array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

خلل التركيبة السكانية في دول الخليج العربية.. (الإشكاليات والحلول)

الثلاثاء، 01 آذار/مارس 2011

إن المشكلة السكانية التي تعاني منها دول الخليج العربية والتي تتمثل في تضخم أعداد العمالة الوافدة هي مشكلة ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وثقافية لها انعكاسات خطيرة على المجتمع مما يحتم ضرورة حسم المشكلة من جذورها بقرارات حاسمة.

إن تصوراً أولياً عن المجتمعات العربية يكشف بجلاء أنها مجتمعات استهلاكية تستورد أكثر مما تنتج بالإضافة ضعف ثقافة العمل وتوافد العمالة الأجنبية بأرقام كبيرة قد تتفوق على حجم السكان الأصليين في بعض الدول مما يطرح سؤالاً جوهرياً: ما سبب المشكلة؟ هل هو بسبب ضعف التخطيط، أم بسبب الثقافة السائدة التي بدأت تتشكل في المجتمعات الخليجية خصوصاً ثقافة الاستهلاك والترف؟ إلى جانب قلة السكان في دول المجلس وقصور وقدم التشريعاتوكذلك غياب الخطط التنموية والاقتصادية بالإضافة إلى ضعف مخرجات التدريب والتعليم.

إن استخدام مصطلح (خلل التركيبة السكانية) من وجهة النظر الديموغرافية لا يقصد به خللاً عاماً في تركيب السكان بالمعنى العلمي للمصطلح، بل إنه مجرد خلل في واحد من أبعاد التركيب السكاني، علماً أن هناك أنواعاً أخرى من الخلل في تركيب السكان، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر في دول الخليج العربية الخلل في التركيب النوعي الاجتماعي (نسبة الذكور إلى الإناث) وهذه صفة لها آثارها السلبية الاجتماعية، لكن إذا نظرنا إلى المؤشرات الديموغرافية المتعلقة بالسكان في دول الخليج العربية نلاحظ أنها مؤشرات لا تختلف عن غيرها في الدول الأخرى، وهذا ما تبينه الدراسات الديموغرافية بموضوعية. والمشكلة في حقيقتها ناتجة عن تزايد مفرط في أعداد العمالة بحيث أصبحت مقلقة للمسؤولين والجهات المعنية، حيث إن التأثير الذي تتركه هذه المشكلة على المجتمعات الخليجية كبير لا يقتصر على الجانب الاقتصادي ومما يتعلق به من جوانب تثقل كاهل الدولة، لكنه ذو تأثير يتشعب في جوانب كثيرة منها الجانب الأمني. يقول قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم (من وجهة نظري يمكن لدول الخليج أن (تهرب إلى الأمام!) لأن الذي يحاك خلف ظهرها يمكن أن يقضي عليها). أما الجانب الثقافي فتأثيره أخطر وقد تصعب معالجة إشكالياته من دون قرارات حاسمة وجريئة، لأن الثقافة هي في حقيقتها عملية تأثر بعوامل اجتماعية تغير النمط السلوكي والفكري بصورة غير مرئية، وقد تكون اللغة العربية الفصحى وما تعانيه من غزو لكثير من ألفاظها أوضح مثال على هذا التغير النمطي في السلوك، وهل اللغة إلا إطار ووعاء للثقافة الموروثة وأحد أركان التمثيل الحضاري، فلو أن بحثاً تناول التغير الذي طرأ على اللغة العربية في دول الخليج العربية لأدرك مقدار هذا التطور ومدى خطورته وهذا ينعكس باطراد على المجالات الأخرى كافة بشكل متواز. لهذا السبب يلاحظ المهتمون بالدراسات الاجتماعية والنفسية أن نمطية التفكير في الأجيال المعاصرة اختلفت اختلافاً جوهرياً، وأن أولويات الفكر الجمعي تغيرت وتبدلت لأن المشروع الاستراتيجي في معظم البلدان العربية مشروع ليس ذا رؤية استراتيجية، ولا يوجد محور تدور حوله الخطط التنموية مما جعل المنطقة تستسلم فكرياً لتغيرات سلوكية وفكرية مما أنتج نمطاً جديداً لطبائع السلوك والفكر الاجتماعيين.

