array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 141

القوة الجوية الخليجية الصاعدة: دول مجلس التعاون تفرض سيادتها على أجوائها

الإثنين، 09 أيلول/سبتمبر 2019

لطالما كان المجال الجوي العربي، منذ بدء الملاحة الجوية، منطقة ذات سيادة متنازع عليها أو يسهل اختراقها. فقد تعرضت جميع دول المنطقة لشكل أو آخر من أشكال الإضرار بسيادتها الجوية، حيث فقدت مصر تقريبًا قواتها الجوية بالكامل نتيجة للحرب في عام 1967م، وقصفت الولايات المتحدة ليبيا في عام 1986م، وشهدت سوريا ولبنان غارات إسرائيلية منتظمة (ولا تزال تشهد ذلك)؛ وتعرضت الكويت للغزو من قبل العراق بالطائرات المروحية، حتى تم طرد العراق من الكويت باستخدام القوة الجوية في عام 1991م. كما تم إلى حد كبير فرض منطقة حظر جوي على المجال الجوي العراقي للعقد المتبقي، تطبيقًا لقرار ضد المقاومة العراقية المستمرة صادر من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.

وفي السنوات التالية، انتشرت قواعد جوية أجنبية في دول الخليج، منها قاعدة العديد الجوية في قطر، وقاعدة الشيخ عيسى الجوية، وقاعدة ثمريت الجوية في عمان. فالمجال الجوي الإقليمي، سواء عن قصد أو دون قصد، كان تحت تصرف قوى غير عربية، وكثيرًا ما يُنظر إليه على أنه تعبير عن عدم اكتمال بناء الدولة وبالتالي عدم اكتمال سيادتها. ولا يزال هذا هو الحال بالنسبة لغالبية الدول العربية: فقد تم حماية المدنيين في ليبيا بشكل رئيسي عن طريق فرض منطقة حظر جوي في البلاد في عام 2011م، بينما المجال الجوي السوري مشغول حاليًا بطائرات من تركيا وروسيا وإيران وحتى إسرائيل؛ وفي العراق، تحتاج القوات الجوية العراقية إلى دعم دولي لمحاربة تنظيم داعش؛ في حين لا تمتلك فلسطين سوى سيطرة ضئيلة على مجالها الجوي، مثلما هو الحال في سيطرتها على أراضيها.

لكن ثمة استثناء لهذه القاعدة: ففي دول الخليج، بدأ التأكيد على السيادة الجوية يأخذ أبعادًا متعددة، ما أدى إلى ظهور نمط جديد. فالتوسع الذي بدأ في القوات الجوية وأنظمة الدفاع الجوي دفع دول الخليج من الناحية العسكرية جعلها في طليعة القوات الجوية بالمنطقة، مما أزاح مصر وسوريا عن عرشهما باعتبارهما أقوى قوتين جويتين في المنطقة.ومن الناحية التجارية، فإن شركات الطيران الخليجية لا تتوسع في سوق تجاري قائم فحسب، بل إنها تُعيد تشكيل هذا السوق كذلك. ومن الناحية السياسية، تستخدم الدول المجال الجوي لتطبيق سياستها بوسائل خارج مجالها الجوي الخاص بها. وليس من قبيل المصادفة أن تصبح القوات الجوية والطائرات التجارية في ضوء ذلك رمزًا قويًا للهوية الوطنية. وهذه التطورات، مجتمعة، تشير إلى عملية أكبر بدأت في التسعينات، وكذلك مجموعة من العوامل مثل غزو الكويت، وإلغاء القيود التنظيمية على السفر الجوي، ودمج مؤسسات الدولة، وعليه فإننا نفترض أن هذه التطورات، مجتمعة، تعبر في الواقع عن التأكيد على السيادة الجوية: التعبير ذو المستويات المتعددة عن الدولة، والذي يجعل من الدولة دولة بحق على أساس سيادتها في الجو. وإن صح ذلك، فهذا يُعد إثباتًا على أن دول الخليج تتبع نمطًا مماثلاً لدول أخرى، عندما يتعلق الأمر بالسيادة.

