array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 114

الاتحاد الخليجي يغير قواعد التكامل لمواكبة التطورات الاقتصادية العالمية الخليج بقيادة السعودية: مرحلة تحول اقتصادي يتماشى مع تغير توازن القوى

الإثنين، 05 كانون1/ديسمبر 2016

منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003م، وما تلاه من ثورات، دخلت المنطقة في حالة من إعادة ترتيب نفوذ القوى الكبرى والإقليمية، وهو ما جعل النظام العربي برمته مهددًا، ويتحول إلى دائرة جديدة ممثلة في مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية، إلى جانب الدائرتين التركية والإيرانية.

تاريخيًا ترى روسيا في إيران قيمة جيو ــ استراتيجية عالية جدًا بالنسبة لها منذ الحرب الروسية الفارسية عام 1796م، حتى تغلغل روسيا مع مطلع القرن التاسع عشر في جنوب القوقاز بعد تلقي أكثر من طلب من جانب جورجيا لحمايتها من الغزوين التركي والفارسي، فيما شهد عام 1806م، حرب بين روسيا وتركيا.

بدأ التنافس الروسي البريطاني في بلاد فارس استمر نحو مائة عام، وشهد عام 1834م، الصراع على أفغانستان بعدما أحكم الفرس الحصار على هرات عام 1833م، فرض على الانجليز قيادة مقاومة لتحرير هرات من الفرس.

بل حتى الصين ترى في إيران قيمة جيوـ استراتيجية كمحور رئيسي في تقدم الصين باتجاه الغرب، بل تعتبره ضروريا لمواجهة كل من استدارة واشنطن نحو الشرق والتفوق البحري الأمريكي.

ما يعني أن سياسة التحالفات تتغير في المنطقة، وهي ليست كما كانت خلال العقود الماضية، وجدت السعودية أنه من الواجب الاعتماد على الموارد الذاتية، خصوصًا وأن خطط الولايات المتحدة قد تغيرت بعدما وجدت من إيران الدولة الوحيدة في المنطقة التي قدمت لها خدمات لوجستية في أفغانستان وفي العراق، فلم لا تتحول إيران إلى حليف استراتيجي خصوصًا بعدما وافقت إيران على توقيع الاتفاق النووي لتأمين حماية إسرائيل ما يعني تغاضي أمريكي عن نفوذ إقليمي إيراني.

السعودية تلعب على عدد من الجبهات، أهمها إيقاف التمدد الإيراني في المنطقة عبر إنشاء عدد من التحالفات العربية والإسلامية، وأثبتت بأن التحالف ضد الإرهاب ليس فقط ضد داعش، بل يشمل أيضًا ضد الإرهاب الطائفي الذي تتزعمه إيران ووقف تغولها في المنطقة التي تجد تغاضيًا دوليًا، ولن تسمح لها بأن تصبح شرطي المنطقة، إلى جانب إثبات للولايات المتحدة بأن السعودية قيمة جيو ـ استراتيجية أكبر من القيمة الجيوـ استراتيجية لإيران، والجبهة الأخرى التي تعمل عليها السعودية البحث عن تقارب مع روسيا في الالتقاء حول مصالح جيوسياسية، مع محاولة إقناع الصين بالدخول في الصراع الشرق أوسطي كطرف فاعل.

تحاول السعودية قيادة حقبة جديدة من توازن القوى في المنطقة، ومواجهة الاندفاعات الإيرانية التي تريد أن تكون أمرًا واقعًا بعد الاتفاق النووي، وأن تصبح قوة محورية وحيدة في المنطقة لقاء إعطاء الغرب اتفاقًا نوويًا والالتزام به لكن بشرط أن يغض الغرب الطرف عن دور قيادي إقليمي.

أدركت السعودية أهمية قيادة تحولات كبرى في المنطقة، والانتقال من المهادنة إلى المواجهة من أجل الحفاظ على الأمن الخليجي والعربي، خصوصًا بعدما بدأت بالتحالف مع مصر والحد من توظيف الإسلام السياسي، رغم محاولة عدد من الأطراف لفك هذا الارتباط، وقطعت شوطًا في محاربة الإرهاب وحرمانه من أهم روافده وأقوى دعائمه توظيف الصراع السني الشيعي بالتوازي مع منع التدخلات الإيرانية التي تمر عبر بوابة الدفاع عن الأقليات الشيعية.

