array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 149

6 خطوات لاحتواء الآثــار الســلبية للتغيــر المناخــي على مستوى العالم

الثلاثاء، 05 أيار 2020

يشهد العالم منذ عقود تقلبات مناخية كبرى اعتبر ها كثيرون اضطرابات بيئية لاسيما وأنها تسببت في عدة كوارث طبيعية مدمرة كالأعاصير وذوبان الجليد والأمطار الطوفانية والفيضانات والانهيارات الأرضية والجفاف الحاد .. وغيرها. ومع الاعتراف بأن النشاط البشري كان السبب الرئيس في حدوث تلك التغيرات سعى المجتمع الدولي لوضع بعض التشريعات الدوليةلتقنين أثر الممارسات البشرية على الطبيعة، غير أن هناك العديد من علامات الاستفهام حول قدرة القوانين الدولية على التأثير الفعال في هذا الصدد.

ماهية التغيرات المناخية ومسبباتها وتأثيراتها

يُستخدم مصطلح "تغير المناخ" لوصف الاحتباس الحراري والتأثيرات المرتبطة به على مناخ الأرض. فعلى الرغم من أن تغير درجة حرارة كوكب الأرض ليست أمرًا جديدًا، لكن هذه المرة الأمر مختلف، لأن هذا التغير المناخي يسير على نحو أسرع أكثر من أي حقبة أخرى، حيث ارتفع متوسط ​​درجة الحرارة لمناخ الأرض منذ أواخر القرن الـ19، أي منذ فجر الثورة الصناعية، إلى اليوم بدرجة مئوية تقريبًا. كما لاحظ العلماء أيضًا أن الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية في جميع أنحاء العالم بدأت تذوب، وتوسعت رقعة المياه وارتفعت مستويات البحار، والنباتات باتت تزهر في وقت أبكر لأوانها في أجزاء كثيرة من العالم. مثلما رصدت الأقمار الاصطناعية ارتفاع رطوبة الغلاف الجوي وحرارته. بهذا المعنى فالتغير المناخي لا يتعلق فقط بدرجات الحرارة المرتفعة، بل يشمل أيضًا أحداث الطقس الشديدة، وارتفاع مستويات البحار، وتغير تعداد كائنات الحياة البرية، ومواطن الحيوان والنبات الطبيعية، وطيفًا من التأثيرات الأخرى.بعبارة أخرى فإن التغير المناخي في خصائص الغلاف الجوي يغير ميزانية الطاقة على سطح الأرض واضطراب التوازن الحراري عليها، وبالتالي اضطراب النظام البيئي وتغير خصائصه.

تشير الأدلة إلى أن النشاط البشري مسئول عن 95 % من التغير المناخي، فالاحترار العالمي ناجم عن زيادة تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، إذ ارتفع ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45% والميثان بأكثر من 200%، وتقوم هذه الغازات بدور مهم في الحفاظ على حرارة الكوكب، حيث تمنع الحرارة من الهروب بسرعة إلى الفضاء، غير أن ارتفاع تركيزها بشكل كبير في الغلاف الجوي يؤدي إلى حبس مزيد من الحرارة، وجاءت هذه الزيادة في الغازات الدفيئة نتيجة الأنشطة البشرية الصناعية مثل حرق النفط والغاز والفحم. فعندما نحرق الفحم أو الزيت للحصول على الطاقة، أو نضحي بغابات واسعة، نضيف مباشرة المزيد من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي.

جدير بالذكر أن الأمم المتحدة أصدرت تقريرًا في عام 2013م، يفصل هذا التغير المناخي الحاصل اعتمادًا على 800 دراسة بحثية قام بها الخبراء. ويفيد التقرير الأممي بأن درجات الحرارة قد ترتفع بحلول خاتمة القرن الجاري على الأقل بدرجتين مئويتين، وربما بأربع درجات مئوية أو أكثر مما يشكل خطرًا وجوديًا على البشر. ومن الآثار التي يتوقع أن تحدث مستقبلًا ترتبًا بسبب التغير المناخي:

  • موجات الحرارة: سيعرف الكوكب مزيدًا من موجات الحر، وبالفعل بدأت تضرب في السنين الأخيرة مناطق غير معهودة في أوروبا وآسيا، كما أصبح اندلاع حرائق الغابات أكثر تكرارًا، فضلا عن أن الارتفاع المستمر في المتوسط العالمي لدرجة الحرارة، سيسبب العديد من المشكلات الخطيرة كارتفاع مستوى سطح البحر مهددًا بغرق بعض المناطق في العالم.
  • العواصف والفيضانات: في حال ارتفاع درجة حرارة الأرض أكثر من اللازم، يصبح الغلاف الجوي العالمي أكثر رطوبة، فتزداد الأعاصير والفيضانات. ومع ارتفاع حرارة المحيطات وذوبان جليد القطب الشمالي من المرجح أن تزداد قوة الأعاصير الاستوائية وتشتد الأمطار الغزيرة.
  • الزراعة: يتوقع أن يؤدي مزيج الحرارة المرتفعة والجفاف إلى زيادة صعوبة إنتاج الغذاء في بقاع كثيرة من العالم، ومن ثم تهديد الأمن الغذائي العالمي، حيث يحذر البعض من أن يؤدي التغير المناخي إلى فشل 5٪ من إنتاجية المحاصيل بحلول عام 2030م، وفي إفريقيا قد يصل هذا المستوى إلى 12%.
  • الانقراض: مع ارتفاع درجة حرارة العالم، لن تتمكن العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية على التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة وقد تنقرض كبعض أنواع الضفادع في أمريكا الوسطى.
  •       تغيير الخارطة الصحية للأمراض وبالتحديد الأمراض المنتقلة بسبب تغير نواقل الأمراض، الأمر الذي ربما يجد إحدى تجلياته مع فيروس كورونا الذي يجتاح العالم حاليًا.

الدول العربية والتغير ات المناخية

رغم أن الدول المتقدمة والدول الصناعية الكبرى كان لها دورٌ بارز في حدوث التغيُّرات المناخية التي يشهدها العالم، إلا أن الدول النامية هي التي تتحمل معظم آثاره وتداعياته، وفق ما توصلت إليه بعض الدراسات الحديثة، مثل تلك التي أجراها فريق من الباحثين الدوليين ونشرتها دورية "ساينس أدفانسيز" (Science Advances) حيث قام الباحثون بتحليل أكثر من 37 نموذجًا مناخيًّا تتعلق بالتغيرات النسبية في الانحرافات الشهرية لدرجات الحرارة خلال فترة ما قبل الثورة الصناعية حتى نهاية القرن الواحد والعشرين. وحددوا عدة مناطق يمكن أن تتحول إلى "نقاط ساخنة"، مثل منطقة غابات الأمازون المطيرة والهند وجنوب شرق آسيا وأستراليا وشبه الجزيرة العربية وإفريقيا.

ويفاقم من تأثير ذلك أن اقتصاد هذه الدول يعتمد على القطاعات المتأثرة بالمناخ، مثل الزراعة واستخراج الموارد الطبيعية، إذ تشير العديد من الدراسات إلى أن الزراعة ستصبح أكثر صعوبة إذا ما ارتفعت درجة حرارة الأرض بثلاث درجات مئوية أو أربع درجات، حتى أن بلدانًا مثل ومصر والمغرب وأجزاءً كبيرة من إفريقيا، يمكن أن تفقد مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة كما ستتضرر محاصيل القمح والذرة والأرز، وهي مواد تعتمد عليها الكثير من البلدان العربية في تأمين غذائها. فضلاً عن تأثر قطاع السياحة في عدد كبير من الدول العربية مع ارتفاع درجات الحرارة، بما في ذلك ابيضاض الشعاب المرجانية وتآكل الشواطىء مما سيؤدي لتراجع مؤشر راحة السياحة في المنطقة العربية.

من جهة ثانية، لا تبدو سياسات محاربة التغير المناخي في صالح البلدان العربية، إذ إن اقتصادات بعضها يقوم أساسًا على البترول، مثل الجزائر ودول الخليج، وبالتالي فإن التحول إلى الطاقات المتجددة يمكن أن يدمر اقتصادات بأكملها، فيما قد يفرمل عجلة نمو الاقتصاد عند بلدان أخرى.