إن المجتمعات العالمية تعزز هويتها القومية أو تصنع هويتها القومية إن لم تكن الهوية محددة المعالم، وهذا البحث عن مقومات ومعززات الهوية يبدو واضحاً في الاتحاد الأوروبي بصورة جلية من خلال القوانين الكثيرة التي يحاولون من خلالها السيطرة على التحول الفكري الذي يؤثر في مجتمعاتهم، وأن الدول العربية والإسلامية أسهمت بشكل كبير في إثارة انتباه المجتمع الأوروبي سواء بنشر الدين الإسلامي أو بالتواجد والتكاثر في تلك الدول، ولا شك في أن العرب والمسلمين يحاولون التغلغل أكثر في المجتمع الأوروبي لأن الدين الإسلامي يدعو إلى الانتشار وهو دين عالمي، فهل إن المشكلة التي يحس بها الغرب في داخل مجتمعاتهم، هي المشكلة نفسها التي تعاني منها مجتمعاتنا؟ يمكن أن يكون الجواب بالإيجاب، لكن مع الفارق الكبير لأن الهجرة العربية في أغلبها هجرة عقول وكفاءات في حين أن ما نعانيه ليس هجرة من الشكل نفسه وإنما نحن نستورد الأيدي العاملة في جوانب يمكن الاستغناء عنها بسهولة لأنها في غالبها خدمية وليست ذات كفاءة، من هنا يجب أن نجعل بلداننا جاذبة للعقول والكفاءات المنتجة التي تضيف وتنتج وتبدع، ولن يكون ذلك إلا بإيجاد المؤسسات العلمية والبحثية والمصانع وكل أشكال الإنتاج والإبداع.

 المشكلة السكانية ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وثقافية لها انعكاسات خطيرة على المجتمع

إن العالم يتغير والكثير من البلدان لا تعي مقدار هذا التغير الهائل الذي لن يتوقف في أخذ مدياته إلا عندما تتوضح معالم ما بعد العولمة وما أنتجته من أنماط عالمية جديدة، وكثيراً ما نسمع عن الدعوات بالإصلاح وضرورته لكل مجتمعاتنا وهذه الدعوة في حقيقتها دعوة قاصرة، ذلك لأن الإصلاح لن يكون إلا مدعاة لإعادة إنتاج وتسويق النمط القديم الذي يتقاطع مع معطيات مرحلة جديدة بشكل لا يمس الجوهر الفكري والنمطي الهش الذي تنطلق منه السياسات، بل إن المطلوب هو إعادة النظر بالفلسفة التي تنطلق منها الدولة في مشروعها الاستراتيجي، حيث إن انعدام هذه الفلسفة وغياب المشروع الاستراتيجي يولدان هذه الفوضى العارمة التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط عموماً ومنطقتنا العربية خصوصاً، وليس واضحاً متى ستنطلق هذه المراجعة الفلسفية الاستراتيجية، لكن كل صادق يطمح ألا يأتي هذا المشروع بعد فوات الأوان، وأن إحدى صور هذه المراجعة ما يتعلق بالدراسات السكانية التي تتناول الخصائص السكانية البشرية كالإحصائيات والكثافة السكانية، ونسب المواليد والوفيات، والتوزع السكاني الجغرافي، والهجرات غير الشرعية، ونسب الأعمار والجنس، ومستوى الدخل، وأسباب الهجرة والتوزع الجغرافي، كل ذلك وفق معايير اجتماعية واقتصادية، وهذه الدراسات ضرورية لتحديد الاحتياجات البشرية الحالية والمستقبلية، وإذ تعد الدراسات السكانية من أهم معززات الخطط التنموية وأساسها الذي تنطلق منه، فبالإضافة إلى تحققها من عدد البشر في منطقة معينة تحدد سبب زيادة أو نقصان هذا العدد عن الإحصائية السابقة وتفسر هذا الأمر، كما تقدر الدراسات الميول المستقبلية لحدوث تغيير سكاني يؤدي إلى مشكلة على الصعيد الوطني.

