2025-07-30
يعيش العالم حالة من عدم اليقين وسط اختلاط الأوراق وضبابية السياسات والتوجهات في العلاقات الدولية بمختلف مستوياتها، وما يصاحبها من اختلا...
يعيش العالم حالة من عدم اليقين وسط اختلاط الأوراق وضبابية السياسات والتوجهات في العلاقات الدولية بمختلف مستوياتها، وما يصاحبها من اختلال الموازين وتغير معادلات القوة واختفاء متكأ القانون الدولي و الشرعية الدولية، حيث تبدو صورة منظمات المجتمع الدولي التي تأسست بعد أن حطت الحرب العالمية الثانية أوزارها، تتلاشي خلف ركام القوة، ومخلفات الحروب بدءًا من غزة مرورًا بلبنان وسوريا وإيران وصولًا إلى أوكرانيا وروسيا، وعلى وقع تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب التي تحمل نبرات عنيفة ومفردات بقوة هدير المدافع وأزيز الطائرات، وتتراوح بين التلويح بضم دول بحجم كندا، و جزر جرينلاند رغم ابتعادها عن الشواطئ الأمريكية، وما يردده بشأن قطاع غزة، أو المكسيك وقناة بنما، كل ذلك طارئ على مفهوم العلاقات الدولية المعاصرة.
::/introtext::يعيش العالم حالة من عدم اليقين وسط اختلاط الأوراق وضبابية السياسات والتوجهات في العلاقات الدولية بمختلف مستوياتها، وما يصاحبها من اختلال الموازين وتغير معادلات القوة واختفاء متكأ القانون الدولي و الشرعية الدولية، حيث تبدو صورة منظمات المجتمع الدولي التي تأسست بعد أن حطت الحرب العالمية الثانية أوزارها، تتلاشي خلف ركام القوة، ومخلفات الحروب بدءًا من غزة مرورًا بلبنان وسوريا وإيران وصولًا إلى أوكرانيا وروسيا، وعلى وقع تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب التي تحمل نبرات عنيفة ومفردات بقوة هدير المدافع وأزيز الطائرات، وتتراوح بين التلويح بضم دول بحجم كندا، و جزر جرينلاند رغم ابتعادها عن الشواطئ الأمريكية، وما يردده بشأن قطاع غزة، أو المكسيك وقناة بنما، كل ذلك طارئ على مفهوم العلاقات الدولية المعاصرة.
الجديد في الطرح الأمريكي هو العنف الذي جاء خارج السياق المألوف وما استقرت عليه العلاقات الدولية منذ أكثر من 70 عامًا، ولم يراع ما اختطته الولايات المتحدة بنفسها عقب الحرب العالمية الثانية، بل جاء انقلابًا على الثوابت الأمريكية وتحالفها التقليدي مع دول الاتحاد الأوروبي الشركاء في الليبرالية واقتصادات السوق والتكامل التجاري والصناعي، والشراكة الدفاعية من خلال حلف "الناتو" الأمر الذي أربك أوروبا وجعل القارة العجوز تفكر في الاستقلال الاستراتيجي وتكثف محاولات بناء قوات أمنية أوروبية بمعزل عن "الناتو" بعد أن أثارت قرارات وتصريحات الرئيس ترامب الشكوك لدى دول الاتحاد الأوروبي كرد فعل على سياسات البيت الأبيض غير المتوقعة بهذا الشكل المفاجئ.
ورغم استغراب العالم من مواقف الإدارة الأمريكية التي بدأت مع استهلال الرئيس الأمريكي ترامب لولايته الثانية في البيت الأبيض، فقد كان تأثير هذا المواقف على المشتغلين في حقل العلاقات الدولية، أقل وطأة، حيث تنبه المتخصصون في العلاقات الدولية منذ بداية القرن العشرين لما يُعرف بمبدأ "القوة "، خاصة علماء المدرسة "الواقعية"، وهذا ما تنبه إليه أيضًا مركز الخليج للأبحاث وترجم أحد أهم الكتب في هذا المجال وهو كتاب (خمسون مفكرًا في العلاقات الدولية) لمارتن غريفيتش، أستاذ الدراسات السياسية والدولية بجامعة فليندرز بأستراليا . كما شارك في تأليف كتاب " مفاهيم أساسية في العلاقات الدولية " الذي صدرت له الترجمة العربية عن مركز الخليج للأبحاث أيضًا. واستعرض كتاب "خمسون مفكرًا في العلاقات الدولية" مدارس هذا العلم ومنها: الواقعية، الليبرالية، الراديكالية / النقدية، المجتمع الدولي، التنظيم الدولي، ما بعد الحداثة، نوع الجنس والعلاقات الدولية، وأخيرًا علم الاجتماع التاريخي ونظريات الدولة.
وبالعودة إلى المدرسة الواقعية، يرى الواقعيون أن العلاقات الدولية تقوم في ظل غياب حكومة عالمية، وأن النظام الدولي فوضوي، وأن الفهم الأفضل للعلاقات الدولية يأتي بالتركيز على توزيع القوة بين الدول، ويرى أنه يجب على الدول أن تسعى لامتلاك القوة لتستمر في بيئة تنافسية وتستطيع البقاء.
وبعد هذا التأصيل لمبدأ القوة في العلاقات الدولية، نستطيع القول إن المملكة العربية السعودية ومعها دول مجلس التعاون الخليجي، استشرفت منذ منتصف العشرية الثانية للقرن الحالي المتغيرات على الساحة الدولية، وأدركت أن هناك مساعٍ محمومة لتشكيل نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، سواء كانت مساعٍ فردية من جانب بعض الدول للدخول لحلبة المنافسة في صراع التعددية، كما تفعل الصين، روسيا، والهند، أو مساعٍ جماعية كالتي تقودها مجموعة بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، ولقد أخذ هذا الصراع أشكالًا متعددة منها التنافس الاقتصادي والعسكري، وقد تم تتويج ذلك بسياسات إدارة ترامب في مواجهة الصراع الدولي الذي يستهدف تفرد الولايات المتحدة بقيادة العالم بالقوة، أو التلويح بها.