لكن الأسوأ من ذلك كله هو أن قضية التغير المناخي لا تلق الاهتمام الكافي في الساحة العربية، ولا توجد خطة متكاملة لحل هذه المعضلة عربيًا.

التأطير القانوني الدولي للتعامل مع التغيرات المناخية

اتجه العالم للتعامل مع التغيرات المناخية بعدما ظهرت آثارها البيئية والاقتصادية وتزايدت حدة التقلبات المناخية الفجائية. كما أدرك الفاعلون الدوليون إن تغير المناخ تحديًا عالميًا لا تقدر دولة منفردة على مواجهته، ومن ثم اتجهوا للعمل الجماعي بوضع مجموعة من التشريعات الدولية لمواجهة هذه الظاهرة. وشكل مؤتمر ستوكهولم لعام 1972م، اللبنة الأولى لبداية الاهتمام المؤسسي العالمي بالشأن البيئي، ثم انعقد أول مؤتمر دولي حول المناخ عام 1979م، تحت رعاية المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وأثير خلاله مشكلة الاحتباس الحراري وتغير المناخ، أعقبته اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون في 1985م، ثم بروتوكول مونتريال بشأن ﺍﻟﻤـﻭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺴـﺘﻨﻔﺫﺓ ﻟﻁﺒﻘـﺔ ﺍﻷﻭﺯﻭﻥ وتعديلاته في 1987. وفي عام 1988م، أنشئت أول مجموعة دولية من خبراء المناخ للبحث في التغير المناخي، وعقد في عام 1990م، المؤتمر الدولي الثاني للمناخ وتوصلت 137 دولة إلى معاهدة تحدد إطار المفاوضات حول تغير المناخ وآثاره.

بيد أن البداية الحقيقية لجهود المجتمع الدولي في هذا السياق جاءت في مؤتمر قمة الأرض بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية في يونيو 1992م، وتوالت بعده المؤتمرات السنوية للبحث عن حل عالمي لضبط التغيرات المناخية وتبادل التكنولوجيا الحديثة وحماية الغابات لتخفيض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري وبخاصة ثاني أكسيد الكربون، وفي ذلك العام، وقع 165 بلدًا معاهدةً دولية، هي "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ". وقدعقدت تلك البلدان اجتماعاتٍ سنويةً منذ ذلك الحين باسم "مؤتمر الأطراف"، بغية تطوير أهدافٍ وأساليب للحد من التغير المناخي، وكذلك التكيّف مع آثاره الماثلة للعيان فعلاً . واليوم، بات هناك 197 بلدًا ملتزمًا بـ"اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ".استهدفت هذه الاتفاقية وضع إطار عام للتدبر فيما يمكن القيام به للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية ومواجهة آثار تغير المناخ.

لكن الاتفاقية لم تتضمن تحديدًا لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن ثم اتجه المجتمع الدولي لوضع بروتوكول كيوتو الذي اعتمدته الأمم المتحدة عام 1997م، والذي ألزم الدول المتقدمة فقط، بكميات محددة في مجال خفض الانبعاثات. دخل بروتوكول كيوتو حيِّز النفاذ في فبراير 2005م، وبدأت فترة الالتزام الأولى عام 2008 وانتهت في عام 2012م، وبدأت فترة الالتزام الثانية في 2013 وتنتهي في عام 2020م.