 أعداد خريجي الثانوية يعني زيادةمعدلات دخول المواطنين إلى سوق العمل

إن العلاقة بين المتغيرات التنموية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإدارية والثقافية من جهة والمتغيرات السكانية من جهة أخرى، لها علاقة تأثير وتأثر متبادلة فكل ما ينشر أو يتم الحديث عنه حول (التركيبة السكانية) يقع في إطار تأثير التغير الرقمي في نسبة جزء من السكان إلى المجموع الكلي لهم، بمعنى تناقص نسبة المواطنين من جملة السكان وأثر ذلك في أحوالهم الاجتماعية، وتغير ملامح الواقع البيئي والثقافي المحيط بهم، أما آثار وتداعيات القرارات والسياسات والبرامج الاقتصادية والاجتماعية والمشاريع الإنمائية المختلفة التي تنفذها الدول الخليجية على الواقع السكاني، فلا ترقى إلى المستوى المأمول الذي يتيح إيجاد أنجع الحلول للإشكاليات الحقيقية التي تعوق التنمية وتحافظ على ديمومتها ونموها باطراد.

إن الشخصية الديموغرافية لأية دولة تتشكل من ثلاثة مكونات، فمسألة الخلل أو التوازن هي وصف للعلاقة بين عنصري السكان والتنمية وحركة هذه العناصر عبر الزمن، فمن وجهة النظر التنموية الاجتماعية والاقتصادية والاستراتيجية والأمنية هناك حجم أمثل للسكان، وهناك تركيب سكاني مناسب، وتوزيع جغرافي متوازن للسكان، والذي يمثل علاقة انتشار السكان جغرافياً في المكان وعلى مساحة الدولة، ويمثل نمو السكان العنصر الأساسي للعلاقة بين المكونات الثلاثة المذكورة، فيكون معدل نمو السكان ووتيرة تغير عددهم بمثابة رد فعل وتعبير عن سعي الدولة إلى تحقيق مستوى معين يكون عنده إجمالي عدد السكان ونوعيتهم وخصائصهم وديناميكية نموهم وتركيبهم (التعليمي والمهني والنوعي والاقتصادي.. إلخ) وتوزيعهم المكاني من جهة متوازناً مع الموارد المتاحة وتوزيعها ومع المستوى الاقتصادي والمعيشي والبيئي من جهة أخرى، وهي من أهم القضايا المصيرية المعاصرة التي يواجهها مجلس التعاونالخليجي منذ ربع قرن. ورغم إجراء العديد من الدراسات والأبحاث التي طرحت الكثير من الحلول والتوصيات المتعلقة بهذه المشكلة منذ بدايتها فلا تزال دول مجلس التعاون الخليجي تعاني بشكل عام خللاً واضحاً في التركيبة السكانية، حيثيفوق أحياناً عدد الوافدين أكثر من نصف عدد السكان، وهذا بلا شك له أثر كبير فيتعميق المشكلات الداخلية مثل تفاقم البطالة وذوبان تدريجي للهوية الثقافية والعادات التقاليد ومما يفاقم هذه المشكلة تصاعد أعداد السكان والخلل في التركيبةالسكانية، حيث واصل عدد السكان في دول المجلس بالنمو السريع حتى وصل إلى 26.2 مليون نسمة في عام 1995 وإلى 28 مليون نسمة في عام 1998، واستمر في الاتجاه الصاعدحتى بلغ أكثر من 32 مليون نسمة في عام 2004 والذي بلغت فيه نسبة العمالة الوافدة منمجموع السكان 36 في المائة، وهي التي تمثل 83 في المائة من قوة العمل، ومع هذا الاتجاه التصاعدي فمن المتوقع أن يصل عدد السكان في عام 2015م إلى حوالي 56 مليون نسمة، وبالتوازي تسيطر العمالة الوافدة على سوق العمل الخليجي، وتهيمن جنسيات معينة على هذه العمالة مما يسبب هزة في التكوين السكاني وتصاعد الخلل في التركيبة السكانية، كما أن ارتفاع أعداد خريجي المدارس الثانوية بزيادة سنوية قدرها 8 في المائة يعني ارتفاعمعدلات دخول المواطنين إلى سوق العمل، وبالتالي تفاقم مشكلة البطالة في المستقبل القريب لا سيما إذا كان 43 في المائة من سكان دول المجلس هم دون سنالخامسة عشرة، ويبلغ عدد الباحثين عن عملفي دول المجلس في العقد المقبل 7 ملايين شخص، وأن اقتصادات دول المجلس لا تستطيعتحمل ذلك العدد.

