى أحد أشكال من المساعدة الإنسانية. وهناك سبعة ملايين نازح داخليًا، فيما تستمر معدلات سوء التغذية المزمن في الارتفاع. ويصنف التقرير سوريا في المرتبة 158 من أصل 160 دولة في دليل الإسكوا لتحديات التنمية في العالم لعام 2024م، مشيرًا إلى مشكلات متجذرة في الحوكمة، والتدهور البيئي، والانتشار الواسع للفقر. إذ لا تقتصر "حاجات التعافي في سوريا" "على إعادة إعمار المدن، بل تتطلب الاستثمار في الإنسان، واستعادة الثقة بالمؤسسات، وتهيئة الظروف التي تُمكّن العائلات من استعادة حياتها الطبيعية"، بل، وحتى لو تمكنت سوريا من تحقيق تنمية 13٪ سنويًا، فستحتاج سوريا لستة عشر عامًا كي تبلغ مستويات الدخل القومي عام 2011م.

 

أما من الناحية الاقتصادية السياسية والديموغرافية-الاقتصادية، فلقد رافقت هجرة الملايين من سوريا نزيفًا كبيرًا للمقدرات الفنية الشابة وخبراتها المتقدمة، وغادرت البلاد رؤوس الأموال الوطنية، وتفككت سلاسل الإنتاج في كافة قطاعات الاقتصاد وعلى رأسها الناتج في القطاع الخاص.

 

إضافة لذلك، قلبت هجرة الشباب والحرب والانقسام الطائفي الهرم الديموغرافي السوري رأسًا على عقب! حيث يشكل الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم سن الخمسين أوسع الشرائح الديموغرافية. وانكمشت السوق الداخلية لأقل من25٪ من حجمها في 2011م، وانخفضت بذات القدر القاعدة الاستهلاكية للمجتمع. وضمن الواقع الراهن، يمكن القول أن سيطرة الحكومة السورية في دمشق والفصائل المتحالفة معها، تعكس من الوجهة الديموغرافية والاجتماعية هيمنة جديدة من الأطراف على المدن والحواضر، وهو ما عرفته سوريا بشكل متكرر في تاريخها.

 

إذًا، تلك هي كارثة وطنية كاملة متكاملة وموصوفة!

 

الطريق الأوحد لإنقاذ البلاد

نستنتج من هذه الدراسات على كثرتها، أًن سوريا تقف على مفترق وجودي مصيري حاد، ما بين السير قدمًا في مسار التعافي البطيء والمضني، أو المضي في تفكك الجغرافيا والديموغرافيا الوطنية السورية، بل وثقافة وهوية القوم -الأمة السورية.

 

فما هي المهام الجوهرية التي تقف أمام البلاد؟

 

نستند في تحليلنا لمعطى أولي نفترضه مسبقًًا، يفترض أن الجغرافية السياسية لبلاد الشام، والقوم السوري ليست كيانا ولا قومًا مخترعًًا ولا طارئا، ولم يكن الكيان السوري الجيو-استراتيجي بنية وظيفية مصطنعة. ورغم حقيقة أن حدود سوريا الحالية رسمتها عمليا اتفاقات سايكس-بيكو، فإن القوم -الأمة السورية، تتمتع بعصبية وطنية تفرضها الوقائع الجيو-استراتيجية والاقتصاد السياسي لبلاد الشام وحقائق التركيبة الديموغرافية (على تعقيدها).

 

رغم ذلك، تشير دراساتنا في مركز الشرق للبحوث، والتي شملت ستا وثلاثين حربًا أهلية اندلعت بعد الحرب العالمية الثانية، إن تعافي الدول الخارجة عن هذه الحروب، لم يكن ممكنًا بمجرد التسليم بغلبة أحد الأطراف، ولا بمجرد التسليم بموازين القوى التي تنتجها هذه الحروب.

فلطالما كانت شرعية الغلبة بعد هذه الحروب، وصفة مؤكدة لاستدامة النخر الاقتصادي والفشل المجتمعي وانهيار الدولة بالكامل، حتى في حال توفر رعاية دولية كاملة للدولة الناشئة (كما كان حال البوسنة وألبانيا وكثيو من الدول السوفياتية السابقة). 

