array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 136

أمن الخليج الذاتي ينطلق من تجاوز اختلاف تحديد مفاهيم مصادر المخاطر

الأحد، 31 آذار/مارس 2019

د. ظافر محمد العجمي

 في الخليج العربي فقط تبقى أغلب القراءات الاستراتيجية القديمة صالحة في أي وقت فالأوضاع لا تتغير كثيرًا. فقد استحوذت حرب تحرير الكويت 1991م، على انتباه العالم بأسره، ولا غرو فقد تمخضت عن آثار سياسية وعسكرية ظلت تؤثر في منطقة الشرق الأوسط طوال ما يقرب من ثلاثة عقود، كما وطنت في ذهن المراقب لأمن الخليج أمورًا عدة منها إن الأمن الإقليمي للخليج، لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الأمن القومي العربي؛ لأن الخليج ونظامه الإقليمي جزء من النظام الإقليمي العربي في إطاره الأوسع. ويمكن أن نشير بشيء من المرارة إلى فشل من سعَوا إلى بناء نظام أمني، أو على الأقل ترتيبات أمنية، تكفل لهذه المنطقة الحساسة والحيوية، من العالم، استقرارها، وتحفظها من مصادر التهديد الخطيرة، التي سببت حربيَن مُدمرتَين، في فترة زمنية وجيزة. وكان من نتيجة الفشل ملاحظة إن أمن دول مجلس التعاون الخليجي شهد مزيدًا من حالة عدم الاستقرار والتصدع بعد غياب العراق وإصرار إيران على امتلاك السلاح النووي، للهيمنة للاضطلاع بدور قيادي في المنطقة رافقه تزايد نفوذها الإقليمي. هذا النجاح الإيراني كان كنتيجة أن الأمن الإقليمي الخليجي، بقي يعاني تعددًا في المفاهيم، وتضاربًا في التصورات، وضعفًا في الآليات، وتناقضًا في السياسات، لكن الأهم في تقديرنا هو اختلالات هيكلية في القوة الذاتية الخليجية. ولذلك، ظهرت التهديدات الإيرانية بأشكالها المعهودة عبر المكملات الاستراتيجية في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

    فاختلاف المفاهيم الخليجية أدى إلى النظرة المتدرجة للخطر الإيراني فهو بين دول مجلس التعاون ذو ست درجات كلون الطيف صراع حضاري، جار سيئ في حي حسن السمعة، مصدر عدم الاستقرار، تحد إقليمي، وهو تهديد خارجي، كما أنه عدو صريح عند آخرين. وعليه تضاربت التصورات لتحقيق الأمن بناء على الوسائل المتاحة، داخل كل دولة خليجية، فظهر خطاب سياسي مثقل بالتناقضات بين الحوار، والصبر الاستراتيجي، وبين إظهار القوة بدونه لا تفتح طهران أبواب التفاهم العقلاني كما فعلت مع الغرب في ملفات عدة. وكما أشرنا كانت الاختلالات الهيكلية في الأمن الذاتي هي أهم المعضلات فدول الخليج تريد أمنًا وقدرة على الردع، من دون وجود عسكري لقوى خارجية على أراضيها، فضلاً عن أن هذه الدول نفسها، لا تملك قدرة ردع ذاتية [1]. لذا كان لابد من العودة لنظام الأمن الجماعي ممثلا في قوات درع الجزيرة المشتركة.

 الأمن الجماعي الخليجي

نشأ درع الجزيرة كقوات عسكرية مشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي في 1982م، لحماية دول مجلس التعاون وردع أي عدوان عسكري، لكن السياسة والاقتصاد غطت على نشاط قوات درع الجزيرة. وذريعة من يصف التعاون العسكري الخليجي بالقصور هو أنه لم يحقق أهدافه بدليل علو صوت إيران فوق أمواج الخليج وصداه في جبال اليمن، وفي ذلك تجاوز صارخ لحقيقة أن التعاون العسكري الخليجي هو جوهرة التاج في العلاقات الخليجية، لكن الطبيعة السرية للأعمال العسكرية تجعل الإنجازات أقل ظهورًا للناس وتشمل توحيد كل شيء من الذخائر التي يتم تبادلها في الميدان إلى كراسات التعليم العسكري مرورًا بمركز توجيه المقاتلات إلى الربط الرداري الموحد. فنحن بحاجة لقوة درع الجزيرة لتعيد الأمور إلى نصابها كما فعلت في البحرين، وكما تفعل الآن لإعادة الشرعية في جوارنا الإقليمي كما فعلت في اليمن وبددت حلم قيام جمهورية الحوثيين الإسلامية. فالتعاون عبر قوات درع الجزيرة ضرورة خليجية لتطبيق الأمن الجماعي، وضرورة إقليمية لكونه أقوى كتلة مسلحة غربيًا خارج «الناتو»، وضرورة دولية لأن يمثل الدرع الصاروخي الخليجي والتكامل الاستراتيجي الذي تعول عليه واشنطن.

