array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الإمارات.. خطوة جديدة في العلاقات الروسية – الخليجية

الخميس، 01 تشرين2/نوفمبر 2007

لقد أصبح أمراً عادياً أن نشاهد الرئيس الروسي في منطقة الخليج العربي يزور دولة خليجية عربية ويستقبل فيها بحفاوة، فقد فتحت المملكة العربية السعودية العلاقات الخليجية - الروسية على آفاق واسعة في سبتمبر عام 2003 مع الزيارة التاريخية التي قام بها إلى روسيا العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز عندما كان ولياً للعهد، وهي الزيارة التي يرى الكثير من المراقبين أنها أعطت الضوء الأخضر للتوجه الروسي الفاعل نحو دول الخليج.

 لقد زاد هذا الدعم مع الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المملكة العربية السعودية في الحادي عشر من فبراير الماضي،  حيث قلد العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرئيس بوتين وشاح الملك عبدالعزيز أعلى الأوسمة في المملكة، وعبر بوتين عن سعادته البالغة بالنمو الجذري والسريع للعلاقات بين البلدين.

وسام خليجي آخر رفيع المستوى يناله بوتين أثناء زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة في العاشر من سبتمبر الماضي، فقد منح صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (وسام زايد) أرفع الأوسمة في الإمارات للرئيس بوتين، وربما يعتقد البعض أن منح هذه الأوسمة أمر عادي يدخل ضمن إطار البروتوكول، ولكن هذا غير صحيح وليس كل الضيوف من رؤساء الدول سواء في السعودية أو الإمارات ينالون هذه الأوسمة الرفيعة، ولنتذكر ما قاله الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبوتين وهو يمنحه الوسام، لقد قال له (إن هذا الوسام يمنح فقط لأصدقاء المملكة الحقيقيين)، وأشاد بالرئيس بوتين قائلاً (إنه أثبت بالفعل أنه رجل يحب العدل والحق). 

أمن الخليج 

لا أحد ينكر ترحيب دول الخليج العربية بالدور الروسي في المنطقة من أجل توفير الأمن والاستقرار والحد من هيمنة بعض القوى الدولية المتفردة على الإقليم وعلى الساحة الدولية، ولا شك في أن روسيا العائدة بقوة وفاعلية كبيرة للساحة مؤهلة دون غيرها لتحقيق التوازن في المعادلة الأمنية في المنطقة، ولديها النية الكبيرة لذلك لأنها تعتبر أن أمن منطقة الخليج القريبة من حدودها لا ينفصل عن أمنها هي، وأن أي قلق أو اضطرابات ومشكلات في المنطقة ستكون لها تداعياتها على كل دول الجوار القريب والبعيد، وربما يعكس الاهتمام الروسي مشروع المنظومة الأمنية الخليجية  التي سبق أن طرحتها روسيا عام 2001 قبل أحداث سبتمبر على دول الخليج بما فيها العراق وإيران، ولقيت المبادرة الروسية ترحيباً كبيراً، خاصة من المملكة العربية السعودية وإيران، ولكن حال دون استمرار بحثها وقوع أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية.

روسيا العائدة بقوة وفاعلية كبيرة للساحة مؤهلة دون غيرها لتحقيق التوازن في المعادلة الأمنية

وتأتي زيارة الرئيس الروسي بوتين إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في العاشر من سبتمبر الماضي لتعكس مدى الترحيب بالتعاون الروسي - الخليجي في كافة المجالات، مع أنها كانت زيارة قصيرة في زمنها كبيرة في معانيها وغزيرة في ثمارها، هكذا كان تعليق الكثيرين على الزيارة التي أحدثت ردود فعل إيجابية واسعة النطاق في البلدين، وعكست مدى التفاهم والثقة المتبادلة والتصميم على الاستمرار في تطوير ودعم التعاون بينهما. 