البدايات: إضفاء الطابع الرسمي على السيادة الجوية الخليجية

وكما هو الحال مع السيادة بشكل عام، قد يأتي اعتراف الدول الأخرى في منزلة أعلى في التعبير عن السيادة. ولا يوجد أي اختلاف عندما يتعلق الأمر بالسيادة الجوية. وعلى الرغم من أن هذا البعد من السيادة يبدو متضمنًا في الاعتراف باستقلال أراضي دولة ما، فإن إمكانية الوصول بشكل نسبي إلى الفضاء الجوي في الآونة الأخيرة تعني أنه يمكننا الاعتراف رسميًا بالفضاء كحيز ذي سيادة، وقد اتبعت دول الخليج أيضًا هذا الإجراء، ولكنها تأخرت قليلا مقارنة بدول أخرى، حيث حصلت الكويت وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة على استقلالها في الستينيات والسبعينيات، ثم أسرعوا للتوقيع على اتفاقية شيكاغو الصادرة عام 1944م، والتي تمثل حجر الزاوية في الاعتراف المتبادل بين الدول بالسيادة الجوية. ووقعت المملكة العربية السعودية وعمان على الاتفاقية في نفس الوقت تقريبًا مع جيرانها.

من يُطبق السيادة الجوية وكيف

تتجاوز السيادة بالطبع الاعتراف القانوني أو الاعتراف الواقعي، فهي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسلطة اتخاذ القرارات وتنفيذها في مكان محدد. ومن هنا، بدأت أيضًا دول الخليج بالتدريج في تطوير المؤسسات واللوائح ذات الصلة في خمسينات القرن الماضي، حيث أنشأت الكويت والمملكة العربية السعودية سلطات الطيران المدني، بيد أن التأكيد على وجود مجال جوي حقيقي ظهر بعد ذلك بكثير. وعلى سبيل المثال، تبنت المملكة العربية السعودية أنظمة الطيران الأمريكية كتدبير مؤقت عام 1953م، ولكنها صاغت قانون الطيران المدني الخاص بها "لإرساء سيادة وسلطات المملكة فيما يتعلق بجميع مسائل الطيران المدني، بما في ذلك منح الترخيص والاعتماد والملاحة الجوية" بعد مرور 50 عامًا أخرى. وأشارت عدة تطورات أخرى إلى تعزيز سلطة الدولة في مجال الإدارة الجوية: ففي عام 1996م، أنشأت جامعة الدول العربية لجنة الطيران المدني العربية التي تهدف إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدان العربية في مجال الطيران المدني.وفي العام نفسه، أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة الهيأة العامة للطيران المدني، بينما أسست قطر الهيأة العامة للطيران المدني في عام 2001م، وحذت البحرين حذوها بعد ذلك بوقت قصير عندما تحطمت طائرة تابعة لشركة طيران الخليج أثناء هبوطها،ويرجع ذلك جزئيًا على الأقل إلى أن البحرين لم تكن تدير عمليات مراقبة إجراءات السلامة، بل كانت تديرها المديرية العامة للملاحة الجوية والأرصاد في عمان، والتي تم إنشاؤها عام 1973م، (أعيد تسميتها لتصبح الهيأة العامة للطيران المدني عام 2014م). وفي هذا السياق، حدث مزيد من التطورات، حيث وسعت الإمارات سلطتها بشكل كبير عام 2009م، عندما افتتحت مركزًا جديدًا للملاحة الجوية، وهو مركز الشيخ زايد، الذي يعتبر أكبر وأكثر مراكز إدارة الحركة الجوية ازدحامًا في الشرق الأوسط.