جدير بالذكر أن العوامل السياسية سرعان ما تركت بصماتها على التشريعات الدولية المتعلقة بالتغيرات المناخية، إذ لم تنضم الولايات المتحدة للبروتوكول بسبب قصر الإلزام على الدول المتقدمة، كما أن الدول النامية الكبرى مثل الصين والهند المسؤولة عن كميات كبيرة من الانبعاثات، لم تكن ملزمة بتقليل الانبعاثات، وانسحبت دول أخرى من الاتفاقية بعد انضمامها مثل كندا، لهذا لم تتجاوز تغطية البروتوكول 15 %من الانبعاثات العالمية. وفي محاولة لتعزيز مشاركة الدول بشكل أوسع، تم في قمة كوبنهاجن للمناخ عام 2009م، دعوة كل الدول، المتقدمة والنامية، إلى تقديم "مساهمات وطنية" لتقليل الانبعاثات بشكل طوعي، تختلف حسب قدرات كل دولة. لكن المساهمات الوطنية التي تقدمت بها الدول جاءت بعيدة عن المطلوب للوصول إلى هدف ألا يزيد ارتفاع الحرارة عن درجتين مئويتين عن عصر ما قبل التصنيع وكان هناك حاجة لاتفاقية ملزمة قانونيًّا لدفع الجهود. لهذا بدأ في مؤتمر ديربان للدول أطراف اتفاقية الأمم المتحدة عام 2011م، عملية للإعداد لاتفاقية تستمر لما بعد 2020م، وتكون ملزمة قانونيًّا لتعزيز مواجهة المناخ.

جاءت المحطة الرئيسية التالية بعد نحو أربع سنوات من المفاوضات بين الأطراف المعنية، حيث تم اعتماد اتفاقية باريس في ديسمبر 2015م،بموافقة 196 دولة، تهدف الاتفاقية إلى الحد من ارتفاع درجة الحرارة عند اثنين درجة مئوية عن عصر ما قبل التصنيع، مع تشجيع الأعضاء على استهداف ارتفاع 1.5 درجة مئوية فقط. وذلك بأقصى سرعة ممكنة، بحيث يعكس تطبيق الاتفاقية مبدأ العدالة ومبدأ المسؤولية المشتركة لجميع الدول في مواجهة تغير المناخ مع مراعاة التباين بين الدول المرتبطة باختلاف الإمكانيات والمسؤولية وتلزم كل الدول بتقديم "مساهمات قومية" لتخفيض الانبعاثات تحددها طواعية، تعكس قدرات كل دولة ومسؤوليتها. كما تنص على إجراء "جرد مخزني" لكميات الكربون في العالم كل خمس سنوات، والجرد الأول سيكون عام 2023م، كما تلزم الدول المتقدمة بتقديم تمويل للدول النامية لمساعدتها في مجالات تخفيف الانبعاثات والتأقلم مع آثار التغيرات المناخية، ويستمر الالتزام الدولي بتقديم 100 مليار دولار سنويًّا حتى عام 2025م، مع دعم التقدم التكنولوجي ونقل المعرفة للدول النامية ومساعدتها في بناء القدرات والأنظمة ودعم التعليم البيئي والمشاركة الشعبية.

وبعد مرور قرابة خمس سنوات على اتفاقية باريس، يبدو العالم منقسمًا بصددها، فهناك دول، بما فيها الأرجنتين وكندا وشيلي والهند بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، تسير في الاتجاه الصحيح نحو خفض الانبعاثات، وبعض الدول مثل النرويج وكوستاريكا تحرز تقدمًا ملحوظًا في استخدام الطاقة النظيفة في وسائل النقل. في الجهة الأخرى، هناك دول لا تبدو مكترثة بمشكلة التغير المناخي التي تهدد العالم، مثل الصين التي سجلت لديها ارتفاعًا جديدًا هذا العام في انبعاثات الكربون، وكذلك أستراليا والبرازيل وإندونيسيا وروسيا والإمارات العربية المتحدة، فهذه الدول لم تحقق أي تقدم. أما الولايات المتحدة الأمريكية فباتت غير معنية بهذه القضية العالمية، وذلك منذ أن أعلن دونالد ترامب انسحاب بلاده من اتفاقية باريس في يونيو 2017م، التي صادق عليها الرئيس السابق باراك أوباما. ويعتبر كثيرون أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من اتفاقية باريس يعقد جهود العالم في تحقيق الأهداف التي وضعها لنفسه بموجب هذه الاتفاقية المذكورة، وتحديدًا تجنيب ارتفاع درجات الحرارة بأكثر من درجتين مئويتين، ليس فقط لأن الولايات المتحدة مسؤولة عن 15 % من مجموع الانبعاثات الكربونية عالميًا، ولكنها أيضًا مصدر رئيسي للتمويل والتكنولوجيا التي تعتمد عليها الدول النامية في محاربة ارتفاع درجات الحرارة.