وحين قامت 1982م، تألفت قوات درع الجزيرة من فرقة مشاة آلية بكامل إسنادها من المشاة والمدرعات والمدفعية وعناصر الدعم القتالي من عناصر دول مجلس التعاون الست: السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، والبحرين، وعمان. حينها كانت القدرة القتالية لقوات درع الجزيرة تؤهلها فقط لخوض حرب دفاعية حيث كانت قابلة للتصدي لأي عدوان في حال نجاح الإنذار والانفتاح المبكر. لكن الاجتياح العراقي للكويت غير الكثير من القناعات فقامت المملكة العربية السعودية بالدعوة لزيادة التعاون في درع الجزيرة ثم جاء اقتراح السلطان قابوس بزيادة أعداد قوات درع الجزيرة إلى مائة ألف جندي، ورغم أن هزيمة القوات العراقية في نهاية فبراير 1991م، قلصت الأصوات الداعية إلى زيادة قوة درع الجزيرة إلا أن مشروع زيادة فعالية قوات درع الجزيرة عاد بشكل آخر في نوع السلاح والتعاون والجاهزية، فكان دخول البحرين واليمن خير شاهد على الثقة في قوات الدرع.

مستقبل قوات درع الجزيرة

1-التسلح

 لتجاوز تقليدية قياس فعالية قوات درع الجزيرة يجدر بنا تتبع جاهزيتها بترتيبها في جداول الجاهزية الدولية ثم التعليم والتدريب والمناورات التي تنفذها؛ حيث تظهر الأرقام أن قوات درع الجزيرة تستند على جاهزية الدول الست العالية في امتلاك أحدث أنواع الأسلحة؛ فالمملكة العربية السعودية تأتي في المركز 25 في ميزان القوة العسكرية من بين 137 دولة في حسابات مركز قياس القوة العسكرية[2]. ولديها من الرجال العاملين في الخدمة 230 ألف رجل، وتحتل في مجال القوة الجوية المركز 12 من بين 137 دولة بعدد طائرات يبلغ 848 طائرة، كما تملك من الدبابات 24 من بين 137 دولة بعدد 1062 دبابة، أما دولة الإمارات العربية المتحدة فتأتي في المركز 61 من بين 137 دولة، وفي الخدمة العسكرية الفعلية 64 ألف رجل، وقوتها الجوية تحتل المركز 22 من بين 137 دولة بعدد طائرات يبلغ 541 طائرة، وتتسلح قوتها البرية بعدد من الدبابات يبلغ 510 جاعلاً إياها في المركز 37 من بين 137 دولة. أما سلطنة عمان فتحتل المركز 82 من بين 137 دولة ففي الخدمة 42 ألف رجل، وفي مجال القوة الجوية تحتل المركز 54 من بين 137 دولة بعدد طائرات يبلغ 175 طائرة. أما الدبابات فهي في المركز 72 من بين 137 دولة بعدد 117 دبابة. أما دولة الكويت فتأتي في المرتبة 84 من بين 137 دولة، وفي الخدمة 16 ألف رجل، وترتيب القوة الجوية 74 من بين 137 دولة بعدد طائرات يبلغ 85 طائرة، أما قوتها البرية فترتيبها بالدبابات   34 من بين 137 دولة بعدد 567 دبابة. كما تأتي مملكة البحرين في ترتيب 98 من بين 137 دولة، ولديها في الخدمة 8200 رجل، وترتيب القوة الجوية 69 ضمن 137 دولة بعدد طائرات 107 طائرة، وترتيبها بالدبابات 65من 137 دولة بعدد 180 دبابة. أما دولة قطر فترتيبها 106 من بين 137 دولة، وفي الخدمة 12 ألف رجل، وترتيب القوة الجوية 71 من بين 137 دولة، بعدد طائرات يبلغ 100 طائرة، والدبابات في المرتبة 77 من بين 137 دولة بعدد 95 دبابة.  أما أقرب منافس إقليمي فهو جمهورية إيران التي تحل في الترتيب 14 من بين 137 دولة، ولديها في الخدمة 523 ألف رجل، وقوتها الجوية تأتي في المرتبة القوة الجوية 24 من بين 137 دولة بعدد طائرات 509 طائرةمما يظهر التفوق الخليجي حيث تحتل السعودية الترتيب 12 وتحتل الإمارات الترتيب 22 من بين 137 دولة. لكنها تتفوق بالدبابات بترتيب 18 من بين 137 دولة بعدد 1638 دبابة. أما المنافس الإقليمي الآخر في الجوار الإقليمي فهي الجمهورية العراقية بترتيب 52 من بين 137 دولة، ولديها في الخدمة 165 ألف رجل، وقوتها الجوية لا تملك تفوق على دول الخليج حيث أن ترتيبها هو 23 من ضمن 137 دولة بطائرات عددها 327 طائرة، وأيضًا الدبابات التي تضعها في ترتيب 53 من 137 دولة بعدد 309 دبابة وهو ترتيب أقل من السعودية والإمارات. وعليه فميزان القوة العسكرية الخليجية الداعم لقوات درع الجزيرة متفوق إقليميًا.