 

جاء سقوط النظام السابق حصيلة لانتصار كبير حققه الشعب السوري. وهو نصر يمتلكه الشعب السوري بأسره، وبكل مكوناته، بغض النظر عمن يمتلك السلاح. إنه ملك ذاك المواطن العادي الذي جابه الرصاص في المظاهرات، وجابه الشمولية الفكرية لحزب البعث، بالفكر المتنور وبالمنظمات السرية والعلنية للأحزاب والنقابات والمجتمع المدني ليوصل الدولة الشمولية للحظة صارت فيها غير قابلة لحياة. لكن، يهون النصر النهائي الذي حققته الفصائل المسلحة، على عظمته، أمام جسامة المهمات المقبلة، فالعصبيات والشجاعة والإقدام لم تعد تنفع وحدها حتى في ميدان القتال فكيف في عملية إعادة بناء الأمة، في الوطن بهذا القدر من الخراب.

وتنتصب أمام البلاد مهام عظمى لتفادي الانزلاق نحو الحرب الأهلية والخراب الكامل للأمة السورية.

 

جوهر السياسة هو فن التحالف

 

  1. المصالحة الوطنية الطوعية أولاً:

 

في خضم الحرب الداخلية السورية ترعرعت بشكل عميق جذور العصبيات والأحقاد بين مكونات الشعب السوري، كما استيقظت المظالم التاريخية بين كل المكونات لتتخذ أبعادًا خطيرة.

 

في أهم عبر التاريخ في سياق الحروب الداخلية، حقيقة أنه لا يمكن أبدًا فرض الهوية على الأشخاص أو طمسها، مهما جرى من قمع واضطهاد. فالهوية وعي، ما ان يتكون ويتمايز حتى يصبح طاقة وجودية وسمة ثقافية واجتماعية، ليصبح الحديث عن الديمقراطية مجرد مضيعة للنقاش، ما لم تقم التجربة على توافق طوعي بين المكونات. 

 

الديمقراطية لا تحل مشكلة المكونات الإثنية والطائفية

فالهوية لا تفرض بمنطق الأكثرية، ولا بديمقراطية الاستفتاءات والتصويت المرة الواحدة.

بل لم تكن الديمقراطية يومًا، حلًا لمشكلة المكونات! وخاصة بعد الحروب الداخلية!

ورغم عراقة الديمقراطية البريطانية، يتمسك الإسكوتلنديون ببرلمانهم وقوانينهم وحصتهم من الميزانية ومناهجهم التعليمية وتميزهم التشريعي. ومن دون ذلك لاستقلت سكوتلاند كما فعلت إيرلندا.

أما إسبانيا، ورغم انتسابها لمنظومة اليورو، وبعد حرب داخلية طاحنة، لا يزال إقليم الباسك يحتفظ بعملته الخاصة بعد حرب داخلية استمرت لعقود. وكذا الأمر بالنسبة لألمانيا. بل إن الأمثلة عن ذلك لا تحصى. وتلك مجرد أمثلة!

 

ولا نقصد بالمكونات مجرد التمايزات الطائفية والعرقية في القوم السوري. فبعد انهيار الامبراطورية العثمانية، وفي مقاومة الاحتلال الفرنسي، ورغم التشرذم والتشتت، اجترح المجتمع السوري أساليب تنظيم واجهت الاحتلال الفرنسي، ومحاولاته لتقسيم البلاد، بخلق تضامنيات متعددة ونظم نفسه في أحزاب ومجتمع ومدني ونقابات مهنية ونقابات عمالية ومنظمات فلاحية وتضامنيات مختلفة لا يمكن اختزالها في مشيخيات طائفية وزعامات عقائدية.

لا يمكن طمس هذا التاريخ ولا العودة بالمجتمع لمرحلة المشيخيات و"المجالس الملية" العثمانية.

لكن، علينا أن نعترف أنه أمام ذاك الركام الأسطوري من المظالم المتبادلة، وبعد عقد ونصف من القتال الشرس تضررت المواطنة السورية وتضررت بعمق العصبية الوطنية السورية.

 

تكمن العبرة هنا في أنه ما لم يتم تحقيق توافق طوعي بين المكونات المختلفة للبلاد، فلن يكون بالإمكان تحقيق الحد الأدنى من السلم الأهلي الحيوي للتعافي ناهيك عن تحقيق أي مستوى من التنمية. 