ما يهمنا في هذا الصدد موقف المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون، فقد تنبهت المملكة مبكرًا لتداعيات هذا التنافس فوضعت رؤية 2030 للتنمية الشاملة لتحقق تنويع مصادر الدخل، وتوسيع القاعدة الإنتاجية والانفتاح على جميع دول العالم من منطلق المصالح البحتة بعيدًا عن الاستقطاب وصراع الأيدولوجيات و الانحياز فقط لمصالح الوطن وشعبه، وواكب ذلك اتجاه المملكة نحو الاستقلال الاستراتيجي القائم على الاعتماد على الذات في بناء القوة الذاتية من كافة زواياها: الاقتصادية، العسكرية، العلمية، الإنتاجية، الترفيهية، وغيرها، وكذلك قررت ألا تقف موقف المتفرج مما يدور في المنطقة العربية والشرق الأوسط ، فهي ترفض رفضًا قاطعًا ما تفعله إسرائيل في قطاع غزة، وتطالب بإيقاف القتل والتجويع والتشريد، ولديها إصرار على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، ودعم وحدة الشعب السوري وسيادته على أرضه، ورفض الحرب الإسرائيلية / الأمريكية على إيران وما ترتب عليها، وتعمل جاهدة لإيقاف الحروب الداخلية في السودان، وليبيا، واليمن، ولم تكتف بدورها الإقليمي، بل انتهجت نهج الوساطات في القضايا الدولية الشائكة كقضية الحرب الروسية / الأوكرانية وغيرها، والحفاظ على استقرار أسواق الطاقة، وغير ذلك من المبادرات التي تبنتها لدعم الاستقرار والتنمية.
وكذلك تتبنى المملكة وحدة الصف الخليجي لمواجهة المتغيرات العالمية والإقليمية، كما لا تدخر جهدًا في وحدة الصف العربي رغم التحديات التي تعاني منها المنطقة العربية والتباينات التي قد تطفو على السطح أحيانًا، وفي خضم ذلك قررت السعودية ودول مجلس التعاون أن تكون فاعلة في النظام الدولي/ الإقليمي الجديد برؤية واضحة واستقلال استراتيجي بعيدًا عن الاستقطاب واستبدال قوة أجنبية بقوة أخرى، فالعلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ثابتة واستراتيجية وترجمتها زيارة الرئيس ترامب الأخيرة للمنطقة، كما أن العلاقات مع الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي قائمة في مسارها الطبيعي. وفي الوقت نفسه فإن الإرادة السياسية تنحو لبناء القوة الذاتية متعددة الأوجه ،ومستمرة في ذلك بلا هوادة طالما كان ذلك يحقق مصلحة الوطن والمواطن في إطار تنفيذ تطلعات وفلسفة القيادة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ وتنفيذ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء ـ حفظه الله ـ لخدمة مصالح الشعب ورفاهيته وعلى جميع الدول الإقليمية والدولية أن تحترم هذه التوجهات التي لا تستهدف الأخرين، بل تصبوا إلى تنمية الداخل وتحقيق التوازن الإقليمي في ظل تحولات العلاقات الدولية ومتغيرات النظام الدولي الجديد.
::/fulltext:: )- قراءات سياسية / إحصائيات وارقام في خطاب الرئيس الروسي بوتين خلال الدروة 26 لمنتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي - أ.د. صالح بن محمد الخثلان
2023-07-04
- قراءات سياسية / انعكاسات زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء إلى الجمهورية الفرنسية - مركز الخليج للأبحاث
2023-07-04
- قراءات سياسية / وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان في أهم خطوة دبلوماسية لاستئناف العلاقات بين السعودية وإيران - مركز الخليج للأبحاث
2023-07-04
object(stdClass)#1255 (15) { ["category_id"]=> string(4) "4374" ["asset_id"]=> string(5) "12637" ["category_title"]=> string(19) "كاتب الشهر" ["alias"]=> string(19) "2022-10-04-11-34-44" ["created_user_id"]=> string(3) "938" ["created_time"]=> string(19) "2020-08-30 19:29:57" ["checked_out_time"]=> string(19) "0000-00-00 00:00:00" ["content_id"]=> string(4) "6290" ["content_asset_id"]=> string(5) "14882" ["content_title"]=> string(57) "مشاركات الدكتورة فاطمة الشامسي" ["catid"]=> string(4) "4374" ["created"]=> string(19) "2022-10-04 11:34:44" ["images"]=> string(273) "{"image_intro":"images\/178\/Dr-FatemahAlshamsi-cover-page-pic.jpg","float_intro":"","image_intro_alt":"","image_intro_caption":"","image_fulltext":"images\/178\/Dr-FatemahAlshamsi-cover-page-pic.jpg","float_fulltext":"","image_fulltext_alt":"","image_fulltext_caption":""}" ["urls"]=> string(121) "{"urla":false,"urlatext":"","targeta":"","urlb":false,"urlbtext":"","targetb":"","urlc":false,"urlctext":"","targetc":""}" ["introtext"]=> string(435) "" }
مجلة اراء حول الخليج
٣٠ شارع راية الإتحاد (١٩)
ص.ب 2134 جدة 21451
المملكة العربية السعودية
+هاتف: 966126511999
+فاكس:966126531375
info@araa.sa :البريد الإلكتروني