2-التعليم العسكري

كما يمكن تقدير القوة العسكرية الخليجية من خلال تفحص التعليم العسكري، وهو الفكر العسكري المحرك لجهود وحدات المناورة. وقد قطع التعليم العسكري الخليجي أشواطًا متقدمة، لفتن نظر أكثر من متابع، فخلال العقد الأخير افتتحت كليات قيادة وأركان عدة لتخريج الضباط المراد أن يكونوا اللبنة الأولى في صنع القادة العسكريين، حيث رأت النور في   2013م، في قطر كلية القيادة والأركان المشتركة، ثم في الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان تم الإعلان عن إنشاء كلية الدفاع الوطني. أما في مملكة البحرين في 2014م، فتم افتتاح الكلية الملكية للقيادة والأركان والدفاع الوطني. وفي العام 2017م، دشّنت الكويت مركزًا تدريبيًا إقليميًا تابعًا لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) يجمع الآن ضباطًا من المنطقة مع نظرائهم من الناتو. رغم أن كلية القيادة والأركان يعود افتتاحها في الكويت إلى عام 1996م، وقبلها بعقدين في المملكة العربية السعودية وفي غضون ذلك، أطلقت السعودية مشروعًا إصلاحيًا طموحًا لإنشاء جامعة دفاعية، بوحيٍ من جامعة الدفاع الوطني الأمريكية، على أن تتألف هي الأخرى من كليات عسكرية عدّة. وبهدف تعزيز التعاون الإقليمي على مستوى مجلس التعاون الخليجي، أعلن قادة مجلس التعاون الخليجي في العام 2015م، عن خططٍ لإنشاء كلية دفاعية مشتركة لدول المجلس في الإمارات، حتى تولّد هوية عسكرية جماعية لدى ضباط درع الجزيرة، وسيتم تدشين الكلية عام 2021م.[3]