 

لذلك لا يمكن الحديث عن شرعية وطنية من دون جهد حثيث وطويل النفس للحوار بين الحكومة السورية وكافة المكونات، كل على حدة لإعادة، صياغة شروط العيش المشترك بين السوريين. ليكون زمن المؤتمر الوطني زمنًا لاحقًا، وحصادًا جماعيًا لهذه التوافقات.

إنها مهمة من الطراز الأول، بل هي شرط لازم للسلم الأهلي، والوحدة الوطنية، والتنمية الاقتصادية.

 

سحب السلاح:

تشكل قضية سحب السلاح من المكونات المختلفة قضية ملتهبة بشكل استثنائي. وتؤكد دراساتنا للحروب الداخلية أن أيًا من المكونات لن ينصاع لمنطق الغلبة ما لم يضمن لنفسه مكانًا كريمًا في الشراكة في مستقبل البلاد. لتصبح أية محاولة لسحب قسري للسلاح، باباً تنزلق منه البلاد من جديد نحو سنوات من الصراع المتجدد. ثمة صدمة رعب كاسحة من فظاعة ما يتجلى من وحشية جرائم النظام. الأمر الذي يجعل العدالة الانتقالية، قضية جوهرية للتعافي الوطني، ولتصبح في ذات الوقت القضية الشائكة الأكثر التهابًا وتحديًا للمصالحة الوطنية. لكن بالمقابل، يشكل منطق تصفية فلول النظام خارج إطار القانون، خطرًا كبيرًا يهدد بإشعال البلاد. وفي مواجهة ذلك، يتوجب على الحكومة المؤقتة تحديد المستوى والأفق، والإطار القانوني الذي ستطبق من خلاله العدالة الانتقالية. وحتى لو وصل عدد المطلوبين للعدالة الانتقالية لأرقام بالآلاف، سيكون من الواجب تحديد أسمائهم، بحيث لا تكون العدالة الانتقالية بوابة للتعسف الفردي، والانتقام الشخصي العشوائي، والابتزاز، والانفلات الأمني.

 

 

  1. إعادة تعريف نموذج الحكم والنموذج الاقتصادي السياسي للدولة:

قد يبدو انزلاق البلاد نحو التعافي عن طريق إطلاق يد الأوليغارشية ورجال الأعمال الطفيليين حلا مغريا. لكن المثال الروسي يوضح لنا بجلاء، ان إطلاق يد الأوليغارش الروس زمن يلتسين، تسبب في كارثة وطنية هائلة، لم تخرج البلاد منها الا بعد ان أعاد بوتين السيطرة على الاقتصاد من يد الطفيليين، ليعيد إطلاق عجلة الإنتاج القومي من جديد.

يميز الاقتصاد السياسي بين نمطين متنافرين من الرأسمالية: النمط الرأسمالي المنتج الذي ينتج القيم والخيرات من جهة، والنمط الطفيلي المتعيش على خيرات البلاد ويعمل من خلال السمسرة واقتصاد الظل والاقتصاد الأسود.

 

فالارتداد لنموذج رأسمالية الدولة الاحتكارية الفاسدة، يخلق وهمًا بتنمية وهمية، تديرها مافيات الأوليغارش القديمة والمستجدة، لتعيد بدورها إنتاج الفساد والتطفل. بل، وكما تطرد العملة الفاسدة العملة الجيدة، تطرد المافيات الأوليغارشية رأسمال المنتج، الكبير والصغير، وتقضي على مقوماته القانونية والاقتصادية والثقافية.

لكن هذا النموذج لن يتمكن من اعادة إنتاج شرعيته، بل سيغرق البلاد في المزيد من الفوضى والتفكك في ظل غياب الفرص الدولية والإقليمية لإعادة إنتاج الدور الإقليمي للنظام السوري. وبالتالي غياب فرص الاقتصاد الريعي الذي يشكل الأوكسيجين الذي تتنفسه الأوليغارشية.