أهم جهود ضبط التغيرات المناخية فى الدول العربية: نماذج مضيئة

أبدت بعض الدول العربية اهتمامًا واضحًا بقضايا البيئة وضبط التغيرات المناخية بما يتوافق مع الالتزمات الواردة في التشريعات الدولية ذات الصلة، ومن النماذج اللافتة في هذا السياق، المملكة العربية السعودية التي تتعامل مــع قضيــة التغيــر المناخــي عبر منهج يجمع بين أمرين هما التأكيــد على أن المملكــة ملتزمــة بدورهــا فــي مواجهــة مشــكلة التغيــر المناخــي من ناحية أولى، وملتزمة من ناحية ثانية بتلبيــة احتياجــات العالــم مــن الطاقــة عبــر التحــول التدريجــي نحــو مســتقبل بيئــي أكثــر اســتدامة، مــع الأخــذ بعيــن الاعتبــار أن التحــول يجــب أن يظــل مجديــًا ومســتدامًا مــن الناحيــة الاقتصاديــة.

ووفقا لرؤية 2030 التي تبنتها المملكة فإن من أهم أهدافها خفــض اعتمادهــا علــى النفــط بشــكل كبيــر، وهــو مــا قــد يســاعد المملكــة علــى الابتعــاد عــن أكبــر مصــدر طاقــة مســبب للانبعاثــات الضــارة، وهو ما سيساعد المملكة على خفــض انبعاثــات الكربــون الســنوية، وذلك عبــر الاســتثمار فــي مشــروعات الطاقــة المتجــددة، بمــا فــي ذلــك مشــاريع الطاقــة الشمســية. كما عمــدت المملكــة إلــى الانضمــام لــكل حــراك دولــي بهدف البحــث عــن بدائــل للطاقــة تكــون صديقــة للبيئــة، فانضمــت إلــى مبــادرة الميثــان العالميــة فــي عــام 2005م، وغيرها من المبادرات والاتفاقيات الدولية المعنية بالحافظ على البيئة واحتواء التغيرات المناخية.

كما يجب التوقف كذلك أمام النموذج الإماراتي، فقد وضعت الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021م، عدة مؤشرات لضمان التنمية المستدامة للبيئة وزيادة كفاءة الموارد دون التأثير على البيئة بشكل سلبي. كما فعلت عدة خطط واستراتيجيات تساعد في تحقيق رؤية الإمارات في هذا المجال. تم إطلاق الخطة الوطنية للتغير المناخي لدولة الإمارات العربية المتحدة 2017-2050  التي تمثل خارطة طريق لدعم الأنشطة والمبادرات الوطنية الرامية إلى مواجهة التحديات المناخية. حيث تقوم الدولة بتنفيذ 14 مشروعًا بغرض الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة (GHGs) تحت مظلة مشاريع آلية التنمية النظيفة. ويقدر إجمالي الانخفاض السنوي المتوقع لهذه المشاريع بحوالي مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. وبفضل الاستثمار في الطاقة المتجددة، ودورها كبلد مضيف للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، تتبوأ دولة الإمارات مركزًا رياديًا في تفعيل مبادرات الطاقة النظيفة.بالإضافة إلى ذلك، تلتزم الإمارات بتوسيع دور التقنيات عديمة الانبعاثات الكربونية في الاقتصاد، والاستثمار في الطاقة المتجددة، والطاقة النووية. ومن أجل خفض انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون، ترصد دولة الإمارات انبعاثات الغازات التي تؤدي إلى تأثير الغازات الدفيئة، كما خفضت معدل نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ولمكافحة الآثار الجوهرية لتغير المناخ في النظم البيئية الطبيعية، بالإضافة إلى المسطحات المائية.تهتم دولة الإمارات العربية المتحدة أيضًا بتقليل الانبعاثات الناتجة من إشعال الغاز الطبيعي مثل فصل نفايات الغاز أو البترول أثناء عملية الاختبار أو الإنتاج البترولي.في عام 2010م، وافق مجلس الوزراء في دولة الإمارات على اعتماد معايير البناء الأخضر ومعايير البناء المستدام ليتم تطبيقها في جميع أنحاء الدولة. وقد بدأ تطبيق هذه المعايير في المباني الحكومية مطلع عام 2011م، ومن المتوقع أن يؤدي المشروع لخفض نحو 30 % من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ومن أبرز الجهود الامارتية في هذا السياق أيضًا إطلاق مُبادرة مصدر، التي شددت على التزاماتها المزدوجة تجاه البيئة العالمية، وتنوع مصادر اقتصاد الإمارات. وتتكون هذه المبادرة من أربعة عوامل رئيسية:

  • مركز ابتكاري لدعم تطبيق تقنيات الطاقة المستدامة وإسباغ الطابع التجاري عليها واعتمادها.
  • معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا ، ويُعنى بالأبحاث والبرامج وتركز على تطوير تقنيات الطاقة النظيفة والمستدامة.
  • شركة تطوير قائمة على إسباغ الطابع التجاري على حلول تقليل الانبعاثات، و حلول آلية التطوير النظيف المنصوص عليها في بروتوكول كيوتو.
  • منطقة اقتصادية خاصة لاستضافة المؤسسات المستثمرة في مجال تكنولوجيا الطاقة المتجددة.

.

خاتمة وتوصيات

رغــم زيــادة الوعــي العالمي بالمشــكلات التــي تواجــه البيئــة، والتطــور الطفيــف فــي مســيرة المحادثــات بشــأن تغيــر المنــاخ وصولا لوضع عدد من التشريعات الدولية لتأطير التعاون في تحجيم التغيرات المناخية، بيد أن العوامل والمتغيرات السياسية لا تزال تقيد قدرة الأطر القانونية الدولية على تحقيق النتائج المرجوة، لاسيما مع تعـذر الوصــول لحلــول تناســب جميــع الأطــراف، مع تمســك الــدول الناميــة بمبــدأ مســؤوليات مشــتركة ومطالبتهــا الــدول المتقدمــة بالدعــم المالــي والتكنولوجــي لهــا، بينمــا تدعــو الــدول المتقدمــة الــدول الناميــة الصاعــدة كالصيــن والهنــد بتحمــل المزيــد مــن المســؤولية المتعلقــة بالتكاليــف الماديــة والفنيــة لمواجهــة ارتفــاع درجــة حــرارة الأرض، وهــو الأمــر الــذي تــرى العديــد مــن الــدول الناميــة أنــه لا يحقــق العدالــة لمليــارات مــن الفقــراء فــي هــذا العالــم انطلاقًا مــن مبــدأ المســؤولية الأخلاقيــة للــدول الصناعيــة المتقدمــة التــي تســببت فــي هــذه المشــكلة.

ويرى الخبراء أن احتواء الآثــار الســلبية للتغيــر المناخــي يتطلب من جميع دول العالم التعاون بحيث:

  • تبذل كل ما في وسعها للمساعدة في وقف ارتفاع درجات الحرارة في العالم بأكثر من درجة ونصف مئوية.
  • تخفض انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري إلى الصفر بحلول عام 2050م، على أبعد تقدير.
  • تتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري (الفحم، والنفط، والغاز) في أسرع وقت ممكن.
  •  إجراء التدابيرُ المتخذة لمواجهة التغير المناخي على نحوٍ لا ينتهك حقوق الإنسان
  •  تقاسم عبء التغير المناخي بحيث يجب على البلدان الأغنى أن تساعد الدول الأخرى على نحو عادل.
  • تضع الأثر البيئي على خريطة الأمراض المعدية محل اعتبار وتبادل تجارب الدول، ومتابعة الأمراض المعدية، لتعزيز الاكتشاف المبكر لتلك الأمراض وتحسين الصحة العامة.

مجلة آراء حول الخليج