array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

بطالة الشباب في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.."دراسة تحليلية"

الأحد، 01 تشرين1/أكتوير 2006

أضحت بطالة الشباب اليوم تمثل واحدة من أخطر المشكلات التي تواجهها معظم الدول النامية والمتقدمة بصرف النظر عن أسلوب إدارة اقتصاداتها الوطنية، وخطورة المشكلة لا تتمثل في ازدياد إعداد العاطلين عن العمل وما يمثله ذلك من هدر للعنصر العمل البشري، وما ينجم عنه من هدر وخسائر اقتصادية فحسب، بل إن ممكن الخطورة يتمثل في النتائج الاجتماعية والسياسية التي تصاحب التعطل، حيث تعد البطالة هي البيئة الخصبة والمواتية لنمو العنف والجريمة والتطرف بين الشباب في ظل عالم متغير يشهد صراعات فكرية في أنحاء العالم المختلفة.
وتعد ظاهرة بطالة الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي إحدى الظواهر الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الخليجي، حيث إنه نظراً للنمو السكاني المطرد والزيادة السريعة في مخرجات التعليم الثانوي والجامعي والمهني، يتزايد الطلب من الشباب الخليجي على الوظائف بصورة مستمرة، ويجد هؤلاء الشباب صعوبة في الحصول على فرصة العمل، وتتحول هذه الطاقات الإنتاجية الفعالة إلى طاقات عاطلة لأسباب عديدة، وذلك في ظل وجود قوة العمل الوافدة والتي تشكل أكثر من 70 في المائة من القوى العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي.
وسوف نتناول في مقالنا هذا بطالة الشباب والمتفشية بصورة رئيسية في أوساط الخريجين في دول مجلس التعاون الخليجي موضحين حجم هذه الظاهرة وأسبابها وآثارها السلبية من مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، علاوة على بيان أهم الإجراءات والسياسات التي ينبغي العمل بها للحد من هذه الظاهرة التي تشكل مفارقة كبيرة في ظل اقتصادات متخمة بالعمالة الأجنبية، وتتمتع بمعدلات نمو اقتصادية مرتفعة.
أولاً- حجم البطالة
* بيانات دولة قطر مصدرها التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2004
وفي ما يتعلق بهيكل البطالة تتفاوت معدلاتها بين الفئات الاجتماعية المختلفة، ولكن بصفة عامة هي أعلى بين الشباب (الفئة العمرية 18-24 سنة)، فتمثل نسبة العاطلين من الشباب لإجمالي عدد العاطلين عن العمل أكثر من 80 في المائة في الكويت وقطر، ونحو 75 في المائة في البحرين و95 في المائة في سلطنة عمان.
إن استمرار ارتفاع معدلات بطالة الشباب بشكل غير عادي يوقف تطوير المهارات، لا بل يدفعه إلى الخلف، ويقوض احترام الذات، ويشجع الانحراف الاجتماعي، ويزعزع الاستقرار السياسي والاقتصادي، ويغذي التوتر الاجتماعي.
ثانياً- أسباب بطالة الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي
يمكن تفسير أسباب البطالة في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال عوامل عديدة يمكن إيجاز أهمها بالآتي:
1- عزوف الشباب عن العمل في بعض المهن والوظائف
لا يزال العديد من الشباب الخليجي يعزف عن العمل في العديد من القطاعات والوظائف والمهن، حيث تكاد تكون تلك الوظائف والقطاعات والمهن مقتصرة على العمالة الأجنبية الوافدة، وليس أدل على ذلك من محدودية وجود الشباب الخليجي في القطاع الخاص، والسبب في ذلك يرجع إلى تدني الأجور وقلة الامتيازات في القطاع الخاص مقارنة بالقطاع العام الذي أصبح متخماً بقوة العمل ويعاني من ترهل إداري كبير، وما يسمى البطالة المقنعة.
فضلاً عن ذلك، هناك عزوف من الشابات الخليجيات عن العمل في بعض الأنشطة والقطاعات مثل قطاع الصناعة والتأمين والسياحة وغيرها من القطاعات الإنتاجية ذات الأهمية بالنسبة لعملية التنمية الاقتصادية، واقتصار عملهم على سلك التعليم وبعض المهن الكتابية.
2- عدم المواءمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل
ركزت سياسات ونظم التعليم بصفة عامة والتعليم العالي بصفة خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العقدين الماضيين على الجانب الكمي والتوسع الأفقي بدرجة أكبر من التركيز والاهتمام بنوعية التعليم بما يتماشى مع احتياجات رفع القدرة التنافسية في الأسواق الدولية والتي باتت تستدعي قدراً أكبر من المعارف والمهارات والتقنية. وكان حصاد هذه السياسة التعليمية أن ازداد عدد خريجي الكليات النظرية، وخصوصاً في التخصصات الاجتماعية (جغرافيا، علم الاجتماع، علم النفس، التاريخ) على حساب التخصصات العلمية والتطبيقية التي يحتاج إليها سوق العمل، وهذا بطبيعة الحال أدى إلى عدم التناسب حالياً بين أنواع المؤهلات التي يحملها الشباب الخليجي الباحث عن العمل، وبين أنواع فرص العمل المتاحة في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي.
3- منافسة العمالة الأجنبية
يشكل وجود منافسة مفتوحة بين قوة العمل الأجنبية الوافدة والعمالة المواطنة وخصوصاً في المهن ذات المهارات المتدنية أحد أسباب بطالة الشباب خصوصاً غير الحاصلين على تأهيل عال. وحيث إن هذه العمالة الوافدة جاءت من دول جنوب شرق آسيا، فإن المنافسة تقود إلى تخفيض الأجور، مما يقود إلى عزوف الشباب الخليجي عنها، لذا يجب التأكد من أن العمالة الوافدة هي في حالة مكملة وليست منافسة أو بديلة عن العمالة الوطنية الشابة.
ثالثاً- سبل معالجة بطالة الشباب
إن البطالة في أوساط الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي ينبغي أن تفهم وتحلل وتعالج في الإطار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي السائد، حيث إنها ليست بطالة ناجمة عن وجود فجوة بين عرض العمل والطلب عليه، بل هي بطالة تقنية مرجعها مهاري. وينتج عن هذا بعدان حيويان يشكلان جوهر خصوصية بطالة الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي: الأول، إنها بطالة مرحلية وبالتالي فهي مؤقتة تزول بزوال سبب وجودها وهو نقص المهارات لدى طالبي العمل من الشباب الخليجي. والبعد الثاني، أن المعالجات التقليدية للبطالة لا تجدي نفعاً في حالة دول مجلس التعاون الخليجي بحكم هيمنة العمالة الوافدة على سوق العمل.
لذا فإن معالجة بطالة الشباب في دول مجلس التعاون تتضمن معالجات ترتبط بسياسات التعليم والسياسات الخاصة بنظم العمل والأجور، وسياسات إعلامية مرتبطة بتغير النظرة إلى بعض المهن والوظائف التي يعزف عنها الشباب الخليجي وفيما يلي توضيح لذلك
1- سياسات تتعلق بنظم التعليم
- إيجاد صيغة عملية وواقعية للتوفيق بين الطلب الاجتماعي على التعليم الجامعي والطلب الاقتصادي عليه، وذلك في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها دول المجلس.
- إعادة النظر في التطور الكمي للتعليم العالي لجهة الحرص على تنوع مساراته، بحيث يلبي متطلبات سوق العمل من الكوادر المؤهلة فنياً وتقنياً.
- إعادة النظر في التطور النوعي للتعليم العالي بهدف إيجاد التوازن المطلوب اقتصادياً بين التخصصات النظرية والتطبيقية، وأن يأخذ في الاعتبار إيجاد التوافق المنشود بين التوسع في البرامج والتخصصات الأكاديمية واحتياجات سوق العمل منها.
- إعادة النظر في السياسات السائدة للقبول في الجامعات، بما يخدم المواءمة المطلوبة بين الخريجين وأسواق العمل.
2- سياسات تتعلق بنظم العمل والأجور
- تقديم الحوافز اللازمة للقطاع الخاص من قبل الدولة أو صناديق التنمية المختلفة بالنسبة لتدريب الشباب العاطلين وإعادة تأهيلهم ومن ثم توظيفهم.
- العمل على تقليص العمالة الوافدة وحصرها فقط بأصحاب التخصصات والمهارات غير المتاحة في سوق العمل الخليجي.
- العمل على تقليص الفجوة في الأجور والمزايا التي يحصل عليها المواطن الشاب الذي يعمل في القطاع الخاص مع نظيره الذي يعمل في القطاع العام من خلال توفير امتيازات للعمل في القطاع الخاص.
- تشجيع المنظمات غير الحكومية على دعم المشروعات الاقتصادية الصغيرة للشباب وتوفير التمويل اللازم للقيام بها.
3- سياسات إعلامية واجتماعية
- العمل على تغيير الصورة السلبية لدى القطاع الخاص عن القدرات الشابة الوطنية من خلال تبني برنامج توعوي خاص بهذا الشأن.
- تحديث خدمات سوق العمل من خلال إنشاء قاعدة بيانات تتصف بالحداثة والشمولية تكون متاحة أمام الشباب الباحثين عن العمل.
- تبني برامج توعوية تحث الشباب على الاندماج في العمل بالقطاعين الخاص والصناعي، واتباع سياسة جذب تعتمد على إصلاح نظرة الشباب للعمل الفني الصناعي.

مجلة آراء حول الخليج