 

تصبح قضية تدبير الحمل الهائل من مؤسسات القطاع العام المفلسة قضية سياسية اقتصادية من الطراز الأول يفترض ان توظف لصالح رأس المال المنتج. ففي ظل الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة وتداعي القطاع العام الحكومي، سيكون إطلاق طاقات الإنتاج للقطاع الخاص هو المخرج الوحيد لإعادة إطلاق عجلة الإنتاج. بذلك، تصبح قضية إعادة تثبيت سيادة القانون وضمان الأمن الفردي والاقتصادي للمجتمع هي المفتاح الأساسي للتعافي والإعداد لإعادة البناء، وتحرير القدرات والديناميات الهائلة لرجال الأعمال السوريين وإطلاق مبادرة القطاع الخاص في مجال الأعمال المتوسطة والصغيرة لتعيد صياغة النموذج الاقتصادي السوري الجديد، حيث ينحصر دور الدولة بعمليات التحفيز والرقابة.

 

مهام معقدة وصعبة أمام كافة السوريين:

 

لا شك أن انزلاق البلاد إلى العنف في أي من أرجائها، سيعني اشتعال البلاد بأسرها. ولا يعود ذلك لحالة الترقب والحذر والشك والخوف أحيانًا، لدى العديد من المكونات، بل يعود أيضًا لتدخلات بعض الدول الإقليمية والدولية والتي تسعى للاستثمار في هذا القلق من أجل استعادة نفوذها على امتداد الجغرافيا السورية. وبقدر ما تتطلب هذه المهمات من قدرات سياسية وتفاوضية عالية ومعقدة من قبل الحكومة المؤقتة، فإنها تتطلب بذات القدر حرصًا من كافة المكونات على تغليب منطق التفاوض والصبر والتعاون.

 

سيكون تشكيل الحكومة الجديدة الموعودة، اختبارًا صعبًا لقدرة الحكومة الراهنة في تجاوز عزلتها البنيوية، وتوسيع شرعيتها وقاعدتها المجتمعية، لتشمل كافة المكونات بما يرسم المستقبل التشاركي للبلاد. إضافة للحاجة الحيوية للإشراك الفعال للمكونات، في إدارة البلاد، سيتطلب أي نجاح في إدارة البلاد إشراك شرائح واسعة من المجتمع المديني. في هذا السياق، ثمة ثلاث كتل اجتماعية مدينية كبري، لن تتمكن من دونها أية سلطة تجاوز المأزق السوري الوطني الراهن.

  1. رجال الأعمال المنتجون: حيث يشكل إدماجهم في إدارة البلاد سياسيًا واقتصاديًا أمرًا حيويًا لقطع الطريق على رجال الأعمال السياسية والاقتصادية. ومن دون ذلك لن تتمكن المساعدات والمشاريع التي تدعمها الدول المختلفة لإنقاذ البلاد .

وعلى سبيل المثال، كانت مدينة حلب، قبل تأسيس حكم عائلة الأسد عام 1970م، تشكل ما يقارب 62٪ من الاقتصاد السوري بسبب اعتمادها على الإنتاج الصناعي والزراعي والتجارة. فيما كان كثير من رجال الأعمال الآخرين يتعيشون على ميزانية الدولة بشكل أساسي. وبمجيء البعث وترسخ الطابع المركزي للاقتصاد وتأميم الصناعة والإصلاح الزراعي، تم سحب كل مصادر العيش لمدينة حلب لينحدر لتصبح حصته لأقل من 35٪ من الإنتاج القومي.

يعزو الكثير من الباحثين دعم رجال الأعمال في شمال سوريا للثورة الإسلامية في الشمال السوري عام 1969-1982م، جزئيًا لأزمة التنمية في الشمال السوري بعد عشر سنوات من حكم الأسد.

  1. البيروقراطية السورية: لا يمكن لأية خبرة خارجية أن تعوض عن خبرة البيروقراطية السورية بمفاصل الدولة السورية. فهي بقدر ما تحمل فرص مفتاحية لضبط البلاد والإمساك ببنية الدولة، بقدر ما تحمل من إمكانيات لإفشال أي مشروع يتجاوزها. ستكون مهمة التشارك مع هذا الكائن الهائل، الذي يتمثل بأكثر من مئتي ألف موظف في المؤسسات المركزية، واحدة من اعقد المهمات.
  2. الطبقة المتوسطة المدينية: ثمة بحر واسع من هذه الطبقة التي تمثل عصارة وروح القوم السوري. حيث تصح فيهم الآية الكريمة: "فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ". إنها الطبقة المتوسطة المدينية السورية، التي طالما كانت نواة كل نجاح أو فشل لأي نظام أو حاكم. وتمتد هذه الطبقة المتوسطة الواسعة العابرة للطوائف والهويات، داخل البيروقراطية الحكومية الدولة وتمتد في الورش والدكاكين والمحافل الثقافية. وتُعّرف هذه الطبقة نفسها، بسوريتها أولًا، ومن ثم تعرف نفسها بتدين حضاري راق عابر للديانات والملل. إنها روح القوم السوري ولب عصبيته الوطنية الرافضة للطائفية والانتقام.