التعاون الأمني 

نتائج الزيارة القصيرة كانت كثيرة ومتعددة في مختلف المجالات، فقد تم توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين بحضور صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منها اتفاقية حول مسألة تسوية الديون المستحقة على روسيا في أواخر عهد الاتحاد السوفييتي وقدرها نحو 570 مليون دولار منها أصل قرض 470 مليوناً كان قد قدمه بنك أبوظبي الوطني عام 1991 قبل انهيار الاتحاد السوفييتي للبنك المركزي السوفييتي وبقية المبلغ 110 ملايين فوائد تأخير السداد. وتجدر الإشارة هنا إلى تصريح وزير المالية الروسي سيرغي ستورتشاك الذي وقع الاتفاقية مع الجانب الإماراتي والذي قال إن دولة الإمارات لم يحدث أن أثارت من قبل أي تساؤلات أو مشكلات أو مطالبات حول هذا الدين، وكانت على ثقة بأنه سيسدد آجلاً أو عاجلاً، وهذا يعكس مدى تطور العلاقات بين البلدين، كما تم توقيع اتفاقية تعاون في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب وجرائم غسل الأموال وقعها عن الجانب الإماراتي الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية وعن الجانب الروسي وزير الداخلية رشيد علييف الذي قال إن هذه الاتفاقية غاية في الأهمية نظراً لانفتاح العلاقات بين البلدين وهناك مئات الآلاف من السياح الروس يزورون الإمارات سنوياً، الأمر الذي لا يخلو في بعض الأحيان من وقوع مشكلات وجرائم في مجالات تهريب الأموال من روسيا أو هروب بعض المشتبه فيهم أمنياً في روسيا، الأمر الذي يستلزم وضع أسس قانونية مشتركة بين البلدين للتعامل مع مثل هذه الحالات وتبادل المعلومات الأمنية والقانونية، ووجه الوزير الروسي الدعوة إلى الاختصاصيين الإماراتيين لحضور تدريبات أجهزة الأمن الروسية في مكافحة الإرهاب وأبدى استعداد روسيا لتدريب كوادر إماراتية في المجالات الأمنية. 

من إنجازات الزيارة 

أيضا خلال الزيارة تم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين حول التعاون في مجال الفضاء وكيفية استغلال الفضاء الكوني للأغراض السلمية، وبموجب المذكرة تسمح روسيا للمختصين الإماراتيين باستخدام كافة التقنيات الروسية الحديثة في مجال الفضاء، وأعلن في إطار هذه المذكرة أثناء الزيارة عن قيام الجهات الروسية بإطلاق قمر صناعي إماراتي في العام المقبل من قاعدة (بايكانور) الروسية مخصص لدراسة وبحث الأرض عن بعد، وصرح سيرغي بيرخودكو مساعد الرئيس بوتين للصحفيين قائلاً (إن التعاون بين روسيا والإمارات في مجال الفضاء السلمي سيوطد العلاقات بين البلدين ويفتح آفاقاً جديدة للتقارب العلمي والتقني بينهما)، أيضاً وقعت اتفاقيات أخرى في مجالات النقل الجوي والمواصفات والمقاييس وفي مجال المشاورات السياسية، وحضر الرئيس الروسي افتتاح جلسة مجلس رجال الأعمال الإماراتي - الروسي الذي تشرف عليه غرف الصناعة والتجارة في البلدين ويرأسه عن الجانب الإماراتي رجل الأعمال المعروف أحمد سيف بالحصا وعن الجانب الروسي فاليري أوكولوف مدير عام الخطوط الجوية الروسية الذي تحدث للصحفيين في أبوظبي قائلاً (لقد قفزت العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والإمارات قفزة هائلة من (تجار الشنطة) في التسعينات إلى أكبر استثمارات في سوق العقارات والبناء في الأعوام الأربعة الماضية، وأصبحت الإمارات جهة مفضلة للمستثمرين ورجال الأعمال الروس في مختلف المجالات، ويعكس هذا وصول عدد الشركات الروسية العاملة في الإمارات إلى نحو 500 شركة بزيادة ضعفين عنها عام 2002). 