تعيش السعودية مرحلة تحول وطني شامل بكافة جوانبه الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، و أثبتت أنها دولة تتمتع بثقل اقتصادي إلى جانب ثقلها السياسي، وامتلاك قيمة استراتيجية علاوة على القيمة الدينية، خصوصًا بعد التغيرات الأخيرة التي حدثت في دوائر السياسات الأمريكية ما إذا كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية يمكن أن تكون شريكًا طبيعيًا للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وهو ما جعل إيران تقرأ تغير السياسات الأمريكية وجعلها تتمدد في الشرق الأوسط على حساب دول المنطقة مستثمرة ما يسمى بثورات الربيع العربي، شعرت حينها بأن لها وزن وقيمة استراتيجية في المنطقة، تعتقد أن إدارة أوباما اكتشفتها مؤخرًا.

ومنذ دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ للتحول من التعاون إلى الاتحاد، والتي يعتبرها البعض بأنها جاءت استجابة للتحديات التي تواجه دول الخليج، رغم ذلك اعترض تحقيق هذه الدعوة عدد من المعوقات، بسبب أن دول الخليج الست لم تستعد لمثل تلك الدعوة ولم تكن جاهزة، وبدأت تبحث عن صيغة تقود إلى تحقيق هذا الاتحاد.

ولا يعني التكامل فقط بين الدول الخليجية الست، بل مطلوب وأساسي بين القطاعين الخاص والعام في كل دولة من دول المجلس، لذلك نجد أن التجارة البينية في دول الخليج هي أقل حتى من التجارة العربية البينية عام 2010م، التي تصل النسبة إلى 8,3 % بين الدول العربية والتي ارتفعت عام 2013م، إلى 10 % بينما تنخفض النسبة بين دول الخليج إلى 6 %، في حين نجد النسبة بين دول الآسيان تصل إلى 25,5 %، وترتفع بين دول الاتحاد الأوربي إلى 67,4 %.

ووفق التصنيفات الدولية فلقد صنفت وكالة ( إم إس سي آي ) السعودية وقطر ودولة الإمارات إلى درجة الأسواق الناشئة بسبب نشاط البنية التحتية التي تتولاها الحكومات في هذه البلدان، وهناك تقرير جيد عن أداء دول الخليج، وهذا التقرير أشار إلى الأداء الجيد في النمو الاقتصادي المتصاعد، ولكن يتركز الانتعاش فقط في أسواق العقار، بجانب المبادرات الحكومية المستمرة والمعززة للبنية التحتية الاجتماعية، ويمكن أن يقفز حجم الاقتصاد الخليجي إلى ثلاثة تريليونات دولار بنهاية عام 2020 من 1.7 تريليون دولار عام 2014 والذي يمثل 40 % من الاقتصاد العربي، وعندما تتحول دول الخليج من التعاون إلى الاتحاد فهي مرشحة للتوسع والنمو الاقتصادي وسيقفز حجم الاقتصاد الخليجي ويتضاعف.

بالطبع اتبعت دول الخليج عقب الأزمة المالية العالمية عام 2008م، سياسات مالية توسعية تساعد المنطقة على التغلب على آثار الأزمة المالية العالمية ومن متابعة صندوق النقد الدولي للإنفاق الحكومي في دول الخليج وجدت أنه ارتفع عام 2011م، في الدول الست إلى 20 % بسبب أن الحكومات كانت تواجه اضطرابات في الشرق الأوسط.

 وبناء التقرير على توقعات متشائمة بسبب أن اقتصادات الخليج لا زالت تعتمد على إيرادات النفط أكثر من 80 % من الإيرادات الحكومية وقد يكون الصندوق محق في تلك النقطة، حيث تمتلك أصولا سيادية تقدر بنحو 1,9 تريليون دولار بنهاية عام 2012م، ويحتمل أن ترتفع إلى ثلاثة تريليونات عام 2017م، إذا استمرت أسعار النفط على ما هي عليه، لكن أسعار النفط تعاني من الانخفاض والتذبذب.