خسر النظام السابق هذه الطبقة منذ سنوات، وهي التي تقف وراء ذاك التفاؤل العارم الذي نلمسه داحل المدن في أرجاء البلاد، بما في ذلك شرق الفرات والساحل والجنوب. وستكون، بطبيعتها، الطبقة المتوسطة المدينية هي معيار الحوكمة والحكم في مواجهة أي انعطاف في البلاد نحو القسر أو الغلبة أو العنف والانتقام العشوائي. وستكون بدورها سببًا لكل نجاح ولكل فشل. إنها تصبر إذ تدرك ضرورات المرحلة، بل هي مستعدة للتضحية بسنوات من عمرها كي تبني وطنًا، لكنها إذ تدرك المخاطر فإنها لن تقصر في سحب البساط من تحت أية قوة تدفع نحو الانفلات والعنف.

 

 

المخاطر الإقليمية والدولية:

 

تدخل سوريا هذه الأيام، منعطفًا استراتيجيًا وسياسيًا وجوديًا وتعيش سوريا الآن لحظة تعريفية

 

تتمثل ملامح هذا الانعطاف بالانهيار الناجز للمنظومة الإقليمية والدولية التي سمحت باستدامة الجمود الذي تلت اتفاقات أستانا-سوتشي 2016-2018م. وصولا لعام 2024م. فلقد قام هذا الجمود على جملة من الاستراتيجيات الدولية.

  1. أولها رغبة روسيا في بناء تحالف استراتيجي مع تركيا يقوم على تحويل تركيا لعقدة لتوزيع الطاقة من وسط آسيا عبر إيران والعراق وسوريا نحو جيهان في تركيا بما يسمح بإعادة تعريف دورها الاستراتيجي ومراجعة علاقاتها بحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

 

ترافقت هذه الاستراتيجيات، بتفويض أمريكي لروسيا بالتدخل في سوريا والقيام بدور "وسيط القوة" الإقليمي Power Broker

بين إيران وإسرائيل وتركيا والنظام السوري السابق والمعارضة السورية والعديد من الدول العربية.

لكن بدخول روسيا في الحرب الأوكرانية، قبرت الولايات المتحدة، وقبرت أوروبا فرص هذا المشروع للنجاح، وقبر معه تفويض وسيط القوة الذي أسس له أوباما.

  1. ثم كان السابع من أكتوبر 2023م، الذي أنهى بشكل حاسم الحرب الباردة الإقليمية بين إسرائيل وإيران بأذرعها المختلفة، لتصير حربًا حامية انتهت بتحييد النظام السوري السابق، وتقطيع أذرع إيران المختلفة. وفي حينه تحدثت إسرائيل عن نيتها في إعادة البناء الاستراتيجي للشرق الأوسط فيما يمكن تسميته "السلم الإسرائيلي (Pax Israilica) او ما أسماه نتانياهو بـ "الشرق الأوسط الجديد".
  2. ثم كان سقوط كامالا هاريس ونجاح ترامب كرئيس 47 للولايات المتحدة. وتحسبًا لاحتمال إعادة تفويض روسيا إدارة دور الوسيط القوي في الإقليم تم إعطاء الدفعة النهائية لقرار قلب النظام السوري، وتم إنزال سيناريو هيئة تحرير الشام من على الرف في كل من واشنطن وأنقرة والذي كان جاهزًا بكل مقدراته ومقوماته اللوجستية والسياسية.

 

بذلك، لم تعد إسرائيل وحدها التي تصيغ "الشرق الأوسط الجديد"، بل اقتحمت تركيا الساحة الإقليمية لتصبح لاعبًا جوهريًا فيها من خلال البوابة السورية والعراقية.