صناعة الحرب الجوية: الحروب الخليجية الجديدة

لا تكفي القدرات والسلطات الجوية لتأكيد السيادة الجوية. فعند الضرورة، يتعين على الدول أيضًا أن تمتلك الإرادة السياسية لتعزيز ثقتها في مواجهة أي أزمة. وأكثر النماذج وضوحًا بالطبع هي الحرب الجوية -ففي الواقع هذا هو المجال الذي تجلت فيه السيادة الجوية لأول مرة عبر التاريخ. ولكن في منطقة الخليج، لم تخض الدول الخليجية بنفسها الحروب الجوية أصلاً، ومن أشهر هذه الحروب حرب تحرير الكويت الذي خاضه تحالف دولي. وعلى الرغم من مشاركة دول الخليج في الحرب، إلا أن طيارًا واحدًا وهو النقيب إياد الشمراني من القوات الجوية الملكية السعودية أسقط طائرتي ميراج عراقيتين كانتا تحاولان شن قصف جوي لمنشأة إنتاج النفط في رأس تنورة. وكان الشمراني هو الطيار غير الأمريكي الوحيد في التحالف الذي أسقط "قتلى" في الحرب؛ إذ لم تكن القوات الجوية الخليجية قادرة على شن الحرب حينئذ وبالتأكيد ليس بدون المساعدة الغربية.

وبعد ذلك، بدأت معظم دول الخليج في تطوير قدراتها الجوية بشكل كبير، ولكن دون أن تُظهِر الإرادة لاستخدامها بعد. وقد تغير هذا بشكل جذري في عام 2011م، فلم يكتف مجلس التعاون الخليجي بكونه الجهة الدولية الأولى التي قامت بعسكرة الأزمة في ليبيا عبر الدعوة إلى فرض منطقة حظر جوي (حتى قبل جامعة الدول العربية)، بل قد قدم اثنان من أعضاء المجلس دعمًا عسكريًا للسيطرة على الأزمة عقب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973، حيث أرسلت قطر والإمارات العربية المتحدة طائرات للمشاركة في العملية العسكرية في ليبيا؛ فقد أرسل سلاح الجو في الدوحة، الذي يبلغ حجمه الآن 18 طائرة مقاتلة، ثلث قدراته الجوية، وأرسلت الإمارات العربية المتحدة 12 طيارة مقاتلة. وقد فُسرت مساهمتهما (التي شكلت 5% من إجمالي القوات الجوية المشاركة في العملية) بأن لها أهمية سياسية وليست عسكرية. ومع ذلك، فقد أدت مشاركة قطر والإمارات في هذه العملية إلى نتيجتين هامتين. الأولى هو أن القوات الجوية الخليجية شاركت في بعض العمليات الهجومية – وفي حالة الإمارات، تفيد التقارير بأنه قد تم تنفيذ حوالي 100 عملية ضد أهداف محددة أو مخطط لها مسبقًا ولكن ليست ضد أهداف متنقلة أو متحركة (ديناميكية) -وهي المشاركة الأولى لدولة خليجية. أما النتيجة الثانية فتتمثل في مواجهة دول الخليج المشاركة في العملية لتحديات لوجستية كبيرة برغم القوة الجوية المتزايدة وتلك العملية الطموحة. وقد تُرجمت الرؤى الخاصة بالعملية العسكرية في ليبيا على أرض الواقع إلى إصلاحات هامة، مهدت الطريق لحرب استكشافية أكبر، ففي عام 2014م، انضمت المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش.. وبعد أسر وإعدام طيار أردني، تم تعليق بعض تلك المساهمات العسكرية كما في حالة الإمارات العربية المتحدة. وفي الوقت نفسه، يتردد أن الإمارات قصفت مواقع داعش في ليبيا خارج مصر – وهذا الأمر الذي تكرر عدة مرات خلال السنوات الماضية. وبالإضافة إلى ذلك، قالت الأمم المتحدة إن الإمارات أيضًا استخدمت طائرات الاستطلاع في الصراع الليبي. وعلى الرغم من صغر حجم هذه الإجراءات نسبيًا، فإن الرسالة السياسية واضحة: إن دول الخليج من الآن فصاعدًا لا تمتلك القدرة على الاستفادة من قدراتها الجوية لتحقيق أهداف سياسية فحسب، بل أيضًا ترغب في الاستفادة من تلك القدرات.