 فإن إقدام دول المجلس على الاتحاد الخليجي سيغير من قواعد التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، حيث دول الخليج بقيادة السعودية تستثمر ظروف عالمية من أجل مسابقة الزمن لمواكبة التطورات الاقتصادية والعلمية في العالم، وأن تتحول منطقة الخليج إلى محطة اتصال قارية.

السعودية باعتبارها عضو فاعل في مجموعة الاقتصادات الكبيرة، عليها أن تعيد قراءة النمو الاقتصادي الاحتوائي تماشيًا مع النمو الاقتصادي في الاقتصادات الكبيرة، وهو ما يؤكد ارتباط الاقتصاد السعودي بالاقتصاد العالمي.

تتجه السعودية للتخلي عن النمو الاحتوائي حتى يتمكن النمو الاقتصادي من الإنفاق الأفضل جودة على برامج البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية، وتسعى نحو استدامة الإنفاق العام وما يتبع ذلك من تحسن في ثقة واستثمارات القطاع الخاص، وأشار التقرير الذي يركز على آفاق النمو الاقتصادي واتجاهات الأسعار في اقتصاد مجلس التعاون خلال الفترة 2016 – 2017م، إلى تراجع معدل النمو في اقتصاد عام 2016م، إلى معدل 2.0 % وهو معدل أقل من متوسط النمو خلال الفترة 2011 – 2015م، والبالغ 4.9 %، ولكنه سيتحسن عام 2017م، إلى 3.4 % بالأسعار الثابتة، ونمو القطاع غير النفطي 3.9 %، وأن يأخذ دور القيادة في النمو الاقتصادي في هذه الفترة في ظل تراجع أسعار النفط.

 وسينكمش الناتج المحلي بنسبة 11 % خلال عام 2016م، بصورة أقل من معدل الانكماش في 2015م، والبالغ 15 %، ويبلغ معدل التضخم ، نحو 2.6% وفي عام 2017م، نحو 2.8 % وهي معدلات أعلى بقليل عن متوسط التضخم في الفترة 2011 – 2015م، والبالغ 2.5 %، رغم ذلك فهي أقل من معدل التضخم العالمي المتوقع في عامي 2016 و2017م، ليصل إلى 3.4 % و3.2 % على التوالي.

غير أنه مع تنفيذ الدول الأعضاء سياسات التصحيح المالي وما يتبع ذلك من تحسن في ثقة واستثمارات القطاع الخاص، فمن المتوقع أن يتحسن النمو في عام 2017م، ليصل في حدود 3.4 %.

وفي السعودية، كيف اقتصاد يمتلك من المقومات ما يؤهله أن يكون من أكبر الاقتصادات في العالم، نجد أنه كان رهينة لمداخيل النفط، فمثلا نجد أن إيرادات الدولة في عام 2008م، بلغت 1101 ألف مليار ريال، بينما انخفض الدخل في السنة التي بعدها إلى نحو 510 مليار ريال، ثم ارتفع بعدما ارتفعت أسعار البترول في الأعوام التي بعدها ثم عادت وانخفضت في عام 2015م، إلى 608 مليار دولار منخفضة من 1044 ألف مليار ريال عام 2014م.

 لجأت الدولة السعودية إلى خطوات ترشيدية سريعة فاتجهت إلى رفع أسعار البنزين بنسبة 60% لتقليص العجز وإن كان محدودًا، خصوصًا وأن نفقات الرواتب بلغت عام 2015 نحو 323 مليار ريال مرتفعة من 223.9 مليار ريال عام 2010م.

 فأبقت على الرواتب التي قيمتها تبلغ 239.4 مليار ريال وتشكل 74% من المخصصات لكن اكتفت بتقليص جزء من البدلات التي تبلغ 79.2 مليار ريال، وفي نفس الوقت لم تستهدف الراتب الأساسي.