 

ورغم ما كنا نلحظ من مؤشرات لاحتكاكات نشطة بين الولايات المتحدة وتركيا، لكن النجاح في صياغة عدد من الاتفاقيات حول الدور التركي شرق الفرات ناهيك عن تسريع عملية الفقاء . وفيما تقوم التوافقات على منح تركيا حق التدخل في الأراضي السورية لمسافة معينة درأً لمخاطر حزب العمال الكردستاني والضغط على الإدارة الذاتية الكردية للابتعاد عن تنظيم حزب العمال الكردستاني PKK تشير المعطيات المتداولة في مراكز الأبحاث في واشنطن أنه سيكون من الصعب جدًا أن نتصور تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها الأكراد شرق الفرات. ويعود ذلك لعدة أسباب. منها تجربة أفغانستان المخزية، ومنها احتمالات انتعاش داعش، لكن أهمها حاجة الولايات المتحدة للتحسب لمختلف الاحتمالات الإقليمية المفتوحة، والاحتفاظ برافعة القوة المباشرة المتمثلة بتواجد قواتها في الساحة السورية.

كل ذلك فيما تترقب دول إقليمية عديدة تعثر التوافق الداخلي السوري لتعود للاستثمار في إشعال البلاد.

 

ليس أقل هذه الرهانات، ما يجري الترتيب له حاليًا من مؤتمر دولي لتقسيم سوريا تعد له حكومة نتانياهو بحسب صحيفة "إسرائيل هايويم". وهو المقابل ما تؤكده يوميًا عمليات التعبئة الإيرانية لما يقول عنه المرشد الإيراني الأعلى إنه "جيش من مئة وثلاثين ألف من الشباب السوريين المخلصين" الذين "سيعيدون سوريا لمحور المقاومة".

 

وفيما تنظر روسيا لمواقعها في سوريا على أنها مواقع لا يمكن الدفاع عنها لا تجاه المسيرات البحرية الأوكرانية المحتملة في طرطوس، ولا في احتمال هجوم بري من الجبال المحيطة بقاعدتها العسكرية في حميم. وبدورها تترقب إسرائيل ومصر وأوروبا تعاظم الدور البحري التركي شرق البحر المتوسط وتداعياته.

 

تتطلع الدول العربية بتعاطف وبترقب كبيرين فرص ومخاطر الوضع السوري. وفيما تحذر العديد من الدول العربية من مخاطر تحويل سوريا لقاعدة لنشر العقيدة الثورية الإسلامية المتطرفة. وبالإضافة لدرء مخاطر عودة داعش، ستكون المهمة الصعبة للتخلص من العقائديين المتطرفين في صفوف الفصائل المتحالفة مع هيئة تحرير الشام، مهمة شاقة تقع مسؤوليتها أولًا وأخيرًا على الحكومة المؤقتة. أما هذه المخاطر الهائلة، يمكن للمملكة العربية السعودية أن تشكل حصنًا حصينًا لإنقاذ البلاد السورية من احتمالات التفكك والاحتراب المدمر.

 

فالمملكة، بدورها الحضاري والتنموي، وأدواتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، ستكون شريكًا حيويًا لبناء السلم الأهلي السوري واجتراح القواسم المشتركة بين المكونات ودرد احتمالات سقوط سوريا بين أنياب التطرف الديني الثوري من خلال وإعادة صياغة شروط العيش الطوعي المشترك بين مختلف المكونات السورية. 

 

خلاصة القول إن الأمل هو أن تحتضن الدول العربية والمملكة العربية السعودية سوريا بكل مكوناتها لتسير بها وترفق بها على طريق السلم الأهلي والتعافي المضطرد.

تقف سوريا على حافة هاوية تاريخية غاية في الخطورة. ورغم ما يبدو من أن عوامل الفوضى والتفكك و الاحتراب هي الأرجح ثمة مسار وحيد يتطلب إنجازه تضافرًا دقيقًا بين عوامل داخلية وخارجية تشكل الدول العربية والمملكة العربية السعودية بامتياز.

يتمثل هذا الدور في كف يد القوى الإقليمية والدولية المختلفة عن الاستثمار في خلافات السوريين وصعوباتهم وآلامهم وفرقتهم،  ودعم التوافقات الطوعية بعيدًا عن مخاطر الاحتراب.

مقالات لنفس الكاتب