افتتاح الكنيسة الروسية 

وحظي المجال الثقافي والديني بنصيب كبير في هذه الزيارة حيث دشن رئيس قسم العلاقات الخارجية في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية المطران كيريل مراسم افتتاح الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في إمارة الشارقة بحضور الشيخ عصام بن صقر القاسمي وألكسندر سلطانوف نائب وزير الخارجية الروسي، وكانت حكومة الشارقة قد منحت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية قطعة أرض مجاناً لبناء الكنيسة التي ستخدم المئات من الرعايا الروس المقيمين في الإمارات وأيضاً الزائرين لها ومعتنقي الديانة الأرثوذكسية من الجنسيات الأخرى، وفي لقائه مع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة بحضور الرئيس بوتين وجه المطران كيريل جزيل الشكر لدولة الإمارات قيادة وشعباً على احتضانها للكنيسة الأرثوذكسية الروسية، مشيراً إلى أنها أول كنيسة من نوعها في منطقة الخليج العربي، وأنه حدث يعكس مدى التسامح الديني والتمسك بالقيم الإنسانية السامية لدى دولة الإمارات التي يكنّ لها الشعب الروسي كل إعجاب وتقدير.

وقدم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (وسام زايد) أرفع الأوسمة في الدولة للرئيس بوتين، ويقول مساعد الرئيس بوتين سيرغي بيرخودكو (إن الرئيس بوتين يقدر عالياً (وسام زايد) ويعلم أنه تقدير صادق يعكس النوايا الطيبة لدى قادة البلدين تجاه دعم وتطوير العلاقات بينهما)، وتقول الدكتورة لاريسا عارف أستاذة الحضارة العربية في الجامعات الروسية وحرم القنصل العام لروسيا في دبي والإمارات الشمالية (إن هذا الكم من الحفاوة والترحيب الذي قوبل به الرئيس بوتين والوفد المرافق له خلال هذه الزيارة القصيرة يعكس مدى صدق ما نعرفه نحن عن شيم وأخلاق العرب وروح المودة والتسامح عندهم وانفتاحهم على كل الحضارات والثقافات والديانات والشعوب الأخرى ). 

علاقات متميزة 

لقد عكست زيارة الرئيس بوتين إلى الإمارات معاني كثيرة تناولها الكثير من الإعلاميين والمراقبين، حيث تقول (ماريانا بيلنكايا) المحللة في وكالة الأنباء الروسية (نوفوستي) (كانت الإمارات بالنسبة للروس في التسعينات هي السياحة وتجارة الشنطة ثم أصبحت قبلة كبار رجال الأعمال والمستثمرين وكبرى الشركات الروسية والمكان المفضل لمئات الآلاف من السياح الروس في الشتاء الروسي الشديد البرودة، وكان طبيعياً أن يفرض هذا الوضع الشعبي العام في البلدين وضعاً مساوياً أو مطابقاً على الصعيد الرسمي في مجالات السياسة والاقتصاد والأمن والتعاون العسكري، ولهذا لا يدهش أحداً هذا المستوى المتقدم من تطابق وجهات نظر قادة البلدين في مجالات السياسة والاقتصاد والأمن وهذا المناخ من الثقة والتفاهم حول مختلف القضايا).

ويقول رجل الأعمال ونائب رئيس صندوق الاستثمار الصناعي الروسي يوري تاريلوف (أعتقد أن دول الخليج العربية الحديثة العهد بتعاملاتها وعلاقاتها بروسيا أفضل بكثير في فهم كيفية التعامل وبناء العلاقات مع موسكو من غيرها من دول عربية أخرى قديمة في التعامل منذ عقود طويلة مع موسكو، وأكبر نموذج أمامنا التطور الكبير في العلاقات بين روسيا وكل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، هاتان الدولتان بالتحديد تتعاملان مع روسيا تعاملاً حضارياً على أساس مبادئ المصالح المشتركة للطرفين، بينما أخرون كانوا وربما مازالوا يتعاملون مع روسيا بالمنطق السوفييتي على أنها جهة خيرية يجب أن تعطي ولا تنتظر مقابلاً، وهذا المنطق لا يصلح مع روسيا الآن ولا يبني جسور الثقة والتفاهم).

 

مقالات لنفس الكاتب