وقد أصبح ذلك واضحًا جليًا في حرب اليمن (التي بدأت عام 2015م): فقد شن تحالف مكون من تسع دول، من بينها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وقطر عملية عاصفة الحسم (ثم أعيد تسميتها فيما بعد لتصبح "استعادة الأمل") من أجل استعادة شرعية الرئيس المعزول عبدربه منصور هادي. ويُقال إن المملكة العربية السعودية أرسلت 100 طائرة، وأرسلت الإمارات العربية المتحدة 30 طائرة، وأرسلت كل من الكويت والبحرين 15 طائرة، وأرسلت قطر 10 طائرات (قبل أن تنسحب في عام 2017 م، نتيجة للأزمة الدبلوماسية الخليجية). ونظرًا لأن الحرب في اليمن كانت حربًا جوية. فقد أعلن التحالف أن المجال الجوي اليمني منطقة محظورة، وذكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أن القوات الجوية السعودية الملكية تسيطر على المنطقة سيطرة كاملة، وأنها بدأت في شن هجمات جوية على بعض الأهداف كمخازن الأسلحة والطائرات والدفاعات الأرضية والجوية. ورغم أن هذه الحرب قد أكدت إرادة دول الخليج وقدرتها على شن حروب جوية، أظهرت القدرة على خوض حربًا جوية ضد خصم غير متكافئ. والآن وبعد مرور خمسة أعوام من الحرب في اليمن، تم شن أكثر من 24.000 ضربة جوية. ولكن التحالف لم يوجه الضربة القاتلة للحوثيين بعد. وعلى الرغم من أن التحالف يتمتع بتفوق جوي بفارق كبير، وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه طبيعة الحرب ضد الجماعات أو الحرب غير النظامية التي هي حرب جيش في مواجهة جيش نظامي آخر، بينما أفادت التقارير أن الحوثيين أطلقوا أكثر من 150 صاروخًا بالستيًا من فئة سكود على المملكة العربية السعودية، ولكن تم اعتراض معظمهم ما يؤكد تفوق الدفاعات الجوية السعودية، من خلال صواريخ باتريوت أرض جو التي تعتبر جزء من درع السلام. ففي أول 18 شهرًا من العملية، اعترضت الدفاعات الجوية السعودية 24 صاروخًا من أصل 33 صاروخًا استهدفت الأراضي السعودية.

السياسة الجوية: الدبلوماسية والأمن

على الرغم من أن الحروب الجوية قد تكون أشد أشكال الحروب كراهية، تظهر بعض صور الدبلوماسية من خلال الحروب الجوية أيضًا. وعلى سبيل المثال لم تقدم الإمارات العربية المتحدة دعمًا للعملية التي شنها حلف شمال الأطلسي في ليبيا أصلاً، لأنها لم توافق على المواقف الغربية من أعمال الشغب في البحرين. ومن جهة أخرى استولت الكويت مرارًا على أصول الخطوط الجوية العراقية في الخارج، نظرًا لاستمرار النزاع على تعويضات الحرب التي تبلغ 1.2 مليار دولار، وقد تم تسوية هذا الأمر أخيرًا في عام 2012م، واستأنفت الرحلات المباشرة بين البلدين. وعندما قطعت المملكة العربية السعودية العلاقات مع إيران رسميًا في يناير 2016م، تم تعليق حوالي 150 رحلة جوية مباشرة كل شهر بين البلدين. وبعد شهرين، منعت السعودية شركة ماهان إير الإيرانية من التحليق في مجالها الجوي -وهي خطوة تشبه القرار الأمريكي الصادر في عام 2011م، بفرض عقوبات على طيران ماهان إير بسبب دعمها للحرس الثوري الإيراني. ومع ذلك، أكدت السعودية الترحيب بالحجاج الإيرانيين لأداء مناسك الحج بالمملكة (حوالي 90 ألف مواطن إيراني يؤدون الحج كل عام) باستخدام رحلات الترانزيت. وحاولت طهران التفاوض على رحلات طيران استثنائية، ولكنها فشلت في ذلك، واندلعت الأزمة الخليجية في سابقة تاريخية كان لها تداعياتها بطبيعة الحال بين قطر وجيرانها؛ حيث لم ترفض المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين استخدام شركات الطيران المسجلة في قطر مطاراتها فحسب، بل وحتى استخدام مجالها الجوي. ونتيجة لذلك، فقدت شركات الطيران القطرية إمكانية الوصول إلى 18 وجهة و50 رحلة جوية يومية، واضطر الركاب إلى استخدام طرق طيران أطول عبر إيران وإفريقيا، وقد اتخذ النزاع أبعادًا إعلامية أيضًا: ففي تقرير لقناة العربية الإخبارية، شوهد إسقاط طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية في صورة رسوم متحركة، وتم تقديم طاقمها للمحاكمة بتهمة انتهاك الأمن القومي الذي تعتبره المملكة العربية السعودية "حقًا قوميًا".