السعودية تتجه نحو قيادة ثلاثة مسارات معًا، هي: السياسة النقدية، والنفطية والاقتصادية، خصوصًا ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية التي تتعلق بدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والانتقال إلى عصر الصناعة ضمن إستراتيجية التنمية المستدامة وصناعة الخدمات والواردات، وتنويع الاقتصاد والتركيز على الصناعات التعدينية واعتبار التصنيع ركيزة ثالثة في الاقتصاد السعودي بعد البترول والبتروكيماويات بل ستتفوق عليها مستقبلا.

الاقتصاد رسم خطة عمل للفترة 2016 – 2020م، بـ 14 محورًا للإصلاح الاقتصادي والمالي والهيكلي، يستهدف التخلص من الكثير من أشكال الاحتكار أحيانًا، والتخلص أيضًا من أوجه الفساد المالي والإداري، والتخلص من أنماط البيروقراطية التي تسببت في تعثر وتوقف مشروعات تنموية، أو تسببت في تدني أداء الأجهزة الحكومية وارتفاع نسب البطالة.

نصف السكان السعوديين فوق 15 سنة يدرسون في التعليم المتوسط والثانوي بتكلفة تعليم الطالب سنويًا على الدولة 11556 ريال حيث بلغت مخصصات التعليم عام 2013م، نحو 204 مليار ريال، فيما عدد الطلاب 17.65 مليون طالب سيدخلون سوق العمل في أقل من عقد من الزمن ما يعني أن استراتيجية الإحلال غير كافية لكن برنامج التحول الاقتصادي قادر على الاستعداد لتلك المرحلة، حيث أن الرؤية تشمل خططا واسعة تستهدف تجهيز السعودية لمرحلة ما بعد النفط، تتضمن ثلاثة تقسيمات رئيسة هي: اقتصاد مزدهر، مجتمع حيوي، ووطن طموح، ولتحقيق اقتصاد مزدهر تستهدف الرؤية رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 % إلى 50 % على الأقل من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، حيث تستهدف تقدم ترتيب السعودية في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية من المرتبة 49 إلى 25 عالميًا والأولى إقليميًا، والانتقال في مؤشر التنافسية إلى أحد المراكز العشرة، وزيادة حجم الاقتصاد السعودي وانتقاله من المرتبة 19 إلى المراتب ال15 الأولى على مستوى العالم، بعد تحقيق زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 مليارًا إلى تريليون ريال سنويًا.

تستهدف الرؤية زيادة الإيرادات غير النفطية بنسبة 224 % أكثر من ضعفين في عام 2020م، حيث سجلت 163.5 مليار ريال في عام 2015م، وخمسة أضعاف عام 2030، وتستهدف إيرادات غير نفطية بنحو تريليون ريال مرتفعة من 163.5 مليار ريال عام 2015، كما تستهدف الدولة رفع الأصول غير النفطية بـ 67 % من 3 تريليونات ريال إلى 5 تريليونات، لتحقيق التوازن المالي.

 كما أن تجهيز البنية التحتية ركيزة لاستقبال 15 مليون معتمر مع نهاية 2020م، وهناك 3 جهات لتحويل التحلية إلى قابضة تضم 8 شركات، ما يعني أن هناك فرص استثمارية كبيرة بالشراكة مع القطاع الخاص كي يجعله قادر على توليد الوظائف بدلا من الاستمرار في اقتصار القطاع العام على توليد الوظائف، وسيتم تحجيم الخدمة المدنية لصالح التأمينات الاجتماعية ما عدى رفع نسبة عمل المرأة في الخدمة المدنية من 39 % إلى 42 % خطوة مهمة رغم ضعف النسبة، مما يخلق سوق حقيقي لتوطين العمالة، بل سينافس القطاع العام، وسيكون أكثر مرونة وأكثر استقرارا لأنه سيغير سلم الرواتب بشكل تنافسي بين القطاعين العام والخاص والذي سيتجه إلى جذب الكفاءات والخبرات بل والقياديين من القطاع الحكومي.