إعداد سياسة سكانية شاملة يتطلب توافر دراسات علمية تحليلية

كيفية حل هذه المشكلة

1- توطين الأيدي العاملة، فعلى الرغم من ارتفاع معدلات نموالعمالة المواطنة الخليجية وارتفاع معدلات البطالة بينها إلا أن معدلات الإحلال مابين العمالة المواطنة وغير المواطنة لا تزال ضعيفة ولا ترتبط بخطط وبرامج مدروسةتساعد على ترشيد استقدام العمالة الوافدة وتقليل الاعتماد عليها في المستقبل، كما أن الطفرة الحالية في دول المجلس غير مصحوبة بإيجاد فرص عمل جديدة للمواطنينالخليجيين مما ينذر بأن دول المجلس مقبلة على منحنى خطير في مشكلة البطالة.

2- إيجاد توازن بين جنسيات العمالة الوافدة وعدم هيمنةجنسيات معينة خصوصاً في ظل التغيرات الدولية التيتشهدها المنطقة لتحقيق التوازن بين جنسيات العمالة بحيث لا تطغىأي جنسية على أخرى.

3- أن تستعين هذه الدول التي لديها عجز في الأيدي العاملة بالدول العربية الأخرى التي يوجد لديها فائض في العمالة وأن تسمح لهم بالانتقال إليها وهذا ما يحدث حالياً بين كثير من الأقطار العربية.

4- رسم سياسة جديدة لدور القطاع الخاصفي التنمية البشرية لجعله عامل جذب في استيعاب العمالة المواطنة وتدريبها وتشغيلهابالإضافة إلى وضع استراتيجية فعالة لرفع نسبة العمالة المواطنة في القطاع الخاص.

5- اعتماد سياسة جديدةللتوظيف للاستفادة من كامل قوة العمل المواطنة وتوجيهها إلى الوظائف ذات الصفةالإنتاجية وإبعادها قدر الإمكان عن البطالة المقنعة والتكدس في الدوائر الحكومية.

6- وضع استراتيجية لتطوير وبناء قدرات الموارد البشرية المواطنة بربط احتياجاتسوق العمل بالبرامج والمناهج التعليمية المختلفة في مؤسسات التعليم العام والخاص سواءالمهني أو الجامعي وإعادة تأهيل العمالة الباحثة عن العمل بما يتفق ومتطلبات السوقعن طريق إنشاء مراكز تدريبمتخصصة.

7- تبني سياسة سكانية واضحة، ولصياغة سياسة سكانية لا بد أن نحدد علمياً مجموعة من الأهداف والتصورات المستقبلية المرغوب فيها كملامح للشخصية الديموغرافية للدولة المعنية، كما يجب أن نصوغ مجموعة متناسقة من البرامج والقوانين والتشريعات الهادفة إلى تحقيق هذه الغايات والتصورات الديموغرافية المستقبلية، فمن حصيلة هذه المعرفة والنتائج العلمية السكانية تتشكل السياسة السكانية، ولذلك فإن (السياسة السكانية) سواء أكانت صريحة ومعلنة أم ضمنية غير معلنة عبارة عن وثيقة تتضمن سرداً لنية أو خطة الدولة بمؤسساتها وهيئاتها المختلفة للتأثير في حجم ونمو السكان وتركيبهم وتوزيعهم فيها، وكذلك تبني برامج وآليات محددة كالقوانين واللوائح والتشريعات والأنظمة والبرامج والأنشطة الإنمائية (المدمجة في خطة التنمية الوطنية) والتي لها تأثير إيجابي مباشر أو غير مباشر في المتغيرات السكانية،وأن تكون متسقة في مجملها مع السياسة التنموية القطاعية والثقافية والأهداف والرؤية للشخصية الوطنية حاضراً ومستقبلاً.