3-التدريبات والتمرينات الميدانية

في العقدين الماضيين لم تخلُ سماء مجلس التعاون من رائحة البارود ودخان الطائرات المقاتلة وغبار الميادين جراء  الأزمات من الكويت إلى البحرين إلى اليمن أو جراء كثافة  التدريبات والتمرينات الميدانية  التي مرت على الضباط والأفراد  من جميع القوات من دول مجلس التعاون الخليجي، حيث جرت  أكبر التمارين العسكرية بالمنطقة، سواء من عدد القوات المشاركة، أو نوعية الأسلحة المستخدمة، والخطط العسكرية المنفـّذة، وتم فيها تدريب القيادات على إدارة العمليات الحربية، والتأكد من جاهزية أنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات على المستوى العملياتي والمستوى التكتيكي. ففي 26 فبراير 2016م، ولمدة أسبوعين   بمحافظة حفر الباطن شمال شرق السعودية، جرت مناورات رعد الشمال " North Thunder "وهي  أكبر مناورات عسكرية مشتركة تقام  في الشرق الأوسط ، وثاني أكبر تجمع عسكري بعد عاصفة الصحراء 1990م [4]؛على أرض المملكة العربية السعودية بين 20 دولة هي كل من السعودية، مصر، تركيا، باكستان، ماليزيا، السودان، الإمارات، الكويت، البحرين، قطر، عمان، الأردن، تونس، المغرب، موريتانيا، جيبوتي، السنغال، تشاد، جزر القمر، المالديف،  بمشاركة عدة فروع عسكرية هي سلاح المدفعية، والدبابات، والمشاة، ومنظومات الدفاع الجوي، والقوات البحرية ومعها 20 ألف دبابة، 2540 طائرة مقاتلة، 460 طائرة مروحية، مئات السفن، 350 ألف جندي. حيث تم تنفيذ مخططات عدة كان عمادها جيوش مجلس التعاون ممثلة في قوات درع الجزيرة حيث خطط لرفع معدلات الكفاءة الفنية والقتالية لوحدات المناورة المشاركة، إلى أعلى معدلات الكفاءة والاستعداد القتالي لتنفيذ مهمات مشتركة بين قوات الدول المشاركة لمواجهة المخاطر والتحديات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة. أما على مستوى قوات درع الجزيرة المشتركة وكرسالة إلى أي دولة تريد الإضرار بأمن منطقة الخليج بالإضافة إلى كونه رسالة اطمئنان للداخل بأن الأمن هو الثابت الأول. تم تنفيذ تمرين" درع الجزيرة المشترك 10 " منذ 23 فبراير 2019م، واختتم بعد أسبوعين بميدان صامت بالجبيل بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية [5]. حيث أثبت التمرين وجود التعاون العسكري المتكامل في جميع مراحله من تخطيط وإعداد وتنفيذ وتبادل الخبرات لرفع مستوى الاستعداد والجاهزية العسكرية.  فالتمرين جاء كجزء من رؤية استراتيجية شاملة من حيث حجم القوات المشاركة فيه ونوعية التدريبات. وقد أقيم في بيئة عمليات مناسبة لكل ظروف الحرب. وشمل عرض مرئي عن عمليات الدفاع الساحلي وتأمين المناطق السكنية وعمليات القفز الحر، وتنفيذ عمليات الحرب النظامية المتنوعة. وقد شارك فيه عدد من الأسلحة الجوية والبحرية والبرية من جيوش مجلس التعاون الخليجي، وكانت العمليات تحاكي مواجهة عدو حقيقي.

قيادة عربة الأمن الجماعي

وحتى يتسنى لقوات درع الجزيرة المشتركة قيادة عربة الأمن الجماعي الخليجي، يتوجب أن يرتكز النظام الأمني على أسس يكون مفهوم الأمن فيها نابع من دول المنطقة، من دون تدخّل خارجي. وأن تكون قوات درع الجزيرة مبنية على حجم التهديدات الراهنة والمتوقعة، وأن تحدَّد الأهداف الواضحة المتفق عليها وتبنى القدرات لتحقيقها حتى يكون هناك استراتيجية قابلة للتحقيق. وأن تكون درع الجزيرة اللبنة الأساسية في تحقيق الأمن بمفهومه الشامل بأبعاده الداخلية والخارجية، وبمقوماته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية.

  كما يجب تجاوز اختلاف المفاهيم الخليجية المختلفة تجاه مصادر عدم الاستقرار وضرورة توحيد التصورات لتحقيق الأمن عبر خطاب سياسي خال من التناقضات كأن تريد دول خليجية أمنًا وقدرة على الردع، من دون وجود عسكري لقوى خارجية على أراضيها، فيما تخالفها دول خليجية أخرى بحجة أنها لا تملك قدرة ردع ذاتية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

 

 

[1]. مقاتل من الصحراء. قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز

http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/IraqKwit/30/sec01.doc_cvt.htm

[2].https://www.globalfirepower.com/countries-listing.asp

 [3] . جان لو سمعان، الاستراتيجية خلف الكليات الحربية الجديدة في الخليج  https://tinyurl.com/y2aytcqy

 [4]https://www.middleeastmonitor.com/20160303-saudi-arabia-northern-thunder-second-largest-military-gathering-since-operation-desert-storm/

[5].موقع وزارة الدفاع السعوديةhttps://www.mod.gov.sa/MediaCenter/MinistryNews/Pages/343.aspx

 

 

 

 

 

مجلة آراء حول الخليج