وستلغي وزارة العمل استراتيجيات الإحلال التي اتبعتها في الفترة الماضية بسبب ارتفاع نسبة البطالة واستحواذ العمالة الوافدة على القطاع الخاص بنسبة 90 % بعدد رسمي يقارب 9 ملايين، ما يعد خللًا في توظيف العمالة السعودية، فحرصت وزارة العمل على سعودة كثير من القطاعات من خلال البرامج المتعددة، رغم ذلك يوجد مليونا عاطل سعودي عن العمل منهم 600 ألف رجل والعدد المتبقي من النساء، بجانب أن أقل من 15 سنة يمثلون أكثر من 45 % من السكان وهي شريحة بحاجة إلى أخذها في الاعتبار عند رسم الخطط، ما يوجب إيجاد حلول منها تنشيط المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومعالجة جميع المعوقات التي تواجه هذه المشاريع أهمها التمويل والحد من التستر التجاري.

وحسب وكالة بلومبرج فقد توقعت بناء على هذا التحول خفض السعودية إنفاقها الرأسمالي بنسبة 71 % خلال عام 2016م، حيث قدرت الوكالة هذا الانخفاض اعتمادًا على أن الإنفاق الرأسمالي سيبلغ 75.8 مليار ريال عام 2016م، مقارنة بـ 263.7 مليار ريال في 2015م بينما الذي وضعته الدولة في الميزانية بقيمة 183 مليار ريال بهدف مرونة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي على المشاريع القائمة والجديدة في ظل تراجع أسعار النفط.

يهدف برنامج (اكتفاء) مضاعفة نسبة المحتوى المحلي في سلسلة التوريد من المواد والخدمات المستخدمة في قطاع الطاقة لتصل إلى 70 % بحلول عام 2021 م، من شأنه أن يعزز التوطين ويوجد عديدا من الفرص الوظيفية النوعية للسعوديين.

مثال على تحقيق هذا البرنامج (اكتفاء) افتتاح أرامكو توسعة مركز جنرال إلكتريك للتصنيع والتقنية (جيمتيك) الذي يضم مرفقًا لتصنيع التوربينات الغازية فائقة الأداء، في المنطقة الصناعية الثانية في الدمام، وهي شركة رائدة في تزويد مختلف القطاعات بالمعدات النوعية، مثل قطاع الصحة والطيران وغيرها من القطاعات، وهي تمثل حافزا فعالا لدفع عجلة الاستثمارات من خلال الشبكة العالمية الضخمة التي تمتلكها المملكة في قطاع السلع والخدمات المحلية، علاوة على أنه سيسهم في تحقيق فرص العمل التي تتطلب مهارات عالية للكوادر الوطنية.

تتجه الدولة نحو دعم المحفزات الاستراتيجية لخطة التصنيع والتركيز على الاستثمارات ذات العوائد المالية المهمة محليًا وعالميًا على المدى البعيد من أجل دعم المسار الأول وهو تنويع الاقتصاد السعودي والتوطين الصناعي من خلال توطين وجلب ونقل التقنية، لذلك اتجهت الدولة إلى تأسيس صندوق الاستثمارات ليسهم في دعم الابتكار وتنويع الاقتصاد وتطوير القطاعات استقرت أصوله عند 160 مليار دولار في نهاية سبتمبر 2016م، مرتفعة من 5.3 مليار دولار.

الشراكة في صندوق (رؤية سوفت بنك) خطوة كبيرة على الطريق بل تمثل شراكة الثقة في المستقبل بتمويل سعودي وتكنولوجيا يابانية في لندن عاصمة المال والأعمال العالمية، 100 مليار من صندوق الاستثمارات العامة السعودي ومجموعة سوفت بنك وشركاء آخرين سيتم ضخها على مدار خمس سنوات في صندوق استثماري تقني، رقم كفيل بتغيير أوضاع قطاع التكنولوجيا حول العالم، القطاع السريع التغير بطبعه.