 المجتمعات العالمية تصنع هويتها القومية إن لم تكن الهوية محددة المعالم

إن إعداد سياسة سكانية شاملة لكافة الأبعاد والمتغيرات بتأثيراتها المتبادلة وتداعياتها المتعددة يتطلب توافر دراسات علمية تحليلية كمية ونوعية ومقارنة بين الواقع الراهن والوضع المنشود، فعلى سبيل المثال لا الحصر يجب أن يتوفر لدينا وصف شامل للمشاريع والأعمال الإنتاجية في القطاعات كافة وبيان لنوعية التنمية وخصائصها والاستثمارات البشرية والمالية القائمة ولسوق العمل وحجم وخصائص العمالة الموجودة.. إلخ. وفي المقابل يجب أن تتوفر لدينا تقديرات أو توقعات علمية لاحتياجات سوق العمل من العمالة المؤهلة والمدربة لسنوات مقبلة وحسب التخصصات والمصدر سواء كان مصدرها وطنياً يتم توفيره عبر مخرجات مؤسسات التعليم والتدريب الوطنية بمستوياتها المختلفة، أو يتم استقدامها من مصادر خارجية مدروسة من حيث تكلفتها الاقتصادية المعقولة وخصائصها وقيمها الاجتماعية والثقافية المتسقة مع الهوية والقيم والتقاليد العربية الإسلامية والمتفقة مبدئياً مع النظام السياسي والثوابت الوطنية.

والجدير بالذكر الخطوات التي انتهجتها دولة الإمارات العربية المتحدة على طريق مواجهة الخلل في معادلة السكان- التنمية (المعروف محلياً بخلل التركيبة السكانية)، وذلك بإصدار القيادة السياسية وعلى أعلى مستوى قراراً بإنشاء المجلس الاتحادي للتركيبة السكانية. وهذا يعني التأكيد من الدولة على أهمية الموضوع وموقعه بين أولوياتها، وأنها باتت تفكر وتتعامل مع القضايا السكانية بصورة مؤسسية وبمنهج علمي تحليلي شامل يتجاوز النظرة الضيقة للتركيبة السكانية في حدودها الرقمية كنسبة مئوية محدودة الدلالة، لذلك لا بد من تعزيز مناقشات وحوارات أعضاء المجلس المستندة إلى معرفتهم وخبرتهم ووجهات نظرهم بدراسات علمية معمقة وموجهة ومصممة خصيصاً لبحث الأبعاد والعلاقات وحركة المتغيرات المكونة للعناصر العديدة لمعادلة (السكان والتنمية)، وبذلك تكون القرارات التي سيصدرها المجلس موضوعية ومستندة إلى رؤية شمولية متعددة الأبعاد والاعتبارات وطنياً وقومياً وإنسانياً، وفي الآن ذاته تمثل العلاج المرجح علمياً والمفضل اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وأمنياً للمشكلة أو الخلل أياً كان نعته ديموغرافياً أو تنموياً.

وأخيرا فإن المشكلة السكانية التي تعاني منها دول الخليج العربية لا يمكن عزلها والنظر إليها بمعزل عن بقية المشكلات التي تعد تداعيات منطقية لغياب المشروع الاستراتيجي الموحد، والذي يصلح للنهوض بالواقع العربي في ظل المخاض العالمي لعالم ما بعد العولمة.

مقالات لنفس الكاتب