اقتصاديات الملاحة الجوية: بالنسبة للمسافرين والبضائع

ربما يكون البعد المتعلق بالسيادة والذي كثيرًا ما يتم إغفاله هو البعد الاقتصادي: حرية الدولة في الإشراف على اقتصادها الوطني أو احتكاره أو تشكيله وفقًا لرغباتها، وعندما يتعلق الأمر بالمجال الجوي، فإن هذه الخيارات تكون محدودة بشكل أكبر على النشاط الاقتصادي على أرض الواقع، ولكنها مع ذلك مربحة. وتعتبر السيادة والهوية مفهومان متفاعلان أكثر من كونهما مرتبطان، وبعبارة أخرى، فإن الهوية قد تسبق وتتسبب في تحقيق السيادة، وفي حالات أخرى، يحدث العكس. وفي دول الخليج، من الإنصاف القول بأن الهوية الوطنية كانت نتيجة لزيادة السيادة، وكذلك تفضي السيادة إلى الهوية الوطنية كأثر رجعي. ويتضح ذلك بوجه خاص عندما يتعلق الأمر بالسيادة الجوية: فالمجال الجوي يحظى بدور متزايد الأهمية عندما يتعلق الأمر بالمسارد والمفاهيم المتعلقة بهوية الخليج.

إن السيادة والهوية الوطنية والدولة لا تعد مفاهيم مسلم بها في الشرق الأوسط، ولا تمثل المناقشة التي تجري بانتظام لإعادة تشكيل المفاهيم المتعلقة بطبيعة حدودها سوى أحد أعراض ذلك، وقد تمكنت دول الخليج، بأكثر من طريقة، من أن تصبح استثناء لهذا التحدي، واستخدمت المجال الجوي بصفة خاصة لتحقيق ذلك، ويبين التحليل أن جميع الدول -باستثناء اليمن -أكدت بشكل متزايد سيادتها الجوية عن طريق الاعتراف، وتطوير السلطة، والقدرات، والقومية الاقتصادية، والسطوة. وكانت نقطة الانطلاق المشتركة هي التسعينات، حيث كان غزو الكويت بمثابة نقطة الانطلاق هذه "إن ذلك ساعد على إعادة صياغة صورة المجتمعات الخليجية نفسها كدول عربية، مما أدى إلى تشكيل "ذات" جديدة، منفصلة عن كينونة "الأمة العربية". 58 وبطبيعة الحال، ساهمت تغييرات أخرى في هذه العملية، مثل إلغاء القيود التنظيمية على السفر الجوي، وتوطيد مؤسسات الدولة، وعلى الرغم من أن الرغبة في الدفاع عن البلاد كانت هي الدافع الأصلي الذي يحركهم، فقد ظهرت دوافع جديدة بمرور الوقت، تُظهر مرة أخرى الطابع الديناميكي لفرض السيادة. وبالنسبة لدول الخليج الأصغر -وخاصة الإمارات العربية المتحدة -أصبح المجال الجوي ترياقا لمجالها الإقليمي المحدود؛ وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، تحول المجال الجوي في نهاية المطاف إلى حيز هام لإبراز القوة الإقليمية، ومن المرجح أن تتطور هذه العملية نظرًا للطبيعة المرنة للمجال الجوي القائم على التكنولوجيا: وبحلول الشهر الحالي سبتمبر 2019م، من المقرر أن توسع دولة الإمارات العربية المتحدة نطاق مغامراتها الجوية إلى أبعد من ذلك، وترسل ثلاثة رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية. وتخطط الإمارات بحلول عام 2020م، لإرسال أول بعثة إلى المريخ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نائب مدير معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية

مجلة آراء حول الخليج