السعودية تستلهم التجربة الألمانية في الصناعات التحويلية والطاقة المتجددة، وشركة أرامكو بصدد إنشاء مدينة الطاقة الصناعية، حيث يبلغ حاليًا مبيعات الصناعة في السعودية 627 مليار ريال لأكثر من 1800 مصنعًا وباستثمارات تبلغ أكثر من تريليون ريال لعام 2015م.

تمتلك السعودية البيئة الاقتصادية الملائمة ومستعدة لاستقطاب الاستثمارات حيث استقطبت دول المجلس بعد عام 2008م، نحو 285.2 مليار دولار في عام 2009م، ما جعل القطاع الصناعي الخليجي يستحوذ على استثمارات تقدر بنحو 53 مليار دولار تقدر بنسبة 14 % من إجمالي الاستثمارات في القطاع الصناعي الخليجي، فيما تبلغ إجمالي أصول أجنبية مستثمرة في الاقتصاد السعودي بنهاية الربع من عام 2016م، تقدر بنحو 277.3 مليار دولار، وبلغت الاستثمارات الصناعية في السعودية 266 مليار دولار، وتخطت مبيعات المصانع 167 مليار دولار ل1800 مصنع، فيما تضاعفت صادرات السعودية غير النفطية 4 مرات منذ 2002م، إلى 58.13 مليار دولار عام 2014م، وبحسب تقارير هيأة المدن السعودية فإن عائدات الصناعات التحويلية غير البترولية في الدخل القومي ارتفعت عام 2014م، بنحو 50 % إلى 40 مليار دولار.

وذكرت الإحصاءات الصادرة عن المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن حجم الصادرات السلعية من جميع دول مجلس التعاون عام 2015م، تراجعت بنسبة 35.6 % إلى 554.1 مليار دولار مقارنة بعام 2014 م، البالغ 860.2 مليار دولار نتيجة استمرار انخفاض أسعار النفط، فيما تراجعت صادرات دول المجلس السلعية غير النفطية خلال عام 2015 بنسبة 5.2 % إلى 195.8 مليار دولار مقارنة بـ 206.6 مليار دولار عام 2014م.

والمطلوب ليس فقط النمو والإنتاج في الاقتصاد، بل أهم من ذلك زيادة التنويع في الإنتاج، واكتساب الخبرات في مجالات وصناعات أكثر تطورًا وتعقيدًا، خصوصًا وأن الإنفاق الحكومي سجل ارتفاعًا من 70 مليار دولار في عام 2005 إلى 193 مليار دولار في عام 2015، وهو مؤشر جعل السعودية تحتل المركز الرابع عالميًا من حيث قوة الاقتصاد الكلي وفقًا لتقرير التنافسية الدولي ( 2015- 2016).

يجب أن تستعد الصناعات السعودية لمنافسة نظيرتها في الدول الكبرى، خصوصًا وأن أكبر تحد لها في كيفية سد حاجة السوق السعودي والتي تستورد 90 % من المنتجات من الخارج، بإدخال المزايا النسبية لتنويع الاقتصاد من خلال الصناعة والمعرفة وتعزيز الاقتصاد المعرفي والذكي لا التقليدي، وهناك عدد من الفرص الجاهزة يمكن أن تشغلها مصانع وطنية بالتعاون مع عدد من الجهات خصوصًا مع شركة الكهرباء التي وصل حجم صرفها 356 مليار ريال سنويًا منها 168 مليارًا يتم تأمين موادها وخدماتها من مصانع محلية، فيما يتم صرف 187 مليار ريال لمصانع خارجية لا يوجد لها مثيل لمنتجاتها في السعودية حتى الآن وهي تتمثل في 25 فرصة صناعية.

كما تعاقدت وزارة الدفاع السعودية مع 250 مصنعًا محليًا لكسر الاحتكار من الشركات العالمية للاستغناء عن 70 % من استيراد قطع الغيار العسكرية المستوردة من الخارج من خلال تقديم 20 ألف فرصة لتصنيع المواد والقطع التي تحتاج إليها أفرع القوات المسلحة والخدمات الطبية الذي يعد الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط وهي تحقق علاقة استراتيجية مع القطاع الخاص لتوطين صناعة المواد وقطع الغيار ودعم الصناعة الوطنية من خلال 46 مجموعة تصنيعية من خلال إبرام 550 عقدًا عسكريًا والتعاقد مع 300 مصنع، حيث بلغ عدد القطع المصنعة محليًا نحو 7025000 منها 48 ألف قطعة غيار عسكري عرضت في معرض القوات المسلحة ( أفيد ) في شهر فبراير 2016م.

 أي لابد أن تتجه نحو التنمية المستدامة، وتعتبر الصناعات البلاستيكية من الصناعات التي لم تأخذ دورها الطبيعي في الدخل القومي، فهي بحاجة إلى الدعم والاستفادة من الميزة النسبية التي تتمتع بها الصناعات الأساسية، بدلا من الاستمرار في تصديرها كمادة خام بأسعار قليلة لتعود كمنتج نهائي بأسعار مرتفعة مثل البروبلين الذي يصدر بـ 1500 دولار للطن ويعود كمنتج نهائي بأكثر من عشرة آلاف دولار، مما يتطلب على سابك إعادة هيكلة عملياتها لتعزيز خدماتها.

وفي ظل ارتفاع الطلب العالمي ووفرة احتياطيات الغاز الطبيعي الذي يبلغ 41.8 مليار متر مكعب في دول الخليج بنسبة 20.8 % من الاحتياطيات العالمية، فإن قطاع الأسمدة يتجه نحو ثورة صناعية، حيث أن الأسمدة الكيماوية العصب الرئيسي للنباتات، المتمثلة في الأمونيا واليوريا لأنها توفر التغذية المتوازنة لها وتعمل على إمدادها بالعناصر الغذائية اللازمة، حيث تنتج دول الخليج نحو 11.3 مليون طن عام 2014م، تنتج السعودية نحو 37.2 % من إنتاج دول الخليج، وغيرت اسم الأسمدة إلى المغذيات الزراعية.

وستتحول شركة أرامكو من شركة نفطية إلى شركة طاقة صناعية والاتجاه نحو تأسيس تكتل صناعي متكامل، وسبق أن دشنت شركة أرامكو مشروع صدارة العملاق للبتروكيماويات يتكون من 26 مصنعًا دفعة واحدة في الجبيل يعتمد على النافتا كلقيم أساسي لتغيير مشهد صناعة البتروكيماويات على مستوى العالم، والذي يوفر 20 ألف فرصة عمل على المدى الطويل في السعودية وتوسيع القاعدة الصناعية.

كما ستتجه أرامكو إلى تكرير 9 ملايين برميل نفط يوميًا عبر مصافيها في الداخل والخارج ارتفاعًا من 5.4 مليون برميل قدرة التكرير الحالية يوميًا بسبب أن التكرير ليس من الصناعات الاستراتيجية للدول المنتجة للنفط في العالم، وذلك بسبب ثلاثة تحديات كبرى تواجه هذه الصناعة وهي نقص الربحية، قدرة المصافي التحويلية التي تتطلب تطويرًا وتغييرًا مستمرًا من خلال البحث والتطوير، وتزايد صرامة التشريعات والمواصفات التي تحكم صناعة التكرير، ما يتطلب إلى إيجاد توازن بين الخام والمكرر، حيث يشير تقرير لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى أن الطلب العالمي على الخام المكرر قارب 82 مليون برميل يوميًا في عام 2014م، ومن المتوقع زيادته إلى 96 مليون برميل يوميًا حتى عام 2040م، حيث أن بناء المصافي يحتاج إلى استثمارات كبيرة جدًا، لكنه علاج لتعويض فارق هبوط أسعار النفط الخام قد يكون حلًا جيدًا لتنويع مصادر الدخل بدلا من تصدير النفط خامًا، بجانب أن أرامكو أطلقت مركزًا جديدًا للأبحاث وتطوير أعمال الطاقة في ديترويت حيث يشكل المركز خطوة مهمة لابتكار تقنيات خفض الانبعاثات واستدامة البترول كوقود أمثل لوسائل النقل.

مجلة آراء حول الخليج